المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌160 - باب التخصر والإقعاء - فضل الرحيم الودود تخريج سنن أبي داود - جـ ١٠

[ياسر فتحي]

فهرس الكتاب

- ‌159 - باب الرخصة في ذلك للضرورة

- ‌160 - باب التخصُّر والإقعاء

- ‌161 - باب البكاء في الصلاة

- ‌162 - باب كراهية الوسوسة وحديث النفس في الصلاة

- ‌163 - باب الفتح على الإِمام في الصلاة

- ‌164 - باب النهي عن التلقين

- ‌165 - باب الالتفات في الصلاة

- ‌166 - باب السجود على الأنف

- ‌167 - باب النظر في الصلاة

- ‌168 - باب الرخصة في ذلك

- ‌169 - باب العمل في الصلاة

- ‌170 - باب ردِّ السلام في الصلاة

- ‌171 - باب تشميت العاطس في الصلاة

- ‌172 - باب التأمين وراء الإمام

- ‌173 - باب التصفيق في الصلاة

- ‌174 - باب الإشارة في الصلاة

- ‌175 - باب في مسح الحصى في الصلاة

- ‌176 - باب الرجل يصلي مختصرًا

- ‌177 - باب الرجل يعتمد في الصلاة على عصا

- ‌178 - باب النهي عن الكلام في الصلاة

- ‌179 - باب في صلاة القاعد

- ‌180 - باب كيف الجلوس في التشهد

- ‌181 - باب من ذكر التورُّك في الرابعة

- ‌182 - باب التشهد

- ‌183 - باب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بعد التشهد

- ‌(11/ 164).***184 -باب ما يقول بعد التشهد

- ‌185 - باب إخفاء التشهد

- ‌186 - باب الإشارة في التشهد

- ‌187 - باب كراهية الاعتماد على اليد في الصلاة

- ‌188 - باب في تخفيف القعود

- ‌189 - باب في السلام

الفصل: ‌160 - باب التخصر والإقعاء

‌160 - باب التخصُّر والإقعاء

903 -

. . . وكيع، عن سعيد بن زياد، عن زياد بن صُبَيح الحنفي، قال: صليت إلى جنب ابن عمر، فوضعت يديَّ على خاصرتيَّ، فلما صلى قال: هذا الصَّلب في الصلاة"، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عنه.

• حديث صحيح.

أخرجه أحمد (2/ 106)، وابن أبي شيبة (1/ 399/ 4590)(3/ 476/ 4624 - ط. عوامة)، والخطابي في غريب الحديث (1/ 277)، والخطيب في تلخيص المتشابه في الرسم (1/ 74).

• ورواه سفيان بن حبيب، عن سعيد بن زياد، عن زياد بن صبيح، قال: صليت إلى جنب ابن عمر، فوضعت يدي على خَصري، فقال لي هكذا، ضربةً بيده، فلما صليت قلت لرجل: من هذا؟ قال: عبد الله بن عمر، قلت: يا أبا عبد الرحمن! ما رابك مني؟ قال: إن هذا الصَّلب، وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهانا عنه.

أخرجه النسائي في المجتبى (2/ 127/ 891)، وفي الكبرى (1/ 967/464).

• ورواه يزيد بن هارون: أخبرنا سعيد بن زياد الشيباني: حدثنا زياد بن صبيح الحنفي، قال: كنت قائمًا أصلي إلى البيت، وشيخ إلى جانبي، فأطلتُ الصلاة، فوضعتُ يدي على خَصري، فضرب الشيخ صدري بيده ضربةً لا يألو، فقلت في نفسي: ما رابه مني؟ فأسرعت الانصراف، فإذا غلام خلفه قاعد، فقلت: من هذا الشيخ؟ قال: هذا عبد الله بن عمر، فجلست حتى انصرف، فقلت: أبا عبد الرحمن! ما رابك مني؟ قال: أنت هو؟ قلت: نعم، قال: ذاك الصَّلب في الصلاة، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عنه.

أخرجه أحمد (2/ 30)، وأبو يعلى (10/ 153/ 5774)، والضياء في المختارة (13/ 184/ 292 و 293).

• تابعهم أيضًا بنحو ما تقدم:

يحيى بن سعيد القطان، ومكي بن إبراهيم:

روياه عن سعيد بن زياد، عن زياد بن صبيح، عن ابن عمر بنحوه، وقال القطان في رواية: فنحى يدي، وفي أخرى: فضرب يدي، بدل: فضرب الشيخ صدري بيده ضربةً لا يألو.

أخرجه البخاري في التاريخ الكبير (3/ 358)، والمحاملي في الأمالي (32 - رواية ابن الصلت)، والبيهقي (2/ 288).

هكذا روى هذا الحديث عن سعيد بن زياد: جماعة من الثقات، بعضهم من كبار الأئمة الحفاظ.

ص: 9

وهو حديث صحيح، إسناده صحيح متصل، رجاله ثقات؛ غير سعيد بن زياد الشيباني: فقد قال عنه ابن معين: "ثقة"، وفي رواية:"صالح"، وقال النسائي:"ليس به بأس"، وقال العجلي:"كوفي، ثقة"، وذكره ابن حبان وابن خلفون في الثقات، لكن قال البرقاني في سؤالاته للدارقطني (188):"وقلت له: سعيد بن زياد الشيباني، عن زياد بن صبيح، عن ابن عمر؟ فقال: سعيد: لا يحتج به، ولكن يعتبر به، من أهل البصرة، لا أعرف له إلا حديث التصليب". [تاريخ ابن معين رواية الدارمي (374)، إكمال مغلطاي (5/ 295)، التهذيب (2/ 19)].

قلت: مثله في هذه الطبقة السادسة لا يضره قلة الرواية، وهو في نفسه مشهور، وثقه جماعة من الأئمة، وروى عنه جماعة من كبار الحفاظ، لا سيما يحيى بن سعيد القطان، وفي توثيق من وثقه تصحيح ضمني لحديثه، إذ لا يُعرف له غيره، واحتج به النسائي فأخرج حديثه في صحاحه، واحتج به أيضًا أبو داود في سننه.

وكأن الدارقطني في نفسه شيء من ثبوت هذا الحديث، لذا أطلق هذه العبارة في رواة هذا الحديث، فإنه لم يطلقها فقط على سعيد بن زياد، بل قالها أيضًا في زياد بن صبيح، فقد قال البرقاني في سؤالاته للدارقطني (174):"وسألته عن زياد بن صبيح الجهني؟ فقال: بصري، يعتبر به"، وزياد بن صبيح الحنفي المكي، ويقال: البصري: قد وثقه ابن معين والنسائي والعجلي، وذكره ابن حبان في الثقات، وروى عنه جماعة من كبار الحفاظ، مثل: الأعمش، ومنصور بن المعتمر، ومغيرة بن مقسم الضبي [إكمال مغلطاي (5/ 113)، التهذيب (1/ 649)].

ومما يؤكد أن الصواب مع من صحح هذا الحديث بتوثيق سعيد بن زياد الشيباني، أنه لم يروِ منكرًا، فقد صح معناه من حديث أبي هريرة، وبعض آثار الصحابة:

• فلحديث ابن عمر هذا شواهد، منها:

1 -

حديث أبي هريرة:

يرويه هشام بن حسان، عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يصليَ الرجلُ مختصرًا. وفي رواية: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الاختصار في الصلاة.

أخرجه البخاري (1220)، ومسلم (545)، وأبو عوانة (1/ 418/ 1546 - 1549)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (2/ 144/ 1199)، وأبو داود (947)، والترمذي (383)، وأبو علي الطوسي في مستخرجه عليه "مختصر الأحكام"(2/ 307/ 354 - 356)، والنسائي في المجتبى (2/ 127/ 890)، وفي الكبرى (1/ 463/ 966)، والدارمي (1/ 392/ 1428)، وابن خزيمة (2/ 56/ 908)، وابن حبان (6/ 62/ 2285)، وابن الجارود (220)، والحاكم (1/ 264)، وأحمد (2/ 232 و 331 و 399)، وابن أبي شيبة (1/ 400/ 4598 و 4601)، وأبو يعلى (10/ 431/ 6043)، وابن المنذر في الأوسط (3/ 262/ 1625)(3/ 449/ 1617 - ط. الفلاح)، وأبو بكر الإسماعيلي في

ص: 10

معجم شيوخه (2/ 653)، وابن أخي ميمي الدقاق في فوائده (127)، وابن حزم في المحلى (4/ 18)، والبيهقي في السنن (2/ 287)، وفي الشعب (3/ 137/ 3121)، والبغوي في شرح السُّنَّة (3/ 247/ 730)، وقال:"هذا حديث متفق على صحته".

قال ابن سيرين: "وهو أن يضع يديه على خاصرتيه وهو يصلي"[ابن أبي شيبة. شعب الإيمان].

وقال أبو داود: "يعني: يضع يده على خاصرته"، وكذا قال أبو عوانة وأبو نعيم والبغوي وغيرهم، وهو قول جمهور أهل اللغة وغريب الحديث والمحدثين والفقهاء. [وانظر: شرح النووي على مسلم (5/ 36)، المجموع شرح المهذب (4/ 108)، الفتح لابن رجب (6/ 428)، هدي الساري (112)، الفتح لابن حجر (3/ 89)].

وقال الترمذي: "حديث أبي هريرة: حديث حسن صحيح.

وقد كره بعض أهل العلم الاختصار في الصلاة، وكره بعضهم أن يمشي الرجل مختصرًا، والاختصار: أن يضع الرجل يده على خاصرته في الصلاة، أو يضع يديه جميعًا على خاصرتيه، ويُروى أن إبليس إذا مشى مشى مختصرًا".

قال النسائي في الكبرى: "غير هشام قال في هذا الحديث عن أبي هريرة: نُهِيَ أن يصليَ الرجلُ".

وقال الحاكم بعد أن رواه باللفظ الثاني: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، وهو رواه جماعة عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة أنه قال: نهى أن يصلي الرجل مختصرًا".

قلت: قد رواه الشيخان باللفظ الأول، وهو لا يخالف اللفظ الثاني في المعنى، فمعناهما واحد، وهو حديث واحد، رواه هشام بن حسان مرة هكذا، ومرة هكذا، وهو محفوظ عنه باللفظين مرفوعًا، وعليه فقد أخطأ الحاكم في استدراكه على الشيخين.

وقد رواه عن هشام بن حسان: يحيى بن سعيد القطان، وعبد الله بن المبارك، وأبو أسامة حماد بن أسامة، وزائدة بن قدامة، وجرير بن عبد الحميد، وإسماعيل بن علية، وخالد بن عبد الله الواسطي، وعبد الأعلى بن عبد الأعلى، وعبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي، وعثمان بن عمر بن فارس، ومحمد بن سلمة الباهلي الحراني، وعباد بن العوام، وعبد الله بن بكر السهمي، ومكي بن إبراهيم، وأبو خالد الأحمر سليمان بن حيان [وهم (15) رجلًا من الثقات، بعضهم حفاظ متقنون]، وأبو جعفر الرازي [ليس بالقوي].

• ورواه يزيد بن هارون [ثقة متقن]، قال: أخبرنا هشام، عن محمد، عن أبي هريرة، قال: نُهِيَ عن الاختصار في الصلاة.

قال: قلنا لهشام: ما الاختصار؟ قال: يضع يده على خَصره وهو يصلي.

قال يزيد: قلنا لهشام: ذكره عن النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال برأسه؛ أي: نعم.

أخرجه أحمد (2/ 290 و 295)، والبيهقي (2/ 287).

ص: 11

• ورواه سفيان الثوري، عن هشام بن حسان، عن محمد، عن أبي هريرة، قال: نُهِيَ عن الاختصار في الصلاة. هكذا ولم يصرح برفعه.

أخرجه البزار (17/ 289/ 10010)، وعلقه العقيلي في الضعفاء (3/ 868 - ط. الصميعي)، والدارقطني في العلل (10/ 24/ 1827).

وذكر الدارقطني في العلل (10/ 24/ 1827) جماعة تابعوا سفيان على عدم التصريح بالرفع، مثل: يحيى بن سعيد القطان، وحفص بن غياث، وأسباط بن محمد، ويريد بن هارون، وحماد بن زيد، وإن كان قد ثبت عن يزيد بن هارون أنه رواه مرفوعًا، كما تقدم بيانه في رواية أحمد عنه، واختلفت الرواية في صحيح البخاري عن القطان، ورواه أسباط بن محمد، فقال: نهينا، وهو كالصريح.

• وعلى هذا فإن ما وقع من اختلاف في روايتي يحيى بن سعيد القطان، وأبي أسامة، من عدم التصريح بالرفع، وكذلك عدم التصريح بالرفع في رواية الثوري ومن تابعه عن هشام، فيمكن حمله وتفسيره على ما جاء في رواية يزيد بن هارون، وأن هشامًا كان يفعله أحيانًا على طريقة البصريين في ذلك، كما سيأتي بيانه قريبًا، وإلا فقد ثبت عن هشام بن حسان التصريح بالرفع في رواية الأكثرين عنه، والله أعلم.

• خالفهم فأتى فيه بلفظ منكر:

عيسى بن يونس [ثقة مأمون]، فرواه عن هشام بن حسان، عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"الاختصار في الصلاة راحة أهل النار".

أخرجه ابن خزيمة (1/ 57/ 909)، وعنه: ابن حبان (6/ 63/ 2286)، والبيهقي (2/ 287)، وعلقه الخطابي في غريب الحديث (1/ 277).

قال ابن حبان: "يعني: فعل اليهود والنصارى، وهم أهل النار".

قال الخطابي: "الاختصار: وضع اليد على الخاصرة، والمعنى: أنه فعل اليهود في صلاتهم، وهم أهل النار"، ثم بيَّن أن أهل النار لا راحة لهم [وانظر: غريب الحديث لأبي عبيد (3/ 303)، النهاية (2/ 36)].

رووه من طريق: أبي صالح عبد الغفار بن داود الحراني [ثقة فقيه]، عن عيسى به.

• لكن أخرجه العقيلي في الضعفاء (3/ 868 - ط. الصميعي)، قال: حدثنا محمد بن عمرو بن خالد [هو الحراني ثم المصري، أبو علاثة: روى عنه الطبراني والعقيلي والدولابي وغيرهم، وقال ابن يونس: "كان ثقة". المقفى الكبير (6/ 448)، بيان الوهم (3/ 535/ 1315)، تاريخ الإسلام (22/ 286)]، قال: حدثني أبي [ثقة حجة]، قال: حدثني عيسى بن يونس، عن عبيد الله بن الأزور، عن هشام بن حسان القردوسي، عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الاختصار في الصلاة استراحة أهل النار".

• وأخرجه الطبراني في الأوسط (7/ 85/ 6925)، والبيهقي في الشعب (3/ 137/ 3122).

ص: 12

من طريقين: عن محمد بن سلام المنبجي [ذكره ابن حبان في الثقات (9/ 101)، وقال: "ربما أغرب"، وقال ابن منده: "له غرائب". اللسان (7/ 165)]: ثنا عيسى بن يونس، عن عبد الله بن الأزور، عن هشام القردوسي به مثله.

قال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن هشام بن حسان إلا عبد الله بن الأزور، تفرد به: عيسى بن يونس".

قلت: وهذه الرواية أولى بالصواب، حيث أُتيَ فيها بزيادة في الإسناد، تبرئ عيسى بن يونس من عهدته، وإنما يحمل تبعته: عبيد الله بن الأزور، وهو الذي تفرد به عن هشام بن حسان بهذا اللفظ في هذا الحديث، فهو حديث منكر بهذا اللفظ.

وعبيد الله بن الأزور، أو: عبد الله بن الأزور: قال العقيلي: "لا يتابع في لفظه"، وقال الذهبي:"أتى بخبر ساقط"، وقال أيضًا بأنه خبر منكر، وقال الأزدي:"ضعيف جدًّا". [اللسان (4/ 433) و (5/ 318)، مجمع الزوائد (2/ 85)، وقال: "رواه الطبراني في الأوسط، وفيه عبد الله بن الأزور: ضعفه الأزدي، وذكر له هذا الحديث وضعفه به"].

• ورواه حماد بن زيد، عن أيوب، عن محمد، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: نُهِيَ عن الخصر في الصلاة. لفظه عند البخاري.

وفي رواية: نُهِيَ عن التخصر في الصلاة، وفي ثالثة: نُهِيَ عن الاختصار.

أخرجه البخاري (1219)، والطيالسي (4/ 238/ 2622)، والبزار (17/ 197/ 9835)، وابن حزم في المحلى (8/ 14)، والبيهقي (2/ 287)، وأبو موسى المديني في اللطائف (508).

تنبيه: وقع في نسخة لمسند الطيالسي، وكذا من طريقه البيهقي: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن التخصر في الصلاة"، هكذا مصرحًا برفعه، وأظنه غير محفوظ عن حماد بن زيد، فقد رواه عنه بعض الحفاظ بدون التصريح بالرفع كما عند البخاري وغيره، ولم يذكر البزار والدارقطني خلافًا على أيوب فيه، والله أعلم.

• ورواه داود بن الزبرقان، عن مطر وأيوب، عن محمد، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: نُهِيَ عن الاختصار في الصلاة.

أخرجه أبو نعيم الحلية (3/ 78).

قال أبو نعيم: "صحيح ثابت من حديث محمد عن أبي هريرة رضي الله عنه، غريب من حديث مطر، تفرد به: داود بن الزبرقان".

قلت: داود بن الزبرقان: متروك، كذبه الجوزجاني.

• قال البخاري: "وقال هشام وأبو هلال، عن ابن سيرين، عن أبي هريرة: نهى النبي صلى الله عليه وسلم "؛ يعني: مصرحًا برفعه.

وقال البزار: "وهذا الحديث لا نعلم رفعه أيوب، وقد رفعه هشام وغيره".

• قلت: رواية أبي هلال الراسبي:

ص: 13

أخرجها الدارقطني في الأفراد (2/ 319/ 5402 - أطرافه)(2/ 450 - تغليق التعليق).

من طريق عمرو بن مرزوق: ثنا أبو هلال، عن محمَّد، عن أبي هريرة، قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الاختصار في الصلاة.

وقال الدارقطني: "تفرد به عمرو بن ميمون، عن أبي هلال الراسبي عنه".

وهذا إسناد صالح في المتابعات، وأبو هلال الراسبي محمَّد بن سليم: ليس بالقوي.

• وتابعهما على التصريح بالرفع أيضًا [أعني: هشامًا والراسبي]:

عبد الله بن عون [ثقة ثبت، من أثبت أصحاب ابن سيرين]، عن محمَّد، عن أبي هريرة رضي الله عنه؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن التخصر في الصلاة.

أخرجه البيهقي (2/ 288)، والخطيب في الموضح (2/ 464).

بإسناد صحيح غريب إلى ابن عون.

• وقول البخاري يدل على أن رواية أيوب -وإن كان هو أثبت الناس في ابن سيرين- لا تُعِلُّ رواية هشام بن حسان ومن تابعه في التصريح بالرفع، فقد كان البصريون يفعلون ذلك في أحاديث ابن سيرين، بل إن ابن سيرين نفسه كان يفعل ذلك، فقد قال محمَّد بن سيرين:"كل شيء حَدَّثتُ عن أبي هريرة فهو مرفوعًا، وفي رواية عنه: "كل شيء حدثتكم عن أبي هريرة؛ فهو عن النبي صلى الله عليه وسلم". [راجع ذلك مفصلًا تحت الحديث رقم (69 و 472)].

وقال الدارقطني في العلل (10/ 1827/25): "وقد تقدم قولنا في أن ابن سيرين من توقِّيه وتورُّعه: تارة يصرح بالرفع، وتارة يومئ، وتارة يتوقف، على حسب نشاطه في الحال".

• والحاصل: أن رواية الرفع غير معلولة بحال، لما تقدم بيانه، ولاتفاق الشيخين على إخراج الرواية المرفوعة، والله أعلم.

• ورواه بعض المتروكين، مثل: عدي بن الفضل، فجعله عن حميد عن أنس، وإنما هو حديث ابن سيرين عن أبي هريرة [انظر: علل الدارقطني (12/ 53/ 2404)].

2 -

أثر عائشة:

أ- روى الأعمش، عن أبي الضحى، عن مسروق، عن عائشة، أنها كرهت أن يضع يده على خاصرته في الصلاة، وقالت: تفعله اليهود.

وفي رواية: أنها كرهت الاختصار في الصلاة، وقالت: لا تشبَّهوا باليهود.

أخرجه البخاري (3458)، وعبد الرزاق (2/ 273/ 3338)، وابن أبي شيبة (1/ 399/ 4591) و (1/ 400/ 4600)، واللفظ له في الموضعين. وابن المنذر في الأوسط (3/ 263/ 1626)(3/ 1618/449 - ط. الفلاح)، والبيهقي في الشعب (137/ 3/ 3124).

ب- وروى وكيع، قال: نا ثور الشامي، عن خالد بن معدان، عن عائشة، أنها رأت رجلًا واضعًا يده على خاصرته، فقالت: هكذا أهل النار في النار.

أخرجه ابن أبي شيبة (1/ 399 / 4592).

ص: 14

قلت: وهذا موقوف على عائشة بإسناد منقطع؛ خالد بن معدان: لم يلق عائشة [قاله أبو زرعة. المراسيل (186)، تحفة التحصيل (93)، وقال المزي في التحفة (11/ 189/ 16065): "ولم يسمع منها"]، فإنه يدخل بينهما ربيعة الجرشي. [راجع: السنن برقم (766)، التحفة (11/ 195/ 16081 و 16082)]، ورجاله ثقات، وثور الشامي هو: ثور بن يزيد الكلاعي الحمصي، وهو: ثقة ثبت.

3 -

أثر ابن عباس:

روى سفيان الثوري، عن صالح مولى التوأمة، عن ابن عباس، أنه كرهه في الصلاة؛ [يعني: الاختصار]، وقال: إن الشيطان يحضر ذلك.

وفي رواية: سمعت ابن عباس يقول: إذا قام أحدكم يصلي فلا يجعل يديه في خاصرته؛ فإن الشيطان يحضر ذلك.

أخرجه ابن أبي شيبة (1/ 399/ 4593)، وابن المنذر في الأوسط (3/ 263/ 1627)(3/ 450/ 1619 - ط. الفلاح).

هكذا رواه عن الثوري: وكيع بن الجراح، وعبد الله بن الوليد العدني.

• خالفهما: عبد الرزاق بن همام الصنعاني، فرواه عن الثوري، عن صالح بن نبهان [هو: مولى التوأمة]، قال: سمعت أبا هريرة يقول:

فذكره بمثل اللفظ الثاني.

أخرجه عبد الرزاق (2/ 274/ 3339)، وانظر: المحلى (4/ 19).

قلت: إسناده ضعيف؛ صالح بن أبي صالح مولى التوأمة: ثقة، كان قد اختلط، فمن سمع منه قبل الاختلاط فهو صحيح، وإلا فلا، وسفيان الثوري ممن سمع منه بعد أن كبر وخرِف، وسمع منه أحاديث منكرات [انظر: التهذيب (2/ 201)، الكواكب النيرات (33)، شرح علل الترمذي (2/ 749)].

• وانظر فيما لا يصح فيمن يمشي واضعًا يديه على خاصرته:

عن شداد بن أوس [عند: ابن عدي في الكامل (5/ 12) و (7/ 83)][وهو حديث موضوع، وفي إسناده: عمر بن موسى بن وجيه الوجيهي الحمصي، وهو: متروك، منكر الحديث، بل قال أبو حاتم وابن عدي: "يضع الحديث"، وقال ابن معين: "كذاب، ليس بشيء". اللسان (5/ 24) و (6/ 149)].

• وقد روي في كراهية الاختصار عن: إبراهيم النخعي، ومجاهد، وعطاء بن أبي رباح، وأبي مجلز، وحميد بن هلال، وقيس بن عُباد، ومالك، والأوزاعي، إسحاق، وأصحاب الرأي [انظر: مصنف عبد الرزاق (2/ 274 و 275)، مصنف ابن أبي شيبة (1/ 399 و 400) و (5/ 235)، الأوسط لابن المنذر (3/ 263)].

***

ص: 15