الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الترهيب من الكلام على الخلاء
الخلاء: اسم للموضع الذي يقضي فيه الحاجة، سمي خلاء لأن الشخص يخلو فيه
(1)
، وقيل: لأن فيه شيطانًا يسمى الخلاء فسمى خلاء باسم شيطانه
(2)
، واللّه أعلم.
253 -
عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ رضي الله عنه أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ: "لَا يَتَنَاجَى اثْنَان على غائطهما ينظر كلّ وَاحِد مِنْهُمَا إِلَى عَورَة صَاحبه فَإِن اللّه يمقت على ذَلِك" رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَابْن مَاجَة وَاللَّفْظ لَهُ وَابْن خُزَيْمَه فِي صَحِيحه وَلَفظه كَلَفْظِ أبي دَاوُد قَالَ سَمِعت رَسُول اللّه صلى الله عليه وسلم يَقُول لا يخرج الرّجلَانِ يضربان الْغَائِط كاشفين عَن عوراتهما يتحدّثان فَإِن اللّه عز وجل يمقت على ذَلِك
(3)
رَوَوْهُ كلهم من رِوَايَة هِلال بن عِيَاض أَو عِيَاض بن هِلَال عَن أبي سعيد وعياض هَذَا روى لَهُ أَصْحَاب السّنَن وَلا أعرفهُ بِجرح وَلا عَدَالَة وَهُوَ فِي عداد المجهولين.
قَوْله: "يضربان الْغَائِط" قَالَ أَبُو عَمْرو صَاحب ثَعْلَب يُقَال ضربت الأَرْض إِذا أتيت الْخَلَاء وَضربت فِي الأَرْض إِذا سَافَرت.
(1)
الميسر (1/ 133)، والكواكب الدراري (2/ 184)، وشرح المصابيح (1/ 246) لابن الملك.
(2)
النجم الوهاج (1/ 286).
(3)
أخرجه ابن ماجة (342)، وأبو داود (15)، والنسائي في الكبرى (36 و 37)، وابن خزيمة (71)، وابن حبان (1422). وصححه الألباني في الصحيحة (3120)، وصحيح الترغيب (155).
254 -
وَعَن أبي هُرَيرَة رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُول اللّه صلى الله عليه وسلم: "لَا يخرج اثْنَان من الْغَائِط فيجلسان يتحدّثان كاشفين عَن عوراتهما فَإِن اللّه عز وجل يمقت على ذَلِك" رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي الأوْسَط بِإِسْنَاد لين
(1)
.
قوله: عن أبي سعيد الخدري، تقدم.
قوله صلى الله عليه وسلم: "لا يتناجى اثنان على غائطهما ينظر كلّ واحد منهما إلى عورة صاحبه" الحديث، المناجاة: المسارة، وانتجى القوم وتناجوا أي سار بعضهم بعضًا
(2)
، وتقدم الكلام على ذلك في أوائل هذا التعليق.
قوله: "ينظر كلّ واحد منهما إلى عورة صاحبه"، وأغرب الماوردي فحكى في باب ستر العورة وجهًا أنه يحرم على الإنسان أن ينظر إلى فرج نفسه بلا حاجة
(3)
، واللّه أعلم؛ فيحرم نظر الرجل إلى عورة الرجل والمرأة إلى عورة المرأة، وهذا لا خلاف فيه، وكذلك نظر الرجل إلى عورة المرأة
(1)
أخرجه النسائي في الكبرى (35)، الطبراني في الأوسط (2/ 65 - 66 رقم 1264)، وقال الطبراني: لم يرو هذا الحديث عن عكرمة، عن يحيى، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة إلا عبيد ورواه سفيان الثوري وغيره: عن عكرمة بن عمار، عن عياض بن هلال، عن أبي سعيد الخدري. قال الدارقطني في العلل (2294): وأشبهها بالصواب حديث عياض بن هلال، عن أبي سعيد. وقال الهيثمي في المجمع 1/ 207: رواه الطبراني في الأوسط، ورجاله موثقون. وصححه الألباني في صحيح الترغيب (156).
(2)
انظر: الصحاح (6/ 2503)، والمحكم (7/ 559)، وشرح النووي على مسلم (14/ 167).
(3)
الحاوى (2/ 170).
والمرأة إلى عورة الرجل حرام بالإجماع، ونبه صلى الله عليه وسلم بنظر الرجل إلى عورة الرجل على نظره إلى عورة المرأة، وذلك بالتحريم أولي، وهذا التحريم في حق غير الزوج والسادة
(1)
، أما الزوجان والسادة فسيأتي حكمه؛ وأما نظر الرجل إلى محارمه ونظرهن إليه فالصحيح أنه يباح ما فوق السرة وتحت الركبة، وقيل: لا يحل إلا ما يظهر في حال الخدمة والتصرف، وأما ضبط العورة في حق الأجانب فعورة الرجل مع الرجل ما بين السرة والركبة، وكذلك المرأة مع المرأة، وفي السرة والركبة ثلاثة أوجه أصحها: ليستا بعورة والثاني أنهما عورة، والثالث السرة عورة دون الركبة
(2)
.
تنبيه: لكل واحد من الزوجين النظر إلى عورة صاحبه جميعا لأنه محل استمتاعهما
(3)
؛ وأما الفرج نفسه ففيه ثلاثة أوجه، أصحها أنه مكروه لكل واحد منهما من غير حاجة وليس بحرام، والثاني: حرام عليهما وإليه ميل أبي عبد اللّه الذهبي، والثالث: أنه حرام على الرجل مكروه للمرأة، وخص الفارقي الخلاف بغير حالة الجماع وجوزه عند الجماع قطعًا، والمعروف إطلاقه
(4)
، وخص بعضهم الخلاف بالرجل وقطع بجواز نظرها إلى ذكره
(5)
،
(1)
شرح النووي على مسلم (4/ 30).
(2)
شرح النووي على مسلم (4/ 31).
(3)
النجم الوهاج (7/ 35).
(4)
شرح النووي على مسلم (4/ 30)، والنجم الوهاج (7/ 36).
(5)
انظر: كفاية الأخيار (1/ 352).
وصرح الجرجاني وغيره بطرده في الرجل والمرأة؛ والنظر إلى باطن فرجها أشد كراهة أو تحريما
(1)
.
واختلفوا في معناه، فقيل: يورث العمى للناظر وصحح هذا ابن الصلاح
(2)
، وقيل للولد فعلى هذا يخرج الممسوح، وقيل: يورث العمى في القلب أشار إليه ابن الجوزي
(3)
، وفي كتب الفقه أنه لا بأس به للرجل أن
(1)
انظر: الوسيط (5/ 31)، والعزيز شرح الوجيز (7/ 479)، وشرح النووي على مسلم (4/ 30).
(2)
شرح مشكل الوسيط (3/ 539 - 540). وحديث: إذا جامع أحدكم زوجته أو جاريته فلا ينظر إلى فرجها فإن ذلك يورث العمى. أخرجه أبو حاتم في العلل (2394)، وابن عدى في الكامل (2/ 75)، وابن حبان في المجروحين (1/ 202)، والبيهقي في الكبرى (7/ 153 رقم 13540 و 13541) عن ابن عباس.
قال أبو حاتم: هذه الثلاثة الأحاديث موضوعة، لا أصل لها، وكان بقية يدلس، فظنوا هؤلاء أنه يقول في كلّ حديث: حدثنا، ولا يفتقدوا الخبر منه. قال ابن عدي:"حدّثناه بهذا الإسناد ثلاثة أحاديث آخر مناكير، وهذه الأحاديث يشبه أن تكون بين بقية وابن جريج بعض المجهولين أو بعض الضعفاء، لأن بقية كثيرًا ما يدخل بين نفسه وبين ابن جريج بعض الضعفاء أو بعض المجهولين، إلا أن هشام بن خالد قال: عن بقية، حدّثني ابن جريج". وقال ابن حبان: "في نسخة كتبناها بهذا الإسناد، كلها موضوع، يشبه أن يكون بقية سمعه من إنسان ضعيف عن ابن جريج فدلس عليه، فالتزق كلّ ذلك به". وحكم عليه بالوضع ابن الجوزى في الموضوعات (2/ 272 - 273) والذهبى في ميزان الاعتدال (1/ 311)، والألباني في الضعيفة (195) و (196). وجود إسناده ابن الصلاح في شرح مشكل الوسيط (3/ 539).
(3)
النجم الوهاج (7/ 35 - 36).
يمس فرج امرأته ولها أن تمس فرجه، سأل أبو يوسف أبا حنيفة عنه، فقال: لا بأس به، وأرجو أن يعظم أجر المرأة بذلك
(1)
، وجوز أصبغ بن الفرج من أصحاب مالك للزوج أن يلحس فرج زوجته بلسانه
(2)
، واللّه أعلم، قاله في الديباجة.
قوله: "فإن اللّه يمقت على ذلك"، المقت في الأصل أشد البغض في الكلام على حدّثه من غير حاجة مكروه فإن انضم إلى ذلك كشف العورة حرم، وحينئذ لا يشكل المقت على ذلك فإنه إشارة إلى المجموع ولا يرجع إلى التحدّث فقط أي مع الستر أو من وراء حجاب، فلو سكتا وكشفا العورة حرم، فيكره الكلام والذكر على البول والغائط حال قضاء الحاجة سواء كان في الصحراء أو في البنيان وسواء في ذلك جميع الأذكار، وإلا كلام الضرورة كما إذا رأى طفلًا أو أعمى يقع في بئر أو حية تقصد إنسانا لم يكره إنذاره بل يجب على ما قال أصحابنا، فإذا عطس لا يحمد اللّه تعالى ولا يشمت عاطسًا ولا يرد السَّلام ولا يجيب المؤذن، ويكون المسلم مقصرًا لا يستحق جوابًا، والكلام بهذا كلّه مكروه كراهة تنزيه لا تحريم، فلو عطس حمد اللّه تعالى بقلبه ولا يحرك لسانه، وكذلك يفعل حال الجماع، قال المحب الطبري: وينبغي أن لا يأكل ولا يشرب
(3)
.
(1)
حاشية ابن عابدين 5/ 234، مغني المحتاج 3/ 134، وكشاف القناع 5/ 16.
(2)
النجم الوهاج (7/ 35).
(3)
انظر: شرح السنة (1/ 382)، وبحر المذهب (1/ 139)، والمجموع (2/ 88 - 89) وشرح صحيح مسلم (4/ 85) والأذكار (ص 68 - 69).
قال النووي
(1)
: روينا عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: مر رجل بالنبي صلى الله عليه وسلم وهو يبول فسلم عليه فلم يرد عليه السلام، رواه مسلم في صحيحه
(2)
؛ فإذا لم يرد السَّلام مع أنه واجب فغيره أولي، وعن المهاجر بن قنفد رضي الله عنه قال: أتيت النبي وهو يبول فسلمت عليه فلم يرد علي حتى توضأ ثم اعتذر إلى وقال: "إني كرهت أن أذكر اللّه تعالى إلا على طهر" أو قال: "إلا على طهارة" حديث صحيح رواه أبو داود والنسائي وابن ماجة بأسانيد صحيحة
(3)
.
قوله صلى الله عليه وسلم في رواية ابن خزيمة: "لا يخرج الرجلان يضربان الغائط كاشفين عن عورتهما" الحديث (يمشيان إلى قضاء الحاجة وعورتهما مكشوفة، فإن اللّه تعالى يبغض هذا الفعل وهو عدم المبالاة بكشف العورة والنظر إلى عورة الغير، ولم يفض أي الكلام إلى التحريم كما لم يفض إليه في قوله صلى الله عليه وسلم:"إن أبغض الحلال إلى اللّه تعالى الطلاق"
(4)
أي: يكرهه إلا أن يقال ذلك اقترن به ما صرفه عن التحريم وهو قوله "الحلال"
(5)
، لا يخرج الرجلان:
(1)
الأذكار (ص 68 - 69).
(2)
أخرجه مسلم (115 - 370)، وابن ماجة (353)، وأبو داود (16)، والترمذي (2720)، والنسائي في المجتبى 1/ 241 (37).
(3)
أخرجه ابن ماجة (350)، وأبو داود (17)، والنسائي في المجتبى 1/ 241 (38).
وصححه الألباني في صحيح أبي داود (13)، والصحيحة (834).
(4)
أخرجه ابن ماجة (2018)، وأبو داود (2178) عن ابن عمر. وضعفه الألباني في الإرواء (2040)، ضعيف أبي داود (373 - 374)، الرد على بليق (113).
(5)
النجم الوهاج (1/ 294).
بكسر الجيم لأنه مجزوم على أنه نهي فحرك لالتقاء الساكنين
(1)
.
قوله: "يضربان الغائط" الضرب في اللغة الإسراع في السير، والأصل فيه أن الذاهب في الأرض يضربها برجله
(2)
، قال الحافظ: قال أبو عمر صاحب ثعلب يقال: ضربت الأرض إذا أتيت الخلاء، وضربت في الأرض إذا سافرت
(3)
، وتقدم الكلام على الضرب.
قوله: رووه كلهم من رواية هلال بن عياض أو عياض بن هلال عن أبي سعيد، قاله المنذري، والصواب في اسم الراوي عن أبي سعيد عياض بن هلال، وقيل: هلال بن عياض، وقيل: عياض بن أبي زهير الأنصاري، روى عنه: يحيى بن كثير، قال ابن حبان في كتاب الثقات: عياض بن هلال ومن قال إنه هلال بن عياض فقد وهم، روى له الأربعة، وليس له في الكتب سوى هذا الحديث وحديث آخر في سجود السهو
(4)
، واللّه أعلم، قاله في الديباجة.
فائدة: قال أبو الليث السمرقندي
(5)
لا ينبغي للجالس لقضاء الحاجة أن يتكلم في تلك الحالة لأن الملائكة يتنحون عنه ويستترون عنه في ذلك الوقت، فإذا تكلم في ذلك فقد أتعبهم في العود إليه ليكتبوا قوله، وليستتر
(1)
المفاتيح (1/ 385).
(2)
الميسر (1/ 137).
(3)
وكذلك نقله البغوى في شرح السنة (1/ 381 - 382).
(4)
تهذيب الكمال (22/ 573 - 575 الترجمة 4612).
(5)
بستان العارفين (ص 341 - 342).
ما استطاع لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بهذا فقيل: يا رسول اللّه أريت لو لم يكن معه أحد، قال:"فاللّه أحق أن يستحيا منه، ولأن معه صاحبيه فينبغي أن لا يؤذيهما"
(1)
، انتهى.
فوائد تتعلق بهذا الباب، منها: إذا أراد الإنسان قضاء الحاجة فإن كان معه شيء فيه ذكر اللّه تعالى نحاه، أي: أزاله استحبابًا، قال أنس بن مالك: كان رسول اللّه صلى الله عليه وسلم إذا دخل الخلاء وضع خاتمه، رواه أبو داود
(2)
، وقيل سببه: إنه كان عليه مكتوب محمد رسول اللّه صلى الله عليه وسلم ثلاثة أسطر، والسر فيه تعظيم اسم اللّه تعالى عن مكان القاذورات، [وقد ألحق به ما عليه اسم النبي صلى الله عليه وسلم]
(3)
وضابطه: كلّ اسم معظم
(4)
. ويقدم رجله اليسرى في الدخول واليمنى في الخروج وعكسه دخول المسجد والخروج منه، وهذا لا يختص بالبنيان في أصح الوجهين فيقدم يساره إذا بلغ موضع جلوسه في الصحراء أو مناة إذا
(1)
أخرجه ابن ماجة (1920)، وأبو داود (4017)، والترمذي (2794) عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جدّه. وقال الترمذي: هذا حديث حسن. وحسنه الألباني في المشكاة (3117)، آداب الزفاف ص (36).
(2)
أخرجه أبو داود (19)، والترمذي (1746)، والنسائي في المجتبى 8/ 150 (5257)، وفي الكبرى (9542)، وابن ماجة (303)، وأبو يعلى (3543)، وابن حبان (1413)، والحاكم في المستدرك (1/ 187). قال أبو داود: هذا حديث منكر. وضعفه الألباني في المشكاة (343)، ضعيف أبي داود (4)، مختصر الشمائل (75).
(3)
هذه الزيادة من كفاية النبيه (1/ 430).
(4)
انظر الحاوى (1/ 158) والمهذب (1/ 54)، والبيان (1/ 204)، والمجموع (2/ 73 - 74)، وكفاية النبيه (1/ 428 - 430).
فرغ، ويقول عند إرادة الدخول إلى الخلاء: اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث
(1)
، وورد في رواية الطبراني في كتاب الدعاء أنه صلى الله عليه وسلم كان يستعيذ فيقول: اللهم إني أعوذ بك من الرجس النجس الخبيث المخبث الشيطان الرجيم
(2)
، ويستحب تقديم البسملة على هذه الاستعاذة، ففي الحديث في سنن ابن ماجة والترمذي عن علي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"ستر ما بين أعين الجن وعورات بني آدم إذا دخلوا الكنيف أن يقولوا: باسم اللّه"
(3)
.
والستر بكسر السين الحجاب وبالفتح مصدر ستر الشيء أستره إذا أعطيته، والخبث بضم الخاء والباء وإسكانها جمع خبيث وهم ذكران الشياطين والخبائث جمع خبيثة وهي إناثهم، وقيل بالإسكان الشر وقيل:
(1)
أخرجه البخاري (142) و (6322)، ومسلم (122 - 375) عن أنس.
(2)
أخرجه ابن ماجة (299)، والطبراني في الدعاء (366) والكبير (8/ 210 رقم 7849)، وابن عدى (6/ 305) عن أبي أمامة. وروى عن أنس: أخرجه الطبراني في الدعاء (299) والأوسط (8/ 345 رقم 8825)، وابن السنى في اليوم والليلة (18). وروى عن ابن عمر: أخرجه الطبراني في الدعاء (367)، وابن السنى في اليوم والليلة (25). قال أبو زرعة في العلل (13): إسماعيل ضعيف، فأرى أن يقال: الرجس النجس الخبيث المخبث الشيطان الرجيم، فإن هذا دعاء. وقال ابن حجر في نتائج الأفكار (1/ 189): هذا حديث حسن غريب. وضعفه الألباني في الضعيفة (4187) و (4189).
(3)
انظر الحاوى (1/ 158) والمهذب (1/ 54)، والبيان (1/ 204 - 205)، والمجموع (2/ 74 - 75) والأذكار (ص 67 - 68)، كفاية النبيه (1/ 431). والحديث أخرجه ابن ماجة (297)، والترمذي (606). وقال الترمذي: هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه، وإسناده ليس بذاك القوي. وصححه الألباني في المشكاة (358)، الإرواء (50).
الكفر، والخبائث المعاصي
(1)
، وقال الكرماني: وأصل الخبث في كلامهم المكروه، فإن كان من الكلام فهو الشتم وإن كان من الكل فهو الكفر، وإن كان من الطعام فهو الحرام وإن كان من الشراب فهو الضار
(2)
، انتهى.
والنجس: بإسكان الجيم وكسر النون تبعا للرجس وليس المراد أنه نجس العين بل هو نجس الفعل، وقد صرح البغوي في شرح السنة بأن الشيطان عينه طاهرة، واستدل على ذلك بأنه صلى الله عليه وسلم أمسك إبليس في الصلاة ولم يقطعها
(3)
، والخبيث خبيث الفعل، والمخبث بضم الميم وبالخاء المعجمة الساكنة معناه صاحب الأعوان الخبثاء، قاله أبو الفرج الجوزى
(4)
.
تنبيه: فإن قيل: لم قدمت هاهنا التسمية على الاستعاذة وقدمت الاستعاذة على التسمية في قراءة القرآن، وفي التعوذ في الصلاة؟ فالجواب: أن التسمية هنا إنما قدمت لأن الاستعاذة دعاء والدعاء عبادة والعبادة ينبغي أن تبتدأ بالتسمية، والتسمية هاهنا ليست قرآنا بخلاف القراءة فإن التسمية من القرآن ومن نفس السورة، فلهذا قدمت الاستعاذة عليها في القراءة، انتهى، قاله في إعلام السنن
(5)
.
(1)
تهذيب الأسماء واللغات (3/ 87)، وشرح النووي على مسلم (4/ 71).
(2)
الكواكب الدراري (2/ 184).
(3)
شرح السنة (3/ 275).
(4)
قاله أبو عبيد في غريب الحديث (2/ 192) وعنه نقله ابن الجوزى في غريب الحديث (1/ 261).
(5)
انظر: المجموع (2/ 75)، والنجم الوهاج (1/ 296).
وإنما خص بذلك حال الخلاء لأن الشياطين يحضرون في الأخلية وهي مواضع يحرم فيها ذكر اللّه فقدم لها الاستعاذة احترازًا منهم، وقد قال صلى الله عليه وسلم:"إن هذه الحشوش محتضرة، أي: يحضرها الشياطين، فإذا دخل أحدكم الخلاء فليتعوذ باللّه"
(1)
أ. هـ.
ومنها: أن يقول عند خروجه من الخلاء: غفرانك
(2)
، الحمد للّه الذي أذهب عني الأذى وعافاني، رواه ابن ماجة والنسائي
(3)
؛ وقال القاضي حسين والمحاملي وغيرهما: ويستحب تكرار غفرانك مرتين
(4)
؛ وروى الطبراني وابن السني عن ابن عمر كان رسول اللّه صلى الله عليه وسلم إذا خرج من الخلاء قال: "الحمد للّه الذي أذاقني لذته وأبقى في قوته وأذهب عني أذاه"
(5)
.
(1)
أعلام السنن (1/ 237)، والكواكب الدراري (2/ 184 - 185). وآخرجه ابن ماجة (296)، وأبو داود (6). وصححه الألباني في الصحيحة (1070).
(2)
أخرجه ابن ماجة (300)، وأبو داود (30)، والترمذي (7)، والنسائي في الكبرى (9824)، وابن خزيمة (90)، وابن حبان (1444) عن عائشة. وصححه الألباني في الإرواء (52)، المشكاة (356)، صحيح أبي داود (22).
(3)
أخرجه ابن ماجة (301) عن أنس، والنسائي في الكبرى (9825 و 9826 و 9827) عن أبي ذر. وقال النووي في المجموع 2/ 75: وإسناده مضطرب غير قوي. وضعفه الألباني في المشكاة (374)، الإرواء (53).
(4)
النجم الوهاج (1/ 297).
(5)
أخرجه الطبراني في الدعاء (370)، وابن السنى في اليوم والليلة (25) عن ابن عمر. وقال ابن حجر في نتائج الأفكار (1/ 219): هذا حديث غريب. وضعفه الألباني في الضعيفة (4187) و (4189).
وفي مصنفي ابن أبي شيبة وعبد الرزاق أن نوحًا عليه السلام كان يقول: الحمد للّه الذي أذاقني لذته وأبقى معي منفعته وأذهب عني أذاه، وكان صلى الله عليه وسلم إذا أكل قال:"الحمد اللّه"، وإذا شرب قال:"الحمد للّه" وإذا ركب قال: "الحمد للّه" وإذا اكتسى قال: "الحمد للّه"، وإذا احتذى قال:"الحمد للّه" فوصفه اللّه بالشكر فقال: {إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا}
(1)
(2)
.
قوله في الحديث: "غفرانك" بنصب النون أي أسألك غفرانك وهو منصوب بإضمار الطلب، والغفران: الستر، وفي معنى تعقيب الخروج بالاستغفار قولان، أحدهما: أنه سأل المسامحة لترك الذكر في تلك الحالة، والثاني: معناه طلب نعمائه عليه بتسهيل خروج الأذي، وأن لا يحبسه ائلا يقضي إلى شهوته وانكسار عورته، وقال بعضهم أيضًا: وفي تخصيصه بذلك قولان، أحدهما: التوبة من تقصيره في شكر النعمة التي أنعم بها عليه من إطعامه وهضمه وتسهيل مخرجه فلجأ إلى الاستغفار من التقصير، والثاني: أنه استغفر من مده تركه ذكر اللّه تعالى مدّة لبثه على الخلاء فإنه كان لا يترك ذكر اللّه تعالى بلسانه أو قلبه إلا عند قضاء الحاجة فكأنه رأى ذلك تقصيرًا
(1)
سورة الإسراء، الآية:3.
(2)
أخرجه ابن المبارك في الزهد (941)، وابن أبي الدنيا في الشكر (206)، والطبرى في التفسير (14/ 453) والبيهقي في الشعب (6/ 270 رقم 4157) عن مجاهد. وأخرجه المحاملي في الأمالى (68) عن سلمان. وآخرجه ابن أبي شيبة في المُصَنِّف 1/ 12 (9) و 6/ 114 (29906) عن العوام بن حوشب. وأخرجه عبد الرزاق في التفسير (1539)، والطبرى في التفسير (14/ 454) عن قتادة.
فتداركه بالاستغفار
(1)
، واللّه أعلم.
قوله: أذهب عني الأذي، والأذى: لفظ جامع لأشياء تؤذي لأنه قذر منتن، ومن سبيل مكروه
(2)
.
قوله: وعافاني، العافية: دفاع اللّه تعالى عن العبد، فمعنى عافني أي من احتباسه أو من نزول الأمعاء معه
(3)
، واللّه أعلم.
ومنها: الاستنجاء، قال العُلماء: والاستنجاء واجب من البول والغائط، والأفضل: أن يجمع بين الماء والحجر لأن اللّه تعالى مدح أهل قباء على ذلك فأنزل في ذلك قوله تعالى: {فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا}
(4)
الآية، قال الشعبي: لما نزلت هذه الآية قال النبي صلى الله عليه وسلم: "يا أهل قبلتنا هذا الماء الذي أثنى اللّه عليكم" قالوا: ما منا أحد إلا وهو يستنجي بالماء؛ وفي رواية: فسألهم رسول اللّه صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقالوا: كنا نتبع الحجارة الماء
(5)
، ولأن العين تزول
(1)
انظر شأن الدعاء (ص 141)، ومعالم السنن (1/ 22 - 23)، والنهاية (3/ 373)، والميسر (1/ 138)، وتهذيب الأسماء واللغات (4/ 61 - 62)، وكفاية النبيه (1/ 436).
(2)
النجم الوهاج (1/ 297).
(3)
النجم الوهاج (1/ 297).
(4)
سورة التوبة، الآية:108.
(5)
أخرجه البزار كما في كشف الأستار (247) عن ابن عباس. قال البزار: لا نعلم رواه عن الزهري إلا محمد بن عبد العزيز، ولا عنه إلا ابنه. وقال الهيثمي في المجمع 1/ 212: رواه البزار، وفيه محمد بن عبد العزيز بن عمر الزهري، ضعفه البخاري والنسائي وغيرهما، وهو الذي أشار بجلد مالك. وقال ابن حجر في التلخيص الحبير 1/ 323: ومحمد بن عبد العزيز ضعفه أبو حاتم فقال: ليس له ولا لأخويه عمران وعبد اللّه حديث مستقيم وعبد الله بن شبيب ضعيف أيضًا. وضعفه الألباني في الإرواء (1/ 83).
بالحجر والأثر بالماء فلا يخامر النجاسة، فإن أراد الاقتصار على أحدهما فالماء أفضل لأنه يزيل العين والأثر، والحجر لا يزيل إلا العين
(1)
.
قال العُلماء: وفي معنى الحجر كلّ جامد طاهر قالع غير محترم لحصول الغرض به سواء كان من خشب أو خزف أو حشيش أو نبات أو غيرها لأن التنصيص على الحجر خرج مخرج الغالب، واحترزنا بالجامد عن المائع، وبالطاهر عن النجس والمتنجس، واحترزنا بالقالع عن نحو الزجاج والقصب الأملسين فإنه يبسط النجاسة وعند ذلك يتعين الماء، واحترزنا بغير المحترم مما له حرمة وهو أنواع.
منها: ما كتب عليه شيء من العلم أو اسم معظم، وقال القاضي حسين: أوراق التوراة والإنجيل مما لا حرمة له لأنهما مبدلان، ومنها: المطعومات لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الاستنجاء بالعظم وقال: "إنه طعام إخوانكم الجن"
(2)
فإذا نهينا عن مطعومات الجن فمطعوم الإنس أولى، وقيل: إن أحرق العظم جاز الاستنجاء به.
وقال بعضهم: فيه وجهان صحح النووي وغيره المنع وما يؤكل من الفواكه رطبًا لا يابسًا كاليقطين لا يجوز الاستنجاء به برطبه، وكذلك كلّ ما يأكله الآدميون خصوصًا وما يشترك معهم فيه البهائم فإن كان أكل البهائم له
(1)
انظر: التنبيه (1/ 18)، والمهذب (1/ 57 - 58)، والمنهاج (1/ 11) والمجموع (2/ 94 و 98 - 99)، وكفاية النبيه (1/ 446 و 449 - 450)، وكفاية الأخيار (ص 31 - 32).
(2)
أخرجه مسلم (150 - 450)، والترمذي (18) و (3258).
أكثر جاز، وإن كان العكس فلا، وإن استويا فوجهان
(1)
.
تتمة: ذكر السهيلي
(2)
: في خروج النبي صلى الله عليه وسلم إلى الطائف قال: روينا في حديث شعبة يقرأه الحافظ أبي بكر بن العربي بسنده إلى جابر بن عبد اللّه قال: بينا أنا مع رسول اللّه صلى الله عليه وسلم مشى إذ جاءت حية فقامت إلى جنبه وأدنت فاها إلى أذنه كأنها تناجيه فقال صلى الله عليه وسلم: "نعم، فانصرفت" قال جابر: فسألته: فأخبرني أنه رجل من الجن وأنه قال: مر قومك ألا يستنجوا بالروث ولا بالرمة فإن اللّه سبحانه وتعالى جعل لنا في ذلك رزقًا.
قال ابن العربي
(3)
: وقد بينا في كتب الأصول أن الجن خلق من خلق اللّه تعالى يأكلون ويشربون وينكحون بإجماع من المسلمين ردا على الفلاسفة الذين ينكرون وجودهم وجهلوا حقائقهم بناء على أصولهم الفاسدة في أنهم بسائط غير مركبة، والملائكة إنما لم تأكل وتشرب لعادة أجراها فيهم لا بطبيعة خلقت لهم، انتهى.
ومنها: جزء الحيوان المتصل يمنع الاستنجاء به لحرمته، ويجوز الشيخان الاستنجاء بخشن الديباج مع الإثم لكن في تأييم المرأة بذلك نظر إلا أن يكون من جهة السرف
(4)
، انتهى.
(1)
انظر: المجموع (2/ 118 - 119)، والنجم الوهاج (1/ 302 - 304).
(2)
الروض الأنف (4/ 32).
(3)
المسالك (7/ 337)، وعارضة الأحوذي (1/ 428 - 429).
(4)
النجم الوهاج (1/ 304).
تتمة: واعلم أن لإجزاء الحجر شروطًا وهي: بقاء الخارج رطبًا، وأن لا ينتقل عن الموضع الذي حصل فيه عند الخروج، ولا يختلط به نجاسة أجنبية، فإن اختلط به نجاسة أجنبية أو انتقل عن المحل الذي صادفه وقت الخروج تعين الماء قطعًا، فلو استنجى بحجر ثم غسله وجف واستنجى به ثانيًا جاز، ومن الشروط: أن لا يجف لأنه إذا جف لا يزيله إلا الماء، وأفتى القفال والقاضي بأنه إذا قلعه كفى، واختاره الروياني، وبقية الشروط مذكورة في كتب الفقه، فمن أراد ذلك فليطلب مظانها
(1)
.
فروع: الاستنجاء بالتراب والفحم، نص الشافعي فيهما على الإجزاء وعدمه، فقيل قولان مطلقًا، والمذهب إن كان التراب منعقد كالمدر والفحم صح وإلا فلا، قال القاضي حسين: فإن جوزناه بالتراب احتاج أن يستنجي أربع مرات لأن التراب في الأولى التصق بالمحل وفي الثانية تناثر عنه وفي الثالثة يلتصق بالمحل فيحتاج إلى رابعة ويندب خامسة للإيتار، وإن منعناه ففعل تعين الماء، وكذا الفحم المتفتت، انتهى، قاله الكمال الدميري
(2)
.
والثاني: لا يجب الاستنجاء على الفور بل يجوز تأخيره عن
(1)
النجم الوهاج (1/ 305) وأتم الكلام في الشروط فقال: قال: (ولا يطرأ أجنبي) أي: نجس أجنبي كما لو استنجى بشيء نجس، فإن استنجى بحجر ثم غسله وجف واستنجى به ثانيًا .. جاز. قال:(فلو ندر أو انتشر فوق العادة) المراد: عادة غالب الناس، وقيل: عادة نفسه. قال: (ولم يجاوز صفحته) إن كان غائطا (وحشفته) إن كان بولا ( .. جاز الحجر في الأظهر).
(2)
النجم الوهاج (1/ 304).
الوضوء في الأضح بشرط أن لا يمس شيئًا ناقضًا، والأفضل تقديمه على الوضوء اقتداء برسول اللّه صلى الله عليه وسلم، وللخروج من الخلاف فإن بعض العُلماء اشترط تقديمه وهو الإمام أحمد بن حنبل وهو قول لنا، وأما تأخيره عن التيمم فلا يجوز على الأصح لأن التيمم موضوع لاستباحة الصلاة ولا استباحة مع وجود النجاسة
(1)
، واللّه أعلم.
الثالث: ويسن أن ينضح فرجه وداخل سراويله وإزاره بعد الاستنجاء دفعا للوسواس، وقال في الإحياء: يقول بعد الفراغ من الاستنجاء: اللهم طهر قلبي من النفاق وحصن فرجي من الفواحش
(2)
، انتهى.
فائدة: يستحب أن يبدأ في الاستنجاء بالماء بالقبل وبغيره بالدبر، ويعتمد المستنجي في اليد على الأصبع الوسطى وفي استحباب شم اليد بعد الاستنجاء وجهان، قال الماوردي: يبنى ذلك ما لو شمها فأدرك فيها رائحة النجاسة هل يكون ذلك دليلًا على نجاسة المحل، وقد شرح في زوائد الروضة بنجاسة اليد دون المحل وهو مشكل، انتهى، قاله الكمال الدميري
(3)
.
فائدة: من الآداب أن يطلب موضعًا لينًا للبول، فإن كانت الأرض صلبة حكمها بشيء أو ضربها برجله حتى تلين وأن لا يبصق على الخارج منه ولا
(1)
النجم الوهاج (1/ 300).
(2)
النجم الوهاج (1/ 310).
(3)
النجم الوهاج (1/ 295 و 309 - 310).
ينظر إليه ولا إلى فرجه وأن لا يدخل الخلاء حافيًا ولا مكشوف الرأس ولا ينظر إلى السماء ولا يلتفت ولا يعبث بيده ولا يستاك، فإن ذلك يورث النسيان؛ ونقل في البحر عن بعض الأصحاب: أنه يكره أن يقول أهرقت الماء لقوله صلى الله عليه وسلم: "لا يقل أحدكم أهرقت الماء ولكن ليقل بُلتُ"
(1)
والحديث رأيته سندًا في تاريخ ابن النجار وغيره، قاله الدميري في شرحه
(2)
، والله اعلم.
(1)
أخرجه الطبراني في الكبير (22/ 62 رقم 150) والشاميين (3399) عن واثلة بن الأسقع. وقال الهيثمي في المجمع 1/ 210: رواه الطبراني في الكبير، وفيه عنبسة بن عبد الرحمن بن عنبسة، وقد أجمعوا على ضعفه.
(2)
النجم الوهاج (1/ 298 - 299).