الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقال شيخ الإِسلام ابن تيمية: "وأما الالتفات لغير حاجة فهو ينقص الخشوع ولا ينافيه، فلهذا كان ينقص الصلاة،
…
، وأما لحاجة فلا بأس به" [مجموع الفتاوى (22/ 559)].
وقال ابن رجب في الفتح (4/ 400): "وقوله: "هو اختلاس يختلسه الشيطان من صلاة العبد"؛ يعني: أن الشيطان يسترق من العبد في صلاته التفاته فيها، ويختطفه منه اختطافًا حتى يدخل عليه.
والالتفات نوعان: أحدهما: التفات القلب إلى غير الصلاة ومتعلقاتها، وهذا يخل بالخشوع فيها،
…
، والثاني: التفات الوجه بالنظر إلى غير ما فيه مصلحة الصلاة، والكلام ها هنا في ذلك"، ثم حكى في ذلك مذاهب الأئمة، إلى أن قال: "قال ابن منصور: قلت لأحمد: إذا التفتَ في الصلاة يعيد الصلاة؟ قال: أساء، ولا أعلم أني سمعت فيه حديثًا أنه يعيد، قال إسحاق: كما قال.
وقال أصحابنا: الالتفات الذي لا يبطل أن يلوي عنقه، فأما إن استدار بصدره بطلت صلاته؛ لأنه ترك استقبال القبلة بمعظم بدنه، بخلاف ما إذا استدار بوجهه، فإن معظم بدنه مستقبل للقبلة".
وقال في حديث الأنبجانية (2/ 201): "وفي الحديث دليل على أن نظر المصلي إلى ما يلهيه عن صلاته لا يفسد صلاته، ولا يلزمه إعادتها إذا كان ذلك قليلًا، ولهذا قالت عائشة: فنظر إلى أعلامها نظرة،
…
".
***
169 - باب العمل في الصلاة
917 -
. . . مالك، عن عامر بن عبد الله بن الزبير، عن عمرو بن سليم، عن أبي قتادة؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي وهو حاملٌ أمامةَ بنتَ زينبَ بنتِ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإذا سجد وضعها، وإذا قام حملها.
• حديث متفق على صحته.
أخرجه مالك في الموطأ (1/ 240/ 471 - رواية يحيى الليثي)(566 - رواية أبي مصعب الزهري)(324 - رواية القعنبي)(398 - رواية ابن القاسم بتلخيص القابسي)(183 - رواية الحدثاني)(288 - رواية الشيباني).
ومن طريقه: البخاري (516)، ومسلم (543/ 41)، وأبو عوانة (1/ 468/ 1734 و 1735)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (2/ 142/ 1193)، والنسائي في المجتبى (3/ 10/ 1204)، وفي الكبرى (1/ 283/ 526) و (2/ 39/ 1128)، والدارمي (1/ 364/ 1360)، وابن خزيمة (4/ 151/ 4080 - إتحاف المهرة)، وابن حبان (3/ 393/ 1109)، وأحمد (5/ 295 - 296 و 303)، والشافعي في الأم (1/ 89)، وفي السنن (21)، وفي
المسند (21 و 50)، وعبد الرزاق (2/ 2378/33)، وابن سعد في الطبقات (8/ 40 و 232)، وابن أبي الدنيا في العيال (226)، وأبو العباس السراج في حديثه بانتقاء الشحامي (1016 و 1018)، وابن المنذر في الأوسط (1/ 130/ 16) و (2/ 743/175) و (5/ 64/ 2396)، والطحاوي في المشكل (15/ 163/ 5921)، وفي أحكام القرآن (94)، والطبراني في الكبير (22/ 438/ 1067)، وأبو أحمد الحاكم في عوالي مالك (139)، والجوهري في مسند الموطأ (610)، وأبو نعيم في معرفة الصحابة (6/ 3268/ 7526)، والبيهقي في السنن (2/ 262 و 311 و 411)، وفي المعرفة (2/ 113/ 1038) و (2/ 233/ 1241)، والخطيب في المبهمات (27)، والبغوي في شرح السنة (3/ 263 و 264/ 741 و 742)، و قال:"هذا حديث متفق على صحته".
تنبيه: وقع في نسب أمامة لأبيها في رواية يحيى الليثي، وعبد الله بن يوسف التنيسي، وعبد الله بن مسلمة القعنبي، وعبد الله بن وهب: ولأبي العاص بن ربيعة بن عبد شمس.
وفي رواية الشافعي، ويحيى بن يحيى النيسابوري، ومعن بن عيسى، وأبي مصعب، وابن القاسم، ويحيى بن بكير، والحدثاني، والشيباني: و [هي] لأبي العاص بن الربيع بن عبد شمس، ولم يذكر بعضهم: عبد شمس.
وهذه الرواية هي الصواب، وهي الموافقة لنسب أبي العاص في كتب الأنساب وغيرها؛ إلا أنه نسبه لجده الأعلى، وهو: أبو العاص بن الربيع بن عبد العزى بن عبد شمس بن عبد مناف، أمه هالة أخت خديجة بنت خويلد [انظر مثلًا: تاريخ أبي زرعة الدمشقي (1/ 641/ 1876)، المنتخب من ذيل المذيل (6)، الذرية الطاهرة (45)، معرفة الصحابة (5/ 2417)، الاستيعاب (3/ 1339)، تاريخ الإِسلام (2/ 358)، وغيرها].
وممن رواه عن مالك مَن لم يذكر نسب أمامة، أو لم يذكر نسبتها لأبيها، أو قال: لأبي العاص ولم ينسبه، مثل: قتيبة بن سعيد، وعبد الرحمن بن مهدي، ومعن بن عيسى [في رواية]، وابن وهب [في رواية]، والقعنبي [في رواية]، وخالد بن خداش، وخالد بن مخلد القطواني.
وهذا الاختلاف على مالك من أصحابه الثقات وغيرهم، يدل على أنه كان يتصرف في نسب أمامة إذا روى هذا الحديث، وأحيانًا كان يقول: ربيعة، بدل: الربيع، وهو وهم، ومثل هذا لا يضر؛ فإن نسب أمامة مشهور، وكذلك كان يفعل أصحابه أيضًا من الاختصار في نسبها، وقد اختلف على بعضهم في ذلك أيضًا، والله أعلم.
• قال الدارقطني في الأحاديث التي خولف فيها مالك (47): "روى مالك في الموطأ عن عامر بن عبد الله بن الزبير، عن عمرو بن سليم، عن أبي قتادة؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى وهو حامل أمامه بنت زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ولأبي العاص بن ربيعة بن عبد شمس.
وهذا وهمٌ؛ خالفه أصحاب عامر، قالوا: لأبي العاص بن الربيع بن عبد العزى بن عبد شمس، وكذلك نسبه، وهو الصواب".
وذكر ابن عبد البر في التمهيد (20/ 94) الاختلاف فيه على مالك، ورجح قول من قال: لأبي العاصي بن الربيع.
وقال الخطيب في المبهمات: "كذا يقول مالك في حديثه: لأبي العاص بن ربيعة، وغيره يقول: ابن الربيع، وهو الصواب".
وانظر أيضًا: شرح مسلم للنووي (5/ 33)، العدة في شرح العمدة لابن العطار (1/ 489)، رياض الأفهام للفاكهاني (2/ 254)، الفتح لابن رجب (2/ 719)، الأعلام بفوائد عمدة الأحكام (3/ 150)، الفتح لابن حجر (1/ 591).
• قال ابن العطار في العدة (1/ 491): "وأما قوله: ولأبي العاص بن الربيع، دون نسبة أمامة إليه، وإنما نسبها إلى أمها؛ تنبيهًا على أن الولد إنما ينسب إلى أشرف أبويه دينًا ونسبًا؛ لأنه صلى الله عليه وسلم لما حملها كان أبوها مشركًا، وهو قرشي عبشمي، وكانت أمها أسلمت، وهاجرت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهي قرشية هاشمية، فنسبها إليها دونه، وبين بعبارة لطيفة أنها لأبي العاص بن الربيع؛ تحريًا للأدب في نسبتها ونسبها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ونسبه، والله أعلم".
• زاد ابن القاسم: "قال مالك: وذلك في النوافل".
قلت: تردُّه روايات هذا الحديث، وإنما كان ذلك في الفريضة:
1 -
فقد رواه أحمد بن حنبل، والشافعي، والحميدي، وعبد الجبار بن العلاء، وابن أبي عمر العدني، وقتيبة بن سعيد، ومحمد بن الصباح [ولم يذكر الأخيران في إسناده ابن عجلان، وقال الأخير: عثمان بن أبي عثمان، وهو وهم]:
عن سفيان بن عيينة، عن عثمان بن أبي سليمان، وابن عجلان؛ سمعا عامر بن عبد الله بن الزبير، يحدث عن عمرو بن سليم الزرقي، عن أبي قتادة الأنصاري، قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يؤمُّ الناسَ، وأمامةُ بنتُ أبي العاص [بن الربيع]-وهي ابنة زينب بنت النبي صلى الله عليه وسلم - على عاتقه، فإذا ركع وضعها، وإذا رفع من السجود أعادها.
أخرجه مسلم (543/ 42)، وأبو عوانة (1/ 469/ 1736)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (2/ 142/ 1194)، والنسائي في المجتبى (2/ 95/ 827) و (3/ 10/ 1205)، وفي الكبرى (1/ 435/ 903) و (2/ 39/ 1129)، وابن خزيمة (2/ 41/ 868)، وأحمد (5/ 296)، والشافعي في السنن (20)، وفي المسند (49)، والحميدي (422)، والفاكهي في أخبار مكة (3/ 280/ 2113)، وأبو العباس السراج في حديثه بانتقاء الشحامي (1019)، والطبراني في الكبير (22/ 439/ 1068)، والبيهقي في السنن (2/ 263)، وفي المعرفة (2/ 113/ 1036 و 1037).
2 -
ورواه يحيى بن سعيد القطان، وسليمان بن بلال، وأبو عاصم النبيل الضحاك بن مخلد [وهم ثقات أثبات]:
عن ابن عجلان: حدثنا عامر بن عبد الله بن الزبير، وسعيد بن أبي سعيد المقبري، عن عمرو بن سليم الزرقي، عن أبي قتادة بن ربعي؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يحمل بنت أبي العاص على عنقه في الصلاة، فإذا سجد وضعها، وإذا قام حملها.
وفي رواية: وهو يحمل بنت زينب على عنقه، فيؤمُّ الناس، فإذا ركع وضعها، وإذا قام حملها.
وفي رواية: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يؤمُّهم وهو حامل ابنت زينب على عاتقه، فإذا ركع وضعها، وإذا قام رفعها.
أخرجه الدارمي (1/ 363/ 1359)، وابن خزيمة (1/ 383/ 783 و 784)، وابن الجارود (214)، وأحمد (5/ 310)، وابن سعد في الطبقات (8/ 39 و 232)، وأبو العباس السراج في حديثه بانتقاء الشحامي (1021)، وابن المنذر في الأوسط (3/ 277/ 1650)، والطحاوي في المشكل (15/ 160/ 5917) و (15/ 5918/162 و 5919)، وفي أحكام القرآن (96 - 98)، وابن قانع في المعجم (1/ 169 - 170)، والطبراني في الكبير (22/ 440/ 1071 و 1072)، وأبو طاهر المخلص في العاشر من فوائده بانتقاء ابن أبي الفوارس (208)(2363 - المخلصيات)، والخطيب في المبهمات (27).
وهو حديث صحيح.
وانظر فيما لا يصح: المنتخب من كتاب أزواج النبي صلى الله عليه وسلم (31 - 32)[وفي إسناده: محمَّد بن الحسن بن زبالة، وهو: متروك، كذبه جماعة، وكان يسرق الحديث. التهذيب (3/ 540)].
3 -
ورواه محمَّد بن حرب [الخولاني الحمصي، كاتب الزبيدي: ثقة]، عن محمَّد بن الوليد الزبيدي، عن عامر بن عبد الله بن الزبير، عن عمرو بن سليم، عن أبي قتادة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج إلى الصلاة وهو حامل على عاتقه أمامةَ بنتَ أبي العاصي بن الربيع- وأمها زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكان إذا ركع وضعها عن عاتقه، وإذا فرغ من سجوده حملها على عاتقه، فلم يزل كذلك حتى فرغ من صلاته.
أخرجه النسائي في الكبرى (1/ 284/ 527)، وابن حبان (6/ 109/ 2340)، والطبراني في الكبير (22/ 439/ 1070)، وفي مسند الشاميين (3/ 75/ 1829)، والخطيب في المتفق والمفترق (3/ 1886/ 1483).
وهو حديث صحيح.
4 -
ورواه ابن جريج، قال: أخبرني عامر بن عبد الله بن الزبير، عن عمرو بن سليم الزرقي؛ أنه سمع أبا قتادة، يقول: إن النبي صلى الله عليه وسلم صلى وأمامة ابنة زينب ابنة النبي صلى الله عليه وسلم وهي ابنة أبي العاص بن الربيع بن عبد العزى- على رقبته، فإذا ركع وضعها، وإذا قام من سجوده أخذها فأعادها على رقبته.
فقال عامر: ولم أسأله أي صلاة هي؟ قال ابن جريج: وحُدِّثت عن زيد بن أبي عتاب، عن عمرو بن سليم؛ أنها صلاة الصبح.
أخرجه أحمد (5/ 304)، وعبد الرزاق (2/ 33/ 2379 و 2380)، وابن أبي الدنيا في العيال (227)، وأبو العباس السراج في حديثه بانتقاء الشحامي (1017)، والطحاوي في المشكل (15/ 163/ 5920)، وفي أحكام القرآن (95)، والطبراني في الكبير (22/ 438/ 1066).
قال أبو عبد الرحمن عبد الله بن أحمد: "جوده".
يعني: ابن جريج، وهو حديث صحيح.
وهذا هو المعروف عن ابن جريج أنه لم يسمعه من زيد بن أبي عتاب، وسوَّاه عن ابن جريج أحد المتروكين؛ أبو بكر بن عبد الله بن أبي سبرة، وهو: متروك، اتهمه أحمد بالوضع، وفي الإسناد إليه من تكلم فيه [انظر: التهذيب (4/ 489)، اللسان (5/ 57)، الثقات لابن قطلوبغا (6/ 181)].
أخرجه من طريقه: الطبراني في الكبير (22/ 1079/442).
5 -
ورواه أبو العميس [عتبة بن عبد الله بن عتبة بن عبد الله بن مسعود: كوفي، ثقة]، وفليح بن سليمان [صدوق، كثير الخطأ]، كلاهما عن عامر به:
قال أبو العميس: حدثنا عامر بن عبد الله بن الزبير، عن الزرقي -يقال له: عمرو بن سليم-، عن أبي قتادة، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي وابنته على عاتقه -وقال مرة: حمل أمامة وهو يصلي-، وكان إذا أراد أن يركع أو يسجد وضعها، فإذا قام أخذها.
ورواية فليح عن عامر بنحو رواية مالك.
أخرجه ابن حبان (6/ 108/ 2339)، وأحمد (5/ 311)، والطيالسي (1/ 521/ 640)، وابن سعد في الطبقات (8/ 39 و 232)، والطبراني في الكبير (22/ 439/ 1069)، وابن مخلد البزاز في حديثه عن شيوخه (69)، وأبو نعيم في معرفة الصحابة (6/ 3268/ 7525).
***
918 -
. . . الليث، عن سعيد بن أبي سعيد، عن عمرو بن سُليم الزرقي، أنه سمع أبا قتادة، يقول: بينا نحن في المسجد جلوسًا، خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يحمل أمامةَ بنتَ أبي العاص بن الربيع، وأمُّها زينبُ بنتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهي صبيةٌ، يحملها على عاتقه، فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي على عاتقه، يضعها إذا ركع، ويعيدها إذا قام، حتى قضى صلاته يفعل ذلك بها.
• حديث متفق على صحته.
أخرجه البخاري (5996)، ومسلم (543/ 43)، وأبو عوانة (1/ 469/ 1739)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (2/ 142/ 1196)، والنسائي في المجتبى (2/ 45/ 711)،
وفي الكبرى (1/ 393/ 792)، وابن حبان (3/ 394/ 1110)، وأحمد (5/ 303)، وابن سعد في الطبقات (8/ 39 و 232)، وأبو العباس السراج في حديثه بانتقاء الشحامي (1020)، والطبراني في الكبير (22/ 440/ 1073)، والبيهقي في السنن (1/ 127)، وفي الشعب (7/ 466/ 11015)، وابن عبد البر في التمهيد (20/ 97).
رواه عن الليث بن سعد: قتيبة بن سعيد، وحجاج بن محمَّد المصيصي، وأبو الوليد الطيالسي هشام بن عبد الملك، ويحيى بن عبد الله بن بكير، وأبو النضر هاشم بن القاسم، وأبو صالح عبد الله بن صالح، وعاصم بن علي الواسطي.
***
919 -
. . . ابن وهب، عن مخرمة، عن أبيه، عن عمرو بن سليم الزرقي، قال: سمعت أبا قتادة الأنصاري، يقول: رأيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي للناس وأمامةُ بنتُ أبي العاص على عُنُقه، فإذا سجد وضعها.
قال أبو داود: ولم يسمع مخرمة من أبيه إلا حديثًا واحدًا.
• حديث صحيح.
أخرجه مسلم (543/ 43)، وأبو عوانة (1/ 469/ 1740)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (2/ 142/ 1195)، والطبراني في الأوسط (1/ 50/ 140)، والخطيب في المتفق والمفترق (3/ 1697/ 1209).
رواه عن ابن وهب: محمَّد بن سلمة المرادي، وأبو الطاهر أحمد بن عمرو بن السرح، وهارون بن سعيد الأيلي [وهم من أصحابه الثقات].
وقول أبو داود: "ولم يسمع مخرمة من أبيه إلا حديثًا واحدًا"؛ لا يُعلّ هذا الحديث؛ فإن إسناده صحيح على شرط مسلم، بل قد أخرجه مسلم، ومخرمة بن بكير بن عبد الله بن الأشج: لم يسمع من أبيه شيئًا، وروايته عنه إنما هي من كتاب أبيه وجادة [تقدم الكلام عليه تحت الحديث المتقدم برقم (207)] [وانظر: تخريج أحاديث الذكر والدعاء برقم (459)(3/ 999) و (529)(3/ 1081 - 1082)]، وكثيرًا ما يدخل الخلل والوهم والخطأ على المحدث إذا روى من صحيفة وجدها ولم يسمعها، وهذا مستبعد هنا لكون الحديث مروي من وجوه صحاح عن عمرو بن سليم الزرقي به، والله أعلم.
• ولابن وهب في هذا الحديث إسنادان:
فقد رواه ابن وهب، عن مالك، عن عامر بن عبد الله بن الزبير، عن عمرو بن سليم، عن أبي قتادة.
ورواه ابن وهب مرة أخرى، عن مخرمة، عن أبيه، عن عمرو بن سليم الزرقي، قال: سمعت أبا قتادة الأنصاري.
وابن وهب: ثقة حافظ، واسع الرواية، يحتمل منه التعدد في الأسانيد.
• ووهم عليه بعضهم، فجعله عن: ابن وهب: أخبرني عمرو بن الحارث، عن سعيد بن أبي هلال، عن ابن المقبري، عن عمرو بن سليم الزرقي، أنه سمع أبا قتادة
…
فذكره.
أخرجه الطبراني في الكبير (22/ 440/ 1074).
وشيخ الطبراني: أحمد بن محمَّد بن الحجاج بن رشدين بن سعد: ضعيف، واتهم [انظر: اللسان (1/ 594)].
***
920 -
. . . محمَّد -يعني: ابن إسحاق-، عن سعيد بن أبي سعيد المقبري، عن عمرو بن سليم الزرقي، عن أبي قتادة صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: بينما نحن ننتظر رسول الله صلى الله عليه وسلم للصلاة في الظهر، أو العصر، وقد دعاه بلالٌ للصلاة، إذ خرج إلينا وأمامةُ بنتُ أبي العاص بنتُ ابنته على عنقه، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم في مصلاه وقمنا خلفه، وهي في مكانها الذي هي فيه، قال: فكبر فكبرنا، قال: حتى إذا أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يركع، أخذها فوضعها، ثم ركع وسجد، حتى إذا فرغ من سجوده ثم قام، أخذها فردَّها في مكانها، فما زال رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع بها ذلك في كل ركعةٍ حتى فرغ من صلاته صلى الله عليه وسلم.
• حديث صحيح؛ دون تعيين الصلاة؛ فإنه شاذ.
أخرجه أبو بكر الشافعي في فوائده "الغيلانيات"(424)، والطبراني في الكبير (22/ 441/ 1075)، وابن حزم في المحلى (3/ 89)، وابن عبد البر في التمهيد (20/ 96)، والبغوي في شرح السنة (3/ 743/265).
رواه عن ابن إسحاق بالشك هكذا: يزيد بن هارون، وعبد الأعلى بن عبد الأعلى السامي.
• ورواه عن سعيد المقبري أيضًا:
عبد الحميد بن جعفر، وابن عجلان [وعنه: يحيى بن سعيد القطان، وأبو عاصم النبيل، وسليمان بن بلال]:
عن سعيد المقبري، عن عمرو بن سليم الزرقي، سمع أبا قتادة، يقول: بينا نحن جلوسٌ في المسجد ننتظر الصلاة، فخرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعلى عاتقه ابنة ابنته أمامة بنت أبي العاص -وأمها زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم يحملها على عاتقه، فكبر وهي على عاتقه، حتى قضى صلاته، وهو يفعل بها ذلك.
وفي رواية ابن عجلان: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي وأمامة بنت أبي العاص على عاتقه، إذا ركع وضعها، وإذا قام رفعها.
أخرجه مسلم (543/ 43)، وأبو عوانة (1/ 496/ 1737 و 1738)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (2/ 143/ 1196)، والدارمي (1/ 363/ 1359)، وابن خزيمة (1/ 383/ 783 و 784)، وابن الجارود (214)، وأحمد (5/ 310)، وابن سعد في الطبقات (8/ 39 و 232)، وابن المنذر في الأوسط (3/ 277/ 1650)، والطحاوي في المشكل (15/ 5917/160) و (15/ 162/ 5918 و 5919) و (15/ 164/ 5922)، وفي أحكام القرآن (96 - 98)، وابن قانع في المعجم (1/ 169 - 170)، والطبراني في الكبير (22/ 441/ 1076).
• هكذا روى هذا الحديث عن سعيد بن أبي سعيد المقبري: الليث بن سعد [وهو من أثبت الناس فيه]، وعبد الحميد بن جعفر، وابن عجلان [وهما: مدنيان صدوقان]، فلم يأتوا بهذه الزيادة التي تفرد بها ابن إسحاق في هذا الحديث، وهي تعيين هذه الصلاة بأنها الظهر أو العصر، وزاد على ذلك شكه فيها، مما يدل على أنه لم يضبط هذه الزيادة، وأنه زادها توهمًا، والله أعلم، ولم يأت بها أيضًا ممن رواه عن عمرو بن سليم الزرقي: عامر بن عبد الله بن الزبير، وبكير بن عبد الله بن الأشج، وزيد بن أبي عتاب؛ مما يؤكد وهم ابن إسحاق فيها، وابن إسحاق: صدوق، ولا يحتمل منه التفرد بهذا، لا سيما وقد شك فيه، وابن إسحاق: ليس بذاك الحافظ، والله أعلم.
• هكذا رواه عن عمرو بن سليم الزرقي: عامر بن عبد الله بن الزبير، وسعيد بن أبي سعيد المقبري، وبكير بن عبد الله بن الأشج.
• وتابعهم: زيد بن أبي عتاب:
رواه بشر بن المفضل [ثقة ثبت]، وخالد بن عبد الله الواسطي [ثقة ثبت]:
عن عبد الرحمن بن إسحاق، عن زيد بن أبي عتاب، عن عمرو بن سليم، عن أبي قتادة، قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي يحمل أمامة -أو: أميمة- بنت أبي العاص -وهي بنت زينب-، يحملها إذا قام، ويضعها إذا ركع حتى فرغ.
أخرجه أحمد (5/ 295)، وأبو العباس السراج في حديثه بانتقاء الشحامي (832)، والطحاوي في المشكل (15/ 164/ 5923)، والطبراني في الكبير (22/ 441/ 1077)، وفي الأوسط (8/ 35/ 7880).
قال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن زيد بن أبي العتاب؛ إلا عبد الرحمن بن إسحاق".
قلت: عبد الرحمن بن إسحاق المدني، المعروف بعباد، نزيل البصرة: صدوق، وهذا إسناد جيد.
• قال الطحاوي في المشكل (15/ 165): "جاء هذا المذكور عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من فعله إياه في صلاته حتى فرغ منها، بهذه الأسانيد الصحاح المقبولة".
• وروي أيضًا من وجه آخر، لكنه لا يصح [عند: الطبراني في الصغير (436)، وفي
الأوسط (4/ 33/ 3540)، وفي الكبير (22/ 441/ 1078)] [وفي إسناده: عبد الله بن جعفر المديني، وهو: ضعيف، وفي الإسناد إليه جهالة].
وانظر: علل الدارقطني (6/ 166/ 1048).
• ورُويت قصة أمامة أيضًا عن:
عبد الله بن الحارث بن نوفل مرسلًا:
رواه إبراهيم بن سعد، عن أبيه، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن [بن عوف]، عن عبد الله بن الحارث [بن نوفل]، قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي، وأمامة بنت أبي العاص بنت زينب على رقبته، فإذا ركع وضعها، وإذا قام حملها.
أخرجه ابن سعد في الطبقات (8/ 39 - 40 و 232 - 233)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (5/ 235/ 2765)، والطحاوي في أحكام القرآن (99)، وأبو نعيم في معرفة الصحابة (3/ 1618/ 4072)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (27/ 314)، والضياء في المختارة (9/ 224/ 210) [وقع في بعض المصادر: عن أبي سلمان، بدل: عن أبي سلمة، وهو تحريف].
وهذا مرسل بإسناد مدني صحيح.
• ورويت من حديث أنس [عند: ابن عدي في الكامل (2/ 220)][وفي إسناده: حكيم بن خذام، وهو: متروك، منكر الحديث. اللسان (3/ 260)، منهج النسائي في الجرح والتعديل (4/ 1533)].
• وحديث حمل أمامة في الصلاة قد استدل به على مسائل شتى:
• منها: جواز العمل القليل في الصلاة، وأنه لا يبطلها، ولا دليل على تقييده بثلاث، وهذا الحديث يرده، وليس عندنا دليل على نسخ هذا الحديث، أو أنه من خصائص نبينا صلى الله عليه وسلم دون أمته، أو أنه كان في النفل دون الفرض، أو أنه صلى الله عليه وسلم حملها من غير تعمد، أو أنه حملها لضرورة، بل ظاهره يرد ذلك كله، وهي دعاوى باطلة مردودة [وانظر: معالم السنن (1/ 188) وغيره].
• ومنها: أن الأشياء على الطهارة ما لم يوقن المرء بنجاسة تحل فيها، يدل عليه هذا الحديث؛ لأن الصلاة لو كانت لا تجزي في ثياب الصبيان ما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حامل أمامة، ولا فرق بين أن يصلي المرء في ثوب نجس، وبين أن يحمل ثوبًا نجسًا. قاله ابن المنذر في الأوسط (5/ 65).
• ومنها: جواز الصلاة في ثياب الكفار ما لم تُعلم فيها نجاسة [انظر: الأوسط لابن المنذر (2/ 175)].
• ومنها: أن ملامسة ذوات المحارم لا تنقض الوضوء.
• ومنها: حسن المعاشرة مع الأهل والصغار، وملاطفتهم ورحمتهم.
• ومنها: جواز اصطحاب الأطفال إلى المسجد، ما لم يؤذ أو يشوش على المصلين.
• ومنها: أن شغل القلب بمثل ذلك في الصلاة معفو عنه، ولا يقاس على أعلام الخميصة، فشتان ما بينهما.
• ومنها: أنه لو صلى وهو يحمل متاعًا جاز؛ ما لم يحتج إلى عمل كثير في إمساكه.
• ومنها: أن مرور الجارية أمام المصلي لا يقطع صلاته؛ كالمرأة البالغة، إذ العمل أشد من مرورها بين يديه، قاله ابن بطال (2/ 144).
• ومنها: جواز إرضاع المرأة طفلها وهي في الصلاة للحاجة، وبشرط ألا ينكشف منها شيء؛ فإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم حمل أمامة ملاطفة لها، ورفقًا بها، فالأم أولى لانشغال قلبها ببكاء طفلها، حتى إن النبي صلى الله عليه وسلم كان يخفف من صلاته لأجلها، فقال:"إني لأدخل في الصلاة وأنا أريد إطالتَها، فأسمع بكاء الصبي، فأتجوَّز في صلاتي؛ مما أعلم من شدة وجد أمه من بكائه"[وهو حديث متفق عليه. أخرجه البخاري (709 و 710)، ومسلم (470/ 192)، وتقدم تخريجه تحت الحديث رقم (789)]، وقال الحسن والنخعي: ترضع المرأة جنينها وهي تصلي، خرجه الأثرم عنهما بإسناد صحيح، قاله ابن رجب في الفتح (2/ 721)، وقال ابن المنذر في الأوسط (3/ 278):"واختلفوا في المرأة ترضع صبيها وهي تصلي، فقال الأوزاعي مرة: قطعت صلاتها، وقال مرة: إن كان من ضرورة فلا بأس به، قال أبو ثور: إن لم ينكشف ثديها فصلاتها تامة"، قلت: وهو الأقرب، والموافق للدليل.
• ومنها: إكرام أولاد المحارم بالحمل، ومؤانستهم؛ جبرًا لهم ولآبائهم وأمهاتهم.
• ومنها: تواضعه صلى الله عليه وسلم يحمل البنات، خلافًا لما كان عليه العرب من الأنفة من ذلك، حتى إنهم كانوا يئدونها، والبيان بالفعل في مثل هذا الموضع أبلغ من البيان بالقول. [وانظر ما قاله الفاكهاني في: رياض الأفهام (2/ 253) في هذه المسألة، وهو تحرير جيد].
• وختم السفاريني كلامه في كشف اللثام (2/ 405) عن هذا الحديث بقوله: "وفي هذا الحديث: قمع للمتنطعين، ورغم أنوف المتوسوسين، ودحض دعوى المتعمقين، والله أعلم".
وانظر أيضًا: الاستذكار (2/ 348)، المنتقى لأبي الوليد الباجي (1/ 304)، المسالك في شرح موطأ مالك (3/ 201)، القبس شرح الموطأ (1/ 362)، إكمال المعلم (2/ 474)، المفهم (2/ 152)، شرح مسلم للنووي (5/ 33)، إحكام الأحكام (1/ 253)، العدة في شرح العمدة لابن العطار (1/ 491)، رياض الأفهام للفاكهاني (2/ 247)، الفتح لابن رجب (2/ 719)، التوضيح لابن الملقن (6/ 77)، الأعلام بفوائد عمدة الأحكام (3/ 151)، الفتح لابن حجر (1/ 591)، كشف اللثام للسفاريني (2/ 398)، وغيرها.
***
921 -
قال أبو داود: حدثنا مسلم بن إبراهيم: حدثنا علي بن المبارك، عن يحيى بن أبي كثير، عن ضمضم بن جَوْسٍ، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اُقتُلوا الأسودَيْن في الصلاة: الحيةَ، والعقرب".
• حديث صحيح، وتفسير الأسودين بالحية والعقرب مدرج في المرفوع.
أخرجه من طريق أبي داود: ابن حزم في المحلى (3/ 85)، وابن عبد البر في التمهيد (20/ 97)، والبغوي في شرح السنة (3/ 267 / 744).
• تابع أبا داود عليه:
أبو خليفة الفضل بن الحباب [ثقة؛ تكلم فيه، وأخطأ في أحاديث. انظر: الإرشاد (2/ 526)، سؤالات حمزة السهمي (247)، الثقات (9/ 8)، السير (14/ 7)، التذكرة (2/ 670)، الميزان (3/ 350)، اللسان (6/ 337)]، قال: حدثنا مسلم بن إبراهيم الفراهيدي: حدثنا علي بن المبارك الهنائي، عن يحيى بن أبي كثير، عن ضمضم بن جَوْسٍ، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
…
فذكره مثله.
أخرجه ابن حبان (6/ 116/ 2352)، وابن عدي في الكامل (5/ 181)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (34/ 161)، والمزي في التهذيب (13/ 325).
قال ابن عدي بعد أن روى ثلاثة أحاديث للفراهيدي عن علي بن المبارك: "وهذه الأحاديث التي رواها مسلم عن علي بن المبارك، هذه الأحاديث الثلاثة: أحاديث مستقيمة"، ثم قال في آخر ترجمة علي بن المبارك:"وهو ثبت في يحيى بن أبي كثير، ومقدَّم في يحيى، وهو عندي لا بأس به".
• خالفهما فوهم في إسناده ومتنه: محمَّد بن الليث، قال: حدثنا مسلم بن إبراهيم: حدثنا هشام بن أبي عبد الله، عن يحيى بن أبي كثير، عن ضمضم، عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بقتل الأسودين في الصلاة؛ يعني: الحية والعقرب.
أخرجه البزار (16/ 246/ 9420).
قال البزار: "وهذا الحديث قد رواه عن يحيى بن أبي كثير غير واحد".
قلت: نعم، رواه هشام الدستوائي، وعلي بن المبارك، ومعمر بن راشد، عن يحيى، لكن هذه الرواية وهم على مسلم بن إبراهيم الفراهيدي، فإنه يرويه عن علي بن المبارك، كما تقدم، وليس عن الدستوائي، وقد دخل لمحمد بن الليث حديث في حديث، فإن هذا المتن ليس من حديث مسلم بن إبراهيم، وإنما هو من حديث هشام الدستوائي، كما سيأتي ذكره، والله أعلم.
ومحمد بن الليث أبو الصباح الهدادي: ذكره ابن حبان في الثقات، وقال:"يخطئ ويخالف"، وهو شيخ للبزار، روى عنه في مسنده في تسعة وثلاثين موضعًا، وله أفراد كثيرة، ذكرها الطبراني في مواضع متفرقة من معجمه الأوسط، وبعضها مناكير، وذكر له
شيئًا من مناكيره: ابن عدي، وابن المظفر في غرائب شعبة، وأبو نعيم في الحلية، وقال ابن حجر:"وجدت له خبرًا موضوعًا رواه بسند الصحيح"[مسند البزار (8/ 253/ 3317)، الثقات (9/ 135)، المعجم الأوسط (1317 و 6139 و 6971)، الكامل (2/ 306)، غرائب شعبة (207)، الحلية (7/ 167 و 169)، فتح الباب (3992)، مجمع الزوائد (1/ 192) و (10/ 348)، اللسان (7/ 466)].
• وقد توبع مسلم بن إبراهيم عن علي بن المبارك:
فقد رواه إسماعيل بن علية، ويحيى بن سعيد القطان، ووكيع بن الجراح، وأبو داود الطيالسي، وعبد الصمد بن عبد الوارث [وهم ثقات حفاظ]:
عن علي بن المبارك، عن [وفي رواية القطان: حدثني] يحيى بن أبي كثير، عن [وفي رواية القطان: حدثني] ضمضم بن جَوْسٍ، عن أبي هريرة، قال: أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتل الأسودين في الصلاة: الحية، والعقرب.
أخرجه الترمذي (390)، وأحمد (2/ 473 و 475)، والطيالسي (4/ 272/ 2662)، وأبو العباس السراج في حديثه بانتقاء الشحامي (2524)، والبيهقي (2/ 266).
• ورواه معمر بن راشد، عن يحيى بن أبي كثير، عن ضمضم بن جوس الهِفَّاني، عن أبي هريرة، قال: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتل الأسودين في الصلاة: الحية، والعقرب.
أخرجه النسائي في المجتبى (3/ 10/ 1202 و 1203)، وفي الكبرى (1/ 283/ 525) و (2/ 38 و 39/ 1126 و 1127)، وابن ماجه (1245)، وابن خزيمة (1/ 41/ 869)، وابن حبان (6/ 115/ 2351)، وابن الجارود (213)، والحاكم (1/ 256)، وأحمد (2/ 233 و 248 و 284 و 490)، وعبد الرزاق (1/ 449/ 1754)، وابن أبي شيبة (1/ 431/ 4968)، وأبو علي الطوسي في مختصر الأحكام (2/ 319 - 320/ 365 - 367)، وأبو العباس السراج في حديثه بانتقاء الشحامي (2520 - 2523)، وابن المنذر في الأوسط (3/ 270/ 1642)، والعقيلي في الضعفاء (2/ 237)، وإسماعيل الصفار في جزء من حديثه عن شيوخه (34 - رواية ابن مهدي الفارسي)، وأبو الشيخ في ذكر الأقران (366)، والبيهقي في السنن (2/ 266)، وفي المعرفة (2/ 115/ 1041)، والبغوي في شرح السُّنَّة (3/ 268 / 745)، وأبو طاهر السلفي في الثالث من المشيخة البغدادية (103).
هكذا رواه عن معمر: عبد الرزاق بن همام، وسفيان بن عيينة، وسفيان الثوري، ويزيد بن زريع، وعيسى بن يونس، وعبد الأعلى بن عبد الأعلى، وغندر محمَّد بن جعفر، ويحيى بن يمان، وهشام الدستوائي [وعنه الطيالسي].
ووقع في رواية يحيى بن اليمان [وهو: محله الصدق، لكنه كان يحدّث من حفظه بالتوهم، فيخطئ كثيرًا، ويأتي بعجائب، وكان فُلِج فساء حفظه. التهذيب (4/ 401)، الميزان (4/ 416)، تقدمت ترجمته تحت الحديث رقم (753)،: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اُقتُلوا الأسودَيْن في الصلاة: العقرب والحية" [عند الطوسي].
• وهكذا وقع في رواية الأكثر عن معمر ذكر الحية والعقرب مدرجًا في المرفوع، إلا أن غندرًا وعبد الأعلى قد ميزا هذه الزيادة، وفصلاها من المرفوع، وجعلاها من قول يحيى، ففي رواية غندر، عن معمر، فقلت ليحيى: ما يعني بالأسودين؟ قال: الحية والعقرب [ابن خزيمة. أحمد (2/ 233 و 490)].
وفي رواية عبد الرزاق [عند أحمد (2/ 284)]: حدثنا معمر، عن يحيى بن أبي كثير، أراه قال: عن ضمضم، عن أبي هريرة، قال: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نقتل الأسودين في الصلاة: العقرب والحية. قال عبد الرزاق: هكذا حدثنا ما لا أحصي.
• واختلف فيه على هشام الدستوائي:
أ- فرواه أبو داود الطيالسي [ثقة حافظ]، قال: حدثنا هشام، عن معمر، عن يحيى بن أبي كثير، عن ضمضم، عن أبي هريرة، قال: أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتل الأسودين في الصلاة؛ يعني: الحية والعقرب.
أخرجه الطيالسي (4/ 271/ 2661)، ومن طريقه: النسائي في المجتبى (3/ 10/ 1203)، وفي الكبرى (2/ 38 و 39/ 1127).
وذكر الدارقطني في الأفراد (2/ 294/ 5239 - أطرافه)، أنه روي أيضًا من طريق عبد الصمد بن عبد الوارث عن هشام، لكنه غريب من حديثه.
وهذه رواية شاذة.
ب- فقد رواه: إبراهيم بن طهمان [ثقة]، ويزيد بن هارون [ثقة متقن]:
عن هشام الدستوائي، عن يحيى، عن ضمضم، عن أبي هريرة؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بقتل الأسودين في الصلاة.
قال يحيى: والأسودان: الحية والعقرب.
وفي رواية ابن طهمان: "اقتلوا الأسودين في الصلاة"، قالوا: يا رسول الله! وما الأسودان؟ قال: "الحية والعقرب".
أخرجه الدارمي (1/ 423/ 1504)، وأحمد (2/ 255)، وأبو بكر الشافعي في فوائده "الغيلانيات"(697 و 698 و 837 و 838).
هكذا لم يذكرا معمرًا في إسناده، وهو المحفوظ؛ إلا أن ابن طهمان قد شذ بإدراج الزيادة في المرفوع، واتفق حافظان على فصلها: أبو داود الطيالسي ويزيد بن هارون.
قال الدارقطني في الأفراد (2/ 294/ 5239 - أطرافه): "ورواه جماعة عن هشام عن يحيى، لم يذكروا فيه معمرًا".
• وهشام الدستوائي هو أثبت الناس في يحيى بن أبي كثير [انظر: شرح علل الترمذي (2/ 677)]، وعليه؛ فإن إدراج التفسير في المرفوع وهم، والمحفوظ فصله، وأنه من كلام يحيى بن أبي كثير مقطوع عليه، والله أعلم.
• ورواه الحسن بن عرفة: ثنا عبد الرحمن بن مهدي، عن عبد الله بن المبارك، عن
يحيى بن أبي كثير، عن ضمضم بن جوس، عن أبي هريرة؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بقتل الأسودين في الصلاة.
أخرجه أبو نعيم في الحلية (9/ 45)، بإسناد صحيح إلى الحسن بن عرفة.
وهذا إن ثبت؛ فهو غريب جدًّا من حديث ابن المبارك، ثم من حديث ابن مهدي، والأقرب عندي أنه من حديث علي بن المبارك، تحرف إلى عبد الله بن المبارك، ومطبوعة الحلية سقيمة كثيرة التصحيف والتحريف، وقد ذكر الحفاظ من رواه عن يحيى بن أبي كثير، ولم يذكروا فيهم عبد الله بن المبارك، ويأتي نقل كلامهم، والله أعلم.
• قال الترمذي: "حديث حسن صحيح".
وقال الحاكم: "هذا حديث صحيح ولم يخرجاه، وضمضم بن جوس: من ثقات أهل اليمامة، سمع من جماعة من الصحابة، وروى عنه يحيى بن أبي كثير، وقد وثقه أحمد بن حنبل".
وقال ابن الملقن في البدر المنير (4/ 188): "هذا الحديث صحيح".
قلت: وهو كما قالوا؛ حديث صحيح، وضمضم بن جوس الهفاني اليمامي: ثقة، سمع أبا هريرة [التاريخ الكبير للبخاري (4/ 337)، التاريخ الكبير لابن أبي خيثمة (1/ 476/ 1885 - السفر الثاني)، الجرح والتعديل (4/ 467)، الثقات (4/ 389)، المؤتلف والمختلف للدارقطني (1/ 517)، سنن أبي داود (1016)].
• هكذا رواه هشام الدستوائي، وعلي بن المبارك، ومعمر بن راشد [وهم ثقات، وأثبتهم في يحيى: هشام]:
عن يحيى بن أبي كثير، عن ضمضم بن جوس، عن أبي هريرة مرفوعًا.
• وخالفهم فسلك فيه العبادة والطريق السهل:
أيوب بن عتبة، قال: حدثني يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، قال: رخص رسول الله صلى الله عليه وسلم في قتل الأسودين في الصلاة. قيل: وما الأسودان؟ قال: "الحية والعقرب".
أخرجه البزار (15/ 214/ 8625)، والعقيلي في الضعفاء (1/ 109)(1/ 125 - 126 - ط. الصميعي).
وأيوب بن عتبة: ما حدث به باليمامة فإنه صحيح لأنه حدث به من كتابه، وكان كتابه من أصح الكتب، وما حدث به بالعراق فهو ضعيف، فإنه قدم العراق ليس معه كتب فحدث من حفظه، وكان لا يحفظ ولا يعرف صحيح حديثه من سقيمه؛ فوهم وغلط حتى كثرت المناكير في حديثه، فضعف لذلك، وبسبب هذا ضعفه الجمهور [التهذيب (1/ 206)، إكمال مغلطاي (2/ 338)، منهج النسائي في الجرح والتعديل (3/ 1212)، ما تقدم من الأحاديث برقم (293 و 855)]، وهذا الحديث قد رواه عنه من أهل العراق: أحمد بن عبد الله بن يونس، وهو: كوفي، ثقة حافظ.
وقد أخطأ فيه أيوب مرتين، مرةً في إسناده، حيث قلبه وجوده، فجعله عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، بدل: ضمضم بن جوس، ومرةً في متنه، بإدراج آخره في المرفوع.
ثم هو قد اضطرب في إسناده أيضًا، فرواه مرة هكذا على الوهم [من رواية أحمد بن يونس الكوفي عنه].
ورواه مرة أخرى على الصواب في إسناده، فقال: نا يحيى بن أبي كثير، عن ضمضم بن جوس، عن أبي هريرة، قال: رخص رسول الله صلى الله عليه وسلم في قتل الأسودين: الحية والعقرب، في الصلاة.
أخرجه ابن أبي خيثمة في التاريخ الكبير (1/ 335/ 1232)، قال: حدثنا سعيد بن سليمان [هو الواسطي، وهو: ثقة حافظ]، قال: حدثنا أيوب به.
هكذا رواه ثقات العراقيين عن أيوب بن عتبة بالوجهين، لكن الشأن في أيوب.
قال ابن أبي حاتم في العلل (1/ 161/ 454): "سألت أبي وأبا زرعة عن حديث رواه أيوب بن عتبة، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، قال: رخص رسول الله صلى الله عليه وسلم في قتل الأسودين في الصلاة: الحية والعقرب؟
فقالا: هذا خطأ؛ إنما هو: يحيى عن ضمضم بن جوس عن أبي هريرة.
قلت لهما: الخطأ ممن هو؟ قالا: من أيوب، حدث به مرة على الصحة عن ضمضم، ومرة على الخطأ".
وقال البزار: "وهذا الحديث أخشى أن يكون أخطأ فيه أيوب بن عتبة في إسناده؛ إذ رواه عن يحيى عن أبي سلمة عن أبي هريرة، وإنما يرويه الحفاظ عن يحيى عن ضمضم بن جوس عن أبي هريرة".
وقال العقيلي: "وهذا أيضًا خطأ، رواه معمر، وعلي بن المبارك، وعكرمة بن عمار، عن يحيى بن أبي كثير، عن ضمضم بن جوس، عن أبي هريرة".
وقال الدارقطني في العلل (8/ 49/ 1409): "وخالفه معمر بن راشد، وهشام الدستوائي، وعلي بن المبارك، رووه عن يحيى بن أبي كثير، عن ضمضم بن جوس، عن أبي هريرة، وهو الصواب".
• وله طريق أخرى عن أبي هريرة، لكنها منكرة [عند: العقيلي في الضعفاء (2/ 237)] [تفرد به: عبد الله بن أحمد اليحصبي -وهو مجهول، لا يتابع على حديثه-، عن ابن جريج عن عطاء عن أبي هريرة به مرفوعًا. انظر: اللسان (5/ 430)].
• ولحديث أبي هريرة شواهد، لا يصح منها شيء، فمنها:
1 -
حديث ابن عباس:
رواه جماعة من المتروكين، عن محمَّد بن كعب القرظي، قال: حدثنا ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن لكل شيء شرفًا، وإن أشرف المجالس ما استقبل به القبلة، وإنما
تجالسون بالأمانة، ولا تصلوا خلف النائم ولا المتحدث، واقتلوا الحية والعقرب؛ وإن كنتم في صلاتكم،
…
"، في حديث طويل.
وهو حديث ضعيف؛ لا يصح له إسناد، بل طرقه كلها واهية، وقد تقدم في السنن برقم (694).
2 -
حديث عائشة:
أ- رواه علي بن ثابت الدهان [صدوق]، قال: حدثنا الحكم بن عبد الملك، عن قتادة، عن سعيد بن المسيب، عن عائشة، قالت: لدغت النبي صلى الله عليه وسلم عقرب وهو في الصلاة، فقال:"لعن الله العقرب، ما تدع [وفي رواية: تلدغ] المصلي وغير المصلي، اقتلوها في الحل والحرم".
أخرجه ابن ماجه (1246)، والطبراني في الأوسط (7/ 221/ 7329).
قال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن قتادة إلا الحكم بن عبد الملك، تفرد به: علي بن ثابت".
قلت: هو حديث منكر؛ وأصله مروي بغير هذا اللفظ من طرق متعددة عن عائشة [انظر: البخاري (1829 و 3314)، ومسلم (1198)، [ويأتي تخريجه في الشواهد عند أبي داود عند الأحاديث رقم (1845 - 1848) إن شاء الله تعالى]، لكني هنا سأقتصر فقط على المعروف من حديث قتادة عن ابن المسيب عن عائشة:
• فقد رواه شعبة، قال: سمعت قتادة، يحدث عن سعيد بن المسيب، عن عائشة رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:"خمسٌ فواسقُ، يُقتَلنَ في الحلِّ والحرم: الحيةُ، والغرابُ الأبقع، والفأرةُ، والكلبُ العفور، والحُدَيَّا".
أخرجه مسلم (1198/ 67)، وأبو عوانة (2/ 410/ 3630)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (3/ 286/ 2751)، والنسائي في المجتبى (5/ 188/ 2829) و (5/ 208/ 2882)، وفي الكبرى (4/ 84/ 3798) و (4/ 103/ 3851)، وابن ماجه (3087)، وابن خزيمة (4/ 191/ 2669)، وأحمد (6/ 97 و 203)، وإسحاق بن راهويه (2/ 515/ 1102)، والطيالسي (3/ 115/ 1625)، وابن أبي شيبة (3/ 351/ 14836)، وابن أبي خيثمة في التاريخ الكبير (2/ 117/ 1999 و 2001)، والطحاوي (2/ 166)، وابن الأعرابي في المعجم (2/ 823/ 1687)، والبيهقي (5/ 209) و (9/ 316)، وابن عبد البر في التمهيد (15/ 185)، والبغوي في شرح السُّنَّة (7/ 267/ 1991).
• ورواه بكر بن وائل [التيمي الكوفي: صدوق]، عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن سعيد بن المسيب، عن عائشة؛ أنها قالت: خمس فواسق يقتلن في الحل والحرم، وعلى كل حال: الحية، والفأرة، والحدأة، والكلب العقور، والغراب الأبقع.
قال: فذكرت ذلك لأبي حسان الأعرج؛ فقال: حُدثت أو أخبِرت أن النبي صلى الله عليه وسلم لدغته عقرب، فأمر بقتلها في الحل والحرم.
أخرجه أبو بكر الإسماعيلي في معجم شيوخه (2/ 572)، والدارقطني في الأفراد (2/ 427/ 6037 - أطرافه)، وابن أخي ميمي الدقاق في فوائده (445).
بإسناد صحيح إلى بكر بن وائل [وانظر الكلام على إسناده تحت الحديث رقم (846)].
قال الدارقطني: "تفرد به يعلى بن الحارث، عن بكر بن وائل بن داود، عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة عنه".
قلت: يعلى بن الحارث المحاربي الكوفي، من ثقات الكوفيين، وثقه الأئمة، وهو معروف بالرواية عن بكر بن وائل، وبكر: كوفي ثقة، قديم الوفاة، وقد روى عنه: شعبة وابن عيينة وهشام بن عروة، فلا يبعد أن يكون سمع من ابن أبي عروبة قبل اختلاطه؛ إلا أنه قصر في الحديث فأوقفه على عائشة؛ إنما هو مرفوع، كما رواه شعبة، ومثله لا يقال من قبل الرأي والاجتهاد.
• وخالفهما: هشام بن أبي عبد الله الدستوائي، فرواه عن قتادة، عن سعيد مرسلًا، لم يذكر فيه عائشة.
أخرجه ابن أبي خيثمة في التاريخ الكبير (2/ 117/ 2000).
وشعبة بن الحجاج: حافظ كبير، وزيادته في الإسناد مقبولة، وقد اتفق هو ابن أبي عروبة على ذكر عائشة في الإسناد، واتفق هو وهشام على رفعه، وقد صححه مسلم من حديث شعبة.
والحاصل: فإن شعبة وابن أبي عروبة وهشام الدستوائي -وهم أثبت أصحاب قتادة- قد رووا هذا الحديث عن قتادة بحديث: خمس فواسق؛ وخالفهم في متنه: الحكم بن عبد الملك، وقد روى الحكم هذا عن قتادة غير حديثٍ لم يتابع عليه، وهو: ضعيف، قليل الرواية عن قتادة، ينفرد عنه بما لا يتابع عليه [ضعفاء العقيلي (1/ 257)، الجرح والتعديل (3/ 122)، علل الحديث (1/ 204/ 587)، التهذيب (1/ 466)][وانظر في مناكيره فيما تقدم: الحديث رقم (402) الطريق رقم (22)، والحديث رقم (675)، الشاهد الرابع].
ولعل رواية ابن أبي عروبة هي التي تبين لنا وجه العلة في حديث الحكم هذا، فإن اللفظ الذي أتى به؛ إنما يرويه قتادة، عن أبي حسان الأعرج [هو: مسلم بن عبد الله: تابعي بصري صدوق]، قال: حُدثت أو أُخبِرت؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم لدغته عقرب، فأمر بقتلها في الحل والحرم.
وعلى هذا فإن أصله مرسل بإسناد جيد، والله أعلم.
• وانظر: حديث ابن عمر عند مسلم (1200/ 75)، ويأتي تخريجه في السنن برقم (1846).
ب- وروى الوليد بن مزيد [ثقة ثبت]: ثنا الأوزاعي، عن أم كلثوم بنت أسماء بنت
أبي بكر الصديق، عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي في البيت، فجاء علي بن أبي طالب كرم الله تعالى وجهه، فدخل، فلما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي قام إلى جانبه يصلي، قال: فجاءت عقرب حتى انتهت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم تركته، وأقبلت إلى عليٍّ، فلما رأى ذلك عليٌّ ضربها بنعله، فلم ير رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتله إياها بأسًا.
أخرجه ابن جرير الطبري في المنتخب من ذيل المذيل (151)، والبيهقي (2/ 266).
• ورواه الليث بن سعد، عن عبد الرحيم بن خالد بن زيد، عن يونس بن يزيد، عن الأوزاعي، عن أم كلثوم، عن عائشة، قالت: دخل علي بن أبي طالب على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي،
…
فذكر نحوه.
أخرجه الطبراني في الأوسط (8/ 285/ 8653).
قال الطبراني بعد أن روى حديثين بهذا الإسناد: "لم يُروَ هذان الحديثان عن الأوزاعي إلا بهذا الإسناد، تفرد بهما: الليث بن سعد".
قلت: ولا يثبت هذا عن يونس بن يزيد؛ فإن عبد الرحيم بن خالد الأيلي، قال فيه العقيلي في الضعفاء (3/ 80):"مجهول بالنقل، ولا يتابع على حديثه بهذا الإسناد، [وانظر: المغني (1/ 620)، وقال: "لا يعرف". اللسان (5/ 160)].
وأم كلثوم بنت أسماء بنت أبي بكر الصديق: ذكرها ابن حبان في الثقات (5/ 594)، ولم يرو عنها سوى اثنين، وهي قليلة الرواية جدًّا، وقد استُنكر عليها ما ترويه، ولا يُعرف لها سماع من عائشة، ولا يُعرف للأوزاعي سماع منها، فهي: مجهولة، يستنكر حديثها، فالحديث منكر.
• وروى أبو هشام الرفاعي [محمد بن يزيد بن محمَّد العجلي: ليس بالقوي]: حدثنا إسحاق بن سليمان الرازي، عن معاوية بن يحيى الصدفي، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة، قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي في بيتي، فأقبل علي بن أبي طالب فقام إلى جنبه عن يمينه، فأقبلت عقرب نحو النبي صلى الله عليه وسلم، فلما دنت منه صُدَّت عنه، ثم أقبلت نحو علي، فأخذ النعل فقتلها وهو يصلي، فلما قضى صلاته قال: قاتلها الله! أقبلت نحو النبي صلى الله عليه وسلم ثم صُدَّت عنه، ثم أقبلت إليَّ تريدني، فلم يرَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بقتلها في الصلاة بأسًا.
أخرجه أبو يعلى (8/ 184/ 4739).
قلت: هو حديث منكر؛ ومعاوية بن يحيى الصدفي: ضعيف، روى عنه إسحاق بن سليمان الرازي أحاديث مناكير، وهذا منها [التهذيب (4/ 113)]، وهو باطل بهذا الإسناد عن الزهري.
• ولها حديث آخر [عند: الدارقطني في الأفراد (2/ 433/ 6071 - أطرافه)][وفي إسناده: عطاء بن عجلان الحنفي، أبو محمَّد البصري العطار: متروك، منكر الحديث جدًّا؛ كذبه ابن معين وعمرو بن علي الفلاس والجوزجاني، وكان يتلقن كلما لقِّن. التهذيب (3/ 106)][وتقدم ذكره والكلام عليه تحت الأحاديث رقم (630 و 678 و 902)].
3 -
حديث علي بن أبي طالب:
رواه عباد بن يعقوب الأسدي، وإسماعيل بن موسى الفزاري [وهما صدوقان]:
عن محمَّد بن فضيل، عن مطرف بن طريف، عن المنهال بن عمرو، عن محمَّد ابن الحنفية، عن علي، قال: لدغت النبي صلى الله عليه وسلم عقرب وهو يصلي، فلما فرغ قال:"لعن الله العقرب، لا تدع مصليًا ولا غيره؛ إلا لدغته"، ثم دعا بماء وملح، وجعل يمسح عليها، ويقرأ بـ:{قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ} ، {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ} و {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ}. وقال إسماعيل:{قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} ، بدل:{قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ} .
وهذا الحديث صواب مرسل؛ وروي أيضًا من حديث ابن مسعود، ولا يصح، وقد بينت ذلك في تخريج أحاديث الذكر والدعاء (4/ 1319)، فليراجع، وانظر: علل الدارقطني (4/ 122/ 462) و (5/ 303/ 898)، قال في الموضع الأول:"وخالفه موسى بن أعين وأسباط بن محمَّد وغيرهما، فرووه عن مطرف، عن المنهال، عن ابن الحنفية مرسلًا، وكذلك رواه حمزة الزيات، عن المنهال، عن ابن الحنفية مرسلًا، وهو أشبه بالصواب"، وقال في الموضع الثاني:"ورواه مطرف وحمزة الزيات، عن المنهال بن عمرو، عن ابن الحنفية مرسلًا، وهو أصح".
• وروي نحوه أيضًا مختصرًا من حديث أبي هريرة مرفوعًا، ولا يصح، واحد ألفاظه:"ما لها لعنها الله، لو كانت تاركة أحدًا لتركت النبي صلى الله عليه وسلم"[عند: ابن عدي في الكامل (2/ 28) و (3/ 129)، وأبي الفضل الزهري في حديثه (138)][وفي أسانيده: أبو عبيدة الناجي، وهو: ضعيف، لا يتابع على ما يرويه من المسند على قلته، أو: الربيع بن بدر، وهو: متروك].
• والحاصل: فإنه لا يصح في لعن العقرب حديث، والله أعلم.
4 -
حديث أبي رافع:
رواه حبان بن علي، ومندل بن علي [وهما أخوان، ضعيفان]:
عن محمَّد بن عبيد الله بن أبي رافع، عن أبيه، عن جده؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم قتل عقربًا وهو في الصلاة.
أخرجه ابن ماجه (1247)، وابن الأعرابي في المعجم (3/ 1063/ 2289)، والطبراني في المعجم الكبير (1/ 318/ 940)، وابن عدي في الكامل (2/ 428) و (6/ 113)، وأبو أحمد العسكري في تصحيفات المحدثين (2/ 456)، وأبو الحسن الحربي في الثالث من فوائده (36)، وابن أخي ميمي الدقاق في فوائده (206)، وأبو طاهر المخلص في السادس من فوائده بانتقاء ابن أبي الفوارس (19)(1038 - المخلصيات).
وهذا حديث منكر؛ محمَّد بن عبيد الله بن أبي رافع: متروك، منكر الحديث [التهذيب (3/ 637)، الميزان (3/ 635)]، وذكره الدارقطني في الضعفاء والمتروكين (451)، ثم قال:"وعبيد الله هذا ليس بصاحب علي، ذاك عبيد الله بن علي بن أبي رافع".
قلت: وعليه؛ فهو منقطع أيضًا؛ فإن رواية عبيد الله بن علي بن أبي رافع عن جده: مرسلة، وهو: لين الحديث، والله أعلم.
• وقال البزار (9/ 330/ 3887): حدثنا غسان بن عبيد الله، قال: نا يوسف بن نافع، قال: نا عبد الرحمن بن أبي الموالي، عن عبيد الله بن أبي رافع، عن أبيه رضي الله عنه، قال: بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم في صلاةٍ إذ ضرب شيئًا في صلاته؛ فإذا هي عقرب ضربها فقتلها، وأمر بقتل العقرب والحية والفأرة والحدأة للمحرم.
وشيخ البزار وشيخ شيخه قد نسبهما في حديث آخر بنفس هذا الإسناد، قبل هذا الحديث بخمسة أحاديث برقم (3882)، حيث قال: حدثنا غسان بن عبيد الله الراسبي، قال: نا يوسف بن نافع بن عبد الله بن نافع بن ثابت بن عبد الله بن الزبير، قال: حدثني عبد الرحمن بن أبي الموالي.
ولم أجد لهما ترجمة؛ فلا يصح حديثهما؛ وغسان هذا ليس هو: ابن عبيد الموصلي، المترجم له في العلل ومعرفة الرجال (2/ 550/ 3605)، وضعفاء العقيلي (3/ 440)، والجرح والتعديل (7/ 51)، والثقات (9/ 1)، والكامل (6/ 8)، وتاريخ بغداد (12/ 327)، واللسان (6/ 305)، وغيرها، فإنه من طبقة شيوخ شيوخ البزار، وقد أخرج له البزار في موضعين (14/ 11/ 7393) و (15/ 218/ 8632)، والله أعلم.
• وروي من طرقٍ عن ابن مسعود مرفوعًا وموقوفًا: من قتل حيةً فكأنما قتل كافرًا، ومن قتل عقربًا فكأنما قتل كافرًا، قال الدارقطني:"والموقوف: أشبه بالصواب"[عند: الطيالسي (313)، وعبد الرزاق في المصنف (10/ 436/ 19621)، وابن أبي شيبة في المصنف (4/ 261/ 19906) و (4/ 262/ 19915 و 19916)، وفي المسند (368)، وأحمد (1/ 395 و 421)، والبزار (5/ 234/ 1847) و (5/ 353/ 1985)، وأبي يعلى (9/ 221 و 222/ 5320 و 5321)، والطحاوي في المشكل (7/ 372)، والهيثم بن كليب الشاشي في مسنده (438 و 717 و 736)، وابن حبان في المجروحين (3/ 150)، والطبراني في الكبير (9/ 351/ 9745 و 9746) و (10/ 106/ 10109)، وأبو بكر الكلاباذي في بحر الفوائد (191)، والدارقطني في العلل (5/ 74/ 720)، وفي الأفراد (2/ 27/ 3796 - أطرافه)، وابن عبد البر في التمهيد (16/ 23)، والخطيب في تاريخ بغداد (2/ 234)، وفي تلخيص المتشابه في الرسم (2/ 854)].
• وانظر في المراسيل، عند: أبي داود (47 و 503)، وعبد الرزاق (1/ 449/ 1755)، وابن أبي شيبة (1/ 4969/431).
• قال الترمذي: "والعمل على هذا عند بعض أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم، وبه يقول أحمد وإسحاق، وكره بعض أهل العلم قتل الحية والعقرب في الصلاة، قال إبراهيم: إن في الصلاة لشغلًا، والقول الأول أصح". [وانظر: مسائل الكوسج (153)].
وقال سفيان الثوري: "لا بأس أن يقتل الرجل؛ [يعني: في صلاته] الحية والعقرب والزنبور والبعوضة والبق والقمل، وكل ما يؤذيه". [الفتح لابن رجب (6/ 398)].
وقال ابن المنذر: "قتل الحية والعقرب في الصلاة مباح، وبه يقول عوام أهل العلم،
…
، وممن رخص في قتل العقرب في الصلاة: الحسن البصري، ورخص في قتل الحية والعقرب في الصلاة: الشافعي، وأحمد، وإسحاق، والنعمان وأصحابه، وكره قتل العقرب في الصلاة: النخعي، ولا معنى لقوله مع أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتله، ثم هو بنفسه قول شاذ لا نعلم أحدًا قال به".
وانظر: المجموع شرح المهذب (4/ 102).
***
922 -
قال أبو داود: حدثنا أحمد بن حنبل، ومسدد، وهذا لفظه، قال: حدثنا بشر -يعني: ابن المفضل-: حدثنا بُردٌ، عن الزهري، عن عروة بن الزبير، عن عائشة، قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أحمد: يصلي -والبابُ عليه مغلق، فجئت فاستفتحت- قال أحمد: فمشى- ففتح لي، ثم رجع إلى مصلاه، وذكر أن الباب كان في القبلة.
• حديث منكر.
أخرجه من طريق أبي داود: البيهقي في المعرفة (2/ 114/ 1040)، وابن عبد البر في التمهيد (20/ 97 - 98).
• ورواية أحمد هي في مسنده (6/ 31)، ومن طريقه أخرجه أيضًا: الطبراني في مسند الشاميين (1/ 206/ 363).
• وأخرجه من طريق مسدد: الطبراني في مسند الشاميين (1/ 206/ 363)، والدارقطني (2/ 80)، وابن حزم في المحلى (3/ 95)، وابن عبد البر في التمهيد (20/ 97 - 98).
• وأخرجه من طريق بشر بن المفضل:
الترمذي (601)، والبيهقي في السنن (2/ 265)، والبغوي في شرح السُّنَّة (3/ 270/ 747).
وفي آخره: ووصفتِ البابَ في القبلة.
قال الترمذي: "هذا حديث حسن غريب".
• ورواه حاتم بن وردان، وعبد الأعلى بن عبد الأعلى السامي، وحماد بن سلمة [وهم ثقات]، وعبد الوارث بن سعيد [ثقة ثبت]، وثابت بن يزيد الأحول البصري [ثقة ثبت]، وعلي بن عاصم الواسطي [صدوق، كثير الغلط والوهم، فإذا روجع أصر ولم يرجع، لذا فقد تركه بعضهم. التهذيب (3/ 173)، الميزان (3/ 135)، إكمال مغلطاي (9/ 350)]، قالوا:
حدثنا برد بن سنان أبو العلاء، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة رضي الله عنها قالت: استفتحت البابَ ورسولُ الله صلى الله عليه وسلم يصلي تطوعًا، والباب على القبلة، فمشى عن يمينه أو عن يساره، ففتح الباب، ثم رجع إلى مصلاه. لفظ حاتم، ومثله لفظ ثابت بن يزيد، وبنحوه لفظ عبد الأعلى وحماد؛ إلا أنهما لم يقولا: تطوعًا.
ولفظ علي بن عاصم: كان بابنا في قبلة المسجد، فاستفتحت ورسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي، فمشى حتى فتح لي، ثم رجع إلى مكانه الذي كان فيه.
ولفظ عبد الوارث: كنت أستفتح البابَ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي، فيجيء يستقبل القبلة، فيفتح لي، ثم يرجع إلى صلاته.
أخرجه النسائي في المجتبى (3/ 11/ 1206)، وفي الكبرى (1/ 528/284) و (2/ 39/ 1130)، وابن حبان في الصحيح (6/ 119/ 2355)، وفي الصلاة (17/ 185/ 22103 - إتحاف المهرة)، وأحمد (6/ 183 و 234)، وإسحاق بن راهويه (2/ 135/ 620) و (2/ 572/ 1147)، والطيالسي (3/ 77/ 1571)، والبزار (18/ 181/ 160)، وأبو يعلى (7/ 374/ 4406)، وأبو علي الطوسي في مختصر الأحكام (3/ 172/ 559)، وجعفر الخلدي في جزء من فوائده (189)، والدارقطني (2/ 80)، وابن حزم في المحلى (3/ 94 - 95)، والبيهقي (2/ 265).
قال البزار: "وهذا الحديث لا نعلم رواه عن الزهري إلا برد".
وقال الطوسي: "هذا حديث غريب".
وقال الدارقطني: "برد بن سنان: ليس بالحافظ". [انظر: الأحاديث الضعاف (451)، من تكلم فيه الدارقطني في كتاب السنن لابن زريق (49)].
وقال ابن أبي حاتم في العلل (1/ 467/164): "قلت لأبي: ما حال هذا الحديث؟ فقال أبي: لم يرو هذا الحديث أحدٌ عن النبي صلى الله عليه وسلم غير بُردٍ، وهو حديث منكر، ليس يحتمل الزهري مثل هذا الحديث، وكان برد يرى القدر".
خالف هؤلاء الأئمة فلم ينظر إلى موضع العلة فيه، ابن القطان الفاسي حيث قال في بيان الوهم (5/ 196/ 2416):"والحديث عندي صحيح، لثقة رواته واتصاله".
قلت: ليس الكلام هنا بالنظر إلى ثقة رجاله واتصاله، ولكن بالنظر إلى تفرُّد من لا يحتمل تفرده عن أحد الأئمة المشاهير كالزهري وغيره، وفي هذا المعنى يقول مسلم في مقدمته (1/ 7):"فأما من تراه يَعْمِدُ لمثل الزهري في جلالته وكثرة أصحابه الحفاظ المتقنين لحديثه وحديث غيره، أو لمثل هشام بن عروة، وحديثُهما عند أهل العلم مبسوطٌ مشتركٌ، قد نقل أصحابهما عنهما حديثَهما على الاتفاق منهم في أكثره، فيروي عنهما أو عن أحدهما العدد من الحديث مما لا يعرفه أحد من أصحابهما، وليس ممن قد شاركهم في الصحيح مما عندهم، فغيرُ جائزٍ قبولُ حديث هذا الضَّرْب من الناس، والله أعلم".
ولما نقل ابن رجب في شرح العلل (2/ 674) كلام الجوزجاني في أثبت أصحاب
الزهري؛ ختمه بقوله: "وذكر قومًا رووا عن الزهري قليلًا، أشياءَ يقع في قلب المتوسع في حديث الزهري أنها غير محفوظة، منهم: برد بن سنان، وروح بن جناح، وغيرهما".
وقال في الفتح (6/ 382) عن هذا الحديث: "واستنكره أبو حاتم الرازي والجوزجاني؛ لتفرد برد به".
وبرد بن سنان أبو العلاء الدمشقي، نزيل البصرة: تُكُلِّم فيه، وهو: صدوق [انظر: التهذيب (1/ 217)، سؤالات أبي داود للإمام أحمد (274)، الميزان (1/ 302)]، وليس هو من أصحاب الزهري، فكيف يحتمل تفرده عن الزهري دون أصحابه الثقات المكثرين عنه، ممن لازموه طويلًا، وجمعوا حديثه واعتنوا به، وذلك فضلًا عن كون الجوزجاني قد صرح بأن برد بن سنان ممن يروي عن الزهري أشياء غير محفوظة، وأنكر هو وأبو حاتم عليه تفرده بهذا الحديث عن الزهري، فهو كما قالا: حديث منكر.
• وله طريق أخرى عن عروة:
فقد روى محمَّد بن حميد: ثنا حكام بن سلم، عن عنبسة، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي، فإذا استفتح إنسان الباب فتح له؛ ما كان في قبلته أو عن يمينه أو عن يساره، ولا يستدبر القبلة.
أخرجه الدارقطني في السنن (2/ 80)، وفي العلل (14/ 108/ 3455).
وهذا حديث منكر؛ عنبسة بن سعيد بن الضريس، قاضي الري: كوفي، ثقة، والراوي عنه: حكام بن سلم الرازي: وثقه الجمهور؛ ابن معين، وأبو حاتم، وإسحاق بن راهويه، ويعقوب بن شيبة، ويعقوب بن سفيان، والعجلي، وابن سعد، وقال الدارقطني:"لا بأس به"، وذكره ابن حبان في الثقات، ولم أجد أحدًا تكلم فيه سوى ما نقل عن أحمد، أنه قال:"وكان يحدث عن عنبسة بن سعيد أحاديث غرائب"[التهذيب (1/ 461)، تاريخ بغداد (8/ 281)].
ومحمد بن حميد الرازي: ضعيف، وهو وإن كان موصوفًا بالحفظ؛ إلا أنه قد أجمع أهل بلده على ضعفه، وكذبه بعضهم، وهو كثير المناكير [التهذيب (1/ 85)].
فكيف ينفرد أهل الري بهذا الحديث عن هشام بن عروة المدني، وقد روى عنه خلق كثير من أهل الحجاز وأهل العراق وغيرهم، وقد سبق ذكره في كلام الإِمام مسلم السابق ذكره عن الحديث المنكر، والله أعلم.
• وله طريقان آخران عن عائشة:
أ- روى أبو رفاعة عبد الله بن محمَّد: نا عبد الله بن يحيى الثقفي: نا سليم بن أخضر، عن ابن عون، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عائشة، قالت: كنت أستفتح الباب، والنبي صلى الله عليه وسلم يصلي، فإما أخذ عن يمينه، وإما ترادَّ وراءه حتى يفتح لي الباب، ثم يعود إلى صلاته.
أخرجه ابن الأعرابي في المعجم (3/ 939/ 1989)[ووقع في المطبوعة: سليم بن جعفر، وهو تحريف؛ إنما هو ابن أخضر].
قلت: الأسود هو: ابن يزيد النخعي: كوفي مخضرم، ثقة فقيه جليل، وإبراهيم هو: ابن يزيد النخعي: كوفي ثقة فقيه، مكثر عن خاله الأسود، وابن عون هو: عبد الله بن عون بن أرطبان: بصري ثقة ثبت، والإسناد إلى هنا على شرط الشيخين، وسُليم بن أخضر: بصري ثقة ضابط، أعلم الناس بحديث ابن عون، وهو من رجال مسلم، وعبد الله بن يحيى الثقفي: بصري ثقة، وليس بالتوأم، وهو من رجال النسائي.
لكن الشأن في أبي رفاعة عبد الله بن محمَّد بن عمر بن حبيب العدوي البصري القاضي، قال الخطيب في تاريخه (10/ 83):"وكان ثقة"، وذكره ابن حبان في الثقات (8/ 369)، وقال:"وكان يخطئ"، وله أوهام في رفع الموقوفات وغيرها [علل الدارقطني (10/ 325/ 2036)، تاريخ بغداد (10/ 83)، المنتظم (12/ 247)، تاريخ الإِسلام (20/ 378)، [انظر: الحديث المتقدم برقم (641)، والطريق الثامن والعشرين من طرق حديث أنس (782)].
والحديث باطل بهذا الإسناد، ولعله دخل لأبي رفاعة هذا حديث في حديث، أو انقلب عليه الإسناد، والله أعلم.
ب- وروى الليث بن سعد، قال: حدثني عبد الرحيم بن خالد، عن يونس بن يزيد، عن الأوزاعي، عن أم كلثوم ابنة أسماء، عن عائشة، قالت: جئت النبي صلى الله عليه وسلم ذات يوم، وهو قائم يصلي في المسجد، والباب مجاف مما يلي القبلة، متنحيًا عن المسجد، فاستفتحت، فلما سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم صوتي أهوى بيده ففتح الباب، ثم مضى في صلاته.
أخرجه العقيلي في الضعفاء (3/ 80)، والطبراني في الأوسط (8/ 285/ 8652)، وأبو الشيخ في ذكر الأقران (13).
قال العقيلي: "وقد روي هذا عن عائشة بإسناد غير هذا أصلح من هذا الإسناد".
وقال الطبراني بعد أن روى حديثين بهذا الإسناد تقدم أحدهما في الحديث السابق: "لم يُروَ هذان الحديثان عن الأوزاعي إلا بهذا الإسناد، تفرد بهما: الليث بن سعد".
قلت: ولا يثبت هذا عن يونس بن يزيد؛ فإن عبد الرحيم بن خالد الأيلي، قال فيه العقيلي في الضعفاء (3/ 80):"مجهول بالنقل، ولا يتابع على حديثه بهذا الإسناد".
وأم كلثوم بنت أسماء بنت أبي بكر الصديق: ذكرها ابن حبان في الثقات (5/ 594)، ولم يرو عنها سوى اثنين، وهي قليلة الرواية جدًّا، وقد استُنكر عليها ما ترويه، ولا يُعرف لها سماع من عائشة، ولا يُعرف للأوزاعي سماع منها، فهي: مجهولة، يستنكر حديثها، فالحديث منكر.
• وأشهر إسناد لهذا الحديث هو ما رواه: برد بن سنان أبو العلاء، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة، وهو منكر أيضًا، إلا أنه اشتهر عن برد ورواه عنه جمع من الثقات، بخلاف ما عداه فإنما هي غرائب لم تشتهر؛ لذا قال أبو حاتم:"لم يرو هذا الحديث أحدٌ عن النبي صلى الله عليه وسلم غير بُردٍ، وهو حديث منكر".
• وفي العمل بحديث أبي قتادة في حمل أمامة في الصلاة، وحديث عائشة هذا، قال أحمد:"لا بأس به". [مسائل عبد الله (361 و 362)، وانظر: مسائل أحمد لأبي داود (232)].
• وفي الباب أيضًا في جواز العمل القليل في الصلاة إذا كان لحاجة؛ مما لم يأت على ذكره أبو داود في الأبواب الآتية، وهي أحاديث كثيرة جدًّا، نذكر منها ما يدل على ما جاء في معناها:
1 -
عن سهل بن سعد:
رواه مالك، عن أبي حازم، عن سهل بن سعد الساعدي؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذهب إلى بني عمرو بن عوف ليُصلح بينهم، فحانت الصلاة، فجاء المؤذن إلى أبي بكر، فقال: أتصلي بالناس فأقيم؟ قال: نعم، قال: فصلى أبو بكر، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم والناس في الصلاة، فتخلَّص حتى وقف في الصف، فصفَّق الناس، وكان أبو بكر لا يلتفت في الصلاة، فلما أكثر الناس التصفيق التفت فرأى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأشار إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم أنِ امكث مكانك، فرفع أبو بكر يديه فحمد الله عز وجل على ما أمره به رسول الله صلى الله عليه وسلم من ذلك، ثم استأخر أبو بكر حتى استوى في الصف، وتقدم النبي صلى الله عليه وسلم فصلى، ثم انصرف، فقال:"يا أبا بكر ما منعك أن تثبُتَ إذ أمرتُك؟ " قال أبو بكر: ما كان لابن أبي قحافة أن يصلي بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"ما لي رأيتكم أكثرتم التصفيق؟ من نابه شيء في صلاته فليسبِّح، فإنه إذا سبَّح التُفِت إليه، وإنما التصفيح للنساء".
حديث متفق على صحته [البخاري (684)، مسلم (421)][وهو عند مالك في موطئه (1/ 231/ 451)]، ويأتي تخريجه عند أبي داود برقم (940) إن شاء الله تعالى.
وفيه دليل على جواز رجوع القهقرى في الصلاة، كما بوَّب عليه النسائي في الكبرى (1/ 529/284).
2 -
عن عائشة:
رواه مالك، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة- زوج النبي صلى الله عليه وسلم - أنها قالت: صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيته وهو جالس، فصلى وراءه قومٌ قيامًا، فأشار إليهم أنِ: اجلسوا، فلما انصرف قال:"إنما جُعِل الإمامُ ليُؤتَّم به، فإذا ركع فاركعوا، وإذا رفع فارفعوا، وإذا صلى جالسًا فصلوا جلوسًا".
تقدم برقم (605)، وهو حديث متفق عليه.
وفيه جواز الإشارة للمأمومين.
3 -
عن جابر بن عبد الله:
رواه الليث بن سعد، عن أبي الزبير، عن جابر بن عبد الله، قال: اشتكى رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلينا وراءه وهو قاعد، وأبو بكر يكبر، ويُسمع الناسَ تكبيرَه، قال: فالتفت إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فرآنا قيامًا، فأشار إلينا فقعدنا، فصلينا بصلاته قعودًا، فلما
سلم قال: "إن كدتم آنفًا تفعلون فعل فارس والروم، يقومون على ملوكهم وهم قعود، فلا تفعلوا، ائتموا بأئمتكم: إن صلى قائمًا فصلوا قيامًا، وإن صلى قاعدًا فصلوا قعودًا".
أخرجه مسلم (413/ 84)، وتقدم برقم (606).
وفيه جواز الإشارة للمأمومين.
4 -
حديث ابن عمر:
رواه مالك، وعبيد الله بن عمر، والليث بن سعد، وموسى بن عقبة، وصخر بن جويرية، وجويرية بن أسماء، وعبد الله بن سعيد بن أبي هند، والضحاك بن عثمان:
عن نافع عن ابن عمر، بألفاظ متقاربة، ولفظ الليث: أنه رأى النبيُّ صلى الله عليه وسلم نخامةً في قبلة المسجد، وهو يصلي بين يدي الناس، فحتها، ثم قال حين انصرف:"إن أحدكم إذا كان في الصلاة، فإن الله قِبَل وجهه؛ فلا يتنخمنَّ أحدٌ قِبَل وجهه في الصلاة".
أخرجه البخاري (406 و 753 و 6111)، ومسلم (547/ 50 و 51)، واللفظ للبخاري، وتقدم تخريجه موسعًا بألفاظه وطرقه، راجع: الأحاديث رقم (479 - 485).
وفيه جواز حك النخامة من القبلة أثناء الصلاة إذا لم يستدع عملًا كثيرًا.
5 -
حديث ابن عباس:
رواه مالك، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، قال: خسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فصلى، قالوا: يا رسول الله، رأيناك تناولت شيئًا في مقامك، ثم رأيناك تكعكعت، قال:"إني أريت الجنة، فتناولت منها عنقودًا، ولو أخذته لأكلتم منه ما بقيت الدنيا".
وهو حديث متفق عليه [أخرجه البخاري (748 و 1052 و 5197)، ومسلم (907)]، ويأتي تخريجه في السنن برقم (1189) إن شاء الله تعالى.
6 -
حديث أبي هريرة:
رواه شعبة، عن محمَّد بن زياد، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"إن عفريتًا من الجن تفلَّت عليَّ البارحة ليقطع عليَّ الصلاة، فأمكنني الله منه فذعَتُّه؛ [يعني: فخنقته]، وأردت أن أربطه إلى جنب سارية من سواري المسجد، حتى تصبحوا فتنظروا إليه كلكم أجمعون"، قال:"فذكرت دعوة أخي سليمان: {قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي} [ص: 35] "، قال:"فرده [الله] خاسئًا".
أخرجه البخاري (461 و 1210 و 3284 و 3423 و 4808)، ومسلم (541)، وتقدم ذكره تحت الحديث رقم (699).
وفيه جواز دفع الصائل في الصلاة.
7 -
حديث أبي الدرداء:
رواه معاوية بن صالح، يقول: حدثني ربيعة بن يزيد، عن أبي إدريس الخولاني، عن أبي الدرداء، قال: قام رسول الله صلى الله عليه وسلم فسمعناه يقول: "أعوذ بالله منك" ثم قال: "ألعنك
بلعنة الله" ثلاثًا، وبسط يده كأنه يتناول شيئًا، فلما فرغ من الصلاة قلنا: يا رسول الله قد سمعناك تقول في الصلاة شيئًا لم نسمعك تقوله قبل ذلك، ورأيناك بسطت يدك، قال: "إن عدو الله إبليس، جاء بشهاب من نار ليجعله في وجهي، فقلت: أعوذ بالله منك، ثلاث مرات، ثم قلت: ألعنك بلعنة الله التامة، فلم يستأخر، ثلاث مرات، ثم أردت أخده، والله لولا دعوة أخينا سليمان لأصبح موثقًا يلعب به ولدان أهل المدينة".
أخرجه مسلم (542)، وتقدم ذكره تحت الحديث رقم (699).
وفيه جواز دفع الصائل في الصلاة.
8 -
أحاديث دفع المار بين يدي المصلي:
تقدمت عند أبي داود برقم (697 - 700) فلتراجع.
ومنها على سبيل المثال:
• ما رواه سليمان بن المغيرة: حدثنا ابن هلال -يعني: حميدًا-، قال: بينما أنا وصاحب لي نتذاكر حديثًا؛ إذ قال أبو صالح السمان: أنا أحدثك ما سمعت من أبي سعيد ورأيت منه، قال: بينما أنا مع أبي سعيد يصلي يوم الجمعة إلى شيء يستره من الناس، إذ جاء رجل شاب من بني أبي معيط، أراد أن يجتاز بين يديه، فدفع في نحوه، فنظر فلم يجد مساغًا إلا بين يدي أبي سعيد، فعاد، فدفع في نحره أشد من الدفعة الأولى، فمثَل قائمًا، فنال من أبي سعيد، ثم زاحم الناس، فخرج فدخل على مروان، فشكا إليه ما لقي، قال: ودخل أبو سعيد على مروان، فقال له مروان: مالك ولابن أخيك؟ جاء يشكوك، فقال أبو سعيد: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إذا صلى أحدكم إلى شيء يستره من الناس، فأراد أحد أن يجتاز بين يديه، فليدفع في نحره، فإن أبى فليقاتله، فإنما هو شيطان".
تقدم برقم (700)، وهو حديث متفق عليه.
• وما رواه مالك، عن زيد بن أسلم، عن عبد الرحمن بن أبي سعيد الخدري، عن أبي سعيد الخدري؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"إذا كان أحدكم يصلي؛ فلا يدَع أحدًا يمرُّ بين يديه، وليدْرأه ما استطاع، فإن أبى فليقاتلْه؛ فإنما هو شيطان".
تقدم برقم (697)، وهو حديث صحيح، أخرجه مسلم (505/ 258).
9 -
حديث أبي سعيد الخدري:
يرويه حماد بن سلمة، عن أبي نعامة السعدي، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد الخدري، قال: بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بأصحابه إذ خلع نعليه فوضعهما عن يساره، فلما رأى ذلك القوم ألقوا نعالهم، فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاته قال:"ما حملكم على إلقاء نعالكم؟ " قالوا: رأيناك ألقيت نعليك فألقينا نعالنا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إن جبريل أتأني فأخبرني أن فيهما قذرًا -أو قال: أذى-"، وقال:"إذا جاء أحدكم إلى المسجد فلينظر، فإن رأى في نعليه قذرًا أو أذى، فليمسحه، وليصل فيهما".
وهو حديث صحيح، أخرجه أبو داود برقم (650)، وتقدم تخريجه بشواهده تحت الحديث رقم (387).
10 -
حديث أبي هريرة:
يرويه عبد الرزاق، عن معمر، عن همام، سمع أبا هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"إذا قام أحدكم إلى الصلاة فلا يبصق أمامه؛ فإنما يناجي الله ما دام في مصلاه، ولا عن يمينه؛ فإن عن يمينه ملكًا، وليبصق عن يساره، أو تحت قدمه: فيدفنها".
أخرجه البخاري (416).
• ورواه القاسم بن مهران، عن أبي رافع، عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى نخامة في قبلة المسجد، فأقبل على الناس، فقال:"ما بال أحدكم يقوم مستقبل ربه، فيتنخع أمامه، أيحب أحدكم أن يستقبل فيتنخع في وجهه، فإذا تنخع أحدكم فليتنخع عن يساره تحت قدمه، فإن لم يجد فليقل هكذا".
ووصف القاسم: فتفل في ثوبه، ثم مسح بعضه على بعض.
أخرجه مسلم (550).
وتقدم ذكر طرقه وشواهده عند أبي داود برقم (474 - 485).
11 -
حديث عبد الله بن الشخير:
يرويه كهمس بن الحسن، رواه عن يزيد بن عبد الله بن الشخير، عن أبيه، قال: صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فرأيته تنخع فدلكها بنعله.
أخرجه مسلم (554/ 58)، وتقدم برقم (483).
12 -
حديث جابر بن عبد الله:
يرويه حاتم بن إسماعيل: ثنا يعقوب بن مجاهد أبو حزرة، عن عبادة بن الوليد بن عبادة بن الصامت، قال: أتينا جابرًا -يعني: ابنَ عبد الله- وهو في مسجده، فقال: أتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم في مسجدنا هذا، وفي يده عُرجونُ ابنِ طابٍ، فنظر فرأى في قبلة المسجد نخامةً، فأقبل عليها فحتَّها بالعرجون، ثم قال:"أيُّكمَ يحب أن يُعرِض الله عنه بوجهه؟ " ثم قال: "إن أحدكم إذا قام يصلي فإن الله عز وجل قِبَلَ وجهه، فلا يبصُقنَّ قِبَلَ وجهه، ولا عن يمينه، وليبصُق عن يساره، تحتَ رِجله اليسرى، فإن عَجِلَتْ به بادرةٌ فليقُلْ بثوبه هكذا" ووضعه على فِيه، ثم دلكه،
…
الحديث.
أخرجه مسلم (3008)، وتقدم برقم (485).
وفي هذه الأحاديث جواز دلك النخاعة بالقدم في الأرض، ودفنها، أو دلكها بالثوب، أثناء الصلاة.
13 -
حديث عائشة:
يرويه سالم أبو النضر، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن عائشة، قالت: كنت أنام بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجلاي في قبلته، فإذا سجد غمزني، فقبضت رجلي، وإذا قام بسطتهما، قالت: والبيوت يومئذ ليس فيها مصابيح.
وفي رواية لأبي داود وأبي عوانة: فإذا أراد أن يسجد ضرب رجلي.
أخرجه البخاري (382 و 513 و 1209)، ومسلم (512/ 272)، وأبو داود (713)، وتقدم تخريجه بطرقه في تخريج السنن تحت الحديث رقم (180).
• ورواه القاسم بن محمَّد، عن عائشة رضي الله عنها، قالت: بئسما عدلتمونا بالكلب والحمار، لقد رأيتني ورسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي، وأنا مضطجعة بينه وبين والقبلة، فإذا أراد أن يسجد غمز رجليَّ فقبضتهما.
أخرجه البخاري (519)، وأبو داود (712).
14 -
حديث أبي برزة:
يرويه شعبة: حدثنا الأزرق بن قيس، قال: كنا بالأهواز نقاتل الحرورية، فبينا أنا على جُرُف نهرٍ إذا رجل يصلي، وإذا لجام دابته بيده، فجعلت الدابة تنازعه وجعل يتبعها -قال شعبة: هو أبو برزة الأسلمي-، فجعل رجل من الخوارج يقول: اللَّهُمَّ افعل بهذا الشيخ، فلما انصرف الشيخ، قال: إني سمعت قولكم، وإني غزوت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ست غزوات، أو: سبع غزوات، أو ثمان، وشهدت تيسيره، وإني أن كنت أن أراجع مع دابتي أحب إليَّ من أن أدعَها ترجع إلى مألفها فيشقَّ عليَّ.
أخرجه البخاري (1211)، وابن حبان في الصلاة (13/ 502/ 17057 - إتحاف المهرة)، وأحمد (4/ 420 و 423)، والطيالسي (2/ 240/ 969)، والروياني (1320)، والطحاوي (1/ 420)، وأبو نعيم في معرفة الصحابة (5/ 2683/ 6422)، والبيهقي (2/ 266)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (62/ 94).
• ورواه حماد بن زيد: ثنا الأزرق بن قيس، أنه رأى أبا برزة الأسلمي يصلي، وعنان دابته في يده، فلما ركع انفلت العنان من يده، وانطلقت الدابة، قال: فنكص أبو برزة على عقبيه، ولم يلتفت حتى لحق الدابة، فأخذها، ثم مشى كما هو، ثم أتى مكانه الذي صلى فيه، فقضى صلاته، فأتمها، ثم سلم، قال: إني قد صحبت رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزو كثير حتى عد غزوات، فرأيت من رخصه وتيسيره، وأخذت بذلك، ولو أني تركت دابتي حتى تلحق بالصحراء، ثم انطلقت شيخًا كبيرًا أتخبط الظلمة؛ كان أشدَّ عليَّ.
أخرجه البخاري (6127)، وابن خزيمة (2/ 40/ 866)، واللفظ له. والحاكم (1/ 255) بمثله.
• وروي من طرق أخرى عن الأزرق بن قيس به مختصرًا ومطولًا:
أخرجه عبد الرزاق (2/ 262/ 3289 و 3290)، وابن أبي خيثمة في التاريخ الكبير (1/ 576/ 2384 - السفر الثاني)، والبزار (9/ 311/ 3862) و (10/ 376/ 4512)، والسرقسطي في الدلائل (3/ 1017/ 552 - ط. العبيكان)(2/ 858/ 357 - ط. الرابطة المحمدية).
قال ابن رجب في الفتح (6/ 401): "والمعنى: أنه شاهد من تيسيره صلى الله عليه وسلم ما استدل به