الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
اجتماع النبي صلى الله عليه وسلم بالأنبياء عليهم السلام ليلة الإسراء
المجيب د. رشيد بن حسن الألمعي
عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد
العقائد والمذاهب الفكرية/مسائل متفرقة
التاريخ 16/11/1425هـ
السؤال
السلام عليكم
ذكر النبي صلى الله عليه وسلم أن الروح إما أن تكون في عذاب وإما أن تكون في نعيم، في القبر، فلا تذهب هنا أو هناك. فكيف اجتمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بالأنبياء في السماوات في الإسراء والمعراج؟
هل خرجت أرواح الأنبياء لذلك الوقت فقط؟ وجزاكم الله خيرًا.
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وبعد:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فهذا السؤال له صلة بمسألة تعلق الروح بالبدن، وقد ذكر ابن القيم، رحمه الله، أن للروح مع البدن خمسة أنواع من التعلق متغايرة الأحكام:
أحدها: تعلقها بالبدن في بطن الأم جنينًا.
الثاني: تعلقها به بعد خروجه إلى وجه الأرض.
الثالث: تعلقها به في حال النوم، فلها به تعلّق من وجه ومفارقة من وجه.
الرابع: تعلقها به في البرزخ.
الخامس: تعلقها به يوم بعث الأجساد، وهو أكمل أنواع تعلقها بالبدن.
وموضوع سؤالك هو عن تعلقها بالبدن في البرزخ، فإنها وإن فارقت البدن وتجردت عنه فإنها لم تفارقه فراقًا كليًّا لا يُبْقِي لها التفاتًا إليه.
وما سألت عنه من رؤيته صلى الله عليه وسلم، الأنبياء ليلة الإسراء والمعراج، قال عنه ابن القيم:(وأما إخبار النبي صلى الله عليه وسلم، عن رؤيته الأنبياء ليلة أسري به فقد زعم بعض أهل الحديث أن الذي رآه أشباههم وأرواحهم. قال: فإنهم أحياء عند ربهم، وقد رأى إبراهيم مسندًا ظهره إلى البيت المعمور- أخرجه مسلم (162) - ورأى موسى قائمًا في قبره يصلي- أخرجه مسلم (2375) . ونازعهم في ذلك آخرون وقالوا: هذه الرؤية إنما هي لأرواحهم دون أجسادهم، والأجساد في الأرض قطعًا، إنما تبعث يوم بعث الأجساد، ولم تبعث قبل ذلك إذ لو بعثت قبل ذلك لكانت قد انشقت عنها الأرض قبل يوم القيامة وكانت تذوق الموت عند نفخة الصور، وهذه موتة ثالثة. وهذا باطل قطعًا) .
قال ابن القيم: (وقد علمنا عنه أنه رأى موسى قائمًا يصلي في قبره ليلة الإسراء، ورآه في السماء السادسة- أخرجه البخاري (3207) ومسلم (164) - أو السابعة، فالروح كانت هناك ولها اتصال بالبدن في القبر وإشراف عليه وتعلق به، يصلي في قبره ويرد سلام من سلّم عليه، وهي في الرفيق الأعلى، ولا تنافي بين الأمرين فإن شأن الأرواح غير شأن الأبدان، وليس نزول الروح وصعودها وقربها وبعدها من جنس ما للبدن، فإنها تصعد إلى ما فوق السماوات ثم تهبط إلى الأرض ما بين قبضها ووضع الميت في قبره، وهو زمن يسير لا يصعد البدن وينزل في مثله، وكذلك صعودها وعودها إلى البدن في النوم واليقظة) .
وخلاصة القول أن التسليم بما ثبت من إخبار النبي صلى الله عليه وسلم، بما يكون من حال البرزخ وأحوال القيامة وسائر المغيبات واجب، والتعمق في البحث عن كيفيات ذلك من التكلف. وانظر بسط هذه المسألة في كتاب الروح لابن القيم، رحمه الله، ففيه ما يشفي ويكفي. والله الموفق.