المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌هل في التيسير جناية على الشريعة - فتاوى واستشارات الإسلام اليوم - جـ ٤

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌الاحتفال والتهنئة في أعياد الميلاد

- ‌الاحتفال بالموالد

- ‌هدايا الشركات بمناسبة رأس السنة

- ‌تخصيص ليلة النصف من شعبان بعبادة

- ‌الاذكار الجماعية بعد الفريضة

- ‌ذبح الثيران عند تأخر المطر

- ‌صيام يوم الميلاد

- ‌عادة مرتبطة بتقاليد شعبية في شعبان

- ‌قراءة سور مخصوصة قبل صلاة الجمعة

- ‌عيد الكريسماس

- ‌الاحتفال بيومين من يناير (الناير)

- ‌الاحتفال بعيد الحب

- ‌هدايا يوم الميلاد

- ‌فتوى الشيخ محمد العثيمين في عيد الحب

- ‌التعلق بأستار الكعبة

- ‌الاحتفال بيوم المعلم

- ‌اقتناء المجسمات لغرض فني

- ‌زيارة الآثار المبنية على القبور

- ‌عيد الشكر

- ‌السجود من أجل الدعاء

- ‌الصيام طوال أيام الحرب

- ‌الصلاة النارية

- ‌حكم التسبيح بالسبحة

- ‌الدعاء الجماعي بعد الصلاة

- ‌الاغتسال بالماء والسدر

- ‌تخصيص صيام يوم وقيامه لنصرة فلسطين

- ‌العمرة عن الرسول صلى الله عليه وسلم

- ‌وضع جدول للنوافل

- ‌توحيد الصيام والدعاء للعراق

- ‌دقيقة الصمت

- ‌يقيمون الليل جماعةً كل ليلة سبت

- ‌أذكار عبر الجوال

- ‌ركعتي الشكر

- ‌إهداء الأعمال الصالحة للنبي صلى الله عليه وسلم

- ‌التعبد بتلاوة أسماء الرسول صلى الله عليه وسلم

- ‌قراءة آيات بعدد معين

- ‌تخصيص بعض الليالي ببعض الطاعات

- ‌شبهة في تشريع البدعة

- ‌البدعة الحسنة

- ‌هل هذه الطريقة مشروعة في صلاة النوافل

- ‌قول (حرماً) ، و (تقبّل الله) بعد الصلوات

- ‌طلب الدعاء عبر رسائل الجوال

- ‌دعاء سورة "يس

- ‌هذه الرسالة كذب وضلال

- ‌الأذكار عبر الجوال

- ‌تخصيص يوم للدعاء للمجاهدين

- ‌العلماء الذين صنفوا البدع

- ‌ختم الدعاء بالفاتحة

- ‌دعاء رد الضالة

- ‌الدعاء (اللهم ارحمنا بأسرار الفاتحة)

- ‌الدعاء الجماعي

- ‌دعاء العزاء في المسجد

- ‌الدعاء بجاه الله

- ‌سؤال الله بجاهه الكريم

- ‌الذكر بـ:"الله.. الله

- ‌قراءة سورة الأنعام في الحرب

- ‌قراءة الفاتحة بعد الدعاء

- ‌طريقة صوفية

- ‌أذكار لرؤية الرسول

- ‌افتتاح المنتديات بالتهليل والتكبير

- ‌الذكر بـ (الله الله الله)

- ‌البدعة وحديث "من سن في الإسلام سنة حسنة

- ‌هل مجالس الذكر من الذكر الجماعي

- ‌هل أجاز ابن تيمية الذكر الجماعي

- ‌حكم التهنئة بشهر رمضان

- ‌الاشتراك في جمعيات المآتم

- ‌البدع أشد أم المعاصي

- ‌إحداد الأقارب على ميتهم أربعين يوماً

- ‌شرب غسيل ملابس الميت

- ‌ما هي البدعة الحسنة

- ‌حمل الشعلة النارية في الافتتاح الرياضي

- ‌تبليغ السلام إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌مجالسة المبتدعة

- ‌أخذ الحكم الشرعي من المنامات

- ‌إطلاق البدعة على المسائل الاجتهادية

- ‌رؤية المهدي

- ‌المعجزات والكرامات

- ‌سماع الرسول السلام عند قبره

- ‌كشف الحجاب ورؤية الجان

- ‌إغاثة الأولياء بعد موتهم

- ‌مِنْ معجزات النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌بين كرامات الأولياء ومعجزات الأنبياء

- ‌علم الأبراج

- ‌هل هذه كرامة أم خرافة

- ‌اهتزاز عرش الرحمن لموت سعد بن معاذ رضي الله عنه

- ‌كرامة المشي على الماء

- ‌رفع القرآن في آخر الزمان

- ‌الفتن والملاحم

- ‌نزول عيسى عليه السلام آخر الزمان

- ‌الرايات السود في أحاديث الفتن

- ‌تكليم الرجل شراك نعاله

- ‌موقف المسلم من الفتن في هذا العصر

- ‌صحة حديث المهدي

- ‌(اللحيدي) وادعاء المهدوية

- ‌نزول عيسى بعد ظهور الدجال

- ‌مدة حصار العراق

- ‌ما وقع من علامات الساعة

- ‌تنزيل الأحاديث على الوقائع والأشخاص

- ‌إنكار خروج المهدي لضعف أحاديثه

- ‌علامات القيامة الكبرى

- ‌العلامات الصغرى للساعة

- ‌خسوف رمضان وظهور المهدي

- ‌هل ظهرت دلائل خروج المهدي

- ‌نزول عيسى عليه السلام في آخر الزمان

- ‌من هو ابن صياد

- ‌شبهات حول نزول المسيح آخر الزمان

- ‌أرواح الأموات هل تؤذي الأحياء

- ‌البعث وأحوال القبور

- ‌هل من سبيل لتخفيف العذاب عن الميت

- ‌إحياء بني إسرائيل بعد موتهم

- ‌معاملة الزميل الكافر

- ‌الحكم في العامي إذا تربّى على عقيدة فاسدة

- ‌مسائل متفرقة

- ‌عقيدة ابن حجر والنووي

- ‌كمال الإيمان الواجب

- ‌حكم التجنّس بالجنسية الأوربية للمسلم

- ‌القول بقدم العالم

- ‌الأصول الثلاثة وأدلتها

- ‌رد شبهة التناسخ

- ‌عقوبة المرتد…وحرية المعتقد

- ‌الرسالات السماوية والهنود الحمر

- ‌الدخول لمواقع اكترونية تسب الدين

- ‌الفرق بين الدين والاعتقاد

- ‌معنى العقيدة والدين

- ‌الشكوك الإيمانية

- ‌حقوق آل البيت

- ‌حكم القسم على الله

- ‌هل ينال الجنَّ عذابُ القبر

- ‌الفرق بين المسلم والمؤمن

- ‌حكم الرق في الإسلام

- ‌شبهة حول قتل المرتد

- ‌أهل الأهواء وأحكامهم

- ‌الشهادة على الكافر المعين بالنار

- ‌الأكل مع النصارى في أعيادهم

- ‌حمل الجن للأمانة مع الإنس

- ‌لماذا يتعذب الأطفال

- ‌سكرات الموت

- ‌ما الذي يفعله من أراد الدخول في الإسلام

- ‌من مات قبل أن تبلغه الدعوة

- ‌هل الإيمان في القلب دون الجوارح

- ‌علامات حسن الخاتمة

- ‌الانحناء في التدريب الرياضي

- ‌الوقوف للسلام الملكي

- ‌المناداة بـ (سيدي ومولاي)

- ‌الفرق بين الإسلام والإيمان

- ‌ما يجب تعلمه من العقيدة

- ‌نسخ الإسلام للأديان السابقة

- ‌الاستثناء في أصل الإيمان

- ‌شبه حول نزول الباري عز وجل

- ‌لماذا نعبد الله تعالى

- ‌أرواح الحيوانات بعد الموت إلى أين

- ‌رؤيا الأموات المذكورة في كتاب الروح

- ‌هل اليقين يزيد وينقص

- ‌الجمع بين حديث استغفار النبي لأمته، وإخباره بمنع بعضهم من ورود حوضه

- ‌هل بين هذه المصطلحات فروق: العقيدة، الإيمان، التوحيد

- ‌موت الفجأة وسكرات الموت

- ‌التعبيد لغير الله في الأسماء

- ‌هل أفعال البشر مخلوقة

- ‌إيقاد شعلة النار في المناسبات الرياضية

- ‌حكم من لم يبلغه الإسلام

- ‌قص الشريط عند افتتاح المشاريع والاحتفالات

- ‌الموتى كثرٌ فكيف يسألهم الملكان

- ‌الحكم على الكافر المعين بأنه من أهل النار

- ‌الفرق بين الموت والقتل

- ‌أثر التوحيد في وحدة المسلمين

- ‌الإيمان بعذاب القبر

- ‌ما هي شعب الإيمان السبعون

- ‌هل يدخل أبناء المسلمين الجنة، وأبناءُ الكفار النارَ

- ‌العاصي هل تقبض روحه ملائكة العذاب أم الرحمة

- ‌هل قال ابن تيمية بفناء النار

- ‌حساب من لم يبلغه الإسلام

- ‌وسوسة عقدية

- ‌علم الكشف عن أسرار الناس

- ‌حقيقة الروح

- ‌أين الله

- ‌هل الإيمان يزيد وينقص

- ‌تعليق المعصية بالمشيئة

- ‌التخلص من أوراق بها اسم الجلالة

- ‌هل يصح هذا العبارة: (عرفنا ربنا بالعقل)

- ‌متى خلقت الجنة والنار

- ‌ما الحكمة من خلق الكون

- ‌درجات أهل الإيمان في الجنة

- ‌هل الاستعانة بالمخلوق تقدح في الاستعانة بالله

- ‌تقسيم ابن تيمية للإيمان

- ‌ترجمة ما فيه بعض المخالفات الشرعية

- ‌مقولة: " بلغ الرسول صلى الله عليه وسلم الكمال البشري

- ‌ادعاء خلق آدم من أب وأم

- ‌الفرق بين عذاب القبر وفتنة القبر

- ‌الاستغفار للكافر وتوبته

- ‌الله غني عن عبادتنا.. فلماذا خلقنا

- ‌القول فيمن يعبد الله بالحب وحده

- ‌اجتماع النبي صلى الله عليه وسلم بالأنبياء عليهم السلام ليلة الإسراء

- ‌هل كل ما في اللوح المحفوظ لا يتغيَّر

- ‌تعزية المسلم للكافر

- ‌إذا كان أحدنا لا يدخل الجنة بعمله؛ فلِمَ العمل

- ‌المقصود بالحنيفية

- ‌تعريض أسماء الله للامتهان

- ‌رؤية الملائكة

- ‌هل يغتسل المرتد لدخوله الإسلام

- ‌الفرق بين "الملة" وبين "الدين

- ‌لماذا يحتكر المسلمون الجنة

- ‌خطورة لعبة اليوغي

- ‌الديانات الإبراهيمية

- ‌هل ما فعله الخضر إلهام

- ‌الاحتجاج بالعهد المكي لتسويف بعض التكاليف

- ‌عبارة: أنا مؤمن إن شاء الله

- ‌هل في البيتين محذور

- ‌اعتقاد بعض الصوفية بحياة الرسول

- ‌أصول الفقه

- ‌هل ما تأنف منه النفس حرام

- ‌ الأحكام وأدلتها

- ‌العبادات.. وظني الثبوت

- ‌التذرع بالخلافات الفقهية

- ‌المقصود باقتضاء النهي للتحريم

- ‌من هو المكلف شرعاً

- ‌الفرق بين المطلق والعام

- ‌الجلوس بين الظل والشمس

- ‌التفريق بين مسائل العقيدة والفقه

- ‌البلوغ والتكاليف الشرعية

- ‌العبادات الواجبة والمسنونة

- ‌الحر والعبد أمام الأحكام الشرعية

- ‌التكاليف..والتخلف العقلي

- ‌الحد الشرعي والحكم القبلي

- ‌معنى عدم قبول صلاة شارب الخمر

- ‌المجاز في القرآن

- ‌يقين الحل لا يزول بشك الحرمه

- ‌إنكار أدلة القياس في التحريم

- ‌النسخ في القرآن الكريم

- ‌الأخذ بالكتاب والسنة دون فهم السلف

- ‌سنة الخلفاء الراشدين

- ‌صفة السلام على الجماعة

- ‌استخدام الواقي هل يدرأ حد الزنى

- ‌مضاعفة الذنب في زمان أو مكان

- ‌الفرق بين حجاب الحرة والأمة

- ‌التدرج في التقوى

- ‌الحكمة من قضاء الحائض الصيام دون الصلاة

- ‌العقل ونصوص الشريعة

- ‌الزندقة وتتبع الرخص

- ‌التكني بأبي القاسم

- ‌استخدام الميل الفضي

- ‌الحكمة من تحريم الأغاني والموسيقى

- ‌الاشتغال بالإعجاز العلمي في النصوص الشرعية

- ‌تأويل حديث: (القاتل والمقتول في النار)

- ‌هل يقع التعارض بين نصوص الكتاب والسنة

- ‌دلالة الاقتضاء والإيماء

- ‌حدود الله في (الطلاق- والمعاملات- والعبادات)

- ‌ما فائدة الإجماع مع ورود النص في المسألة

- ‌الفرق بين الحكمة والعلة

- ‌الفرق بين العاصي والفاسق والفاجر

- ‌أدلة مضاعفة دية الرجل لدية المرأة

- ‌عن حديث "لا تدخل الملائكة بيتًا فيه صورة

- ‌حجية القياس

- ‌(المصلحة: ضوابطها وتطبيقاتها

- ‌النقاب..وكشف الوجه

- ‌أصل العبادات والمعاملات

- ‌الأصل الشرعي لعقوبة السجن

- ‌الفرق بين قياس الشمول وقياس التمثيل

- ‌ثبوت الأحكام بفعل النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌المسكوت عنه في الشرع

- ‌متى يسوغ تأويل النص

- ‌الخروج عن المذاهب الأربعة

- ‌الاجتهاد والتقليد

- ‌الموقف من الأئمة المجتهدين

- ‌تقليد العامي لأحد الأئمة

- ‌هل يجب التزام مذهب معين

- ‌تقليد العامي لأحد المذاهب

- ‌التقليد عند اختلاف العلماء

- ‌التقليد وبراءة الذمة

- ‌أسباب اتباع كل بلد لإمام معين

- ‌الحق واحد أم متعدد

- ‌اجتهاد الصحابة رضي الله عنهم واختلافهم

- ‌الاجتهاد في استنباط الأحكام من النصوص

- ‌التمذهب واتباع الدليل

- ‌التعارض بين النصوص الشرعية

- ‌التعارض والترجيح

- ‌احترنا بين أقوال العلماء

- ‌الجمع بين البراءة من النصارى والزواج بنسائهم

- ‌استبدال الكفارات بالأدعية

- ‌الجمع بين إيجاب حد الردة وآية "لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ

- ‌كيف نجمع بين هذين النصين

- ‌أقل الجمع

- ‌هل اختلاف الأمة رحمة

- ‌هل هناك إجماع يعارض نصاً

- ‌الطعن في فتاوى كبار العلماء

- ‌الفتوى والإفتاء

- ‌متى استفتى

- ‌أخذ الأجرة على الفتوى

- ‌جرأة غير المختصين على الفتوى

- ‌الأجرة مقابل الفتوى

- ‌شروط المفتي

- ‌الأصوب في منهج الإفتاء

- ‌بفتوى مَن نأخذ

- ‌الموقف عند اختلاف الفتوى

- ‌هل في التيسير جناية على الشريعة

- ‌إذا لم يجد المستفتي إلا مفتياً فاسقاً

- ‌درجات المفتين في الاجتهاد

- ‌المشاركة في الانتخابات في الغرب

- ‌السياسة الشرعية

- ‌التأريخ بالهجرة والميلاد

- ‌بين بيعتي العقبة والرضوان

- ‌هل الربا أعظم من الزنى

- ‌هل تقتضي الشورى المحاسبة

الفصل: ‌هل في التيسير جناية على الشريعة

‌هل في التيسير جناية على الشريعة

؟!

المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان

عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً

أصول الفقه /الفتوى والإفتاء

التاريخ 1/05/1425هـ

السؤال

أحس -يا فضيلة الشيخ- بأن هناك فهماً خاطئاً - مجرد إحساس وخواطر وليس جزماً - من بعض المشايخ، وطلبة العلم، والدعاة، لحقيقة يسر الدين وسماحته، وخطأً في فهم بعض القواعد والأصول -،أرى ميل بعضهم إلى أقوال مرجوحة، أو ضعيفة؛ بحجة التخفيف والتيسير، وأزعم بأن خوف بعضهم من اتهام الدين بالشدة - من المنافقين والعلمانيين - يحملهم على الميل إلى الأسهل، وإلى محاولة التقريب بين الدين وبين أقوال بعض أعدائه، كما نسمع عن الشيخ محمد عبده رحمه الله بأنه كان جسراً لدعاة تحرير المرأة من غير أن يشعر، وبعضهم يحمله ضعف الناس عن قبول الحق والعمل به إلى أيسر الأقوال، وأضعفها.

إني أخشى - حقاً يا فضيلة الشيخ - أن يكونوا قد أخطأوا - وبحسن نية - في بعض فهمهم وآرائهم، هناك قاعدة مشهورة:(قاعدة سد الذرائع) ، وكما تشدد فيها قوم، أرى مؤخراً تساهلا بها والقول بأن (منع الناس سيؤدي إلى ارتكابهم المحظور فلنتساهل ولا نضيق على الناس!)

إني أظن أنك تراني متشائماً، ولست كذلك، ولكن هذا ما يدور برأسي من خواطر أحببت سماع رأيكم فيها، والله يحفظكم ويوفقنا وإياكم لكل خير.

الجواب

لقد صدقت مع نفسك حين وصفت ما بدا لك بأنه خواطر -جمع خاطرة- دارت في ذهنك، إذ مادة (خطر) ، بجميع اشتقاقاتها، وتصريفها تدور على الوهم، والظن، والتردد، وعدم الجزم، وما دار في ذهنك عن بعض الدعاة، والصالحين في هذا العصر من كونهم إنما ركبوا موجة التسامح، والتيسير من أجل التقريب بين الدين، وبين أقوال أعدائه، ضرب من الوهم والتجني على معظم الدعاة والوسطية في أسلوب دعوتهم، وكأنك تميل إلى الشدة وتحبذ التعسير على الناس في الفتوى، وكيف يكون هذا والإسلام دين اليسر، والسماحة والرخصة، والإباحة؛ قال -تعالى-:"يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر"، وقال:"وما جعل عليكم في الدين من حرج"[الحج: 78]، ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم:"إن هذا الدين متين فأوغلوا فيه برفق" رواه أحمد (27318) من حديث أنس رضي الله عنه، ويقول:"اللهم من ولي من أمر أمتي شيئاً فرفق بهم فارفق به، ومن شق عليهم فاشقق عليه" رواه مسلم (1828) من حديث عائشة-رضي الله عنها، ويقول أيضاً صلى الله عليه وسلم:"إن الله يحب أن تؤتى رخصه، كما يكره أن تؤتى معصيته" رواه أحمد (5832) من حديث ابن عمر-رضي الله عنهما، وقاعدة:(سد الذرائع) ، لا يعمل بها في كل حال، كما قرر العلماء كابن القيم الجوزية في كتابه:(أعلام الموقعين) حيث يقول: إن الذرائع كما يجب سدها حيناً يتعين فتحها، في أحيان أخرى، والفتوى تتغير بتغير الزمان والمكان، والأحوال، والنيات، ويقول بعض العلماء: إن إعمال قاعدة (سد الذرائع) يتعين في جانب العقيدة دون سائر الأحكام الفرعية، وإفتاء العالم الناس بالرخصة والتيسير هو عين الصواب، وضد ذلك التشدد والتعسير في الدين، في الحديث قصة النفر الذين جاءوا إلى بيت النبوة يسألون عن عبادته صلى الله عليه وسلم فلما أخبروا كأنهم تقالوها، فقال أحدهم: أما أنا فأصوم ولا أفطر، وقال الآخر: فأقوم الليل ولا أرقد، وقال الثالث: لا آكل اللحم، ولا أتزوج النساء، فبلغ النبي صلى الله عليه وسلم مقالهم فجمع الناس، وخطبهم، فقال:"ما بال أقوام يقولون كذا وكذا، أما إني والله لأتقاكم لله، وأعلمكم به، وإني أصلي، وأرقد، وأصوم، وأفطر، وآكل اللحم، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني" رواه البخاري (5063) ، ومسلم (1401) من حديث أنس رضي الله عنه، ثم إن الناس يتفاوتون في تدينهم، كما يتفاوتون في إيمانهم زيادة ونقصاً، وقوة وضعفاً، فالمفتي والعالم يعطي كلاً من هؤلاء ما يناسبهم، كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل مع صحابته رضي الله عنهم، حيث يعطي الإمارة البعض ويمنعها عن البعض الآخر، كما منعها أبا ذر الغفاري رضي الله عنه، فالفتاوى بالرخصة والتيسير هي الفقه الذي أمر الله به، قال سفيان الثوري:(العلم أن تسمع الرخصة من ثقة، أما التشديد فكل يحسنه) ، وبناء على ما سبق فإن الظن ببعض الدعاة والمصلحين اليوم بأنهم إنما ييسرون لقصد موافقة الأعداء من الظن السوء المنهي عنه، وأما رفع الدعوة والمناداة بفقه التيسير والتسامح وتجديد الخطاب الديني بما يناسب العصر، مع التمسك بالثوابت والمسلمات فهو عين الصواب الذي هو فقه الواقع الذي يدخل إلى القلوب بلا استئذان، كما يقول ابن قيم الجوزية رحمه الله:(بل هو اليسر والتوسط في كل الأمور بين إفراط المتحللين، وتفريط المتشددين)، ومقولة:(هم رجال ونحن رجال) ، صحيحة إذا كان القائل لها معه دليل صحيح وفهم صريح، حيث الرجال يعرفون بالحق، ولا يعرف الحق بالرجال، فكل يؤخذ منه ويرد غير النبي صلى الله عليه وسلم المعصوم فيما يبلغه عن ربه -صلوات الله وسلامه عليه- ولا يجوز في الدين تقليد الرجال ابتداءً إلا من لم يعرف أدلة أولئك الرجال. وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه، آمين.

ص: 503