الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حكم من لم يبلغه الإسلام
المجيب د. أحمد بن عبد الرحمن القاضي
عضو البحث العلمي بجامعة القصيم
العقائد والمذاهب الفكرية/مسائل متفرقة
التاريخ 5/11/1424هـ
السؤال
سألني صديق لي سؤالاً حيرني كثيراً، وأرجو منكم بيان وجهة ديننا الحنيف فيه.
السؤال هو: ما حكم الإسلام على ملايين الناس من الذين لا يعتنقون الإسلام ديناً لهم من الفقراء في الصين والهند والدول الأخرى؟ ولماذا كل الأنبياء المرسلين أو معظمهم نزلوا في الجزيرة العربية وما حولها؟ ولم نسمع عن نبي أو رسول في الهند أو الصين أو اليابان أو الكوريتين....الخ، علما أن معظم الناس غير المؤمنين بالله وبالإسلام موجودون بالبلدان التي لم يرسل لها رسول على الأقل في الثلاثة آلاف سنة الماضية. أرجو الإجابة على هذا السؤال؛ لأنني لا أعرف الجواب فعلاً.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
أخبر الله -تعالى- في محكم كتابه أنه أقام الحجة الرسالية على جميع الأمم السالفة، فقال سبحانه:"وإن من أمة إلا خلا فيها نذير"[فاطر:24]، وقال:"ولقد بعثنا في كل أمة رسولاً أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت"[النحل:36] .
وبين سبحانه أن الاحتجاج الوحيد الذي يسوغ للناس أن يحتجوا به على ربهم هو عدم إرسال الرسل، وأنه قطع حجتهم، فقال:"رسلاً مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل"[النساء:165]، وقال:"أن تقولوا ما جاءنا من بشير ولا نذير فقد جاءكم بشير ونذير"[المائدة:19] وعلق سبحانه استحقاق العذاب ببلوغ الرسالة فقال: "وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا"[الإسراء:15]، وقال صلى الله عليه وسلم:"والذي نفسي بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني، ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أصحاب النار" رواه مسلم (153) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، فعلق الحكم عليه بالنار بالسماع به على وجه تقوم به الحجة. فيتبين من هذه النصوص وأمثالها ما يلي:
(1)
أن أمم الأرض وشعوبها المختلفة قد نالت حظها من أنبياء الله، وعدم علمنا بهم لا يعني عدمهم، قال -تعالى- لنبيه:"ولقد أرسلنا رسلاً من قبلك منهم من قصصنا عليك ومنهم من لم نقصص عليك"[غافر:78] ، ولكن الشعوب المذكورة في السؤال طمس مشركوها نور التوحيد والنبوة وحرفوها.
(2)
أن كل شخص لا يدين بالإسلام فإننا نحكم عليه بالكفر، ونجري عليه أحكام الكفار في الدنيا، أما في الآخرة، فإنه إذا كان لم تبلغه الدعوة، أو بلغته على وجه مشوه، فأمره إلى الله -تعالى-، وأقرب الأقوال أنه يمتحن في الآخرة بما يتبين به حاله، والله أعلم بما هو عامل، ولا يظلم ربك أحداً. والله أعلم.
وتبلغ الوحشية مداها في قمع داود للموابيين في أرض بني عَمون بعد أن هدم المدينة فقد ذكر سفر أخبار الأيام الأول عن داود (20: 2، 3) : (وأخرج غنيمة المدينة وكانت كثيرة جدًّا. وأخرج الشعب الذين بها ونشرهم بمناشير ونَوارِج حديد وفؤوس، وهكذا صنع داود لكل مدن بني عمون ُثم رجع داود وكل الشعب إلى أورشليم) .
فكيف ينسب النصارى في كتابهم المقدس هذه الأعمال الوحشية إلى رجال صالحين بل أنبياء مرسلين من عند الله!!
وأيًّا كان ذلك ليس بأقل مما ورد في الكتاب المقدس من الدينونة على يد المسيح نفسه عندما يرجع في نهاية العالم ليدين الخلائق- على حسب معتقدات النصارى- فقد جاء في سفر متى (27: 16) : (فإن ابن الإنسان سوف يأتي في مجد أبيه مع ملائكته، وحينئذ يجازي كل واحد حسب عمله) . ويصف يوحنا كيفية هذه الدينونة وكيف يدين المسيح الخلائق، فقد جاء في سفر رؤيا يوحنا:(13: 20 ـ 15) : (ورأيت الأموات صغارًا وكبارًا أمام الله، وانفتحت أسفار، وانفتح سفر آخر وهو سفر الحياة، ودين الأموات مما هو مكتوب في الأسفار بحسب أعمالهم. وسلم البحر الأموات الذين فيه، وسلم الموت والهاوية الأموات الذين فيهما، ودينوا كل واحد بحسب أعماله. وطرح الموت والهاوية في بحيرة النار. هذا هو الموت الثاني. وكل من لم يوجد مكتوبًا في سفر الحياة طرح في بحيرة النار) .
فإذا كان هذا عمل المسيح في نهاية الزمان وآخر العالم؛ فأيهما أحسن حالًا؛ مَن يجبر الناس على الدخول في دينه- على فرض القول بذلك- حتى يتمتعوا بالنعيم ويسلموا من العقاب، أو مَن لا يجبر أحدًا على الدخول في دينه لكنه يفاجئه يوم الدينونة بالعقاب والعذاب والشقاء الأبدي؟
والله أعلم. وصلى الله على محمد وآله.