الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ترغيب من جَاءَهُ شَيْء من غير مَسْأَلَة وَلَا إشراف نفس فِي قبُوله سِيمَا إِن كَانَ مُحْتَاجا وَالنَّهْي عَن رده وَإِن كَانَ غَنِيا عَنهُ
1248 -
عَن ابْن عمر رضي الله عنهما. قَالَ كَانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يعطيني الْعَطاء فَأَقُول أعْطه من هُوَ إِلَيْهِ أفقر مني قَالَ فَقَالَ خُذْهُ إِذا جَاءَك من هَذَا المَال شَيْء وَأَنت غير مشرف وَلا سَائل فَخذه فتموله فَإِن شِئْت كُله وَإِن شِئْت تصدق بِهِ وَمَا لَا فَلَا تتبعه نَفسك قَالَ سَالم بن عبد الله فلأجل ذَلِك كَانَ عبد الله لَا يسْأَل أحدا شَيْئا وَلَا يرد شَيْئا أعْطِيه رَوَاهُ البُخَارِيّ وَمُسلم وَالنَّسَائِيّ
(1)
.
قوله: عن ابن عمر تقدم الكلام على ابن عمر.
قوله: أن ابن عمر رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعطيني العطاء فأقول أعطه من هو أفقر إليه مني قال: فقال: خذه إذا جاءك من هذا المال شيء وأنت غير مشرف ولا سائل وفي هذا الحديث وما قبله وما بعده الحث على التعفف والقناعة والرضى بما تيسر في عفاف وإن كان قليلا والإجمال في الكسب وأنه لا يغتر الإنسان بكثرة ما يحصل له بإشراف ونحوه فإنه لا يبارك فيه وهو قريب من قول الله تعالى: {يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ}
(2)
(3)
.
(1)
البخاري (1473)، ومسلم (1045).
(2)
سورة البقرة، الآية:276.
(3)
شرح النووي على مسلم (7/ 126).
المشرف بالشين المعجمة والمشرف إلى شيء هو المتطلع إليه الحريص عليه
(1)
وإشراف النفس هو تطلعها وطمعها بالشيء يقال: أشرفت النفس الشيء وأشرفت الشئ أي علوته وأشرفت عليه اطلعت عليه من فوق
(2)
أراد ما جاءك منه وأنت غير متطلع إليه ولا طامع فيه
(3)
وسخاوة النفس هو عدم الإشراف إلى الشيء والطمع فيه والمبالاة به
(4)
.
قوله صلى الله عليه وسلم: "فخذه فتموله" يقال: تمول الرجل إذا صار ذا مال وقال: صاحب المغيث
(5)
فتموله أي اتخذه مالا وقد مولته أنا ويقال: مال يمال ويمول إذا كثر ماله فهو مائل ومال [: أي ذو مال]
(6)
.
قوله صلى الله عليه وسلم: "وَمَا لَا فَلَا تتبعه نَفسك" أي ما لا يكون كذلك بأن لا تتبعه نفسك، وتميل نفسك إليه فلا تتبعه نفسك معناه ما لا يوجد فيه هذه الشروط فلا تعلق النفس به ولا تأخذه وقال: غيره وما أشرفت إليه نفسك وامتدت إليه فلا تتبعه نفسك أي لا تأخذه قاله: النووي
(7)
واختلف العلماء فيمن جاءه مال هل يجب قبوله أم يندب على ثلاثة مذاهب
(8)
حكاها أبو جعفر محمد بن جرير الطبري
(1)
شرح النووي على مسلم (7/ 134).
(2)
قاله الفراء كما في تهذيب اللغة (11/ 235) وانظر شرح السنة (6/ 128) والنهاية (2/ 462).
(3)
شرح السنة (6/ 128)، والنهاية (2/ 462).
(4)
رياض الصالحين (ص 181).
(5)
هو محمد بن عمر بن أحمد بن عمر بن محمد الأصبهاني المديني أبو موسى (المتوفى: 581 هـ).
(6)
المجموع المغيث (3/ 242).
(7)
شرح النووي على مسلم (7/ 134).
(8)
شرح النووي على مسلم (7/ 134 - 135).
وآخرون قال: النووي
(1)
الصحيح المشهور الذي عليه الجمهور أنه يستحب في غير عطية السلطان وأما عطية السلطان فحرمها قوم فأما من حمله على عطية السلطان وأنها مندوب إليها فإنما يصح ذلك إذا كانت أموالهم كما كان أموال سلاطين السلف مأخوذة من وجهها غير ممنوعة من مستحقها فأما اليوم فالأخذ إما حرام أو مكروه
(2)
ا. هـ.
وأباحها قوم وكرهها قوم والصحيح أنه إن غلب الحرام فيما في يد السلطان حرمت وكذا إن أعطي شخصًا ما لا يستحقه، وإن لم يغلبه الحرام فمباح إن لم يكن في القابض مانع يمنعه من استحقاق الأخذ وقالت طائفة الأخذ واجب من السلطان وغيره وقال: آخرون هو مندوب في عطية السلطان دون غيره
(3)
وأنَّ (رد عطاء) الإمام ليس من الأدب وقال: الطبري قال: بعضهم ندب النبي صلى الله عليه وسلم إلى قبول العطية سواء كان المعطي سلطانًا أو عاميًا صالحًا أو فاسقًا إلا ما علم يقينًا أنه حرام وهو الصواب وقال عثمان رضي الله عنه: جوائز السلطان لحم ظبي ذكي، وقال: عكرمة لا تقبل إلا من الأمراء وقيل ما كان من مأثم فهو عليهم وما كان من مهنا فهو لنا
(4)
انتهى.
وفي هذا الحديث منقبة لعمر وبيان لفضله وزهده وإيثاره
(5)
.
(1)
شرح النووي على مسلم (7/ 134 - 135).
(2)
المفهم (9/ 57).
(3)
شرح النووي على مسلم (7/ 134 - 135).
(4)
الكراكب الدراري (8/ 18 - 19).
(5)
شرح النووي على مسلم (7/ 134).
قال: سالم بن عبد الله "فلأجل ذلك كان عبد الله بن عمر لايسأل أحدا شيئًا ولا يرد شيئًا أعطيه"، وفي هذا الحديث ما كان عليه ابن عمر من شدة الإتباع للسنة والوقوف عندها حتى روي أنه قيل له إن رسول الله صلى الله عليه وسلم جلس تحت هذه الشجرة فقام حتى جلس تحتها وسقاها ماء وأراد بذلك إتباعًا وقالت عائشة رضي الله عنها "إن ابن عمر ألزمهم للأمر الأول يعني ما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم"
(1)
.
وروى الحاكم
(2)
بإسناده في المستدرك عن مالك بن أنس أن ابن شهاب الزهري قال: له عليك برأي ابن عمر فإنه عاش بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ستين سنة ولم يغب عليه شيء من أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أصحابه وأراد بقوله أنه كان شديد الاتباع للسنة وملازمًا لها بحيث كانت متيسرة عليه غير متعذرة وروى الحاكم
(3)
في المستدرك أيضًا عن محمد بن الحنفية رضي الله عنه: قال: إن ابن عمر خير هذه الأمة وعن زين العابدين علي بن الحسين عليهم السلام قال: أزهد القوم وأصوبهم رأيًا عبد الله بن عمر
(4)
وعن نافع قال: دخل ابن عمر الكعبة فجعل يقول في سجوده وقد تعلم أنه لا يمنعني من مزاحمة قريش على الدنيا إلا خوفك
(5)
والله أعلم.
(1)
المستدرك (3/ 559).
(2)
المستدرك (3/ 559).
(3)
المستدرك (3/ 560).
(4)
المستدرك (3/ 560).
(5)
المستدرك (3/ 560).
1249 -
وَعَن عَطاء بن يسَار رضي الله عنه أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أرسل إِلَى عمر بن الْخطاب رضي الله عنه. بعطاء فَرده عمر فَقَالَ لَهُ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم لم رَددته فَقَالَ يَا رَسُول الله أَلَيْسَ أخبرتنا أَن خيرا لأحدنا أَن لَا يَأْخُذ من أحد شَيْئا فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِنَّمَا ذَلِك عَن الْمَسْأَلَة فَأَما مَا كَانَ عَن غير مَسْأَلَة فَإِنَّمَا هُوَ رزق يرزقكه الله فَقَالَ عمر رضي الله عنه: أما وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لَا أسأَل أحدا شَيْئا وَلَا يأتيني شَيْء من غير مَسْأَلَة إِلَّا أَخَذته، رَوَاهُ مَالك هَكَذَا مُرْسلا
(1)
.
رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ عَن زيد بن أسلم عَن أَبِيه قَالَ سَمِعت عمر بن الْخطاب رضي الله عنه يَقُول فَذكر بِنَحْوِهِ
(2)
.
قوله: وعن عطاء بن يسار بالمثاناة التحتانية والسين المهملة هو أبو محمد المدني الهلالي مولى ميمونة أم المؤمنين رضي الله عنها.
قوله: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أرسل إلى عمر بعطاء فرده عمر فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: لم رددته، فقال: يا رسول الله أليس أخبرتنا إن خيرًا لأحدنا أن لا يأخذ من أحد شيئًا فذكر الحديث إلى أن قال: "فإنما رزق يرزقكه الله" فقال عمر: أما والذي نفسي بيده لا أسأل أحدًا شيئًا ولا يأتيني شيء من غير مسألة إلا أخذته الحديث.
(وفي حديث) آخر لبعض الرواة لا ترد على الله رزقه وهذا كله مركب ومبني على ما أجمعوا عليه وهو الحق فمن عرف الشيء المحرم بعينه لا
(1)
مالك في الموطأ (2852)، وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب (839).
(2)
البيهقي (6/ 184)، وعبد بن حميد (42).
يحل له أخذه
(1)
وقد أشار الخطابي في المعالم
(2)
في شرح حديث النعمان بن بشير إلى شيء من هذا فقال: ويدخل في هذا الباب معاملة من في ماله شبهة أو خالطه ربا فإن الاختيار تركها إلى غيرها وليس ذلك محرم عليك مالم يتيقن أن عينه حرام ومخرجه حرام فقد رهن النبي صلى الله عليه وسلم درعه عند يهود على (صاع) من شعير أخذها لقوت (عياله) ومعلوم أنهم يربون في تجاراتهم ويستحلون أثمان الخمور ووصفهم الله تعالى بأنهم: {سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ}
(3)
فلا يحل لمن يؤمن بالله واليوم الآخر أن يحرم ما أحل الله من غير علم ولا بصيرة والله أعلم.
1250 -
وَعَن الْمطلب بن عبد الله بن حنْطَب أَن عبد الله بن عَامر بعث إِلَى عَائِشَة رضي الله عنهما بِنَفَقَة وَكِسْوَة فَقَالَت للرسول أَي بني لَا أقبل من أحد شَيْئا فَلَمَّا خرج الرَّسُول قَالَت ردُّوهُ عَليّ فَردُّوهُ قَالَت إِنِّي ذكرت شَيْئا قَالَ لي رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَا عَائِشَة من أَعْطَاك عَطاء من غير مَسْأَلَة فاقبليه فَإِنَّمَا هُوَ رزق عرضه الله إِلَيْك، رَوَاهُ أَحْمد وَالْبَيْهَقِيّ
(4)
. ورواة أَحْمد ثِقَات لَكِن قد قَالَ التِّرْمِذِيّ قَالَ مُحَمَّد يَعْنِي البُخَارِيّ لَا أعرف للمطلب بن عبد الله سَمَاعا من
(1)
جامع المسائل (ص 312/ المجموعة الثالثة) لابن تيمية.
(2)
معالم السنن (3/ 58).
(3)
سورة المائدة، الآية:42.
(4)
أحمد (26233)، والبيهقي في السنن (6/ 184)، وفي شعب الإيمان (3555)، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (3/ 100)، رواه أحمد، ورجاله ثقات، إلا أن المطلب بن عبد الله مدلس واختلف في سماعه من عائشة، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (6395).
أحد من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عليه وسلم إِلَّا قَوْله حَدثنِي من شهد خطْبَة النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَسمعت عبد الله بن عبد الرَّحْمَن يَقُول لَا نَعْرِف للمطلب سَمَاعا من أحد من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عليه وسلم.
قَالَ المملي رضي الله عنه قد رُوِيَ عَن أبي هُرَيْرَة وَأما عَائِشَة فَقَالَ أَبُو حَاتِم الْمطلب لم يدْرك عَائِشَة وَقَالَ أَبُو زرْعَة ثِقَة أَرْجُو أَن يكون سمع من عَائِشَة فَإِن كَانَ الْمطلب سمع من عَائِشَة فالإسناد مُتَّصِل وَإِلَّا فالرسول إِلَيْهَا لم يسم وَالله أعلم.
قوله: وعن المطلب بن عبد الله بن حنظب أن عبد الله بن عامر بن ربيعة بن مالك بن عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ حَجَرِ بْنِ سَلَامَانَ حليف الخطاب والد عمر ولد عبد الله هذا زمن النبي صلى الله عليه وسلم وتوفي النبي صلى الله عليه وسلم وله أربع سنين وقيل خمس وكان أبوه عامر من كبار الصحابة وقد روى البخاري ومسلم لعبد الله بن عامر هذا عن أبيه توفي سنة خمس وثمانين والله أعلم
(1)
.
قوله: صلى الله عليه وسلم "يا عابث ما أعطاك من غير مسألة فاقبليه فإنما هو رزق عرضه الله إليك" أي بغير سؤال.
1251 -
وَعَن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قَالَ قلت يَا رَسُول الله قد قلت لي إِن خيرا لَك أَن لَا تسْأَل أحدا من النَّاس شَيْئا، قَالَ إِنَّمَا ذَاك أَن تسْأَل وَمَا آتاك الله من غير مَسْأَلَة فَإِنَّمَا هُوَ رزق رزقكه الله رَوَاهُ الطَّبَرَانيّ وَأَبُو يعلى بِإِسْنَاد لَا بَأْس بِهِ
(2)
.
(1)
تهذيب الأسماء واللغات (1/ 273 - 274 الترجمة 311).
(2)
أبو يعلى (167)، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (3/ 100)، رواه أبو يعلى ورجاله موثقون، وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب (840).
قوله: وعن واثلة بن الخطاب
(1)
سأل قاضي القضاة شيخ الإسلام العسقلاني الشهير بابن حجر، عن واصل هذا فلم يعرفه وقال: ليس في أولاد الخطاب والد عمر من اسمه واصل فهو دائر بين أمرين أما أن يكون صحابيًا غير مشهور أو غلط فيه الناسخ فصحفه والله أعلم، والظاهر أنه تصحيف [من الرواة] فقد قال
(2)
: في كتابه الذي ألفه في ذكر الصحابة رضي الله عنهم (واثلة) ابن الخطاب القرشي العدوي من القريش قال: أبو الحسين الرازى [والد تمام:] صحابي من رهط [عمر، وذكره يحيى بن يونس الشيرازي، وجعفر المستغفري، وأوردا من طريق ابن [عياش] عن مجاهد بن فرقد [الصنعانى] عن واثلة بن الخطاب القرشي (قال) دخل رجل المسجد [فلما رآه] النبي صلى الله عليه وسلم تزحزح فقال: يا رسول الله إن (في الْمَسْجِدِ قَاعِدٌ) فقال إن "للمسلم على المسلم إذا راءاه أن يتزحزح له"
(3)
وأخرجه أبو بكر بن [بن أبي علي] في الصحابة [وأورد] حديثه [من طريق قتيبة بن مهران، عن إسماعيل] فقال: عن مجاهد [بن فرقد] عن واثلة بن الخطاب [قال أبو موسى: وأظنه، صحفه وذكر في [التجريد] واصلة [بن حباب القرشى إنما هو] واثلة بن [الخطاب] من رهط عمر له صحبة سكن دمشق له حديث تفرد به عنه مجاهد بن فرقد شيخ للفريابى ثم قال: بعد واصلة بن حبان القرشي
(1)
صحف في الأصل "واصلة".
(2)
الإصابة (6/ 462 - 463 ترجمة 9107).
(3)
شعب الإيمان (8534) قال في المداوي لعلل الجامع الصغير وشرحي المناوي (2/ 514) فيه إسماعيل بن عياش، قال الذهبي: مختلف فيه وليس بقوي، ومجاهد بن فرقد قال في اللسان: حديثة منكر تكلم فيه وضعفه الألباني في ضعيف الجامع الصغير وزيادته (1967).
إنما هو واثلة بن الخطاب صحفه بعضهم فإن صاحبه هو مجاهد [بن فرقد المذكور] والمتن واحد
(1)
ا. هـ.
قوله صلى الله عليه وسلم: "أتاك الله من غير مسألة فإنما هو رزق رزقك الله" الحديث.
1252 -
وَعَن خَالِد بن عَليّ الْجُهَنِيّ رضي الله عنه: قَالَ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول من بلغه عَن أَخِيه مَعْرُوف من غير مَسْألة وَلا إشراف نفس فليقبله وَلا يردهُ فَإِنَّمَا هُوَ رزق سَاقه الله عز وجل إِلَيْهِ رَوَاهُ أَحْمد بِإِسْنَاد صَحِيح وَأَبُو يعلى وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن حبَان فِي صَحِيحه وَالْحَاكِم وَقَالَ صَحِيح الْإسْنَاد
(2)
.
1253 -
وَعَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ من آتَاهُ الله شَيْئا من هَذَا المَال من غير أَن يسْأَله فليقبله فَإنَّمَا هُوَ رزق سَاقه الله إِلَيْهِ وَرُوَاته مُحْتَج بهم فِي الصَّحِيح
(3)
.
قوله: وعن خالد بن عدي الجهني هو خالد بن عدي الجهني يعد في أهل المدينة وَكَانَ ينزل الْأَشْعر عده ابن عبد البر في الصحابة
(4)
وكذلك الذهبي
(1)
تجريد أسماء الصحابة (2/ 125 ترجمة 1426 و 1434).
(2)
أحمد (17936)، وأبو يعلى (921)، والطبراني في الكبير (4124)، وابن حبان (3404)، والحاكم (2/ 62)، والبيهقي في شعب الإيمان (3551)، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (3/ 100)، رواه أحمد وأبو يعلى والطبراني في الكبير، إلا أنهما قالا: من بلغه معروف من أخيه، وقال أحمد: عن أخيه، ورجال أحمد رجال الصحيح، قلت: وهي كذلك عند ابن حبان والحاكم، وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب (841).
(3)
أحمد (7921)، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (3/ 101)، ورجاله رجال الصحيح، وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب (842).
(4)
الاستيعاب في معرفة الأصحاب (2/ 436).
روى عنه بسر بن سعيد ذكره ابن حبان في ثقاته
(1)
وخرج حديثه هذا.
قوله صلى الله عليه وسلم: "من بلغه عن أخيه معروف من غير مسألة ولا إشراف نفس فليقبله ولا يرده فإنما هو رزق ساقه الله إليه" وتقدم معنى الإشراف أنه التطلع يقال: أشرفت الشيء علوته وأشرفت عليه اطلعت [عليه من فوق] والمراد ولا تطلع عليه ولا طمع فيه فقوله: "من أخيه" لا مفهوم له فإنه خرج مخرج الغالب
(2)
.
قوله: "فإنما هو رزق ساق الله إليه" قد يستدل به المعتزلة على أن الرزق هو الحلال دون الحرام، وجوابه أن القرينة خصصته هنا ولأهل السنة على المسألة أدلة [كثيرة] وأصول [السنة تدل على] أنه يطلق على الحلال والحرام.
قوله: "فليقبله فَإِنَّمَا هُوَ رزق سَاقه الله إِلَيْهِ" الصحيح أن الأمر بالشيء نهي عن ضده وسواء في هذا [الهبة] والهدية والصدقة.
وتقدم من تحل له الصدقة والهدية والهبة ولذلك لا يجوز قبول هدايا المشركين للنهي عنه وهو محمول على المحاربين لأنه عليه الصلاة والسلام قبل هدية أهل الكتاب كالنجاشي وأكيدر دومة والمقوقس وأما هدية كسرى وقبولها ولم يكن كتابيًا ففي حديثه مقال: وقد رد عليه السلام على عياض بن حمار كما رواه أهل السير هديته لكونه غير كتابي وقال فيه: "نهيت عن زبد المشركين"
(3)
وقد
(1)
ينظر: الإصابة في تمييز الصحابة (2/ 208) أسد الغابة ت (1377)، الاستيعاب ت (640). الثقات (3/ 105)، الطبقات (121)، تجريد أسماء الصحابة (1/ 152) التحفة اللطيفة (2/ 13)، ذيل الكاشف (372).
(2)
بياض في الأصل بمقدار سطر ونصف.
(3)
أخرجه أحمد (29/ 30) الطيالسي (1082)، وابن زنجويه (965)، والطحاوي في شرح المشكل (2567) و (2568)، والطبراني في الأوسط (7616)، والبيهقي في السنن =
قيل أن ذلك منسوخ بقبوله ممن ذكرناه واستشكله المنذري لجهل التاريخ ولأن الجمع ممكن بما تقدم، وقيل بل أراد غيظه برد هديته لعله يسلم، وقيل إنما ردها سدًا للذريعة عن والله أعلم.
قوله: "رزق ساقه الله إليه" فيه عدم الإلتفات إلى الأسباب فإنه إن كان على يد شخص أو بتسببه فإن الله هو المعطي واختلف العلماء فيمن جاءه مال هل يجب قبوله أو يندب على ثلاثة مذاهب وتقدم ذلك وليس هذا الحديث على ظاهره وإطلاقه كما ظنه بعض الفقراء الجهال الذين يهجمون على ما عَنّ لهم من الأموال فإن الشيء إذا كان حراما لا يجوز قبوله ويجب رده وذلك بأن يكون من سلطان ظالم متحقق ظلمه أو متحرف حرفة محرمة كالطبال والزمار والخمار والمكاس والعشار والمغنيين والنوائح إلى غير ذلك لأنه حرام محض بإجماع
(1)
قال أبو عمر بن عبد البر
(2)
ومن المكاسب المجمع على تحريمها الربا ومهور البغي والسحت والرشا وأخذ الأجرة على النياحة والغنا وعلى الكهانة وادعاء أخبار السماء وعلى الزمر واللعب والباطل كله ومن الكسب الحرام المجمع عليه أيضًا الغصب والسرقة وكل ما لا تطيب به نفس مالكه من مال مسلم أو ذمي وفي قبوله من الظالم عون له على المظالم ولأنه لا يأمن أن يحبه قلبه فيعصي الله تعالى بمحبته إياه على ظلمه ولهذا قال: عليه السلام "جبلت القلوب على حب من أحسن
= 9/ 216 قال الهيثمي: مجمع الزوائد ومنبع الفوائد (4/ 152) رواه الطبراني في الصغير والأوسط، وفيه الصلت بن عبد الرحمن الزبيدي، وهو ضعيف.
(1)
قمع الحرص (ص 65).
(2)
قمع الحرص (ص 65 - 67).
إليها وبغض من أساء إليها"
(1)
ولأن في قبوله من الظالم والفاسق تقليل فتنتهم وقال: عليه السلام "اللهم لا تجعل لفاجر عندي منة فيحبه قلبي"
(2)
ولأنه إذا قبل من الظالم والفاسق دعاه قبوله إلى الدعاء لهم قال: سفيان الثوري من أخذ من ظالم ذرعًا أو مالا أو سلاحًا فغزى به في سبيل الله لعن بكل قدم يرفعه ويضعه حتى يرجع.
قال الإمام أبو عبد الله القرطبي ومثل هذا لا يقال من جهة الرأي وإنما هو توقيف وقال أيضًا: من دعا للظالم بالبقاء فقد أحب أن يعصي الله عز وجل قالوا ومن حكم الفقير أن لايقبل إلا ممن يعلم حاله الكرم ولا يكون منانًا فإن آفة ذلك أعظم وأنشدوا في ذلك المعنى:
إذا تكرمت لا تمنن به أبدا
…
لا خير في كرم من عند منان
قال الإمام أبو عبد الله القرطبي
(3)
: فهذا حكم الفقراء في أخذ النوال وقد انعكس الحال في هذه الآثار فتراهم، ومن يظن بهم العلم يلحقون وإلى الظلمة والفساق يترددون وعندهم يأكلون، ومنهم يقبلون:{سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ}
(4)
وبئس ما يتناولون: {يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا}
(5)
وهم
(1)
أخرجه أمثال الحديث لأبي الشيخ الأصبهاني (ص: 195) حلية الأولياء وطبقات الأصفياء (4/ 121) مسند الشهاب القضاعي (599) شعب الإيمان (8573) ضعيف الجامع الصغير وزيادته (2625).
(2)
أخرجه موقوفًا على ابن المبارك اللالكائي في شرح أصول الاعتقاد (برقم 275).
(3)
قمع الحرص (ص 67).
(4)
سورة الأنعام، الآية:136.
(5)
سورة الكهف، الآية:104.
الأخسرون: {زَيَّنَّا لَهُمْ أَعْمَالَهُمْ فَهُمْ يَعْمَهُونَ}
(1)
أ. هـ.
1254 -
وَعَن عَابِد بن عَمْرو رضي الله عنه عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ من عرض لَهُ من هَذَا الرزق شَيْء من غير مَسْألة وَلا إشراف نفس فليتوسع بهِ فِي رزقه فَإِن كَانَ غَنِيا فليوجهه إِلَى من هُوَ أحْوج إِلَيْهِ مِنْهُ رَوَاهُ أَحْمد وَالطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ وَإسْنَاد أَحْمد جيد قوي قَالَ عبد الله بن أَحْمد بن حَنْبَل رحمه الله سَأَلت أبي مَا الاستشراف قَالَ تَقول فِي نَفسك سيبعث إِلَيّ فلَان سيصلني فلَان
(2)
.
قوله: وعن عائذ بن عمرو رضي الله عنه: [هو عائذ بن عمرو بن هلال بن عبيد بن يزيد بن رواحة بن زبينة بن عدي بن عامر بن ثعلبة بن ثور بن هذمة بن لاطم بن عثمان بن عمرو بن أد بن طابخة بن إلياس بن مضر المزني، يكنى أبا هبيرة، ويقال لولد عثمان وأوس ابني عمرو: مزينة، نسبا إلى أمهما.
وكان مما بايع بيعة الرضوان تحت الشجرة، وكان من صالحي الصحابة، سكن البصرة، وابتنى بها دارا، وتوفي في إمارة عبيد الله بن زياد، أيام يزيد بن معاوية، وأوصى أن يصلي عليه أبو برزة الأسلمي، لئلا يصلي عليه ابن زياد.
قوله صلى الله عليه وسلم: "من عرض له من هذا الرزق شيء من غير مسألة ولا إشراف نفس فليتوسع به في رزقه" الحديث، وإشراف النفس قد فسر في هذا الحديث
(1)
سورة النمل، الآية:4.
(2)
أحمد (20647)، والبيهقي في شعب الإيمان (3554)، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (3/ 101)، رواه أحمد والطبراني في الكبير ورجال أحمد رجال الصحيح، وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب (843).
عن عبد الله بن الإمام أحمد بن حنبل قال [قلت لأبي:] ما الإشراف [قال: أن يقول:] سيبعث إليّ فلان سيصلني فلان، [فهذا إن شاء الله رده]
(1)
أ. هـ.
1255 -
وَرُوِيَ عَن ابْن عمر رضي الله عنهما قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم مَا الْمُعْطِي من سَعَة بِأَفْضَل من الْآخِذ إِذا كَانَ مُحْتَاجا رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير
(2)
.
1256 -
وَرُوِيَ عَن أنس رضي الله عنه قًالَ قَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم مَا الَّذِي يُعْطي بسعة بأعظم أجرا من الَّذِي يقبل إِذا كَانَ مُحْتَاجا رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي الأوْسَط وَابْن حبَان فِي الضُّعَفَاء
(3)
.
قوله: وروي عن ابن عمر رضي الله عنهما، تقدم الكلام على ابن عمر.
قوله صلى الله عليه وسلم: "ما المعطي من سعة بأفضل من الآخذ إذا كان محتاجا".
(1)
مسائل عبد الله (1164).
(2)
الطبراني في الكبير (13560)، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (3/ 101): وفيه مصعب بن سعيد، وهو ضعيف، قلت: قال ابن عدي: يحدث عن الثقات بالمناكير ويصحف، وقال صالح جزرة: شيخ ضرير لا يدري ما يقول، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (5017).
(3)
الطبراني في الأوسط (8235)، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (3/ 101)، رواه الطبراني في الأوسط وفيه عائذ بن شريح، وهو ضعيف، قلت: قال ابن حبان: كان قليل الحديث، ممن يخطئ على قلته، حتى خرج عن حد الاحتجاج به إذا انفرد، وفيما وافق الثقات، فإن اعتبر به معتبر لم أر بذلك بأس، وقال ابن طاهر: وعائذ هذا ليس بشيء في الحديث، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (5016).