المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الترغيب في السواك وما جاء في فضله - فتح القريب المجيب على الترغيب والترهيب - جـ ٢

[حسن بن علي الفيومي]

فهرس الكتاب

- ‌الترغيب في مجالسة العُلماء

- ‌الترغيب بها إكراه العُلماء وإجلالهم وتوقيرهم والترهيب من إضاعتهم وعدم المبالاة بهم

- ‌[الترهيب من تعلم العلم لغير وجه اللّه تعالى]

- ‌الترغيب في نشر العلم والدلالة على الخير

- ‌فصل

- ‌الترهيب من كتم العلم

- ‌الترهيب من أن يعلم ولا يعمل بعلمه، ولقول ما لا يفعله

- ‌الترهيب من الدعوى في العلم والقرآن

- ‌الترهيب من المراء والجدال - وهو: المخاصمة والمحاججة وطلب القهر والغلبة - والترغيب في تركه للمحق والمبطل

- ‌كتاب الطَّهَارَة

- ‌التَّرْهِيب من التخلي على طرق النَّاس أَو ظلهم أَو مواردهم وَالتَّرْغِيب فِي الانحراف عَن اسْتِقْبَال الْقبْلَة واستدبارها

- ‌التَّرْهِيب من التخلي على طرق النَّاس أَو ظلهم أَو مواردهم

- ‌الترهيب من البول في الماء والمغتسل والحجر

- ‌الترهيب من الكلام على الخلاء

- ‌الترهيب من إصابة البول الثوب وغيره وعدم الاستنزاه منه

- ‌التَّرْهِيب من دُخول الرِّجَال الْحمام بِغَيْر أزر وَمن دُخُول النِّسَاء بأزر وَغَيرهَا إِلَّا نفسَاء أَو مَرِيضَة وَمَا جَاءَ فِي النَّهي عَن ذَلِك

- ‌الترهيب من تأخير الغسل لغير عذر

- ‌الترغيب في الوضوء وإسباغه

- ‌نواقض الوضوء على مذهب الإمام الشافعي:

- ‌نواقض الوضوء على مذهب الإمام أحمد بن حنبل:

- ‌الترغيب في المحافظة على الوضوء وتجديده

- ‌الترهيب من ترك التسمية على الوضوء عمدًا

- ‌الترغيب في السواك وما جاء في فضله

- ‌الترغيب في تخليل الأصابع والترهيب من تركه وترك الإسباغ إذا خلا شيء من القدر الواجب

- ‌الترغيب في كلمات يقولهن بعد الوضوء

- ‌الترغيب في ركعتين بعد الوضوء

- ‌[كتاب الصلاة]

- ‌[الترغيب في الأذان وما جاء في فضله]

- ‌[الترغيب في إجابة المؤذن وماذا يجيبه وما يقول بعد الأذان]

- ‌الترغيب في الإقامة

- ‌[الترهيب من الخروج من المسجد بعد الأذان لغير عذر]

- ‌[الترغيب في الدعاء بين الأذان والإقامة]

- ‌[الترغيب في بناء المساجد في الأمكنة المحتاجة إليها]

الفصل: ‌الترغيب في السواك وما جاء في فضله

‌الترغيب في السواك وما جاء في فضله

السواك وهو في اللغة مشتق من ساك إذا دلك وقيل من التساوك بمعنى التمايل يقال جاءت الإبل تساوك إذا كانت أعناقها تضطرب من الهزال، السواك بكسر السين والمسواك في اصطلاح العلماء اسم للخشبة التي توضع على الأسنان لإزالة القلح والوسخ وهو صفرة الأسنان وجمعه سوك ككتاب وكتب ويقال ساك فاه يسوكه إذا دلكه بالسواك ولفظه مأخوذ من ذلك، ما أحسن ما قاله محمد بن مكرم الأنصاري الضرير:

بالله إن جزت بوادي الأراك

وقبلت أغصانه الخضر فاك

فابعث إلى الملك من بعضها

فإنني والله ما لي سواك

(1)

وما أحسن قول الآخر:

طلبت منك سواك

وما طلبت سواك

وما أردت أراك

لكن أردت أراك

(2)

319 -

عَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ "لَوْلا أَن أشق على أمتِي لأمرتهم بِالسِّوَاكِ مَعَ كل صَلَاة" رَوَاهُ البُخَارِيّ وَاللَّفْظ لَهُ وَمُسلم إِلَّا أَنه قَالَ عِنْد كل صَلَاة، وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه وَابْن حبَان فِي صَحِيحه إِلَّا أَنه قَالَ مَعَ

(1)

فوات الوفيات 5/ 38

(2)

المجموع (1/ 269 - 270) وتهذيب الأسماء واللغات (3/ 157 - 158) وشرح النووى على مسلم (3/ 142)، وشرح الإلمام (3/ 12)، وكفاية النبيه (1/ 235)، والنجم الوهاج (1/ 336).

ص: 440

الْوضُوء عِنْد كل صَلَاة وَرَوَاهُ أَحْمد وَابْن خُزَيْمَة فِي صَحِيحه وَعِنْدَهُمَا لأمرتهم بِالسِّوَاكِ مَعَ كل وضوء

(1)

.

قوله: عن أبي هريرة تقدم.

قوله صلى الله عليه وسلم "لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة" فقوله: "لولا أن أشق على أمتي" أي أصعب وله ألفاظ منها لولا أن أشق على أمتي، ومنها لولا أن يشق ومنها لولا أن أشق على المؤمنين أو على أمتي

(2)

ومنها على الناس أو على أمتي

(3)

وهذا كله في الصحيح وأما الأمة فالمراد بها كل جماعة يجمعهم أمر ما إما دين واحد أو مكان واحد أو زمان واحد قاله الراغب

(4)

.

وأما قوله صلى الله عليه وسلم "لأمرتهم بالسواك مع كل صلاة" رواه البخاري ورواية مسلم عند كل صلاة لفظة مع أخص من عند، فأما في الوضوء فيستاك في

(1)

أخرجه أحمد 1/ 80 (607) و 1/ 120 (967) و 2/ 245 (7339) و 2/ 250 (7412) و 2/ 287 (7853) و 2/ 399 (9179) و 2/ 400 (9194) و 2/ 429 (9549) و 2/ 433 (9591) و 2/ 460 (9928) و 2/ 509 (10618) و 2/ 517 (10696) و 2/ 531 (10868)، والبخارى (887) و (7240)، ومسلم (42 - 252)، وابن ماجه (287)، وأبو داود (46)، والترمذى (22)، والنسائى في المجتبى 1/ 219 (7) والكبرى (6 و 3219 و 3221 و 3222 و 3223 و 3225 و 3227 و 3228 و 3229 و 3230 و 3231)، وابن خزيمة (139) و (140).

(2)

صحيح مسلم (42 - 252).

(3)

صحيح البخاري (887).

(4)

المفردات في غريب القرآن (ص 86).

ص: 441

المضمضة فتصدق المعية وأما في الصلاة فهو قبيلها فعند مناسب لذلك والحديث يشمل النوافل وما يسمى صلاة ولو على الجنازة وكذلك سجود التلاوة وغيرها لكن تأكد للفرائض وهو الظاهر هنا لقوله صلى الله عليه وسلم "لفرضت عليهم السواك" وهل يستحب للطواف؟ لم أره منقولا وأما عند الصلاة المكروهة فإن قلنا بانعقادها فكذلك أيضًا وإلا فلا

(1)

وقيل ومحل السواك في الوضوء قبل التسمية وبه صرح الغزالي في الإحياء

(2)

والماوردي في الإقناع

(3)

وقال ابن الصلاح عند المضمضة

(4)

وصرح الرافعي بأنه قبلها

(5)

والله أعلم.

320 -

وَعَن عَليّ بن أبي طَالب رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم لَوْلا أَن أشق على أمتِي لأمرتهم بِالسِّوَاكِ مَعَ كل وضوء. رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي الأَوْسَط بِإِسْنَاد حسن

(6)

.

(1)

شرح الإلمام (3/ 118 - 119).

(2)

الإحياء (1/ 132).

(3)

الإقناع (ص 20).

(4)

شرح مشكل الوسيط (1/ 128).

(5)

الحاوى (1/ 132). وانظر لما سبق النجم الوهاج (1/ 335).

(6)

أخرجه عبد الله بن أحمد في زيادات المسند 1/ 80 (607) و 1/ 120 (968)، والدارمى (1526)، والبزار (477 و 478)، والطحاوى في معانى الآثار (228)، والطبراني في الأوسط (2/ 57 رقم 1238). قال البزار: وهذا الحديث قد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم من وجوه لا نعلمه يروى عن علي، عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا من هذا الوجه بهذا الإسناد. وقال الطبراني: لا يروى هذا الحديث عن علي إلا بهذا الإسناد، تفرد به: محمد بن إسحاق. =

ص: 442

قوله: عن علي بن أبي طالب تقدم الكلام على مناقبه.

قوله صلى الله عليه وسلم: "لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك" الحديث، قال النووي: واستدل الشافعي والجمهور على أن السواك سنة ليس بواجب قال الشافعي رحمه الله: لأنه لو كان واجبا لأمرهم به شق عليهم أو لم يشق

(1)

، وقد حكى بعض العلماء الإجماع على أنه لا يجب وعن إسحاق وداود وجوبه

(2)

وذكر القاضي أبو بكر بن العربي في العارضة عن إسحاق بن راهويه أنه واجب ومن تركه عمدا أعاد الصلاة وقال القاضي أبو بكر بن العربي أيضًا أما من افترضه فظاهر الأحاديث يبطل قوله

(3)

.

وأما القول بأنه سنة أو مستحب فمتقارب وكونه سنة أقوى

(4)

.

واعلم أن السنة في اللغة الطريقة وفي الشرع قيل ما يترجح فعله على تركه في نظر الشرع مع جواز تركه وقيل ما علم وجوبه أو ندبه بأمره صلى الله عليه وسلم وبإدامته عليه وقيل ما واظب عليه صلى الله عليه وسلم وما فعله مرة أو مرتين فهو مستحب وليس بسنة

(5)

.

= قال الهيثمي في المجمع 1/ 221: رواه الطبراني في الأوسط، وفيه ابن إسحاق، وهو ثقة مدلس، وقد صرح بالتحديث. وإسناده حسن. وقال الألباني: حسن صحيح صحيح الترغيب (206).

(1)

شرح النووى على مسلم (3/ 143).

(2)

شرح النووى على مسلم (3/ 142).

(3)

عارضة الأحوذى (2/ 7 - 8)، والمسالك (2/ 305).

(4)

عارضة الأحوذى (2/ 8)، والمسالك (2/ 305).

(5)

كفاية النبيه (1/ 241 - 242).

ص: 443

واعلم أن السواك له أربعة أحوال:

الأول: واجب إذا نذره وكان في حقه صلى الله عليه وسلم واجبا

(1)

.

الثاني: سنة تتأكد سنيته في مواضع عند القيام من النوم سواء أكان من نوم الليل أو نوم النهار وإذا قعد وإذا خرج إلى الصبح وعند الوضوء لكل عبادة وغير ذلك من الأحوال التي سنذكر

(2)

.

الثالث: مكروه وهو في ما بعد الزوال للصائم فرضا أو نفلا أي وإن أراد صلاة لقوله صلى الله عليه وسلم: "لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك" والخلوف بضم الخاء واللام رائحة فم الصائم إذا تغيرت من الجوع كانت عند الله أطيب من ريح المسك فلهذا كره السواك لانتفاء فائدته وحصول معناه، قال أبو عيسى الترمذي في جامعه: ولم ير الشافعي بالسواك بأسا أول النهار ولا آخره، والاختيار من جهة الحديث صحيح لم يكره مطلقا في وقت من الأوقات واختلف العلماء في السواك للصائم بعد الزوال فمذهب الإمام أحمد أنه لا يكره في وقت من الأوقات وقال ابن عقيل: لا يختلف المذهب أنه لا يستحب السواك للصائم بعد الزوال ومذهب أبي حنيفة أنه لا يكره في وقت من الأوقات على أي حال كان وهو مذهب مالك رحمه الله

(3)

.

الرابع: حرام وصورته فمن علم من عادته أنه متى تسوك دمى فمه وليس

(1)

تحفة السلاك (ص 16).

(2)

تحفة السلاك (ص 16).

(3)

تحفة السلاك (ص 16 - 17).

ص: 444

عنده ما يغسله به وضاق الوقت

(1)

.

وأما ما يستاك به فعلى ثلاثة أقسام قسم حرم وهو كل عود عليه سم أو هو سم وقسم مكروه وهو أعواد الرياحين فعن ضمرة بن حبيب قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن السواك بعود الرياحين

(2)

وقال إنه يحرك عرق الجذام ويكره بقضبان الرمان للضرر فعن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال "من تخلل بالرمان لم تنزل عليه الرحمة سبعين يومًا ومن تخلل بالتين لم يستجب دعاؤه ستين يومًا"

(3)

وذكر الآس والقصب وخشب العصفر وخشب المكنسة والورد قال الشيخ الإمام الصالح ابن حسون: وإنما ذكرت هذه الأحاديث وإن كان هذه الأحاديث لغرابتها وان كان فيها مقال وقسم سنة وهو ما عدا ذلك قال أصحاب الشافعي: كان أكثر استياك النبي صلى الله عليه وسلم بالآراك لطيب رائحته وخشونته وهو الأفضل وفي معجم ابن قانع أن النبي صلى الله عليه وسلم قال "استاكوا بالآراك فإن تعذر فبعراجين النخل"

(4)

لأن آخر سواك استاك به النبي صلى الله عليه وسلم عسيب النخل، وفي الآراك خصلتان حسنتان تطيب الفم وحسن الإزالة فإن لم يوجد الآراك فبما يشبهه مثل عرجون النخل وجريده وبه

(1)

تحفة السلاك (ص 16 - 17).

(2)

أخرجه أبي شيبة في مصنفه، 5/ 325 (26548). وقال ابن حجر: وهذا مرسل، وضعيف أيضًا، التلخيص الحبير (1/ 72).

(3)

لم أجده.

(4)

لم أجده.

ص: 445

استاك النبي صلى الله عليه وسلم عند موته وكل عود يابس قد ندى بالماء وأما ريحه طيب أيضًا كالسعد وغيره، وروى الطبراني وغيره في معجمه الأوسط عن معاذ بن جبل قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "نعم السواك الزيتون من شجرة مباركة، يطيب الفم، ويذهب بالحفر هو سواكي، وسواك الأنبياء قبلي"

(1)

.

فروع: الأول قال الجويني: ينبغي أن يستاك عند كل صلاة وطهارة فإن أخطأه ذلك ففي اليوم والليلة مرة وينبغي أن ينوي بالسواك الإتيان بالسنة كما ينبغي أن ينوي بالجماع النسل وإن كان المقصود يحصل بدون نية، وينبغي أن يعود الصبي السواك ليألفه وأن يغسل السواك إذا أراد استخدام السواك ثانيًا

(2)

.

الثاني: يسن الاستياك باليمين لحديث ورد فيه في أبي داود فاستفده

(3)

، وفي شرح المهذب والأذكار والمطلب أنه يستحب أن يكون السواك باليد اليمنى لأنه أمكن وهو عبادة وبه أجاب الشيخ شرف الدين البارزي، وفي كتاب نوادر الأصول أنه باليسار فعل الشيطان، وفي أمالي ابن عبد السلام أن القرب جميعها أصلها أن تكون باليمين، ورأيت بخط العلامة الشيخ شمس الدين

(1)

تحفة السلاك (17 - 18). والحديث أخرجه الطبراني في الأوسط (1/ 210 رقم 687) والشاميين (46)، وأبو نعيم في الطب (686). وقال الهيثمي في المجمع 2/ 100: رواه الطبراني في الأوسط، وفيه: معلل بن محمد، ولم أجد من ذكره. وقال الألباني: موضوع الضعيفة (5360).

(2)

النجم الوهاج (1/ 341).

(3)

هادى النبيه (لوحة 7).

ص: 446

بن عجلان في شرحه على المختصر ما لفظه الذي تحرر لي من كلام الأصحاب أن السواك إن كان المقصود به إزالة القلح فباليسار وإن كان المقصود به العبادة فباليمين وهو فقه حسن والمنقول [وعن الإمام أحمد:] أنه يستاك باليد اليسرى لأنه إزالة مستقذر فكان كالحجر في الاستنجاء قاله الدميرى في شرحه

(1)

.

الثالث: لا بأس بالخلال قبل السواك وبعده وذكر ابن يونس في النبيه مختصر التنبيه: هذا إن تخليل الأسنان سنة وسبقه إلى ذلك الصيمري في الكفاية والغزالي في الإحياء ودليل ذلك ما رواه الطبراني من حديث أبي أيوب الأنصاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "حبذا المتخللون من أمتي" قالوا وما المتخللون يا رسول الله؟ "قال المتخللون في الوضوء والمتخللون من الطعام"

(2)

وسيأتي الكلام على هذا الحديث

(3)

.

321 -

وَعَن زَيْنَب بنت جحش رضي الله عنها قَالَت سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول لَوْلا أَن أشق على أمتِي لأمرتهم بِالسِّوَاكِ عِنْد كل صَلَاة كَمَا يتوضؤون" رَوَاهُ أَحْمد بِإِسْنَاد جيد

(4)

وَرَوَاهُ الْبَزَّار وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير من

(1)

النجم الوهاج (1/ 339).

(2)

هادى النبيه (لوحة 7).

(3)

انظر الحديث الأول في الباب القادم.

(4)

أخرجه أحمد 6/ 429 (27415). وقال الهيثمي في المجمع 2/ 97: رواه أحمد ورجاله ثقات. وحسنه الألباني في صحيح الترغيب (207).

ص: 447

حَدِيث الْعَبَّاس بن عبد الْمطلب وَلَفظه لَوْلا أَن أشق على أمتِي لفرضت عَلَيْهِم السِّوَاك عِنْد كل صَلَاة كمَا فرضت عَلَيْهِم الْوضُوء

(1)

وَرَوَاهُ أَبُو يعلى بِنَحْوِهِ وَزَاد فِيهِ وَقَالَت عَائِشَة رضي الله عنها وَمَا زَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم يذكر السِّوَاك حَتَّى خشيت أَن ينزل فِيهِ قُرْآن

(2)

.

قوله: عن زينب بنت جحش، قال أبو الفرج ابن الجوزي: زينب اسم أمها أميمة بنت عبد المطلب عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم

(3)

، كانت رضي الله عنها من المهاجرات الأول، قالت زينب: خطبني عدة رجال من قريش فأرسلت أختي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تستشيره فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أين هي ممن يعلمها كتاب ربها وسنة نبيها" قالت: من هو يا رسول الله؟ قال: "زيد بن

(1)

أخرجه ابن خياط في مسنده (40)، والبزار كما في كشف الأستار (498)، وأبو يعلى (6710)، والبغوى في معجم الصحابة (245)، والطبراني في جامع المسانيد (5892) من طريقين، والحاكم (1/ 146)، وأبو نعيم في الطب (210)، والضياء في المختارة 8/ 393 - 395 (486 و 487). قال البزار: لا نعلمه بهذا اللفظ عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا عن العباس بهذا الإسناد، وروى تمام، عن أبيه حديثا آخر.

وقال الهيثمي في المجمع 1/ 321 و 2/ 97 - 98: رواه أبو يعلى والبزار والطبراني في الكبير، وفيه أبو علي الصيقل قال ابن السكن وغيره: مجهول. وصححه الألباني في صحيح الترغيب (208).

(2)

أخرجه أبو يعلى (6710) ومن طريقه الضياء في المختارة 8/ 393 - 394 (486). قال الهيثمي في المجمع 1/ 221 و 2/ 98: فيه أبو علي الصيقل، قال ابن السكن وغيره: مجهول. وضعفه الألباني في ضعيف الترغيب (141).

(3)

المنتظم (3/ 225)، وكشف المشكل (4/ 439).

ص: 448

حارثة" قال: فغضبت أختها غضبًا شديدًا، وقالت: يا رسول الله أتزوج ابنة عمتك بمولاك، قالت زينب: وجائتني فأعلمتني فغضبت أشد من غضبها وقلت أشد من قولها، فأنزل الله عز وجل:{وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ}

(1)

قالت: فأرسلت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: إني أستغفر الله وأطيع الله ورسوله أفعل يا رسول الله ما رأيت، قالت: فزوجني زيد فكنت أرد عليه فشكاني إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أمسك عليك زوجك واتق الله" فقال: يا رسول الله إني أطلقها، قالت: فطلقني فلما انقضت عدتي لم أعلم إلا ورسول الله صلى الله عليه وسلم قد دخل علي بيتي وأنا مكشوفة الشعر فعلمت أنه أمر من السماء فقلت: يا رسول الله بلا خطبة ولا إشهاد، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"الله هو المزوج وجبريل الشاهد"

(2)

قال أنس بن مالك: كانت زينب تفتخر على نساء النبي صلى الله عليه وسلم وتقول: زوجكن أهاليكن وزوجني الله من السماء

(3)

، وأطعم النبي صلى الله عليه وسلم حين بنى عليها خبزًا ولحمًا

(4)

، والله أعلم.

قوله صلى الله عليه وسلم: "لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك" الحديث، أي: لولا

(1)

سورة الأحزاب، الآية:36.

(2)

أخرجه الطبراني في الكبير (24/ 39 رقم 109). وقال الهيثمي في المجمع 9/ 274: رواه الطبراني، وفيه حفص بن سليمان، وهو متروك، وفيه توثيق لين.

(3)

أخرجه ابن سعد في الطبقات (8/ 103) والبخارى (7420)، والترمذى (3213)، والطبراني في الكبير (24/ 39 رقم 107).

(4)

أخرجه البخاري (4794) و (7421)، ومسلم (87 - 1365) و (91 - 1428) عن أنس.

ص: 449

أن أثقل عليهم من المشقة وهي الشدة

(1)

، اعلم أن كلمة لولا تدل على انتفاء المستثنى لوجود غيره، فتدل ههنا على انتفاء الأمر بالسواك لوجود المشقة

(2)

، ففيه بيان على ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم من الرفق بأمته

(3)

، وفيه دليل على أن الأمر يكون للوجوب

(4)

، وعليه نص الشافعي رحمه الله في الأم أن الراوي إذا قال أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم حمل على الوجوب.

وقوله: "لأمرتهم" قال الشيخ يستدل به من يرى أن النبي صلى الله عليه وسلم كان له أن يحكم باجتهاده

(5)

، وعباره بعضهم أيضًا، وفيه دليل على جواز الاجتهاد للنبي صلى الله عليه وسلم فيما لم يرد فيه نص من الله تعالى وهذا مذهب أكثر الفقهاء وأصحاب الأصول وهو الصحيح المختار

(6)

، ولا يتوقف حكمه على النص، وهذا فيه نظر، قال الجمهور: إن الله أمره أن يأمر أمته ويوجب عليها ما يحرج فيه ولا يوجب عليها ما فيه حرج، وحمل الحديث على ذلك أولى من حمله على الاجتهاد لأنه حمل على النص، وفيه دليل على أن السواك يتأكد استحبابه عند كل صلاة، وأنه لو صلى ركعتين ثم ركعتين ولم يطل الزمان استحب أن يستاك عند كل افتتاح ركعتين وهو كذلك كما قاله

(1)

النهاية (2/ 491).

(2)

إحكام الأحكام (1/ 107).

(3)

شرح النووى على مسلم (3/ 144)، وشرح الإلمام (3/ 111).

(4)

شرح النووى على مسلم (3/ 143)، وشرح الإلمام (3/ 106).

(5)

إحكام الأحكام (1/ 107).

(6)

شرح النووى على مسلم (3/ 144)، وشرح الإلمام (3/ 109).

ص: 450

النووي

(1)

، ولا يجب السواك إلا في صور، الأولى: إذا أمر الزوج زوجته بالسواك وجب؛ الثانية: إذا أمر السيد به عبده أو أمته وجب؛ الثالثة: إذا أكل ثوما أو بصلا يوم الجمعة وأمكنه إزالته بالسواك وجب.

الرابعة: لحضور صلاة الجمعة قاله القمولي في الجواهر

(2)

والله أعلم، فيستحب السواك عند كل صلاة فرضًا كانت أو نفلًا والمراد أنه يتأكد في هذه الحالة وإن لم يكن الفم متغيرًا

(3)

وعند صلاة الجنازة والطواف والعيدين والكسوفين والاستسقاء والتراويح والوتر والسنن الرواتب وما أشبه ذلك لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "أمرتهم بالسواك عند كل صلاة" قال النووي رحمه الله: وأطلق وذكر السواك في أحاديث الباب مطلقا وهو يقتضي استحبابه مطلقا وهو كذلك وإنما يتأكد في أحوال منها عند الوضوء ومنها عند إرادة الصلاة سواء كان متطهرًا بماء أو تراب أو غير متطهر كمن لم يجد الماء ولا التراب ومنها عند الاستيقاظ من النوم ("كان صلى الله عليه وسلم إذا قام من النوم يشوص فاه بالسواك"

(4)

والفم يتغير بالنوم غالبًا لأجل طبق الفم وانحباس الأبخرة والله أعلم) ومنها عند قراءة القرآن كما جزم به الرافعي ومنها عند تغير الفم سواء كان فيه تغير الرائحة أو تغير اللون كصفرة الأسنان كما ذكره الرافعي، ومنها: عند الأزم وهو الإمساك عند الأكل والشرب يقال: "نعم الدواء الأزم"،

(1)

المجموع (1/ 274).

(2)

هو كتاب جواهر البحر المحيط.

(3)

المجموع (1/ 273 - 274)، والنجم الوهاج (1/ 339 - 340).

(4)

أخرجه البخاري (245) و (889) و (1136)، ومسلم (46 - 255) عن حذيفة.

ص: 451

وقيل: فرط الجوع، ومنها: السكوت وأصله إمساك الأسنان بعضها على بعض، ومنها: كثرة الكلام وألحقه الماوردي بأكل كريه الرائحة، ومنها: أكل ما له رائحة كريهة كالثوم والبصل ونحو ذلك فيحصل تغير الفم بهذه الأشياء، ومنها: عند دخول المنزل كما جزم به النووي من زوائده في الروضة، ومنها: عدم الانصراف من صلاة الليل كما رواه ابن ماجه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي من الليل ركعتين ركعتين ثم ينصرف فيستاك

(1)

، انتهى

(2)

.

فرع: قال الشيخ العلامة شمس الدين ابن حسون: وينبغي استحبابه أيضًا لسجود التلاوة وسجدة الشكر

(3)

كما تقدم، ولا يكتفي بالسواك للفريضة في تحصيل سنة السواك للنافلة والله أعلم.

فرع آخر: قال الصميري من أصحاب الشافعي: ويستحب أن يعود به الصبيان ليعتادوه كسائر الفرائض والمسنونات

(4)

.

تنبيه: ويستحب أن يكون السواك بعود من أراك وبأي شيء استاك به مما يزيل التغير حصل السواك كالخرقة والخشبة والسعد والأشنان، وأما الأصبع فإن كانت لينة لم يحصل بها السواك، وإن كان خشنة ففيها ثلاثة أوجه،

(1)

أخرجه ابن ماجه (288) عن ابن عباس. صححه الألباني في صحيح الترغيب (212).

(2)

انظر المجموع (1/ 272 - 274)، وشرح النووى على مسلم (3/ 142 - 143)، وكفاية النبيه (1/ 240 - 241)، والعدة (1/ 147)، والإعلام (1/ 561)، وطرح التثريب (2/ 66 - 67).

(3)

غاية البيان (1/ 38).

(4)

البيان (1/ 93).

ص: 452

أصحها لا تجزيء، وقيل: يجزئ، والثالث: تجزئ إن لم يجد غيرها، ولا تجزئ إن وجد، والمستحب أن يستاك بعود متوسط لا شديد ليس يجرح ولا رطب لا يزيل ولا بأس باستعمال سواك غيره بإذنه، وقال الترمذى الحكيم: يكره أن يستاك بسواك غيره

(1)

، والله أعلم.

322 -

وَعَن عَائِشَة رضي الله عنها أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ السِّوَاك مطهرة للفم مرضاة للرب رَوَاهُ النَّسَائِيّ وَابْن خُزَيْمَة فِي صَحِيحَيْهِمَا وَرَوَاهُ البُخَارِيّ مُعَلّقا مَجْزُومًا وتعليقاته المجزومة صَحِيحَة

(2)

وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي الأوْسَط وَالْكَبِير من حَدِيث ابْن عَبَّاس وَزَاد فِيهِ ومجلاة لِلْبَصَرِ

(3)

.

قوله: عن عائشة، تقدم الكلام على مناقبها.

(1)

انظر: المجموع (1/ 280 - 283)، وكفاية النبيه (1/ 246 - 247)، والنجم الوهاج (1/ 341).

(2)

أخرجه البخاري معلقا (3/ 31)، والنسائى في المجتبى 1/ 217 (5) والكبرى (4)، وأبو يعلى (4569) و (4598)، وابن خزيمة (135)، وابن حبان (1067)، والطبراني في الأوسط (1/ 91 رقم 276).

(3)

أخرجه الطبراني في الأوسط (7/ 278 رقم 7496)، وابن عدى (3/ 507) ومن طريقه البيهقى في الشعب (4/ 281 رقم 2521). وقال الطبراني: لم يرو هذا الحديث عن بحر السقاء إلا الحارث بن مسلم. وصححه الألباني في صحيح الترغيب (209)، والمشكاة (381)، والإرواء (65).

قال البيهقى: وهو مما تفرد به الخليل بن مرة وليس بالقوي في الحديث. وقال العراقي في طرح التثريب (2/ 63): والحديث لا يصح. وقال الهيثمي في المجمع 1/ 220: رواه الطبراني في الأوسط والكبير بنحوه، وفيه بحر بن كنيز السقاء، وقد أجمعوا على ضعفه. وضعفه الألباني في الضعيفة (5276).

ص: 453

قوله: "السواك مطهرة للفم مرضاة للرب" ورواه الطبراني وزاد فيه: "ومجلاة للبصر" الحديث، ويجوز في "مطهرة" فتح الميم وكسرها أي يطهر الفم ومطهرة كقولهم الولد مجبنة مجهلة مبخلة ومطهرة مصدر والهاء للمبالغة

(1)

، قال أبو أسامة: السواك مكنسة الفم، ومعناه: أن الإنسان إذا لم يستك نخرفوه، فالسواك ينظفه ويطيبه، وهي مفعلة من الطهارة بفتح الميم، قال ابن الصلاح: يجوز فتح الميم وكسرها

(2)

كما تقدم، وله معنيان أحدهما: أن يكون من باب قولهم: أرض مأسدة ومذأبة إذا كانت مأوى الأسود والذئاب والمعنى: خليق بالطهارة جدير بها لكثرة وجودها عنده؛ والثاني: من قولهم المطهرة بكسر الميم وفتحها الإداوة، قال الجوهري: والفتح أعلى

(3)

أي السواك بمنزلة الإداوة في كونها مسببا للطهارة لأنها مرصدة لذلك فيكون محصلا للمعنى المطلوب من طهارته مما يحصل فيه من القلح وغير ذلك.

قوله: "والفم" يستعمل بالميم إذا كان مفردًا تقول: هذا فم حسن، فإن كان مضافًا استعمل بالواو والألف والياء تقول: هذا فوك، ولا يجوز حينئذ بالميم إلا على قلة، قال الشيخ: مفتوح الفاء مخفف الميم هو اللغة الكثرى الفصحى، وقد حكي في الفاء الضم والكسر، وحكي في الميم الشديد

(4)

.

(1)

جمهرة اللغة (2/ 857)، وتهذيب اللغة (10/ 173 - 174)، والمجموع (1/ 268) وتهذيب اللغة (3/ 157).

(2)

شرح مشكل الوسيط (1/ 143).

(3)

الصحاح للجوهري (2/ 727).

(4)

شرح الإلمام (3/ 14).

ص: 454

قوله: "مرضاة للرب" مرضاة مفعلة من الرضى ضد السخط أي جدير وخليق برضا الرب تعالى والمرضاة والرضا بمعنى واحد وهو مجاز إذ نفس السواك ليس هو نفس الرضا ولكنه محله

(1)

، وإنما حصل السواك بمرضاة الرب تبارك وتعالى لأمور منها: إنه يطيب النكهة لتلاوة القرآن وللذكر، وقد جاء في الحديث:"طيبوا أفواهكم للقرآن"

(2)

وأن الملك يضع فاه على فيه إذا قرأ

(3)

، ولأن الدين النظافة والله يحبها، وربما دل ترك السواك على القذارة فيما عداه، فإذا غفل الإنسان عن أشرف ما فيه وهو وجهه لم ينظفه وهو ظاهر فما خفي بطريق الأولى

(4)

، وأيضًا فإنه لعلو مرتبته جعل بدلًا عن الوضوء كمحل صلاة فإنه كان واجبًا في أول الإسلام ثم نسخ بالسواك لكل صلاة

(5)

، ففي مسند البزار كان يأمرنا بالوضوء لكل صلاة، فلما شق ذلك عليهم أمرهم بالسواك يعني لكل صلاة كما هو مذكور في أبي داود

(6)

فكأنه

(1)

المصدر السابق (3/ 24).

(2)

أخرجه البزار (603) عن على بن أبى طالب. وأخرجه البيهقى في الشعب (3/ 451 رقم 1940) عن سمرة. وقال البيهقى: غياث هذا مجهول. وصححه الألباني في الصحيحة (1213).

(3)

قاله ابن مفلح في الآداب (2/ 383)، والعينى كما في شرح السنن (1/ 164)

(4)

شرح الإلمام (3/ 28 - 29).

(5)

الإيجاز (ص 220)، وشرح المشكاة (3/ 805).

(6)

أخرجه أبو داود (2247)، والبزار (3378)، وابن خزيمة (138). وحسنه الألباني في المشكاة (426) وصحيح أبى داود (38).

ص: 455

أخذ حظا من الفرض لما أقيم مقامه من كونه يرضى الرب تبارك وتعالى

(1)

.

قوله: "للرب" تخصيصه بالذكر للمناسبة لأن الرب المصلح والمربي فناسب أن يصلح الإنسان من نفسه ما يشينها ويخرجها عن طريقة الإصلاح، ولا يقال الرب مطلقًا إلا لله تعالى المتكفل بمصلحة الموجودات بخلاف المضاف، وقد استدل بعضهم على وجوبه بهذا الحديث، قال: لأن في تركه إسخاط الرب، وذلك حرام، وأجاب أبو حامد الإسفرايني عن ذلك بأنه ليس كلما كان فيه الرب تعالى يكون في تركه سخطه كما في نفس الصلاة والصوم وغيرهما نعم هو مستحب أبدا اتفاقًا

(2)

، انتهى، قاله شارح الإلمام.

وقال الشيخ ولي الدين الملوي رحمه الله: وفي هذا الحديث أمران، أحدهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم مبين لمهمات الشريعة وما يخفى عن المكلف وكون السواك ينق الفم من رائحة كريهة وغيرها لا عقلا ولا حسا، والثاني: أن مرضاة الرب تبارك وتعالى أفضل ما يتفضل به على العبد، قال الله تعالى:{وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ} إلى قوله: {وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ}

(3)

وفي الجنة يقول الله تعالى لأهلها: "ألا أعطيكم أفضل من ذلك؟ " ثم يقول الله تعالى: "أحل عليكم رضواني فلا أسخط عليكم بعده أبدًا" فانظر يا أخي كيف يترتب هذا الخير العظيم على

(1)

شرح المشكاة (3/ 805).

(2)

شرح الإلمام (3/ 39 - 40).

(3)

سورة التوبة، الآية:72.

ص: 456

أخف ما يكون على العبد وهو السواك، ثم ذكر بعد ذلك كلاما طويلًا نفيسًا في معنى هذا الحديث لم أذكره خوف السآمة، والله أعلم.

323 -

وَعَن أبي أَيُّوب رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أَربع من سنَن الْمُرْسلين الْخِتَان والتعطر والسواك وَالنِّكَاح رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ وَقَالَ حَدِيث حسن غَرِيب

(1)

.

قوله: عن أبي أيوب، تقدم الكلام على مناقبه.

قوله صلى الله عليه وسلم: "أربع من سنن المرسلين: الحياء، والتعطر، والسواك، والنكاح" الحديث، رواه الترمذي، وقال: حديث حسن غريب، هكذا رواه؛ الحياء: بالحاء المهملة والياء آخر الحروف، قال النووي في شرح المهذب

(2)

: وهو بالحاء المهملة والياء آخر الحروف لا بالنون، وإنما ضبطته لأني رأيت من بعض: ورواه غيره بالحاء المهملة والنون المشددة والمد وهو ما يخضب به، وهذه الرواية غير صحيحة ونقلها تصحيف من الكاتب لأن خضاب اليد والرجل بالحناء حرام على الرجل إلا لضرورة، وأما خضاب الشعر فهو من مذهب نبينا لا من سنن المرسلين قبله، وإنما هو الختان فسقطت النون غلطا فصحفت، ومما يقوي ذلك أنه جاء هكذا مصرحًا به في بعض الأصول، وكذا

(1)

أخرجه الترمذى (1080)، والطبراني في الكبير (4/ 183 رقم 4085)، وفي الشاميين (3590)، والبيهقى في الشعب (10/ 160 رقم 7322). قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب. وحسنه الألباني في المشكاة (382) وضعفه في ضعيف الترغيب (142) و (1202).

(2)

المجموع (1/ 274 - 275).

ص: 457

أخرجه الإمام أحمد بن حنبل وهو في بعض نسخ الترمذي، وقد ذكر الإمام أبو الحافظ أبو موسى الأصبهاني هذا الحديث في كتابه "الاستغناء في استعمال الحناء" وقال: إنه مختلف في إسناده ومتنه، يروي عن عائشة وابن عباس وغيرهما، قال: واتفقوا على لفظة الحياء، قال: وكذا أورده الطبراني والدارقطني وأبو الشيخ ابن منده وأبو نعيم وغيرهم من الحفاظ والأئمة، قال: وكذا هو في مسند أحمد وغيره من الكتب، انتهى.

وأيضًا فإن الحياء خلق لا يخص أحدًا دون أحد، وأما الحناء بالنون فإنه داخل في التعطر عند من يراه طيبًا كما أنه ورد على أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يكره رائحته فتعين الختان

(1)

.

قوله: "والتعطر" وذلك لأنه من حظ الروحانيين من خلق الله وهم الملائكة، وليس لهم في شيء من عرض الدنيا حظ غير الطيب فأحب النبي صلى الله عليه وسلم الطيب أيضًا لحقوقهم وحسن معاملتهم بهم مع غناه عنه لأنه كان أطيب ريحًا من كل طيب

(2)

.

قوله: "والسواك" وهو عبارة عن استعمال عود أو نحوه في الأسنان إزالة الوسخ، واسم العود سواك، قال النووي رحمه الله: ويستفاد من هذا الحديث

(1)

أخرجه أبو داود (4164) والنسائي في المجتبى 8/ 53 (5134) والكبرى (9492) عن عائشة. وضعفه الألباني في الضعيفة (4290). وانظر الميسر (1/ 141 - 142)، والمفاتيح (1/ 391)، وشرح المشكاة (3/ 787 - 788).

(2)

بحر الفوائد (ص 25).

ص: 458

أن السواك كان في الشرائع السالفة

(1)

، والله أعلم.

قوله: "والنكاح" وذلك لمعنيين، أحدهما: لتكثير عباد الله الموحدين

(2)

، والثاني: لحسن معاملته إياهن بالصبر على مشاقهن وتغير أخلاقهن فإنهن أضعف تركيبا وأقل عقلا وأرق دينًا وأغلب على ألباب الرجال

(3)

، والله أعلم.

324 -

وَعَن ابْن عمر رضي الله عنهما عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ عَلَيْكُم بِالسِّوَاكِ فَإِنَّهُ مطيبة للفم مرضاة للرب تبارك وتعالى" رَوَاهُ أَحْمد من رِوَايَة ابْن لَهِيعَة

(4)

.

325 -

وَعَن شُرَيْح بن هانئ قَالَ قلت لعَائِشَة رضي الله عنها بأَيّ شَيْء كَانَ يبْدَأ النَّبِي صلى الله عليه وسلم إِذا دخل بَيته قَالَت بِالسِّوَاكِ" رَوَاهُ مُسلم وَغَيره

(5)

.

قوله: عن شريح بن هانئ، هو: شريح بن هانئ بن (يزيد بن نهيك بن دريد ابن سفيان بن الضباب من بني الحارث بن كعب روى عن عمر، وعلي

(1)

المجموع (1/ 275).

(2)

المفاتيح (1/ 246 و 4/ 15).

(3)

بحر الفوائد (ص 27).

(4)

أخرجه أحمد 2/ 108 (5865)، والطبراني في الأوسط (3/ 269 - 270 رقم 3113).

وقال الهيثمي في المجمع 1/ 220: رواه أحمد والطبراني في الأوسط، وفيه ابن لهيعة، وهو ضعيف. وصححه الألباني في المشكاة (381) والصحيحة (2517) وصحيح الترغيب (210).

(5)

أخرجه مسلم (43 - 253)، وابن ماجه (290)، وأبو داود (51)، والنسائى في المجتبى 1/ 220 (8) والكبرى (7).

ص: 459

وسعد بن أبي وقاص وعائشة، كان شريح من أصحاب علي بن أبي طالب وشهد معه المشاهد قال: وكان ثقة له أحاديث وكان كبيرًا وقتل بسجستان مع عبيد الله بن أبي بكرة

(1)

.

قوله: قلت لعائشة: بأي شيء كان يبدأ النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل بيته، قالت: بالسواك؛ ولفظ: "كان" للدوام، والحكمة في استعمال السواك إذا دخل بيته لأن الغالب عليه السكوت في الطريق فيتغير فمه بالسكوت فابتدأ بالسواك كيلا يتأذى برائحته أحد، وهذا إرشاد منه صلى الله عليه وسلم لأمته إلى استحباب السواك إذا أراد أن يكلم أحد

(2)

، وقيل: أما بدأه به عند دخوله بيته فقيل: ليصلي ركعتين عقبه حين يدخل بيته كما استحبها بعضهم عند دخوله المنزل وعند خروجه

(3)

، وقيل: التشريع للتنظيف لأجل الأهل، وهذا هو الظاهر لأنه عليه الصلاة والسلام كان يكره أن يوجد منه ريح كريهة كما جاء في قصة شرب العسل

(4)

، وقد صانه الله تعالى من ذلك وطيبه وطهره، فلم يوجد ذلك منه أصلا، ولكن فيه تعليم الزوج طريق الألفة بينه وبين زوجته بقطع الروائح الكريهة، وكذلك الزوجة بطريق الأولى، واستحباب التنظيف والتطيب للجماع

(5)

، واعلم أن نكهة النبي صلى الله عليه وسلم أطيب رائحة من المسك كما

(1)

طبقات ابن سعد: 6/ 128، وتهذيب الكمال (12/ الترجمة 2729).

(2)

المفاتيح (1/ 389).

(3)

شرح الإلمام (3/ 49).

(4)

شرح الإلمام (3/ 48).

(5)

نهاية المحتاج (6/ 208).

ص: 460

جاء في عرقه إذ لا فرق، فإن المتحلب من فمه كالمتحلب من بدنه، ولكن فعله للتشريع، وفيه: إعداد السواك لدخول المنزل وغيره كما يعده للوضوء والصلاة والله أعلم؛ وفيه: بيان فضيلة السواك في جميع الأوقات وشدة الاهتمام به وتكراره

(1)

وأنه يستحب عند اجتماع المحافل وعند دخول الكعبة قياسا على دخول البيت بل هو أولى، وعند الذهاب إلى الجمعة، ذكره العمراني في الزوائد.

326 -

وَعَن زيد بن خَالِد الْجُهَنِيّ رضي الله عنه قَالَ مَا كَانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يخرج من بَيته لشَيْء من الصَّلَاة حَتَّى يستاك رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ بِإِسْنَاد لا بَأْس بِهِ

(2)

.

قوله: عن زيد بن خالد الجهني (هو أبو عبد الرحمن، وقيل: أبو طلحة، وقيل: أبو زرعة، سكن المدينة، وشهد الحديبية، وكان معه لواء جهينة يوم الفتح، روي له عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أحد وثمانون حديثا، اتفقا على خمسة، وانفرد مسلم بثلاثة. روى عنه السائب بن يزيد، والسائب بن خلاد الصحابيان، وجماعة من التابعين. توفى بالمدينة، وقيل: بالكوفة، وقيل: بمصر، سنة ثمان وستين، وهو ابن خمس وثمانين سنة، وقيل: توفى سنة خمسين، وقيل: سنة اثنتين وسبعين، وقيل: سنة ثمان وتسعين، رضى الله عنه

(3)

.

(1)

شرح النووى على مسلم (3/ 144).

(2)

أخرجه الطبراني في الكبير (5/ 254 رقم 5261). وقال الهيثمي في المجمع 2/ 99: رواه الطبراني في الكبير ورجاله موثقون. وضعفه الألباني في ضعيف الترغيب (143).

(3)

تهذيب الأسماء واللغات (1/ 203 الترجمة 188).

ص: 461

قوله: "فما كان النبي صلى الله عليه وسلم يخرج من بيته لشيء من الصلوات حتى يستاك" الحديث، فيسن السواك للإنسان عند خروجه من بيته إلى المسجد لهذا الحديث.

327 -

وَعَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي بِاللَّيْلِ رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ ثمَّ ينْصَرف فيستاك، رَوَاهُ ابْن مَاجَه وَالنَّسَائيّ وَرُوَاته ثِقَات

(1)

.

328 -

وَعَن أبي أُمَامَة رضي الله عنه أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ تسوكوا فَإِن السِّوَاك مطهرة للفم مرضاة للرب مَا جَاءَنِي جِبْرِيل إِلَّا أَوْصَانِي بِالسِّوَاكِ حَتَّى لقد خشيت أَن يفْرض عَليّ وعَلى أمتِي وَلَوْلا أَنِّي أَخَاف أَن أشق على أمتِي لفرضته عَلَيْهِم وَإِنِّي لأستاك حَتَّى خشيت أَن أحفي مقادم فمي رَوَاهُ ابْن مَاجَه من طَرِيق عَليّ بن يزِيد عَن الْقَاسِم عَنهُ

(2)

.

قوله: عن أبي أمامة، واسمه صدي بن عجلان الباهلي، تقدم.

(1)

أخرجه أحمد 1/ 218 (1881)، وابن ماجه (288)، والنسائى في الكبرى (489) و (1436)، وأبو يعلى (2485) و (2681)، والطبراني في الكبير (12/ 17 رقم 12337)، والحاكم (1/ 145). وصححه الحاكم. وصححه الألباني في صحيح الترغيب (212).

(2)

أخرجه ابن ماجه (289)، والرويانى (1220 و 1221)، وأبو عروبة الحرانى (74)، والطَّبراني (8/ 209 رقم 7846 و 7847) و (8/ 220 و 7876) والشاميين (888). وأخرجه أحمد 5/ 263 (22269) مقتصرا على بعضه. وقال البوصيرى في الزجاجة 1/ 43: هذا إسناد ضعيف. وضعفه الألباني في ضعيف الترغيب (144).

ص: 462

قوله صلى الله عليه وسلم: "تسوكوا فإن السواك مطهرة للفم مرضاة للرب" تقدم معناه قريبًا.

قوله صلى الله عليه وسلم: "وإني لأستاك حتى خشيت أني أحفي مقادم فمي" أي: استقصى على أسناني فأذهبها بالسواك، ومنه الحديث أمر أن تحفى الشوارب أي: تبالغ في قصها قاله في النهاية

(1)

.

329 -

وَعَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ لقد أمرت بِالسِّوَاكِ حَتَّى ظَنَنْت أَنه ينزل عَليّ فِيهِ قُرْآن أَو وَحي" رَوَاهُ أَبُو يعلى وَأحمد وَلَفظه قَالَ لقد أمرت بِالسِّوَاكِ حَتَّى خشيت أَن يُوحى إِلَيّ فِيهِ شَيْء وَرُوَاته ثِقَات

(2)

.

قوله: عن ابن عباس، تقدم.

قوله صلى الله عليه وسلم "لقد أمرت بالسواك حتى ظننت أنه ينزل علي فيه قرآن أو وحي" الحديث، يستحب المواظبة على استعمال السواك في غالب الأوقات لهذا الحديث، قال العلماء في كتب الفقه: والمستحب أن يستاك عرضا والمراد عرض الأسنان وعبارة النووي في المنهاج تقتضي أنه لو استاك طولا لم تحصل السنة وليس كذلك بل تحصل ولكن الأكمل ما ذكره، وأما في اللسان

(1)

النهاية (1/ 410).

(2)

أخرجه أحمد 1/ 237 (2125) و 1/ 307 (2798) و 1/ 315 (2893) و 1/ 337 (3122)، وأبو يعلى (2330). وقال الهيثمي في المجمع 2/ 98: رواه أحمد وأبو يعلى ورجاله ثقات. وحسنه الألباني في صحيح الترغيب (213).

ص: 463

فقد ورد منصوصا عليه لبعض الروايات الاستياك فيه طولا قاله الشيخ تقي الدين في شرح العمدة

(1)

والمراد بالطول أن يمر السواك في طول الأسنان ويخشى منه أن يجرح اللثة وهو لحم الأسنان، وفيه دليل على أنه صلى الله عليه وسلم استاك في لسانه طولا وأنه يدخل السواك إلى أقصى اللسان من جهة داخل الحلق ويستحب أن يمر اللسان على سقف حلقه إمرارا لطيفا وعلى كراسي أضراسه ويبدأ بجانب فيه الأيمن ثم الأيسر

(2)

والله أعلم.

330 -

وَعَن وَاثِلَة بن الأسْقَع رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أمرت بِالسِّوَاكِ حَتَّى خشيت أَن يكْتب عَليّ" رَوَاهُ أَحْمد وَالطَّبَرَانِيّ وَفِيه لَيْث بن أبي سليم

(3)

.

قوله: عن واثلة بن الأسقع، هو واثلة بن الأسقع [بن عبد العزى بن عبد ياليل بن ناشب بن غيرة بن سعد بن ليث بن بكر بن عبد مناة بن كنانة الكناني الليثي، وقيل: إنه واثلة بن عبد الله بن الأسقع، قيل: أسلم والنبي صلى الله عليه وسلم يتجهز إلى تبوك، وشهدها معه، وشهد فتح دمشق وحمص، وقيل: إنه خدم النبي صلى الله عليه وسلم ثلاث سنين، وكان من أهل الصفة، روي له عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ستة وخمسون حديثًا، روى له البخاري حديثا ومسلم آخر، سكن الشام فسكن

(1)

النجم الوهاج (1/ 336)، وإحكام الأحكام (1/ 111).

(2)

النجم الوهاج (1/ 336).

(3)

أخرجه أحمد 3/ 490 (16007)، والمحاملى (70)، والطبراني في الكبير (22/ 76 رقم 189 و 190). قال الهيثمي في المجمع 2/ 98: رواه أحمد والطبراني في الكبير، وفيه: ليث بن أبي سليم وهو ثقة مدلس وقد عنعنه. وقال الألباني: منكر ضعيف الترغيب (145).

ص: 464

دمشق، ثم استوطن بيت جبرين، وهي بلدة بقرب بيت المقدس، ودخل البصرة، وكان له بها دار. روى عنه عبد الواحد بن عبد الله البصري، بالصاد المهملة، وشداد بن عبد الله بن عامر اليحصبي، وأبو إدريس الخولاني، ومكحول، وأبو المليح، ويونس بن ميسرة، وخلق سواهم، توفي بدمشق سنة ست أو خمس وثمانين، وهو ابن ثمان وتسعين سنة، قاله أبو مسهر. وقال سعيد بن خالد: توفي سنة ثلاث وثمانين، وهو ابن مائة وخمس سنين، والصحيح الأول

(1)

]

قوله صلى الله عليه وسلم: "لقد أمرت بالسواك حتى خشيت أن يكتب علي" الحديث، وفي مسند الإمام أحمد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا ينام إلا والسواك عنده، فإذا استيقظ بدأ بالسواك".

قوله: رواه أحمد والطبراني وفيه ليث بن أبي سليم [اتفق العلماء على ضعفه، واضطراب حديثه، واختلال ضبطه

(2)

].

331 -

وَعَن أم سَلمَة رضي الله عنها قَالَت قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم مَا زَالَ جِبْرِيل يوصيني بِالسِّوَاكِ حَتَّى خفت على أضراسي رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ بِإِسْنَاد لين

(3)

.

(1)

تهذيب الأسماء واللغات (2/ 141 - 142 الترجمة 662).

(2)

تهذيب الأسماء واللغات (2/ 75).

(3)

أخرجه أبو على الصواف في الثالث من فوائده (84)، والطبراني في الكبير (23/ 251 رقم 510)، والبيهقى في الكبرى (7/ 79 رقم 13328). قال الهيثمي في المجمع 2/ 99: =

ص: 465

قوله: عن أم سلمة، أم سلمة أم المؤمنين واسمها هند وقيل رملة بنت أبي أمية المخزومية وأمها عاتكة بنت عامر بن ربيعة كانت أم سلمة عند أبي سلمة عبد الله بن عبد الأسد بن هلال.

وهاجر أبو سلمة إلى أرض الحبشة بزوجته أم سلمة الهجرتين فولدت له هناك برة فسماها رسول الله صلى الله عليه وسلم زينب وولدت له بعدها سلمة ودرة استخلفه رسول الله صلى الله عليه وسلم على المدينة حين خرج إلى غزوة العشيرة ثم شهد معه بدرا وأحدا ورمي بسهم في عضده فمكث شهرًا يداوي جرحه ثم برء الجرح ثم بعته رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى قطن بناحية فيد به ماء لبني أسد بن خزيمة ثم رجع إلى المدينة فانتفض جرحه فمات منه لثمان خلت من جماد الآخرة سنة أربع من الهجرة فاعتدت أم سلمة وتزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم لليال بقين من شوال سنة أربع من الهجرة وبنى بها فيه، قال قاضي المسلمين بن جماعة: بهذا جزم الحافظ الدمياطي وغيره والله أعلم.

قوله صلى الله عليه وسلم "ما زال جبريل يوصيني بالسواك حتى خفت على أضراسي" الحديث، تقدم الكلام على جبريل وعلى السواك وفي الحديث أيضًا "أوصاني جبريل بالسواك حتى خشيت على عموري" العمور منابت الأسنان واللحم الذي بين مغارسها الواحد عمد وقد تضم قاله في النهاية

(1)

.

= رواه الطبراني في الكبير ورجاله موثقون وفي بعضهم خلاف. وضعفه جدًّا الألباني في الضعيفة (1556) و (6913) وضعيف الترغيب (146).

(1)

النهاية (3/ 299).

ص: 466

332 -

وَعَن عَائِشَة رضي الله عنها قَالَت قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم لَزِمت السِّوَاك حَتَّى خشيت أَن يُدْرِدنِي" رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي الأوْسَط وَرُوَاته رُوَاة الصَّحِيح

(1)

وَرَوَاهُ الْبَزَّار من حَدِيث أنس وَلَفظه قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم لقد أمرت بِالسِّوَاكِ حَتَّى خشيت أَن أدرد. الدرد سُقُوط الأسْنَان

(2)

.

قوله: عن عائشة تقدم الكلام على فضائلها.

قوله "لزمت السواك حتى خشيت أن يُدْرِدَنِي" قال الحافظ: الزرد سقوط الأسنان.

333 -

وَعَن عَليّ رضي الله عنه أَنه أَمر بِالسِّوَاكِ وَقَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِن العَبْد إِذا تسوك ثمَّ قَامَ يُصَلِّي قَامَ الْملك خَلفه فيستمع لقرَاءَته فيدنو مِنْهُ أَو كلمة نَحْوهَا حَتَّى يضع فَاه على فِيهِ فَمَا يخرج من فِيهِ شَيْء من الْقُرْآن إِلَّا صَار فِي جَوف الْملك فطهروا أَفْوَاهكُم لِلْقُرْآنِ" رَوَاهُ الْبَزَّار بِإِسْنَاد جيد لا بَأْس بِهِ وروى ابْن مَاجَه بعضه مَوْقُوفا وَلَعَلَّه أشبه

(3)

.

(1)

أخرجه الطبراني في الأوسط (6/ 323 رقم 6526)، والبيهقى في الكبرى (7/ 79 رقم 13329). قال الطبراني: لا يروى هذا الحديث عن عائشة إلا بهذا الإسناد، تفرد به ابن وهب. وقال الهيثمي في المجمع 2/ 99: رواه الطبراني في الأوسط ورجاله رجال الصحيح. وضعفه الألباني في الضعيفة (6713) وضعيف الترغيب (147).

(2)

أخرجه البزار (6957). وقال الهيثمي في المجمع 2/ 99: رواه البزار، وفيه: عمران بن خالد وهو ضعيف. وحسنه الألباني في الصحيحة (1556) وصحيح الترغيب (214).

(3)

أخرجه ابن المبارك في الزهد (1225)، والبزار (603).

قال البزار: وهذا الحديث لا نعلمه يروى عن علي، رضي الله عنه بإسناد أحسن من هذا الإسناد =

ص: 467

قوله: عن علي، تقدم الكلام على مناقبه.

قوله صلى الله عليه وسلم "إن العبد إذا تسوك ثم قام يصلي قام الملك خلفه فيستمع لقراءته فيدنو منه أو كلمة نحوها" وفي آخره "فطهروا أفواهكم للقرآن"، وفي حديث آخر "نظفوا أفواهكم بالقرآن" أي صونوها عن اللغو والفحش والغيبة والنميمة والكذب وأمثالها وعن أكل الحرام والحث على تطهيرها من النجاسات ويحتمل صيانتها عن أكل القاذورات كأكل ما له رائحة كريهة والحث على السواك قاله صاحب المغيث

(1)

، وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: إذا قام الرجل من الليل فتسوك ثم توضأ قام الملك خلفه ودنا واستمع ووضع فاه على فيه فلا يقرأ آية إلا دخلت جوفه، قاله القرطبي

(2)

.

نكتة تتعلق بالسؤال: قال الشيخ تقي الدين بن دقيق العيد: السر في استحباب السواك عند القيام للصلاة أنا مأمورون في كل حالة من أحوال التقرب إلى الله تعالى أن نكون في حالة نظافة وكمال إظهارا لشرف العبادة،

= وقد رواه غير واحد عن الحسن بن عبيد الله، عن سعد بن عبيدة، عن أبي عبد الرحمن السلمي، عن علي رضي الله عنه موقوفًا. وأخرج بعضه موقوفًا ابن ماجه (291)، وأخرجه أبو نعيم في الحلية 4/ 296، والسمعاني في أدب الاملاء والاستملاء ص 27، وتامًّا موقوفًا البيهقى في الكبرى (1/ 62 رقم 162) والشعب (3/ 448 - 449 رقم 1937)، والضياء في المختارة (2/ 197 رقم 580). وصححه الضياء. وصححه الألباني في الصحيحة (1213) وصحيح الترغيب (215).

(1)

المجموع المغيث (3/ 316).

(2)

التذكار (ص 77).

ص: 468

قال الشيخ تقي الدين: وقد قيل إن ذلك الأمر يتعلق بالملك وهو أن يضع فاه على فيّ بالقارئ فيتأذى من الرائحة الكريهة وسن السواك لأجل ذلك

(1)

قال الشيخ ولي الدين العراقي: ويحتمل أن تكون حكمته عند إرادة الصلاة ما ورد من إنه يقطع البلغم ويزيد في الفصاحة

(2)

.

334 -

وَعَن عَائِشَة رضي الله عنها زوج النَّبِي صلى الله عليه وسلم عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ فضل الصَّلَاة بِالسِّوَاكِ على الصَّلَاة بِغَيْر سواك سَبْعُونَ ضعفا رَوَاهُ أَحْمد وَالْبَزَّار وَأَبُو يعلى وَابْن خُزَيْمَة فِي صَحِيحه وَقَالَ فِي الْقلب من هَذَا الْخَبَر شَيْء فَإِنِّي أَخَاف أَن يكون مُحَمَّد بن إِسْحَاق لم يسمعهُ من ابْن شهَاب وَرَوَاهُ الْحَاكِم وَقَالَ صَحِيح على شَرط مُسلم كَذَا قَالَ وَمُحَمّد بن إِسْحَاق إِنَّمَا أخرج لَهُ مُسلم فِي المتابعات

(3)

.

(1)

إحكام الأحكام (1/ 107).

(2)

طرح التثريب (2/ 66).

(3)

أخرجه أحمد 6/ 272 (26340)، والبزار 18/ 145 (108) و (109)، وأبو يعلى (4738)، وابن خزيمة (137)، والدارقطنى في العلل (14/ 92)، والحاكم (1/ 145 - 146). قال البزار: لا نعلم أحدًا رواه بهذا اللفظ إلا ابن إسحاق، ولا عنه إلا إبراهيم، وقد روى قريبا منه معاوية بن يحيى. وصححه الحاكم. وقال الدارقطنى في العلل (3447): ورواه محمد بن إسحاق، قال: ذكر الزهري، عن عروة، عن عائشة ويقال: إن محمد بن إسحاق أخذه من معاوية بن يحيى الصدفي، لأنه كان زميله إلى الري في صحابة المهدي، ومعاوية بن يحيى ضعيف.

وقال الهيثمي في المجمع 5/ 98: رواه أحمد والبزار وأبو يعلى وقد صححه الحاكم.

وقال عن الإسناد الثانى للبزار: رواه البزار ورجاله موثقون. =

ص: 469

قوله: عن عائشة تقدم الكلام على مناقبها.

قوله صلى الله عليه وسلم "فضل الصلاة بالسواك على الصلاة بغير سواك سبعين ضعفا" قال الشيخ الإمام شهاب الدين القرافي: مقتضاه أن تكون الصلاة بالسواك أفضل من صلاة الجماعة لأن الوارد في صلاة الجماعة صلاة الرجل في الجماعة تضعف على صلاته في بيته وفي سوقه سبعا وعشرين ضعفا قال: والظاهر أن الصلاة فى الجماعة أفضل من الصلاة بالسواك منفردا يحتاج إلى الجواب عن هذا الحديث وإلا فهو مشكل

(1)

وأجيب بأن هذا الحديث خرجه البيهقي عن عائشة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "فضل الصلاة التي تستاك لها على الصلاة التي لا يستاك لها سبعون ضعفًا" الحديث روي من طرق كلها ضعيفة نقل ذلك عنه الشيخ تقي الدين في شرحه على الإلمام.

قال الشيخ شمس الدين السعودي الحنفي في تهذيب النفوس: قال ابن الجوزي هذا حديث لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ومعاوية بن يحيى ضعيف قاله الدارقطني

(2)

، وقد روي عن أنس بن مالك قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "صلاة بسواك تعدل أربعمائة صلاة، يعني تخرج أهلها من الذنوب كما

= قال الحافظ في التلخيص الحبير 1/ 68: قال ابن معين: هذا لا يصح له إسناد، وهو باطل.

وضعفه الألباني في الضعيفة (1503) وضعيف الترغيب (148).

(1)

نفائس الأصول (3/ 1251).

(2)

العلل المتناهية (1/ 337).

ص: 470

تخرج الشعرة من العجين، وإنْ خرج الدجال فليس له عليهم سبيل"

(1)

وهذا الحديث عزيز غريب ذكره الشيخ شمس الدين بن حسون في كتابه تحفة النساك فيما يتعلق بالسواك والله أعلم.

335 -

وَعَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ لِأَن أُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ بسواك أحب إِلَيّ من أَن أُصَلِّي سبعين رَكْعَة بِغَيْر سواك" رَوَاهُ أَبُو نعيم فِي كتاب السِّوَاك بِإِسْنَاد جيد

(2)

.

قوله: عن ابن عباس تقدم.

قوله صلى الله عليه وسلم "لأن أصلي ركعتين بسواك أحب إلي من أن أصلي سبعين ركعة بغير سواك" وذكر بعضهم عن الأصحاب وجها أن السواك شرطا في صحة الصلاة ونقله ابن يونس عن أبى إسحاق وهو غلط إنما هو قول إسحاق بن راهويه

(3)

والله أعلم.

(1)

أخرجه الديلمى كما في الغرائب الملتقطة (1933)، والسلفى في سداسيات الرازى (16). قال ابن الملقن في البدر المنير (2/ 21): وآفة هذا السند من موسى بن هلال) هذا. قال ابن حبان: هو شيخ كان يزعم أنه سمع من أنس بن مالك، روى عنه أشياء موضوعة كان يضعها أو وضعت له فحدث بها، لا يحل كتب حديثه إلا على جهة التعجب، روى عنه نسخة موضوعة أكره ذكرها لشهرتها عند من هذا الشأن صناعته. وقال الحافظ رشيد الدين العطار في "الثمانيات" تخريجه: هذا حديث غريب جدا وفي إسناده نظر.

(2)

أخرجه أبو نعيم في السواك كما في البدر المنير (2/ 20) عن محمد بن حبان، عن أبي بكر بن أبي عاصم، عن محمد بن أبي بكر المقدمي، عن يزيد بن عبد الله، ثنا عبد الله بن أبي الحوراء أنه سمع سعيد بن جبير عن ابن عباس. وضعفه الألباني في ضعيف الترغيب (149).

(3)

النجم الوهاج (1/ 340).

ص: 471

336 -

وَعَن جَابر رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم رَكْعَتَانِ بِالسِّوَاكِ أفضل من سبعين رَكْعَة بِغَيْر سواك" رَوَاهُ أَبُو نعيم أَيْضا بِإِسْنَاد حسن

(1)

.

قوله: عن جابر بن عبد الله تقدم الكلام عليه.

قوله صلى الله عليه وسلم "ركعتان بالسواك أفضل من سبعين ركعة بغير سواك" الحديث.

فرع: استحب بعضهم أن يقول في أول تسوكه: اللهم بيض به أسناني وشد به لثاتي وثبت به لهاتي وبارك لي فيه يا أرحم الراحمين، قال النووي: وهذا لا بأس به وإن لم يكن له أصل فإنه دعاء حسن

(2)

والله أعلم.

خاتمة: نذكر فيها شيئًا يتعلق بخصال السواك ومنافعه وفوائده يحصل بها النشاط في الترغيب في استعماله، روى الحافظ أبو نعيم وغيره عن أبي الدرداء رضي الله عنه أنه قال: "عليكم بالسواك وأديموا به فإن فيه أربع وعشرون خصلة أفضلها خصلة وأعلاها درجة أنه يرضي الرحمن وناهيك بها خصلة فإن رضا الرحمن يحل الجنان ويصيب السنة وتضاعف صلاته سبعا وسبعين ضعفا أو إلى أربعمائة ويطيب الفم ويشد اللثة حتى لا تسترخي ويسكن الصداع ومذهب وجع الضرس ويذهب البلغم ويقوي الأسنان

(1)

أخرجه أبو نعيم في السواك كما في البدر المنير (2/ 20) عن أحمد بن بندار، عن عبد الله بن محمد بن زكريا، عن جعفر بن أحمد، عن أحمد بن صالح، عن طارق بن عبد الرحمن، عن محمد بن عجلان، عن أبي الزبير، عن جابر. وقال: ومحمد بن عجلان صدوق، قال الحاكم وغيره: سيئ الحفظ، وأخرج له مسلم ثلاثة عشر حديثًا. وضعفه الألباني في ضعيف الترغيب (150).

(2)

المجموع (1/ 283).

ص: 472

ويذهب الكحة ويصحح المعدة ويقويها ويجلو البصر ويوسع الرزق وييسره ويزيد الحسنات ويفرح الملائكة وتصافحه الملائكة لنور وجهه وتشيعه الملائكة إذا خرج للصلاة ويستغفر حملة العرش له إذا خرج للمسجد للصلاة ويستغفر له عند رفع أعماله في يوم الاثنين ويستغفر له الأنبياء والمرسلين ويطرد الشيطان وتفتح له أبواب الجنة وتقول له الملائكة هذا مقعد الأنبياء ويلتمس هديهم ويكتب له أجر من يتسوك يومه ذلك وتغلق عنه أبواب جهنم ولا يخرج من الدنيا إلا طاهرا مطهرا ولا يأتيه ملك الموت عند قبض روحه إلا في الصورة التي يأتي بها الأولياء ولا يخرج من الدنيا حتى يسقى شربة من حوض النبي صلى الله عليه وسلم وهو الرحيق المختوم ويوسع عليه قبره ويؤنس في لحده وتكلمه الأرض في الجنة وتقول كنت أحملك على ظهري فلأوسعن عليكم اليوم وأنت في بطني ما يقصر عنه مناك ويقطع الله عز وجل عنه كل فى داء وتعقبه كل صحة عرفها في نفسه من صغره إلى كبره ويكني إذا. كنى الأنبياء ويكسى إذا كسي الأنبياء صلوات الله عليه وسلامه ويكرم إذا أكرموا يدخل معهم الجنة بغير حساب، وفي كتاب الضعفاء للعقيلي أنه يزيد الرجل فصاحة وفي كتاب أبي نعيم يذهب البلغم ويوافق السنة ويفرح الملائكة، وفي كتاب الطبراني: مطهرة للفم مرضاة للرب مجلاة للبصر، وتقدم، وقيل: فيه مسخطة للشيطان مطلقة لعقدة اللسان مصفاة للذهن مهضمة للطعام يزيد في الحفظ مكثرة للولد، وذكر أيضًا أنه يزيد في العقل ويطهر القلب ويجوز على الصراط كالبرق الخاطف ويبطئ بالشيب

ص: 473

ويعطى الكتاب باليمين ويقوي البدن على طاعة الله ويذهب الحرام من الجسد ويذهب الجوع ويقوي الظهر ويقي الأموال والأولاد ويعين على قضاء الحوائج، وهذه الفضائل بل كلها وبه فبعضها مرفوع وبعضها موقوف وإن كان في أسانيدها مقال

(1)

، والله أعلم.

(1)

تحفة السلاك (ص 10 - 11).

ص: 474