المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الصوم الترغيب في الصوم مطلقا وما جاء في فضله وفضل دعاء الصائم - فتح القريب المجيب على الترغيب والترهيب - جـ ٥

[حسن بن علي الفيومي]

فهرس الكتاب

- ‌[الترهيب من منع الزكاة وما جاء في زكاة الحلي]

- ‌فصل

- ‌التَّرْغِيب فِي الْعَمَل على الصَّدَقَة بالتقوى والترهيب من التَّعَدِّي فِيهَا والخيانة واستحباب ترك الْعَمَل لمن لَا يثِق بِنَفسِهِ وَمَا جَاءَ في المكّاسين والعشّارين والعُرَفاء

- ‌فصل

- ‌التَّرْهِيب من الْمَسْأَلَة وتحريمها مَعَ الْغنى وَمَا جَاءَه في ذمّ الطمع وَالتَّرْغِيب فِي التعفف والقناعة وَالْأكل من كسب يَده

- ‌ترغيب من نزلت به فاقة أو حاجة أن ينزل لها بالله تعالى

- ‌الترهيب من أخذ ما دفع من غير طيب نفس المعطي

- ‌ترغيب من جَاءَهُ شَيْء من غير مَسْأَلَة وَلَا إشراف نفس فِي قبُوله سِيمَا إِن كَانَ مُحْتَاجا وَالنَّهْي عَن رده وَإِن كَانَ غَنِيا عَنهُ

- ‌ترهيب السائل أن يسأل بوجه الله غير الجنة وترهيب المسؤول بوجه الله أن يمنع

- ‌التَّرْغِيب فِي الصَّدَقَة والحث عَلَيْهَا وَمَا جَاءَ فِي جهد الْمقل وَمن تصدق بِمَا لَا يجب

- ‌[الترغيب في صدقة السر]

- ‌الترغيب في الصدقة على الزوج والأقارب وتقديمهم على غيرهم

- ‌الترهيب من أن يسأل الإنسان مولاه أو قريبه من فضل ماله فيبخل عليه أو يصرف صدقته إلى الأجانب وأقرباؤه محتاجون

- ‌[الترغيب في القرض وما جاء في فضله]

- ‌[الترغيب في التيسير على المعسر وإنظاره والوضع عنه]

- ‌الترغيب في الإنفاق في وجوه الخير كرما والترهيب من الإمساك والادخار شحا

- ‌الترغيب في إطعام الطعام وسقي الماء والترهيب من منعه

- ‌فصل

- ‌الترغيب في شكر المعروف ومكافأة فاعله والدعاء له وما جاء فيمن لم يشكر ما أولي إليه

- ‌كتاب الصيام

- ‌الصوم الترغيب في الصوم مطلقا وما جاء في فضله وفضل دعاء الصائم

- ‌فصل

- ‌التَّرْغِيب فِي صِيَام رَمَضَان احتسابا وَقيام ليله سِيمَا لَيْلَة الْقدر وَمَا جَاء فِي فَضله

- ‌التَّرْهِيب من إفطار شَيْء من رَمَضَان من غير عذر

- ‌التَّرْغِيب فِي صَوْم سِتّ من شَوَّال

- ‌التَّرْغِيب فِي صِيَام يَوْم عَرَفَة لمن لم يكن بهَا وَمَا جَاءَ فِي النَّهي عَنْهَا لمن كَانَ بهَا حَاجا

- ‌التَّرْغِيب فِي صِيَام شهر الله الْمحرم

- ‌الترغيب في صوم يوم عاشوراء والتوسيع فيه على العيال

- ‌التَّرْغِيب فِي صَوْم شعْبَان وَمَا جَاءَ فِي صِيَام النَّبِي صلى الله عليه وسلم لَهُ وَفضل لَيْلَة نصفه

- ‌التَّرْغِيب فِي صَوم ثلاثة أَيَّام من كل شهر سِيمَا الْأَيَّام الْبيض

- ‌التَّرْغِيب فِي صَوْم الِاثْنَيْنِ وَالْخمِيس

- ‌التَّرْغِيب فِي صَوْم الأرْبَعَاء وَالْخَمِيس وَالْجُمُعَة والسبت والأحد وَمَا جَاءَ فِي النَّهْي عَن تَخْصِيص الْجُمعَة بِالصَّوْم أَو السبت

- ‌التَّرْغِيب فِي صَوْم يَوْم وإفطار يَوْم وَهُوَ صَوْم دَاوُد عليه السلام

- ‌ترهيب الْمَرْأَة أَن تَصُوم تَطَوّعا وَزوجهَا حَاضر إِلَّا أَن تستأذنه

- ‌ترهيب الْمسَافِر من الصَّوْم إِذا كَانَ يشق عَلَيْهِ وترغيبه فِي الْإِفْطَار

- ‌التَّرْغِيب فِي السّحُور سِيمَا بِالتَّمْرِ

الفصل: ‌الصوم الترغيب في الصوم مطلقا وما جاء في فضله وفضل دعاء الصائم

‌كتاب الصيام

تقدم الكلام على الكتاب واشتقاقه في أوائل هذا التعليق.

‌الصوم الترغيب في الصوم مطلقا وما جاء في فضله وفضل دعاء الصائم

فالصيام لاسمه معنيان، أحدهما لغوي، والآخر شرعي تعبد الله به عباده، فأما معنى الصيام في اللغة فالإمساك مطلقا عما يصنعه الإنسان وغيره من حركة أو كلام أو أكل أو شرب أو مشي ونحو ذلك من سائر الحركات، فإذا أمسك عما يصنعه سمي صائما في اللغة، ودليل ذلك قوله تعالى حاكيا عن مريم عليها السلام:{إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا}

(1)

أي إمساكا عن الكلام، وقال المفسرون

(2)

: أي صمتا، وتقول العرب: خيل صائمة إذا كانت قائمة دون أكل ولا رعي، يقال صام الفرس إذا ثبت قائما

(3)

. قاله في العلم المشهور

(4)

.

والصيام في الشريعة: الإمساك عن الأكل والشرب والجماع من طلوع

(1)

سورة مريم، الآية:26.

(2)

ينظر: معاني القرآن وإعرابه للزجاج (3/ 326).

(3)

التمهيد (2/ 37).

(4)

العلم المشهور (لوحة 115).

ص: 625

الفجر إلى غروب الشمس

(1)

فإن أكل الصائم أو شرب أو جامع ناسيا فلا فطر ولا قضاء

(2)

للحديث وهو قوله صلى الله عليه وسلم: "من نسي وهو صائم فأكل أو شرب فليتم صومه فإنما أطعمه الله وسقاه"

(3)

، وقال أهل المعرفة: الصوم ثلاثة، صوم العام وصوم الخاص وصوم الأخص، فصوم العام ترك الأكل والشرب والوقاع وصوم الخاص مخالفة الجوارح والأعضاء وأن يعفو عمن ظلمه ويكف لسانه عن أهل القبلة

(4)

.

1441 -

عَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ الله عز وجل كل عمل ابْن آدم لَهُ إِلَّا الصَّوْم فَإِنَّهُ لي وَأَنا أجزي بِهِ وَالصِّيَام جنَّة فَإِذا كَانَ يَوْم صَوْم أحدكُم فَلَا يرْفث وَلَا يصخب فَإِن سابه أحد أَو قَاتله فَلْيقل إِنِّي صَائِم إِنِّي صَائِم وَالَّذِي نفس مُحَمَّد بِيَدِهِ لخلوف الصَّائِم أطيب عِنْد الله من ريح الْمسك للصَّائِم فرحتان يفرحهما إِذا أفطر فَرح بفطره هاِذا لَقِي ربه فَرح بصومه، رَوَاهُ البُخَارِيّ وَاللَّفْظ لَهُ وَمُسلم

(5)

.

(1)

التمهيد (2/ 38) والعلم المشهور (لوحة 115).

(2)

شرح النووي على مسلم (8/ 35).

(3)

أخرجه البخاري (1933) و (6669)، ومسلم (171 - 1155) عن أبي هريرة.

(4)

انظر إحياء علوم الدين (1/ 234)، ومنهاج القاصدين (1/ 189). وزادا: وأما صوم خصوص الخصوص: صوم القلب عن الهمم الدنيئة، والأفكار المبعدة عن الله تعالى، وكفه عما سوى الله تعالى بالكلية.

(5)

البخاري (1904)، ومسلم (1151)، وأحمد (7693).

ص: 626

1442 -

وَفِي رِوَايَة للْبُخَارِيّ يتْرك طَعَامه وَشَرَابه وشهوته من أَجلي الصّيام لي وَأَنا أجزي بِهِ والحسنة بِعشر أَمْثَالهَا

(1)

.

قوله: عن أبي هريرة رضي الله عنه، تقدم الكلام على أبي هريرة.

قوله صلى الله عليه وسلم: "كل عمل ابن آدم له إلا الصوم" الحديث، هذا حديث شريف رواه رسول الله صلى الله عليه وسلم عن رب العالمين وأجمع المسلمون على صحته أخرجه البخاري بهذا النص.

قال الإمام أبو عبد الله القرطبي في شرح مسلم

(2)

: اختلف العلماء في معنى هذا على أقوال، أحدها: أن أعمال بني آدم يمكن الرياء فيها فتكون لهم إلا الصيام فإنه لا يمكن فيه إلا الإخلاص لأن حال الممسك شبعا كحال الممسك تقربا، وارتضاه المازري؛ ثانيها: أن أعمال بني آدم كلها لهم فيه حظا إلا الصيام فإنه لا حظ لهم فيه قاله الخطابي

(3)

، وثالثها: أن أعمالهم هي أوصافهم ومناسبة لأحوالهم إلا الصيام فإنه استغناء عن الطعام وذلك من خواص أوصاف الحق سبحانه وتعالى؛ ورابعها: ان أعمالهم مضافة إليهم إلا الصيام فإن الله تعالى أضافه إلى نفسه تشريفا كما قال بيتي وعبادي؛ وخامسها: أن أعمالهم يقتص منها يوم القيامة [فيما عليهم] إلا الصيام فإنه لله تعالى ليس لأحد من أصحاب الحقوق أن تأخذ منه شيئًا قاله ابن

(1)

البخاري (1894).

(2)

المفهم (10/ 1 - 3).

(3)

أعلام الحديث (2/ 946).

ص: 627

العربي

(1)

، وقد كنت أستحسنه إلى أن فكَّرت في حديث المُقاصَّة الذي في صحيح مسلم فوجدت فيه ذكر الصوم من جملة الأعمال المذكورة للأخذ منها فإنه قال:"أتدرون من المفلس؟ " قالوا: المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع، فقال:"المفلس هو الذي يأتي يوم القيامة بصلاة وصدقة وصيام ويأتي قد شتم هذا وقذف هذا وضرب هذا وسفك دم هذا فيأخذ هذا من حسناته وهذا من حسناته فإن فنيت حسناته قبل أن يقضي ما عليه أخذ من سيئاتهم فطرحت عليه ثم طرح في النار"

(2)

وهذا يدل على أن الصوم يؤخذ كسائر الأعمال

(3)

؛ وسادسها: أن الأعمال كلها ظاهرة للملائكة فتكتبها إلا الصوم فإنما هو نية وإمساك فالله يعلمه ويتولى جزاؤه قاله أبو عبيد، وسابعها: أن الأعمال قد كشفت لبني آدم مقادير ثوابها وتضعيفها إلا الصيام فإن الله يثيب عليه بغير تقدير ويشهد لهذا سياق الراوية الأخرى التي فيها "كل عمل ابن آدم يضاعف الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف" قال الله تعالى "إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به" يعني والله أعلم أنه يجازي عليه جزاء كثيرا من غير أن يعين مقداره ولا تضعيفه وهذا كما قال الله تعالى:

(1)

ينظر المفهم (10/ 2)، وشرح الالمام (3/ 161).

(2)

أخرجه مسلم (59 - 2581)، والترمذي (2418) عن أبي هريرة.

(3)

قال الحافظ ابن حجر ردًا على القرطبي: قلت: يمكن تخصيص الصيام من ذلك، ويستدل له بما رواه الإمام أحمد من طريق حماد بن سلمة، عن أبي هريرة رفعه: كل العمل كفارة إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به انظر: فتح الباري (6/ 109).

ص: 628

{إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ}

(1)

وهم الصائمون في أكثر أقوال المفسرين وهذا قول ظاهر الحسن والله أعلم أ. هـ

قوله صلى الله عليه وسلم: "إلا الصوم فإنه لي" الحديث، قال النووي

(2)

: اختلف العلماء في معنى إضافة الصوم إلى الله تعالى مع كون جميع الطاعات لله تعالى، فقيل: سبب ذلك أنه لم يعبد أحد غير الله تعالى به فلم تعظم الكفار في عصر من الأعصار معبودا لهم بالصيام وإن كانوا يعظمونه بصورة الصلاة والسجود والصدقة والذكر وغير ذلك، وقيل: لأن الصوم يبعد من الرياء لخفائه بخلاف الصلاة والحج والغزو والصدقة وغيرها من العبادات الظاهرة وارتضاه المازري وتقدم، وقيل: معناه أنا المتفرد بعلم مقدار ثوابه وتضعيف حسناته وغيره ذلك من العبادات أظهر الله سبحانه وتعالى بعض مخلوقاته أ. هـ.

فقد أكثر الناس في [تأويل] هذا الحديث وأنه لم خص الصيام والجزاء عليه بنفسه عز وجل وإن كانت العبادات كلها له وجزاؤها منه وذكروا فيه وجوها مدار كلها على أن الصوم سر بين الله تعالى والعبد لا يطلع عليه سواه ولا يكون العبد حقيقة صائما إلا وهو مخلص في الطاعة، وأحسن ما سمعت في تأويل هذا الحديث أن جميع العبادات التي يتقرب بها العباد إلى الله تعالى من صلاة وحج وصدقة واعتكاف وتبتل ودعاء وقربان وهدي وغير ذلك من

(1)

سورة الزمر، الآية:10.

(2)

شرح النووي على مسلم (8/ 29).

ص: 629

أنواع العبادات قد عبد المشركون بها آلهتهم وما كانوا يتخذونه من دون الله أندادا ولم يسمع أن طائفة من طوائف المشركين وأرباب النحل في الأزمان المتقادمة عبدت آلهتها بالصوم ولا تقربت إليها به ولا عرف الصوم في العبادات إلا من جهة الشرائع فلذلك قال الله تعالى: "الصوم لي وأنا أجزي به" أي لم يشاركني فيه أحد ولا عبد به غيري فأنا حينئذ أجزي به وأتولى الجزاء عليه بنفسي ولم آكله إلى أحد من ملك مقرب أو غيره على قدر اختصاصه بى قاله ابن الأثير

(1)

، أ. هـ.

وذكر أبو الخير الطالقاني: فيه خمسة وخمسين قولا، قال الشيخ: من أحسنها قول سفيان بن عيينة ناهيك به أن يوم القيامة يتعلق خصماؤه بجميع أعماله [إلا] الصوم [فلا سبيل لهم عليه] فإنه لله تعالى

(2)

[قيل هي إضافة تشريف] وذلك من قول [الله تعالى ناقة الله مع أن العالم كلّه لله تعالى] والله أعلم؛ وفي هذا الحديث: بيان عظيم فضل الصوم والحث عليه

(3)

.

قوله صلى الله عليه وسلم: "وأنا أجزي به" ففيه بيان لعظيم فضله وكثرة ثوابه لأن الكريم إذا أخبر أنه يتولى الجزاء بنفسه اقتضى عظم قدر الجزاء وسعة العطاء

(4)

[ودليل على أن جزاءه موكول إلى علم الله تعالى وأنه لا يدخل تحت إحاطة البشر

(5)

].

(1)

النهاية في غريب الحديث والأثر (1/ 270 - 271).

(2)

البدر المنير (1/ 695)، والنجم الوهاج (3/ 353).

(3)

شرح النووي على مسلم (8/ 29).

(4)

شرح النووي على مسلم (8/ 29).

(5)

طرح التثريب (4/ 102).

ص: 630

قوله صلى الله عليه وسلم: "والصيام جنة" قد ضبطه الحافظ

(1)

: الجنة وفسرها فقال الجنة ما يجنك أي يسترك ويقيك مما تخاف، وقال: معنى الحديث أن الصوم يستر صاحبه ويحفظه من الوقوع في المعاصي وقال في شرح المشارق: الجنة الترس مأخوذ من الجن وهو الستر جعل الصيام جنة لأنه يقي صاحبه ما يؤذيه من الشهوات التي هي من أسلحة الشيطان فإن الشبع مجلبة للآثام منقصة للإيمان، لهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم "ما ملأ آدمي وعاء شرا من بطنه"

(2)

فإن من امتلأ بطنه انتكست بصيرته وتشوشت فكرته لما يستولي على معادن إدراكه من الأبخرة المتصاعدة من معدته إلى دماغة فلا يتأتي له نظر صحيح ولعله يقع في مداحض فيزيغ عن الحق كما أشار إليه صلوات الله عليه في قوله صلى الله عليه وسلم: "لا تشبعوا فتطفئوا أنوار المعرفة من قلوبكم"

(3)

كذا في شرح القاضي البيضاوي

(4)

، وذكر في جمل الغرائب: الصوم جنة أي من النار أو من المعاصي لكسر الشهوة أو جنة عن اللغو والغيبة فالصائم يجتن بصومه عنهما والجنة جمع جنن

(5)

.

(1)

أي المنذري.

(2)

أخرجه ابن ماجه (3349)، والترمذي (2380) وابن حبان (674) و (5236) عن المقدام بن معدى كرب. وصححه الألباني في الإرواء (1983)، الصحيحة (2265).

(3)

أخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق (19/ 447) من طريق عمرو بن عمر عن إسحاق بن نوح عن مكحول عن أبي هريرة. وإسناده واه جدًا.

(4)

تحفة الأبرار (1/ 67 - 68).

(5)

جمل الغرائب (ص 413).

ص: 631

قوله صلى الله عليه وسلم: "فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث" الرفث: قال الحافظ

(1)

بفتح الفاء والراء ويطلق ويراد به الجماع ويطلق ويراد به الفحش ويطلق ويراد به [خطاب] الرجل المرأة فيما يتعلق بالجماع وقال كثير من العلماء: إن المراد به [فى هذا] الحديث الفحش وردئ الكلام أ. هـ.

وقال القاضي عياض

(2)

: يرفث بضم الفاء وكسرها وفتحها ثلاث لغات حكاها في المشارق والمراد به الفحش من القول وقال صاحب العلم المشهور

(3)

: الرفث في كلام العرب على وجهين أحدهما: الجماع والآخر الكلام القبيح والفحش من المقال والتشاتم والخنا والتلاعن ونحو ذلك من قبيح الكلام الذي هو سلاح اللئام ومنه اللغو كله والباطل والزور

(4)

وقال أبو عبيد: اللغو كل شيء من الكلام ليس بحسن والفحش أشد من اللغو

(5)

، أ. هـ.

وقوله صلى الله عليه وسلم: "ولا يصخب" هذا هو بالصاد هو هنا بالصاد ويقال أيضًا بالسين والصاد وهو الصياح

(6)

، وقال في العلم المشهور

(7)

: والصخب ارتفاع الأصوات واختلاطها وصواب كتبه بالصاد وضعف الخليل من كتبها

(1)

أي المنذري كما بعد حديث 1447.

(2)

مشارق الأنوار (1/ 296).

(3)

العلم المشهور (لوحة 122 و 123).

(4)

التمهيد (19/ 54 - 55).

(5)

الاستذكار (2/ 20) والتمهيد (19/ 32).

(6)

مشارق الأنوار (2/ 209).

(7)

العلم المشهور (لوحة 123).

ص: 632

بالسين

(1)

والله أعلم، قال القاضي عياض

(2)

: ورواه الطبري

(3)

"يسخر" بالراء، قال: ومعناه: صحيح لأن السخرية تكون بالقول والفعل وكله من الجهل قال بعض العلماء: قلت هذه الرواية تصحيف وإن كان لها معنى

(4)

.

قوله صلى الله عليه وسلم: "فإن سابه أحد أو قاتله" قال القاضي عياض

(5)

: قوله "أو قاتله" قاتله" معنى قاتله دافعه ونازعه ويكون بمعنى شاتمه ولاعنه وقد جاء القتل بمعنى اللعن وقال ابن عبد البر

(6)

: المعنى في المقاتلة مقاتلته بلسانه.

قوله صلى الله عليه وسلم: "فليقل إني صائم إني صائم" الحديث، ذكر العلماء فيه تأويلين أحدهما وبه جزم المتولي ونقله الرافعي عن الأئمة أنه يقول في قلبه لا بلسانه بل يحدث نفسه بذلك ويذكرها أنه صائم لا يليق به الجهل والمشاتمة لينزجر بذلك

(7)

فنهى الشارع صلى الله عليه وسلم الصائم عن مقاتلة من قاتله بلسانه ومشاتمة من شاتمه لصونه صومه عن ذلك على ما ورد به هذا الحديث المجمع على صحته

(8)

.

(1)

مشارق الأنوار (2/ 40).

(2)

إكمال المعلم بفوائد مسلم (4/ 110).

(3)

سبق تخريجه.

(4)

قاله النووي كما في شرح مسلم (8/ 31).

(5)

إكمال المعلم بفوائد مسلم (4/ 109).

(6)

الاستذكار (3/ 347) التمهيد (19/ 55).

(7)

طرح التثريب (4/ 93).

(8)

التمهيد (19/ 55).

ص: 633

قال في العلم المشهور

(1)

: ولا يظهر قوله "إني صائم" لما فيه من الرياء وإطلاع الناس على عمله لأن الصوم من العمل الذي لا يظهر ولذلك يجزي الله جل ثناؤه الصائم أجره بغير حساب

(2)

؛ الثاني: أنه يقوله بلسانه ويسمعه صاحبه ليزجره عن نفسه

(3)

، وقال في العلم المشهور: أي صومي يمنعني من مجاوبتك لأنى أصون صومي عن الخنا والزور من القول فبهذا أمرت، ولولا ذلك لانتصرت لنفسي بمثل ما قلت لي

(4)

وهذا رجحه النووي في الأذكار وغيرها

(5)

فقال إنه أظهر الوجهين، وقال في شرح المهذب

(6)

: التأويلان حسنان حسنان والقول باللسان أقوى ولو جمعهما كان حسنا انتهى، وحكي الروياني في البحر

(7)

وجها واستحسنه أنه إن كان صوم رمضان فيقوله بلسانه وإن كان نفلا فبقلبه

(8)

.

واعلم أن نهي الصائم عن الرفث والجهل والمخاصمة والمشاتمة ليس مختصا به بل كل أحد مثله في أصل النهي عن ذلك لكن الصائم

(1)

العلم المشهور (لوحة 123).

(2)

الاستذكار (3/ 374)، والتمهيد (19/ 56).

(3)

طرح التثريب (4/ 93).

(4)

قاله ابن عبد البر في الاستذكار (3/ 374) والتمهيد (19/ 55).

(5)

الأذكار (ص 330)، وتحرير ألفاظ التنبيه (ص 127).

(6)

المجموع شرح المهذب (6/ 356).

(7)

بحر المذهب (3/ 294).

(8)

طرح التثريب (4/ 93).

ص: 634

آكد

(1)

والله أعلم.

واختلف إذا سب الصائم أحدا أو اغتابه فالجمهور

(2)

أن ذلك ليس بمفسد للصوم، وذهب الأوزاعي إلى أن ذلك مفطر مفسد وبه قال الحسن البصري فيما أحسب قاله القرطبي

(3)

.

قوله صلى الله عليه وسلم: "والذي نفس محمد بيده" تقدم الكلام على ذلك وأن فيها تأويلين للعلماء ففيه من الفقه معرفة يمين رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنه كان يحلف على ما يريد بالله تعالى وقد جاء عنه في غير ما حديث وفيه رد على من قال: لا يحلف أحد بالله صادقا ولا كاذبا وفي رسول الله صلى الله عليه وسلم الأسوة الحسنة مع ما صح عنه أنه قال: "من كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت" وإنما يحرم الاستخفاف والحنث وفيه إشارة إلى التوحيد الخالص وأنه لا حكم عليه إلا حكم الله تعالى وحده أ. هـ، قاله في العلم المشهور

(4)

.

قوله صلى الله عليه وسلم: "لخلوف [فم] الصائم أطيب عند الله من ريح المسك"

(1)

شرح النووي على مسلم (8/ 28 - 29).

(2)

ينظر: البحر الرائق شرح كنز الدقائق (2/ 276) شرح مختصر الطحاوي للجصاص (2/ 399) العزيز شرح الوجيز المعروف بالشرح الكبير ط العلمية (3/ 172) نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج (3/ 148) مغني المحتاج (1/ 420) المحلى بالآثار (3/ 415).

(3)

المفهم (10/ 4).

(4)

العلم المشهور (لوحة 123).

ص: 635

الحديث، الخلوف ضبطه الحافظ

(1)

بضم الخاء المعجمة واللام وفسره فقال هو تغير رائحة الفم من الصوم أ. هـ، وهذا الذي ضبطه المنذري قال النووي

(2)

هو الصواب وهو الذي ذكره الخطابي

(3)

وغيره من أهل الغريب وهو ما يخلف بعد الطعام في الفم من ريح كريهة لخلو المعدة من الطعام فهو مصدر خلف فمه يخلف خلوفا على وزن قعد يقعد قعودا بضم الخاء ولا يجوز فتحها هو مأخوذ من قولهم خلف اللبن وأخلف إذا تغيرت رائحته أ. هـ

وكثير من المحدثين يفتحون الخاء وهو غلط والمعنى يفسد به فإن الخلوف بفتح الخاء هو الشخص الذي يكثر خلفه في موعده قاله الخطابي

(4)

وهو خطأ عند أهل العربية وأما صاحبا المشارق والمطالع

(5)

فقالا بضم الخاء. اختلف العلماء في معنى كون هذا الخلوف أطيب من ريح المسك بعد الاتفاق على أنه سبحانه وتعالى منزه عن استطابة الروائح الطيبة واستقذار الروائح الخبيثة الكريهة فإن ذلك من صفات الحيوان الذي له طبائع تميل إلى شيء فتستطيبه وتنفر من شيء فتستقذره فالله تعالى مقدس

(6)

على أقوال

(1)

أي المنذري.

(2)

شرح النووي على مسلم (8/ 29 - 30).

(3)

أعلام الحديث (2/ 940) وغريب الحديث (3/ 239).

(4)

إصلاح غلط المحدثين (ص 44) وغريب الحديث (3/ 239).

(5)

مشارق الأنوار (1/ 239)، ومطالع الأنوار (2/ 448).

(6)

المعلم (2/ 61).

ص: 636

أقوال أحدها: قال المازري

(1)

هو مجاز واستعارة لأنه جرت عادتنا بتقريب الروائح الطيبة منا فاستعير بذلك في الصوم لتقريبه من الله تعالى، أهـ، فيكون المعنى: أن خلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك عندكم أي أنه يقرب إليه أكثر من تقريب المسك إليكم وذكر ابن عبد البر

(2)

، نحوه، الثاني: أن معناه أن الله تعالى يجازيه به في الآخرة أي ثوابا عظيما فتكون نكهته أطيب من ريح المسك كما قال صلى الله عليه وسلم في الشهيد: "اللون لون الدم والريح ريح المسك" حكاه القاضي عياض

(3)

، الثالث: قال صاحب المفهم

(4)

: يحتمل أن يكون ذلك في حق ملائكة الله تعالى يستطيبون ريح الخلوف أكثر مما يستطيبون ريح المسك وإن كانت رائحة الخلوف عندنا بخلافه، الرابع: أن المعنى أن صاحب الخلوف هو تغير رائحة الفم أكثر ثوابا من المسك حيث ندب في الجمع والأعياد ومجالس الحديث والذكر وسائر مجامع الخير قاله الداودي من المغاربة وابن العربي

(5)

وصاحب المفهم وبعض أصحابنا

(6)

، قال النووي

(7)

: إنه الأصح وقال عالم المغرب وقاضيها: قال

(1)

المعلم (2/ 61 - 62).

(2)

الاستذكار (3/ 357) التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد (19/ 57).

(3)

إكمال المعلم بفوائد مسلم (4/ 112).

(4)

المفهم (10/ 5).

(5)

ينظر: أحكام القرآن لابن العربي (1/ 108)، وعارضة الأحوذى (1/ 149).

(6)

المجموع (1/ 278)، وطرح التثريب (4/ 96).

(7)

انظر: شرح النووي على مسلم (8/ 30).

ص: 637

بعض أهل العلم إنما سيق هذا الحديث في معرض أن الإنسان لا ينبغي له أن يأنف من القرب من الصائم لما فيه من التغير فإن ذلك التغير أطيب يوم القيامة من ريح المسك كما جاء في الشهداء إن دمائهم في كلومهم فإن الشهيد يبعث يوم القيامة وجرحه يثعب بالثاء المثلثة والباء الموحدة أي يسيل اللون لون دم والريح ريح المسك

(1)

قاله ابن عقيل، أ. هـ.

لطيفة: قال العلماء: وفي طيب ريح خلوف فم الصائم عند الله معنى قاله عالم المغرب وقاضى القضاة بها أبو موسى عيسى بن عمران أن وجه التمثيل أن المسك أطيب الطيب كما ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فالصيام أفضل العبادات لأن العبد أطاع فيه ربه وعصى الشيطان بقطع الشهوات التي هي سبب تسلطه عليه فمعنى قوله صلى الله عليه وسلم "لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك" أي أرضي عند الله تعالى وأحب من ريح المسك عند الخلق

(2)

، وهذه الرائحة إنما هي في عرصات القيامة يشمها الخلائق تنويها من الله جلت قدرته بالصائمين فتبين أن هذه الرائحة المكروهة في الدنيا تنقلب في القيامة أطيب من ريح المسك، على ما أخبرنا الصادق الأمين والحق والصدق في ذلك الخبر كما ثبت في جميع المصنفات من رواية الثقات الأثبات أن الشهيد يجيء يوم القيامة وجرحه يثعب دما اللون لون دم والريح ريح مسك، يثعب: أي ينفجر والفرق بين الرائحتين فيما نص النبي

(1)

انظر: عارضة الأحوذى (1/ 100)، وطرح التثريب (4/ 97).

(2)

العلم المشهور (لوحة 123).

ص: 638

- صلى الله عليه وسلم وفهمته العلماء في الإشارة إليه فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك ودم الشهيد ريحه ريح المسك، والأطيبية التي في فم الصائم هي الخصوصية التي يمتاز بها عن دم الشهيد في اليوم المشهود بين يدي العزيز الحميد فحصل الفرق بينهما في الرائحة غير بعيد ولم أر أحدا سبقني إلى ذلك أ، هـ قاله في العلم المشهور

(1)

.

وقال في شرح الإلمام

(2)

في قوله: "لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك" أي أفضل في حكم الله وأقرب إلى رضاه وأرجح في الميزان من ريح المسك الذي يستعمل لدفع الرائحة الكريهة طلبا لرضى الله تعالى حيث [ندب إلى] نبذ الرائحة الكريهة وملابسة الرائحة الطيبة كما في المساجد والصلوات وغيرها أ. هـ.

فائدة: قال بعض أهل العلم: إنما سيق هذا الحديث في معرض أن الإنسان لا ينبغي له أن يأنف من القرب من الصائم لما فيه من التغير فإن ذلك التغير أطيب يوم القيامة من ريح المسك كما جاء في الشهداء: "زملوهم في كلومهم ودمائهم فإن الشهيد يبعث يوم القيامة وجرحه يثعب"

(3)

بالثاء المثلثة والباء الموحدة أي يسيل واللون لون دم والريح ريح المسك، قاله ابن عقيل، أ. هـ.

لطيفة: قال العلماء: وفي طيب ريح خلوف فم الصائم عند الله معنى أن

(1)

العلم المشهور (لوحة 123 - 124).

(2)

شرح الالمام (3/ 219 - 217).

(3)

أخرجه أحمد (23659)، والشافعي في المسند 1/ 204 - 205، وسعيد بن منصور في السنن (2583)، والبيهقي في السنن 4/ 11.

ص: 639

الصيام لما كان سرا بين العبد وربه في الدنيا أظهره الله تعالى في الآخرة علانية للخلق ليشتهر بذلك أهل الصيام ويعرفون بصيامهم بين الناس جزاء لاخفائهم صيامهم في الدنيا

(1)

.

لطيفة أخرى: في المعنى أن من عبد الله وأطاعه وطلب رضاه في الدنيا بعمل فنشأ من عمله آثار مكروهة للنفوس في الدنيا فإن تلك الآثار غير مكروهة عند الله بل هي محبوبة له وطيبة عنده لكونها نشأت عن طاعته وابتغاء مرضاته فإخباره بذلك العاملين في الدنيا فيه تطييب لقلوبهم لئلا يكره منهم ما وجد في الدنيا والله أعلم

(2)

.

تنبيه: هذا الحديث وهو قوله صلى الله عليه وسلم: "لخلوف فم الصائم" الحديث. . .

(3)

.

تنبيه: احتج أصحابنا بهذا الحديث على كراهة السواك للصائم بعد الزوال لما فيه من إزالة الخلوف الذي هذه صفته وفضيلته وإن كان السواك فيه فضل أيضًا إلا أن فضيلة الخلوف أعظم قالوا كما أن دم الشهيد مشهود له بالطيب ويترك له غسل الشهيد مع أن غسل الميت واجب فإذا ترك الواجب للمحافظة على بقاء الدم المشهود له بالطيب فترك السواك الذي ليس هو

(1)

لطائف المعارف (ص 161).

(2)

لطائف المعارف (ص 162).

(3)

بياض في الأصل بمقدار سطر.

ص: 640

واجبا للمحافظة على بقاء الخلوف المشهود له بذلك أولى

(1)

، قال الشافعي

(2)

: أكره السواك بعد الزوال للصائم إلى آخر النهار وهكذا حكى القاضي أبو محمد عبد الوهاب بن علي المالكي في كتاب عيون المجالس

(3)

حتى بالغ بعض العلماء فقال: ولا يستاك لصلاة المغرب حتى يفطر، وبالغ آخر فقال: لا يتمضمض لإفطاره لئلا يزول الخلوف، وممن وافق الشافعية على التحديد بالزوال في ذلك الحنابلة

(4)

وعبارة الشيخ مجد الدين ابن تيمية في المحرر: ولا يسن السواك للصائم بعد الزوال وهو المنصوص عن الإمام أحمد وهل يكره؟ على روايتين ثم إن المشهور عند أصحابنا زوال الكراهة بغروب الشمس وقال الشيخ أبو حامد: لا تزول الكراهة حتى يفطر

(5)

والله أعلم.

قوله: في الرواية الأخرى "لخلوف فم الصائم أطيب عند الله يوم القيامة من ريح المسك"، قوله:"ويوم القيامة" إشارة على أن ذلك يكون تشريفا

(1)

شرح النووي على مسلم (8/ 29).

(2)

ينظر: الشرح الكبير للرافعي (6/ 247) والغرر البهية في شرح البهجة الوردية (2/ 204).

(3)

عيون المجالس (ص 665)، والعلم المشهور (لوحة 123).

(4)

ينظر: الإعلام بفوائد عمدة الأحكام (5/ 151) مزيد النعمة لجمع أقوال الأئمة (ص: 224) الفقه على المذاهب الأربعة (1/ 492) منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين (ص: 111).

(5)

طرح التثريب (4/ 98 - 99).

ص: 641

وتعظيما للصائم حينئذ كما جعل التحجيل والغرة للمتوضئ وكون الدم للشهيد علامة على شرفها وهي مقيدة لما أطلق في رواية من لم يذكر القيامة وإن حملناه على الدنيا فتأويله أن رضاه جعله طيبا فيرجع إلى قوله "مرضاة للرب" وهذا الحديث مجاز قطعا، فإن وصول الرائحة إلى الله تعالى محال فإن ذلك من لوازم الجسمية فالمراد إثابة لفاعله والرضي، ويجوز أن يكون ذلك حقيقة بحيث يفوح على أهل الموقف أن يكون عبارة عما يحل له به من الراحة والجزاء أو بمجموع الأمرين كما أن الشهيد يجمع له الأمران الثواب وريح المسك فيما كان دما وهذا أولى بالصواب.

تنبيه: وقع نزاع بين الشيخين عز الدين بن عبد السلام والشيخ تقي الدين بن الصلاح هل هو مخصوص بالآخرة أو في الدنيا أيضًا؟ والحديث صريح باختصاصه بيوم القيامة ولأنه يوم الجزاء وهو المراد بطيب الرائحة أي يفوح على أهل الموقف [رائحته] المسكية عكس ما [يكون منه في] الدنيا [. . . .] يثيبهم ذلك اليوم عليه [. . . .] له بالسواك وأيضًا فالجمع بين العبادتين حاصل بأن [يستاك لأن] الخلوف يعود سريعا [وسببه لا يزول فإن سببه قائم] عن خلو المعدة [فإذا استاك في] وقت الصلاة [عاد سريعا لخلو المعدة] فتحصل المحافظة على هذه العبادة العظيمة التي فيها رضى [الله تعالى] ولا سيما والصلاة [بسواك] أفضل من سبعين بغيرها وهذا يؤيد ما يقدح من قربها من درجة الفرائض بكونها بدلا عن الوضوء الذي كان واجبًا لكل صلاة، ووجهه أن ثواب الفرض يزيد على ثواب النفل بسبعين درجة

ص: 642

كما نبه عليه الإمام وذكر فيه حديثًا لكن المحدثين لا يصححونه ففيه استئناس والله أعلم قاله في شرح الإلمام.

قوله صلى الله عليه وسلم: "للصائم فرحتان يفرحهما إذا أفطر فرح بفطره" أي فرح بزوال جوعه وعطشه حين أبيح له الفطر وهذا الفرح طبيعي وهو السابق للفهم، وقيل: إن فرحه بفطره إنما هو من حيث أنه تمام صومه وخاتمة عبادته وتخفيف ربه ومعونة على مستقبل صومه، وأما قوله:"وإذا لقي ربه فرح بصومه" أي بجزاء صومه وثوابه قاله القرطبي

(1)

، قال ابن رجب في اللطائف

(2)

: الصائمون على طبقتين، إحداهما: من ترك طعامه وشرابه وشهوته لله تعالى يرجوا عنده عوض ذلك في الجنة فهذا قد تاجر مع الله وعامله والله تعالى لا يضيع أجر من أحسن عملا ولا يخيب معه من عامله بل يربح عليه أعظم الربح؛ الطبقة الثانية من الصائمين: من يصوم في الدنيا عما سوى الله فيحفظ الرأس وما حوى ويحفظ البطن وما وعى ويذكر الموت والبلى ويريد الآخرة فيترك زينة الدنيا فهذا عيد فطره يوم لقاء ربه وفرحه من صام عن شهواته في الدنيا أدركها غدًا في الجنة ومن صام عما سوى الله تعالى فعيده يوم لقائه: {مَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ اللَّهِ فَإِنَّ أَجَلَ اللَّهِ لَآتٍ}

(3)

أ. هـ.

(1)

المفهم (10/ 5).

(2)

لطائف المعارف لابن رجب (ص: 157 - 159).

(3)

سورة. . . . .

ص: 643

قوله صلى الله عليه وسلم في رواية البخاري

(1)

: "يترك طعامه وشرابه وشهوته من أجلي" فيه إشارة إلى المعنى الذي ذكرناه وأن الصائم يقرب إلى الله بترك ما تشتهيه نفسه من الطعام والشراب والنكاح وهذه أعظم شهوات النفس، وفي التقرب بترك هذه الشهوات بالصيام فوائد، منها: كسر النفس فإن الشبع والري ومباشرة النساء تحمل النفس على الأشر والبطر والغفلة، ومنها: تخلي القلب للفكر والذكر، ومنها: أن الغنى يعرف قدر نعمة الله عليه بإمراره له على ما منعه كثيرًا من الفقراء من فضول الطعام والشراب والنكاح فإنه بامتناعه من ذلك في وقت مخصوص وحصول المشقة له بذلك يتذكر به، ومن منع من ذلك على الإطلاق فيوجب له ذلك شكر نعمة الله عليه بالغنى ويدعوه إلى رحمة أخيه المحتاج ومواساته [بما يمكن] من ذلك، ومنها: أن الصيام يضيق مجاري الدم التي هي مجاري الشيطان من ابن آدم فإن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم فيسكن بالصيام وساوس الشيطان وتنكسر سورة الشهوة والغضب، قاله ابن رجب في اللطائف

(2)

.

قوله صلى الله عليه وسلم عن الله تعالى: "الصوم لي وأنا أجزي به" قال أبو عبيد: معناه أنا أتولي جزاؤه إذ لا يظهر فتكتبه الحفظة إذ ليس من أعمال الجوارح الظاهرة وإنما هو نية وإمساك فأنا أجازي به من التضعيف على ما أحب أ. هـ، قاله في

(1)

سبق تخريجه.

(2)

لطائف المعارف (ص 155).

ص: 644

شرح الأحكام

(1)

.

1443 -

وَفِي رِوَايَة لمُسلم كل عمل ابْن آدم يُضَاعف الْحَسَنَة بِعشر أَمْثَالهَا إِلَى سَبْعمِائة ضعف قَالَ الله تَعَالَى إِلَّا الصَّوْم فَإِنَّهُ لي وَأَنا أجزي بِهِ يدع شَهْوَته وَطَعَامه من أَجلي للصَّائِم فرحتان فرحة عِنْد فطره وفرحة عِنْد لِقَاء ربه ولخلوف فَم الصَّائِم أطيب عِنْد الله من ريح الْمسك

(2)

.

1444 -

وَفِي أُخْرَى لَهُ أَيْضا وَلابْن خُزَيْمَة وَإِذا لَقِي الله عز وجل فجزاه فَرح الحَدِيث

(3)

. وَرَوَاهُ مَالك وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ بِمَعْنَاهُ مَعَ اخْتِلَاف بَينهم فِي الْأَلْفَاظ

(4)

.

1445 -

وَفِي رِوَايَة لِلتِّرْمِذِي قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: "إِن ربكُم يَقُول كل حَسَنَة بِعشر أَمْثَالهَا إِلَى سَبْعمِائة ضعف وَالصَّوْم لي وَأَنا أجزي بِهِ وَالصَّوْم جنَّة من النَّار ولخلوف الصَّائِم أطيب عِنْد الله من ريح الْمسك وَإِن جهل على أحدكُم جَاهِل وَهُوَ صَائِم فَلْيقل إِنِّي صَائِم إِنِّي صَائِم"

(5)

.

قوله صلى الله عليه وسلم في رواية لمسلم

(6)

"كل عمل ابن آدم يضاعف الحسنة بعشر

(1)

طرح التثريب (4/ 102).

(2)

مسلم (1151)، وابن ماجه (1638).

(3)

مسلم (1151)، وابن خزيمة (1900).

(4)

مالك (861)، وأبو داود (2363)، والترمذي (766)، وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب (968).

(5)

الترمذي (764)، وحسنه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب (968).

(6)

سبق تخريجه.

ص: 645

أمثالها إلى سبعمائة ضعف، قال الله تعالى إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به" الحديث فعلى هذه الرواية يكون استثناء الصوم من الأعمال المضاعفة فتكون الأعمال كلها تضاعف بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف إلا الصيام فإنه لا ينحصر تضعيفه في هذا العدد بل يضاعفه الله أضعافا كثيرة بغير حصر عدد فإن الصيام من الصبر وقد قال الله تعالى:{إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ}

(1)

ولهذا ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سمى شهر رمضان شهر الصبر

(2)

أ. هـ.

قوله صلى الله عليه وسلم عن الله تعالى: "إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به" فإن الله تعالى خص الصيام بإضافته إلى نفسه دون سائر الأعمال وقد كثر القول في معنى ذلك من الفقهاء والصوفية وغيرهم وذكروا فيه وجوها كثيرة ومن أحسن ما

(1)

سورة الزمر، الآية:10.

(2)

لطائف المعارف (ص 150).

والحديث أخرجه أحمد (7577)، والنسائي في المجتبى 4/ 428 (2427) عن أبي هريرة بلفظ: شهر الصبر، وثلاثة أيام من كل شهر صوم الدهر. وصححه الألباني في الإرواء (4/ 99).

وأخرجه أحمد (20323) وابن ماجه (1741) النسائي في الكبرى (2756) عن رجل من باهلة، قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم لحاجة مرة، فقال:"من أنت؟ " قال: أو ما تعرفني؟ قال: "ومن أنت؟ " قال: أنا الباهلي الذي أتيتك عام أول، قال:"فإنك أتيتني وجسمك ولونك وهيئتك حسنة، فما بلغ بك ما أرى؟ " فقال: إني والله ما أفطرت بعدك إلا ليلا، قال:"من أمرك أن تعذب نفسك؟ " ثلاث مرات، "صم شهر الصبر رمضان" الحديث. وصححه الألباني في الصحيحة (2623).

ص: 646

ذكر فيه وجهان أحدهما: أن الصيام هو مجرد ترك حظوظ النفس وشهواتها الأصلية التي جبلت على الميل إليها لله عز وجل، ولا يوجد ذلك في عبادة أخرى غير الصيام، الوجه الثاني: أن الصيام سر بين العبد وربه لا يطلع عليه غيره لأنه مركب من نية باطنة لا يطلع عليها إلا الله فتركه لتناول الشهوات التي يستخفي بتناولها في العادة وكذلك قيل لا تكتبه الحفظة وقيل: إنه ليس فيه رياء كذا قاله الإمام أحمد وغيره، وهذا الوجه اختيار أبي عبيد وغيره

(1)

أ. هـ.

قوله صلى الله عليه وسلم عن الله تعالى: "للصائم فرحتان فرحة عند فطره وفرحة عند لقاء ربه" الحديث أما فرحة الصائم عند فطره فإن النفوس مجبولة على الميل إلى ما يلائمها من مطعم ومشرب ومنكح فإذا منعت من ذلك في وقت من الأوقات ثم أبيح لها في وقت آخر فرحت بإباحة ما منعت منه، فالصائم ترك شهواته لله بالنهار تقربا إليه وطاعة له فما تركها إلا بأمر ربه ولا عاد إليها إلا بأمر ربه فهو مطيع له في الحالين وأما فرحه عند لقاء ربه فيما يجده عند الله من ثواب الصيام مدخرًا فيجده أحوج ما كان إليه كما قال الله تعالى:{وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا}

(2)

وقال تعالى: {يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا}

(3)

ومن فهم هذا الذي أشرنا إليه لم يتوقف في معنى فرح الصائم عند فطره فإن فطره على

(1)

لطائف المعارف (ص 152 و 154).

(2)

سورة المزمل، الآية:20.

(3)

سورة آل عمران، الآية:30.

ص: 647

الوجه المشار إليه من فضل الله ورحمته فيدخل في قوله تعالى: {قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا}

(1)

ولكن شرط ذلك أن يكون فطره على حلال، فإن كان فطره على حرام كان ممن صام عما أحل الله له وأفطر على ما حرم الله عليه ولم يستجب له دعاء قاله ابن رجب

(2)

أ. هـ.

1446 -

وَفِي رِوَايَة لِابْنِ خُزَيْمَة قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَعْنِي قَالَ الله عز وجل كل عمل ابْن آدم لَهُ إِلَّا الصَّوْم فَهُوَ لي وَأَنا أجزي بِهِ الصّيام جنَّة وَالَّذِي نفس مُحَمَّد بِيَدِهِ لخلوف الصَّائِم أطيب عِنْد الله يَوْم الْقِيَامَة من ريح الْمسك للصَّائِم فرحتان إِذا أفطر فَرح بفطره وَإِذا لَقِي ربه فَرح بصومه

(3)

.

1447 -

وَفِي أُخْرَى لَهُ قَالَ كل عمل ابْن آدم لَهُ الْحَسَنَة بِعشر أَمْثَالهَا إِلَى سَبْعمِائة ضعف قَالَ الله إِلَّا الصَّوْم فَهُوَ لي وَأَنا أجزي بِهِ يدع الطَّعَام من أَجلي ويدع الشَّرَاب من أَجلي ويدع لذته من أَجلي ويدع زَوجته من أَجلي ولخلوف الصَّائِم أطيب عِنْد الله من ريح الْمسك وللصائم فرحتان فرحة حِين يفْطر وفرحة حِين يلقى ربه

(4)

.

الرَّفَث بِفَتْح الرَّاء وَالْفَاء يُطلق وَيُرَاد بِهِ الْجِمَاع وَيُطلق وَيُرَاد بِهِ الْفُحْش

(1)

سورة يونس، الآية:58.

(2)

لطائف المعارف لابن رجب (ص: 156 - 157).

(3)

ابن خزيمة (1896)، وأحمد (2/ 273)، وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب (968).

(4)

أخرجه ابن خزيمة (1897)، وأحمد (2/ 419)، وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب (968).

ص: 648

وَيُطلق وَيُرَاد بِهِ خطاب الرجل وَالْمَرْأَة فِيمَا يتَعَلَّق بِالْجِمَاعِ، وَقَالَ كثير من الْعلمَاء إِن المُرَاد بِهِ فِي هَذَا الحَدِيث الْفُحْش ورديء الْكَلَام.

وَالْجنَّة بِضَم الْجِيم هُوَ مَا يجنك

أَي يسترك ويقيك مِمَّا تخَاف وَمعنى الحَدِيث إِن الصَّوْم يستر صَاحبه ويحفظه من الْوُقُوع فِي الْمعاصِي.

والخلوف بِفَتْح الْخَاء الْمُعْجَمَة وَضم اللَّام هُوَ تغير رَائِحَة الْفَم من الصَّوْم وَسُئِلَ سُفْيَان بن عُيَيْنَة عَن قَوْله تَعَالَى كل عمل ابْن آدم لَهُ إِلَّا الصَّوْم فَإِنَّهُ لي فَقَالَ إِذا كَانَ يَوْم الْقِيَامَة يُحَاسب الله عز وجل عَبده وَيُؤَدِّي مَا عَلَيْهِ من الْمَظَالِم من سَائِر عمله حَتَّى لا يبْقى إِلَا الصَّوْم فيتحمل الله مَا بَقِي عَلَيْهِ من الْمَظَالِم ويدخله بِالصَّوْمِ الْجنَّة هَذَا كَلَامه وَهُوَ غَرِيب وَفِي معنى هَذِه اللَّفْظَة أوجه كثِيرَة لَيْسَ هَذَا مَوضِع استيفائها.

قوله صلى الله عليه وسلم: في رواية ابن خزيمة "والذي نفس محمد بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله يوم القيامة من ريح المسك" قال العراقي في شرح الأحكام

(1)

في الحديث: يقتضي أن طيب رائحة الخلوف إنما هو في الآخرة ويوافقه القول الذي حكي عن العلماء فيما تقدم أن الله تعالى يجز به في الآخرة حتى تكون نكهته أطيب من ريح المسك، قال الخطابي رحمه الله

(2)

:

(1)

طرح التثريب في شرح التقريب (4/ 96).

(2)

ينظر: أعلام الحديث (2/ 940).

ص: 649

طيبها عند الله رضاه به وثناؤه عليه، وقال ابن عبد البر

(1)

: معناه أزكى عند الله وأقرب إليه وأرفع عنده من ريح المسك وقال البغوي في شرح السنة

(2)

: معناه الثناء على الصائم والرضى بفعله وأما ذكر يوم القيامة في الرواية المتقدمة وهي رواية ابن خزيمة فإنه يوم الجزاء وفيه يظهر رجحان الخلوف في الميزان على المسك المستعمل لدفع الرائحة الكريهة طلبا لرضى الله حيث يؤمر باجتنابها واجتناب الرائحة الطيبة فخص يوم القيامة بالذكر في الرواية لذلك كما خص في قوله تعالى: {إِنَّ رَبَّهُمْ بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَخَبِيرٌ (11)}

(3)

(4)

.

فائدة: تتعلق بالخلوف: أسند أبو موسى المدني في الترغيب والترهيب عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا كان يوم القيامة يخرج الصائمون من قبورهم يعرفون بريح صيامهم أفواههم أطيب من ريح المسك فيلقون بالموائد والأباريق مختمة بالمسك فيقال لهم كلوا فقد جعتم واشربوا فقد عطشتم دون الناس واستريحوا فقد عييتم إذ استراح الناس فيأكلون ويشربون ويستريحون والناس متعلقون في الحساب في عناء وظمأ"

(5)

ذكره في

(1)

ينظر: الاستذكار (3/ 375) التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد (19/ 57).

(2)

ينظر: شرح السنة للبغوي (6/ 222).

(3)

سورة العاديات، الآية:11.

(4)

طرح التثريب (4/ 97).

(5)

أخرجه الديلمي كما في الغرائب الملتقطة (446) من طريق حماد أبو عمرو، عن النضر بن حميد، عن سعيد، عن قتادة، عن أنس. والنضر بن حميد واه قَالَ أَبُو حاتم: متروك =

ص: 650

اللطائف

(1)

.

قوله صلى الله عليه وسلم وفي رواية ابن خزيمة: "للصائم فرحتان إذا أفطر فرح بفطره وإذا لقي ربه فرح بصومه" قال العلماء: أما فرحته عند فطره فبسببها تمام عبادته وسلامتها من المفسدات وما يرجوه من ثوابها وأما فرحته عند لقاء ربه فسببها ما يلقاه من جزائه وتذكر نعمة الله تعالى عليه بتوفيقه لذلك والله أعلم، ذكر الخطابي

(2)

رحمه الله تعالى: إن لفرحته فطره سببين أحدهما: سرور بحصول الأجر ونيل الثواب، والثاني: إعطاء النفس حظها من الأكل والشرب.

قوله: وسئل سفيان بن عيينة عن قوله تعالى "كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي" سفيان هذا هو أبو محمد وهو بضم السين على المشهور، ويقال: بكسرها وحكي فتح السين أيضًا ابن عيينة: بضم العين ابن أبي عمران ميمون الكوفي المكي الهلالي مولاهم مولى محمد بن مزاحم أخي الضحاك، وكان بنو عيينة عشرة حرازين، حدث منهم خمسة وأشهرهم وأجلهم سفيان هذا وكان من أحد حفاظ الإسلام وهو شيخ الحميدي روى عنه الشافعي وكان الشافعي يجلس إليه وكان سفيان إذا سئل عن بعض المسائل يقول للسائل

= الحديث. وقال العقيلي: روى النضر بْن حميد عَن أَبِي الجارود، وثابت، ثم قَالَ: وقَالَ البخاري: منكر الحديث.

(1)

لطائف المعارف لابن رجب (ص: 157).

(2)

ينظر: أعلام الحديث (2/ 947).

ص: 651

هذا: سل هذا، ويشير إلى الشافعي رضي الله عنه، وربما كان يقول في بعض المسائل: ما عندك في هذا؟ وهو معدود من تابعي التابعين، سمع الزهري وعمرو بن دينار والسبيعي واتفقوا على إمامته وجلالته وعظيم مرتبته، أسند ابن عيينة عن جماعة من جماهير التابعين وأدرك ستة وثمانين نفسا من أعلام التابعين وحدث عنه الأئمة سفيان والأعمش وشعبة والأوزاعي، وقال سفيان: لما بلغت خمس عشرة سنة دعاني أبي فقال: يا سفيان قد انقطعت عنك شرائع الصبا فاحفظ الخير تكن من أهله واستأنس بالوحشة عن جلساء السوء، واعلم أنه لن يسعد بالعلماء إلا من أطاعهم قال سفيان: فجعلت وصية أبي قبلة أميل إليها ولا أميل عنها، وقال الحسن بن عمران: حججت مع عمي سفيان آخر حجة فلما كنا بجمع في مزدلفة وصلى، استلقى على فراشه ثم قال: قد وافيت هذا الموضع ثمانين عاما أقول في كل [سنة اللهم لا تجعله] آخر العهد بهذه المواضع [وإني] قد [استحييت] من الله [من كثرة ما أسأله] ذلك فرجع فتوفي السنة الداخلة في رجب سنة ثمان وتسعين وهو ابن إحدى وتسعين سنة، وقال ابن وهب: ما رأيت أعلم بكتاب الله من سفيان بن عيينة، وقال سفيان بن عيينة: قرأت القرآن وأنا ابن أربع سنين وكتبت الحديث وأنا ابن [سبع سنين]، وقال أبو يوسف الغسولي: دخلت على ابن عيينة وبين يديه قرصان من شعير فقال: إنهما طعامي منذ أربعين سنة وهو أحد أجداد الشافعية في طريق الفقه ولد سفيان سنة سبع ومائة وسكن مكة وتوفي بها ومناقبه كثيرة

ص: 652

مشهورة رضي الله عنه ونفعنا ببركاته

(1)

.

قول سفيان: إذا كان يوم القيامة يحاسب الله عبده ونودي ما عليه من المظالم من سائر عمله حتى لا يبقى إلا الصوم فيتحمل الله ما بقي عليه من المظالم ويدخله بالصوم الجنة، قال الحافظ

(2)

: هذا كلامه وهو غريب، قال بعض العلماء: وعلى هذا فيكون المعنى أن الصيام لله عز وجل فلا سبيل لأحد إلى أخذ أجره من الصيام بل أجره مدخر لصاحبه عند الله عز وجل وحينئذ فقد يقال: عن سائر الأعمال قد يكفر بها ذنوب صاحبها فلا يبقى لها أجر فإنه روي أنه يوازن يوم القيامة به الحسنات والسيئات ويقص بعضها من بعض، فإن بقي من الحسنات حسنة دخل بها صاحبها إلى الجنة، قاله سعيد بن جبير وغيره فيحتمل أن يقال في الصوم إنه لا يسقط ثوابه بمقاصة ولا غيرها بل يوفر أجره لصاحبه حتى يدخل الجنة فيوفي أجره فيها

(3)

أ. هـ.

وَتقدم حَدِيث الْحَارِث الْأَشْعَرِيّ فِيهِ وآمركم بالصيام وَمثل ذَلِك كَمثل رجل فِي عِصَابَة مَعَه صرة مسك كلهم يحب أَن يجد رِيحهَا وَإِن الصّيام أطيب عِنْد الله من ريح الْمسك الحَدِيث رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ وَصَححهُ إِلَّا أَنه قَالَ وَإِن ريح الصَّائِم أطيب عِنْد الله من ريح الْمسك وَابْن خُزَيْمَة فِي صَحِيحه

(1)

تهذيب الأسماء واللغات (1/ 224 - 225 ترجمة 216).

(2)

أي المنذري.

(3)

لطائف المعارف (ص 152).

ص: 653

وَاللَّفْظ لَهُ وَابْن حبَان وَالْحَاكِم وَتقدم بِتَمَامِهِ فِي الِالْتِفَات فِي الصَّلَاة

(1)

.

قوله: وتقدم حديث الحارث الأشعري وفيه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "وآمركم بالصيام ومثل ذلك كمثل رجل في عصابة معه صرة مسك كلهم يحب أن يجد ريحها" وتقدم تفسير العصابة في الالتفات في الصلاة، وأما معنى الحديث فقال ابن قيم الجوزية الحنبلى

(2)

: إنما مثل النبي صلى الله عليه وسلم ذلك بصاحب الصرة التي فيها المسك لأنها مستورة عن العيون مخبوءة عن مشاهدة الخلق تحت ثيابه كعادة حامل المسك وهكذا الصائم صومه مستور عن مشاهدة الخلق لا تدركه حواسهم والصائم هو الذي صامت جوارحه عن الآثام ولسانه عن الكذب والفحش وقول الزور وبطنه عن الطعام والشراب وفرجه عن الرفث فإن تكلم لم يتكلم بما يجرح صومه وإن فعل لم يفعل ما يفسد صومه فيخرج كلامه كل نافعا صالحا وكذلك أعماله فهو بمنزلة الرائحة التي يشمها من جالس حامل المسك كذلك من جالس الصائم انتفع بمجالسته وأمن فيها من الزور والكذب والفجور والظلم هذا هو الصوم المشروع لا مجرد الإمساك عن الطعام والشراب ففي الحديث: "من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه"

(3)

وفي الحديث: "رب صائم حظه

(1)

الترمذي (2863)، وقال: حديث حسن صحيح غريب، والنسائي (11349)، وابن خزيمة (930)، وابن حبان (6233)، والحاكم (1/ 117)، وأحمد (17170).

(2)

الوابل الصيب (ص 26).

(3)

صحيح البخاري (1903).

ص: 654

من صيامه الجوع والعطش"

(1)

الحديث.

فالصوم هو صوم الجوارح عن الآثام وصوم البطن عن الشراب والطعام، فكما أن الطعام والشراب يقطعه ويفسده فهكذا الآثام تقطع ثوابه وتفسد ثمرته فيصير بمنزلة من لم يصم، وقد اختلف في وجود هذه الرائحة من الصائم، هل هي في الدنيا أو في الآخرة على قولين: تقدم الكلام في ذلك عن ابن الصلاح وابن عبد السلام

(2)

.

1448 -

وَرُوِيَ عَن ابن عمر رضي الله عنهما قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم الْأَعْمَال عِنْد الله عز وجل سبع عملان موجبان وعملان بأمثالهما وَعمل بِعشر أَمْثَاله وَعمل بسبعمائة وَعمل لَا يعلم ثَوَاب عَامله إِلَّا الله عز وجل فَأَما الموجبان فَمن لَقِي الله يعبده مخلصا لَا يُشْرك بِهِ شَيْئا وَجَبت لَهُ الْجنَّة وَمن لَقِي الله قد أشرك بِهِ وَجَبت لَهُ النَّار وَمن عمل سَيِّئَة جزي بهَا وَمن أَرَادَ أَن يعْمل حَسَنَة فَلم يعملها جزي مثلهَا وَمن عمل حَسَنَة جزي عشرا وَمن أنْفق مَاله فِي سَبِيل الله ضعفت لَهُ نَفَقَته الدِّرْهَم بسبعمائة وَالدِّينَار بسبعمائة وَالصِّيَام لله عز وجل لَا يعلم ثَوَاب عَامله إِلَّا الله عز وجل رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَالْبَيْهَقِيّ

(3)

.

(1)

أخرجه أحمد (8856) الدارمي (2720) أبو يعلى (6551)، وابن خزيمة (1997) والبغوي (747)، والحاكم 1/ 431، والقضاعي في مسند الشهاب (1426) وصححه الألباني كما في صحيح الجامع الصغير وزيادته (3488).

(2)

الوابل الصيب (ص 27 - 31).

(3)

الطبراني في المعجم الأوسط (865)، والبيهقي في شعب الإيمان (3589)، وقال الهيثمي =

ص: 655

وَهُوَ فِي صَحِيح ابْن حبَان من حَدِيث خريم بن فاتك بِنَحْوِهِ لم يذكر فِيهِ الصَّوْم

(1)

.

قوله: وروي عن ابن عمر، تقدم الكلام على ابن عمر.

قوله صلى الله عليه وسلم: "الأعمال عند الله سبع: عملان موجبان وعملان بأمثالهما وعملان بعشر أمثاله وعمل بسبعمائة وعمل لا يعلم ثواب عامله إلا الله تعالى وهو الصوم" وقد فسر ذلك في الحديث.

فائدة: قوله في الحديث: رواه الطبراني

(2)

قال ذو النسبين في كتابه "العلم المشهور": وقد قرأت بمدينة أصبهان بها معجم الإمام أبي القاسم الطبراني وعندي منه أصله في مائتين وأحد وثلاثين جزءً يحتوي على ستين ألف حديث وهو أكبر مسانيد الدنيا قرأته كله على موفق الدين أبي جعفر محمد بن أحمد بن نصر سبط [حسين] بن مندة وقد قارب التسعين وكان ثقة مسندا مجاب الدعوة وآخر من حدث في الدنيا عن قريبه الإمام أبي زكريا يحيى بن منده إجازة

(3)

والله أعلم.

قوله: وهو في صحيح ابن حبان من حديث خريم بن فاتك بنحوه، ولفظه

= في مجمع الزوائد (3/ 182)، رواه الطبراني في الأوسط، وفيه يحيى بن المتوكل وقد ضعفه جمهور الأئمة.

(1)

ابن حبان (6171).

(2)

سبق تخريجه.

(3)

العلم المشهور (لوحة 54). انظر ترجمة أبي جعفر الصيدلانى: التكملة (2/ 121)، وتاريخ الإسلام (13/ 82)، وسير أعلام النبلاء (16/ 14).

ص: 656

أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الناس أربعة والأعمال ستة، فالناس موسع عليه في الدنيا [وفي] الآخرة، وموسع عليه في الدنيا مقتور عليه في الآخرة، موسع عليه في الآخرة مقتور عليه في الدنيا، وشقي في الدنيا والآخرة، والأعمال موجبتان ومثل بمثل وعشرة أضعاف وسبعمائة ضعف، [فأما] الموجبتان من مات مسلما لا يشرك بالله دخل الجنة، ومن مات كافرًا وجبت له النار، وأما مثل بمثل فمن هم بحسنة ولم يعملها وعلم الله أنه [قد أشعرها] قلبه وحرص عليها كتبت له حسنة، ومن عمل سيئة كتبت له سيئة، ومن عمل حسنة كتبت له بعشر أمثالها، ومن أنفق في سبيل الله كانت له بسبعمائة ضعف"

(1)

أ. هـ.

1449 -

وَعَن سهل بن سعد رضي الله عنه عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ إِن فِي الْجنَّة بَابا يُقَال لَهُ الريان يدْخل مِنْهُ الصائمون يَوْم الْقِيَامَة لا يدْخل مِنْهُ أحد غَيرهم فَإِذا دخلُوا أغلق فَلم يدْخل مِنْهُ أحد رَوَاهُ البُخَارِيّ وَمُسلم وَالنَّسَائِيّ.

وَالتِّرْمِذِيّ وَزَاد وَمن دخله لم يظمأ أبدا وَابْن خُزَيْمَة فِي صَحِيحه إِلَّا أَنه قَالَ فَإِذا دخل أحدهم أغلق من دخل شرب وَمن شرب لم يظمأ أبدًا

(2)

.

قوله: وعن سهل بن سعد رضي الله عنه[هو أبو العباس، وقيل: أبو يحيى سهل بن

(1)

أخرجه ابن أبي شيبة في المسند (743)، وأحمد في المسند 4/ 345 (19035)، وابن حبان (6171)، والطبراني في الكبير (4/ 205 - 207 رقم 4151 - 4155). وصححه الألباني في الصحيحة (2604).

(2)

البخاري (1896)، ومسلم (1152)، والترمذي (765)، وابن ماجه، وابن خزيمة (1902)، وابن ماجه (1640)، وأحمد (22818)، وابن حبان (3420).

ص: 657

سعد بن مالك بن خالد بن ثعلبة بن حارثة بن عمرو بن الخزرج بن ساعدة بن كعب بن الخزرج الأنصاري الساعدي المدني، كان اسمه حزنا، فسماه النبي صلى الله عليه وسلم سهلا. شهد سهل قضاء رسول الله صلى الله عليه وسلم في المتلاعنين، قال الزهري: سمع من النبي صلى الله عليه وسلم، وكان له يوم وفاة النبي صلى الله عليه وسلم خمس عشرة سنة. وتوفى بالمدينة سنة ثمان وثمانين، وقيل: سنة إحدى وتسعين. قال ابن سعد: هو آخر من مات من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة ليس فيه خلاف. وقال غيره: بل فيه خلاف. روى له عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مائة حديث وثمانية وثمانون حديثًا، اتفقا على ثمانية وعشرين، وانفرد البخاري بأحد عشر. روى عنه الزهري، وأبو حاتم، وغيرهما.

(1)

].

قوله صلى الله عليه وسلم: "إن في الجنة بابا يقال له الريان يدخل منه الصائمون يوم القيامة" الحديث، وفي هذا الحديث فضيلة الصيام وشرف الصائمين وكرامتهم والصائم الذي يدخل باب الريان هو كامل الصوم الذي صان صومه عن الرفث والفسق وقول الزور ومع ذلك المراد به من كان الغالب عليه عبادة الصوم بأن يكثر منه بأن يصوم يومًا ويفطر يومًا أو يصوم الأيام البيض والاثنين والخميس وعرفة وعاشوراء وتاسوعاء وكل ما ورد في ثوابه حديث ونحو ذلك هذا هو الظاهر، أ. هـ، قاله في الديباجة.

قال صاحب العلم المشهور

(2)

: وقد أعد الله جلت قدرته للصائمين بابا في

(1)

تهذيب الأسماء والصفات (1/ 238 ترجمة 237).

(2)

العلم المشهور (لوحة 124).

ص: 658

الجنة يسمى الريان لا يدخل منه غير الصائمين وقد ثبت وصح اسم هذا الباب لدار المآب قال أهل اللغة: الريان فعلان مشتق من الري بكسر الراء على جهة المبالغة واكتفى بذكر الري عن الشبع لأنه يدل عليه من حيث أنه يستلزمه

(1)

، والري هو استيفاء الشرب حتى يمتلئ محله من الجسم امتلاء لا يحتمل زيادة خص به الصائمون جزاء على عطشهم في الدنيا

(2)

، قال: والحكمة في ذلك إنه لما كان الصائم موصوفا بالعطش سمي الباب الذي يدخل منه باب الريان أي الذي قد زال عنه العطش ووصل إلى الري

(3)

أ. هـ.

وقال ابن عقيل الحنبلي في شرح الأحكام، قيل: إنما سمي بالريان لري من دخل منه بأنهار الجنة

(4)

وقيل: لما كان الصائم يكابد العطش أدخل من هذا الباب على سبيل المجازاة له ومقابلة عطشه بالري، فروعي المناسبة بين العمل وجزائه بباب الريان؟

(5)

.

فإن قيل: من المعلوم أن الجنة لا عطش فيها وأن الري شامل لجميع أهلها، فما وجه اختصاص الصائمين؟

قلنا: الصائمين يحصل لهم الري قبل حصوله لغيرهم مجازاة لعطشهم في

(1)

المفهم (10/ 6).

(2)

مطالع الأنوار (3/ 198) والعلم المشهور (لوحة 125).

(3)

مشارق الأنوار (لوحة 125).

(4)

انظر المفهم (9/ 40).

(5)

انظر: كشف المشكل (3/ 391)، والكواكب الدراري (9/ 81 - 82).

ص: 659

الهواجر

(1)

أ. هـ.

وقال في شرح المشارق

(2)

: وقيل المعنى أن الصيام بتعطيشهم أنفسهم في الدنيا يدخلون من باب الريان ليأمنوا من العطش قبل تمكنهم في الجنة، وقال بعض العلماء: لما صبر الصائمون لله عز وجل في الحر على شدة العطش والظمأ أفرد لهم بابا من أبواب الجنة وهو باب الريان من دخله شرب ومن شرب لم يظمأ أبدا فإذا دخلوا أغلق على من بعدهم فلا يدخل منه غيرهم

(3)

، وفي هذا الحديث فضيلة الصيام وكرامة الصائمين

(4)

جعلنا الله منهم بمنه وكرمه آمين.

1450 -

وَعَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم اغزوا تغنموا وصوموا تصحوا وسافروا تستغنوا، رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَرُوَاته ثِقَات

(5)

.

قوله: وعن أبي هريرة رضي الله عنه، تقدم الكلام على أبي هريرة.

قوله صلى الله عليه وسلم: "اغزوا تغنموا وصوموا تصحوا وسافروا تستغنوا" الحديث،

(1)

لطائف المعارف (ص 323)، والتوضيح (13/ 38).

(2)

مشارق الأنوار على صحاح الآثار (1/ 22).

(3)

لطائف المعارف (ص 323).

(4)

شرح النووي على مسلم (8/ 32).

(5)

الطبراني في المعجم الأوسط (8312)، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (3/ 179)، رواه الطبراني في الأوسط، ورواته ثقات، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (3210).

ص: 660

رواه الطبراني

(1)

، وفي حديث آخر:"الصوم مصحة" يروى بفتح الصاد وكسرها وهي مفعلة من الصحة العافية قاله ابن الأثير في النهاية

(2)

.

1451 -

وَرُوِيَ عَن نَبِي الله صلى الله عليه وسلم قَالَ الصّيام جنَّة وحصن حُصَيْن من النَّار، رَوَاهُ أَحْمد بِإِسْنَاد حسن وَالْبَيْهَقِيّ

(3)

.

قوله: وعنه أيضًا، تقدم الكلام عليه.

قوله صلى الله عليه وسلم: "الصيام جنة وحصن حصين من النار" والجنة بضم الجيم ومعناه: سترة ومانع من الرفث والآثام ومانع أيضًا من النار

(4)

لأنه يكسر الشهوة ويضعف القوة

(5)

أي يقي صاحبه ما يؤذيه من الشهوات والجنة الوقاية ومنه الحديث: "الإمام جنة" لأنه يقي المأموم الذلل والسهو قاله ابن الأثير

(6)

، ومنه أيضًا: المجن وهو الترس ومنه الجن لاستتارهم والله أعلم.

1452 -

وَعَن جَابر رضي الله عنه عَن نَبِي الله صلى الله عليه وسلم قَالَ الصّيام جنَّة يستجن بهَا العَبْد من النَّار، رَوَاهُ أَحْمد بِإِسْنَاد حسن وَالْبَيْهَقِيّ

(7)

.

(1)

سبق تخريجه.

(2)

النهاية في غريب الحديث والأثر (3/ 12).

(3)

أحمد (9225)، والبيهقي في شعب الإيمان (3571)، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (3/ 180)، رواه أحمد وإسناده حسن.

(4)

شرح النووي على مسلم (8/ 30 - 31).

(5)

أعلام الحديث (2/ 939) وشرح السنة (6/ 223).

(6)

النهاية في غريب الحديث والأثر (1/ 308).

(7)

أحمد (15264)، والبيهقي في شعب الإيمان (3570)، وحسنه الألباني في صحيح =

ص: 661

قوله: وعن جابر رضي الله عنه، تقدم الكلام على جابر.

قوله: "الصيام جنة يستجن بها العبد" تقدم الكلام على الجنة مبسوطا في أول الباب وفي الحديث قبله.

1453 -

وَعَن عُثْمَان بن أبي الْعَاصِ رضي الله عنه قَالَ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول الصّيام جنَّة من النَّار كجنة أحدكُم من الْقِتَال وَصِيَام حسن ثَلَاثَة أَيَّام من كل شهر، رَوَاهُ ابْن خُزَيْمَة فِي صَحِيحه

(1)

.

قوله: وعن عثمان بن أبي العاص رضي الله عنه، هو: أبو عبد الله عثمان بن أبي العاصي الثقفي قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم في وفد ثقيف واستعمله النبي صلى الله عليه وسلم على الطائف ثم أقره أبو بكر وعمر رضي الله عنهما، روى له عن رسول الله صلى الله عليه وسلم تسعة أحاديث روى له مسلم ثلاثة أحاديث منها، توفي رضي الله عنه في خلافة معاوية.

قوله صلى الله عليه وسلم: "الصيام جنة من النار كجنة أحدكم من القتال" تقدم الكلام على الجنة.

قوله صلى الله عليه وسلم: "وصيام حسن ثلاثة أيام من كل شهر" سيأتي الكلام على ذلك مبسوطا في بابه إن شاء الله تعالى.

1454 -

وَعَن معَاذ بن جبل رضي الله عنه أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ لَهُ أَلا أدلك على أَبْوَاب

= الترغيب والترهيب (970).

(1)

ابن خزيمة (1891)، وأحمد (16278)، والبيهقي في شعب الإيمان (3573)، والطبراني في الكبير (8360)، وابن حبان (3649)، وابن شاهين في الترغيب في فضائل الأعمال (139)، وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب (971).

ص: 662

الْخَيْر، قلت بلَى يَا رَسُول الله قَالَ الصَّوْم جنَّة وَالصَّدَقَة تطفئ الْخَطِيئَة كَمَا يطفئ المَاء النَّار، رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ فِي حَدِيث وَصَححهُ وَيَأْتِي بِتَمَامِهِ فِي الصمت إِن شَاءَ الله

(1)

.

وَتقدم حَدِيث كَعْب بن عجْرَة وَغَيره بِمَعْنَاهُ.

قوله: وعن معاذ بن جبل رضي الله عنه، تقدم الكلام على معاذ رضي الله عنه.

قوله صلى الله عليه وسلم لمعاذ: "ألا أدلك على أبواب الجنة؟ قلت: بلى يا رسول الله! قال: "الصوم جنة والصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار" تقدم الكلام على ذلك.

1455 -

وَعَن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ الصّيام وَالْقُرْآن يشفعان للْعَبد يَوْم الْقِيَامَة يَقُول الصّيام أَي رب منعته الطَّعَام والشهوة فشفعني فِيهِ وَيَقُول الْقُرْآن منعته النّوم بِاللَّيْلِ فشفعني فِيهِ قَالَ فيشفعان، رَوَاهُ أَحْمد وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير وَرِجَاله مُحْتَج بهم فِي الصَّحِيح وَرَوَاهُ ابْن أبي الدُّنْيَا فِي كتاب الْجُوع وَغَيره بِإِسْنَاد حسن وَالْحَاكِم وَقَالَ صَحِيح على شَرط مُسلم

(2)

.

(1)

الترمذي (2616)، وقال: حديث حسن صحيح، وعبد الرزاق (20303)، وأحمد (22016)، وعبد بن حميد (112)، وابن ماجه (3973)، والنسائي في الكبرى (11394)، والبيهقي في شعب الإيمان (3350)، وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب (972).

(2)

أحمد (6626)، والطبراني في الكبير (14672)، والحاكم (1/ 554)، والبيهقي في شعب الإيمان (1994)، ونعيم بن حماد في زوائد الزهد (385)، وأبو نعيم في الحلية (8/ 161)، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (3/ 181)، رواه أحمد والطبراني في الكبير، =

ص: 663

قوله: وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، تقدم الكلام عليه.

قوله صلى الله عليه وسلم: "الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة" سيأتي الكلام على هذا الحديث في كتاب قراءة القرآن إن شاء الله تعالى.

1456 -

وَعَن سَلمَة بن قَيْصر رضي الله عنه أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ من صَامَ يَوْمًا ابْتِغَاء وَجه الله باعده الله من جَهَنَّم كبعد غراب طَار وَهُوَ فرخ حَتَّى مَاتَ هرما رَوَاهُ أَبُو يعلى وَالْبَيْهَقِيّ وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فَسَماهُ سَلامَة بِزِيَادَة ألف وَفِي إِسْنَاده عبد الله بن لَهِيعَة

(1)

.

وَرَوَاهُ أَحْمد وَالْبَزَّار من حَدِيث أبي هُرَيْرَة وَفِي إِسْنَاده رجل لم يسم

(2)

.

قوله سلمة بن قيصر: [هو سلامة بن قيصر الحضرمى: وقيل: سلمة بن قيصر الحضرمى. من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عداده في المصريين، ولي بيت المقدس، روى عنه أبو الخير مرثد بن عبد الله اليزنىّ، وأبو الشّعثاء عمرو بن ربيعة الحضرمى قال البخاري: لا يصح حديثه

(3)

].

قوله صلى الله عليه وسلم: من صام يومًا ابتغاء وجه الله باعده الله من جهنم كبعد غراب

= ورجال الطبراني الصحيح،، وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب (973).

(1)

أبو يعلى (921)، والبيهقي في شعب الإيمان (3590)، والطبراني في الكبير (6365)، وفي الأوسط (3118)، وابن الأثير في أسد الغابة (2/ 466).

(2)

أحمد (10808)، والبزار (1037)، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (3/ 181)، رواه أبو يعلى، والطبراني في الكبير والأوسط، إلا أنه قال: سلامة بن قيصر، وفيه ابن لهيعة، وفيه كلام.

(3)

التاريخ الكبير (4/ 194)، وتاريخ ابن يونس (1/ 227) وأسد الغابة (2/ 507).

ص: 664

طار، وهو فرخ حتى مات هرما ومعنى المباعدة من جهنم المعافاة منها كذا قاله النووي

(1)

(2)

.

1457 -

وَعَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم لَو أَن رجلًا صَامَ يَوْمًا تَطَوّعا ثمَّ أعطي ملْء الأَرْض ذَهَبا لم يسْتَوْف ثَوَابه دون يَوْم الْحساب، رَوَاهُ أَبُو يعلى وَالطَّبَرَانِيّ وَرُوَاته ثِقَات إِلَّا لَيْث بن أبي سليم

(3)

.

1458 -

وَعَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم بعث أبَا مُوسَى على سَرِيَّة فِي الْبَحْر فَبَيْنَمَا هم كَذَلِك قد رفعوا الشراع فِي لَيْلَة مظْلمَة إِذا هَاتِف فَوْقهم يَهْتِف يَا أهل السَّفِينَة قفوا أخْبركُم بِقَضَاء قَضَاهُ الله على نَفسه فَقَالَ أَبُو مُوسَى أخبرنَا إِن كنت مخبرا قَالَ إِن الله تبارك وتعالى قضى على نَفسه أَنه من أعطش نَفسه لَهُ فِي يَوْم صَائِف سقَاهُ الله يَوْم الْعَطش رَوَاهُ الْبَزَّار بِإِسْنَاد حسن إِن شَاءَ الله

(4)

.

وَرَوَاهُ ابْن أبي الدُّنْيَا من حَدِيث لَقِيط عَن أبي بردة عَن أبي مُوسَى بِنَحْوِهِ إِلَّا

(1)

شرح النووي على مسلم (8/ 33).

(2)

من هنا بدأ البياض بمقدار لوحتين (113 و 114) من المخطوط. وذكرت أحاديث الترغيب والترهيب مع كلام المنذري بترتيب الكتاب مع التخريج بدون شرح.

(3)

أبو يعلى (6104)، والطبراني في الأوسط (4869)، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (3/ 182)، رواه أبو يعلى والطبراني في الأوسط، وفيه ليث بن أبي سليم وهو ثقة، لكنه مدلس، وبقية رجاله ثقات.

(4)

البزار (1039)، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (3/ 183)، رواه البزار، ورجاله موثقون، وحسنه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب (974).

ص: 665

أَنه قَالَ فِيهِ قَالَ إِن الله تَعَالَى قضى على نَفسه أَنه من عَطش نَفسه لله فِي يَوْم حَار كانَ حَقًا على الله عز وجل أَن يرويهِ يَوْم الْقِيَامَة قَالَ وَكانَ أَبُو مُوسَى يتوخى الْيَوْم الشَّديد الْحر الَّذِي يكَاد الإِنْسَان يَنْسَلِخ فِيهِ حرا فيصومه

(1)

.

الشراع بِكَسْر الشين الْمُعْجَمَة هُوَ قلع السَّفِينَة الَّذِي يصفقه الرّيح فتمشي.

1459 -

وَرُوِيَ عَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم لكل شَيْء زَكَاة وَزَكاة الْجَسَد الصَّوْم وَالصِّيَام نصف الصَّبْر، رَوَاهُ ابْن مَاجَه

(2)

.

1460 -

وَعَن حُذَيْفَة رضي الله عنه قَالَ أسندت النَّبِي صلى الله عليه وسلم إِلَى صَدْرِي فَقَالَ من قَالَ لَا إِلَه إِلَّا الله ختم لَهُ بهَا دخل الْجنَّة وَمن صَامَ يَوْمًا ابْتِغَاء وَجه الله ختم لَهُ بِهِ دخل الْجنَّة وَمن تصدق بِصَدقَة ابْتِغَاء وَجه الله ختم لَهُ بهَا دخل الْجنَّة رَوَاهُ أَحْمد بِإِسْنَاد لَا بَأْس بِهِ.

والأصبهاني وَلَفظه يَا حُذَيْفَة من ختم لَهُ بصيام يَوْم يُرِيد بِهِ وَجه الله عز وجل أدخلهُ الله الْجنَّة

(3)

.

1461 -

وَعَن أبي أُمَامَة رضي الله عنه قَالَ قلت يَا رَسُول الله مرني بِعَمَل قَالَ عَلَيْك

(1)

البيهقي في شعب الإيمان (3921)، وحسنه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب (975).

(2)

ابن ماجه (1745)، وعبد بن حميد (1449)، وابن أبي شيبة (8908)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (4723).

(3)

أحمد (23324)، والأصبهاني في الترغيب (104)، والبيهقي في الأسماء والصفات (ص 303)، وأبو نعيم في أخبار أصبهان (1/ 218)، وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب (976).

ص: 666

بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَا عدل لَهُ، قلت يَا رَسُول الله مرني بِعَمَل قَالَ عَلَيْك بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَا عدل لَهُ، قلت يَا رَسُول الله مرني بِعَمَل قَالَ عَلَيْك بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَا مثل لَهُ، رَوَاهُ النَّسَائِيّ وَابْن خُزَيْمَة فِي صَحِيحه هَكَذَا بالتكرار وبدونه وللحاكم وَصَححهُ

(1)

.

1462 -

وَفِي رِوَايَة للنسائي قَالَ أتيت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَقلت يَا رَسُول الله مرني بِأَمْر يَنْفَعنِي الله بِهِ قَالَ عَلَيْك بالصيام فَإِنَّهُ لَا مثل لَهُ

(2)

.

وَرَوَاهُ ابْن حبَان فِي صَحِيحه فِي حَدِيث قَالَ قلت يَا رَسُول الله دلَّنِي على عمل أَدخل بِهِ الْجنَّة قَالَ عَلَيْك بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَا مثل لَهُ.

قَالَ فَكَانَ أَبُو أُمَامَة لَا يرى فِي بَيته الدُّخان نَهَارا إِلَّا إِذا نزل بهم ضيف

(3)

.

1463 -

وَعَن أبي سعيد رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم مَا من عبد يَصُوم يَوْمًا فِي سَبِيل الله تَعَالَى إِلَّا باعد الله بذلك الْيَوْم وَجهه عَن النَّار سبعين خَرِيفًا، رَوَاهُ البُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ

(4)

.

1464 -

وَعَن أبي الدَّرْدَاء رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم من صَامَ يَوْمًا فِي

(1)

ابن خزيمة (1893)، والحاكم (1/ 421)، وأحمد (22140)، والطبراني في الكبير (7464)، وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب (977).

(2)

وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب (977).

(3)

ابن حبان (3425)، والبيهقي في شعب الإيمان (3893)، وأحمد (22141)، وأبو نعيم في الحلية (5/ 174)، وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب (977).

(4)

البخاري (2840)، ومسلم (1153)، والترمذي (1623)، وأحمد (11210)، وابن ماجه (1717)، وابن خزيمة (2112).

ص: 667

سَبِيل الله جعل الله بَينه وَبَين النَّار خَنْدَقًا كَمَا بَين السَّمَاء وَالْأَرْض، رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَالصَّغِير بِإِسْنَاد حسن

(1)

.

1465 -

وَعَن عَمْرو بن عبسة رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم من صَامَ يَوْمًا فِي سَبِيل الله بَعدت مِنْهُ النَّار مسيرَة مائَة عَام، رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير والأوسط بِإِسْنَاد لَا بَأْس بِهِ

(2)

.

1466 -

وَعَن معَاذ بن أنس رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم من صَامَ يَوْمًا فِي سَبِيل الله فِي غير رَمَضَان بعد من النَّار مائَة عَام سير الْمُضمر الْجواد، رَوَاهُ أَبُو يعلى من طَرِيق زبان بن فائد

(3)

.

1467 -

وَعَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ من صَامَ يَوْمًا فِي سَبِيل الله زحزح الله وَجهه عَن النَّار بذلك الْيَوْم سبعين خَرِيفًا، رَوَاهُ النَّسَائِيّ بِإِسْنَاد حسن وَالتِّرْمِذِيّ من رِوَايَة ابْن لَهِيعَة وَقَالَ حَدِيث غَرِيب وَرَوَاهُ ابْن مَاجَه من رِوَايَة عبد الله بن عبد الْعَزِيز اللَّيْثِيّ وَبَقِيَّة الْإِسْنَاد ثِقَات

(4)

.

(1)

الطبراني في المعجم الأوسط (3574)، وفي الصغير (440)، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (3/ 194)، رواه الطبراني في الصغير وفي الأوسط، وإسناده حسن.

(2)

الطبراني في المعجم الكبير، كما في مجمع الزوائد، والأوسط (3249)، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (3/ 194)، رواه الطبراني في الكبير والأوسط، ورجاله موثقون، وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب (979).

(3)

أبو يعلى (1486)، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (3/ 194)، رواه أبو يعلى، وفيه زبان بن فائد وفيه كلام كثير، وقد وثق.

(4)

والترمذي (1622)، وقال حديث غريب من هذا الوجه، وابن ماجه (1718)، وأحمد (7990)، وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب (980).

ص: 668

1468 -

وَعَن أبي أُمَامَة رضي الله عنه أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ من صَامَ يَوْمًا فِي سَبِيل الله جعل الله بَينه وَبَين النَّار خَنْدَقًا كمَا بَين السَّمَاء وَالْأَرْض، رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ من رِوَايَة الْوَلِيد بن جميل عَن الْقَاسِم بن عبد الرَّحْمَن عَن أبي أُمَامَة وَقَالَ حَدِيث غَرِيب

(1)

.

وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ إِلَّا أَنه قَالَ من صَامَ يَوْمًا فِي سَبِيل الله بعد الله وَجهه عَن النَّار مسيرَة مائَة عَام ركض الْفرس الْجواد الْمُضمر

(2)

.

وَقد ذهب طوائف من الْعلمَاء إِلَى أَن هَذِه الْأَحَادِيث جَاءَت فِي فضل الصَّوْم فِي الْجِهَاد وَبَوَّبَ على هَذَا التِّرْمِذِيّ وَغَيره وَذَهَبت طَائِفَة إِلَى أَن كل الصَّوْم فِي سَبِيل الله إِذا كَانَ خَالِصا لوجه الله تَعَالَى وَيَأْتِي بَاب فِي الصَّوْم فِي الْجِهَاد إِن شَاءَ الله تَعَالَى.

(1)

الترمذي (1624)، والطبراني في الكبير (7921)، وحسنه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب (981).

(2)

الطبراني في الكبير (7806)، وعبد الرزاق (9683)، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (3/ 194)، رواه الطبراني في الكبير وفيه مطرح، وهو ضعيف.

ص: 669