الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
اعتقاد بعض الصوفية بحياة الرسول
!
المجيب د. سعيد بن ناصر الغامدي
عضو هيئة التدريس بجامعة الملك عبد العزيز
العقائد والمذاهب الفكرية/مسائل متفرقة
التاريخ 24/04/1427هـ
السؤال
هل الرسول -صلى الله علية وسلم- حي يرزق يقوم واقفا، ويصلي الصلوات الخمس كل يوم، كما يدعي الصوفية! أرجو الإجابة لأن الخلاف طال لعدم وجود الجواب الشافي؟
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فالرسول صلى الله عليه وسلم مات حقيقة، ودفن في مكان موته، ولا شك في ذلك، وأدلة ذلك من الحس، والمشاهدة، والعقل، والنص عديدة، منها: أن الصحابة صلوا عليه، ودفنوه، وشاهدوا ذلك عيانا، ولم يقل أحد منهم أنه في قبره يقوم يصلي ويحضر ويمد يده ويكلم الناس، وفي القرآن العظيم قوله تعالى:"إنك ميت وإنهم ميتون"[الزمر:30] . وقوله سبحانه: "وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم"[آل عمران:114] . وهي الآية التي استشهد بها الصديق رضي الله عنه أمام الصحابة، فسكت عمر الذي كان يظن وفاة الرسول مجرد غشية أصابته، قال: فما إن سمعت الآية من أبي بكر حتى سُقِطَ في يدي وعلمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد مات. صحيح البخاري (3670) .
أما أقوال الصوفية في هذا الباب، وفي جملة من القضايا المتعلقة بالقبور فهي أقوال منافية للحق والصواب، والعقل والنقل، ومدعاة لسخرية الأمم بنا وسبب في ضعف الإيمان؛ ذلك أنهم يستخدمون هذه الطرائق لتعليق الناس بالقبور وأصحابها، بدلا من تعليقهم بالله تعالى، وقد يأتون على أقوالهم هذه ببعض النصوص المجملة، مثل النصوص الدالة على حياة خاصة لأهل البرزخ، ونصوص كونه عليه السلام يرد السلام على من سلم عليه من قريب أو بعيد، ويخلطون في هذه المسألة بين قانون الغيب، وقانون الشهادة ويجعلونهما سواء، وهذا خطأ كبير، وفساد في التصور، يصلون من خلال مسالكه إلى دعاء النبي والولي، والطواف بالقبور، والسجود لها، والاستغاثة بالمقبورين، والتوسل الشركي بهم، مما هو مخالف لعقائد الإيمان المحكمة، وقواعد الملة الثابتة.
وخلاصة القول أن وفاة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم من الأمور الثابتة بالنص والعقل والحس والإجماع، وهو عليه الصلاة والسلام لا يملك لنفسه، ولا لغيره ضرا ولا نفعا، كما قال الله تعالى:"قل لا أملك لنفسي نفعا ولا ضرا إلا ما شاء الله ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسني السوء إن أنا إلا نذير وبشير لقوم يؤمنون"[الأعراف:188] . وفي سورة الجن: "قل إني لا أملك لكم ضرا ولا رشدا"[الجن:21] .
هذا هو الدين المحكم القويم، والصراط المستقيم، الذي سار عليه الصحابة، والتابعون، وأتباعهم إلى يومنا هذا، نسأل الله لجميع المسلمين سلامة التوحيد، وصحة الاعتقاد.