الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل
1151 -
رُوِيَ عَن عَمْرو بن شُعَيْب رضي الله عنه عَن أَبِيه عَن جدّه أَن امْرَأَة أَتَت النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وَمَعَهَا ابْنة لَهَا وَفِي يَد ابْنَتهَا مسكتان غليظتان من ذهب فَقَالَ لَهَا أتعطين زَكَاة هَذَا قَالَت لا، قَالَ أَيَسُرّك أَن يسورك اللّه بهما يَوْم الْقِيَامَة سِوَارَيْنِ من نَار قَالَ فحذفتهما فألقتهما إِلَى النَّبِيّ وَقَالَت هما للّه وَلِرَسُولهِ، رَوَاهُ أَحْمد وَأَبُو دَاوُد وَاللَّفْظ لَهُ وَالتِّرْمِذِيّ وَالدَّارَقُطْنِيّ.
وَلَفظ التِّرْمِذِيّ وَالدَّارَقُطْنِيّ نَحوه أَن امْرَأَتَيْنِ أتتا رَسُول اللّه صلى الله عليه وسلم وَفِي أَيْدِيهِمَا سواران من ذهب فَقَالَ لَهما أتؤديان زَكَاته قَالتَا لَا، فَقَالَ لَهما رَسُول اللّه صلى الله عليه وسلم أتحبان أَن يسوركما اللّه بسوارين من نَار قَالتَا لا، قَالَ فأديا زَكَاته، وَرَوَاهُ النَّسَائِيّ مُرْسلا ومتصلا وَرجح الْمُرْسل
(1)
.
"المسكة" محركة وَاحِدَة الْمسك وَهُوَ أسورة من ذبل أَو قرن أَو عاج فَإِذا كَانَت من غير ذَلِك أضيفت إِلَيْهِ.
قَالَ الْخطابِيّ فِي قَوْله صلى الله عليه وسلم أَيَسُرّك أَن يسورك اللّه بهما سِوَارينِ من نَار إِنَّمَا هُوَ تَأْوِيل قَوْله عز وجل: {يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ}
(2)
انْتهى
(3)
.
(1)
أحمد (6667)، وأبو داود (1563)، والترمذي (637)، وحسنه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب (766).
(2)
سورة التوبة، الآية:35.
(3)
معالم السنن (2/ 175).
قوله: وروى عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدّه تقدم الكلام عليه قريبا. قوله: إن امرأة أتت النبي صلى الله عليه وسلم ومعها ابنة لها وفي يد ابنتها مسكتان غليظتان من ذهب الحديث المسكة محركة واحدة المسك وقال: بعضهم المسكة بفتح الميم والسين هو أسورة من ذبل أو قرن أو عاج فإذا كانت من غير ذلك أضيفت إليه قاله المنذري، وفي الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"أيسرُّكِ أنْ يسوِّرك اللّه بهما سوارين من نار؟! " قالت: لا. قال: فأديا زكاته.
وهذا الحديث يدلّ على أنها تتخذ أيضًا من الذهب قال: ابن الأثير
(1)
الذبل العاج وقيل شيء يتخذ من ظهر السلحفاة البحرية والأنثى سلحفاة بفتح اللام وإسكان الحاء والسلحفاة جلدها الدبل الذي يصنع منه الأمشاط وخاصة التسريح به إذ هاب الصبيان من الشعر وإذا أحرق الذبل وعجن رماده ببياض البيض وطلي به شقاق الكعبين والأصابع نفعه. وقيل: الذبل: جلد السلحفاة الهندية.
فائدة: كان للنبي صلى الله عليه وسلم مشط من العاج
(2)
والعاج الذبل وهو شيء يتخذ من ظهر السلحفاة البحرية ويتخذ منه الأمشاط والأساور فيجوز استعماله لأنه جزء حيوان طاهر بحري وأما العاج الذي هو عظم الفيل فينجس عند الشافعي وطاهر عند أبي حنيفة وعند مالك يطهر بصقله فيجوز التسريح بمشط العاج وهو الدبل وعليه يحمل ما وقع في شرح المهذب من جواز
(1)
النهاية (3/ 316).
(2)
لم نقف عليه.
التسريح به فالمراد بالعاج: الذبل لا العاج الذي هو ناب الفيل واللّه أعلم. قاله في منافع الحيوان
(1)
.
فائدة: أيضًا السلحفاة واحدة السلاحف وهذا الحيوان يبيض في البر فما نزل منه في البحر كان لجأة، وما استمر في البر كان سلحفاة، ويعظم الصنفان جدًّا إلى أن يصير كلّ واحد منهما حمل جمل. وإذا أراد الذكر السفاد، والأنثى لا تطيعه، يأتي الذكر بحشيشة في فيه، من خاصيتها أن صاحبها يكون مقبولا، فعند ذلك تطاوعه وهذه الحشيشة لا يعرفها إلا القليل من الناس.
وهي إذا باضت صرفت همتها إلى بيضها بالنظر إليه ولا تزال كذلك حتى يخلق اللّه تعالى الولد منها، إذ ليس لها أن تحضنه حتى يكمل بحرارتها، لأن أسفلها صلب لا حرارة فيه وربما تقبض السلحفاة على ذنب الحية فتقطع رأسها وتمضغ من ذنبها والحية تضرب بنفسها على ظهر السلحفاة وعلى الأرض حتى تموت. ولها حيلة عجيبة في التوصل إلى صيدها، وذلك أنها تصعد من الماء فتتمرغ في التراب، وتأتي موضعا قد سقط الطير عليه لشرب الماء فتختفي عليه لكدورة لونها، التي اكتسبتها من الماء والتراب، فتصيد منها ما يكون لها قوتا وتدخل به الماء ليموت فتأكله. ولذكرها ذكران وللأنثى فرجان، والذكر يطيل المكث في السفاد، والسلحفاة مولعة بأكل الحيات، والترس الذي على ظهرها وقاية لها، فيظهر من جلدها رأسها. ا. هـ.
(1)
حياة الحيوان (2/ 35).
تنبيه: الحكم فيها حكى البغوي في حلها وجهين وصحح الرافعي التحريم لاستخباثها فإن غالب أكلها الحيات وقال: ابن حزم البرية والبحرية حلال وكذلك بيضها لقوله تعالى: {كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلَالًا طَيِّبًا}
(1)
مع قوله تعالى: {وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ}
(2)
ولم يفصل لنا تحريم السلحفاة فهي حلال قال: وقد رويناه عن عطاء إباحة أكل السلحفاة ا. هـ قاله في حياة الحيوان
(3)
.
فائدة: في أكل الدَّنِيلِسُ وحكمه حل الأكل لأنه من طعام البحر ولا يعيش إلا فيه ولم يأت على تحريمه دليل كذا أفتى به الشيخ شمس الدين بن عدلان وعلماء عصره وغيرهم وما نقل عن الشيخ عز الدين بن عبد السَّلام من الإفتاء بتحريم أكله لم يصح فقد نص الشافعي على أن حيوان البحر الذي لا يعيش إلا فيه يؤكل لعموم الآية ولقوله عليه السلام: "هو الطهور ماؤه الحل ميتته"
(4)
ووراء ذلك وجهان وقيل قولان أحدهما تحرم لأنه عليه السلام خص السمك بالحل، والثاني ما أكل شبهه في البر، كالبقر والشاء حلال. وما لا كخنزير الماء وكلبه حرام وعلى هذا لا يؤكل ما أشبه الحمار وإن كان في البر
(1)
سورة البقرة، الآية:168.
(2)
سورة الأنعام، الآية:119.
(3)
حياة الحيوان (2/ 33 - 34).
(4)
أخرجه أحمد في المسند (7232)(83) و الترمذي (69) والنسائي في الكبرى (58) وابن ماجة (386) و ابن خزيمة في صحيحه (111) وابن حبان في صحيحه (1243).
الحمار الوحشي حلالًا
(1)
ا. هـ
تنبيه: سئل فقيه العرب عن الوضوء من الإناء المعوج فقال: إن أصاب تعويجه لم يجز وإلا جاز والمراد بالمعوج المضبب بالعاج وهو ناب الفيلة ولا يسمى غير نابها عاجا، والصورة فيما دون القلتين.
وليس مراد ابن خالويه والفقهاء والحريري بفقيه العرب شخصا معينا، إنما يذكرون ألغازا وملحا ينسبونها إليه، وهو مجهول لا يعرف، ونكرة لا يتعرف أ. هـ. قاله الكمال الدميري.
(2)
[قوله: و] لفظ الترمذي
(3)
(والدارقطنى نحوه: أن امرأتين أتتا رسول اللّه صلى الله عليه وسلم، وفي أيديهما سواران من ذهب، فقال لهما: أتؤديان زكاته؟ قالتا: لا. فقال لهما رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: أتحبان أن يسوركما اللّه بسوارين) من نار الحديث [هو تأويل قوله عز وجل]: {فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ}
(4)
.
(والسوار) تُكْسَرُ السِّينُ وتُضمُّ. وَجَمْعُهُ أَسْوِرَةٌ ثُمَّ أَسَاوِرُ وأَسَاوِرَةٌ. وسَوَّرْتُهُ السِّوَارَ إِذَا ألْبَسْتَه إيَّاه. والجواب عن حديث عمرو بن شعيب: ضعيف.
(1)
حياة الحيوان (1/ 472).
(2)
النجم الوهاج (1/ 263).
(3)
تقدم تخريجه.
(4)
سورة التوبة، الآية:35.
1152 -
وَعَن عَائِشَة زوج النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم و رضي الله عنها قَالَت دخل عَليّ رَسُول اللّه صلى الله عليه وسلم
فَرَأى فِي يَدي فتخات من ورق فَقَالَ مَا هَذَا يَا عَائِشَة فَقلت صنعتهن أتزين لَك يَا رَسُول اللّه، قَالَ أتؤدين زكاتهن قلت لا أَو مَا شَاءَ اللّه، قَالَ هِيَ حَسبك من النَّار، رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالدَّارَقُطْنِيّ
(1)
. وَفِي إسنادهما يحيى بن أَيُّوب الغافقي وَقد احْتج بِهِ الشَّيْخَانِ وَغَيرهمَا وَلَا اعْتِبَار بِمَا ذكره الدَّارَقُطْنِيّ من أَن مُحَمَّد بن عَطاء مَجْهُول فَإِنَّهُ مُحَمَّد بن عمر بن عَطاء نسب إِلَى جدّه وَهُوَ ثِقَة ثَبت، روى لَهُ أَصْحَاب السّنَن وَاحْتج بِهِ الشّيْخَانِ فِي صَحِيحَيْهِمَا.
الفتخات بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَة جمع فتخة وَهِي حَلقَة لهَا تجعلها الْمَرْأَة فِي أَصَابِع رِجْلَيْهَا وَرُبمَا وَضَعتهَا فِي يَدهَا وَقَالَ بَعضهم هِيَ خَوَاتِم كبار كَانَ النِّسَاء يتختمن بهَا
(2)
.
قَالَ الْخطابِيّ وَالْغَالِب أَن الفتخات لَا تبلغ بانفرادها نِصَابا وَإِنَّمَا مَعْنَاهُ أَن تضم إِلَى بَقِيَّة مَا عِنْدهَا من الْحلِيّ فتؤدي زَكَاتهَا فِيهِ
(3)
.
قوله عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم تقدم الكلام على مناقبها. قولها قالت: دخل عليّ النبي صلى الله عليه وسلم فرأى في يدي فتحات من ورق فقال: ما هذا يا عائشة الحديث الورق الفضة والفتخات بالخاء المعجمة جمع فتخة وهي حلقة لا
(1)
أبو داود (1565)، والدارقطني (2/ 104)، وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب (767).
(2)
معالم السنن (2/ 176).
(3)
معالم السنن (2/ 176).
فص لها تجعلها المرأة في أصابع رجلها وربما وضعتها في يدها وقال بعضهم هي خواتم كبار كان النساء يتختمن بها ا. هـ.
قاله المنذري قال الخطابي:
(1)
والغالب أن الفتخات لا تبلغ بإنفرادها نصابا وإنما معناه أن انضم إلى بقية ما عندها من الحلي فتؤدي زكاتها فيه ا. هـ.
1153 -
وَعَن أَسمَاء بنت يزِيد رضي الله عنها قَالَت دخلت أَنا وخالتي على النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وعلينا أسورة من ذهب فَقَالَ لنا أتعطيان زَكَاته قَالَت فَقُلْنَا لَا فَقَالَ أما تخافان أَن يسوركما اللّه أسورة من نَار أديا زَكَاته، رَوَاهُ أَحْمد بِإِسْنَاد حسن
(2)
.
قوله وعن أسماء بنت يزيد سيأتي الكلام عليها في أحاديث الباب، قولها دخلت أنا وخالتي على النبي صلى الله عليه وسلم وعلينا أسورة من ذهب فقال لنا:"أتعطيان زكاته قالت فقلنا لا" الحديث قيل هذا الوعيد في حديث عائشة وأسماء فيمن لا يؤدي زكاته الذهب والفضة دون من أداها، وأجيب بأن هذا قبل النسخ فلما أبيح سقطت الزكاة، نقله البيهقي عن بعضهم، وسيأتي الكلام على النسخ ومعناه.
1154 -
وَعَن مُحَمَّد بن زِيَاد رضي الله عنه: قَالَ سَمِعت أَبَا أُمَامَة وَهُوَ يسْأَل عَن حلية السيوف أَمن الْكُنُوز هِيَ قَالَ نعم من الْكُنُوز فَقَالَ رجل هَذَا شيخ أَحمَق قد ذهب عقله فَقَالَ أَبُو أُمَامَة أما إِنِّي مَا أحدّثكُم إِلَّا مَا سَمِعت، رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ، وَفِي إِسْنَاده بَقِيَّة بن الْوَليد
(3)
.
(1)
ينظر: معالم السنن (2/ 43).
(2)
أحمد (27614)، والطبراني في الكبير (431)، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (3/ 67)، رواه أحمد، وإسناده حسن، وحسنه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب (768).
(3)
الطبراني في المعجم الكبير (7538)، والبيهقي (4/ 144)، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (3/ 67)، رواه الطبراني في الكبير وفيه بقية وهو ثقة ولكنه مدلس.
قوله: عن محمد بن زياد رضي الله عنه[الألهاني، أبو سفيان الحمصي. روى عن: أبي أمامة صدي بن عجلان الباهلي وغيره، روى عنه إسماعيل بن عيَّاش وعبد اللّه بن سالم قال أحمد وابن مَعين وابن المدينى وأبو داود والترمذى: ثقة].
قوله: قال سَمِعت أَبَا أُمَامَة وَهُوَ يسْأَل عَن حلية السيوف أَمن الْكُنُوز هِيَ قَالَ نعم من الْكُنُوز فَقَالَ رجل هَذَا شيخ أَحمَق قد ذهب عقله،. الحديث؛ الحمق: قلة العقل، وقال بعضهم: حقيقة الحمق وضع الشيء في غير موضعه يقبحه، والأحموقة على فعولة من ا احمق بمعنى الحموقة، والأحموقة: بضم الهمزة وسكون الحاء المهملة وضم الميم وبعدها واو ساكنة وتاء تأنيث واللّه أعلم.
فائدة: فيما يحل للرجال من الحلي دون النساء فيحل للرجل [الْمِنْطَقَةِ الْمُفَضَّضَةِ] وتحلية السلاح بالفضة كالسيف والرمح والسهم والطير والسكين ونحو ذلك، [و] الْجَوْشَنُ، وَالْخُوذَةُ، وَالْخُفُّ، وَالرَّانُ،، وفي [التحاق ما] يتعلق بالفرس كاللجام والمقود والركاب وبرة الناقة ونحوها وجهان أصحهما التحريم وهو المنصوص [عليه عن الشافعي ومحل الخلاف:] للفارس وقطع [كثيرون، به] ولا يجوز تحلية لجام البغلة والحمار، وجهًا واحدًا لأنهما لا يصلحان للحرب] وكذلك السرج لأنها لا يعدان للحرب، وفي سكين الدواة والمهنة والمقراض وجهان أصحهما [التحريم]، وتحلية جميع ما تقدم بالذهب حرام مطلقا قوله صلى الله عليه وسلم: خرج يومًا على إحدى يديه قطعة من ذهب وعلى الأخرى قطعة حرير وقال: "هما حرام
على ذكور أمتي حل لإناثهم"
(1)
، وأما الفضة فيباح منها للرجال الخاتم، وسيأتي الكلام عليه في أواخر الكتاب، ما عداه كالدملج في العضد والطوق في العنق [والسوار في] اليد فحرام عند الجمهور يَحْرُمُ تَحْلِيَةُ آلَةِ الْحَرْبِ عَلَى الْمَشْهُورِ سَوَاءٌ مَا يُتَّقَى بِهِ كَالتُّرْسِ أَوْ يُضَارَبُ بِهِ كَالرُّمْحِ وَالسِّكِّينِ أَوْ يُرْكَبُ بِهِ كَالسَّرْجِ وَالرِّكَابِ أَوْ يُسْتَعَانُ بِهِ عَلَى الْفَرَسِ كَاللِّجَامِ.
1155 -
وَعَن ثَوْبَان رضي الله عنه قَالَ جَاءَت هِنْد بنت هُبَيْرَة رضي الله عنها إِلَى رَسُول اللّه صلى الله عليه وسلم وَفِي يَدهَا فتخ من ذهب أَي خَوَاتِيم ضخام فَجعل رَسُول اللّه صلى الله عليه وسلم يضْرب يَدهَا فَدخلت على فَاطِمَة رضي الله عنها تَشْكُو إِلَيْهَا الَّذِي صنع يهَا رَسُول اللّه صلى الله عليه وسلم فانتزعت فَاطِمَة، سلسلة فِي عُنُقهَا من ذهب قَالَت هَذِه أهداها أَبُو حسن فَدخل رَسُول اللّه صلى الله عليه وسلم فَقَالَ يَا فَاطِمَة أيغرك أَن يَقُول النَّاس ابْنة رَسُول اللّه صلى الله عليه وسلم وَفِي يدك سلسلة من نَار ثمَّ خرج وَلم يقْعد فَأرْسلت فَاطِمَة رضي الله عنها بالسلسلة إِلَى السُّوق فباعتها واشترت بِثمنِهَا غُلَاما وَقَالَ مرّة عبدا وَذكر كلمة مَعْنَاهَا فأعتقته فَحدّث بذلك النَّبِيّ رضي الله عنها فَقَالَ الْحَمد للّه الَّذِي أنجى فَاطِمَة من النَّار، رَوَاهُ النَّسَائِيّ بِإِسْنَاد صَحِيح
(2)
.
(1)
أخرج هذا اللفظ أبو داود (6/ 166) والنسائي (9383) وابن ماجة (3595) وأحمد (935) وصححه الألباني صحيح الجامع الصغير وزيادته (2274).
(2)
النسائي في الكبرى (9440)، وأحمد (22398)، والبيهقي (4/ 141)، والحاكم (3/ 153)، والطيالسي في المسند (1083)، وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب (769).
قوله: وعن ثوبان رضي الله عنه، هو: مولى رسول اللّه صلى الله عليه وسلم، تقدم الكلام على مناقبه.
قوله: جاءت هند بنت هبيرة رضي الله عنها وفي يدها فتخ من ذهب أي خواتيم ضخام فجعل رسول اللّه صلى الله عليه وسلم يضرب يدها فدخلت على فاطمة رضي الله عنها تشكو إليها الذي صنع بها رسول اللّه صلى الله عليه وسلم. وفاطمة هي بنت رسول اللّه صلى الله عليه وسلم، وأمها خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي القرشية، تزوجها النبي صلى الله عليه وسلم وهو ابن خمس وعشرين سنة؛ وهي أول نسائه صلى الله عليه وسلم، وهي خديجة الكبرى أم المؤمنين، قال أبو الفرج بن الجوزي: كان رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قد سافر في تجارة لها فلما قدم من سفره رأته خديجة وهو قادم وعليه غمامة تظله فتزوجته وكانت قد تزوجت قبل ذلك زوجين، وكان يوم تزويجها برسول اللّه صلى الله عليه وسلم بنت أربعين سنة ثم جاءت الرسالة بعد ذلك فأسلمت وهي أول امرأة أسلمت وآمنت بالنبي صلى الله عليه وسلم ولم يتزوج قبلها ولا في حياتها وجميع أولاده منها إلا إبراهيم فإنه من مارية، وقال أبو هريرة: أتى جبريل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول اللّه هذه خديجة قد أتتك بإناء فيه إدام أو طعام أو شراب فإذا هي أتتك فاقرأ عليها السلام من ربها عز وجل وقل لها إن اللّه عز وجل يبشرك ببيت في الجنة من قصب لا صخب فيه ولا نصب، قال ابن هشام: القصب اللؤلؤ المجوف، وقالت عائشة: ما غرت على أحد من نساء النبي صلى الله عليه وسلم مما غرت على خديجة وما رأيتها ولكن كان رسول اللّه يكثر ذكرها فربما قلت له: كأنه لم يكن في الدنيا امرأة إلا خديجة فيقول: "إنها كانت وكانت وكان لي منها ولد"
وقالت عائشة: كان رسول اللّه صلى الله عليه وسلم لا يخرج من البيت حتى يذكر خديجة
فيحسن عليها الثناء، فذكرها يومًا فأدركتني الغيرة فقلت هل كانت إلا عجوزا وقد أخلف اللّه عز وجل لك خيرا منها، قالت: فغضب رسول اللّه صلى الله عليه وسلم حتى اهتز مقدم شعره من الغضب ثم قال: "واللّه ما أخلفني اللّه عز وجل خير منها آمَنَتْ بِي إِذْ كَفَرَ بِيَ النَّاسُ وَصَدَّقَتْنِي إِذْ كَذَّبَنِي النَّاسُ وَوَاسَتْنِي بِمَالِهَا إِذْ حَرَمَنِي النَّاسُ وَرَزَقَنِي اللّهُ وَلَدَهَا إِذْ حَرَمَنِي أَوْلادَ النِّسَاءِ فقلت بيني وبين نفسي: لا أذكرها بسوء أبدًا"
(1)
، توفيت رضي الله عنها إذ مضى من النبوة عشر سنين وهي بنت [خمس] وستين سنة، وأما أكثر أولاده منها، وقيل: توفيت قبل الهجرة على المشهور وكانت وفاتها بعد وفاة أبي طالب بثلاثة أيام، وأما [ذريته] فمنها فَاطِمَةَ، وَرُقَيَّةَ، وَزَيْنَبَ وَأُمَّ كلْثُومٍ، وَالْقَاسِمَ، وَعَبْدَ اللّهِ
(2)
فهي أول [من آمنت باللّه ورسوله وصدقت] بما جاء منه [فخفف بها] اللّه عز وجل عن رسوله الكفار فلا يسمع شيئًا يكرهه ولا يرد عليهم به" أحد منهم إلا جاء إليها ففرج اللّه عنه بها إذا رجع [إليها تثبته وتهون عليه خصها اللّه عز وجل بالبشرى في حياتها] سلام منه على لسان جبريل عليه السلام وبشرها ببيت في الجنة [من قصب لا صخب فيه ولا وصب]، قال الحافظ ابن عساكر
(3)
عن عكرمة عن ابن عباس أن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم دخل على خديجة وهي في [مرض] الموت
(1)
ينظر: معرفة الصحابة لأبي نعيم (6/ 3200) الاستيعاب في معرفة الأصحاب (4/ 1817). الإصابة في تمييز الصحابة (8/ 99).
(2)
بياض في الأصل بمقدار سطر ونصف.
(3)
تاريخ دمشق (70/ 118).
فقال: "يا خديجة إذا لقيت ضرائرك فأقرئيهن مني السَّلام" قالت: يا رسول اللّه وهل تزوجت قبلي؟ قال: "لا ولكن اللّه زوجني مريم بنت عمران وآسية بنت مزاحم وكلثم أخت موسى" وقال مجاهد عن ابن عمر نزل جبريل إلى رسول اللّه صلى الله عليه وسلم بما أرسل به، وجلس يحدّث رسول اللّه صلى الله عليه وسلم إذ مرت خديجة بنت خويلد، فقال جبريل: من هذه يا محمد؟ قال: هذه صديقة أمتي، قال جبريل: معي إليها رسالة من رب العالمين تبارك وتعالى يقرئها السَّلام، ويبشرها ببيت في الجنة من قصب بعيد من اللهب، لا نصب فيه ولا صخب. قالت: اللّه السَّلام ومنه السَّلام، والسلام عليكما، ورحمة اللّه وبركاته على رسول اللّه صلى الله عليه وسلم، ما ذلك البيت الذي من قصب؟ قال: لؤلؤة جوفاء بين بيت مريم بنت عمران وبيت آسية بنت مزاحم، وهما من أزواجي يوم القيامة.
(1)
شاركها في ذلك من النساء الصحابيات وأفضل أزواج رسول اللّه صلى الله عليه وسلم خديجة واختلفوا في [عائشة] واللّه أعلم.
1156 -
وَعَن أَسمَاء بنت يزِيد رضي الله عنها أَن رَسُول اللّه صلى الله عليه وسلم قَالَ أَيّمَا امْرَأَة تقلدت قلادة من ذهب قلدت فِي عُنُقهَا مثلهَا من النَّار يَوْم الْقِيَامَة وَأَيّمَا امْرَأَة جعلت فِي أذنها خرصا من ذهب جعل فِي أذنها مثله من النَّار يَوْم الْقِيَامَة، رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ بِإِسْنَاد جيد
(2)
.
(1)
بياض في الأصل بمقدار نصف سطر.
(2)
أبو داود (4238)، والنسائي في الكبرى (9439)، والبيهقي (4/ 141)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (911).
1157 -
وَعَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه أَن رَسُول اللّه صلى الله عليه وسلم قَالَ من أحب أَن يحلق جَبينه حَلقَة من نَار فليحلقه حَلقَة من ذهب وَمن أحب أَن يطوق جَبينه طوقا من نَار فليطوقه طوقا من ذهب وَمن أحب أَن يسور جَبينه بِسوار من نَار فليسوره بِسوار من ذهب وَلَكِن عَلَيْكُم بِالْفِضَّةِ فالعبوا بهَا، رَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِإِسْنَاد صَحِيح
(1)
.
قَالَ المملي رحمه الله: وَهَذِه الْأَحَادِيث الَّتِي ورد فِيهَا الْوَعيد على تحلي النِّسَاء بِالذَّهَب تحْتَمل وُجُوهًا من التَّأوِيل.
أَحدهَا: أَن ذَلِك مَنْسُوخ فَإِنَّهُ قد ثَبت إِبَاحَة تحلي النِّسَاء بِالذَّهَب.
الثَّانِي: أَن هَذَا فِي حق من لَا يُؤَدِّي زَكَاته دون من أَدَّاهَا وَيدل على هَذَا حَدِيث عَمْرو بن شُعَيْب وَعَائِشَة وَأَسْمَاء وَقد اخْتلف الْعلمَاء فِي ذَلِك فَروِيَ عَن عمر بن الْخطاب رضي الله عنه أَنه أوجب فِي الْحلِيّ الزَّكَاة وَهُوَ مَذْهَب عبد اللّه بن عَبَّاس وَعبد اللّه بن مَسْعُود وَعبد اللّه بن عَمْرو وَسَعِيد بن الْمسيب وَعَطَاء وَسَعِيد بن جُبَير وَعبد اللّه بن شَدَّاد وَمَيْمُون بن مهْرَان وَابْن سِيرِين وَمُجاهد وَجَابِر بن زيد وَالزهْرِيّ وسُفْيَان الثَّوْريّ وَأبي حنيفَة وَأَصْحَابه وَاخْتَارَهُ ابْن الْمُنْذر. وَمِمَّنْ أسقط الزَّكَاة فِيهِ عبد اللّه بن عمر وَجَابِر بن عبد اللّه وَأَسْمَاء ابْنة أبي بكر وَعَائِشَة وَالشعْبِيّ وَالقَاسِم بن مُحَمَّد وَمَالك وَأحمد وَإِسْحَاق وَأَبُو عُبَيْدَة. قَالَ ابن الْمُنْذر وَقد كَانَ الشَّافِعِي قَالَ بِهَذَا إِذا هُوَ بالعراق ثمَّ وقف عَنهُ
(1)
أبو داود (4236)، وأحمد (8910)، وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب (770).
بِمصْر وَقَالَ هَذَا مِمَّا أستخير اللّه تَعَالَى فِيهِ. وَقَالَ الْخطابِيّ: الظَّاهِر من الآيَات يشْهد لقَوْل من أوجبهَا والأثر يُؤَيّدهُ وَمن أسقطها ذهب إِلَى النّظر وَمَعَهُ طرف من الأَثر وَالاحْتِيَاط أَدَاؤُهَا. وَاللّه أعلم.
الثَّالِث: أَنه فِي حق من تزينت بِهِ وأظهرته وَيدل لهَذَا مَا رَوَاهُ النَّسَائِيّ وَأَبُو دَاوُد عَن ربعي بن خرَاش عَن امْرَأَته عَن أُخْت لِحُذَيْفَة أَن رَسُول اللّه صلى الله عليه وسلم قَالَ يَا معشر النِّسَاء مَا لَكِن فِي الْفضة مَا تحلين بِهِ أما إِنَّه لَيْسَ مِنْكُن امْرَأَة تتحلى ذَهَبا وتظهره إِلَّا عذبت بِهِ
(1)
. وَأُخْت حُذَيْفَة اسْمهَا فَاطِمَة.
وَفِي بعض طرقه عِنْد النَّسَائِيّ عَن ربعي عَن امْرَأَة عَن أُخْت لِحُذَيْفَة رضي الله عنها وَكَانَ لَهُ أَخَوَات قد أدركن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وَقَالَ النَّسَائِيّ بَاب الْكَرَاهَة للنِّسَاء فِي إِظْهَار حلي الذَّهَب ثمَّ صَدره بِحَدِيث عقبَة بن عَامر أَن رَسُول اللّه صلى الله عليه وسلم كَانَ يمْنَع أَهله الْحِلْية وَالْحَرِير وَيَقُول إِن كُنْتُم تحبون حلية الْجنَّة وحريرها فَلَا تلبسوهما فِي الدُّنْيَا.
وَهَذَا الحَدِيث رَوَاهُ الْحَاكِم أَيْضًا وَقَالَ صَحِيح على شَرطهمَا
(2)
. ثمَّ رأى النَّسَائِيّ فِي الْبَاب حَدِيث ثَوْبَان الْمَذْكُور وَحَدِيث أَسمَاء.
1158 -
وَرُوِيَ أَيْضًا عَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه قَالَ كنت قَاعِدا عِنْد النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فَأَتَتْهُ امْرَأَة فَقَالَت يَا رَسُول اللّه سِوَارَيْنِ من ذهب قَالَ سِوَارَيْنِ من نَار، قَالَت يَا رَسُول اللّه طوق من ذهب قَالَ طوق من نَار، قَالَت قرطين من ذهب قَالَ
(1)
النسائي في الكبرى (9437)، وأبو داود (4237).
(2)
النسائي (8/ 156)، وفي الكبرى (9436)، وأحمد (17310)، وابن حبان (5486).
قرطين من نَار قَالَ وَكَانَ عَلَيْهَا سوار من ذهب فرمت بِهِما
(1)
.
الرَّابِع: من الاحْتِمَالَات أَنه إِنَّمَا منع مِنْهُ فِي حَدِيث الأسورة والفتخات لما رأى من غلظه فَإِنَّهُ مَظَنَّة الْفَخر وَالْخُيَلَاء وَبَقِيَّة الْأَحَادِيث مَحْمُولَة على هَذَا وَفِي هَذَا الاحْتِمَال شَيء وَيدل عَلَيْهِ مَا رَوَاهُ النَّسَائِيّ عَن عبد اللّه بن عمر رضي الله عنهما أَن رَسُول اللّه صلى الله عليه وسلم نهى عَن لبس الذَّهَب إِلَّا مقطعا
(2)
. وروى أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ أَيْضًا عَن أبي قلَابَة عَن مُعَاوِيَة بن أبي سُفْيَان رضي الله عنهما أَن رَسُول اللّه صلى الله عليه وسلم نهى عَن ركُوب النمار وَعَن لبس الذَّهَب إِلَّا مقطعا
(3)
. وَأَبُو قلَابَة لم يسمع من مُعَاوِيَة وَلَكِن روى النَّسَائِيّ أَيْضًا عَن قَتَادَة عَن أبي قتادَة عَن أبي شيخ أَنه سمع مُعَاوِيَة فَذكر نَحوه وَهَذَا مُتَّصِل وَأَبُو شيخ ثِقَة مَشْهُور.
وَفِي التِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وصحيح ابْن حبَان عَن عبد اللّه بن بُرَيْدَة عَن أَبِيه قَالَ، جَاءَ رجل إِلَى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وعَلِيهِ خَاتم من حَدِيد فَقَالَ مَا لي أرى عَلَيْك حلية أهل النَّار فَذكر الحَدِيث إِلَى أَن قَالَ من أَي شَيء أتخذه قَالَ من ورق لَا تتمه مِثْقَالا
(4)
. وَاللّه أعلم.
قوله: وعن أسماء بنت يزيد هي أسماء بنت [يزيد] بن السكن قال الحافظ أبو نعيم: وهي السائلة عن دم الحيض وأسماء هذه خطيبة النساء، وهي
(1)
النسائي (8/ 159)، وفي الكبرى (9443).
(2)
النسائي (8/ 163)، وفي الكبرى (9462).
(3)
أبو داود (4239)، والنسائي (8/ 161)، وفي الكبرى (9452).
(4)
الترمذي (1785)، والنسائي (8/ 172)، وفي الكبرى (9508)، وابن حبان (5488).
أنصارية أشهلية كنيتها أم سلمة ويقال: أم عامر بايعت رسول اللّه صلى الله عليه وسلم وروت عنه أحاديث صالحة وشهدت اليرموك وقتلت يومئذ تسعة من الروم بعمود خبائها روى لها البخاري في الأدب والباقون سوى مسلم وهي ابنة عمة معاذ بن جبل كانت من ذوات العقل والدين، قال أبو عمر بن عبد البر:
(1)
روي عنها أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: إني رسول من ورائي من جماعة نساء المسلمين كلهن يقلن بقولي وعلى مثل رأي أن اللّه بعتك إلى الرجال والنساء فأمنا بك واتبعناك وإن معشر النساء مقصورات مخدرات قواعد بيوت وموضع شهوات الرجال وحاملات أولادهم وإن الرجال فضلوا بالجمعات وشهود الجنائز وإذ خرجوا للجهاد حفظنا لهم أموالهم وربينا أولادهم أفنشاركهم في الأجر يا رسول اللّه، فالتفت رسول اللّه صلى الله عليه وسلم بوجهه إلى أصحابه، وقال:"هل سمعتم مقالة امرأة أحسن سؤلا عن دينها من هذه" فقالوا: بلى واللّه يا رسول اللّه، فقال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم:"انصرفي بها أسماء واعلمي من وراءك من النساء أن حسن تبعل أحداكن لزوجها وطلبها لمرضاته واتباعها لموافقته يعدل كلّ ما ذكرت للرجال" فانصرفت أسماء وهي تهلل وتكبر استبشارا بما قال لها النبي صلى الله عليه وسلم ا. هـ.
قوله صلى الله عليه وسلم "أيما امرأة تقلدت بقلادة من ذهب قلدت عنقها مثلها من النار وأيما امرأة جعلت في أذنها خرصا من ذهب جعل في أذنها مثله من النار يوم القيامة" الخرص: بضم الخاء المعجمة وكسرها وإسكان الراء
(1)
الاستيعاب في معرفة الأصحاب (4/ 1817).
والصاد المهملتين هو (الحلقة) الصغيرة من الحلبي وهو من [حلى الأذن قيل] كان في الزمان الأول ثم نسخ وأبيح للنساء التحلى (بالذهب) قيل هو خاص بما لم تؤد زكاته ومنه الحديث أنه وعظ النساء وحثهن على الصدقة فجعلت المرأة تلقي الخرص والخاتم
(1)
.
قوله صلى الله عليه وسلم قال: "قرط من نار" القرط بضم القاف وسكون الراء قال ابن دريد: القرط كلّ ما علق في العنق من شحمة الأذن فهو قرط سواء كان من ذهب أو خرز والأقرطة [جمع جمع] وفي الحديث دليل على جواز (التزين بها) ولبسها وإن كان فيها اسم اللّه تعالى واسمه.
قوله صلى الله عليه وسلم وبعضها [
(2)
…
] الماوردي لبس الثوب المطرز بالقرآن واللّه أعلم.
[قوله عن أبي هريرة] تقدم الكلام على مناقبه.
قوله "من أحب أن يحلق جبينه حلقة من نار فليحلقه حلقة من ذهب" الحديث. (يحلق) بإسكان اللام وحكى الجوهري لغة رديئة في فتحها واللّه أعلم قال الحافظ
(3)
رحمه الله: وهذه الأحاديث التي ورد فيها الوعيد على تحلى النساء بالذهب يحتمل وجهًا من التأويل أحدها: أن ذلك منسوخ، فإنه قد ثبتت إباحة تحلي النساء بالذهب. وقال في شرح الإلمام: وبتقدير الصحة
(1)
النهاية (2/ 22).
(2)
بياض بمقدار 4 كلمات.
(3)
ينظر: فتح الباري لابن حجر (3/ 318).
في الجميع فذلك منسوخ بحديث الترمذي والنسائي، قال عليه الصلاة والسلام في الذهب والحرير: هذان حرام على ذكور أمتي حل لإناثها وبحديث قالت: قدمَت حلية عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم حِلْيَةٌ مِنْ عِنْدِ النَّجَاشيِّ أَهْدَاهَا لَهُ، فِيهَا خَاتَمٌ مِنْ ذَهَبٍ فِيهِ فَصٌّ حَبَشِيٌّ، قَالَتْ: فَأَخَذَهُ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم بِعُودٍ مُعْرِضًا عَنْهُ - أَوْ بِبَعْضِ أَصَابِعِهِ - ثُمَّ دَعَا أُمَامَةَ بنت أَبِي الْعَاصِ فقال: "تَحَلَّيْ بِهَذَا يَا بُنَيَّةُ".
تنبيه: النسخ قال العُلماء: نسخ السنة بالسنة يقع على أربعة أوجه: أحدها: نسخ السنة المتواترة بالمتواتر، والثاني: نسخ خبر الواحد بمثله، والثالث: نسخ الأحاد بالمتواتر، والرابع: نسخ المتواتر بالأحاد فأما الثلاثة الأول فهي جائزة بلا خلاف وأما الرابع فلا يجوز عند الجمهور وقال: بعض أهل الظاهر يجوز واللّه أعلم، وسيأتي الكلام على النسخ بعبارة أوضح من هذه الثاني: من الاحتمالات (أن يكون) هذا في حق من لا يؤدي زكاته دون من [يؤدى زكاته] ويدل على هذا حديث عمرو بن شعيب وعائشة وأسماء أبنت يزيد، وقد اختلف العُلماء في ذلك فروى عن عمر بن الخطاب أنه أوجب في الحلي الزكاة وهو مذهب عبد اللّه بن عباس وعبد اللّه بن مسعود إلى آخر [قوله] ومذهب أبي [حنيفة] وأصحابه واختاره ابن المنذر.
(1)
والزهري هو أبو بكر محمد بن (مسلم بن) ابن الحارث بن عبد اللّه بن عمر، وجابر بن اللّه وأسماء بنت أبي بكر وعائشة والشعبي [والقاسم بن
(1)
بياض بمقدار 6 كلمات.
محمد] ومالك وأحمد وإسحاق وأبو عبيد قال ابن المنذر: وقد كان الشافعي رحمه الله
(1)
يقول هذا إذا هو بالعراق ثم وقف عنه بمصر وقال: هذا مما استخير اللّه فيه ا. هـ. ومن ملك حليًا أي من ذهب أو فضة أو منهما معدا للإستعمال مباح لم تجب فيه الزكاة في أحد القولين لأنه روي أنه صلى الله عليه وسلم قال: "ليس في الحلي زكاة"
(2)
وكاتهما عائشة "تحلي بنات أخيها أياما في حجرها فلا تخرج منها الزكاة" وكان ابن عمر "يحلي بناته وجواريه بالذهب ولا يزكيه"
(3)
ولأنه معد لإستعمال مباح فأشبه المواشي العوامل وهذا
(1)
ينظر: الأم للشافعي (2/ 16) المهذب في فقة الإمام الشافعي للشيرازي (1/ 262) فتح الوهَّاب بشرح منهج الطلاب (1/ 120) منهج الطلاب في فقه الإمام الشافعي رضي الله عنه (ص: 33) تحفة المحتاج في شرح المنهاج وحواشي الشرواني والعبادي (3/ 208) مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج (2/ 62) نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج (3/ 43) حاشيتا قليوبي وعميرة (2/ 3) نهاية المطلب في دراية المذهب (3/ 115) البيان في مذهب الإمام الشافعي (3/ 160) فتاوى ابن الصلاح (2/ 549) العزيز شرح الوجيز المعروف بالشرح الكبير (3/ 3) بحر المذهب للروياني (3/ 3).
(2)
واه ابن الجوزي في التحقيق (90). كما في نصب الراية، للزيلعي، (2/) وإرواء الغليل للألباني، (3/ 294) قال البيهقي: باطلٌ لا أصل له إنما يروى عن جابر من قوله وعافية بن أيوب مجهول التلخيص الحبير لابن حجر، (1/ 176) وأورده الشوكاني في الفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة ثم قال: باطل الفوائد المجموعة، (178). وقال المباركفوري: حديث باطل لا أصل له تحفة الأحوذي، (3/ 285). وقال الألباني: باطل إرواء الغليل للألباني، (3/ 294).
(3)
ومن كبار الصحابة الذين ذهبوا إلى وجوب زكاة الحلي، أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، ومنهم أكثر العبادلة: عبد اللّه بن عمر، وعبد اللّه بن عمرو، وعبد الله بن عباس. كما أنه قول =
القول هو الأصح قال: ويجب في الآخر لحديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدّه المذكور في أول الفصل وحديث الفتخات من الورِق وهو مذكور أيضًا ولأنه من جنس الأثمان فأشبه الدراهم والدنانير قال: الحافظ
(1)
قال: الخطابي الظاهر من الأيات يشهد لقول من أوجبها [والأثر] يؤيده ومن أسقطها ذهب إلى النظر ومعه طرف من الأثر والاحتياط أداؤها واللّه أعلم.
الثالث: من الاحتمالات أنه في حق من تزينت به وأظهرته ويدل لها ما رواه النسائي وأبو داود
(2)
عن ربعي بن حِراش عن امرأته عن أخت لحذيفة أن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قال: "يا معشر النساء ما لكن في الفضة ما تحلين به أما أنه ليس منكن امرأة تتحلى ذهبا وتظهره إلا عذبت به" وأخت حذيفة اسمها فاطمة وكان له أخوات قد [أدركن] النبي صلى الله عليه وسلم وقال: النسائي باب الكراهة للنساء في إظهار حلي الذهب.
= ابن مسعود وقول لأم المؤمنين عائشة رضي الله عنها.
كما ذهب أكثر العُلماء إلى عدم وجوب زكاة الحلي، وهو مروي عن بعض الصحابة والتابعين وأتباعهم والأئمة الثلاثة وهو قول: عبد اللّه بن عمر، وجابر بن عبد اللّه، وأنس بن مالك، وعائشة، وأسماء. وهو قول: القاسم، والشعبي، وقتادة، ومحمد بن علي، وعمرة. وهو قول: مالك، والشافعي، وأبي عبيد، وإسحاق، وأبي ثور المغني لابن قدامة، (3/ 605).
(1)
ينظر: فتح الباري لابن حجر (3/ 364).
(2)
أخرجه أحمد (27011) النسائي 8/ 156، وفي الكبرى (9437)، والبيهقي 4/ 141 وابن سعد 8/ 326، والدارمي (2645) وضعفه الألباني كما في المشكاة المصابيح (2/ 1257).
تنبيه: قوله ربعي بن حراش، حراش: بكسر الحاء المهملة وبالراء وآخره شين معجمة وليس في الصحيحين حراش بالحاء المهملة سواه ومن عداه بالمهملة واللّه أعلم، الرابع: من الاحتمالات أنه إنما منع منه في الحديث الأسورة والفتخات لما رأى من [غلظه] فإنه مظنة الفخر والخيلاء وبقية الأحاديث محمولة على هذا وفي هذا (الاحتمال شيء) ويدل عليه ما رواه النسائي
(1)
عن عبد اللّه بن عمر أن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم، .. وروى أبو داود والنسائي أيضًا عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ، "أَنَّ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ رُكُوبِ النِّمَارِ، وَعَنْ لُبْسِ الذَّهَبِ إِلَّا مُقَطَّعًا".
ومعاوية بن أبي سفيان هم معاوية بن أبي سفيان صخر بن حرب بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف أبو عبد الرحمن الأموي وهو وأبوه من مسلمة الفتح وقيل أنه أسلم في عمرة القضاء وكتم إسلامه روى عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن أبي بكر وعمر وأخته أم حبيبة ولي الشام لعمر بعد أخيه يزيد بن أبي سفيان وأقره عثمان وأقام عشرين سنة أمير وعشرين سنة خليفة وفي كنز الدرر
(2)
كانت خلافته استقلالا تسعة عشر سنة وثلاثة أشهر وقال: الطبري بايع أهل الشام معاوية بالخلافة في ذي القعدة سنة ثمان وثلاثين وذلك حين تفرق الحكمان وكانوا بايعوه على الطلب بدم عثمان ثم صالحه الحسن لخمس بيقين من ربيع الأول سنة إحدى (وأربعين، وهو عام الجماعة. وقال الطبرى
(1)
أخرجه النسائي في المجتبى 8/ 161، وفي الكبرى (9451) و (9452) وأبو داود (4239) وأبو عبيد في غريب الحديث 4/ 328، والطبراني في الكبير 19/ (838).
(2)
كنز الدرر (4/ 70 - 71).
رحمه اللّه: إن معاوية أقام على الشام واليا وخليفة أربعين سنة، منها أربعة سنين في خلافة عمر بن الخطاب رضى اللّه عنه، واثنا عشر سنة في خلافة عثمان رضى اللّه عنه، وقاتل عليّ رضي الله عنه خمس سنين. وخلص له الأمر تسع عشرة سنة. وهو أول ملوك الإسلام وكان حليما كريما شرسا عاقلا كامل السؤدد ذا دهاء ورأي ومكر كأنما خلق للملك قال له النبي صلى الله عليه وسلم "إن ملكت فاعدل"
(1)
ثم قال: رضي الله عنه الخلافة بعدي ثلاثون سنة ثم تكون ملكا وكان كذلك فمات علي عنه بعد ثلاثين سنة ففرغت خلافة النبوة ومات معاوية سنة ستين وله ثمان وسبعون سنة وقيل أكثر من ذلك وقال: هشام مات معاوية أول هلال شهر رجب (سنة ستين على الصحيح) ودعا له النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "اللهم علمه الكتاب والحساب وقه العذاب"
(2)
وقال: "اللهم اجعله هاديا مهديا وأهده وأهد به"
(3)
، وقال:"معاوية أحكم أمتي وأجودها"
(4)
وقال: "أنت أمين اللّه"
(5)
وكان عمر إذا راءاه قال: "هذا ابن كبير العرب"
(6)
(1)
لم نقف عليه مسندًا.
(2)
أخرج البخاري أيضًا بإسناد صحيح في تاريخه الكبير (5/ 240) والطبراني في مسند الشاميين (1/ 190).
(3)
أخرج الإمام البخاري بسند صحيح في التاريخ الكبير (5/ 240): عن أبي مسهر حدّثنا سعيد بن عبد العزيز عن ربيعة بن يزيد عن (الصحابي عبد الرحمن) بن أبي عميرة قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم لمعاوية: "اللهم اجعلهُ هادِيًا مَهديًّا واهده واهدِ به". انظر أيضًا مسند الشاميين (1/ 190) والآحاد والمثاني (2/ 358).
(4)
لم نقف عليه.
(5)
وجدناها في فضائل عمر بن الخطاب ينظر: كشف الخفاء (2/ 377).
(6)
ينظر: أسد الغابة 4/ 385، الكامل 4/ 5، تهذيب الأسماء واللغات 1/ 2/ 102.
وفي الحديث: "أول من يختصم بين يدي الرب تعالى معاوية وعلي وأول من يدخل الجنة أبو بكر وعمر"
(1)
ولما جاء قتل على إلى معاوية جعل يبكي ويسترجع فقالت له امرأته تبكي عليه وكنت تقاتله فقال: ويحك إنك لا تدرين ما فقد الناس من الفضل والفقه والعلم قاله في تاريخه ابن عساكر
(2)
وكان كاتبا للوحي، والحذر ثم الحذر من التعرض لما شجر بين الصحابة فإنهم كلهم عدول وهم مجتهدون فمصيبهم له أجران ومخطئيهم له أجر واحد. واللّه أعلم.
قاله في شرح الإلمام
(3)
: في الحديث نهى رسول اللّه صلى الله عليه وسلم عن لبس الذهب إلا مقطعا والمقطع من الذهب قال الخطابي
(4)
: هو اليسير منه نحو الحلقة الشنف والخاتم وكره الكثير الذي هو عادة أهل السرف وزينة أهل الخيلاء والكبر واليسير هنا ما لا [تجب فيه] الزكاة ا. هـ.
ويشبه أن يكون إنما كره استعمال الكثير منه لأن (صاحبه ربما بخل بإخراج) زكاته فيأثم بذلك عند من أوجب فيه الزكاة [قاله في النهاية والكلام، المذكور في كلام الخطابي
(5)
[في شرح أبي داود] حكى (ابن الاثير الاثير في) النهاية (وفي الحديث) أن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم عَنْ ركُوب النِّمَارِ" وَفِي
(1)
لم نقف عليه.
(2)
تاريخ ابن عساكر 16/ 336.
(3)
سبق وقد أشرنا إلى أن الكتاب لم يطبع بكامله.
(4)
ينظر في معالم السنن (2/ 43).
(5)
السابق.
رِوَايَةٍ "النُّمُورُ" أَيْ جُلُودِ النُّمور، وَهِيَ السِّباع الْمَعْرُوفَةُ، والسباع يقع على الأسد والذئب والنمر والضبع وغيرها وأحدها سبع والنمر الذي في لونه سواد وأكثره بياض والمراد: النهي عن الركوب على جلودها لما فيه من الزينة والخيلاء وهذا النهي يحتمل وجوها أحدها أن يكون بعد الدباغ ولكن الشعر عليه بعد والشعر لا يطهر بالدباغ لأن الدباغ لا يؤثر فيه والنهي عن هذين الوجهين نهي تحريم. الثالث: أن لبس جلد السباع والركوب عليها من فعل السلاطين والجبابرة ولأنه زي العجم وفيه تكبر وزينة لا يليق بالصلحاء وعلى هذا النهي نهي تنزيه وإن كان طاهر. أ. هـ.
وكان مالك يكره الصلاة في جلود السباع وإن دبغت ويمنع من بيعها ويرى الانتفاع بها وأما مذهب الشافعي فإن الدبغ يطهر جلود الحيوان المأكول وغير المأكول إلا الكلب والخنزير وما تولد منهما والدباغ يطهر كلّ جلد ميتة غيرهما وفي الشعور والأوبار خلاف هل تطهر بالدباغ أم لا وقيل إنما نهي عن جلود السباع مطلقا وعن جلد النمر خاصا قوله، وفي الترمذي والنسائي وصحيح ابن حبان
(1)
قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم وعليه خاتم من حديد فقال: مَا لِي أَرَى عَلَيْكَ حِلْيَةَ أَهْلِ النَّارِ فَطَرَحَهُ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللّهِ مِنْ أَيِّ شَيءٍ أتَّخِذُهُ قَالَ اتَّخِذْهُ مِنْ وَرِقٍ وَلَا تُتِمَّهُ مِثْقَالًا ا. هـ وَجَمْعُ الحِلْيَة حِلًى، مِثْلَ لِحْيَة ولِحًى، وربَّما ضُمَّ. وَتُطْلق الحِلْيَة عَلَى الصِّفة أَيْضًا وَإِنَّمَا جعَلها حِلْيَة أَهْلِ النَّار لِأَنَّ الْحَدِيدَ زِيُّ بَعْضِ الكُفار وَهُمْ أَهْلُ النَّارِ. وَقِيلَ إِنَّمَا كَرِهَه
(1)
سبق تخريجه.
لِأَجْلِ نَتْنِه وزُهُوكَتِه. وَقَالَ فِي خَاتَمِ الشِّبْه: ريحُ الأصْنام، لأنَّ الأصْنام كَانَتْ تُتَّخذ مِنَ الشِّبه. ا. هـ. قاله في النهاية
(1)
.
ففي هذا الحديث: كراهة خاتم الحديد لكن الأصح في الروضة أنه لا يكره خاتم الحديد والرصاص والنحاس وبه قطع في التتمة لقوله صلى الله عليه وسلم للذي أراد أن يتزوج "التمس ولو خاتما من حديد"
(2)
ويجوز التختم في اليمين والشمال والأصح في الروضة واليمين أفضل لرواية أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم لبس خاتم من فضة في يمينه وجعل فصه مما يلي كفه وسيأتي الكلام على ذلك مفصلا.
الفائدة: ووجه مقابلة أنه صلى الله عليه وسلم كان يلبسه في يساره رواه مسلم
(3)
. وقال: يَا رَسُولَ اللّهِ، مِنْ أَيِّ شَيءٍ أَتَخِذُهُ؟ قَالَ:"اتَّخِذْهُ مِنْ وَرِقٍ، وَلا تُتِمَّهُ مِثْقَالًا" الحديث. ويجوز (التختم) بخاتم الفضة لأنه صلى الله عليه وسلم كان له خاتم من فضة ونقشه محمد رسول اللّه أخرجه البخاري
(4)
وغيره، وينبغي أن ينقص عن مثقال لهذا الحديث ولا تتمة مثقال.
فائدة: اتخذ صلى الله عليه وسلم خاتمًا من ذهب فلما رأى الناس اتبعوه فيه رمى به وحرم على الذكور لبسه لما فيه من [الفتنة] وزيادة المؤونة واتخذ خاتما من الفضة وكان يجعل فصه مما يلي كفه لأنه أبعد من التزين والإعجاب
(1)
النهاية (1/ 435).
(2)
والبخاري (5149) و (5150)، ومسلم (1425)(77).
(3)
صحيح مسلم (2091).
(4)
صحيح البخاري (5873).
وكذلك فيه صون للفص. وكان له صلى الله عليه وسلم خاتمان من [فضة، كان فص] أحدهما [منها وذلك لكراهته التزين ببعض الجواهر المتلونة ببعض الأصباغ الرائعة المناظر التي تميل إليها النفوس وكان فص الآخر حبشيا، وذلك ما لا بهجة له ولا زينة فيه] في يده اليمنى خنصره والخنصر الإصبع الصغرى لأن اليمنى أشرف وأفضل فهي أحق [بالزينة] والإكرام قال: مالك [التختم في اليسار أفضل قال في شرح السنة كان آخر الأمرين منه صلى الله عليه وسلم لبسه في اليسار][وقال الخطابي] لم يكن لبس الخاتم من لباس العرب وإنما هو من زي العجم والحكمة في كونه في الخنصر لأنه أبعد [من] الإمتهان فيما يتعاطى باليد لكونه طرفا ولأنه لا [يشغل] اليد عما يتناوله [من أشغالها].
لطيفة: [روي] ابن عدي في ترجمة: أحمد بن [عبد اللّه بن حكيم] عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من اتخذ خاتما فصه ياقوت نفي عنه الفقر
(1)
. قال ابن الأثير: يُريد أنَّهُ إِذَا ذَهب مالُه بَاعَ خَاتَمَهُ فَوَجَدَ فِيهِ غِنًى، [قال وَالْأَشْبَهُ - إِنْ صَحّ الْحَدِيثُ - أَنْ يَكُونَ لِخَاصِّيَّةٍ فِيهِ. كما [أن النار] لا تؤثر فيه ولا تغيره، [وأن من] تختم به أمن من الطاعون وتيسرت له أمور المعاش ويقوي قلبه ويهابه الناس ويسهل عليه قضاء الحوائج [وفي] كتاب [الخصائص] لأبي الربيع سليمان بن سبع السبتي أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطى عليا فصا من ياقوت وأمره أن ينقش عليه لا إله إلا اللّه ففعل فأتى به إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال له: "ألم أمرك أن تنقش عليه لا إله إلا اللّه فلم زدت محمد رسول اللّه فقال: والذي بعثك بالحق
(1)
الكامل (1/ 281). قال ابن عدى: وهذا الحديث باطل بهذا الإسناد، وأبو ضمرة ثقة.
ما فعلت إلا ما أمرتني به! فهبط جبريل عليه صلى الله عليه وسلم وقال: يا محمد، إن اللّه يقول لك:"أحببتنا فكتبت اسمنا، ونحن أحببناك فكتبنا اسمك"
(1)
. والمرجان إذا علق على طفل امتنعت عنه أعين السوء من الجن والإنس. والبلور من علق عليه لم ير منام سوء.
(1)
النجم الوهاج (1/ 259).