الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حقيقة الروح
المجيب د. رشيد بن حسن الألمعي
عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد
العقائد والمذاهب الفكرية/مسائل متفرقة
التاريخ 05/04/1425هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
قال تعالى: "وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلاً"، سبحان الله، مع كل هذا التطور ولم نؤتي من العلم إلا قليلاً! فضيلة الشيخ: أريد شرحاً مفصلاً ودقيقاً عن خروج الروح، وهل هي في كل أعضاء الجسم، كما أريد أن أعرف خروج الروح بالنسبة للمؤمن والكافر، وعند السؤال، اللهم ثبتنا عند المسألة، ومروراً حتى ينفخ في الصور، كما أرجو ألا تدلني على كتاب أو جهة معينة؛ لأنه ليس لي متسع من الوقت لذلك. وجزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
أخي الكريم: أود ألا تعجب من دلالة هذه الآية الصريحة التي نص الله فيها على قلة علم السائلين عن الروح، حيث قال جل من قائل:"وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلاً"[الإسراء: 85] ، وما أشرت إليه في سؤالك من التطور الذي نعيشه فإن ذلك لا ينهض دليلاً على العلم بما استأثر الله بعلمه، وكم يخفى على الناس في مختلف العلوم والفنون مما لا يحصى عدّه.
وقل لمن يدعي في العلم معرفةً*** عرفْتَ شيئاً وغابتْ عنك أشياء
وأما الروح فإنا نجيبك عنها بما وقفنا عليه مما ذكره أهل العلم في ذلك، ومما قالوه: إن حقيقة الروح مختلف فيها والذي يدل عليه الكتاب والسنة والإجماع والمعقول أنها جسم نوراني علوي حي متحرك يسري في الأعضاء سريان الماء في الورد والدهن في الزيتون، والنار في الفحم وأنها مخالفة في الماهية لهذا الجسم المحسوس، فما دامت أعضاء الإنسان صالحة لقبول الآثار الفائضة عليها من هذا الجسم اللطيف بقي ذلك الجسم سارياً في هذه الأعضاء، وإذا فسدت وخرجت عن قبولها فارقت البدن.
وقد أخبر النبي –صلى الله عليه وسلم "أن الروح إذا قبض تبعه البصر"، رواه مسلم (920) وغيره من حديث أم سلمة – رضي الله عنها، وفي هذا وصف للروح بالقبض، وأن البصر يراه، وفي حديث آخر:"أن روح المؤمن تسيل كما تسيل القطرة من فيّ "فم" السقاء، وأنها تصعد ويوجد منها كأطيب ريح، وورد أنها تتفرق في جسد العبد الكافر فينتزعها ملك الموت كما ينتزع السفّود من الصوف المبلول، وذلك كله في حديث البراء بن عازب–رضي الله عنه الطويل وفيه وصف دقيق لحال خروج الروح من جسد المؤمن وجسد الكافر فتأمله في المسند للإمام أحمد (4/287-288) . واختلف في موت الأرواح وبقائها، فقيل إنها تموت لأنها نفس وكل نفس ذائقة الموت، وقيل لا تموت بل خلقت للبقاء، والصواب أن يقال: موت النفوس هو مفارقتها لأجسادها وخروجها منها، فإن أريد بموتها هذا الفراق فهي ذائقة الموت، وإن أريد أنها تفنى بالكلية فهي لا تموت بهذا الاعتبار بل هي باقية بعد خلقها في نعيم أو في عذاب، كما ذكروا أن للروح بالبدن خمسة أنواع من التعلق متغايرة الأحكام:
أحدها: تعلقها به في بطن الأم حياً.
الثاني: تعلقها به بعد خروجه إلى وجه الأرض.
الثالث: تعلقها به في حال النوم.
الرابع: تعلقها به في البرزخ.
الخامس: تعلقها به يوم البعث وهو أكمل أنواع تعلقها بالبدن، لأن البدن لا يقبل بعده موتاً ولا نوماً ولا فساداً.
واعلم أن البحث في تفاصيل هذه الأمور التي ذكرتها في سؤالك إنما يناسبها الاطلاع والقراءة على أهل العلم، وفي الكتب التي عُنيت بذلك، ولا تتعلل، وقد شغفت بمعرفة الجواب بالانشغال وعدم اتساع الوقت، وانظر على سبيل الذكر لا الحصر، كتاب الروح لابن القيم، وكتاب حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح له أيضاً، وشرح العقيدة الطحاوية لابن أبي العز الحنفي، وتفسير ابن كثير للآيات التي ورد فيها ذكر الروح. والله الموفق.