الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هل تقتضي الشورى المحاسبة
؟
المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان
عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً
أصول الفقه /السياسة الشرعية
التاريخ 20/2/1425هـ
السؤال
هل يوجد في الشورى محاسبة الرئيس، أو أعضاء مجلس الشورى في حالة ما ارتكبوا خطأ ما؟ ومن يقوم بمحاسبة المذنب؟ بمعنى وجود مجلس للحكم والقضاء كهيئات منفصلة عن بعضها البعض في الحكم؟ هل يجوز لمجلس الشورى أن يقبل ببعض القوانين الوضعية، حتى لو كانت متشابهة مع القوانين الإسلامية؟.
الجواب
قبل الجواب، أحب أن أحدد بعض معاني الشورى في الإسلام باختصار غير مخل لأهمية الموضوع، فأقول: لقد عنى الإسلام بالشورى عناية عظيمة، دعوةً وتعليماً، وتطبيقاً، فسُميت واحدة من سور القرآن الكريم باسم (الشورى) ، وسواء كانت تسمية السور توقيفية أو اجتهاداً، تبقى تسمية هذه السورة دالة على أهمية الشورى بين المسلمين وسوطاً مسلطاً على الاستبداد بالرأي في كل مجال من مجالات الحياة، وقد ذُكِرت قضية الشورى في القرآن الكريم مجملة لمبدأين أساسيين الأول لفظ الشورى المرتبط بأصل وجود السلطة وشرعيتها، وتداولها، والثاني: لفظ "وشاورهم" المرتبطة بأداء السلطة وإدارتها وتسييرها جاء المبدأ الأول في سورة الشورى مخاطب به عامة المسلمين، قال -تعالى-:"والذين استجابوا لربهم وأقاموا الصلاة وأمرهم شورى بينهم ومما رزقناهم ينفقون"[الشورى:38] .
وجاء المبدأ الثاني في سورة آل عمران: "ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر فإذا عزمت فتوكل على الله إن الله يحب المتوكلين"[آل عمران:159] ، ويلاحظ في آية الشورى حكمة التشريع في الربط بين الصلاة والنفقة، وبين الشورى، حيث جاءت الشورى بينها، وذلك أن أداء الصلاة استجابة لله- سبحانه- توجب اتحاد الأبدان والأفعال بين المصلين، فالشورى كذلك استجابة لله، توجب الاتحاد في الأقوال بين المسلمين وعبَّر عن الصلاة بالجملة الفعلية "وأقاموا الصلاة" الدالة على الحدوث والتجدد؛ لتكرارها في اليوم والليلة خمس مرات أو أكثر، وعبر عن الشورى بالجملة الاسمية الدالة على الثبوت والدوام؛ نظراً لأن الشورى لا تدخل إلا في الأمور الاجتهادية، أما الأمور النصية القطعية فلا مجال للشورى فيها، وإذا كان إنفاق المال من الواجدين - الأغنياء- على المعدومين الفقراء أمراً مستحباً حيناً ومتعيناً حيناً آخر فإن الشورى بين المسلمين متعينة في كل الأحوال والأزمان، وتوسط الشورى بين الصلاة والنفقة ويشير إلى أن إقامة الصلاة، يستوجب من فاعلها المشاورة لغيره، وعدم الاستبداد بالرأي، كما أخبر الله سبحانه وتعالى-عن الصلاة بقوله:"إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر"[العنكبوت:45] ، وإذا كان لدى المسلم رأي يفيد به إخوانه أو يدفع عنهم به سوءً، يتعين عليه نشره واطلاعهم عليه، ومناقشتهم في مدى نتائجه وجدواه وهذا لا يفي عن النفقة المادية على حد قول الشاعر:
لا خيل عندك تهديها ولا مال *** فليشهد النطق إن لم تسعد الحال