المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ادعاء خلق آدم من أب وأم - فتاوى واستشارات الإسلام اليوم - جـ ٤

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌الاحتفال والتهنئة في أعياد الميلاد

- ‌الاحتفال بالموالد

- ‌هدايا الشركات بمناسبة رأس السنة

- ‌تخصيص ليلة النصف من شعبان بعبادة

- ‌الاذكار الجماعية بعد الفريضة

- ‌ذبح الثيران عند تأخر المطر

- ‌صيام يوم الميلاد

- ‌عادة مرتبطة بتقاليد شعبية في شعبان

- ‌قراءة سور مخصوصة قبل صلاة الجمعة

- ‌عيد الكريسماس

- ‌الاحتفال بيومين من يناير (الناير)

- ‌الاحتفال بعيد الحب

- ‌هدايا يوم الميلاد

- ‌فتوى الشيخ محمد العثيمين في عيد الحب

- ‌التعلق بأستار الكعبة

- ‌الاحتفال بيوم المعلم

- ‌اقتناء المجسمات لغرض فني

- ‌زيارة الآثار المبنية على القبور

- ‌عيد الشكر

- ‌السجود من أجل الدعاء

- ‌الصيام طوال أيام الحرب

- ‌الصلاة النارية

- ‌حكم التسبيح بالسبحة

- ‌الدعاء الجماعي بعد الصلاة

- ‌الاغتسال بالماء والسدر

- ‌تخصيص صيام يوم وقيامه لنصرة فلسطين

- ‌العمرة عن الرسول صلى الله عليه وسلم

- ‌وضع جدول للنوافل

- ‌توحيد الصيام والدعاء للعراق

- ‌دقيقة الصمت

- ‌يقيمون الليل جماعةً كل ليلة سبت

- ‌أذكار عبر الجوال

- ‌ركعتي الشكر

- ‌إهداء الأعمال الصالحة للنبي صلى الله عليه وسلم

- ‌التعبد بتلاوة أسماء الرسول صلى الله عليه وسلم

- ‌قراءة آيات بعدد معين

- ‌تخصيص بعض الليالي ببعض الطاعات

- ‌شبهة في تشريع البدعة

- ‌البدعة الحسنة

- ‌هل هذه الطريقة مشروعة في صلاة النوافل

- ‌قول (حرماً) ، و (تقبّل الله) بعد الصلوات

- ‌طلب الدعاء عبر رسائل الجوال

- ‌دعاء سورة "يس

- ‌هذه الرسالة كذب وضلال

- ‌الأذكار عبر الجوال

- ‌تخصيص يوم للدعاء للمجاهدين

- ‌العلماء الذين صنفوا البدع

- ‌ختم الدعاء بالفاتحة

- ‌دعاء رد الضالة

- ‌الدعاء (اللهم ارحمنا بأسرار الفاتحة)

- ‌الدعاء الجماعي

- ‌دعاء العزاء في المسجد

- ‌الدعاء بجاه الله

- ‌سؤال الله بجاهه الكريم

- ‌الذكر بـ:"الله.. الله

- ‌قراءة سورة الأنعام في الحرب

- ‌قراءة الفاتحة بعد الدعاء

- ‌طريقة صوفية

- ‌أذكار لرؤية الرسول

- ‌افتتاح المنتديات بالتهليل والتكبير

- ‌الذكر بـ (الله الله الله)

- ‌البدعة وحديث "من سن في الإسلام سنة حسنة

- ‌هل مجالس الذكر من الذكر الجماعي

- ‌هل أجاز ابن تيمية الذكر الجماعي

- ‌حكم التهنئة بشهر رمضان

- ‌الاشتراك في جمعيات المآتم

- ‌البدع أشد أم المعاصي

- ‌إحداد الأقارب على ميتهم أربعين يوماً

- ‌شرب غسيل ملابس الميت

- ‌ما هي البدعة الحسنة

- ‌حمل الشعلة النارية في الافتتاح الرياضي

- ‌تبليغ السلام إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌مجالسة المبتدعة

- ‌أخذ الحكم الشرعي من المنامات

- ‌إطلاق البدعة على المسائل الاجتهادية

- ‌رؤية المهدي

- ‌المعجزات والكرامات

- ‌سماع الرسول السلام عند قبره

- ‌كشف الحجاب ورؤية الجان

- ‌إغاثة الأولياء بعد موتهم

- ‌مِنْ معجزات النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌بين كرامات الأولياء ومعجزات الأنبياء

- ‌علم الأبراج

- ‌هل هذه كرامة أم خرافة

- ‌اهتزاز عرش الرحمن لموت سعد بن معاذ رضي الله عنه

- ‌كرامة المشي على الماء

- ‌رفع القرآن في آخر الزمان

- ‌الفتن والملاحم

- ‌نزول عيسى عليه السلام آخر الزمان

- ‌الرايات السود في أحاديث الفتن

- ‌تكليم الرجل شراك نعاله

- ‌موقف المسلم من الفتن في هذا العصر

- ‌صحة حديث المهدي

- ‌(اللحيدي) وادعاء المهدوية

- ‌نزول عيسى بعد ظهور الدجال

- ‌مدة حصار العراق

- ‌ما وقع من علامات الساعة

- ‌تنزيل الأحاديث على الوقائع والأشخاص

- ‌إنكار خروج المهدي لضعف أحاديثه

- ‌علامات القيامة الكبرى

- ‌العلامات الصغرى للساعة

- ‌خسوف رمضان وظهور المهدي

- ‌هل ظهرت دلائل خروج المهدي

- ‌نزول عيسى عليه السلام في آخر الزمان

- ‌من هو ابن صياد

- ‌شبهات حول نزول المسيح آخر الزمان

- ‌أرواح الأموات هل تؤذي الأحياء

- ‌البعث وأحوال القبور

- ‌هل من سبيل لتخفيف العذاب عن الميت

- ‌إحياء بني إسرائيل بعد موتهم

- ‌معاملة الزميل الكافر

- ‌الحكم في العامي إذا تربّى على عقيدة فاسدة

- ‌مسائل متفرقة

- ‌عقيدة ابن حجر والنووي

- ‌كمال الإيمان الواجب

- ‌حكم التجنّس بالجنسية الأوربية للمسلم

- ‌القول بقدم العالم

- ‌الأصول الثلاثة وأدلتها

- ‌رد شبهة التناسخ

- ‌عقوبة المرتد…وحرية المعتقد

- ‌الرسالات السماوية والهنود الحمر

- ‌الدخول لمواقع اكترونية تسب الدين

- ‌الفرق بين الدين والاعتقاد

- ‌معنى العقيدة والدين

- ‌الشكوك الإيمانية

- ‌حقوق آل البيت

- ‌حكم القسم على الله

- ‌هل ينال الجنَّ عذابُ القبر

- ‌الفرق بين المسلم والمؤمن

- ‌حكم الرق في الإسلام

- ‌شبهة حول قتل المرتد

- ‌أهل الأهواء وأحكامهم

- ‌الشهادة على الكافر المعين بالنار

- ‌الأكل مع النصارى في أعيادهم

- ‌حمل الجن للأمانة مع الإنس

- ‌لماذا يتعذب الأطفال

- ‌سكرات الموت

- ‌ما الذي يفعله من أراد الدخول في الإسلام

- ‌من مات قبل أن تبلغه الدعوة

- ‌هل الإيمان في القلب دون الجوارح

- ‌علامات حسن الخاتمة

- ‌الانحناء في التدريب الرياضي

- ‌الوقوف للسلام الملكي

- ‌المناداة بـ (سيدي ومولاي)

- ‌الفرق بين الإسلام والإيمان

- ‌ما يجب تعلمه من العقيدة

- ‌نسخ الإسلام للأديان السابقة

- ‌الاستثناء في أصل الإيمان

- ‌شبه حول نزول الباري عز وجل

- ‌لماذا نعبد الله تعالى

- ‌أرواح الحيوانات بعد الموت إلى أين

- ‌رؤيا الأموات المذكورة في كتاب الروح

- ‌هل اليقين يزيد وينقص

- ‌الجمع بين حديث استغفار النبي لأمته، وإخباره بمنع بعضهم من ورود حوضه

- ‌هل بين هذه المصطلحات فروق: العقيدة، الإيمان، التوحيد

- ‌موت الفجأة وسكرات الموت

- ‌التعبيد لغير الله في الأسماء

- ‌هل أفعال البشر مخلوقة

- ‌إيقاد شعلة النار في المناسبات الرياضية

- ‌حكم من لم يبلغه الإسلام

- ‌قص الشريط عند افتتاح المشاريع والاحتفالات

- ‌الموتى كثرٌ فكيف يسألهم الملكان

- ‌الحكم على الكافر المعين بأنه من أهل النار

- ‌الفرق بين الموت والقتل

- ‌أثر التوحيد في وحدة المسلمين

- ‌الإيمان بعذاب القبر

- ‌ما هي شعب الإيمان السبعون

- ‌هل يدخل أبناء المسلمين الجنة، وأبناءُ الكفار النارَ

- ‌العاصي هل تقبض روحه ملائكة العذاب أم الرحمة

- ‌هل قال ابن تيمية بفناء النار

- ‌حساب من لم يبلغه الإسلام

- ‌وسوسة عقدية

- ‌علم الكشف عن أسرار الناس

- ‌حقيقة الروح

- ‌أين الله

- ‌هل الإيمان يزيد وينقص

- ‌تعليق المعصية بالمشيئة

- ‌التخلص من أوراق بها اسم الجلالة

- ‌هل يصح هذا العبارة: (عرفنا ربنا بالعقل)

- ‌متى خلقت الجنة والنار

- ‌ما الحكمة من خلق الكون

- ‌درجات أهل الإيمان في الجنة

- ‌هل الاستعانة بالمخلوق تقدح في الاستعانة بالله

- ‌تقسيم ابن تيمية للإيمان

- ‌ترجمة ما فيه بعض المخالفات الشرعية

- ‌مقولة: " بلغ الرسول صلى الله عليه وسلم الكمال البشري

- ‌ادعاء خلق آدم من أب وأم

- ‌الفرق بين عذاب القبر وفتنة القبر

- ‌الاستغفار للكافر وتوبته

- ‌الله غني عن عبادتنا.. فلماذا خلقنا

- ‌القول فيمن يعبد الله بالحب وحده

- ‌اجتماع النبي صلى الله عليه وسلم بالأنبياء عليهم السلام ليلة الإسراء

- ‌هل كل ما في اللوح المحفوظ لا يتغيَّر

- ‌تعزية المسلم للكافر

- ‌إذا كان أحدنا لا يدخل الجنة بعمله؛ فلِمَ العمل

- ‌المقصود بالحنيفية

- ‌تعريض أسماء الله للامتهان

- ‌رؤية الملائكة

- ‌هل يغتسل المرتد لدخوله الإسلام

- ‌الفرق بين "الملة" وبين "الدين

- ‌لماذا يحتكر المسلمون الجنة

- ‌خطورة لعبة اليوغي

- ‌الديانات الإبراهيمية

- ‌هل ما فعله الخضر إلهام

- ‌الاحتجاج بالعهد المكي لتسويف بعض التكاليف

- ‌عبارة: أنا مؤمن إن شاء الله

- ‌هل في البيتين محذور

- ‌اعتقاد بعض الصوفية بحياة الرسول

- ‌أصول الفقه

- ‌هل ما تأنف منه النفس حرام

- ‌ الأحكام وأدلتها

- ‌العبادات.. وظني الثبوت

- ‌التذرع بالخلافات الفقهية

- ‌المقصود باقتضاء النهي للتحريم

- ‌من هو المكلف شرعاً

- ‌الفرق بين المطلق والعام

- ‌الجلوس بين الظل والشمس

- ‌التفريق بين مسائل العقيدة والفقه

- ‌البلوغ والتكاليف الشرعية

- ‌العبادات الواجبة والمسنونة

- ‌الحر والعبد أمام الأحكام الشرعية

- ‌التكاليف..والتخلف العقلي

- ‌الحد الشرعي والحكم القبلي

- ‌معنى عدم قبول صلاة شارب الخمر

- ‌المجاز في القرآن

- ‌يقين الحل لا يزول بشك الحرمه

- ‌إنكار أدلة القياس في التحريم

- ‌النسخ في القرآن الكريم

- ‌الأخذ بالكتاب والسنة دون فهم السلف

- ‌سنة الخلفاء الراشدين

- ‌صفة السلام على الجماعة

- ‌استخدام الواقي هل يدرأ حد الزنى

- ‌مضاعفة الذنب في زمان أو مكان

- ‌الفرق بين حجاب الحرة والأمة

- ‌التدرج في التقوى

- ‌الحكمة من قضاء الحائض الصيام دون الصلاة

- ‌العقل ونصوص الشريعة

- ‌الزندقة وتتبع الرخص

- ‌التكني بأبي القاسم

- ‌استخدام الميل الفضي

- ‌الحكمة من تحريم الأغاني والموسيقى

- ‌الاشتغال بالإعجاز العلمي في النصوص الشرعية

- ‌تأويل حديث: (القاتل والمقتول في النار)

- ‌هل يقع التعارض بين نصوص الكتاب والسنة

- ‌دلالة الاقتضاء والإيماء

- ‌حدود الله في (الطلاق- والمعاملات- والعبادات)

- ‌ما فائدة الإجماع مع ورود النص في المسألة

- ‌الفرق بين الحكمة والعلة

- ‌الفرق بين العاصي والفاسق والفاجر

- ‌أدلة مضاعفة دية الرجل لدية المرأة

- ‌عن حديث "لا تدخل الملائكة بيتًا فيه صورة

- ‌حجية القياس

- ‌(المصلحة: ضوابطها وتطبيقاتها

- ‌النقاب..وكشف الوجه

- ‌أصل العبادات والمعاملات

- ‌الأصل الشرعي لعقوبة السجن

- ‌الفرق بين قياس الشمول وقياس التمثيل

- ‌ثبوت الأحكام بفعل النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌المسكوت عنه في الشرع

- ‌متى يسوغ تأويل النص

- ‌الخروج عن المذاهب الأربعة

- ‌الاجتهاد والتقليد

- ‌الموقف من الأئمة المجتهدين

- ‌تقليد العامي لأحد الأئمة

- ‌هل يجب التزام مذهب معين

- ‌تقليد العامي لأحد المذاهب

- ‌التقليد عند اختلاف العلماء

- ‌التقليد وبراءة الذمة

- ‌أسباب اتباع كل بلد لإمام معين

- ‌الحق واحد أم متعدد

- ‌اجتهاد الصحابة رضي الله عنهم واختلافهم

- ‌الاجتهاد في استنباط الأحكام من النصوص

- ‌التمذهب واتباع الدليل

- ‌التعارض بين النصوص الشرعية

- ‌التعارض والترجيح

- ‌احترنا بين أقوال العلماء

- ‌الجمع بين البراءة من النصارى والزواج بنسائهم

- ‌استبدال الكفارات بالأدعية

- ‌الجمع بين إيجاب حد الردة وآية "لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ

- ‌كيف نجمع بين هذين النصين

- ‌أقل الجمع

- ‌هل اختلاف الأمة رحمة

- ‌هل هناك إجماع يعارض نصاً

- ‌الطعن في فتاوى كبار العلماء

- ‌الفتوى والإفتاء

- ‌متى استفتى

- ‌أخذ الأجرة على الفتوى

- ‌جرأة غير المختصين على الفتوى

- ‌الأجرة مقابل الفتوى

- ‌شروط المفتي

- ‌الأصوب في منهج الإفتاء

- ‌بفتوى مَن نأخذ

- ‌الموقف عند اختلاف الفتوى

- ‌هل في التيسير جناية على الشريعة

- ‌إذا لم يجد المستفتي إلا مفتياً فاسقاً

- ‌درجات المفتين في الاجتهاد

- ‌المشاركة في الانتخابات في الغرب

- ‌السياسة الشرعية

- ‌التأريخ بالهجرة والميلاد

- ‌بين بيعتي العقبة والرضوان

- ‌هل الربا أعظم من الزنى

- ‌هل تقتضي الشورى المحاسبة

الفصل: ‌ادعاء خلق آدم من أب وأم

‌ادعاء خلق آدم من أب وأم

المجيب د. عبد العظيم بن إبراهيم المطعني

رئيس قسم التفسير والحديث بكلية أصول الدين في جامعة الأزهر

العقائد والمذاهب الفكرية/مسائل متفرقة

التاريخ 29/07/1425هـ

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

نأمل منكم التكرم بتوضيح الفتوى التي يتحدث بها الناس في هذه الأيام بشأن أن آدم عليه السلام ولد من أب وأم (فتوى الدكتور عبد الصبور شاهين إن صحت عن الدكتور) نأمل إفادتنا بكيفية الرد عليها بالدليل. وجزاكم الله خيرًا.

الجواب

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

هذا الموضوع من الموضوعات الغيبية، التي حدثت في أزمنة سحيقة، وبعُد بيننا وبينها العهد، بل هو موضوع يقع الآن خارج ذاكرة الوعي التاريخي، وهو أشد الأمور الغيبية غموضًا، وكل حديث عنه يخوض فيه الباحثون، إنما هو رجم بالغيب، وطحن في الهواء، بل هو ضرب من الظنون أو الأوهام التي لا تغني من الحق شيئًا، ولا يبنى عليها عمل، وليست من المسؤول عنه يوم الحساب.

والأمور الغيبية التي لا يكون للبحث فيها جدوى الآن، لانقطاع صلة الناس فيها، كثيرة، منها هذه القضية (قضية خلق آدم) ، ومنها البحث عن عمر الأرض، وعن اللغة "الأم" ما هي؟ وعن كيفية نشأة هذه اللغة، ثم البقعة التي هبط إليها آدم وحواء، وكيف تمت هجرات الناس منها إلى ربوع الأرض؟

ومنها التحديد الزماني لعهود الرسل والأنبياء، والفترات التي بين كل رسولين، وأصل اللغات السامية، أهي العربية أم العبرية؟ والموطن الأصلي للساميين، وكيف تمت الهجرات منه؟ إلخ.. إلخ.

والبحث حول هذه الأمور لم ولن يؤدي فيها إلى طائل، والنماذج التي عرفها الناس منها، إنما هي ركام هائل من الفرضيات والأقوال المتضاربة.

ص: 368

وحيث إن موقف سلفنا الصالح من مثل هذه القضايا هو الموقف الأحكم والأسلم؛ إذ يدور مع ما ورد في محكم الكتاب العزيز، وما صح سنده ومتنه من أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: فإن موقفهم يتلخص في أن هذه القضية أمر غيبي، يجب الإيمان بها كما وردت في كتاب الله، وما أشارت إليه أحاديث الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم، والوقوف في الإيمان بها عند دلالات النصوص المقدسة دون تحريف، أو تأويل تأباه دلالات اللغة العربية التي نزل بها القرآن الكريم، أو تأباه حقائق الإسلام الواضحة، وأن هذه القضية لا يحتاج المسلم في الإيمان بها جملة وتفصيلاً إلى مصادر أخرى غير المصادر الإسلامية المقدسة. وأنهم لا يقولون فيها غير ما قاله الله ورسوله، شأنهم فيها شأنهم في كل أمر غيبي لا يملك الحديث عنه إلا علَاّم الغيوب.

ففي أوائل القرآن الكريم يأتي كلام الله تبارك وتعالى عن صفات المؤمنين التي لا يصح منهم إيمان بدونها وهي (.. الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ..)[البقرة:3] . ويقول تعالى: (قُل لَّا يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ)[النمل:65] . ويقول تعالى: (مَا أَشْهَدتُّهُمْ خَلْقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَا خَلْقَ أَنفُسِهِمْ وَمَا كُنتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُدًا)[الكهف:51] .

ص: 369

وعقيدة الأمة أن الله عز وجل هو الذي سمى أبانا آدم بهذا الاسم لأنه أول مخلوق بشري على وجه الأرض، كتسميته لابن زكريا بيحيى (يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ اسْمُهُ يَحْيَى لَمْ نَجْعَل لَّهُ مِن قَبْلُ سَمِيًّا) [مريم:7] . وفي لسان العرب أن علة التسمية بآدم لأنه خلق من الأرض، يعني خلقه المباشر كان من الأرض (اللسان 1/46) . وأما عن قول الملائكة: (أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء

) [البقرة:30] . فإن الملائكة ـ كما قال علماء التفسير ـ قاست حال الإنسان على حال الجان؛ لأن الجان كانوا يعمرون الأرض قبل خلق آدم، فكانوا يسفكون الدماء ويفسدون في الأرض، والبشر مثلهم ذوو شهوات تحمل على الصراع والمنازعة، فوجه الشبه بين الجان والإنسان شديد القوة والوضوح، أما الملائكة فهم أشكال نورانية لا يأكلون ولا يشربون ولا يتناكحون، وقد جاء في القرآن أن الجان مخلوق قبل الإنسان، قال تعالى:(وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ مِن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ وَالْجَآنَّ خَلَقْنَاهُ مِن قَبْلُ مِن نَّارِ السَّمُومِ)[الحجر 26-27] .

فآدم عليه السلام هو "البشر" المخلوق من تراب، وليس من أب وأم، وهو "البشر" الذي سواه الله ونفخ فيه من روحه وأمر الملائكة أن تسجد له. وفي صحيح البخاري (6227) وصحيح مسلم (2841) ، مرفوعًا، عن أبي هريرة، رضي الله عنه:"خَلَقَ اللهُ عز وجل آدَمَ عَلَى صُورَتِهِ". أي هكذا كما هو وبدون سابقة من أصل أب أو أم.

ص: 370

أما القائلون بغير هذا فيزعمون أن آدم عليه السلام ليس هو أبا البشر، ولا أول مخلوق عاقل من غير الجن والملائكة، بل هو "أبو الإنسان"، وأن الله خلق قبله من جنسه خلائق كثيرين عاشوا قبل آدم "هذا" ملايين السنين، وكانوا في تلك الأزمان خاضعين للتصرف الإلهي من التسوية والتعديل والتهذيب، ثم انقرضوا جميعًا بعد أن اختار الله منهم آدم "هذا" من أب وأم "منهم"، كما اختار حواء زوجة آدم من "أب وأم" كذلك من آخر أجيال البشر الأولين الذين انقرضوا تمامًا ولم يصبح في الوجود منهم أحد، وأن آدم وحواء وحدهما هما اللذان بقيا ليكونا أبوين لنوع جديد من ذلك الجنس الذي انقرض، أي نوع من الإنسان المستمر توالده حتى الآن إلى قيام الساعة. وهم يضعون- حسب زعمهم ـ عدة فروق بين "البشر" وبين "الإنسان"، وهي:

1.

أن البشر أقوام همجيون، لا سمع لهم ولا بصر لهم ولا عقل.

2.

الإنسان هو النوع المنتخب المهذب الراقي، لهم سمع وإبصار وعقول.

3.

البشر لم يرسل الله فيهم رسولا، ً ولم يكونوا من أهل التكليف الإلهي؛ فلا إيمان بالله ولا أوامر ولا نواهٍ.

4.

البشر مخلوقون من تراب أو طين.

5.

أما الإنسان فإنه هو المخلوق من ماء أو من علقة أو من نطفة.

وهي شبهة مردودة، وحجة داحضة، القول بها يتشابه مع نظرية التطور لدى اليهودي الملحد دارون التي من عناصرها:

1-

أن الإنسان ليس مخلوقًا لأول مرة وإنما متطور عن مخلوق آخر هو القرد.. الإنسان أصله قرد.. ويرده قوله تعالى: (خَلَقْتُ بِيَدَيَّ)[ص:75] . وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "النَّاسُ بَنُوآدَمَ، وآدَمُ مِنْ تُرَابٍ". أخرجه أبو داود (5116) والترمذي (3956) .

ص: 371

2-

أن الأجناس البشرية متفاوتة في قدرها وذكائها وأهميتها، فاليهود أفضل من الآريين، والآريون أفضل من العرب، والعرب أفضل من الزنوج وهكذا.. والرسول صلى الله عليه وسلم يقول:" لَا فَضْلَ لِعَرَبِيٍّ عَلَى أَعْجَمِيٍّ، وَلَا لِعَجَمِيٍّ عَلَى عَرَبِيٍّ، وَلَا لِأَحْمَرَ عَلَى أَسْوَد، َ وَلَا لِأَسْوَدَ عَلَى أَحْمَرَ إِلَّا بِالتَّقْوَى ". أخرجه أحمد (23489) . ورُوي عنه صلى الله عليه وسلم: "الناسُ سَوَاءٌ كَأَسْنَانِ المُشْطِ". أخرجه ابن عدي 3/248، والقضاعي في مسند الشهاب (195) . وانظر السلسلة الضعيفة (596) .

3-

البقاء للأصلح، بمعنى وجوب قتل الضعفاء والمرضى وعدم مراعاة الأخلاق ولا أوامر الدين بالإحسان إليهم ونواهيه عن الإساءة إليهم، وقد تبلورت هذه النظرة غير الإنسانية بشكل لافت لدى الملحد الألماني "فريدريك نيتشه" الذي زعم أن إلهه نزل إلى الأرض ومات.

أما من حيث اللغة فإن كلمات "البشر"، "الإنسان"، "الناس"، "الإنس" تطلق على بني آدم، وكل أهل العلم من اللغويين والفقهاء على ذلك لم يخالف منهم واحد سوى عبد الصبور شاهين صاحب كتاب "أبي آدم.. قصة الخليقة" الذي يقول إن البشر غير آدم الذي هو أبو الإنسان، ومن ثم فالإنسان- في زعمه ـ غير البشر؛ إلا أن العلماء ردوا حجته وفندوا زعمه بالأدلة الدامغة والحجج البالغة، ومنها قوله تعالى:(إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِن طِينٍ)[ص:71] . يعني (خلقت في الماضي)، وسائر المفسرين ومقتضى لغة العرب التي نزل بها القرآن الكريم الذي منه هذه الآية على أن معناها: سوف أخلق في المستقبل. في إعلام الله تعالى ملائكته عليهم السلام بخلق آدم (الإنسان أبي الناس والبشر جميعًا)، وأخيرًا فالله هو العليم بما خلق ومن خلق (أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ) [الملك:14] .

ص: 372