الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هل يدخل أبناء المسلمين الجنة، وأبناءُ الكفار النارَ
؟
المجيب د. محمد العروسي عبد القادر
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
العقائد والمذاهب الفكرية/مسائل متفرقة
التاريخ 25/1/1425هـ
السؤال
البعض يقول إنه لا عدل في أن يدخل الجنة ابن العائلة المسلمة لأنه تربى على ذلك، ولا يدخل الجنة ابن الأسرة غير المسلمة لأنه لم يتربَّ على ذلك. ما الرد؟.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم تسليماً -. أما بعد:
فإن هذا السؤال يحتمل أن يكون المقصود من قوله: "من أسرة مسلمة" الرجل البالغ ويحتمل أن يريد أن من مات قبل البلوغ وهو الطفل، وجوابنا بإذن الله يكون عن هذين الاحتمالين:
أما الأول: فإن الله عز وجل وعد (ووعده الحق) أن الجنة لا يدخلها إلا مؤمن فقال سبحانه: "وَمَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الجنة"[غافر: من الآية40]، وقال سبحانه:"وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ"[النساء: من الآية124]، وقال سبحانه:"وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا"[التوبة: من الآية72] ، فكل من آمن بالله وعمل صالحاً ومات على ذلك فهو من أهل الجنة، والآيات في ذلك كثيرة وحرم الله الجنة على من مات كافراً ومأواه النار وبئس المصير، كما قال نبي الله عيسى عليه السلام:" إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ"[المائدة: من الآية72] ، فهذه الآيات تدل على أن كل من آمن بالله وعمل صالحاً من أسرة كافرة أو مسلمة فإنه يدخل الجنة، ومن لم يعمل صالحاً ومن لم يؤمن؛ فإنه يدخل النار سواء كان من أسرة مسلمة أو كافرة.
وأما الثاني: فإن أراد بقوله ابن العائلة المسلمة: أي الطفل الذي لم يبلغ، فإن هذا لا يحكم عليه في الآخرة بجنة ولا بنار كما جاء في الحديث في مصير هؤلاء:"الله أعلم بما كانوا عاملين" البخاري (1383) ، ومسلم (2658)، فإنه صلى الله عليه وسلم لما قال:"كل مولود يولد على الفطرة" البخاري (1359) سأله المسلمون فقالوا: يا رسول الله: أرأيت من يموت من أطفال المشركين؟ فقال صلى الله عليه وسلم "الله أعلم بما كانوا عاملين"، وهذا الحديث يدل على أن من بلغ منهم فهو مسلم أو كافر، ومن مات منهم فإنه يتوقف في الحكم عليهم، فمن علم الله منه أنه إذا بلغ أطاع أدخله الجنة، ومن علم منه أنه يعصي أدخله النار، والله سبحانه لا يجزيهم بمجرد علمه فيهم، بل يمتحنهم يوم القيامة كما يمتحن سائر من لم تبلغه الدعوة في الدنيا كأهل الفترة، ومن عاش في مكان ناء ولم يسمع برسول ولا كتاب ولا دين وكالمجنون، فمن أطاع منهم حينئذ دخل الجنة ومن عصى دخل النار. والله أعلم.