الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هل بين هذه المصطلحات فروق: العقيدة، الإيمان، التوحيد
؟
المجيب صالح بن درباش الزهراني
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
العقائد والمذاهب الفكرية/مسائل متفرقة
التاريخ 04/03/1426هـ
السؤال
السلام عليكم.
ما هو التعريف العلمي لمصطلحات (العقيدة) ، (الإيمان) ، و (التوحيد) ، وهل هناك فرق بينها في الاستعمال؟.
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد:
فالعقيدة: في اللغة مأخوذة من العقد، وهو نقيض الحل، مما يدل على الشدَّة والوثوق، والعقد وصل الشيء بغيره، سواء كان وصلاً حسياً أم معنوياً، فمن الحسي عقد الحبل وشده، وعقد النظام (للقلادة ونحوها) ، ومن المعنوي عقد اليمين والعهد والنكاح ونحو ذلك
…
والعقيدة في الاصطلاح (الذي يصدق على كل عقيدة صحيحة أم فاسدة) تطلق على الأمر الذي يعزم عليه الإنسان، ويجزم به (حقاً أو باطلاً) ويعقد عليه قلبه وضميره، بحيث يصير عنده حكماً لا يقبل الشك، فهي الإيمان الذي لا يحتمل النقيض، وهي بهذا المعنى مرادفة للإيمان.
كما أن من معانيها في اللغة الجمع بين أطراف الشيء، فكأن المعتقد قد جمع أطراف قلبه وعقد ضميره على معتقده، فأحكم وثاقه بالبراهين والأدلة القاطعة لديه.
والمقصود بها شرعاً (في دين الإسلام) عزم القلب وجمعه وتوثيقه وتوكيده على الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره، ويدخل فيها اعتقاد وجوب طاعة الله وحرمة معصيته، والإيمان بقطعيات الدين
…
أما الإيمان: فهو في اللغة: التصديق الجازم المستلزم للإذعان والانقياد، وليس هو مجرد التصديق الخبري النظري المعرفي.
واصطلاحاً: يأتي بمعنى الاعتقاد القلبي، فهو مرادف لمعنى العقيدة من هذه الناحية، أي أنه يصدق على كل دين وعقيدة يؤمن بها بشر، فأتباع كل عقيدة ودين هم مؤمنون بتلك العقيدة وذلك الدين، بمعنى أنهم قد عقدوا قلوبهم وضمائرهم على التصديق الجازم بها.
والإيمان الشرعي الذي أمر الله به عباده: يراد به الدين كله، أصوله وفروعه، إذ كلها شعب للإيمان، فكل طاعة شعبة منه، كما جاء في الحديث:"الإيمان بضع وسبعون أو بضع وستون شعبة". صحيح البخاري (9) ، وصحيح مسلم (35) .
وإذا اجتمع لفظ الإيمان ولفظ الإسلام في سياق واحد، كان معنى الإيمان اعتقاد القلب ومحبته وإخلاصه، وكل ما هو من عبادات القلب الباطنة، ومعنى الإسلام حينئذٍ الأمور الظاهرة.
وإذا انفردا في اللفظ كان كل منهما شاملاً للدين كله باطنه وظاهره، أصوله وفروعه، وقد عبّر السلف رحمهم الله عن هذا المعنى الشمولي للإيمان بقولهم:(الإيمان قول وعمل، يزيد وينقص) وأرادوا بالقول مجموع أمرين:
1) القول الظاهر وهو الشهادتان.
2) القول الباطن وهو الاعتقاد.
وأرادوا بالعمل مجموع أمرين:
1-
عمل الباطن، وقصدوا به انقياد القلب وإذعانه بتحقيق أعمال القلوب، كالنية والخوف والرجاء والمحبة
…
ونحو ذلك.
2-
عمل الظاهر، وأردوا به أعمال الجوارح التي تؤدى بواسطتها، كالصلاة والزكاة والحج والجهاد
…
ونحو ذلك
ودلائل هذا التفصيل مبثوثة في كتب العقيدة الموسعة.
وهذا المعنى الشمولي للإيمان أوسع من مفهوم العقيدة؛ لأنه يشمل الأمور العلمية (النظرية) والأمور العملية.
وأما التوحيد: فهو في اللغة: مأخوذ من وحَّد يوحِّد توحيداً، والواحد هو المنفرد بخصائصه عما سواه، يقال فلان واحد دهره، ووحيد زمانه؛ أي المنفرد فيه إما بعلم أو عقل أو شجاعة أو نحو ذلك.
والمقصود به شرعاً: إفراد الله –تعالى- بما هو من خصائصه كالربوبية والألوهية والأسماء والصفات والأفعال.
والتوحيد بهذا المعنى جزء من مفهوم العقيدة والإيمان، إذ يتعلق بالإيمان بالله ووحدانيته، وليس كل عقيدة ولا كل إيمان يعد توحيداً، إذ هناك من العقائد التي يؤمن بها كثير من الناس ما يكون شركاً مخالفاً لتوحيد الله، فاعتقاد ألوهية غير الله، أو الإيمان بأن بعض المخلوقات يملك النفع والضر من دون الله ، ونحو ذلك، فإن هذه الأمور وإن سميت عقائد إلا أنها عقائد باطلة مضادة للتوحيد.
وتجتمع العقيدة والإيمان مع التوحيد فيما جاء به الأنبياء والمرسلون، فإنهم قد جاءوا بالتوحيد الخالص، وعقائدهم التي دعوا الناس إليها توحيدية، وإنما حصل الانحراف عن التوحيد في الأتباع من بعدهم.
والعقيدة والإيمان، يشتملان على الإيمان بالملائكة والكتب والنبيين واليوم الآخر، فهما أوسع مفهوماً من التوحيد، كما أن الإيمان (بمعنى الدين كله) أوسع مفهوماً من العقيدة ومن التوحيد.
وعلى كل حال فكثير من الفروق التي تذكر بين هذه المصطلحات اعتبارية.