الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فسجد فانتصب على كفَّيه وركبتيه وصدور قدميه وهو ساجد، ثم كبر فجلس فتورَّك ونصب قدمَه الأخرى.
بينما قال في الموضع الثاني، والذي أسقط من إسناده: محمد بن عمرو بن عطاء، قال: فسجد فانتصب على كفَّيه وركبتيه وصدور قدميه وهو جالس، فتورَّك ونصب قدمَه الأخرى.
هكذا خلط هيئة السجود في هيئة الجلوس، بإسقاط جملة: وهو ساجد ثم كبر.
والعجيب أن المزي في التحفة (8/ 404/ 11892) لم يشر إلى هذا السقط في الإسناد من الموضع الثاني، وإنما ذكر الإسناد الأول على الصواب، وكأنه لم يلتفت إلى هذا السقط في الموضع الثاني، مع كون النسخ التي وقفت عليها من سنن أبي داود كلها بإسقاط محمد بن عمرو، والله أعلم.
***
967 -
. . . عبد الملك بن عمرو: أخبرني فُلَيح: أخبرني عباس بن سهل، قال: اجتمع أبو حُميد، وأبو أُسيد، وسهل بن سعد، ومحمد بن مسلمة، فذكر هذا الحديث، لم يذكر الرفعَ إذا قام من ثنتين، ولا الجلوسَ، قال: حتَّى فرغ، ثم جلس فافترش رجله اليسرى، وأقبل بصَدْر اليمنى على قِبلته.
• حديث صحيح.
أخرجه أبو داود هنا (967) باختصار، وكان سبق أن أخرجه بلفظ أتم بنفس إسناده في باب: افتتاح الصلاة، برقم (734)، وهو حديث صحيح، سبق تخريجه هناك.
***
182 - باب التشهد
968 -
. . . سليمان الأعمش: حدثني شقيق بن سلمة، عن عبد الله بن مسعود، قال: كنا إذا جلسنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصلاة قلنا: السلام على الله قبل عباده، السلام على فلان وفلان، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تقولوا: السلام على الله، فإن الله هو السلام، ولكن إذا جلس أحدُكم فلْيقُل: التحيات لله، والصلوات والطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، فإنكم إذا قلتم ذلك أصاب كلَّ عبدٍ صالحٍ في السماء والأرض -أو: بين
السماء والأرض-، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا عبدُه ورسولُه، ثم ليتخيَّرْ أحدُكم من الدعاء أعجبَه إليه، فيدعو به".
• حديث متفق على صحته.
أخرجه البخاري (831 و 835 و 6230)، ومسلم (402/ 58)، وأبو عوانة (1/ 525/ 1964) و (1/ 542/ 2027 و 2028) و (1/ 543/ 2031)[ودخل في المطبوعة حديث في حديث]، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (2/ 26/ 893)، والنسائي في المجتبى (3/ 40/ 1277) و (3/ 41/ 1279) و (3/ 50/ 1298)، وفي الكبرى (2/ 68/ 1201) و (2/ 69/ 1203) و (2/ 78/ 1222) و (7/ 141/ 7653) و (10/ 295/ 11520)، وابن ماجه (899)، والدارمي (1/ 355/ 1340)(2/ 846/ 1379 - ط. دار المغني)، وابن خزيمة (1/ 348/ 703)، وابن حبان (5/ 285/ 1955)، وابن الجارود (205)، وأحمد (1/ 382 و 413 و 427 - 428 و 431)، ومحمد بن الحسن في الحجة (1/ 132)، وابن أبي شيبة في المصنف (1/ 259/ 2983)، وفي المسند (239)، وأبو سعيد الأشج في جزء من حديثه (102)، ويعقوب بن سفيان في المعرفة والتاريخ (2/ 635 - ط. العمري) [وتحرف شقيق بن سلمة في المطبوع إلى: سفيان عن سلمة]، وأبو زرعة الدمشقي في الأول من الفوائد المعللة (67)، والبزار (5/ 112/ 1692)، وأبو يعلى (9/ 13/ 5082)، وابن جرير الطبري في تهذيب الآثار (361 و 362 - الجزء المفقود)، وابن المنذر في الأوسط (3/ 205/ 1516)، والطحاوي في شرح المعاني (1/ 237 و 262)، وفي المشكل (6/ 17/ 2241) و (14/ 270/ 5614)، وفي أحكام القرآن (317)، وأبو إسحاق إبراهيم بن عبد الصمد الهاشمي في الأول من أماليه (100)، والهيثم بن كليب الشاشي في مسنده (502 و 503 و 507)، والطبراني في الكبير (10/ 40 و 41/ 9885 - 9887 و 9889)، وأبو بكر القطيعي في جزء الألف دينار (204)، وأبو أحمد الحاكم في شعار أصحاب الحديث (61 و 62)، والدارقطني في السنن (1/ 350)، وفي الأفراد (2/ 53/ 3977 - أطرافه)، وأبو طاهر المخلص في السادس من فوائده بانتقاء ابن أبي الفوارس (302)(1321 - المخلصيات)، وأبو نعيم في الحلية (4/ 106) و (9/ 322)، وفي معرفة الصحابة (4/ 1774/ 4497)، والبيهقي في السنن (2/ 138 و 153 و 378)، وفي المعرفة (2/ 31/ 886)، وفي الدعوات (81)، والخطيب في تالي تلخيص المتشابه (1/ 201)، والبغوي في شرح السُّنَّة (3/ 180/ 678)، وابن عساكر في الأربعين البلدانية (128)، وغيرهم.
• رواه عن الأعمش: يحيى بن سعيد القطان [وهذا لفظه، وهو عند البخاري برقم (835)، ووقع عنده: السلام على الله مِن عباده]، وأبو معاوية الضرير، وحفص بن غياث، وعبد الله بن نمير، وأبو نعيم الفضل بن دكين، والفضيل بن عياض، وزائدة بن قدامة، وسفيان بن عيينة [تفرد به عن ابن عيينة: سعيد بن عبد الرحمن المخزومي، وهو من ثقات
أصحابه]، وعبثر بن القاسم، ويعلى بن عبيد، وأبو أسامة حماد بن أسامة، ومحمد بن فضيل، ووكيع بن الجراح، وعبد الله بن إدريس، وأبو عوانة، ووهيب بن خالد، وعيسى بن يونس، وعلي بن مسهر، وعبدة بن سليمان، وأبو بكر بن عياش [20][وهم ثقات]، وغيرهم.
وقد رواه عن الأعمش أيضًا: سفيان الثوري، وشعبة، وهشيم، ويأتي ذكر طرقهم فيمن جمع الشيوخ عن أبي وائل.
وفي رواية أبي نعيم [عند البخاري (831)]: كنا إذا صلينا خلف النبي صلى الله عليه وسلم قلنا: السلام على جبريل وميكائيل، السلام على فلان وفلان.
وفي رواية حفص بن غياث [عند البخاري (6230)]، وأبي معاوية [عند أحمد (1/ 382)]: كنا إذا صلينا مع النبي صلى الله عليه وسلم قلنا: السلام على الله قبل عباده، السلام على جبريل، السلام على ميكائيل، السلام على فلان. وزاد في رواية عبثر: نعدِّدُ الملائكة، وزاد في رواية يعلى [عند الدارمي]: السلام على إسرافيل.
ووقع في رواية ابن عيينة عن الأعمش ومنصور [عند النسائي وغيره، وقد أعرض عنها صاحبا الصحيح]: كنا نقول في الصلاة قبل أن يُفرض التشهد: السلام على الله، السلام على جبريل وميكائيل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تقولوا هكذا، فإن الله عز وجل هو السلام، ولكن قولوا: التحيات لله
…
".
قال الطحاوي في المشكل: "ولا نعلم أحدًا روى هذا الحديث، فيذكر فيه: فلما فُرِضَ التشهد، غير ابن عيينة، وقد رواه من سواه، وكلهم لا يذكر فيه هذا الحرف".
وقال ابن صاعد: "هكذا في أوله: كنا نقول قبل أن يُفرض التشهد"[المخلصيات].
وقال الدارقطني بعد رواية ابن عيينة هذه: "هذا إسناد صحيح".
وقال ابن عساكر: "وأخرجه النسائي في سننه عن سعيد بن عبد الرحمن كما أخرجناه، وهو ينفرد بقوله: قبل أن يُفرَض التشهد؛ فإنها لفظة لم يأت بها غيره".
وقال ابن الملقن في البدر المنير (4/ 13): "قال أصحابنا: في هذا الحديث دليلان على وجوب التشهد الأخير: أحدهما: قوله: قبل أن يفرض علينا التشهد، فدل على أنه قد فرض، وثانيهما: قوله: "ولكن قولوا: التحيات لله"، وهذا أمر، وظاهره الوجوب، ولم يثبت شيء صريح في خلافه"[وانظر: المجموع شرح المهذب (3/ 426)، الخلاصة (1402 و 1421)].
• وله طرق أخرى عن أبي وائل شقيق بن سلمة:
أ- رواه حصين بن عبد الرحمن، عن أبي وائل، عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، قال: كنا نقول: التحية في الصلاة، ونسمي، ويسلم بعضنا على بعض، فسمعه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: "قولوا: التحيات لله، والصلوات والطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد
أن محمدًا عبده ورسوله، فإنكم إذا فعلتم ذلك فقد سلمتم على كل عبد لله صالح في السماء والأرض".
أخرجه البخاري (1202)، وابن خزيمة (1/ 349/ 704)، والمحاملي في الأمالي (265 - رواية ابن مهدي الفارسي).
2 -
ورواه منصور بن المعتمر، عن أبي وائل، عن عبد الله رضي الله عنه، قال: كنا نقول في الصلاة خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم: السلام على الله، السلام على فلان، فقال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم:"إن الله هو السلام، فإذا قعد أحدكم في الصلاة فليقل: التحيات لله، والصلوات والطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، فإذا قالها أصابت كل عبد لله صالح في السماء والأرض، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، ثم يتخير من المسألة ما شاء".
أخرجه البخاري (6328)، ومسلم (402/ 55 - 57)، وأبو عوانة (1/ 542/ 2029 و 2030)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (2/ 25/ 890 - 892)، والنسائي في المجتبى (3/ 40/ 1277)، وفي الكبرى (2/ 68/ 1201)، وابن خزيمة (1/ 349/ 704)، وأحمد (1/ 413 و 439)، والبزار (5/ 95/ 1672)، وأبو يعلى (9/ 68/ 5135)، وابن جرير الطبري في تهذيب الآثار (360 - الجزء المفقود)، والطحاوي في شرح المعاني (1/ 237 و 262)، وفي المشكل (14/ 270/ 5614)، وفي أحكام القرآن (319)، والطبراني في الكبير (10/ 41/ 9889)، وأبو أحمد الحاكم في شعار أصحاب الحديث (62)، والدارقطني في السنن (1/ 350)، وفي الأفراد (2/ 53/ 3977 - أطرافه)، وأبو طاهر المخلص في السادس من فوائده بانتقاء ابن أبي الفوارس (302)(1321 - المخلصيات)، وابن حزم في المحلى (3/ 269)، والبيهقي (2/ 138 و 378)، والخطيب في تالي تلخيص المتشابه (1/ 201)، وابن عساكر في الأربعين البلدانية (128).
وانظر فيمن أخطأ فيه على منصور: المعجم الكبير للطبراني (10/ 54/ 9934).
3 -
ورواه المغيرة بن مقسم الضبي: حدثنا شقيق بن سلمة، قال: قال عبد الله: كنا نصلي خلف النبي صلى الله عليه وسلم فنقول: السلام على الله، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"إن الله هو السلام، ولكن قولوا: التحيات لله، والصلوات والطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله".
أخرجه البخاري (7381)، وابن خزيمة (1/ 349/ 704)، وأبو عوانة (1/ 543/ 2031)[ودخل في المطبوعة حديث في حديث]، والبزار (5/ 125/ 1711)، والطحاوي (1/ 263)، والهيثم بن كليب الشاشي في مسنده (506)، وابن الأعرابي في المعجم (247)، والطبراني في الكبير (10/ 45/ 9902 و 9903).
4 -
وروى خالد بن الحارث، وأبو داود الطيالسي، ووهب بن جرير، والنضر بن شميل، وأبو عامر العقدي، ومحمد بن بكر البرساني [وهم ثقات]، قالوا:
حدثنا هشام الدستوائي [ثقة ثبت]، عن حماد بن أبي سليمان [صدوق]، عن أبي وائل، عن ابن مسعود، قال: كنا نصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فنقول: السلام على الله، السلام على جبريل، السلام على ميكائيل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"لا تقولوا: السلام على الله، فإن الله هو السلام، ولكن قولوا: التحيات لله، والصلوات والطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله".
أخرجه النسائي في المجتبى (2/ 240/ 1169)، وفي الكبرى (1/ 377/ 759)، وأبو عوانة (1/ 543/ 2031)[ودخل في المطبوعة حديث في حديث]، والطيالسي (1/ 201/ 246)، وأبو العباس السراج في حديثه بانتقاء الشحامي (715)، والطحاوي (1/ 262)، والهيثم بن كليب الشاشي في مسنده (501)، والطبراني في الكبير (10/ 42/ 9892).
• تابع هشامًا عليه:
حماد بن سلمة [ثقة]، وحمزة بن حبيب الزيات [صدوق]، وإبراهيم بن ميمون الصائغ [لا بأس به]، وأبو حنيفة النعمان بن ثابت [ضعيف في الحديث، مع إمامته في الفقه والدين]، ومحمد بن أبان بن صالح [القرشي الجعفي الكوفي: ضعيف. انظر: اللسان (6/ 488) وغيره]، وغيرهم:
رووه عن حماد، عن أبي وائل، عن ابن مسعود به مرفوعًا.
وفي رواية حمزة: فكان عبد الله يعلمناها كما يعلمنا السورة من القرآن، فلا يسقط منه ألفًا ولا واوًا.
أخرجه أبو يوسف في الآثار (268)، ومحمد بن الحسن في الحجة (1/ 131)، وجعفر الخلدي في جزء من فوائده (131)، والطبراني في الكبير (10/ 42/ 9891 و 9893 و 9894)، وابن عدي في الكامل (3/ 413)، وأبو نعيم في مسند أبي حنيفة (84)، وفي تاريخ أصبهان (1/ 350 و 352).
ورواه عن حماد مقرونًا بغيره: سفيان الثوري، وشعبة [ويأتي ذكر حديثهما].
وهذا حديث صحيح.
5 -
ورواه مُحِلُّ بن محرز الضبي [لا بأس به]، قال: سمعت شقيق بن سلمة أبا وائل، يذكر عن ابن مسعود، قال: كانوا يصلون خلف النبي صلى الله عليه وسلم، قال القائل: السلام على الله، فلما قضى النبي صلى الله عليه وسلم صلاته، قال:"من القائل: السلام على الله؟ إن الله هو السلام، ولكن قولوا: التحيات لله، والصلوات والطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله" قال: وقد كانوا يتعلمونها كما يتعلم أحدكم السورة من القرآن.
أخرجه البخاري في الأدب المفرد (990)، ومحمد بن الحسن في الحجة (1/ 133)، وفي زياداته على موطأ مالك (148)، والطحاوي (1/ 262)، والهيثم بن كليب
الشاشي في مسنده (505)[ولم ينسب محل في روايته، فنسبه أحدهم بقوله: هو ابن خليفة، وهو وهم]، وابن الأعرابي في المعجم (473)، والطبراني في الكبير (10/ 39 - 40/ 9884)، وأبو نعيم في الحلية (4/ 106).
وهذا حديث صحيح.
6 -
ورواه زائدة بن قدامة، وحماد بن سلمة، وهمام بن يحيى، وسعيد بن زيد، وأبو بكر بن عياش [وهم ثقات]، وأبو الأشهب جعفر بن الحارث [صدوق، كثير الخطأ]، وسفيان الثوري [ولا يصح عنه، رواه عنه: إبراهيم بن هراسة، وهو: متروك، كذبه جماعة. اللسان (1/ 380)، ورواه عنه أيضًا: عبد العزيز بن أبان الأموي السعيدي أبو خالد، وهو: متروك، كذبه ابن نمير وابن معين، وقال: "كذاب خبيث، يضع الحديث". التهذيب (2/ 581)]:
عن عاصم بن أبي النجود، عن أبي وائل، عن عبد الله، قال: علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم التشهد: "التحيات لله، والصلوات والطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله". لفظ زائدة.
أخرجه أبو سعيد الأشج في جزء من حديثه (102)، والبزار (5/ 136 - 137/ 1725)، وأبو العباس السراج في حديثه بانتقاء الشحامي (713)، وأبو إسحاق إبراهيم بن عبد الصمد الهاشمي في الأول من أماليه (100)، والطبراني في الكبير (10/ 42 - 44/ 9894 - 9897 و 9899 و 9900)، وذكره الدارقطني في العلل (5/ 68/ 713).
• وانظر فيمن رواه عن عاصم فزاد فيه: التسليم على المصلي والكلام في الصلاة: ما تقدم برقم (924)، وانظر فيه أيضًا من وهم في إسناده على عاصم.
• وخالفهم: معمر بن راشد، فرواه عن عاصم بن أبي النجود، عن زر بن حبيش، عن شقيق بن سلمة، عن عبد الله بن مسعود، قال: كنا نصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان الناس يقولون: السلام على الله، السلام على جبريل، السلام على ميكائيل، السلام على الملائكة المقربين، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"لا تقولوا السلام على الله، فإن الله هو السلام"، قال: فعلمهم التشهد، فقال:"قولوا: التحيات لله، والصلوات والطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله".
أخرجه عبد الرزاق (2/ 200/ 3064)، ومن طريقه: الطبراني في الكبير (10/ 43/ 9898).
تنبيه: وقع في هذا الإسناد عند الطبراني: عن زر بن حبيش، أو: عن شقيق بن سلمة، وهذا عندي هو الأقرب للصواب، أن يكون مرويًا هكذا بالتردد، فإن أبا وائل وزر بن حبيش من الأقران، فكلاهما يروي عن ابن مسعود، وعاصم يروي عنهما.
وذكر زر بن حبيش في هذا الإسناد: وهمٌ وخطأ من معمر بن راشد؛ فإنه وإن كان ثقةً ثبتًا في الزهري وابن طاووس، وحديثه عنهما مستقيم، إلا أن حديثه عن غيرهما يقع فيه الوهم الشيء بعد الشيء، وقد كان يضعَّف حديثه عن أهل الكوفة والبصرة، وهذا منه [انظر: شرح العلل (2/ 774 و 804)].
والمحفوظ فيه عن عاصم: رواية جماعة الثقات من أهل بلده وخارجها، بدون ذكر زر في الإسناد.
فإن قيل: قد يكون الوهم فيه من عاصم بن أبي النجود نفسه، فقد كان سيئ الحفظ، وحديثه خاصة عن زر وأبي وائل: مضطرب [انظر: التهذيب (2/ 250)، شرح علل الترمذي (2/ 788)، الميزان (2/ 357)].
فيقال: رواية الجماعة عنه موافقة لرواية جماعة الثقات عن أبي وائل، ولا يُعرف هذا من حديث زر، ومعمر معروف بكثرة أوهامه في حديثه عن أهل الكوفة، فإلحاق الوهم به أولى، والله أعلم.
والحاصل: فإن حديث الجماعة: حديث صحيح.
• وممن جمع الرواة عن أبي وائل ثلاثة فأكثر في إسناد واحد: الثوري وشعبة وهشيم بن بشير:
أ- فقد روى عبد الرزاق بن همام، وإبراهيم بن خالد الصنعاني [وهما ثقتان، وذكرا في روايتهما عن الثوري شيوخه الخمسة]، وقبيصة بن عقبة [ثقة، ذكر في رواية له عن الثوري شيوخه الثلاثة الأول، ولم يذكر أبا هاشم وحده في رواية أخرى]، ويحيى بن آدم [ثقة حافظ، جمع في روايته بين منصور والأعمش وحماد]، وعلي بن قادم [صدوق، ضعفه ابن معين، وروى عن الثوري أحاديث غير محفوظة. التهذيب (3/ 188)، الميزان (3/ 150)، ولم يذكر سوى الأعمش][والراوي عنه: عبد الرحمن بن محمَّد بن منصور؛ الملقب كُربُزان: ليس بالقوي، حدث بأشياء لا يتابعه أحد عليها. الجرح والتعديل (5/ 283)، الكامل (4/ 319)، سؤالات الحاكم (145)، تاريخ بغداد (10/ 273)، السير (13/ 138)، اللسان (5/ 127)]:
عن الثوري، عن منصور، والأعمش، وحصين، وأبي هاشم، وحماد، عن أبي وائل، عن عبد الله بن مسعود، عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه.
ولفظه عند أحمد (1/ 423) من طريق عبد الرزاق، وعند ابن حبان (1956) من طريق إبراهيم بن خالد:
عن عبد الله، قال: كنا لا ندري ما نقول في الصلاة، نقول: السلام على الله، السلام على جبريل، السلام على ميكائيل، فعلمنا النبي صلى الله عليه وسلم، وقال:"إن الله هو السلام، فإذا جلستم في ركعتين فقولوا: التحيات لله، والصلوات والطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، إذا قلتها أصابت كلَّ عبدٍ صالحٍ في السماء والأرض، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله".
أخرجه النسائي في المجتبى (2/ 239/ 1165)، وفي الكبرى (1/ 375/ 755)، وابن ماجه (899 م 1) و (899 م 2)، وابن حبان (5/ 279/ 1950) و (5/ 285/ 1956)، وأبو عوانة (1/ 525/ 1965) و (1/ 543/ 2031)[ودخل في المطبوعة حديث في حديث]، وأحمد (1/ 418 و 423)، وعبد الرزاق (2/ 199/ 3061)، والسري بن يحيى في حديثه عن شيوخه عن الثوري (38)، والبزار (5/ 96/ 1674)، وابن المنذر في الأوسط (3/ 202/ 1511)، والهيثم بن كليب الشاشي في مسنده (504 و 509)، والطبراني في الكبير (10/ 41/ 9888)، والبيهقي (2/ 377).
وهذا حديث صحيح.
• وانظر فيمن وهم في إسناده على الثوري: المعجم الكبير للطبراني (10/ 44/ 9901)، الكامل لابن عدي (6/ 387)، ذكر الأقران لأبي الشيخ (259)، سنن الدارقطني (1/ 351)، فوائد تمام (399) [وفي إسناده: المسيب بن واضح، وهو: ضعيف، تركه جماعة، وله أحاديث منكرة. اللسان (8/ 69)] [جعل سعيد بن مسروق ومغيرة بن مقسم بدل: حصين وأبي هاشم، وزاد معهم في رواية: الحكم بن عتيبة، وقد أنكره على المسيب بن واضح: أبو داود وابن عدي].
وانظر أيضًا: علل الدارقطني (5/ 105/ 751).
• تنبيه: ذكر المزي في التحفة (6/ 286/ 9242 - ط. الغرب) و (6/ 288/ 9245) و (6/ 311/ 9296) أن البخاري أخرجه من طريق حماد بن أبي سليمان، والأعمش، ومنصور، رواه البخاري عن قبيصة، عن سفيان الثوري عن الثلاثة معًا، قال المزي في الموضع الثالث:"قال خلف: وفي بعض النسخ: حدثنا قبيصة، قال: حدثنا سفيان، عن الأعمش ومنصور وحماد، ثلاثتهم عن أبي وائل به"، وقال في الموضعين الآخرين:"ذكر خلف أن حديث قبيصة في بعض النسخ".
ولم أقف على هذا الطريق في صحيح البخاري، وكذلك كل من علق على تحفة الأشراف، وقال ابن حجر في النكت الظراف في الموضع الثاني (7/ 36/ 9245 - ط. المكتب الإِسلامي):"أورده أبو نعيم في المستخرج من طريق عبد الرزاق عن سفيان، عقب حديث أبي نعيم، وقال: أخرجه البخاري عن قبيصة، كذا قال، ولم أر في كتاب الصلاة طريق قبيصة"، وذكر نحوه في الفتح (2/ 317).
ب- ورواه شعبة [وعنه: غندر بالخمسة، ورواه علي بن الجعد، وآدم بن أبي إياس، وأبو النضر هاشم بن القاسم، وعبد الرحمن بن زياد الرصاصي؛ فأفردوا حمادًا]، عن سليمان، ومنصور، وحماد، ومغيرة، وأبي هاشم، عن أبي وائل، عن عبد الله، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال في التشهد:"التحيات لله، والصلوات والطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله".
وزاد في أول رواية ابن الجعد: "لا تقولوا: السلام على الله، فإن الله هو السلام".
أخرجه النسائي في المجتبى (2/ 241/ 1170)، وفي الكبرى (1/ 378 / 760)، وابن حبان (5/ 278/ 1949)، وأبو عوانة (1/ 543/ 2031)[ودخل في المطبوعة حديث في حديث]، وأحمد (1/ 440 و 464)، والبزار (5/ 96/ 1673)، وأبو القاسم البغوي في مسند ابن الجعد (363)، والطحاوي (1/ 262)، والسهمي في تاريخ جرجان (73)، والطبراني في الكبير (10/ 45/ 9904)، وأبو بكر الإسماعيلي في معجم شيوخه (1/ 352)، وأبو طاهر المخلص في الثامن من فوائده بانتقاء ابن أبي الفوارس (270)(1846 - المخلصيات)، وأبو نعيم في الحلية (7/ 179).
وهذا حديث صحيح.
قال النسائي: "أبو هاشم غريب"؛ يعني: أنه معروف من حديث الأعمش، ومنصور، وحماد بن أبي سليمان، ومغيرة؛ إلا أنه غريب من حديث أبي هاشم الرماني يحيى بن دينار، وهو: ثقة.
وقال البزار: "وهذا الحديث لا نعلم رواه عن أبي هاشم عن أبي وائل عن عبد الله؛ إلا شعبة والثوري".
قلت: وكفى بهما، فليس بغريب إذًا من حديث أبي هاشم.
وقال أبو نعيم في الحلية: "تفرد محمَّد بن جعفر غندر عن شعبة بالجمع بين هؤلاء الخمسة".
قلت: ولا يضيره تفرده به؛ وهو صاحبه الذي لازمه عشرين سنة، وكان كتابه حكمًا بين أصحابه، وكان مقدَّمًا فيه على كثير من كبار أصحاب شعبة.
• ورواه بدل بن المحبر [ثقة ثبت]، والنضر بن شميل [ثقة ثبت]:
قالا: ثنا شعبة، عن حصين [قال بدلٌ مرة: عن الحكم وحصين، وقال أخرى: عن سليمان؛ يعني: الأعمش، وقال ثالثة: الحكم وحماد وأبو هاشم، وقال رابعة: الحكم وحصين وحماد وأبو هاشم، وقد تفرد به عن بدل: حماد بن الحسن بن عنبسة النهشلي، وهو: ثقة] [وقال النضر في رواية: ثنا شعبة: ثنا أبو هاشم الرماني، وفي أخرى: أبو هاشم وحصين]، عن أبي وائل، عن عبد الله، قال: كنا نقول السلام على الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "قولوا: التحيات لله، والصلوات والطيبات،
…
"، فذكرا مثله.
أخرجه أبو عوانة (1/ 525/ 1964)، وأبو العباس السراج في حديثه بانتقاء الشحامي (714)، والطبراني في الكبير (10/ 45/ 9905)، وأبو طاهر المخلص في الثامن من فوائده بانتقاء ابن أبي الفوارس (271 و 272)(1847 و 1848 - المخلصيات)، وفي الحادي عشر من فوائده بانتقاء ابن أبي الفوارس (198 و 199)(2702 و 2703 - المخلصيات)، وأبو نعيم في الحلية (7/ 180).
قال ابن صاعد: "وهذا حديث غريب من حديث الحكم، وليس ذكر حصين في حديث غندر".
وقال أبو نعيم: "تفرد به: بدل عن شعبة عن الحكم".
قلت: أخاف أن تكون زيادة الحكم في الإسناد من قبَل حماد بن الحسن، فإنه الذي رواه عن بدل على وجوه.
• ورواه نصر بن علي [الجهضمي: ثقة]: أخبرني أبي [ثقة]: ثنا شعبة، قال: قال لي قتادة: أعند أهل الكوفة مثل هذا الحديث؟ ثم حدث بحديث يونس [بن جبير]، عن حطان بن عبد الله، عن أبي موسى، في التشهد، قلت: نعم؛ حدثني الأعمش، عن أبي وائل، عن عبد الله، [عن النبي صلى الله عليه وسلم]، في التشهد، فقال لي قتادة: أنت مثلي في هذا الإسناد.
قال نصر بن علي: فحدثت بهذا الحديث ابن داود؛ [يعني: عبد الله بن داود الخريبي]، فقال: شعبة أرفع إسنادًا من قتادة.
أخرجه ابن الأعرابي في المعجم (3/ 1868/894)، والرامهرمزي في المحدث الفاصل (214)، وابن عدي في الكامل (1/ 79)، وأبو طاهر المخلص في جزء ابن الطلاية (27)(2937 - المخلصيات).
ج- ورواه هشيم بن بشير، قال: أخبرنا حصين بن عبد الرحمن، والمغيرة، والأعمش، عن أبي وائل، عن عبد الله، قال: كنا إذا جلسنا خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصلاة، نقول: السلام على الله، السلام على جبريل، السلام على ميكائيل، السلام على فلان، السلام على فلان، فالتفت إلينا النبي صلى الله عليه وسلم، فقال:"إن الله هو السلام، فقولوا: التحيات لله، والصلوات والطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، فإنكم إذا فعلتم ذلك فقد سلمتم على كل عبد صالح في السماوات والأرض".
أخرجه ابن حبان (5/ 275/ 1948)، وأبو عوانة (1/ 543/ 2031)[ودخل في المطبوعة حديث في حديث]، وأبو عبيد القاسم بن سلام في غريب الحديث (3/ 107)، وابن أبي شيبة (1/ 260/ 2985).
وهذا حديث صحيح.
• وانظر في الغرائب والأفراد، أو فيمن رواه من الضعفاء عن أبي وائل، أو فيما لا يصح عمن رواه عن أبي وائل من الثقات غير من تقدم ذكرهم، أو فيمن وهم على أحد ممن رواه عن أبي وائل ممن تقدم ذكرهم:
مستخرج أبي عوانة (1/ 525/ 1965)، مسند البزار (5/ 146/ 1737 و 1738) و (5/ 150/ 1743)، مسند الشاشي (508)، المعجم الكبير للطبراني (10/ 41/ 9890) و (10/ 45/ 9905 و 9906) و (10/ 46/ 9907 و 9908)، أطراف الغرائب والأفراد (2/ 53/ 3977)
و (2/ 55/ 3987)، السابع من فوائد أبي طاهر المخلص بانتقاء ابن أبي الفوارس (220)(1551 - المخلصيات)، التوحيد لابن منده (1/ 362/ 265)، السنن الكبرى للبيهقي (7/ 146).
• ورواه شريك بن عبد الله النخعي، وانفرد فيه بزيادة، وهو الحديث الآتي.
***
969 -
قال أبو داود: حدثنا تميم بن المنتصر: أخبرنا إسحاق -يعني: ابن يوسف-، عن شريك، عن أبي إسحاق، عن أبي الأحوص، عن عبد الله، قال: كنا لا ندري ما نقول إذا جلسنا في الصلاة، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد عُلِّم، فذكر نحوه.
قال شريك: وحدثنا جامعٌ -يعني: ابنَ شدَّاد-، عن أبي وائل، عن عبد الله، بمثله، قال: وكان يعلِّمُنا كلماتٍ ولم يكن يعلِّمُناهُنَّ كما يعلِّمُنا التشهد: "اللهُمَّ ألِّف بين قلوبنا، وأصلِح ذات بيننا، واهدنا سبل السلام، ونجِّنا من الظلمات إلى النور، وجنِّبنا الفواحش ما ظهر منها وما بطن، وبارك لنا في أسماعنا وأبصارنا وقلوبنا وأزواجنا وذرياتنا، وتُبْ علينا، إنك أنت التواب الرحيم، واجعلنا شاكرين لنعمتك، مُثْنِين بها، قابليها، وأتمها علينا".
• حديث التشهد صحيح، وأما الدعاء فإنما يصح موقوفًا على ابن مسعود قوله.
أخرجه من طريق أبي داود: البيهقي في القضاء والقدر (375)، وقال في جامع: هو ابن أبي راشد.
وأخرجه من طريق تميم بن المنتصر [وهو: ثقة ضابط] به هكذا؛ إلا أنه قال في إسناده: جامع بن أبي راشد: الحاكم (1/ 265)[وشيخه فيه: أبو بكر بن أبي دارم، هو: أحمد بن محمَّد بن السري الحافظ، وهو: رافضي كذاب، متهم بالوضع. السير (15/ 576)، اللسان (1/ 609)، إتحاف المهرة (7/ 643/ 8662)].
قال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه".
• وممن رواه أيضًا عن شريك غير إسحاق بن يوسف الأزرق [وهو: ثقة]:
أ- علي بن حكيم الأودي [ثقة]، قال: نا شريك، عن جامع بن أبي راشد، عن أبي وائل، عن عبد الله، عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه علمهم التشهد:"التحيات لله، والصلوات والطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله".
قال: و [كان رسول الله صلى الله عليه وسلم] يعلمنا هذا الدعاء كما يعلمنا القرآن: "اللهم أصلِح ذات بيننا، وألِّف بين قلوبنا، واهدنا لسبل السلام، وجنِّبنا الفواحش ما ظهر منها وما بطن، اللَّهُمَّ
بارك لنا في أسماعنا وأبصارنا [وقلوبنا] وأزواجنا وذرياتنا، وتب علينا، إنك أنت التواب الرحيم، اللهُمَّ اجعلنا شاكرين لنعمتك، مثنين بها، قابليها، وأتممها علينا يا أرحم الراحمين".
أخرجه البزار (5/ 153/ 1745)، والطبراني في الكبير (10/ 191/ 10426)، وفي الدعاء (1429)، وأبو نعيم في الحلية (4/ 110).
ب- ورواه سعيد بن سليمان [الضبي، أبو عثمان الواسطي، سكن بغداد، لقبه سعدويه: ثقة حافظ]، قال: ثنا شريك، عن جامع بن أبي راشد به.
أخرجه أبو عوانة (1/ 525/ 1965)، والبيهقي في القضاء والقدر (374).
ج- ورواه يعقوب بن إبراهيم بن سعد [الزهري المدني: ثقة]، قال: حدثنا شريك، عن جامع بن أبي راشد [ووقع عند ابن حبان: جامع بن شداد، وهو خطأ، وجاء على الصواب في الإتحاف (10/ 230/ 12635)]، عن أبي وائل شقيق بن سلمة، عن عبد الله، قال: كان نبي الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا التشهد في الصلاة كما يعلمنا السورة من القرآن، ويعلمنا ما لم يكن يعلمنا كما يعلمنا التشهد، إنه كان يقول:"اللهُمَّ ألِّف بين قلوبنا، وأصلِح ذات بيننا، واهدنا لسبل السلام، ونجنا من الظلمات إلى النور، وجنبنا الفواحش ما ظهر منها وما بطن، اللهُمَّ احفظنا في أسماعنا وأبصارنا وأزواجنا، واجعلنا شاكرين لنعمتك، مثنين بها عليك، قابلين لها، وأتمها علينا".
أخرجه أبو العباس السراج في حديثه بانتقاء الشحامي (712)، وعنه: ابن حبان في صحيحه (3/ 277/ 996)، وقال:"خبر غريب".
د- ورواه يحيى بن آدم [ثقة حافظ]، ومحمد بن سعيد بن الأصبهاني [ثقة ثبت]:
ثنا شريك، عن جامع بن أبي راشد، عن أبي وائل، عن عبد الله، قال: كان رسول صلى الله عليه وسلم يعلِّمنا التشهد كما يعلِّمنا السورة من القرآن.
أخرجه أحمد (1/ 394)، وابن أبي شيبة (1/ 262/ 3004)، والهيثم بن كليب الشاشي في مسنده (510).
ولشريك بهذا المتن عن ابن مسعود، إسناد آخر مجهول [عند الشاشي في مسنده (511)].
• قال البزار: "وهذا الحديث بهذا اللفظ لا نعلم رواه إلا جامع بن أبي راشد عن أبي وائل عن عبد الله".
وقال ابن حبان: "خبر غريب".
وقال أبو نعيم: "غريب من حديث جامع، تفرد به: شريك".
قلت: وهو كما قالوا، وجامع بن أبي راشد: ثقة، وأخطأ من قال بأنه ابن شداد، وهما من نفس الطبقة، وقد روى عنهما شريك، والعهدة في هذا الحديث على شريك، وقد أخطأ في رفعه، وفي إلحاقه بحديث التشهد، وهما حديثان: الأول: حديث التشهد، وهو
ثابت من كلا الطريقين المذكررين، كما سبق من حديث أبي وائل، وكما سيأتي بيانه من حديث أبي الأحوص، والثاني: دعاء ابن مسعود، وهو ثابت عنه قوله موقوفًا عليه، أخطأ فيه شريك مرتين.
• ورواه عثمان بن يحيى القرقساني: ثنا عبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي رواد: ثنا ابن جريج، عن جامع بن أبي راشد، عن أبي وائل، عن عبد الله، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا، فذكره مثله؛ يعني: مثل حديث إسحاق بن يوسف عن شريك.
أخرجه الحاكم (1/ 265)، بإسناد صحيح إلى القرقساني. وعنه: البيهقي في القضاء والقدر (376).
قلت: لا تثبت هذه المتابعة عن ابن جريج؛ عبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي رواد: صدوق يخطئ، كان عالمًا بحديث ابن جريج؛ ويهِم عليه فيه، قال ابن معين:"كان أعلم الناس بحديث ابن جريج"، وأنكر عليه ابن عدي أحاديث تفرد بها عن ابن جريج وغيره، ثم قال:"وكل هذه الأحاديث: غير محفوظة؛ على أنه ثبت في حديث ابن جريج، وله عن غير ابن جريج أحاديث غير محفوظة"، فدل ذلك على أنه ليس بالثبت في ابن جريج، يخطئ في حديثه، وغيره أثبت منه فيه، والله أعلم. [انظر: التهذيب (2/ 606)، إكمال مغلطاي (8/ 297)، الميزان (2/ 648)، السير (9/ 434)، تاريخ ابن معين للدوري (3/ 86/ 361)، الجرح والتعديل (6/ 64)، الضعفاء الكبير (3/ 96)، المجروحين (2/ 161)، الكامل (5/ 344 - مطبوع)(2/ 325/ ب- مخطوط)، سؤالات البرقاني (317)، الإرشاد (1/ 166 و 233)، شرح علل الترمذي (2/ 682)، التقريب (392)].
وعثمان بن يحيى هذا هو: أبو عمرو عثمان بن يحيى بن عثمان إمام جامع قرقيسيا، ذكره ابن حبان في الثقات (8/ 455)، وسمى جده عيسى، وأخرج له في صحيحه (15/ 112/ 6716) حديثًا لا يصح، وقال ابن القطان الفاسي في بيان الوهم (3/ 173/ 883):"لا تُعرف حاله"، وقال ابن حجر في التغليق (3/ 227):"ضعيف"، وقال الهيثمي في المجمع (5/ 305):"ثقة"، ثم غفل عنه فقال في موضع آخر (7/ 312):"ولم أعرفه"[وانظر في أوهامه: الفوائد المنتخبة "المهروانيات" (53)، المجالس الخمسة (20)، اللسان (1/ 483)].
فلا يثبت هذا من حديث ابن جريج، ويكون شريك هو المتفرد بهذا الحديث عن جامع بن أبي راشد، والله أعلم.
• وروي من حديث: مسعر، عن جامع بن أبي راشد، عن أبي وائل، عن عبد الله؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم علمهم التشهد،
…
فذكره، ولم يذكر الدعاء.
أخرجه أبو نعيم في الحلية (5/ 65) و (7/ 233).
وهو غريب جدًّا من حديث مسعر، بل منكر؛ تفرد به عنه: عفان بن سيار الباهلي
الجرجاني، وهو: شيخ، قليل الحديث، ويهم فيه [انظر: التهذيب (3/ 116)]، وتكُلِّم في الراوي عنه [انظر: اللسان (2/ 31)]، واختلف عنه في رفعه ووقفه.
قال أبو نعيم: "لم نكتبه من حديث مسعر مرفوعًا إلا من حديث إسحاق بن إبراهيم الطلقي عن عفان، من رواية ابن حمدون عنه، ووقفه أبو نعيم بن عدي".
• هكذا انفرد شريك بهذه الزيادة من حديث جامع بن أبي راشد عن أبي وائل في التشهد، وقد روى حديث التشهد عن أبي وائل بدونها: سليمان بن مهران الأعمش، ومنصور بن المعتمر، وحصين بن عبد الرحمن، ومغيرة بن مقسم، وحماد بن أبي سليمان، وأبو هاشم الرماني، وعاصم بن أبي النجود، ومحل بن محرز.
• وقد روي مرفوعًا من وجه آخر عن أبي وائل بدون ذكر التشهد فيه، وكأنه في دعاء ختم المجلس، ولكنه لا يصح:
رواه داود بن يزيد الأودي، عن شقيق بن سلمة، عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه كان يدعو بهؤلاء الدعوات في آخر [وقال الطبراني مرة: في أول] قوله، وبها يختم قوله: "اللهم أصلح ذات بيننا،
…
"، فذكر نحوه.
أخرجه الطبراني في الأوسط (6/ 53/ 5769)، وفي الدعاء (1430)، والبيهقي في الدعوات (224).
قال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن داود الأودي إلا الوليد بن القاسم".
قلت: الوليد بن القاسم بن الوليد الهمداني الكوفي؛ وإن وثقه أو قواه: أحمد وابن قانع وابن عدي، فقد ضعفه ابن معين، وقال ابن حبان:"كان ممن ينفرد عن الثقات بما لا يشبه حديث الأثبات، فخرج عن حد الاحتجاج به إذا انفرد"[المجروحين (3/ 80)، الميزان (4/ 344)، التهذيب (4/ 322)]، وداود بن يزيد الأودي: ضعيف.
• والمحفوظ في هذا الدعاء أنه من كلام ابن مسعود، موقوفًا عليه بإسناد صحيح:
• فقد روى أبو معاوية، وحفص بن غياث:
عن الأعمش، عن [وفي رواية حفص: قال: حدثنا] شقيق، قال: كان من دعاء عبد الله: ربنا أصلح ذات بيننا، واهدنا سبل الإِسلام، وأخرجنا من الظلمات إلى النور، واصرف عنا الفواحش ما ظهر منها وما بطن، وبارك لنا في أسماعنا وأبصارنا وقلوبنا وأزواجنا وذرياتنا، وتب علينا وعليهم؛ إنك أنت التواب الرحيم، واجعلنا لأنعمك شاكرين، مثنين بها، قائلين بها، وأتمها علينا.
أخرجه البخاري في الأدب المفرد (630)، وابن أبي شيبة (6/ 67/ 29524).
وهذا موقوف على ابن مسعود بإسناد صحيح.
• ورواه أيضًا: عَبيدة بن حميد [صدوق]، عن منصور، عن أبي وائل، قال: كان عبد الله يقول: اللهُمَّ أصلح ذات بيننا،
…
ثم ذكر نحوًا من حديث الأعمش.
أخرجه ابن أبي شيبة (6/ 68/ 29525).
وهذا موقوف على ابن مسعود بإسناد جيد.
• وروي بعضه موقوفًا أيضًا من وجه آخر:
رواه حماد بن سلمة: أخبرنا عطاء بن السائب، عن أبي الأحوص؛ أن ابن مسعود كان إذا دعا لأصحابه قال: اللَّهُمَّ اهدنا، ويسِّر هداك لنا، اللهُمَّ يسِّرنا لليسرى، وجنبنا العسرى، واجعلنا من أولي النهى، اللَّهُمَّ لقِّنا نضرة وسرورًا، واكسُنا سندسًا وحريرًا، وحلِّنا أساورَ، إلهَ الحق! اللهُمَّ اجعلنا شاكرين لنعمتك، مثنين بها، قابليها، وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم.
أخرجه ابن أبي شيبة (6/ 68/ 29527).
وهذا موقوف على ابن مسعود بإسناد صحيح.
فإن عطاء بن السائب وإن كان اختلاطه مشهورًا، إلا أن حماد بن سلمة ممن سمع منه قبل الاختلاط.
قال ابن معين: "حديث سفيان وشعبة بن الحجاج وحماد بن سلمة عن عطاء بن السائب: مستقيم"[تاريخ الدوري (2/ 403)، الكامل (5/ 361 - 362)، شرح علل الترمذي (2/ 735)].
• وأما حديث شريك: عن أبي إسحاق السبيعي، عن أبي الأحوص، عن ابن مسعود؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "التحيات لله، والصلوات والطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله".
فقد رواه من طريق شريك به:
الطبراني في الكبير (10/ 48/ 9913)، وابن المقرئ في الأربعين (43)، وابن أخي ميمي الدقاق في فوائده (558).
• وهو حديث صحيح؛ فقد توبع عليه شريك:
1 -
رواه شعبة [وعنه: غندر محمَّد بن جعفر، وأبو الوليد الطيالسي، وأبو داود الطيالسي، ومسلم بن إبراهيم، وسعيد بن عامر الضبعي، ووهب بن جرير، ومحمد بن كثير، ومحمد بن بكر البرساني، وصفان بن مسلم، كلهم قالوا: عن أبي الأحوص وحده، وزاد عفان: أبا عبيدة، وقال في رواية: حدثني شعبة بهذا الحديث غيرَ مرةٍ عن أبي إسحاق، عن أبي عبيدة وأبي الأحوص].
وسفيان الثوري [وعنه: يحيى بن آدم، وهو: ثقة حافظ. ومصعب بن ماهان، وهو: صدوق، يروي عن الثوري أحاديث لا يتابع عليها. التهذيب (4/ 86)، وفي الإسناد إليه من يجهل حاله، وقد زاد في الإسناد زيادة منكرة، عند الطبراني (9916)، وعلي بن قادم، وهو: صدوق، ضعفه ابن معين، وروى عن الثوري أحاديث غير محفوظة. التهذيب (3/ 188)، الميزان (3/ 150)، والراوي عنه: عبد الرحمن بن محمَّد بن منصور؛ الملقب
كُربُزان: ليس بالقوي، حدث بأشياء لا يتابعه أحد عليها. الجرح والتعديل (5/ 283)، الكامل (4/ 319)، سؤالات الحاكم (145)، تاريخ بغداد (10/ 273)، السير (13/ 138)، اللسان (5/ 127)] [وسيأتي ذكر من جمع شيوخ أبي إسحاق].
والأعمش [وعنه: عبثر بن القاسم، وعبد الله بن إدريس].
وإسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق [وقرن في روايته بين أبي الأحوص وأبي عبيدة].
وزهير بن معاوية، وأبو الأحوص سلام بن سليم، وزكريا بن أبي زائدة، ويونس بن أبي إسحاق، وأبو بكر بن عياش، ومعمر بن راشد، وهشام بن حسان، ورقبة بن مصقلة، وفطر بن خليفة.
والمسعودي [وعنه: شبابة بن سوار، وآدم بن أبي إياس، وابن أبي عدي، وأبو النضر هاشم بن القاسم، وعبد الرحمن بن زياد، وهم في الغالب ممن روى عن المسعودي بعد اختلاطه إلا ابن أبي عدي؛ فإنه بصري، وأهل البصرة سماعهم من المسعودي جيد. انظر: الكواكب النيرات (35)، شرح العلل (2/ 747)].
وعمرو بن قيس الملائي [تفرد به عنه: محمَّد بن كثير القرشي الكوفي، وهو: ضعيف]، وزهير بن محمَّد التميمي [وعنه: الوليد بن مسلم الدمشقي، وقد روى عنه أهل الشام مناكير]، وحجاج بن أرطأة [ليس بالقوي]، وأشعث بن سوار [ضعيف]، وأيوب بن جابر السحيمي [ضعيف]، وغيرهم [انظر: علل الدارقطني (5/ 309/ 904)]، كلهم عن أبي إسحاق:
قال شعبة في حديثه: سمعت أبا إسحاق، يحدث عن أبي الأحوص، عن عبد الله، قال: كنا لا ندري ما نقول في كل ركعتين غير أن نسبح ونكبر ونحمد ربنا، وإن محمدًا صلى الله عليه وسلم عُلِّم فواتحُ الخير وخواتمه، فقال:"إذا قعدتم في كل ركعتين، فقولوا: التحيات لله، والصلوات والطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، وليتخيَّر أحدكم من الدعاء أعجبه إليه فليدع الله عز وجل".
وقال الأعمش في أوله: علَّمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم التشهد في الصلاة، والتشهد في الحاجة، فأما التشهد في الصلاة:
…
فذكره، وزاد فيه خطبة الحاجة أيضًا: إسرائيل ويونس والمسعودي، وقد اقتصرت هنا على تخريج حديث التشهد دون حديث خطبة الحاجة [راجع حديث خطبة الحاجة في تخريج الذكر والدعاء (2/ 632/ 292)، ويأتي في السنن برقم (2118) إن شاء الله تعالى].
أخرجه الترمذي (1105)، وأبو علي الطوسي في مستخرجه عليه "مختصر الأحكام"(5/ 208/ 1005)، والنسائي في المجتبى (2/ 238 و 239/ 1163 - 1165) و (6/ 89/ 3277)، وفي الكبرى (1/ 374 و 375/ 753 - 755) و (5/ 227/ 5502)، وابن ماجه (1892)، وابن خزيمة (1/ 356/ 720)، وابن حبان (5/ 281/ 1951) و (14/ 311/ 6402)، وابن الجارود
679 -
، وأبو عوانة (1/ 525/ 1965) و (3/ 44/ 4143 و 4144)، وأحمد (1/ 408 و 418 و 437)، والطيالسي (1/ 241/ 302)، وعبد الرزاق (2/ 200/ 3063)، وابن أبي شيبة في المسند (422 و 423)، وأبو سعيد الأشج في جزء من حديثه (101)، والبزار (5/ 434/ 2070)، وابن جرير الطبري في تهذيب الآثار (365 و 366 - الجزء المفقود)، وأبو العباس السراج في حديثه بانتقاء الشحامي (204 - 206) و (717 - 721)، وابن المنذر في الأوسط (3/ 213/ 1530)، والطحاوي في شرح المعاني (1/ 237 و 263)، وفي أحكام القرآن (318)، وأبو إسحاق إبراهيم بن عبد الصمد الهاشمي في الأول من أماليه (99)، والهيثم بن كليب في مسنده (509 و 709 و 710)، وابن الأعرابي في المعجم (1362 و 1407)، ومُكرَم بن أحمد البزاز في الثاني من فوائده (175)، والطبراني في الكبير (10/ 46 و 47/ 9910 - 9912) و (10/ 47 - 48/ 9913) و (10/ 49/ 9915 - 9917)، وفي الأوسط (1/ 211/ 683)، وفي الصغير (2/ 19/ 703)، وابن عدي في الكامل (7/ 145)، وأبو نعيم في الحلية (7/ 178 و 179)، وابن بشران في الأمالي (81)، والبيهقي (2/ 148).
وهذا حديث صحيح.
• تنبيه: شذ فطر في رواية عنه، فزاد فيه: وحده لا شريك له [عند ابن أبي شيبة في المسند (422)].
ووقعت هذه الزيادة في روايةٍ لزهير بن معاوية [عند ابن حبان (6402)]، وهي شاذة أيضًا، والحمل فيها على شيخ ابن حبان، أحمد بن عبد الله الفندوري الحراني، ولا يُعرف.
وقد رواه ابن أبي شيبة في مسنده (423)، قال: نا يحيى بن آدم [ثقة حافظ]: نا زهير به، بدون هذه الزيادة، وهو المحفوظ عن زهير، وانظر أيضًا: معجم الطبراني الكبير (9913).
قال البزار: "وهذا الحديث لا نعلم رواه عن الأعمش إلا عبثر".
قلت: تابعه عبد الله بن إدريس، وهو ثقة.
وانظر فيمن أخطأ فيه على شعبة: المعجم الصغير للطبراني (2/ 19/ 703)، المعجم الكبير له (9917)، الحلية لأبي نعيم (7/ 179).
2 -
وقد جمع بعضهم عن الثوري شيوخ أبي إسحاق في هذا الحديث:
فرواه عبد الرزاق، وإبراهيم بن خالد الصنعاني، وقبيصة بن عقبة، وأبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي، ومؤمل بن إسماعيل، ويزيد بن هارون:
عن سفيان الثوري، عن أبي إسحاق، عن الأسود وأبي الأحوص [زاد قبيصة وأبو حذيفة، ومؤمل: أبا عبيدة، وقرن فيه يزيد بن هارون بين أبي الأحوص وأبي عبيدة]، عن عبد الله بن مسعود، عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه.
ولفظه عند أحمد (1/ 423) من طريق عبد الرزاق، وعند ابن حبان (1956) من طريق إبراهيم بن خالد:
عن عبد الله، قال: كنا لا ندري ما نقول في الصلاة، نقول: السلام على الله، السلام على جبريل، السلام على ميكائيل، فعلمنا النبي صلى الله عليه وسلم، وقال:"إن الله هو السلام، فإذا جلستم في ركعتين فقولوا: التحيات لله، والصلوات والطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، إذا قلتَها أصابت كلَّ ملكٍ مقرب، أو نبي مرسل، أو عبدٍ صالح، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله".
أخرجه ابن ماجه (899 م 1) و (899 م 2)، وابن حبان (5/ 285/ 1956)، وأبو عوانة (1/ 525/ 1965)، وأحمد (1/ 413 و 423)، وعبد الرزاق (2/ 199/ 3061)، والسري بن يحيى في حديثه عن شيوخه عن الثوري (38)، والهيثم بن كليب الشاشي في مسنده (504)، والطبراني في الكبير (10/ 41/ 9888) و (10/ 46/ 9909)، والبيهقي (2/ 377 و 378).
وهذا حديث صحيح.
وانظر فيمن وهم في إسناده على سفيان: علل الدارقطني (5/ 312 و 314/ 904).
• وانظر فيمن رواه أيضًا عن أبي الأحوص ولا يصح الإسناد إليه: مسند البزار (5/ 417/ 2050)، المعجم الكبير للطبراني (10/ 50/ 9918 و 9919).
• وحديث أبي عبيدة عن أبيه قد روي من وجه آخر:
رواه خصيف بن عبد الرحمن الجزري [صدوق سيئ الحفظ، خلط بأخرة]، قال: حدثني أبو عبيدة بن عبد الله، عن عبد الله، قال: علمه رسول الله صلى الله عليه وسلم التشهد، وأمره أن يعلم الناس:"التحيات لله، والصلوات والطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله".
أخرجه أحمد (1/ 376)، وابن أبي شيبة (1/ 260/ 2987)، وأبو سعيد الأشج في جزء من حديثه (103)، وأبو إسحاق إبراهيم بن عبد الصمد الهاشمي في الأول من أماليه (101)، والطبراني في الكبير (10/ 54/ 9936).
وهذا إسناد جيد في المتابعات، وهو حديث صحيح، وأبو عبيدة لم يسمع من أبيه، وحديثه عنه صحيح، كما سبق تقريره قبل ذلك، راجع الحديثين السابقين برقم (754 و 877).
• وله إسناد آخر عند الطبراني في الكبير (10/ 56/ 9942)، لكنه واهٍ [فيه: عبد الله بن أبي يعقوب: اللسان (5/ 43)].
• ولحديث ابن مسعود طرق أخرى كثيرة، فمنها:
1 -
روى الأشجعي [عبيد الله بن عبيد الرحمن: ثقة مأمون، أثبت الناس كتابًا في الثوري، وهو من أصحابه المقدمين فيه؛ وهو أثبت فيه من الفريابي وقبيصة وأصحابهما. التهذيب (3/ 20)، التقريب (406)، شرح العلل (2/ 722)]، عن سفيان الثوري، عن أبي إسحاق، عن الأسود، عن عبد الله، قال: علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نقول إذا جلسنا في الركعتين: "التحيات لله، والصلوات والطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله".
أخرجه الترمذي (289)، وأبو علي الطوسي في مستخرجه عليه "مختصر الأحكام"(2/ 161/ 275)، والنسائي في المجتبى (2/ 237/ 1162)، وفي الكبرى (1/ 374/ 752)، وأبو يعلى في المعجم (332)، وأبو العباس السراج في حديثه بانتقاء الشحامي (726)، والدارقطني في العلل (5/ 313/ 904)، وأبو طاهر المخلص في الثامن من فوائده بانتقاء ابن أبي الفوارس (229)(1805 - المخلصيات).
قال الترمذي: "حديث ابن مسعود قد روي عنه من غير وجه، وهو أصح حديث روي عن النبي صلى الله عليه وسلم التشهد.
والعمل عليه عند أكثر أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، ومن بعدهم من التابعين، وهو قول سفيان الثوري، وابن المبارك، وأحمد، وإسحاق".
وهو كما قال الترمذي، وهذا حديث صحيح.
2 -
وروى أبو خيثمة زهير بن معاوية، عن أبي إسحاق، قال: أتيت الأسود بن يزيد، فقلت: إن أبا الأحوص زاد في خطبة الصلاة: المباركات؟ فقال: إيتِه، فقل له: إن الأسود ينهى عن ذلك، وإن عبد الله علمها علقمة كما يعلم الرجل السورة من القرآن:"التحيات لله، والصلوات والطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله".
أخرجه الطيالسي (1/ 303/242)، وأبو القاسم البغوي في مسند ابن الجعد (2550)، والطحاوي في المشكل (9/ 412/ 3802).
وهذا حديث صحيح.
فإن قيل: ألا يعارضه رواية جماعة الحفاظ المقدَّمين في أبي إسحاق، مثل: سفيان وشعبة وإسرائيل، وغيرهم ممن رواه عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص، فلم يذكروا فيه هذه اللفظة: المباركات؟ فيقال: لا يستبعد أن أبا الأحوص وقع منه ذلك وهمًا منه في أول الأمر، أو إنه كان يزيد هذه اللفظة في تشهده في الصلاة فأنكرها عليه أبو إسحاق، ثم لما راجعه أبو إسحاق بكلام الأسود ترك التحديث بهذه اللفظة، أو ترك ذكرها في صلاته، ورجع إلى لفظ الجماعة عن ابن مسعود، والله أعلم.
وزهير بن معاوية: ثقة ثبت، متقن، من كبار الحفاظ، إلا أن سماعه من أبي إسحاق
كان بأخرة، لكن هذه القصة تدل على أن أبا إسحاق حدث به قبل التغير، كما أن زهيرًا ممن رواه عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص بلفظ الجماعة بدون القصة، كما سبق إيراده في طرق حديث أبي إسحاق عن أبي الأحوص، مما يعني: أن أبا إسحاق حدثه به على الوجهين، مرة عن أبي الأحوص، ومرة عن الأسود، وهو ثابت عن أبي إسحاق بالوجهين، كما رواه عنه سفيان الثوري؛ إلا أن زهيرًا انفرد بهذه القصة، والله أعلم بالصواب.
3 -
وروى ابن وهب، قال: أخبرني عمرو بن الحارث، أن زيد بن أبي أنيسة الجزري حدثه، أن أبا إسحاق حدثه، عن الأسود وعلقمة، عن عبد الله بن مسعود، قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم لا نعلم شيئًا، فقال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم:"قولوا في كل جلسة: التحيات لله، والصلوات والطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله".
أخرجه النسائي في المجتبى (2/ 239/ 1166)، وفي الكبرى (1/ 376/ 756)، وأبو العباس السراج في حديثه بانتقاء الشحامي (729)، والطبراني في الأوسط (6/ 321/ 6521)، وأبو طاهر المخلص في الحادي عشر من فوائده بانتقاء ابن أبي الفوارس (196)(2700 - المخلصيات).
قال الدارقطني في العلل (5/ 312/ 904) بعد أن ذكر الاختلاف فيه على أبي إسحاق: "وكل الأقاويل صحاح عن أبي إسحاق؛ إلا ما قال زيد بن أبي أنيسة من ذكر علقمة؛ فإن أبا إسحاق لم يسمع من علقمة شيئًا".
وقال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن أبي إسحاق عن علقمة إلا زيد بن أبي أنيسة، ولا رواه عن زيد بن أبي أنيسة إلا عمرو بن الحارث، تفرد به: ابن وهب".
قلت: إسناده صحيح غريب؛ وذكر علقمة في حديث أبي إسحاق السبيعي: شاذ؛ فرد به زيد بن أبي أنيسة، وهو وإن كان ثقة؛ إلا أن له أفراد، وليس هو في أبي إسحاق كمن تقدم ذكرهم ممن روى هذا الحديث عن أبي إسحاق من أصحابه المكثرين عنه، مثل: سفيان وشعبة والأعمش وإسرائيل وزهير وأبي الأحوص وزكريا بن أبي زائدة وغيرهم.
4 -
وروى عبد الله بن محمَّد بن سالم [الكوفي المفلوج: ثقة]: نا إبراهيم بن يوسف [بن إسحاق بن أبي إسحاق: ليس بالقوي]، عن أبيه [ثقة]، عن أبي إسحاق: حدثني عمرو بن ميمون، والأسود بن يربد، وأبو الأحوص، وأصحاب عبد الله؛ أنهم سمعوه يقول: إنا كنا لا ندري ما نقول في الصلاة، حتى قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إذا جلستم في كل ركعتين فقولوا: التحيات لله، والصلوات والطيبات"، فذكر التشهد، إلى أن قال:"ثم تخير من الدعاء ما شئت".
أخرجه الهيثم بن كليب الشاشي في مسنده (679)، والطبراني في الكبير (10/ 49/ 9914).
قلت: هو منكر بذكر عمرو بن ميمون في إسناده، إذ لا يُعرف حديث التشهد من طريقه، وقد تفرد بذلك إبراهيم بن يوسف، وليس بالقوي، وقد وثقه بعضهم، والمعروف فيه رواية الجماعة من أصحاب أبي إسحاق السبيعي، على ما قلته آنفًا في الطريق السابقة.
5 -
وروى سليمان الأعمش [وعنه زائدة بن قدامة]، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عبد الله، عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه كان يعلمهم التشهد في الصلاة: "التحيات لله،
…
" فذكره.
أخرجه أحمد (1/ 413)، وابن أبي شيبة (1/ 260/ 2984)، والبزار (5/ 62/ 1628)، وأبو العباس السراج في حديثه بانتقاء الشحامي (727 و 728)، والطبراني في الكبير (10/ 53/ 9931).
قال البزار: "وهذا الحديث لا نعلم رواه عن الأعمش عن إبراهيم عن الأسود عن عبد الله إلا زائدة، ولا عن زائدة إلا حسين بن علي الجعفي".
قلت: تابعه أبو سعيد مولى بني هاشم، ومعاوية بن عمرو، وإسناده صحيح.
• ورواه ابن فضيل، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن الأسود، قال: كان عبد الله يعلمنا التشهد في الصلاة كما يعلمنا السورة من القرآن، يأخذ علينا الألف والواو.
أخرجه ابن أبي شيبة (1/ 262/ 3007)، والبزار (5/ 63/ 1629).
وإسناده صحيح.
• ورواه أبو عوانة، عن الأعمش، عن إبراهيم وعمارة، عن الأسود، قال: كان عبد الله يعلمنا التشهد كما يعلمنا السورة من القرآن.
أخرجه البزار (5/ 63/ 1630).
وإسناده صحيح.
• ورواه سفيان الثوري، عن الأعمش، عن عمارة بن عمير، عن عبد الرحمن بن يزيد، قال: كان ابن مسعود يعلمنا التشهد كما يعلمنا السورة من القرآن، لا يخطئ بألف ولا واو.
أخرجه البلاذري في أنساب الأشراف (11/ 215).
وإسناده صحيح.
وهذه الأسانيد على شرط الشيخين، والأعمش واسع الرواية جدًّا، يحتمل منه التعدد في الأسانيد، والله أعلم.
• وكذا رواه الحسن بن عبيد الله [في المحفوظ عنه، وهو: ثقة]، عن عمارة بن عمير، عن الأسود، عن عبد الله، موقوفًا.
ذكره الدارقطني في العلل (5/ 16/ 683)، ورجح الموقوف، وأخرج المرفوع في الأفراد (2/ 4/ 3657 - أطرافه)، وأعله، وقال: "غريب من حديث الحسن بن عبيد الله
…
"؛ يعني: مسندًا مجودًا.
قال البزار: "وحديث زائدة جمع فيه أسانيد فجعل بعضها بنحو بعض، فذكر عن
الأعمش عن أبي وائل عن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم، وعن الأعمش عن عمارة عن الأسود وعبد الرحمن بن يزيد عن عبد الله، وعن إبراهيم عن الأسود عن عبد الله، بنحو حديث أبي وائل، ولا نعلم أحدًا جمع هذه الأسانيد إلا زائدة".
قلت: قد رواها غير زائدة، كما تقدم ذكره فيمن رواه عن الأعمش، والله أعلم.
• ورواه زائدة، عن منصور، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عبد الله، عن النبي صلى الله عليه وسلم، في التشهد:
…
فذكره مثله.
أخرجه الطبراني في الكبير (10/ 53/ 9930)، بإسناد صحيح إلى زائدة.
وهذا إسناد صحيح غريب.
وانظر ما رواه: أبو يوسف في الآثار (269).
• وروي من طريق أخرى عن الأسود عن ابن مسعود؛ لكن الإسناد إليه واهٍ [عند: الهيثم بن كليب الشاشي في مسنده (436)، والطبراني في الكبير (10/ 53/ 9933)].
6 -
وروى إبراهيم بن سعد، وعبد الأعلى بن عبد الأعلى، وعبد الله بن الأجلح [وهم ثقات، وإبراهيم: ثقة حجة، وهو أثبتهم في ابن إسحاق]:
عن ابن إسحاق، قال: حدَّثني عن تشهُّدِ رسول الله صلى الله عليه وسلم في وسط الصلاة، وفي آخرها؛ عبدُ الرحمن بن الأسود بن يزيد النخعي، عن أبيه، عن عبد الله بن مسعود [قال: وكنا نحفظه عن عبد الله بن مسعود كما نحفظ حروف القرآن]، قال: علَّمني رسول الله صلى الله عليه وسلم التشهد في وسط الصلاة، وفي آخرها، فكنا نحفظ عن عبد الله، حين أخبرنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم علمه إياه، قال: فكان يقول إذا جلس في وسط الصلاة، وفي آخرها على وَرِكه اليسرى:"التحيات لله، والصلوات والطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله".
قال: ثم إن كان في وسط الصلاة نهض حين يفرغ من تشهده، وإن كان في آخرها دعا بعد تشهده ما شاء الله أن يدعو، ثم يسلم [لفظ إبراهيم بن سعد، عند أحمد].
أخرجه ابن خزيمة (1/ 347/ 701) و (1/ 348 / 702) و (1/ 708/350)[وانظر: إتحاف المهرة (10/ 159/ 12481)]، وابن حبان في الصلاة (10/ 159/ 12481 - إتحاف المهرة)، وأحمد (1/ 459)(2/ 1007/ 4468 - ط. المكنز)، وابن جرير الطبري في تهذيب الآثار (363 و 364 - الجزء المفقود)، وأبو العباس السراج في حديثه بانتقاء الشحامي (732)، والطبراني في الكبير (10/ 53/ 9932).
وهذا حديث حسن؛ إسناده كوفي ثم مدني [انظر: معرفة علوم الحديث (115)].
مع الأخذ في الاعتبار أن قوله: على وركه اليسرى، إنما يختص بالجلوس في آخر الصلاة، لا في وسطها، وإنما جمع بينهما لأجل بيان موضع التشهد، لا من أجل بيان صفة الجلوس في الموضعين.
• زاد فيه عمر بن حبيب، عن ابن إسحاق به: فكانوا يخفون التشهد، ولا يظهرونه.
أخرجه الطحاوي (1/ 262).
وهذه زيادة منكرة في هذا الحديث، تفرد بها: عمر بن حبيب بن محمَّد العدوي القاضي البصري، وهو: ضعيف.
• وهذه الجملة الأخيرة، قد رواها بهذا الإسناد مفردة في حديث مستقل:
يونس بن بكير [كوفي صدوق]، وأحمد بن خالد الوهبي [حمصي صدوق]:
عن محمَّد بن إسحاق، عن عبد الرحمن بن الأسود، عن أبيه، عن عبد الله، قال: من السُّنَّة أن تخفي [وفي رواية: يخفى] التشهد.
أخرجه أبو داود (986)، والترمذي (291)، وابن خزيمة (1/ 350/ 706)، وابن حبان في الصلاة (10/ 160/ 12482 - إتحاف المهرة)، والحاكم (1/ 267)، وأبو سعيد الأشج في جزء من حديثه (58)، والبزار (5/ 1643/72)، وابن المنذر في الأوسط (3/ 207/ 1519)، والدارقطني في الأفراد (2/ 420/ 5990 - أطرافه)، والبيهقي (2/ 146)، والبغوي في شرح السُّنَّة (3/ 188/ 680).
قال الترمذي: "حديث ابن مسعود: حديث حسن غريب".
وقال البزار: "وهذا الحديث لا نعلمه يروى عن عبد الله إلا من هذا الوجه بهذا الإسناد".
وقال الدارقطني: "تفرد به: محمَّد بن إسحاق عن عبد الرحمن بن الأسود عن أبيه"[وقد أورده ابن طاهر المقدسي في مسند عائشة، وأظنه وهم في ذلك].
وقال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه".
فتعقبه ابن حجر في نتائج الأفكار (2/ 195)، فقال:"لم يخرج مسلم لمحمد بن إسحاق إلا شيئًا يسيرًا في المتابعات، ولم أره في شيء من هذه الطرق عن محمَّد بن إسحاق إلا بالعنعنة، وقد اتفق الحفاظ على عدم الحكم لمعنعنه بالاتصال".
قلت: وفي مقولته الأخيرة نظر؛ فإن محمَّد بن إسحاق بن يسار المدني: إمام في المغازي والسير، وهو: صدوق، حسن الحديث، واسع الرواية جدًّا، سبق الكلام عن تدليسه مفصلًا عند الحديث رقم (814)، وخلاصة الكلام فيه: أنه لا يُردُّ حديثه بمجرد العنعنة، وإنما بثبوت التدليس في حديث بعينه، وبجمع طرق الحديث يظهر لنا أنه دلسه أم لا، كما أن الأئمة قد يجمعون على رد حديث له بعينه وعدم قبوله، لكن لا يرده أحد منهم بسبب العنعنة، وإنما لأمر آخر، كأن يحملون التبعة فيه على ابن إسحاق نفسه، أو على أنه دلسه عن أحد الضعفاء، وراجع للفائدة الحديث رقم (944).
وكان ابن حجر قال قبل ذلك عن هذا الحديث: "هذا حديث حسن".
• قلت: قد قيل: لم ينفرد به ابن إسحاق، بل تابعه عليه الحسن بن عبيد الله:
فقد رواه سهل بن المتوكل البخاري: ثنا العلاء بن عبد الجبار العطار [بصري، نزيل
مكة، لا بأس به، من رجال البخاري]: ثنا عبد الواحد بن زياد [بصري، ثقة، من رجال الشيخين]: ثنا الحسن بن عبيد الله [كوفي، ثقة، من رجال مسلم]، عن عبد الرحمن بن الأسود، عن أبيه، عن عبد الله -هو ابن مسعود- قال: من سُنَّة الصلاة أن يخفى التشهد.
أخرجه الحاكم (1/ 230)، وعنه: البيهقي (2/ 146).
قال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه".
وقال ابن حجر في النتائج (2/ 195): "وهذه متابعة قوية".
قلت: قد تبين من خلال كلامي على رجاله فيما بين المعكوفين أنه ليس من شرط الشيخين، وهو إسناد كوفي ثم بصري، ثم تفرد به عن أهل البصرة: رجل من بخارى؛ فإن سهل بن المتوكل بن حجر أبا عصمة البخاري: ذكره ابن حبان في الثقات (8/ 294)، وقال:"يروي عن أبي الوليد الطيالسي وأهل العراق، روى عنه أهل بلده، وهو من بني شيبان، إذا حدث عن إسماعيل بن [أبي] أويس أغرب عنه"، وقد روى عنه جماعة، وقال عنه الخليلي:"ثقة مرضي"[الإرشاد (3/ 969)، تاريخ الإِسلام (21/ 189)، الثقات ممن لم يقع في الكتب الستة (5/ 164)].
لكن في تفرده بذلك غرابة شديدة، لا سيما مع كونه يغرب عن ابن أبي أويس، فإن سهلًا هذا كان معاصرًا لطبقة كبار الحفاظ والمصنفين؛ كصاحبي الصحيح، وأصحاب السنن والمسانيد المشهورة وغيرهم من أئمة الزمان، ولم يكن بذاك المشهور، ولذلك لم يترجم له الذهبي في سير أعلام النبلاء، فأين أصحاب السنن عن هذا الحديث لو كان مشهورًا من حديث أهل الكوفة، أو عموم أهل العراق، بدلًا من إخراجهم لحديث ابن إسحاق المدني، وقد قال الحاكم في المعرفة (115):"والمدنيون إذا رووا عن الكوفيين زلقوا"، مع العلم بأن العلاء بن عبد الجبار العطار البصري قد روى عنه جماعة من كبار الحفاظ والمصنفين؛ كالبخاري والحميدي والدورقي والجوزجاني وأبي خيثمة زهير بن حرب وأبي مسعود أحمد بن الفرات وغيرهم، فكيف ينفرد به سهل دونهم؟.
بل كلام الأئمة، مثل: الترمذي، والبزار، والدارقطني؛ قال على تفرد ابن إسحاق به عن عبد الرحمن بن الأسود، وأنه لم يتابع عليه، ولذا قال الترمذي:"حسن غريب"؛ لأجل تفرد ابن إسحاق به، مما يدل على أنه لا يُعرف من حديث الحسن بن عبيد الله الكوفي، والله أعلم.
• إذا تبين ذلك، وأنه قد تفرد به ابن إسحاق، ورواه عنه يونس بن بكير، وأحمد بن خالد الوهبي؛ فيقال: قد خالفهما: عبد الأعلى بن عبد الأعلى [السامي: ثقة]، فرواه عن محمَّد بن إسحاق، قال: حدثني أبي [هو: إسحاق بن يسار، وهو: تابعي ثقة]، قال: كانوا يخفون التشهد ولا يجهرون به.
أخرجه ابن أبي شيبة (2/ 257/ 8744).
• قلت: وهذه الرواية المقطوعة، والتي تشبه حكاية الإجماع؛ تقدح في رواية
الآخرَينِ الموصولة، والتي لو صحت لكان حديثًا مرفوعًا؛ فإن السُّنَّة عند الإطلاق: هي سُنَّة النبي صلى الله عليه وسلم، قال النووي في الأذكار (55): "السُّنَّة في التشهد الإسرار؛ لإجماع المسلمين على ذلك، ويدل عليه من الحديث:
…
"، ثم ذكره، ثم قال: "وإذا قال الصحابي: من السُّنَّة كذا، كان بمعنى قوله: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، هذا هو المذهب الصحيح المختار الذي عليه جمهور العلماء من الفقهاء والمحدثين وأصحاب الأصول والمتكلمين رحمهم الله، فلو جهر به كُرِه، ولم تبطل صلاته، ولا يسجد للسهو".
• وأما ما استشهد به الحاكم على صحة هذا الحديث، فلا يصلح شاهدًا من جهة اللفظ ولا المعنى، فإن الآية الواردة في حديث عائشة لا تدل على إخفاء التشهد، وإنما أمرت بالتوسط بين حالة الجهر والمخافتة [كما جاء تفسيرها في حديث ابن عباس المتفق عليه. البخاري (4722)، مسلم (446)]:
فقد روى حفص بن غياث، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها، قالت: نزلت هذه الآية في التشهد: {وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا} [الإسراء: 110].
أخرجه ابن خزيمة (1/ 350/ 707)، والحاكم (1/ 230)، وابن جرير الطبري في جامع البيان (15/ 187).
قال ابن حجر في نتائج الأفكار (2/ 195): "هذا حديث صحيح السند، غريب بعض المتن"، ثم عارضه برواية البخاري.
قلت: هي رواية شاذة، فإن المحفوظ فيه:
ما رواه سفيان الثوري، وابن المبارك، وزائدة بن قدامة، وحماد بن زيد، ويحيى بن سعيد القطان، ووكيع بن الجراح، وأبو أسامة حماد بن أسامة، ويحيى بن زكريا بن أبي زائدة، وعيسى بن يونس، ومالك بن سُعير بن الخِمس، وسفيان بن عيينة، وأبو معاوية الضرير محمَّد بن خازم، ويونس بن بكير، وسلام بن أبي مطيع، ومحمد بن فضيل [وهم خمسة عشر رجلًا من الثقات، وفيهم أئمة الحفاظ ومتقنوهم]، ويحيى بن أبي زكريا الغساني [ضعيف]:
عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة [في قوله عز وجل]:{وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا} ، قالت: نزلت في الدعاء.
أخرجه البخاري (4723 و 6327 و 7526)، ومسلم (446)، وأبو عوانة (1/ 450/ 1662 و 1663)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (2/ 67/ 992)، والنسائي في الكبرى (10/ 157/ 11238)، وابن أبي شيبة (2/ 198/ 8086) و (6/ 96/ 29760)، وإسحاق بن راهويه (2/ 141/ 628)، وابن جرير الطبري في جامع البيان (15/ 183)، وأبو العباس السراج في مسنده (107 و 821)، وابن أبي داود في مسند عائشة (42)، والطحاوي في أحكام القرآن (468 و 469)، وأبو جعفر النحاس في الناسخ والمنسوخ (2/ 498/ 656)، والواحدي في أسباب النزول (298)[وفي سنده سقط]، والبيهقي في السنن (2/ 183)، وفي المعرفة (2/ 69/ 952)، وفي الدعوات (267)، وغيرهم.
• وخالفهم فلم يعْدُ به عروة: مالك، ومعمر بن راشد:
روياه عن هشام بن عروة، عن أبيه؛ أنه قال: إنما أنزلت هذه الآية: {وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا} [الإسراء: 110]، في الدعاء.
أخرجه مالك في الموطأ (1/ 298/ 579)، وعبد الرزاق في التفسير (2/ 393)، وابن جرير الطبري في جامع البيان (15/ 184).
ويحتمل أن هشامًا كان يرويه من قول عائشة، وأحيانًا يقصره على عروة، ورواية العدد من الحفاظ أبعد عن الوهم، والله أعلم.
***
970 -
. . . زهير: حدثنا الحسن بن الحر، عن القاسم بن مخيمرة، قال: أخذ علقمة بيدي، فحدثني أن عبد الله بن مسعود أخذ بيده، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ بيد عبد الله، فعلَّمه التشهد في الصلاة، فذكر مثل دعاء حديث الأعمش:"إذا قلت هذا -أو: قضيت هذا- فقد قضيت صلاتك، إن شئت أن تقوم فقم، وإن شئت أن تقعد فاقعد".
• حديث شاذ بإدراج هذه الزيادة في آخر المرفوع، والصواب: أنها من قول ابن مسعود، جزم بتلك الأئمة النقاد.
تقدم تخريجه مفصلًا تحت الحديث رقم (617)، فراجعه هناك، وملخص الصواب من طرق الحديث:
• ما رواه: شبابة بن سوار [ثقة حافظ]: ثنا أبو خيثمة زهير بن معاوية: ثنا الحسن بن الحر، عن القاسم بن مخيمرة، قال: أخذ علقمة بيدي، قال: وأخذ عبد الله بن مسعود بيدي، قال: أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي، فعلمني التشهد:"التحيات لله، والصلوات والطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله".
قال عبد الله: فإذا قلت ذلك فقد قضيت ما عليك من الصلاة، فإذا شئت أن تقوم فقم، وإن شئت أن تقعد فاقعد.
• ورواه علي بن عياش [ثقة ثبت]، وغسان بن الربيع [صالح في المتابعات، وقد ضُعِّف]، وبقية بن الوليد [صدوق، مدلس، وقد صرح بالتحديث]:
قال علي بن عياش: حدثنا عبد الرحمن؛ [يعني: ابن ثابت بن ثوبان: صدوق]: حدثنا الحسن [هو: ابن الحر]، عن القاسم بن مخيمرة، عن علقمة بن قيس، عن ابن مسعود، قال: علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم[وفي رواية غسان بن الربيع: قال ابن مخيمرة: أخذ علقمة بيدي، وأخذ ابن مسعود بيد علقمة، وأخذ النبي صلى الله عليه وسلم بيد ابن مسعود، فعلمه التشهد]:
"التحيات لله، والصلوات والطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله".
قال عبد الله بن مسعود: فإذا فرغت من هذا فقد فرغت من صلاتك، فإن شئت فاثبُت، وإن شئت فانصرف.
وفي رواية بقية: فإذا فرغت من صلاتك فإن شئت فاثبت، وإن شئت فانصرف.
راجع مصادر تخريجه تحت الحديث رقم (617)، وأزيد عليها، ومنه أخذت طريق علي بن عياش: ما أخرجه أبو طاهر المخلص في الخامس من فوائده بانتقاء ابن أبي الفوارس (82)(962 - المخلصيات)، بإسناد صحيح إلى علي بن عياش.
• ورواه الحسين بن علي الجعفي [ثقة]، ومحمد بن عجلان [صدوق]:
عن الحسن بن الحر، عن القاسم بن مخيمرة، قال: أخذ علقمة بيدي، وقال: أخذ عبد الله بيدي، وقال: أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي، فعلمني التشهد:"التحيات لله، والصلوات والطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله".
وهذا إسناد صحيح، وقد صححه ابن حبان.
وقد جزم بإدراج هذه الزيادة في آخره: ابن حبان، وأبو علي النيسابوري، والدارقطني، والحاكم، والبيهقي، والخطيب، وابن عساكر، وقالوا بأنها من قول ابن مسعود، أدرجها زهير.
قال النووي في الخلاصة (1472): "هذه الزيادة ليست في الصحيح، اتفق الحفاظ على أنها مدرجة، ليست من كلام النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما هي من كلام ابن مسعود، وقد جاء ذلك صريحًا بإدراجها مبينًا، وقد أوضح طرق ذلك الدارقطني، والبيهقي، وغيرهما".
• وقد تقدم ذكر من رواه عن أبي إسحاق السبيعي عن علقمة عن ابن مسعود به، ولا يصح عن أبي إسحاق، وله طرق أخرى عن علقمة:
أ- رواه العلاء بن هلال، قال: حدثنا عبيد الله -وهو: ابن عمرو-، عن زيد بن أبي أنيسة، عن حماد، عن إبراهيم، عن علقمة بن قيس، عن عبد الله، قال: كنا لا ندري ما نقول إذا صلينا، فعلمنا نبي الله صلى الله عليه وسلم جوامع الكلم، فقال لنا:"قولوا: التحيات لله، والصلوات والطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله".
قال عبيد الله: قال زيد: عن حماد، عن إبراهيم، عن علقمة، قال: لقد رأيت ابن مسعود يعلمنا هؤلاء الكلمات كما يعلمنا القرآن.
أخرجه النسائي في المجتبى (2/ 239/ 1167)، وفي الكبرى (1/ 376/ 757)، وأبو طاهر المخلص في الحادي عشر من فوائده بانتقاء ابن أبي الفوارس (197)(2701 - المخلصيات)، وابن حزم في المحلى (3/ 279).
قلت: زيد بن أبي أنيسة: ثقة حافظ، لكن الإسناد إليه لا يصح، فإن العلاء بن هلال بن عمر بن هلال الباهلي الرقي: منكر الحديث [الجرح والتعديل (6/ 361)، ضعفاء النسائي (459)، المجروحين (2/ 184)، الكامل (5/ 223)، التهذيب (3/ 349)، الميزان (3/ 106)]، فهو حديث منكر بهذا الإسناد.
وقد رواه عمرو بن الحارث [ثقة ثبت، إمام فقيه]، أن زيد بن أبي أنيسة الجزري حدثه، أن أبا إسحق حدثه، عن الأسود وعلقمة، عن عبد الله بن مسعود به مرفوعًا.
تقدم تخريجه تحت الحديث السابق، وذكر علقمة فيه شاذ، كما بينته هناك.
كما قد رواه سفيان الثوري [ثقة حجة، إمام فقيه]، وشعبة بن الحجاج [ثقة حجة، إمام ناقد]، وهشام بن أبي عبد الله الدستوائي [ثقة ثبت]، وحماد بن سلمة [ثقة]، وحمزة بن حبيب الزيات [صدوق]، وإبراهيم بن ميمون الصائغ [لا بأس به]، وأبو حنيفة النعمان بن ثابت [ضعيف في الحديث، مع إمامته في الفقه والدين]، ومحمد بن أبان بن صالح [الجعفي الكوفي: ضعيف]، وغيرهم:
عن حماد بن أبي سليمان، عن أبي وائل، عن ابن مسعود به مرفوعًا.
وتقدم تخريجه تحت الحديث رقم (968).
وهذان الوجهان هما المحفوظان؛ عن زيد بن أبي أنيسة، وعن حماد.
ب- ورواه حارث بن عطية -وكان من زهاد الناس-[صدوق]، عن هشام، عن حماد، عن إبراهيم، عن علقمة، عن ابن مسعود، قال: كنا إذا صلينا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم نقول: السلام على الله، السلام على جبريل، السلام على ميكائيل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"لا تقولوا: السلام على الله؛ فإن الله هو السلام، ولكن قولوا: التحيات لله، والصلوات والطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله".
أخرجه النسائي في المجتبى (2/ 240/ 1168)، وفي الكبرى (1/ 377/ 758).
وهذا حديث منكر.
• هكذا رواه الحارث بهذا الإسناد، وزاد فيه:"وحده لا شريك له"، لكن خالفه في إسناده؛ ولم يأت بهذه الزيادة:
خالد بن الحارث [ثقة ثبت]، وأبو داود الطيالسي [ثقة حافظ]، ووهب بن جرير [ثقة]، والنضر بن شميل [ثقة ثبت]، وأبو عامر العقدي عبد الملك بن عمرو [ثقة]، ومحمد بن بكر البرساني [ثقة]، قالوا:
حدثنا هشام الدستوائي، عن حماد بن أبي سليمان، عن أبي وائل، عن ابن مسعود، قال: كنا نصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فنقول: السلام على الله، السلام على جبريل، السلام على ميكائيل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تقولوا: السلام على الله، فإن الله هو السلام، ولكن قولوا: التحيات لله، والصلوات والطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته،
السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله".
• ورواه أيضًا بدون هذه الزيادة، وبإسناد الجماعة عن الدستوائي: سفيان الثوري، وشعبة بن الحجاج، وحماد بن سلمة، وحمزة بن حبيب الزيات، وإبراهيم بن ميمون الصائغ، وأبو حنيفة النعمان بن ثابت، ومحمد بن أبان بن صالح الجعفي، وغيرهم.
وتقدم تخريجه تحت الحديث رقم (968).
• وخالفهم أيضًا: عفير بن معدان، فرواه عن حماد، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعلمهم التشهد:
…
فذكره مثله.
أخرجه البزار (4/ 354/ 1555)، والطبراني في الكبير (10/ 50/ 9920)، وأبو نعيم في تاريخ أصبهان (1/ 341).
قال البزار: "وهذا الحديث رواه شعبة وغيره عن حماد عن أبي وائل عن عبد الله، وأحسب أن عفير بن معدان أخطأ فيه؛ إذ جعله عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله".
قلت: هو حديث منكر؛ عفير بن معدان: ضعفوه، منكر الحديث، يروي عن سليم بن عامر، عن أبي أمامة، عن النبي صلى الله عليه وسلم: ما لا أصل له [التهذيب (3/ 119)، الميزان (3/ 83)].
• ورواه أيضًا: سعيد بن أبي عروبة، قال: وقال حماد: عن إبراهيم، عن علقمة، عن ابن مسعود، به مرفوعًا.
أخرجه أبو العباس السراج في حديثه بانتقاء الشحامي (731)، قال: ثنا أبو عوف عبد الرحمن بن مرزوق: ثنا عبد الوهاب بن عطاء، قال: قال سعيد به.
ولا يثبت هذا من حديث ابن أبي عروبة؛ فضلًا عن اتفاق الأئمة النقاد على عدم سماعه من حماد بن أبي سليمان، وهو ظاهر الرواية هنا حيث قال: وقال حماد [انظر: تحفة التحصيل (125)].
وأما كونه لا يثبت من حديث ابن أبي عروبة، فلكون عبد الوهاب بن عطاء الخفاف سمع من ابن أبي عروبة قبل الاختلاط وبعده، فلم يميز بين هذا وهذا، فلا نعتمد روايته حتى نعلم بقرينة أنه مما سمعه منه قبل الاختلاط، والأمر هنا ليس كذلك، وأما أبو عوف عبد الرحمن بن مرزوق البزوري، فقد قال عنه الدارقطني:"لا بأس به"، ووثقه الخطيب، لكن قال ابن حبان في المجروحين:"شيخ كان بطرسوس، يضع الحديث، لا يحل ذكره إلا على سبيل القدح فيه"، واتهمه بوضع حديث:"لن تخلو الأرض من ثلاثين مثل إبراهيم خليل الرحمن، بهم تغاثون، وبهم ترزقون، وبهم تمطرون". [المجروحين (2/ 61)، سؤالات الحاكم (144)، تاريخ بغداد (10/ 274)]، وقال الذهبي:"هذا كذب"[السير (12/ 532)، الميزان (2/ 589)].
وقد فرَّق الذهبي بين البزوري والطرسوسي، وجعلهما ابن حجر واحدًا، وهو
الأقرب، واعتذر له عن هذا الحديث بأنه أُدخِل عليه، وأنه حديث باطل [السير (12/ 530)، الميزان (2/ 588)، تاريخ الإِسلام (20/ 387)، اللسان (5/ 134)].
• قال الدارقطني في العلل (5/ 126/ 766) بعد أن عارض رواية جماعة الثقات الحفاظ برواية زيد بن أبي أنيسة وعفير بن معدان وابن أبي عروبة، قال:"ولعل حمادًا أخذ عنهما جميعًا".
قلت: نعم؛ لو كان ثابتًا من حديث الدستوائي، وزيد بن أبي أنيسة، وابن أبي عروبة؛ لكن لما لم يثبت عنهم، فنقول: هي روايات شاذة ومنكرة، ولا يُعارض بمثلها رواية الأثبات.
ثم إن الدارقطني عاد بعد ذلك، ورجح حديث أبي وائل بعد أن ذكر بعض الطرق عن إبراهيم عن الأسود، وعن إبراهيم عن علقمة والأسود، فقال:"والأشبه بالصواب من ذلك: حديث أبي وائل".
• وممن رواه أيضًا عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله:
أ- رواه أبو حمزة ميمون الأعور، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله، قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يعلمنا التشهد كما يعلمنا السورة من القرآن، يقول:"تعلموها؛ فإنه لا صلاة إلا بتشهد"، يقول:"التحيات لله، والصلوات والطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله".
أخرجه البزار (5/ 17/ 1571)، والطحاوي (1/ 275)، والطبراني في الكبير (10/ 51/ 9922)، وفي الأوسط (5/ 25/ 4574)، وابن عدي في الكامل (4/ 89)، وأبو نعيم في الحلية (4/ 236)، والبيهقي (2/ 378).
قال البزار: "وهذا الحديث لا نعلمه يروى من حديث أبي حمزة عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله إلا من هذا الوجه بهذا الإسناد".
وقال ابن عدي: "وقوله: "تعلموا؛ فإنه لاصلاة إلا بالتشهد": لا يذكره غير أبي حمزة عن إبراهيم".
وقال أبو نعيم: "غريب من حديث إبراهيم عن علقمة بهذا اللفظ، تفرد به: صغدى عن أبي حمزة".
وقال البيهقي: "وهو بشواهده الصحيحة يقوى بعض القوة".
رواه عن أبي حمزة: أبو معشر يوسف بن يزيد البراء [ليس به بأس]، ومحبوب بن الحسن [هو: محمَّد بن الحسن بن هلال بن أبي زينب، لقبه: محبوب، وهو: ليس به بأس، لينه أبو حاتم، وضعفه النسائي. التهذيب (3/ 542)، الميزان (3/ 514)]، وصغدى بن سنان [ضعيف. اللسان (4/ 320) وغيره].
قلت: هو حديث منكر؛ فإن أبا حمزة ميمون الأعور القصاب الكوفي الراعي،
صاحب إبراهيم: ضعيف، وهو في إبراهيم النخعي: ضعيف جدًّا، قال ابن عدي:"وأحاديثه التي يرويها خاصة عن إبراهيم مما لا يتابع عليها"[الكامل (6/ 413)، التهذيب (4/ 200)].
• وأما قوله: "لا صلاة إلا بتشهد"، فقد روي من قول عمر موقوفًا عليه:
رواه شعبة بن الحجاج، قال: سمعت أبا النضر [مسلم بن عبد الله الشامي]، قال: سمعت حملة بن عبد الرحمن [رجل من عك]، قال: سمعت عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول: لا تجوز صلاة إلا بتشهد.
أخرجه البخاري في التاريخ الكبير (3/ 131)، ومحمد بن الحسن الشيباني في الحجة (1/ 252)، وفي الآثار (184)، وعبد الرزاق (2/ 206/ 3080) و (2/ 355/ 3685)، وابن أبي شيبة (2/ 254/ 8713 و 8715)، ومسدد في مسنده (2/ 63/ 1361 - إتحاف الخيرة)، وابن جرير الطبري في تهذيب الآثار (411 و 412 - الجزء المفقود)، والبيهقي (2/ 139)، والخطيب في تلخيص المتشابه في الرسم (1/ 139).
وهذا إسناد مجهول؛ حملة ومسلم؛ قال ابن خزيمة: "لست أعرفهما"، وذكرهما ابن حبان في الثقات، وقال أحمد في العلل:"وليس هذا أبو النضر الذي يحدث عنه مالك وابن عيينة، هذا رجل شامي من عك"[العلل ومعرفة الرجال (2/ 169/ 1895)، التاريخ الكبير (3/ 131) و (7/ 265)، الجرح والتعديل (3/ 316) و (8/ 187)، الثقات (4/ 193) و (9/ 156)، اللسان (3/ 293)].
ب- وروى سالم بن نوح، قال: نا ابن عون، عن إبراهيم، عن علقمة؛ أن عبد الله كان يعلم رجلًا التشهدَ، فقال: "التحيات لله،
…
" فذكره، وقال في آخره: هكذا عُلِّمنا.
أخرجه البزار (5/ 24/ 1581)، وابن عدي في الكامل (3/ 348)، وابن أخي ميمي الدقاق في فوائده (303).
قال البزار: "وهذا الحديث إنما أدخلته المسند؛ لأنه قال هكذا علمنا".
وقال ابن عدي: "ولا أعلم رواه عن ابن عون فصيره شبه المسند إلا سالم بن نوح، وعثمان بن الهيثم المؤذن.
ثناه ابن أبي سويد الذارع، عن عثمان بن الهيثم، وقال فيه: كان النبي صلى الله عليه وسلم يعلمنا التشهد، وغيرهما يوقفونه، وغيرهما رووه عن ابن عون فأوقفوه على عبد الله".
وسالم بن نوح العطار: ليس به بأس، لكن له غرائب وأفراد لينوه بسببها [انظر: التهذيب (1/ 680)، الميزان (2/ 113)] [وانظر في مناكيره أيضًا: ما تقدم تحت الحديث رقم (607)، الشاهد السادس، وما تحت الحديث رقم (956)].
• تابع سالم بن نوح: عثمان بن الهيثم، وصرح برفعه:
رواه إبراهيم بن فهد [ضعيف. اللسان (1/ 333)]، ومحمد بن عثمان بن أبي سويد [ضعيف، حدث عن الثقات بما لا يتابع عليه. اللسان (7/ 339)]، ومحمد بن غالب بن
حرب [تمتام: ثقة، حافظ مكثر، وهم في أحاديث. اللسان (7/ 434)، والراوي عنه: محمَّد بن الحسن بن كوثر أبو بحر البربهاري: وهو واهٍ، متهم بالكذب. اللسان (7/ 77)]، وإبراهيم بن راشد الأدمي [صدوق، له أفراد ومناكير، واتهمه ابن عدي بحديث أخطأ فيه، تكلم عليه في ترجمة حبان بن علي. الجرح والتعديل (2/ 99)، الثقات (8/ 84)، الكامل (2/ 427)، تاريخ بغداد (6/ 74)، اللسان (1/ 277)، الثقات ممن لم يقع في الكتب الستة (2/ 181)]:
نا عثمان بن الهيثم بن جهم، عن ابن عون، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله، عن النبي صلى الله عليه وسلم، في التشهد
…
وفي رواية إبراهيم بن راشد: علمه التشهد بالواوات.
أخرجه أبو العباس السراج في حديثه بانتقاء الشحامي (730)، وابن الأعرابي في المعجم (1129)، والطبراني في الكبير (10/ 50/ 9921)، وفي الأوسط (6/ 157/ 6072)، وفي الصغير (2/ 94/ 845)، وابن عدي في الكامل (3/ 348)، وأبو الشيخ في جزء من حديثه بانتقاء ابن مردويه (104)، وتمام في الفوائد (690)، وأبو نعيم في الحلية (3/ 44)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (51/ 63).
قال أبو نعيم: "صحيح مشهور من حديث إبراهيم، غريب من حديث ابن عون، تفرد به عنه: عثمان بن الهيثم".
وقال الذهبي في السير (14/ 50): "لم يرفعه عن ابن عون إلا عثمان".
قلت: عثمان بن الهيثم بن جهم البصري: صدوق؛ إلا أنه تغير بأخرة فصار يتلقن ما يُلقن [انظر: التهذيب (3/ 81)، الميزان (3/ 59)]، ولا أراه يثبت عنه، فإن كل الطرق إليه لا تخلو من مقال.
• قال ابن عدي في الكامل (3/ 349) بعد رواية سالم بن نوح، وعثمان بن الهيثم:"وغيرهما يوقفونه، وغيرهما رووه عن ابن عون فأوقفوه على عبد الله".
وقال الدارقطني في العلل (5/ 787/156): "ورواه النضر بن شميل عن ابن عون موقوفًا على ابن مسعود، وهو الصواب من رواية ابن عون".
وانظر أيضًا: تاريخ بغداد (3/ 263)، تاريخ دمشق (24/ 369).
• وله طرق أخرى عن ابن مسعود:
1 -
رواه أبو نعيم الفضل بن دكين [ثقة ثبت]، وأبو أسامة حماد بن أسامة [ثقة ثبت]:
عن سيف بن سليمان [ثقة ثبت]، قال: سمعت مجاهدًا، يقول: حدثني عبد الله بن سخبرة [أبو معمر]، قال: سمعت ابن مسعود، يقول: علَّمني رسول الله صلى الله عليه وسلم التشهدَ كفِّي بين كفيه، كما يعلِّمني السورةَ من القرآن: "التحيات لله، والصلوات والطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله،
وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله". وهو بين ظهرانَينا، فلما قُبِض قلنا: السلام على النبي. لفظ ابن أبي شيبة وأحمد بن حنبل وأبي خيثمة زهير بن حرب وغيرهم عن أبي نعيم.
أخرجه البخاري (6265)، ومسلم (402/ 59)، وأبو عوانة (1/ 541/ 2026)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (2/ 26/ 894)، والنسائي في المجتبى (2/ 241/ 1171)، وفي الكبرى (1/ 378/ 761)، وأحمد (1/ 414)، وابن أبي شيبة في المصنف (1/ 260/ 2986)، وفي المسند (319)، والبزار (5/ 200/ 1799)، وأبو يعلى (9/ 236/ 5347)، وأبو العباس السراج في حديثه بانتقاء الشحامي (724)، والطحاوي في المشكل (9/ 409/ 3797)، والبيهقي (2/ 138).
قال البزار: "وهذا الحديث لا نعلمه يروى من حديث أبي معمر عن عبد الله إلا من هذا الوجه، ولا نعلم رواه عن مجاهد إلا سيف بن سليمان"، قلت: هو ثقة ثبت، ولا يضره تفرده بذلك.
وأنكر الطحاوي هذه الزيادة التي في آخره.
وانظر: تحفة الأشراف مع النكت الظراف (7/ 68/ 9338).
• خالفه عثمان بن الأسود:
فقد رواه أبو أمية محمَّد بن إبراهيم بن مسلم [صدوق]، وإسحاق بن إبراهيم بن جبلة [ذكره ابن حبان في الثقات، وذكر السمعاني أنه من المشهورين من علماء ترمذ. الثقات (8/ 122)، الأنساب (1/ 459)، تاريخ الإِسلام (6/ 293 - ط. الغرب)، الثقات ممن لم يقع في الكتب الستة (2/ 299)]:
روياه عن عبيد الله بن موسى العبسي [ثقة].
ورواه أبو خالد الأحمر سليمان بن حيان [صدوق]، كلاهما عن عثمان بن الأسود:
قال عبيد الله: حدثنا عثمان بن الأسود [ثقة ثبت]، عن مجاهد، عن عبد الله بن مسعود -ولم يذكر أبا معمر في حديثه-، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا التشهد في الصلاة كما يعلمنا السورة من القرآن،
…
ثم ذكر التشهد، إلى أن قال: كانوا يقولون في حياته: السلام عليك أيها النبي، فلما قُبِض قالوا: السلام على النبي. لفظ ابن جبلة.
أخرجه أبو سعيد الأشج في جزء من حديثه (104)، والطحاوي في المشكل (9/ 410/ 3798)، وأبو إسحاق إبراهيم بن عبد الصمد الهاشمي في الأول من أماليه (102)، والهيثم بن كليب الشاشي في مسنده (895).
قال الدارقطني في العلل (5/ 340/ 934): "ورواه عثمان بن الأسود المكي عن مجاهد عن ابن مسعود، وأسقط منه أبا معمر، والحديث: حديث سيف".
قلت: لأنه زاد في الإسناد رجلًا، والزيادة من الثقة مقبولة، وقد أثبت سماع مجاهد من أبي معمر، واعتمد روايته البخاري ومسلم، فدل على أنها المحفوظة، والله أعلم.
• وانظر فيمن وهم في إسناده ومتنه؛ ما أخرجه: الطبراني في الكبير (10/ 55/ 9937)، والدارقطني (1/ 354) [وفي إسناده: عبد الوهاب بن مجاهد بن جبر، وهو: متروك، كذبه الثوري، ولم يسمع من أبيه. التهذيب (2/ 640)].
وما ذكره الدارقطني في العلل (5/ 339/ 934).
• قال ابن حجر في الفتح (2/ 314): "قال السبكي في شرح المنهاج بعد أن ذكر هذه الرواية من عند أبي عوانة وحده: إن صح هذا عن الصحابة دل على أن الخطاب في السلام بعد النبي صلى الله عليه وسلم غير واجب، فيقال: السلام على النبي، قلت: قد صح بلا ريب، وقد وجدت له متابعًا قويًّا"، ثم ذكر رواية ابن جريج عن عطاء، ويأتي ذكرها عند الحديث الآتي برقم (974).
وقال في موضع آخر (11/ 56): "وأما هذه الزيادة: فظاهرها أنهم كانوا يقولون: السلام عليك أيها النبي، بكاف الخطاب في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، فلما مات النبي صلى الله عليه وسلم تركوا الخطاب، وذكروه بلفظ الغيبة، فصاروا يقولون: السلام على النبي".
فإن قيل: قد انفرد بهذه الزيادة: أبو معمر عبد الله بن سخبرة الأزدي الكوفي دون بقية أصحاب ابن مسعود الذين رووا حديث التشهد، وهم: أبو وائل شقيق بن سلمة، وأبو الأحوص عوف بن مالك، والأسود بن يزيد، وعلقمة بن قيس، وأبو عبيدة بن عبد الله بن مسعود.
فيقال: أبو معمر كوفي ثقة، وهو تابعي كبير، من أصحاب ابن مسعود، ومن أقران علقمة، احتج به الشيخان، وأخرجا له أحاديث عن ابن مسعود، وأخرج له البخاري عن خباب، وأخرج له مسلم عن المقداد بن الأسود، وعن أبي مسعود الأنصاري.
وعليه: فإن زيادته مقبولة، وهي في حكم الحديث المستقل، إذ قد يخص الصحابي التابعيَّ بشيء، لعارض يعرض له، أو لغير ذلك.
وقد جاء السلام عليه صلى الله عليه وسلم في التشهد بلفظ الغيبة: السلام على النبي؛ من حديث ابن عمر وابن عباس وابن الزبير موقوفًا عليهم [حديث ابن عمر يأتي ذكره تحت الحديث الآتي برقم (971)، والآخران يأتي ذكرهما تحت الحديث الآتي برقم (974)].
لكن يعارض ذلك: المرفوعُ من التشهد، من حديث ابن مسعود، ومن حديث ابن عباس، ومن حديث أبي موسى [الأول متفق عليه، والآخران انفرد بهما مسلم]، وفيها: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعلمهم التشهد كما يعلمهم السورة من القرآن، ولم يشر إلى جواز التصرف فيه بعد وفاته، وكذلك تعليم عمر للناس التشهد وهو المنبر، وفيه: السلام عليك أيها النبي، هكذا بلفظ الخطاب، وكان هذا بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، قال معمر: كان الزهري يأخذ به، ويقول: علمه الناس على المنبر وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم متوافرون لا ينكرونه، كل هذه الدلائل مجتمعة تجعل النفس تميل إلى المرفوع الذي علمه النبي صلى الله عليه وسلم الصحابة؛ مع عدم إشارته لهم بجواز التصرف في لفظه بعد وفاته، لكن ثبوت ذلك عن بعض الصحابة
كابن مسعود وابن عمر وابن عباس وابن الزبير، مما يجعلنا نتوقف عن الإنكار عمن يقوله بلفظ الغيبة، وإن كان الأولى ما كان بلفظ الخطاب، لا سيما ومسلم لم يسق هذه الزيادة من حديث أبي معمر عبد الله بن سخبرة، والبخاري وإن أثبتها إلا أنه لم يخرجها في باب التشهد، وإنما أخرجها في غير بابها، أخرجها في كتاب الاستئذان، باب الأخذ باليدين، والله أعلم.
2 -
زائدة بن قدامة [ثقة ثبت]، عن الأعمش، عن عمارة بن عمير، عن عبد الرحمن بن يزيد، عن عبد الله، عن النبي صلى الله عليه وسلم في التشهد: "التحيات لله،
…
" فذكره.
أخرجه البزار (5/ 297/ 1916)، وأبو العباس السراج في حديثه بانتقاء الشحامي (725).
قال البزار: "وهذا الحديث لا نعلم رواه عن الأعمش عن عمارة بهذا الإسناد إلا زائدة".
قلت: هو إسناد صحيح غريب، وهو على شرط الشيخين، لكنه غريب من حديث الأعمش.
• وقد جاء بإسناد صحيح عن عمير بن سعيد النخعي [كوفي ثقة]، عن ابن مسعود به موقوفًا، وألحق بالتشهد دعاء طويلًا، ووهم فيه بعضهم فرواه مرفوعًا.
أخرجه ابن أبي شيبة (1/ 262/ 3005) و (1/ 264/ 3025)، والبزار (5/ 405/ 2037)، وابن جرير الطبري في تهذيب الآثار (374 - 380 - الجزء المفقود)، والطبراني في الكبير (10/ 55 و 56/ 9939 - 9941).
وانظر أيضًا: علل ابن أبي حاتم (1/ 120/ 326)، علل الدارقطني (5/ 231/ 841).
• ورواه عطاء بن السائب [صدوق، اختلط]، واختلف عليه فيه، والأقرب أن هذا مما رواه بعد اختلاطه؛ إذ لم يروه أحد من الثقات المعروفين بالرواية عنه قبل الاختلاط:
فرواه مرة عن أبي البختري، عن ابن مسعود.
ورواه أخرى عن أبي عبد الرحمن السلمي، عن ابن مسعود.
ورواه ثالثة عن أبي البختري، عن عَبِيدة السلماني، عن ابن مسعود.
أخرجه البزار (5/ 187/ 1784 - 1786)، والطبراني في الكبير (10/ 43/ 9895) و (10/ 52/ 9928) و (10/ 53/ 9929)، والخطيب في التاريخ (14/ 221).
• وثمة أسانيد أخرى عن ابن مسعود، فيها ضعف أو اختلاف:
أخرجها الطبراني في الكبير (10/ 43/ 9895) و (10/ 52/ 9928 و 9929) و (10/ 54/ 9935) و (10/ 55/ 9938)، والدارقطني في الرابع من الأفراد (50).
***
971 -
قال أبو داود: حدثنا نصر بن علي: حدثني أبي: حدثنا شعبة، عن أبي بشر: سمعت مجاهدًا، يحدث عن ابن عمر، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في التشهد:"التحيات لله، الصلوات الطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته"، قال: قال ابن عمر: زدت فيها: وبركاته، "السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله"، قال ابن عمر: زدت فيها: وحده لا شريك له، "وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله".
• حديث شاذ، والمحفوظ: ما رواه سيف بن سليمان، قال: سمعت مجاهدًا، يقول: حدثني عبد الله بن سخبرة، قال: سمعت بن مسعود؛ بحديث بتشهد مرفوعًا.
أخرجه من طريق أبي عمرو نصر بن علي بن نصر الجهضمي: الترمذي في العلل الكبير (104)، وأبو يعلى في المعجم (310)، وأبو العباس السراج في حديثه بانتقاء الشحامي (203)، والطحاوي (1/ 263)، وأبو بكر الشافعي في فوائده "الغيلانيات"(242)، وابن عدي في الكامل (2/ 151)، والدارقطني (1/ 351)، وأبو نعيم في الحلية (7/ 180)، والبيهقي (2/ 139)، والخطيب في المتفق والمفترق (3/ 1999/ 1643).
قال الترمذي في العلل: "وأوقفه ابن أبي عدي".
وقال البزار: "وحديث أبي بشر، عن مجاهد، عن ابن عمر: لا نعلم أحدًا رفعه عن شعبة إلا علي بن نصر، ورواه غيره موقوفًا"[الأحكام الكبرى (2/ 272)].
وقال أبو نعيم: "تفرد به نصر عن أبيه".
وقال الدارقطني في السنن: "هذا إسناد صحيح، وقد تابعه على رفعه ابن أبي عدي عن شعبة، ووقفه غيرهما".
وقال في العلل (13/ 197/ 3089): "ورواه مجاهد، عن ابن عمر، واختلف عنه: فرواه شعبة، واختلف عنه: فرواه علي بن نصر الجهضمي، عن شعبة، عن أبي بشر، عن مجاهد، عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وتابعه: خارجة بن مصعب، وابن أبي عدي، عن شعبة.
وغيرهم يرويه عن شعبة موقوفًا، وهو المحفوظ".
خالفه: البيهقي في العبارة، ووافقه في المعنى، في شأن رواية ابن أبي عدي؛ فقال:"ورواه ابن أبي عدي عن شعبة فوقفه؛ إلا أنه رده إلى حياة النبي صلى الله عليه وسلم فقال: كنا نقولها في حياته، فلما مات قلنا: السلام على النبي ورحمة الله".
• قلت: من نظر إلى أول رواية ابن أبي عدي حكم عليها بالوقف، ومن نظر إلى سياقها حكم لها بالرفع:
فقد رواه ابن أبي عدي، عن شعبة، عن أبي بشر، عن مجاهد، قال: كان ابن
عمر رضي الله عنهما يأخذ بيدي ونحن نطوف بالبيت، فيعلمني التشهد: التحيات الطيبات الصلوات لله، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، قال: كنا نقولها في حياته، -قال أبو بشر: يعني: في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما مات قلنا: السلام عليك أيها النبي [كذا، والصواب: السلام على النبي] ورحمة الله، قال: وزدت أنا: وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله، قال: وزدت أنا: وحده لا شريك له، وأن محمدًا عبده ورسوله.
أخرجه الفاكهي في أخبار مكة (2/ 206/ 343).
• تابع علي بن نصر على إسناده، وخالفه في متنه: خارجة بن مصعب [متروك، كان يدلس عن الكذابين، وفي الإسناد إليه جهالة]، فرواه عن شعبة، عن أبي بشر، عن مجاهد، قال: كنت آخذًا بيد ابن عمر وهو يطوف بالبيت، وهو يعلمني التحية، فذكر ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"التحيات لله، والصلوات والطيبات، السلام على النبي ورحمة الله"، قال: وكنا نقول هذا في حياته فلما قبض النبي صلى الله عليه وسلم قلنا: السلام عليك أيها النبي ورحمة الله، وزدت: وبركاته، "السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله"، قال: وزدت وحده لا شريك له، "وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله".
أخرجه أبو بكر الشافعي في فوائده "الغيلانيات"(241)، وابن عدي في الكامل (2/ 151).
وهذا حديث منكر.
• وخالفهم: معاذ بن معاذ [ثقة متقن، قال أحمد: "إليه المنتهى في التثبت بالبصرة"، وهو أثبت من روى هذا الحديث عن شعبة]، فرواه عن شعبة به موقوفًا، لم يذكر النبي صلى الله عليه وسلم، وفيه: عن مجاهد، قال: كنت أطوف مع ابن عمر رضي الله عنهما بالبيت، وهو يعلمني التشهد، يقول: التحيات لله
…
فذكره مثله.
أخرجه الطحاوي (1/ 264).
قال الطحاوي: "إلا أن قول ابن عمر رضي الله عنهما فيه: وزدت فيها، يدل أنه أخذ ذلك عن غيره".
وأخذها منه ابن حجر فقال في نتائج الأفكار (2/ 185): "لكن قوله في الحديث: زدت فيها؛ يُشعر بأنه مرفوع"، ثم تعقب قول البخاري الآتي ذكره، ولم يذكر قول القطان وأحمد.
• قلت: علة هذا الحديث ليست في الاختلاف في رفعه ووقفه؛ وإن كان الرفع وهم ممن قاله، وإنما في مخالفة سيف بن سليمان في إسناده، وأن أبا بشر لم يسمعه من مجاهد:
قال الترمذي في العلل: "سألت محمدًا [يعني: البخاري] عن هذا الحديث؟ فقال: روى شعبة عن أبي بشر عن مجاهد عن ابن عمر، وروى سيف عن مجاهد عن أبي معمر عن عبد الله بن مسعود، قال محمَّد: وهو المحفوظ عندي".
وقال البيهقي: "وكان محمَّد بن إسماعيل البخاري يرى رواية سيف عن مجاهد عن أبي معمر عن عبد الله بن مسعود هي المحفوظة؛ دون رواية أبي بشر، والله تعالى أعلم".
• وعلى هذا فالبخاري تعدى الكلام عن تفرد علي بن نصر برفعه عن شعبة، وهل تابعه ابن أبي عدي أو خالفه في رفعه، إلى علة الحديث القادحة، وهي شذوذ حديث أبي بشر، ومخالفته في إسناده: حديث سيف بن سليمان، إذ هو المحفوظ، وقد تقدم تخريجه قريبًا في آخر الكلام عن الحديث السابق.
وقد أنكر حديثَ أبي بشر هذا الإمامُ أحمد في رواية أبي طالب، وقال:"لا أعرفه"[الكامل (2/ 151)].
وقال يحيى بن سعيد القطان: "كان شعبة يضعِّف حديث أبي بشر عن مجاهد، قال: ما سمع منه شيءً؛ إنما ابن عمر يرويه عن أبي بكر الصديق: علمنا التشهد؛ ليس فيه النبي صلى الله عليه وسلم"[العلل ومعرفة الرجال (1/ 537/ 1271) و (3/ 67/ 4203) و (3/ 321 و 322/ 5430 و 5431)، مسائل صالح (1148)، الطبقات لابن سعد (7/ 253)، المراسيل (72)، الجرح والتعديل (1/ 131 و 158)، المعرفة والتاريخ (3/ 129)، الكامل (1/ 78) و (2/ 151)، جامع التحصيل (99)، تحفة التحصيل (52)، إكمال مغلطاي (3/ 201)، التهذيب (1/ 301)].
وقال ابن معين: "طعن عليه شعبة في حديثه عن مجاهد، قال: من صحيفة"[تهذيب الكمال (5/ 8)، التهذيب (1/ 301)].
وجرى على ظاهر السند ابنُ حجر في نتائج الأفكار (2/ 185)، فقال:"هذا حديث صحيح"، وكذلك صححه في الفتح (2/ 325).
وحديث أبي بكر الصديق يأتي ذكره في آخر الشواهد.
• ولحديث ابن عمر في التشهد طرق أخرى، منها ما رواه:
أ- مالك، وابن جريج، ويحيى بن سعيد: كلهم عن نافع، عن ابن عمر:
قال مالك: عن نافع؛ أن عبد الله بن عمر كان يتشهد فيقول: بسم الله، التحيات لله، الصلوات لله، الزاكيات لله، السلام على النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، شهدت أن لا إله إلا الله، شهدت أن محمدًا رسول الله، يقول هذا في الركعتين الأوليين، ويدعو إذا قضى تشهده بما بدا له.
فإذا جلس في آخر صلاته تشهد كذلك أيضًا، إلا أنه يقدم التشهد، ثم يدعو بما بدا له، فإذا قضى تشهده، وأراد أن يسلم قال: السلام على النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، السلام عليكم -عن يمينه-، ثم يرد على الإمام، فإن سلم عليه أحد عن يساره رد عليه.
وقال ابن جريج: قلت لنافع: كيف كان ابن عمر رضي الله عنهما يتشهد؟ قال: كان يقول: بسم الله، التحيات لله، والصلوات لله، والزاكيات لله، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله
وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، ثم يتشهد فيقول: شهدت أن لا إله إلا الله، شهدت أن محمدًا رسول الله.
واختصره يحيى بن سعيد، فقال فيه: أن ابن عمر كان يقول في الركعتين: السلام عليك أيها النبي، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين.
أخرجه مالك في الموطأ (1/ 144/ 241)، وعبد الرزاق (2/ 204/ 3073)، وابن أبي شيبة (1/ 2997/261)، وابن المنذر في الأوسط (3/ 210/ 1522) و (3/ 211/ 1525)، والطحاوي (1/ 261)، والبيهقي في السنن (2/ 142)، وفي المعرفة (2/ 35 و 36/ 894 - 896).
قال البيهقي: "وأما الرواية فيها؛ [يعني: في التسمية في التشهد] عن ابن عمر؛ فهي وإن كانت صحيحة فيحتمل أن تكون زيادة من جهة ابن عمر، فقد روينا عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم حديث التشهد ليس فيه ذكر التسمية، والله أعلم.
وقد روى ثابت بن زهير عن نافع عن ابن عمر، وهشام بن عروة عن أبيه عن عائشة، كلاهما عن النبي صلى الله عليه وسلم في التسمية قبل التحية، وثابت بن زهير: منكر الحديث، ضعيف، والصحيح عن ابن عمر: موقوف كما روينا، وروينا عن ابن عباس أنه سمع رجلًا يقول: بسم الله التحيات لله، فانتهره".
وقال ابن حجر في نتائج الأفكار (2/ 182): "هذا موقوف صحيح".
قلت: هو موقوف صحيح؛ ولا نقول له حكم الرفع؛ لمخالفته الأحاديث الصحيحة المرفوعة، في صيغة التشهد، وزيادة التسمية في أوله، بل جاء في حديث أبي موسى الأشعري [عند مسلم، وهو الحديث الآتي] ما يرُدُّ زيادة التسمية، لقوله صلى الله عليه وسلم: "فإذا كان عند القعدة فليكن من أول قول أحدكم أن يقول: التحيات
…
" الحديث.
قلت: ورواية ثابت بن زهير [وهو: منكر الحديث. اللسان (2/ 97)]، عن نافع، عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه كان يقول قبل التشهد:"بسم الله خير الأسماء".
أخرجها ابن حبان في المجروحين (1/ 206)، وابن عدي في الكامل (2/ 94).
ب- الليث بن سعد، قال: حدثني عقيل بن خالد، عن ابن شهاب، قال: أخبرني سالم بن عبد الله، عن أبيه، قال: إذا تشهد أحدكم فليقل:
…
، ثم ذكر مثل تشهد عمر رضي الله عنه الآتي ذكره في الشواهد، موقوفًا.
أخرجه الطحاوي (1/ 261).
وهذا موقوف بإسناد صحيح.
ج- عفان بن مسلم [ثقة ثبت]، وسهل بن بكار [بصري، ثقة]:
قال عفان: حدثنا أبان بن يزيد: حدثنا قتادة: حدثني عبد الله بن بأبي المكي، قال: صليت إلى جنب عبد الله بن عمر، قال: فلما قضى الصلاة ضرب بيده على فخذه، فقال:
ألا أعلمك تحية الصلاة كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا؟ قال: فتلا عليَّ هؤلاء الكلمات؛ يعني: قول أبي موسى الأشعري في التشهد.
ولفظ سهل [عند الطبراني في الكبير]: "التحيات الطيبات الصلوات لله، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله".
أخرجه أحمد (2/ 68)، والطحاوي (1/ 263)، والطبراني في الكبير (13/ 255/ 14003)، وفي الأوسط (3/ 103/ 2625)، والخطيب في الموضح (1/ 302)، وابن حجر في نتائج الأفكار (2/ 185 - 186).
قال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن قتادة إلا أبان، تفرد به سهل".
قلت: بل تابعه عفان بن مسلم، عند أحمد والطحاوي.
• ومع كون الطبراني قد جزم بتفرد أبان به عن قتادة؛ إلا أنه هو نفسه الذي رواه من طريق آخر عن قتادة في معجمه الكبير (13/ 255/ 14004).
قال الطبراني: حدثنا أحمد بن بشير الطيالسي [لينه الدارقطني وغيره. اللسان (1/ 410)]: ثنا نوح بن حبيب القومسي [ثقة]: ثنا أزهر بن القاسم [بصري: صدوق]، عن المثنى بن سعيد [الضبعي البصري: ثقة]، عن قتادة، عن عبد الله بن بابي، عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم، مثله.
فإن كان شيخ الطبراني توبع عليه، فيصح إسناده إلى المثنى بن سعيد؛ وإلا فلا.
• قال ابن حجر في نتائج الأفكار (2/ 186): "هذا حديث صحيح،
…
، ورواته من أحمد فصاعدًا من رجال مسلم".
قلت: وهو كما قال، وقد ذكره الدارقطني في العلل (13/ 197/ 3089)، وسكت عليه، وهذا المرفوع يقدَّم على ما صح عنه موقوفًا، والله أعلم.
د- خارجة بن مصعب [متروك، كان يدلس عن الكذابين]، ومغيرة بن سقلاب [منكر الحديث، عامة ما يرويه لا يتابع عليه. الكامل (6/ 359)، اللسان (8/ 133)، وحديث القلتين المتقدم برقم (64)]:
عن موسى بن عبيدة [الربذي: ضعيف]، عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا التشهد: "التحيات الطيبات [وفي رواية مغيرة: الصلوات بدل: الطيبات] الزاكيات لله، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وأن محمدًا عبده ورسوله"، ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم.
أخرجه ابن عدي في الكامل (3/ 56) و (6/ 359)، والدارقطني (1/ 351)، وابن الجوزي في التحقيق (541).
قال الدارقطني: "موسى بن عبيدة، وخارجة: ضعيفان".
وعليه: فلا يصح من حديث عبد الله بن دينار عن ابن عمر.
• وله إسناد آخر عند ابن عدي في الكامل (6/ 24)، لكنه واهٍ جدًّا، فيه: فرات بن السائب، وهو: متروك، منكر الحديث؛ خاصة عن ميمون بن مهران، واتهم [اللسان (6/ 322)].
***
972 -
قال أبو داود: حدثنا عمرو بن عون: أخبرنا أبو عوانة، عن قتادة، (ح) وحدثنا أحمد بن حنبل: حدثنا يحيى بن سعيد: حدثنا هشام، عن قتادة، عن يونس بن جبير، عن حِطَّان بن عبد الله الرقاشي، قال: صلى بنا أبو موسى الأشعري، فلما جلس في آخر صلاته، قال رجلٌ من القوم: أُقِرَّتِ الصلاةُ بالبرِّ والزكاة، فلما انفتل أبو موسى أقبل على القوم، فقال: أيكم القائل كلمة كذا وكذا؟ قال: فأَرَمَّ القومُ، قال: أيكم القائل كلمة كذا وكذا؟ قال: فأرَمَّ القومُ، قال: فلعلك يا حطان [أنت] قلتَها، قال: ما قلتُها، ولقد رَهِبتُ أن تَبكَعَني بها، قال: فقال رجلٌ من القوم: أنا قلتُها، وما أردتُّ بها إلا الخير.
فقال أبو موسى: أما تعلمون كيف تقولون في صلاتكم؟! إن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطبنا، فعلَّمنا، وبين لنا سُنَّتنا، وعلَّمنا صلاتنا، فقال:"إذا صليتم فأقيموا صفوفكم، ثم ليؤمَّكم أحدُكم، فإذا كبر فكبروا، وإذا قرأ: {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ}، فقولوا: آمين، يجبكم الله، وإذا كبر وركع، فكبروا واركعوا، فإن الإمام يركع قبلكم ويرفع قبلكم"، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"فتلك بتلك، وإذا قال: سمع الله لمن حمده، فقولوا: اللهم ربنا ولك الحمد، يسمعِ الله لكم، فإن الله عز وجل قال على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم: سمع الله لمن حمده، وإذا كبر وسجد فكبروا واسجدوا، فإن الإمام يسجد قبلكم ويرفع قبلكم"، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"فتلك بتلك، فإذا كان عند القعدة فليكن من أول قول أحدكم أن يقول: التحيات الطيبات الصلوات لله، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله".
لم يقل أحمد: "وبركاته"، ولا قال:"وأشهد"، قال:"وأن محمدًا".
• حديث صحيح.
تقدم تخريجه تحت الحديث رقم (607)، وقد أخرجه مسلم (404).
***
973 -
. . . المعتمر، قال: سمعت أبي، حدثنا قتادة، عن أبي غَلاب، يحدثه عن حطان بن عبد الله الرقاشي، بهذا الحديث، زاد:"فإذا قرأ فأنصتوا"، وقال في التشهد بعد:"أشهد أن لا إله إلا الله"، زاد:"وحده لا شريك له".
قال أبو داود: وقوله: "وأنصتوا": ليس بمحفوظ، لم يجيء به إلا سليمان التيمي في هذا الحديث.
• حديث شاذ بهاتين الزيادتين.
تقدم تخريجه تحت الحديث رقم (607)، وقد أخرجه مسلم (404).
***
974 -
. . . الليث، عن أبي الزبير، عن سعيد بن جبير، وطاوس، عن ابن عباس، أنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلِّمُنا التشهدَ كما يعلِّمُنا القرآنَ، وكان يقول:"التحيات المباركات الصلوات الطيبات لله، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا رسول الله".
• حديث صحيح.
أخرجه مسلم في الصحيح (403/ 60)، وفي التمييز (59)، وأبو عوانة (1/ 540/ 2022 - 2024)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (2/ 26/ 895)، والترمذي (290)، والنسائي في المجتبى (2/ 242/ 1174)، وفي الكبرى (1/ 380/ 764)، وابن ماجه (900)، وابن خزيمة (1/ 349/ 705)، وابن حبان (5/ 282/ 1952) و (5/ 283/ 1953) و (5/ 284/ 1954)، وأحمد (1/ 292)، والشافعي في الأم (2/ 269/ 244)، وفي اختلاف الحديث (10/ 44/ 36 - أم)، وفي الرسالة (1/ 119/ 74 - أم)، وفي المسند (42)، والربيع بن سليمان في زياداته عليه (244 م) و (36 م)، والبزار (11/ 43 /4728) و (11/ 260/ 5047)، وابن المنذر في الأوسط (3/ 206/ 1518)، والطحاوي (1/ 263)، وأبو بكر النيسابوري في الزيادات على المزني (27 - 31)، والسهمي في تاريخ جرجان (329)، والطبراني في الكبير (11/ 39/ 10996)، وأبو الشيخ في أحاديث أبي الزبير عن غير جابر (103 و 104)، وأبو بكر الإسماعيلي في معجم شيوخه (3/ 763)، وأبو أحمد الحاكم في شعار أصحاب الحديث (63)، والدارقطني (1/ 350)، والبيهقي في السنن (2/ 140 و 377)، وفي المعرفة (2/ 30/ 882 - 884)، وفي الدعوات (80)، والبغوي في شرح السُّنَّة (3/ 182/ 679)، وغيرهم.
ووقع في بعض الروايات [عند الشافعي، وأحمد، والترمذي، والنسائي، وابن خزيمة، وغيرهم]: سلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، سلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، هكذا بتنكير السلام [وانظر: الفتح لابن حجر (2/ 313)].
قال الشافعي: "هذا أجود حديث روي عن النبي صلى الله عليه وسلم في التشهد"[مسند أبي عوانة (1/ 541)].
وقال الترمذي: "حديث ابن عباس: حديث حسن صحيح غريب.
وقد روى عبد الرحمن بن حميد الرؤاسي هذا الحديث، عن أبي الزبير نحو حديث الليث بن سعد.
وروى أيمن بن نابل المكي هذا الحديث، عن أبي الزبير، عن جابر؛ وهو غير محفوظ.
وذهب الشافعي إلى حديث ابن عباس في التشهد".
وقال ابن حبان: "تفرد به أبو الزبير".
قلت: وهو تابعي ثقة، لا يضره تفرده، ولم يسلك فيه العبادة، وقد صححه الشافعي ومسلم والترمذي وأبو عوانة. وابن خزيمة، وقال الدارقطني:"هذا إسناد صحيح".
وقال البزار: "وهذا الكلام لا نعلمه يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم بإسناد متصل عنه أحسن من هذا الإسناد".
• ورواه يحيى بن آدم: حدثنا عبد الرحمن بن حميد: حدثني أبو الزبير، عن طاوس، عن ابن عباس، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا التشهد، كما يعلمنا السورة من القرآن.
أخرجه مسلم في الصحيح (403/ 61)، وفي التمييز (59)، وأبو عوانة (1/ 541/ 2025)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (2/ 27/ 896)، والنسائي في المجتبى (3/ 41/ 1278)، وفي الكبرى (2/ 68/ 1202)، وأحمد (1/ 315)، وابن أبي شيبة (1/ 262/ 3002)، وأبو الشيخ في أحاديث أبي الزبير عن غير جابر (102)، والبيهقي (2/ 377).
• ورواه أحمد بن محمَّد بن الحجاج بن رشدين بن سعد [ضعيف، واتهم. انظر: اللسان (1/ 594)]: حدثني أبي، عن أبيه، عن جده [وهم جميعًا ضعفاء. انظر: اللسان (7/ 55)، الكامل (2/ 234)]: حدثني عمرو بن الحارث؛ أن أبا الزبير حدثه، عن عطاء وطاوس وسعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا التشهد: "التحيات المباركات والطيبات لله، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا رسول الله".
أخرجه الطبراني في الكبير (11/ 39/ 10997) و (11/ 140/ 11406)، والدارقطني (1/ 350).
فلا يصح من حديث عمرو بن الحارث، والعمدة على الإسنادين السابقين عند مسلم.
• هذا هو الثابت في هذا الحديث عن أبي الزبير، وقد وهم فيه بعضهم، فجعله من حديث جابر، فسلك فيه العبادة والطريق السهل، وأتى في متنه بما ينكر، ويأتي ذكر الاختلاف فيه على أبي الزبير تحت الحديث الآتي برقم (975)، عند الشاهد الخامس.
• وروى ابن جريج، عن عطاء، قال: سمعت ابن عباس وابن الزبير، يقولان في التشهد في الصلاة: التحيات المباركات لله، الصلوات الطيبات لله، السلام على النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.
قال: لقد سمعت ابن الزبير يقولهن على المنبر يعلمهن الناس، قال: ولقد سمعت ابن عباس يقولهن كذلك، قلت: فلم يختلف فيها ابن عباس وابن الزبير؟ قال: لا.
وقال في رواية: التحيات المباركات، الطيبات الصلوات لله.
أخرجه عبد الرزاق (2/ 203/ 3070)، والطحاوي (1/ 263).
وهذا إسناد مكي صحيح، وهو صحيح موقوف على ابن عباس وابن الزبير.
• ولعله لأجل هذه الرواية قال عطاء: إن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كانوا يسلمون والنبي صلى الله عليه وسلم حيٌّ: السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، فلما مات قالوا: السلام على النبي ورحمة الله وبركاته.
أخرجه عبد الرزاق (2/ 204/ 3075).
• وبحديث ابن عباس كان يتشهد: طاووس وعطاء والليث والشافعي.
***
975 -
قال أبو داود: حدثنا محمَّد بن داود بن سفيان: حدثنا يحيى بن حسان: حدثنا سليمان بن موسى أبو داود: حدثنا جعفر بن سعد بن سمرة بن جندب: حدثني خبيب بن سليمان، عن أبيه سليمان بن سمرة، عن سمرة بن جندب: أما بعدُ، أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كان في وسط الصلاة، أو حين انقضائها:"فابدؤوا قبل التسليم، فقولوا: التحيات الطيبات، والصلوات والملك لله، ثم سلِّموا على اليمين، ثم سلِّموا على قارئكم، وعلى أنفسكم".
قال أبو داود: سليمان بن موسى: كوفي الأصل، كان بدمشق، ودلت هذه الصحيفة أن الحسن سمع من سمرة.
• حديث منكر.
أخرجه من طريق أبي داود: البيهقي (2/ 181).
وهذا الإسناد هو الذي يروي به أبو داود صحيفة سمرة [أو: كتاب سمرة، أو: وصية سمرة لبنيه]، وقد أخرج منها في سننه ستة أحاديث، هذا أحدها، والباقي يأتي -إن شاء الله تعالى-
برقم: (1562 و 2560 و 2716 و 2787)، والأول منها قد تقدم برقم (456)، وقد احتج بها أبو داود.
وشيخ أبي داود فيها: محمَّد بن داود بن سفيان: روى عن عبد الرزاق، ويحيى بن حسان التنيسي، وروى عنه أبو داود فقط [فيما وقفت عليه من ترجمته]، ولم أر فيه جرحًا ولا تعديلًا؛ إلا رواية أبي داود عنه فإنها ترفعه.
ونقله عن أبي داود هكذا: عبد الحق في الأحكام الكبرى (2/ 285)، وابن الأثير في جامع الأصول (5/ 411)، والمنذري في مختصره (1/ 280/ 936)، وغيرهم.
لكن يشكل على ذلك، ما قال العيني في عمدة القاري (6/ 114):"وأما حديث سمرة بن جندب رضي الله تعالى عنه: فأخرجه أبو داود، ولفظه: "قولوا: التحيات لله الطيبات والصلوات والملك لله، ثم سلموا على النبي، وسلموا على أقاربكم، وعلى أنفسكم"، فلعله نقل لفظه من معجم الطبراني.
• توبع ابن سفيان هذا على إسناده، وخولف في متنه:
قال الطبراني في معجمه الكبير (7/ 18/ 70250)(4/ 74/ أ): حدثنا عبدان بن أحمد [عبد الله بن أحمد بن موسى الجواليقي: ثقة حافظ مكثر. تاريخ بغداد (9/ 378)، تاريخ دمشق (27/ 51)، السير (14/ 168)]: ثنا دحيم: ثنا يحيى بن حسان به، إلا أنه زاد فقال:"الصلوات والسلام والملك لله"، وقال في آخره خلافًا لرواية أبي داود:"ثم سلِّموا على النبيين، ثم سلِّموا على أقاربكم، وعلى أنفسكم".
وهذا إسناد صحيح إلى يحيى بن حسان التنيسي، وهو: ثقة.
هكذا رواه دحيم، عبد الرحمن بن إبراهيم بن عمرو الدمشقي، وهو: ثقة حافظ متقن، أحد أئمة الشام وعلمائهم، فروايته أشبه بالصواب من جهتين:
الأولى: أنه أحفظ وأضبط من ابن سفيان، بل لا مقارنة بين إمام حافظ متقن حجة، وبين رجل ليس بالمشهور، ولم يوثقه أحد، فهو أشبه بالمجاهيل.
الثانية: أن سياق دحيم هو المتناسب مع السياق المعروف للتشهد، فإنه ذكر فيه أول التشهد:"التحيات الطيبات الصلوات والسلام والملك لله"، ثم حكى بقيته، فإن قوله:"ثم سلِّموا على النبيين"، يقابل قوله صلى الله عليه وسلم في التشهد:"السلام عليك أيها النبي"، وقوله:"ثم سلِّموا على أقاربكم، وعلى أنفسكم"، يقابل قوله صلى الله عليه وسلم في التشهد:"السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين".
وأما سياق ابن سفيان، فإن يقصر التشهد على قوله فقط:"التحيات الطيبات، والصلوات والملك لله"، هكذا انتهى سياق التشهد عنده، ثم شرع في بيان التسليم من الصلاة، ولا شك أن الأول أولى بالصواب.
فهذا إذًا هو المحفوظ عن يحيى بن حسان التنيسي [وهو ثقة]، عن سليمان بن موسى أبي داود [وهو: صدوق، تقدمت ترجمته تحت الحديث رقم (456)].
• وقد توبع سليمان بن موسى على هذا الوجه:
1 -
قال الطبراني (7/ 250/ 7019)(4/ 74 /أ): حدثنا موسى بن هارون: ثنا مروان بن جعفر السَّمُري: ثنا محمَّد بن إبراهيم: ثنا جعفر بن سمرة، عن خبيب بن سليمان بن سمرة، عن أبيه، عن سمرة؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"إذا كان حين التسليم في وسط الصلاة، أو حين انقضائها، فابدؤوا قبل التسليم، فقولوا: التحيات الطيبات، والصلوات والسلام والملك لله، ثم سلِّموا على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم سلِّموا على أقاربكم، وعلى أنفسكم".
شيخ الطبراني هو: الحمَّال، الحافظ الكبير الحجة الناقد، مشهور بالحفظ والإتقان ونقد الرجال.
ومروان بن جعفر السَّمُري: روى صحيفة سمرة، روى عنه أبو حاتم وأبو زرعة الرازيان، وقال أبو حاتم:"صدوق، صالح الحديث"، فلا عبرة بعد ذلك بقول الأزدي:"يتكلمون فيه"[الجرح والتعديل (8/ 276)، طبقات ابن سعد (6/ 417)، تاريخ الإِسلام (17/ 360)، الميزان (4/ 89)، اللسان (8/ 28)].
ومحمد بن إبراهيم، هو: ابن خبيب بن سليمان بن سمرة: ترجم له البخاري وابن أبي حاتم بروايته لرسالة سمرة بهذا الإسناد، ولم يذكرا فيه جرحًا ولا تعديلًا، وذكره ابن حبان في الثقات؛ إلا أنه قال:"لا يعتبر بما انفرد به من الإسناد"[التاريخ الكبير (1/ 26)، الجرح والتعديل (7/ 186)، الثقات (9/ 58)، المؤتلف للدارقطني (2/ 632)، اللسان (6/ 477)]، وعلى هذا فهو صالح فيما رواه بهذا الإسناد وتوبع عليه.
وفي الجملة: فهو إسناد جيد في المتابعات.
2 -
قال البزار في مسنده (10/ 448/ 4605): وحدثنا خالد بن يوسف، قال: حدثني أبي يوسف بن خالد، قال: نا جعفر بن سعد بن سمرة، قال: حدثني خبيب بن سليمان، عن أبيه سليمان بن سمرة، عن سمرة بن جندب، أنه كتب إلى بنيه: من سمرة بن جندب، سلام عليكم، فإني أحمد إليكم الله، الذي لا إله إلا هو، أما بعد: فإني أوصيكم بتقوى الله، وأن تقيموا الصلاة، وتؤتوا الزكاة
…
إلخ.
ثم سرد البزار سبعة وسبعين حديثًا بهذا الإسناد، منها هذا الحديث (10/ 451/ 4615): أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا أقمتم الصلاة فلا تسبقوا قارئكم بالركوع والسجود، ولكن هو يسبقكم، فإذا كان حين السلام: فسلموا على النبيين، ثم سلموا على قارئكم، وعلى أنفسكم".
ويوسف بن خالد، هو: السمتي، متروك، ذاهب الحديث، كذبه غير واحد [انظر: التهذيب (4/ 454) وغيره]، وابنه خالد: أصلح حالًا منه؛ فقد ضُعِّف، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال:"يعتبر حديثه من غير روايته عن أبيه"[انظر: اللسان (3/ 350) وغيره]، فهذه الطريق لا يعتمد عليها، ولا تصلح للاعتبار.
• بعد ذلك يبقى الكلام على إسناد هذه الصحيفة -صحيفة سمرة- المروية عن جعفر بن سعد بن سمرة، عن خبيب بن سليمان، عن أبيه سليمان بن سمرة، عن أبيه سمرة بن جندب.
• وقد سبق تفصيل الكلام عن هذا الإسناد عند الحديث السابق برقم (456)، وذكرت هناك كلام العلماء في هذه الصحيفة وإسنادها.
والحاصل: أن الذي يترجح عندي في هذا الإسناد -والله أعلم-: أنه إسناد صالح في الشواهد والمتابعات، لا ينهض على انفراده بإثبات حكم، أو تثبت به سُنَّة، فإن جاء بمخالفة ما صح فهو منكر.
وعليه: فإن التشهد بهذا اللفظ منكر؛ لمخالفته الأحاديث الصحيحة في الباب [حديث ابن مسعود، وحديث أبي موسى، وحديث ابن عباس].
• وأما قول أبي داود: "ودلت هذه الصحيفة أن الحسن سمع من سمرة"، فهذا مما أشكل فهمه على شراح الحديث، ولم يظهر لهم فيه مراد أبي داود، وبعضهم تأوله تأويلات بعيدة، ولم يظهر لي فيه جوابٌ شافٍ، والله أعلم [انظر: التهذيب (1/ 391)، شرح أبي داود للعيني (4/ 258)، عون المعبود (3/ 184)، ضعيف أبي داود للألباني (9/ 366)، أبو داود حياته وسننه للصباغ (57)، المرسل الخفي للعوني (3/ 1189)].
• وفي الباب:
1 -
عن عمر بن الخطاب:
رواه عمرو بن الحارث، ومالك بن أنس، ومعمر بن راشد، ويونس بن يزيد، وابن جريج [وعنه: أبو عاصم النبيل، وعبد الرزاق، وسقط من إسناد عبد الرزاق ذكر الزهري، فلا أدري وهمًا أم سقطًا من النساخ]:
عن ابن شهاب، عن عروة بن الزبير، عن عبد الرحمن بن عبدِ القاريِّ؛ أنه سمع عمر بن الخطاب رضي الله عنه يعلم الناسَ التشهدَ على المنبر، وهو يقول: قولوا: "التحيات لله، الزاكيات لله، الصلوات [قال مالك ومعمر: الطيبات الصلوات] لله، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد إله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله".
قال معمر: كان الزهري يأخذ به، ويقول: علمه الناس على المنبر وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم متوافرون لا ينكرونه، قال معمر: وأنا آخذ به.
أخرجه مالك في الموطأ (1/ 144/ 240)، وعنه الشافعي في الرسالة (1/ 118/ 73 - أم)، وفي المسند (237)، وابن وهب في الجامع (411)، وعبد الرزاق (2/ 202/ 3067 و 3068)، وابن أبي شيبة (1/ 261/ 2992)، والطحاوي في شرح المعاني (1/ 261)، وفي المشكل (9/ 414 و 415/ 3804 و 3805)، والحاكم (1/ 266)، والبيهقي في السنن (2/ 144 و 145)، وفي المعرفة (2/ 34/ 890).
• خالفهم فوهم:
ابن إسحاق، قال: حدثني ابن شهاب الزهري، وهشام بن عروة بن الزبير، كلاهما حدثني عن عروة بن الزبير، عن عبد الرحمن بن عبدٍ القاري -وكان عاملًا لعمر بن الخطاب على بيت المال-، قال: سمعت عمر بن الخطاب رضي الله عنه يعلم الناس التشهد في الصلاة، وهو على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول: أيها الناس إذا جلس أحدكم ليسلم من صلاته أو يتشهد في وسطها، فليقل: بسم الله خير الأسماء، التحيات الصلوات، الطيبات المباركات لله، أربع أيها الناس، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، التشهد أيها الناس قبل السلام، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، ولا يقول أحدكم: السلام على جبرائيل، السلام على ميكائيل، السلام على ملائكة الله، إذا قال: السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، فقد سلم على كل عبدٍ لله صالحٍ في السماوات أو في الأرض، ثم ليسلِّم.
ولم يختلف حديث ابن شهاب، ولا حديث هشام بن عروة، إلا أن ابن شهاب قال: الزاكيات، وقال هشام: المباركات، قال ابن إسحاق: ولا أرى إلا أن هشامًا كان أحفظهما؛ للزومه.
أخرجه البيهقي (2/ 143)، بإسناد جيد إلى ابن إسحاق.
قال البيهقي: "كذا رواه محمَّد بن إسحاق بن يسار، ورواه مالك، ومعمر، ويونس بن يزيد، وعمرو بن الحارث، عن ابن شهاب، لم يذكروا فيه التسمية، وقدَّموا كلمتي التسليم على كلمتي الشهادة، والله تعالى أعلم".
قلت: وهم فيه ابن إسحاق في مواضع، أما الإسناد: فحمل حديث هشام على حديث الزهري، فقال: عن عروة، عن عبد الرحمن بن عبدٍ، عن عمر، وهذا إسناد الزهري، وهشام لا يذكر في الإسناد عبد الرحمن بن عبدٍ.
وأما المتن: فزاد في أوله التسمية، وقدَّم كلمتي الشهادة على كلمتي التسليم، وزاد في آخره ما ليس في رواية الجماعة من التسليم على الملائكة.
• ورواه يعقوب بن عبد الرحمن [القاري، المدني، نزيل الإسكندرية: ثقة]، قال: حدثني هشام بن عروة، عن أبيه، عن عبد الرحمن بن عبدٍ القاري: رأيت عمر بن الخطاب إذا تشهد قال: بسم الله خير الأسماء، التحيات المباركات.
أخرجه ابن المنذر في الأوسط (3/ 211/ 1524).
• خالفه: عبد العزيز بن محمَّد الدراوردي، وحاتم بن إسماعيل، ومعمر بن راشد [وهم ثقات]:
فرووه عن هشام بن عروة، عن أبيه؛ أن عمر بن الخطاب كان يعلم الناس التشهد في الصلاة، وهو يخطب الناس على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيقول: إذا تشهد أحدكم فليقل: بسم الله خير الأسماء، التحيات الزاكيات [جعل معمر مكان الزاكيات: المباركات]،
الصلوات الطيبات لله، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وأن محمدًا عبده ورسوله.
قال عمر: ابدؤوا بأنفسكم بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسلموا على عباد الله الصالحين.
لفظ الدراوردي.
أخرجه عبد الرزاق (2/ 202/ 3069)، وابن أبي شيبة (1/ 262/ 3012)، والحاكم (1/ 266)، والبيهقي (2/ 142).
قلت: ورواية الجماعة هي الصواب، وهي مرسلة.
قال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط مسلم، وإنما ذكرته لأن له شواهد على ما شرطنا في الشواهد التي تشهد على سندها".
وقال البيهقي: "والرواية الموصولة المشهورة عن الزهري عن عروة عن عبد الرحمن القاري عن عمر: ليس فيها ذكر التسمية".
وقال الدارقطني في العلل (2/ 180/ 203): "رواه الزهري وهشام بن عروة عن عروة، فاختلفا فيه على عروة:
فجوَّد إسناده الزهري، ورواه عن عروة، عن عبد الرحمن بن عبدٍ، عن عمر.
ورواه هشام بن عروة، عن أبيه، عن عمر، لم يذكر بينهما عبد الرحمن بن عبد.
وقول الزهري: أولى بالصواب، والله أعلم.
ولم يختلفوا في أن الحديث موقوف على عمر، ورواه بعض المتأخرين عن إسماعيل بن أبي أويس، عن مالك، عن الزهري، عن عروة، عن ابن عبدٍ، عن عمر مرفوعًا، ووهم في رفعه، والصواب: موقوف.
وروى هذا الحديث ابن عيينة [كذا، ولعله أراد ابن إسحاق] عن الزهري وهشام بن عروة، جمع بينهما، وحمل حديث هشام على حديث الزهري، فقال: عن عروة عن عبد الرحمن بن عبدٍ، عن عمر، وهذا إسناد الزهري، وهشام لا يذكر في الإسناد عبد الرحمن بن عبدٍ".
قلت: وهو كما قال؛ رواية الزهري هي المحفوظة سندًا ومتنًا، فهو أحفظ من هشام.
• وعليه: فإن هذا حديث صحيح، وهو موقوف على عمر؛ وله حكم الرفع؛ فإن تعليم عمر للناس على المنبر، بهذا الذكر التعبدي، وبمحضر الصحابة، وبغير نكير منهم، وموافقته في الجملة لتشهد ابن مسعود وأبي موسى وابن عباس، وإنما زاد على حديث ابن مسعود وأبي موسى: الزاكيات، وجعلها مكان المباركات من حديث ابن عباس؛ كل ذلك دليل على أنه تلقاه عن النبي صلى الله عليه وسلم.
قال الشافعي في الرسالة: "فلم نسمع إسنادًا في التشهد يخالفه ولا يوافقه: أثبت عندنا منه؛ وإن كان غيره ثابتًا، فكان الذي نذهب إليه أن عمر لا يعلم الناس على المنبر
بين ظهراني أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا على ما علمهم النبي صلى الله عليه وسلم". وقال النووي في المجموع (3/ 420): "صحيح، رواه مالك في الموطأ، فهذه الأحاديث الواردة في التشهد، وكلها صحيحة، وأشدها صحة باتفاق المحدثين: حديث ابن مسعود، ثم حديث ابن عباس"، وصححه أيضًا في الأذكار (166)، وفي الخلاصة (1406).
وبتشهد عمر: أخذ الزهري ومالك ومعمر وعبد الرزاق.
• وله إسناد آخر عن عمر به مرفوعًا، تفرد به ابن لهيعة، وهو: ضعيف [أخرجه الدارقطني في السنن (1/ 351)، وفي الأفراد (1/ 55/ 116 - أطرافه)، والحاكم (1/ 266)][قال الدارقطني في السنن: "هذا إسناد حسن، وابن لهيعة: ليس بالقوي"، وقال في العلل (2/ 82/ 125): "ولا نعلم رفعه عن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم غيره؛ [يعني: ابن لهيعة]، والمحفوظ: ما رواه عروة، عن عبد الرحمن بن عبدٍ القاري؛ أن عمر كان يعلم الناس التشهد، من قوله، غير مرفوع"، وقال ابن رجب في الفتح (5/ 181): "وقد روي عن عمر مرفوعًا من وجوه لا تثبت"].
ولابن لهيعة فيه إسناد آخر، ولعل التبعة فيه على من رواه عنه [أخرجه الطبراني في الأوسط (1/ 76/ 218)].
2 -
عن عائشة، وله طرق:
أ- رواه مالك، وعبيد الله بن عمر العمري:
عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه، عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، أنها كانت تقول إذا تشهدت: التحيات الطيبات، الصلوات الزاكيات لله، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدًا عبده ورسوله، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، السلام عليكم. لفظ مالك.
وأما عبيد الله بن عمر؛ فإنه قدَّم الصلوات على الطيبات، وقدَّم التسليم على الشهادة، ولم يقل: وحده لا شريك له [عند: أبي بكر الشافعي في الغيلانيات، بإسناد صحيح غريب إلى عبيد الله].
أخرجه مالك في الموطأ (1/ 145/ 242)، وأبو بكر الشافعي في فوائده "الغيلانيات"(1016 و 1017)، والبيهقي (2/ 144).
قال ابن حجر في نتائج الأفكار (2/ 181): "هذا موقوف صحيح"، وهو كما قال.
• وخالفهما: ابن إسحاق، قال: وحدثني عبد الرحمن بن القاسم بن محمَّد بن أبي بكر، عن أبيه، عن عائشة، قالت: كان يقول في التشهد في الصلاة في وسطها وفي آخرها قولًا واحدًا: "بسم الله، التحيات لله، الصلوات لله، الزاكيات لله، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين"، ويعد لنا بيده عدد العرب.
أخرجه البيهقي (2/ 142)، بإسناد جيد إلى ابن إسحاق.
قال البيهقي: "وكذلك الرواية الصحيحة عن عبد الرحمن بن القاسم ويحيى بن سعيد عن القاسم عن عائشة ليس فيها ذكر التسمية؛ إلا ما تفرد بها محمَّد بن إسحاق بن يسار".
قلت: المحفوظ: ما رواه مالك وعبيد الله العمري موقوفًا على عائشة، بدون التسمية.
ب- ورواه مالك، ويزيد بن عبد الله بن الهاد، وحماد بن زيد، وابن جريج [وهم ثقات حفاظ]، وعائذ بن حبيب [صدوق]:
عن يحيى بن سعيد الأنصاري، عن القاسم بن محمَّد أنه أخبره؛ أن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم كانت تقول إذا تشهدت: التحيات الطيبات، الصلوات الزاكيات لله، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبد الله ورسوله، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، السلام عليكم. لفظ مالك.
وأحال الطحاوي لفظ ابن الهاد على تشهد عمر، وقال في أوله: كانت عائشة رضي الله عنها تعلمنا التشهد وتشير بيدها، ثم ذكر مثله.
ولفظ حماد بن زيد: كانت عائشة تعلمنا التشهد، وتعقدهن بيدها: التحيات الصلوات، الطيبات الزاكيات لله، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.
وأما لفظ ابن جريج، وعائذ: رأيت عائشة تعدُّ بيدها، تقول: التحيات الطيبات، الصلوات الزاكيات لله، السلام على النبي ورحمة الله [زاد ابن جريج في رواية: وبركاته]، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، قال: ثم يدعو لنفسه بما بدا له.
أخرجه مالك في الموطأ (1/ 243/145)، وابن أبي شيبة (1/ 2993/261)، والطحاوي (1/ 262)، وأبو بكر الشافعي في فوائده "الغيلانيات"(1014 و 1015)، وأبو طاهر المخلص في الثالث من فوائده بانتقاء ابن أبي الفوارس (84)(450 - المخلصيات)، وفي الحادي عشر من فوائده بانتقاء ابن أبي الفوارس (16)(2521 - المخلصيات)، والبيهقي في السنن (2/ 144)، وفي المعرفة (2/ 35/ 892 و 893).
هكذا قدم حماد بن زيد وابن جريج وعائذ بن حبيب في روايتهم: التسليم على الشهادة كالجادة، وهو ظاهر رواية ابن الهاد، وذلك خلافًا لمالك، حيث قدم الشهادة على السلام.
قال ابن حجر في نتائج الأفكار (2/ 180): "هذا موقوف صحيح"، وهو كما قال.
• هكذا رواه عبد الرحمن بن القاسم [ثقة جليل]، ويحيى بن سعيد الأنصاري [ثقة ثبت]، عن القاسم عن عائشة موقوفًا عليها، وهو المحفوظ، وخالفهما فوهم في رفعه:
محمَّد بن صالح بن دينار التمار [صدوق، وفي الإسناد إليه من تُكُلِّم فيه]، قال: علمني القاسم بن محمَّد، قال: علمتني عائشة، قالت: هذا ما تشهد رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"التحيات لله والطيبات، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا رسول الله". قال صالح: قال أبي: قلت للقاسم: بسم الله؟ قال: بسم الله على كل حال.
أخرجه البخاري في التاريخ الكبير (1/ 117)، وأبو بكر الشافعي في فوائده "الغيلانيات"(1018)، والبيهقي (2/ 144 - 145).
وانظر: المتفق والمفترق (2/ 1197/ 747).
قال البخاري: "وقال عبد الرحمن بن القاسم ويحيى بن سعيد عن القاسم عن عائشة قولها"؛ يعني: مرجحًا إياه على قول التمار.
وقال الدارقطني في العلل (14/ 240/ 3592): "وخالفه: يحيى بن سعيد الأنصاري، وعبد الرحمن بن القاسم، فروياه عن القاسم عن عائشة موقوفًا، وهو الصواب".
وقال البيهقي: "والصحيح موقوف"[وانظر: نتائج الأفكار (2/ 174)].
• قلت: والحاصل؛ فإن تشهد عائشة موقوف عليها، وقد صح عنها بزيادة: وحده لا شريك له، وبدونها، وبتقديم التسليم على الشهادة، وبتأخيره، والعمل على التشهد المرفوع من حديث: ابن مسعود، وأبي موسى، وابن عباس، وكذلك تشهد عمر؛ فإن له حكم الرفع، والله أعلم.
وعلى هذا: فالأولى عدم الإتيان بزيادة: "وحده لا شريك له"، لكونها لم تثبت في حديث مرفوع، والله أعلم.
3 -
عن أبي سعيد الخدري:
رواه ابن علية [ثقة ثبت]، وبشر بن المفضل [ثقة ثبت، ولا يصح الإسناد إليه]، وأبو شهاب الحناط عبد ربه بن نافع [ثقة]:
عن خالد الحذاء، عن أبي المتوكل، قال: سألنا أبا سعيد عن التشهد؟ فقال: "التحيات الصلوات الطيبات لله، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله".
فقال أبو سعيد: كنا لا نكتب شيئًا إلا القرآن والتشهد.
أخرجه ابن أبي شيبة (1/ 260/ 2991)، والخطيب في تقييد العلم (93).
وهذا إسناد صحيح، رجاله رجال الشيخين، وظاهره الوقف؛ إلا أن قول أبي المتوكل: سألنا أبا سعيد عن التشهد؟ يدل على رفعه؛ فهم إنما سألوا عن التشهد الذي علمهم النبي صلى الله عليه وسلم إياه، فهو حديث صحيح، وسيأتي تحرير الكلام عن شذوذ كتابة ما سوى القرآن في موضعه من السنن برقم (3648)، إن شاء الله تعالى.
• وقد جاء عن أبي المتوكل من وجه آخر مرفوعًا:
فقد روى الطحاوي (1/ 264) بإسناد لا بأس به؛ إلى حميد الطويل، عن أبي المتوكل، عن أبي سعيد الخدري، قال: كنا نتعلم التشهد كما نتعلم السورة من القرآن، ثم ذكر مثل تشهد ابن مسعود رضي الله عنه سواء.
4 -
عن معاوية بن أبي سفيان:
رواه إبراهيم بن العلاء الحمصي [ثقة]: ثنا إسماعيل بن عياش [حديثه عن أهل الشام مستقيم، وهذا منه]، عن حريز بن عثمان [حمصي، ثقة ثبت]، عن راشد بن سعد المقرائي [تابعي، ثقة، كثير الإرسال]، عن معاوية بن أبي سفيان؛ أنه كان يعلم الناس التشهد وهو على المنبر، عن النبي صلى الله عليه وسلم:"التحيات لله، والصلوات والطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله". [هكذا بتشهد ابن مسعود].
أخرجه الطبراني في الكبير (19/ 379/ 891)، وفي مسند الشاميين (2/ 135/ 1059).
وهذا إسناد شامي صحيح، وراشد بن سعد سمع من معاوية [أثبته له الطحاوي في المشكل (7/ 174)، وقال صفوان بن عمرو: "ذهبت عين راشد يوم صفين"، وقال ابن عساكر في تاريخه (17/ 450): "وشهد مع معاوية صفين". التاريخ الكبير (3/ 292)، سؤالات الآجري (1547)، المعرفة والتاريخ (2/ 385)، إكمال مغلطاي (4/ 306)، السير (4/ 490)، التهذيب (1/ 583)].
5 -
عن جابر بن عبد الله:
رواه أيمن بن نابل، قال: حدثني أبو الزبير، عن جابر قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا التشهد كما يعلمنا السورة من القرآن: "بسم الله وبالله، التحيات لله والصلوات والطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، أسأل الله الجنة وأعوذ بالله من النار".
أخرجه مسلم في التمييز (58)، والترمذي في العلل الكبير (105)، والنسائي في المجتبى (2/ 243/ 1175) و (3/ 43/ 1281)، وفي الكبرى (1/ 380/ 765) و (2/ 70/ 1205)، وابن ماجه (902)، والحاكم (1/ 267)، وأحمد (5/ 363)[وأبهم فيه اسم الصحابي]، والطيالسي (3/ 302/ 1847)، وابن أبي شيبة (1/ 260/ 2989) و (1/ 262/ 3011)، وأبو سعيد الأشج في جزء من حديثه (105)، وأبو يعلى (4/ 163/ 2232)، والطحاوي (1/ 264)، وأبو إسحاق إبراهيم بن عبد الصمد الهاشمي في الأول من أماليه (103)، وابن عدي في الكامل (1/ 433 و 434)، والدارقطني في العلل (13/ 343/ 3222)، وأبو سعيد النقاش في فوائد العراقيين (65)، وأبو نعيم في الحلية (6/ 284)، والبيهقي في السنن (2/ 141 و 142)، وفي المعرفة (2/ 32/ 887)، وفي الدعوات (89)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (10/ 50).
هكذا رواه عن أيمن بن نابل: أبو داود الطيالسي، ومعتمر بن سليمان، وأبو عامر العقدي عبد الملك بن عمرو، وأبو خالد الأحمر سليمان بن حيان، وروح بن عبادة [وهم ثقات]، ووكيع بن الجراح [ثقة حافظ، وأبهم فيه اسم الصحابي]، وأبو عاصم النبيل
الضحاك بن مخلد [ثقة ثبت، رواه عنه: عمرو بن علي الفلاس [ثقة حافظ إمام]، وأبو مسلم الكجي إبراهيم بن عبد الله بن مسلم [ثقة]، وأبو قلابة عبد الملك بن محمد بن عبد الله الرقاشي البصري [صدوق]، ومحمد بن بكر البرساني [صدوق]، وبكر بن بكار [ضعيف].
• هكذا رواه أيمن بن نابل [وهو صدوق يهِم]، فخالف في إسناده ومتنه من هو أحفظ وأضبط وأكثر عددًا منه:
فقد رواه الليث بن سعد [ثقة ثبت، فقيه إمام]، عن أبي الزبير، عن سعيد بن جبير، وطاوس، عن ابن عباس مرفوعًا.
ورواه يحيى بن آدم [ثقة حافظ]: حدثنا عبد الرحمن بن حميد [ثقة]: حدثني أبو الزبير، عن طاوس، عن ابن عباس مرفوعًا.
فلم يذكرا فيه هاتين الزيادتين في أوله وفي آخره، فضلًا عن سلوكه فيه الجادة والطريق السهل: أبو الزبير عن جابر.
أخرجهما مسلم في الصحيح (403/ 60 و 61)، وتقدم تخريجهما برقم (974).
وعليه: فإن حديث أيمن هذا: حديث منكر، اتفق الحفاظ على تضعيفه، ولا عبرة بتصحيح الحاكم له.
• قال مسلم في التمييز: "هذه الرواية من التشهد: غير ثابت الإسناد والمتن جميعًا. والثابت: ما رواه الليث وعبد الرحمن بن حميد فتابع فيه في بعضه
فقد اتفق الليث وعبد الرحمن بن حميد الرؤاسي عن أبي الزبير عن طاووس، وروى الليث فقال: عن سعيد بن جبير عن ابن عباس، وكل واحد من هذين عند أهل الحديث أثبت في الرواية من أيمن، ولم يذكر الليث في روايته حين وصف التشهد: بسم الله وبالله، فلما بان الوهم في حفظ أيمن لإسناد الحديث بخلاف الليث وعبد الرحمن إياه؛ دخل الوهم أيضًا في زيادته في المتن، فلا يثبت ما زاد فيه، وقد روي التشهد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من أوجهٍ عدةٍ صحاح، فلم يذكر في شيء منه بما روى أيمن في روايته قوله:"بسم الله وبالله"، ولا ما زاد في آخره من قوله:"أسأل الله الجنة وأعوذ بالله من النار".
والزيادة في الأخبار لا تلزم إلا عن الحفاظ الذين لم يكثر عليهم الوهم في حفظهم" [التمييز (ص 92 - ط. ابن حزم)، شرح علل الترمذي (2/ 642)].
وقال الترمذي في الجامع (290): "حديث ابن عباس: حديث حسن صحيح غريب.
وقد روى عبد الرحمن بن حميد الرؤاسي هذا الحديث، عن أبي الزبير نحو حديث الليث بن سعد.
وروى أيمن بن نابل المكي هذا الحديث، عن أبي الزبير، عن جابر؛ وهو غير محفوظ".
وقال في العلل: "سألت محمدًا [يعني: البخاري] عن هذا الحديث؟ فقال: هو غير محفوظ، هكذا يقول أيمن بن نابل عن أبي الزبير عن جابر، وهو خطأ.
والصحيح: ما رواه الليث بن سعد، عن أبي الزبير، عن سعيد بن جبير وطاوس، عن ابن عباس.
وهكذا رواه عبد الرحمن بن حميد الرواسي عن أبي الزبير مثل رواية الليث بن سعد".
وقال النسائي في الصغرى: "لا نعلم أحدًا تابع أيمن بن نابل على هذه الرواية [وخالفه: الليث بن سعد في إسناده]، وأيمن عندنا: لا بأس به، والحديث خطأ، وبالله التوفيق"[وما بين المعكوفين من التحفة (2/ 369/ 2665 - ط. الغرب)، والبدر المنير (4/ 29)].
وقال حمزة بن محمد الحافظ: "قوله: عن جابر: خطأ، والصواب: أبو الزبير، عن سعيد بن جبير وطاوس، عن ابن عباس"، قال:"ولا أعلم أحدًا قال في التشهد: "باسم الله وبالله" إلا أيمن بن نابل، عن أبي الزبير"[البدر المنير (4/ 29)].
وقال ابن المنذر في الأوسط (3/ 211): "ليس في شيء من الأخبار الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر التسمية قبل التشهد، وما أعلم ذكر ذلك إلا في حديث أيمن عن أبي الزبير عن جابر. ويقال: إن أيمن غلط فيه، ولم يوافق عليه، فهو غير ثابت من جهة النقل.
وكل من لقيناه من أهل العلم يرون أن يبدأ بالتشهد على ما جاءت به الأخبار الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. وفي حديث أبي موسى دليل على صحة هذا القول، وقد ذكرته في هذا الكتاب، وهذا قول أهل المدينة، وأهل الكوفة، والشافعي وأصحابه، ولو سمى الله من أراد التشهد لم يكن عليه شيء، والله أعلم".
وقال الدارقطني في أيمن بن نابل: "ليس بالقوي، خالف الناس، ولو لم يكن إلا حديث التشهد"[التهذيب (1/ 198)].
ولذا قال فيه ابن حبان: "كان يخطئ، ويتفرد بما لا يتابع عليه"[التهذيب (1/ 198)].
وقال الدارقطني بعد أن ذكر الاختلاف فيه على أبي الزبير: "وحديث ابن عباس: أشبه بالصواب من حديث جابرًا. [العلل (13/ 342/ 3222)].
وقال البيهقي: "تفرد به أيمن بن نابل عن أبي الزبير عن جابر".
وقال الشيرازي في المهذب (3/ 418 - المجموع): "وذكر التسمية غير صحيح عند أصحاب الحديث".
وقال النووي في المجموع (3/ 420): "وأما حديث جابر الذي في أوله: "باسم الله وبالله" فرواه النسائي وابن ماجه والبيهقي وغيرهم، ولكنه ضعيف عند أهل الحديث،
…
، وممن ضعفه البخاري والنسائي، وروى التسميةَ البيهقيُّ من طرقٍ وضعَّفها، ونقل تضعيفه عن البخاري، وذكر الحاكم أبو عبد الله في المستدرك أن حديث جابر صحيح، ولا يُقبَل ذلك منه، فإن الذين ضعفوه أجلُّ من الحاكم وأتقن".
وقال في الخلاصة (1411): "قال الحفاظ: هو ضعيف، وممن ضعفه: البخاري، والترمذي، والنسائي، والبيهقي وآخرون.
قال الترمذي: سألت البخاري عنه فقال: هو خطأ.
ورواه البيهقي من رواية جماعة من الصحابة وضعفها كلها، وإنما صح عن ابن عمر موقوفًا عليه.
وأما قول الحاكم في المستدرك: إن حديث جابر صحيح؛ فمردود عليه، فالذين ضعفوه أجلُّ منه وأتقن".
وقال ابن الملقن في البدر المنير (4/ 28): "نصَّ غيرُ واحد من الحفاظ على ضعفه".
وقال ابن حجر في الفتح (2/ 316): "وفي الجملة: لم تصح هذه الزيادة،
…
، ويدل على عدم اعتبارها أنه ثبت في حديث أبي موسى المرفوع في التشهد وغيره:"فإذا قعد أحدكم فليكن أول قوله: التحيات لله" الحديث،
…
، وقد أنكر ابن مسعود وابن عباس وغيرهما على من زادها".
وقال ابن حجر في نتائج الأفكار (2/ 191) معلقًا على تصحيح الحاكم: "وهذا هو الذي يجري على طريقة الفقهاء إذا كان الكل ثقات؛ لاحتمال أن يكون عند أبي الزبير على الوجهين، ولا سيما مع اختلاف السياقين، وقبولهم زيادة الثقة مطلقًا".
وانظر أيضًا: الأحكام الوسطى (1/ 409).
هكذا خالفهم الحاكم، فقال مصححًا له في الشواهد:"أيمن بن نابل: ثقة، قد احتج به البخاري"، وقد علمت كلام البخاري آنفًا! فكيف يكون على شرطه؟، كما أنه لم يحتج به، وإنما أخرج له متابعة واحدة في الحج [انظر: صحيح البخاري (1518)]، ثم أتبعه الحاكم بنقل توثيق ابن معين له من رواية الدارمي عنه، فراجع كلامه هناك.
• فإن قيل: قد توبع عليه ابن نابل، ولم ينفرد به:
فيقال: هي متابعة واهية لا تسوي شيئًا، ويبدو أن صاحبها قد سرق الحديث:
أ- فقد رواه حميد بن الربيع: ثنا أبو عاصم: ثنا ابن جريج، عن أبي الزبير، عن جابر، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا التشهد كما يعلمنا السورة من القرآن: "التحيات لله"
…
فذكره.
ثم رواه حميد أيضًا، فقال: ثنا أبو عاصم: ثنا سفيان الثوري، عن أبي الزبير، عن جابر، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
أخرجه ابن عدي في الكامل (2/ 281)، والدارقطني في العلل (13/ 343/ 3222).
قال ابن عدي: "وهذا الحديث عن ابن جريج والثوري عن أبي الزبير: باطلان؛ ليس يرويهما عن أبي عاصم غير حميد بن الربيع، وإنما يروي أبو عاصم هذا الحديث عن أيمن بن نابل عن أبي الزبير عن جابر".
وقال الدارقطني بعد أن ذكر الاختلاف فيه على أبي الزبير: "وحديث ابن عباس: أشبه بالصواب من حديث جابر". [العلل (13/ 342/ 3222)].
وحميد بن الربيع هذا، هو: ابن حميد بن مالك بن سحيم، أبو الحسن اللخمي الخزاز الكوفي: ذاهب الحديث، وقد اختلف فيه، منهم من حسن القول فيه، مثل: أحمد بن حنبل، والدارقطني، ومنهم من وهاه، وهم الأكثر، مثل: ابن معين، قال:"كذاب خبيث، غير ثقة ولا مأمون"، والنسائي، قال:"ليس بشيء"، وابن عدي، قال:"يسرق الحديث ويرفع الموقوف"، والجرح المفسر مقدم على التعديل، لزيادة علم بحال المجروح لم يقف عليه المعدل [انظر: تاريخ بغداد (8/ 162)، الميزان (1/ 611)، اللسان (3/ 297)].
فهو حديث باطل؛ كما قال ابن عدي، فقد رواه عن أبي عاصم، عن أيمن بن نابل، عن أبي الزبير عن جابر: عمرو بن علي الفلاس [ثقة حافظ إمام]، وأبو مسلم الكجي إبراهيم بن عبد الله بن مسلم [ثقة]، وأبو قلابة عبد الملك بن محمد بن عبد الله الرقاشي البصري [صدوق].
ب- ورواه عبد الله بن قحطبة الصِّلحي: ثنا محمد بن عبد الأعلى [الصنعاني: ثقة]: ثنا المعتمر بن سليمان: ثنا أبي، عن أبي الزبير، عن جابر، عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه.
أخرجه الحاكم (1/ 267).
قال الحاكم: "سمعت أبا علي الحافظ يوثق ابن قحطبة؛ إلا أنه أخطأ فيه، فإنه عند المعتمر عن أيمن بن نابل كما تقدم ذكرنا له، وصلى الله على محمد وآله أجمعين".
قلت: هو باطل بهذا الإسناد، والمعروف ما تقدم من حديث أيمن بن نابل، والتبعة فيه على ابن قحطبة، وهو: شيخ لابن حبان، اسمه: عبد الله بن محمد بن قحطبة بن مرزوق الصِّلحي، نسبة إلى فم الصِّلح -بكسر الصاد-؛ بلدة على دجلة بأعلى واسط [الأنساب (3/ 550)، معجم البلدان (4/ 276)]، وهو شيخ لابن حبان أكثر عنه في كتبه [الصحيح، الثقات، المجروحين] ولم أر من تكلم فيه بجرح أو تعديل سوى هذا الموضع عند الحاكم؛ فالوهم فيه منه، والله أعلم.
وانظر أيضًا: أطراف الغرائب والأفراد (1/ 331/ 1800).
• وفي الباب أيضًا، ولا يصح:
6 -
عن أبي بكر الصديق [عند: الترمذي في العلل الكبير (103)، وابن أبي شيبة (1/ 260/ 2990)، والطحاوي في شرح المعاني (1/ 264)، وفي المشكل (9/ 413/ 3803)، والدارقطني في العلل (13/ 198/ 3089)][وفي إسناده: زيد بن الحواري العمي، وهو: ضعيف].
7 -
عن علي بن أبي طالب [عند: ابن أبي شيبة (1/ 263/ 3013)، والجوزجاني في أحوال الرجال (42)، وابن المنذر في الأوسط (3/ 210/ 1523)، والبيهقي في السنن (2/ 143)، وفي المعرفة (2/ 34/ 891)] [وفي إسناده: الحارث الأعور، وهو: ضعيف، وأبو إسحاق لم يسمع منه سوى أربعة أحاديث، قال الجوزجاني: "وقد روى عن علي تشهدًا
خالف فيه الأمة" فذكره، ثم قال: "والتشهد عن ابن مسعود وأبي موسى وابن عباس كأنهم تكلموا بلسان واحد عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ محفوظ مشهور"، وضعفه البيهقي بالحارث].
8 -
عن الحسين بن علي [عند: الطبراني في الكبير (3/ 134/ 2905)، وفي الأوسط (3/ 200/ 2917)][وهو حديث منكر، وأظن الحمل فيه على أبي مالك عمرو بن هاشم الجنبي، وهو لين الحديث، ولم أميز البهزي راويه عن الحسين، ولا عبد الله بن عطاء راويه عن البهزي، ونكارة المتن في تفرده بقوله: التحيات لله، والصلوات، والطيبات، والغاديات، والرائحات، والزاكيات، والناعمات، السابغات، الطاهرات لله].
9 -
عن عبد الله بن الزبير [عند: البزار (6/ 188/ 2229)، والطحاوي (1/ 265)، والطبراني في الكبير (14/ 265/ 14906)، وفي الأوسط (3/ 270/ 3116)، والخطيب في الموضح (1/ 194)][وهو حديث منكر، فيه زيادة منكرة، وهي قوله في الشهادة: وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله أرسله بالحق بشيرًا ونذيرًا وأن الساعة آتية لا ريب، تفرد به ابن لهيعة، وهو: ضعيف، واختلف في إسناده، وراويه عن ابن الزبير قيل: أبو أسلم المؤذن، وقيل: أبو الورد؛ ولا يُعرف. مسند البزار (2229)، مغاني الأخيار (3/ 1127)].
10 -
عن سلمان الفارسي [عند: البزار (6/ 497/ 2535)، والطبراني في الكبير (6/ 264/ 6171)][وهو حديث باطل، إسناده مسلسل بالمتروكين].
11 -
عن أبي حميد الساعدي [عند: الطبراني في الكبير (4/ 37 - البدر المنير)][وفي إسناده الواقدي، وهو متروك].
12 -
عن معاذ بن جبل [عند: أبي طاهر المخلص في العاشر من فوائده بانتقاء ابن أبي الفوارس (227) (2382 - المخلصيات)][وهو حديث موضوع؛ في إسناده الخصيب بن جحدر، وهو: كذاب. اللسان (3/ 360)، والراوي عنه: محبوب بن الحسن، هو: محمد بن الحسن بن هلال بن أبي زينب، لقبه: محبوب، وهو: ليس به بأس، لينه أبو حاتم، وضعفه النسائي. التهذيب (3/ 542)، الميزان (3/ 514)].
• وأختم هذا الباب بذكر بعض أقوال الأئمة في فوائد تتعلق بأحاديث الباب:
قال الترمذي: "حديث ابن مسعود قد روي عنه من غير وجه، وهو أصح حديث ووي عن النبي صلى الله عليه وسلم في التشهد.
والعمل عليه عند أكثر أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، ومن بعدهم من التابعين، وهو قول سفيان الثوري، وابن المبارك، وأحمد، وإسحاق".
وقال محمد بن الحسن: "قد اختلف الناس في التشهد، وليس في التشهد شيء أوثق من حديث عبد الله بن مسعود؛ لأنه رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم وكان يكره أن يزيد فيه حرفًا، أو ينقص منه حرفًا، وكان يعلمهم التشهد كما يعلمهم السورة من القرآن"[الحجة على أهل المدينة (1/ 130)].
وقال الطحاوي بعد حديث عمر وابنه وعائشة (1/ 262): "فذهب قوم إلى هذه
الأحاديث، وقالوا: هكذا التشهد في الصلاة؛ لأن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قد علم ذلك الناس على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بحضرة المهاجرين والأنصار، فلم ينكر ذلك عليه منهم منكر.
وخالفهم في ذلك آخرون، فقالوا: لو وجب ما ذكرتموه عند أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إذًا لما خالف أحد منهم عمر رضي الله عنه في ذلك، فقد خالفوه فيه، وعملوا بخلافه، وروى أكثرهم ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فممن خالفه في ذلك عبد الله بن مسعود رضي الله عنه"، ثم ذكر أحاديث ابن مسعود وابن عباس وابن الزبير وابن عمر وأبي سعيد وجابر وأبي موسى.
• وبتشهد ابن مسعود: أخذ سفيان الثوري، وابن المبارك، وأحمد بن حنبل [مسائل ابنه عبد الله (297)، مسائل أبي داود (245)، مسائل ابن هانئ (392)]، وإسحاق بن راهويه، وأبو ثور، ومحمد بن يحيى الذهلي، وأبو حنيفة وأصحابه، وابن المنذر [الأوسط (3/ 209)]، وداود الظاهري، وابن حزم، وغيرهم.
وقد روي عن بريدة بن الحصيب أنه فضل تشهد ابن مسعود لكونه مرفوعًا [عند: الطبراني في الكبير (10/ 39/ 9883)][وفي إسناده لين].
وسئل البزار عن أصح حديث في التشهد فقال: "هو عندي والله حديث ابن مسعود، روي عنه من نيف وعشرين طريقًا"، ثم عددهم، وقال:"ولا أعلم أنه يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم في التشهد أثبت من حديث عبد الله، ولا أصح أسانيد، ولا أشهر رجالًا، ولا أشد تضافرًا بكثرة الأسانيد، واختلاف طرقها، وإليه أذهب، وربما زدت"[البدر المنير (4/ 38)، الفتح لابن حجر (2/ 315)].
• وبتشهد عمر: أخذ الزهري ومالك ومعمر وعبد الرزاق.
• وبتشهد ابن عباس: أخذ طاووس وعطاء والليث والشافعي.
قال ابن المنذر في الأوسط (3/ 207): "وقد اختلف فقهاء الأمصار في القول بهذه الأخبار، فكان سفيان الثوري، وأحمد بن حنبل، وإسحاق، وأبو ثور، وأصحاب الرأي، وكثير من أهل العلم من أهل المشرق وغيرهم، يقولون بالتشهد الذي بدأنا بذكره عن عبد الله بن مسعود.
وكان مالك بن أنس، ومن تبعه من أهل المدينة، يقولون بالتشهد الذي رويناه عن عمر بن الخطاب،
وكان الشافعي يقول بالخبر الذي رواه الليث بن سعد، عن أبي الزبير، عن سعيد بن جبير وطاوس، عن ابن عباس".
وقال البيهقي في السنن (2/ 146) بعد أن ساق كلام الشافعي في الأخذ بتشهد ابن عباس: "والثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك: حديث عبد الله بن مسعود، وعبد الله بن عباس، وأبي موسى الأشعري".
قال ابن قدامة في المغني (1/ 314) عن تشهد ابن مسعود: "هذا التشهد هو المختار
عن إمامنا، وعليه أكثر أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، ومن بعدهم من التابعين، قاله الترمذي، وبه يقول الثوري، وإسحاق، وأبو ثور، وأصحاب الرأي، وكثير من أهل المشرق.
وقال مالك: أفضل التشهد تشهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه:
…
؛ لأن عمر قاله على المنبر بمحضر من الصحابة وغيرهم؛ فلم ينكروه، فكان إجماعًا.
وقال الشافعي: أفضل التشهد ما روى ابن عباس، ....
ولنا ما روى عبد الله بن مسعود، قال: علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم التشهد كفي بين كفيه كما يعلمني السورة من القرآن:
قال الترمذي: حديث ابن مسعود قد روي من غير وجه، وهو أصح حديث روي عن النبي صلى الله عليه وسلم في التشهد، وقد رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم: ابن عمر وجابر وأبو موسى وعائشة، وعليه أكثر أهل العلم فتعين الأخذ به وتقديمه.
فأما حديث عمر فلم يروه عن النبي صلى الله عليه وسلم، إنما هو من قوله، وأكثر أهل العلم على خلافه، فكيف يكون إجماعًا، على أنه ليس الخلاف في إجزائه في الصلاة، إنما الخلاف في الأولى والأحسن، والأحسن تشهد النبي صلى الله عليه وسلم الذي علمه أصحابه وأخذوا به، وأما حديث ابن عباس فانفرد به، واختلف عنه في بعض ألفاظه،
ثم رواية ابن مسعود أصح إسنادًا، وأكثر رواةً، وقد اتفق على روايته جماعة من الصحابة، فيكون أولى، ثم هو متضمن للزيادة، وفيه العطف بواو العطف، وهو أشهر من كلام العرب، وفيه السلام بالألف واللام، وهما للاستغراق.
وقال عبد الرحمن بن الأسود عن أبيه، قال: حدثنا عبد الله بن مسعود؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم علمه التشهد في الصلاة، قال: وكنا نتحفظه عن عبد الله كما نتحفظ حروف القرآن، الواو والألف، وهذا يدل على ضبطه، فكان أولى.
فصل: وبأي تشهُّدٍ تشهَّدَ مما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم جاز، نص عليه أحمد، فقال: تشهد عبد الله أعجب إليَّ، وإن تشهد بغيره فهو جائز؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كما علمه الصحابة مختلفًا دل على جواز الجميع، كالقراءات المختلفة التي اشتمل عليها المصحف".
وزاد ابن دقيق العيد مسألة التفضيل بالعطف إيضاحًا، فقال في إحكام الأحكام (2/ 69):"واو العطف تقتضي المغايرة بين المعطوف والمعطوف عليه، فتكون كل جملة ثناءً مستقلًا، وإذا أسقطت واو العطف كان ما عدا اللفظ الأول صفة له، فيكون جملة واحدة في الثناء، والأول أبلغ، فكان أولى".
• وقيل في سبب اختيار الشافعي لتشهد ابن عباس: لأن إسناده حجازي، وإسناد تشهد ابن مسعود كوفي، وهو يقدِّم حديث أهل الحجاز على حديث أهل الكوفة، ولأن تشهد ابن عباس زاد: المباركات، ولأنه أقرب إلى لفظ القرآن، قال الله تعالى:{تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً} [النور: 61]، ولأن ابن عباس كان حدثًا، فيكون متأخرًا عن