الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الترغيب في نشر العلم والدلالة على الخير
187 -
عن أبي هريرة قال: قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: إن مما يلحق المؤمنين من عمله وحسناته بعد موته علمًا علمهُ ونشره وولدا صالحا تركه، أو مصحفًا ورثه أو مسجدًا بناهُ، أو بيتًا لابن سبيل بناه، أو نهرًا أجراه، أو صدقة أخرجها من ماله في صحته وحياته تلحقه من بعد موته. رواه ابن ماجة بإسناد حسن والبيهقي، ورواه ابن خزيمة في صحيحه بنحوه
(1)
.
الدلالة: بكسر الدال وفتحها، ويقال: دلولة بضم اللام.
قوله: عن أبي هريرة، تقدم الكلام على مناقبه.
قوله: "إن مما يلحق المؤمن من عمله وحسناته بعد موته علما علمه ونشره" الحديث، وقدم العلم على جميع الانتقاصات للاهتمام به.
قوله: "وولدا صالحًا تره أو مصحفا ورثه" الحديث، وتقدم الكلام على هذا الحديث وما يشبهه مبسوطًا.
188 -
وَعَن أَبِى قَتَادَة رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُول اللّه صلى الله عليه وسلم: "خير مَا يخلف الرجل من بعده ثَلاث ولد صَالح يَدْعُو لَهُ وَصدقَة تجْرِي يبلغهُ أجرهَا وَعلم يعْمل بِهِ من بعده، رَوَاهُ ابْن مَاجَة بِإِسْنَاد صَحِيح وَتقدم حَدِيث أبي هُرَيْرَة إِذا مَاتَ ابْن آدم انْقَطع عمله إِلَّا من ثلاث صَدَقَة جَارِيَة أَو علم يُنْتَفع بِهِ أَو ولد
(1)
أخرجه ابن ماجة (242)، والبيهقى في الشعب (3174)، وابن خزيمة (2490). وحسنه الألباني في المشكاة (254) وصحيح الترغيب (77) و (112) و (275).
صَالح يَدْعُو لَهُ". رَوَا مسلم
(1)
.
قوله: عن أبي قتادة، وأبو قتادة: اسمه.
قوله: "خير ما يخلف الرجل من بعده ثلاث، ولد صالح يدعو له أو صدقة يجري ما يبلغه أجرها" قال العُلماء: معنى الحديث أن عمل الميت ينقطع بموته وينقطع تجدد الثواب له إلا في هذه الأشياء الثلاثة كونه كان سببها، فإن الولد من كسبه، وكذلك العلم الذي خلفه من تعليم أو تصنيف، وكذلك الصدقة الجارية وهي الوقف، وفيه: فضيلة الزواج لرجاء ولد صالح، وفيه: دليل الصحة أصل الوقف وعظيم ثوابه، وفيه: بيان فضيلة العلم والحث على الاستكثار منه والترغيب في توريثه بالعلم والتصنيف والإيضاح وانه ينبغي أن يختار من العلوم الأنفع فالأنفع، وفيه: أن الدعاء يصل ثوابه إلى الميت وكذلك الصدقة وهو مجمع عليها، وكذلك قضاء الدين، وأما الحج فيجزئ عن الميت عند الشافعي وموافقيه وهو داخل في قضاء الدين إذا كانا حجًّا واجبًا، وإذا كان تطوعًا ووصى به فهو من باب الوصايا
(2)
، وتقدم الكلام على شيء من ذلك مبسوطًا، واللّه أعلم.
(1)
أخرجه ابن ماجة (241)، والنسائي في الكبرى (10863)، وابن خزيمة (2495)، والدينورى في المجالسة (3500)، وابن حبان (93) و (4902)، والطبراني في الأوسط (4/ 8 - 7 رقم 3472) والصغير (1/ 242 رقم 395) عن أبي قتادة. وصححه الألباني في أحكام الجنائز (224) صحيح الترغيب (79) و (113) الروض (1013). وأما حديث أبي هريرة: أخرجه مسلم (14 - 1631)، وأبو داود (2880)، والترمذى (1376)، والنسائي في المجتبى 6/ 219 (3677)، وابن خزيمة (2494)، وابن حبان (3016).
(2)
شرح النووي على مسلم (11/ 85).
189 -
وَرُوِيَ عَن سَمُرَة بن جُنْدُب رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُول اللّه صلى الله عليه وسلم مَا تصدق النَّاس بِصَدقَة مثل علم ينشر. رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير وَغَيره
(1)
.
قوله: عن سمرة بن جندب، وجندب بفتح الدال وضمها مع ضم الجيم، وبكسر الجيم أيضًا مع فتح الدال وكسرها، والجنادب جمع ذلك وهو شبه الجراد، وقيل: هو الجراد بعينه، واللّه أعلم. قوله صلى الله عليه وسلم:"ما تصدق الناس بصدقة مثل علم ينشر" تقدم الكلام على نشر العلم وفضله.
190 -
وَرُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُول اللّه صلى الله عليه وسلم: "نعم الْعَطِيَّة كلمة حق تسمعها ثمَّ تحملهَا إِلَى أَخ لَك مُسلم فتعلمها إِيَّاه". رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير وَيُشبه أَن يكون مَوْقُوفًا
(2)
.
قوله: عن ابن عباس، تقدم.
قوله صلى الله عليه وسلم: "نعم العطية كلمة حق تسمعها ثم تحملها إلى أخ لك مسلم فتعلهما إياه" الحديث، المراد بالعطية الحق العتاطية من العلم النافع.
قوله: عن أنس بن مالك، تقدم الكلام على فضائله.
(1)
أخرجه الطبراني في الكبير (7/ 231 رقم 6964). قال الهيثمي في المجمع 1/ 166: رواه الطبراني في الكبير، وفيه عون بن عمارة، وهو ضعيف. وضعفه الألباني جدًا في ضعيف الترغيب (89)، والضعيفة (4435).
(2)
أخرجه الطبراني في الكبير (12/ 42 رقم 12421). قال الهيثمي في المجمع 1/ 166: رواه الطبراني في الكبير، وفيه عمرو بن الحصين العقيلي، وهو متروك. وضعفه الألباني جدًا في الضعيفة (2038) وضعيف الترغيب (90).
قوله صلى الله عليه وسلم: "ألا أخبركم عن الأجود" إلى قوله: "وأنا أجود ولد آدم" الحديث، فدل هذا الحديث على أنه صلى الله عليه وسلم أجود ولد آدم على الإطلاق وأفقههم وأعلمهم وأشجعهم وأكملهم في جميع الأوصاف الحميدة، وكان جوده صلى الله عليه وسلم بجميع أنواع الجود من بذل للعلم والمال وبذل نفسه للّه تعالى في إظهار دينه وهداية عباده وإيصال النفع إليهم بكل طريق من إطعام جائعهم ووعظ جاهلهم وقضاء حوائجهم وتحمل أثقالهم، ولم يزل صلى الله عليه وسلم على هذه الخصال الحميدة منذ نشأته وكان جوده صلى الله عليه وسلم كلّه للّه وفي ابتغاء مرضاته، فإنه كان يبذل المال إما لفقير محتاج أو ينفقه في سبيل اللّه أو يتألفه على الإسلام من يتقوى الإسلام بإسلامه، وكان يؤثر على نفسه وأهله وأولاده فيعطي عطاء تعجز عنه الملوك مثل كسرى وقيصر، ويعيش في نفسه عيش الفقراء فيأتي عليه الشهر والشهران لا يوقد في بيته نار، وربما ربط على بطنه الحجر من الجوع، وكان جوده صلى الله عليه وسلم يتضاعف في شهر رمضان على غيره من الشهور، واللّه أعلم، قاله ابن رجب
(1)
.
قوله صلى الله عليه وسلم: "وأجودكم من بعدي رجل علم علمًا فنشر علمه يُبعث يَوْمَ الْقِيَامَةِ أُمَّةً وحدَه" الأُمَّة الرَّجُلُ المنْفرِدُ بِدِينٍ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ} . وَفِيهِ "لولَا أنَّ الكِلاب أُمَّة تُسَبِّح لأمَرْت بقَتْلِهَا"، يُقَالُ لِكُلِّ جِيل مِنَ النَّاسِ وَالْحَيَوَانِ أُمة، قاله صاحب النهاية
(2)
.
191 -
وَرُوِيَ عَن أنس بن مَالك رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُول اللّه صلى الله عليه وسلم أَلا أخْبركُم عَن الأجود الأجود اللّه الأجود الأجود وَأَنا أَجود ولد آدم وأجودكم من بعدِي
(1)
لطائف المعارف (ص 163 - 164).
(2)
النهاية (1/ 68).
رجل علم علما فنشر علمه يبْعَث يَوْم الْقِيَامَة أمة وَحده وَرجل جاد بِنَفسِهِ للّه عز وجل حَتَّى يقتل. رَوَاهُ أَبُو يعلى وَالْبَيْهَقِيّ
(1)
.
قوله: عن أنس أيضًا، تقدم الكلام على مناقبه.
قوله صلى الله عليه وسلم: "ما من رجل ينعش لسانه حقًّا يعمل به بعده إلا جرى له أجره إلى يوم القيامة" الحديث، ينعش: أي يقول ويذكر، قاله الحافظ وهو في كتاب الرقائق لابن المبارك بنحوه عن أنس يرفعه، قال:"من أنعش حقًّا بلسانه له أجره حتى يأتي اللّه يوم القيامة فيوفيه ثوابه" وفي إسناده مجهول، انتهى.
192 -
وَعنهُ قَالَ قَالَ رَسُول اللّه صلى الله عليه وسلم مَا من رجل ينعش لِسَانه حَقًا يعْمل بِهِ بعده إِلَّا جرى لَهُ أجره إِلَى يَوْم الْقِيَامَة ثمَّ وفاه اللّه ثَوَابه يَوْم الْقِيَامَة. رَوَاهُ أَحْمد بِإِسْنَاد فِيهِ نظر
(2)
وَلَكِن الْأُصُول تعضده.
قَوْله: ينعش أَي يَقُول وَيذكر.
(1)
أخرجه أبو يعلى (2790)، وابن حبان في المجروحين (2/ 301)، وابن عدى في الكامل (2/ 20)، والبيهقى في الشعب (3/ 266 رقم 1632). قال ابن عدى: وأيوب بن ذكوان هذا له غير ما ذكرته من الحديث قليل وعامة ما يرويه، لا يتابع عليه. وقال الهيثمي في المجمع 1/ 166 و 9/ 13 رواه أبو يعلي، وفيه سويد بن عبد العزيز، وهو متروك الحديث. وقال الألباني: موضوع في الضعيفة (5882) وضعفه جدًّا: في ضعيف الترغيب (91).
(2)
أخرجه أحمد 3/ 266 (13803)، وأبو الطاهر المخلص (1815)، والبيهقى في الشعب (10/ 1321 - 13 رقم 7275 و 7276) والخطيب في موضح أوهام الجمع (3/ 480). قال الهيثمي في المجمع 1/ 167: رواه أحمد، وفيه عبيد اللّه بن عبد اللّه بن موهب، قال أحمد: لا يعرف. قلت: وشيخ ابن موهب مالك بن حالك بن حارثة الأنصاري، لم أر من ترجمه. وضعفه الألباني في الترغيب (92).
192 -
م - وَرُوِيَ عَن أبي أُمَامَة رضي الله عنهما قَالَ: سَمِعت رَسُول اللّه صلى الله عليه وسلم يَقُول: "أَرْبَعَة تجْرِي عَلَيْهِم أُجُورهم بعد الْمَوْت رجل مَاتَ مرابطًا فِي سَبِيل اللّه وَرجل علم علمًا فَأَجره يجْرِي عَلَيْهِ مَا عمل بِهِ وَرجل أجْرى صَدَقَة فأجرها لَهُ مَا جرت وَرجل ترك ولدا صَالحًا يَدْعُو لَهُ". رَوَاهُ الإِمَام أَحْمد وَالْبَزَّار وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير والأوسط
(1)
وَهُوَ صَحِيح مفرقا من حَدِيت غير وَاحِد من الصَّحَابَة رضي الله عنهم.
(1)
أخرجه أحمد 5/ 260 (22247) و 5/ 269 (22318) و (22319)، والروياني (1223)، والآجرى في أخلاق العُلماء (ص 43)، والطبراني في الكبير (8/ 205 رقم 7831). وقال الهيثمي في المجمع 1/ 167: رواه أحمد والطبراني في الكبير والأوسط والبزار، وفيه ابن لهيعة ورجل لم يسم. وصححه الألباني في صحيح الترغيب (114).