الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تشهد ابن مسعود، وقيل غير ذلك، وذكر ابن حجر أن بعض هذه المرجحات لا طائل فيها لمن أنصف [انظر: اختلاف الحديث (46)، معالم السنن (1/ 197)، السنن الكبرى للبيهقي (2/ 140)، مختصر الخلافيات (2/ 144)، إحكام الأحكام (2/ 70)، البدر المنير (4/ 39)، الفتح لابن حجر (2/ 316)].
وقال النووي في المجموع (3/ 420): "قال الشافعي والأصحاب: ويأيِّها تشهد أجزأه، لكن تشهد ابن عباس أفضل،
…
، وقد أجمع العلماء على جواز كل واحد منها".
وقال في الأذكار (54): "قال البيهقي: والثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة أحاديث: حديث ابن مسعود، وابن عباس، وأبي موسى، هذا كلام البيهقي، وقال غيره: الثلاثة صحيحة وأصحها حديث ابن مسعود، واعلم أنه يجوز التشهُّد بأي تشهُّدٍ من هذه المذكورات، هكذا نص عليه إمامنا الشافعي وغيره من العلماء رضي الله عنهم، وأفضلها عند الشافعي حديث ابن عباس للزيادة التي فيه من لفظ المباركات، قال الشافعي وغيره من العلماء رحمهم الله: ولكون الأمر فيها على السعة والتخيير اختلفت ألفاظ الرواة، والله أعلم".
وقال ابن الملقن في البدر المنير (4/ 37): "أشدُّها صحةً باتفاق الحفاظ: حديث ابن مسعود، لوجهين: أحدهما: أن الأئمة الستة اتفقوا على إخراجه في كتبهم، بخلاف تشهد ابن عباس؛ فإنه معدود من مفردات مسلم، وأخرجه أصحاب السنن الأربعة أيضًا، ثانيهما: أنه أصح حديث في الباب".
وقد حكى شيخ الإسلام ابن تيمية عدم مشروعية التلفيق بين التشهدات [مجموع الفتاوى (24/ 244)].
وقال في موضع آخر (22/ 459): "وأما الجمع في كل القراءة المشروعة المأمور بها فغير مشروع باتفاق المسلمين؛ بل يخير بين تلك الحروف، وإذا قرأ بهذه تارة وبهذه تارة كان حسنًا، كذلك الأذكار إذا قال تارة: ظلمًا كثيرًا، وتارة: ظلمًا كبيرًا، كان حسنًا، كذلك إذا قال تارة: على آل محمد، وتارة: على أزواجه وذريته، كان حسنًا، كما أنه في التشهد إذا تشهد تارة بتشهد ابن مسعود، وتارة بتشهد ابن عباس، وتارة بتشهد عمر، كان حسنًا، وفي الاستفتاح إذا استفتح تارة باستفتاح عمر، وتارة باستفتاح علي، وتارة باستفتاح أبي هريرة، ونحو ذلك كان حسنًا".
وانظر: مختصر اختلاف العلماء للجصاص (1/ 214)، مسند الفاروق لابن كثير (1/ 226)، عمدة القاري (6/ 115)، وغيرها كثير.
***
183 - باب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بعد التشهد
976 -
قال أبو داود: حدثنا حفص بن عمر: حدثنا شعبة، عن الحكم، عن ابن أبي ليلى، عن كعب بن عُجرة، قال: قلنا -أو: قالوا-: يا رسول الله! أمرتنا
أن نصلِّيَ عليك، وأن نسلِّم عليك، فأما السلام فقد عرفناه، فكيف نصلِّي عليك؟ قال:"قولوا: اللَّهُمَّ صلِّ على محمد وآل محمد، كما صليتَ على إبراهيمَ، وبارك على محمد وآل محمد، كما باركتَ على إبراهيمَ، إنك حميدٌ مجيدٌ".
• حديث متفق عليه من حديث شعبة.
لم أقف على من أخرجه من حديث حفص بن عمر الحوضي عن شعبة به؛ غير أبي داود، وحفص بن عمر الحوضي: ثبت متقن، وقد تابعه على روايته بدون ذكر الآل في إبراهيم: علي بن الجعد، وأبو الوليد الطيالسي، وحجاج بن محمد، وسليمان بن حرب، كما سيأتي بيانه.
***
977 -
. . . يزيد بن زريع: حدثنا شعبة، بهذا الحديث، قال:"صلِّ على محمد، وعلى آل محمد، كما صليتَ على آل إبراهيم".
• حديث متفق عليه من حديث شعبة.
أخرجه النسائي في الرابع من الإغراب (82)، وابن أبي عاصم في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم (12).
رواه عن يزيد بن زريع: مسدد بن مسرهد [ثقة حافظ][وهذا لفظه]، ومحمد بن أبي بكر المقدَّمي [ثقة]، وأبو الأشعث أحمد بن المقدام [ثقة].
ولفظ المقدَّمي [عند ابن أبي عاصم]: "قولوا: اللَّهُمَّ صلِّ على محمد، وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم، إنك حميد مجيد، وبارك على محمد، وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم، إنك حميد مجيد".
ولفظ أبي الأشعث [عند النسائي]: "قولوا: اللهم صلَّ على محمد، وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم، وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد، وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم، وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد".
وهو شاذ بهذا اللفظ الأخير من حديث شعبة؛ فإن أكثر أصحاب شعبة رووه بلفظ: على آل إبراهيم، ورواه بعضهم بلفظ: على إبراهيم، بدون ذكر الآل، وكلاهما محفوظ عن شعبة، ولم يجمع أحد منهم بينهما في الرواية؛ على إبراهيم، وعلى آل إبراهيم، إلا ما وقع في رواية أبي الأشعث عن يزيد بن زريع، فهي رواية شاذة، والله أعلم.
• وهذا الحديث قد رواه عن شعبة جماعة من أصحابه الثقات والمقدمين فيه، مثل:
محمد بن جعفر غندر، ويحيى بن سعيد القطان، وعبد الرحمن بن مهدي، وآدم بن أبي إياس، ووكيع بن الجراح، وعبد الله بن المبارك، وأبي الوليد الطيالسي هشام بن
عبد الملك، وعفان بن مسلم، وعلي بن الجعد، وأبي داود الطيالسي، وشبابة بن سوار، وحجاج بن محمد المصيصي، وسليمان بن حرب، ووهب بن جرير، وأبي عامر العقدي عبد الملك بن عمرو، وعمرو بن مرزوق، وسهل بن بكار، وعاصم بن علي، وأبي عبَّاد يحيى بن عبَّاد الضبعي:
عن شعبة، عن الحكم، قال: سمعت عبد الرحمن بن أبي ليلى، قال: لقيني كعب بن عجرة، فقال: ألا أهدي لك هديةً؟ خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلنا: قد عرفنا كيف نسلم عليك، فكيف نصلي عليك؟ قال:"قولوا: اللهم صل على محمد، وعلى آل محمد، كما صليت على آل إبراهيم، إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد، وعلى آل محمد، كما باركت على آل إبراهيم، إنك حميد مجيد".
ومنهم من قال: كما صليت على إبراهيم، كما باركت على إبراهيم، بدون ذكر الآل، مثل: ابن الجعد، وأبي الوليد الطيالسي، وحفص بن عمر، وحجاج بن محمد، وسليمان بن حرب، وغيرهم.
ومنهم من قال: وبارك على محمد، ولم يقل: اللهم، مثل: ابن الجعد، وأبي الوليد الطيالسي، وحفص بن عمر، ويحيى بن سعيد القطان.
أخرجه البخاري (6357)، ومسلم (406/ 66 و 67)، وأبو عوانة (1/ 526/ 1967)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (2/ 30/ 901)، والنسائي في المجتبى (3/ 48/ 1289)، وفي الكبرى (2/ 74/ 1213) و (9/ 28/ 9799)، وابن ماجه (904)، والدارمي (1/ 356/ 1342)، وابن حبان (3/ 193/ 912) و (5/ 295/ 1964)، وابن الجارود (206)، وأحمد (4/ 241 و 242)، والطيالسي (2/ 388/ 1157)، وإسماعيل بن إسحاق القاضي في فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم (56)، وابن جرير الطبري في تهذيب الآثار (333 - الجزء المفقود)، وأبو القاسم البغوي في مسند ابن الجعد (138)، وابن المنذر في الأوسط (3/ 215/ 1532)، والطحاوي في شرح المشكل (6/ 9 - 10/ 2234)، وفي أحكام القرآن (308)، والطبراني في الكبير (19/ 125/ 270)، وابن منده في التوحيد (2/ 108/ 252) و (2/ 178/ 323)، وقال:"هذا حديث مجمع على صحته من حديث ابن أبي ليلى". وابن حزم في المحلى (4/ 135)، والبيهقي في السنن (2/ 147)، وفي المعرفة (2/ 42/ 907)، وفي الدعوات (215).
***
978 -
قال أبو داود: حدثنا محمد بن العلاء: حدثنا ابن بشر، عن مسعر، عن الحكم، بإسناده بهذا، قال:"اللهم صل على محمد، وعلى آل محمد، كما صليتَ على إبراهيمَ، إنك حميدٌ مجيدٌ، اللَّهُمَّ بارك على محمد، وعلى آل محمد، كما باركتَ على آل إبراهيمَ، إنك حميدٌ مجيدٌ".
قال أبو داود: رواه الزبير بن عدي، عن ابن أبي ليلى، كما رواه مسعر؛ إلا أنه قال:"كما صليت على آل إبراهيم، إنك حميد مجيد، وبارك على محمد" وساق مثله.
• حديث متفق عليه من حديث مسعر.
لم أقف على من أخرجه من هذا الوجه، وإسناده صحيح غاية؛ ابن بشر هو: محمد بن بشر العبدي الكوفي، وهو: ثقة حافظ، روى له الجماعة، والراوي عنه: أبو كريب الكوفي: ثقة حافظ، روى عنه الجماعة.
• وقد رواه يحيى بن سعيد الأموي، ووكيع بن الجراح، وعبدة بن سليمان، وعلي بن مسهر، وعلي بن قادم [وهم ثقات]، وعبد الله بن محمد بن المغيرة الكوفي [نزيل مصر: منكر الحديث. اللسان (4/ 554)، والراوي عنه: مقدام بن داود بن عيسى بن تليد الرعيني المصري: ضعيف. اللسان (8/ 144)]:
عن مسعر، عن الحكم، عن ابن أبي ليلى، عن كعب بن عجرة رضي الله عنه، قيل: يا رسول الله! أما السلام عليك فقد عرفناه، فكيف الصلاة عليك؟ قال:"قولوا: اللهم صلِّ على محمد، وعلى آل محمد، كما صليت على آل إبراهيم، إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد، وعلى آل محمد، كما باركت على آل إبراهيم، إنك حميد مجيد".
وقال وكيع [وهو: ثقة حافظ][عند ابن أبي شيبة]: كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم، كما باركت على إبراهيم وآل إبراهيم.
ومنهم من قال: وبارك على محمد، ولم يقل: اللَّهُمَّ، مثل: وكيع بن الجراح، وعبدة بن سليمان.
أخرجه البخاري (4797)، ومسلم (406/ 67)، وأبو عوانة (1/ 526/ 1968)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (2/ 30/ 902)، وابن حبان (5/ 286 - 287/ 1957) و (5/ 295/ 1964)، وأحمد (4/ 243)[وتحرف فيه مسعر إلى مصعب]، وابن أبي شيبة (2/ 246/ 8631)، والطبراني في الكبير (19/ 127/ 276).
• خالفهم، فوهم في إسناده على مسعر:
أبو بكر الحنفي [عبد الكبير بن عبد المجيد، وهو: ثقة، لكن في الإسناد إليه جهالة]: حدثنا مسعر بن كدام، عن سلمة بن كهيل، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن كعب بن عجرة به مرفوعًا.
أخرجه الطبراني في الصغير (233)، وفي الأوسط (3/ 215/ 2955).
قال الطبراني: "لم يروه عن سلمة بن كهيل إلا مسعر، ولا عن مسعر إلا أبو بكر الحنفي، تفرد به: ميمون بن الأصبغ، ولا كتبناه إلا عن إبراهيم بن عبد الله".
قلت: هو منكر بهذا الإسناد، وشيخ الطبراني: إبراهيم بن عبد الله بن إبراهيم النصيبي: مجهول [الأنساب (5/ 498)].
• وللحديث طرق أخرى عن الحكم بن عتيبة:
1 -
فقد رواه إسماعيل بن زكريا أبو زياد [ليس به بأس]:
عن الأعمش، وعن مسعر، وعن مالك بن مغول:
كلهم عن الحكم بهذا الإسناد مثله، وقال: وبارك على محمد، ولم يقل: اللهم.
أخرجه مسلم (406/ 68)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (2/ 30/ 903)، والخطيب في تاريخ بغداد (6/ 216)، وابن حجر في نتائج الأفكار (2/ 199)، وقال:"هذا حديث صحيح، متفق عليه، أخرجه الأئمة كلهم من طرق متعددة إلى الحكم".
ولفظه عند الخطيب: "اللهم صلِّ على محمد، وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم، إنك حميد مجيد، اللَّهُمَّ بارك على محمد، وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم، إنك حميد مجيد".
2 -
ورواه أبو أسامة حماد بن أسامة [ثقة ثبت]:
عن مسعر، والأجلح، ومالك بن مغول:
عن الحكم بن عتيبة، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن كعب بن عجرة، قال: قلنا: يا رسول الله! هذا السلام عليك قد علمنا، فكيف الصلاة عليك؟ قال:"قولوا: اللهم صلِّ على محمد، وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم، إنك حميد مجيد، وبارك على محمد، وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم، إنك حميد مجيد".
أخرجه الترمذي (483).
قال الترمذي: "حديث حسن صحيح".
3 -
وأخرجه من طرقٍ أخرى عن مالك بن مغول وحده [وهو: ثقة ثبت]، عن الحكم به:
أبو زرعة الدمشقي في الأول من الفوائد المعللة (49)، وابن أبي عاصم في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم (14)، وابن جرير الطبري في تهذيب الآثار (337 - الجزء المفقود)، وأبو عوانة (1/ 527/ 1969)، والطبراني في الكبير (19/ 126/ 272)، وفي الأوسط (2/ 91 - 92/ 2587)، وأبو نعيم في الحلية (4/ 356).
ولفظه: "قولوا: اللَّهُمَّ صلِّ على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على آل إبراهيم، إنك حميد مجيد، وبارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على آل إبراهيم، إنك حميد مجيد".
وفي رواية: كما صليت على إبراهيم، كما باركت على إبراهيم.
وفي أخرى بإسناد غاية في الصحة عن مالك بن مغول به: كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم، كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم. وقال أيضًا: اللهم بارك على محمد.
4 -
وأخرجه من طريق آخر عن الأجلح بن عبد الله وحده [وهو: لا بأس به، في حديثه لين. التهذيب (1/ 98)، الميزان (1/ 79)، منهج النسائي في الجرح والتعديل (3/ 1081)]، عن الحكم بن عتيبة، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن كعب بن عجرة، قال: لما نزلت هذه الآية: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (56)} [الأحزاب: 56]، قمت إليه فقلت: السلام عليك قد عرفناه، فكيف الصلاة عليك يا رسول الله؟ قال:"قل: اللَّهُمَّ صلِّ على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم و [على] آل إبراهيم، إنك حميد مجيد، وبارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم و [على] آل إبراهيم، إنك حميد مجيد".
أخرجه عبد بن حميد (368)، وابن جرير الطبري في تفسيره (22/ 43)، وفي تهذيب الآثار (338 - الجزء المفقود)، وأبو عوانة (1/ 527/ 1970)، والطبراني في الكبير (19/ 128/ 278).
5 -
ورواه زائدة بن قدامة، وسفيان الثوري، وشيبان بن عبد الرحمن النحوي، وأبو بدر شجاع بن الوليد [وهم ثقات]:
عن سليمان [الأعمش]، عن الحكم، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن كعب بن عجرة، قال: قلنا: يا رسول الله! السلام عليك قد عرفناه، فكيف الصلاة عليك؟ قال:"قولوا: اللهم صلِّ على محمد، وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم، إنك حميد مجيد، وبارك على محمد، وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم وآل إبراهيم، إنك حميد مجيد".
قال عبد الرحمن: ونحن نقول وعلينا معهم. لفظ زائدة.
وفي رواية للثوري: عن كعب بن عجرة، قال: لما نزلت: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [الأحزاب: 56]، جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال:
…
فذكر الحديث.
أخرجه الترمذي (483)، والنسائي في المجتبى (3/ 47/ 1288)، وفي الكبرى (2/ 74/ 1212)، وأبو عوانة (1/ 527/ 1969)، وأحمد (4/ 241)، وعبد الرزاق (2/ 212/ 3105)، وابن أبي عاصم في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم (13)، والطحاوي في شرح المشكل (6/ 8/ 2231) و (6/ 9/ 2233)، والطبراني في الكبير (19/ 124/ 266 - 268)، وأبو نعيم في الحلية (4/ 356)، وابن حجر في نتائج الأفكار (2/ 198).
قال أبو نعيم: "صحيح متفق عليه، رواه عن الحكم: شعبة وقيس بن سعد ومنصور وإدريس الأودي وعمرو الملائي وزيد بن أبي أنيسة ومسعر وحمزة الزيات وعمر بن بشير بن هاني".
• ووهم فيه شيخ النسائي؛ القاسم بن زكريا بن دينار، فجعله: عن زائدة، عن سليمان، عن عمرو بن مرة، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن كعب بن عجرة.
أخرجه النسائي في المجتبى (3/ 47/ 1287)، وفي الكبرى (2/ 73/ 1211).
قال النسائي: "حدثنا به من كتابه، وهذا خطأ"، ثم قال بعد أن رواه عنه مرة أخرى على الصواب:"وهذا أولى بالصواب من الذي قبله، ولا نعلم أحدًا قال فيه: عمرو بن مرة غير هذا، [وهو عن الحكم مشهور]، والله تعالى أعلم".
• وممن رواه أيضًا عن الحكم بن عتيبة به:
6 -
حمزة بن حبيب الزيات [صدوق][بنحو رواية الجماعة].
7 -
قيس بن سعد [المكي، وهو: ثقة، لكن الراوي عنه: حماد بن سلمة، وقد تكلم الحفاظ في رواية حماد عن قيس بن سعد، قال أحمد: "ضاع كتاب حماد بن سلمة عن قيس بن سعد؛ فكان يحدثهم من حفظه"؛ يعني: فيخطئ. راجع ترجمته فيما تقدم تحت الحديث رقم (296) والحديث رقم (684)].
8 -
عمرو بن قيس الملائي [ثقة متقن، روي عنه بإسنادين: أحدهما لا يصح، والآخر: وهم راويه في متنه، وأعله عبد الله بن أحمد، فقال: "أخطأ عثمان؛ (يعني: ابن أبي شيبة) في هذا، إنما هذا حديث: "مُعقِّبات لا يخيب قائلهُنَّ""].
9 -
فطر بن خليفة [صدوق][وفي روايته زيادات شاذة، بل منكرة، وزاد الآية].
10 -
محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى [صدوق، سيئ الحفظ جدًّا، وزاد الآية].
11 -
13 - وعبد الله بن محرر [متروك، منكر الحديث]، ومجاعة بن الزبير [ضعيف، وفي الإسناد إليه من يجهل حاله]، وأبو هانئ عمر بن بشير [ليس بقوي. اللسان (6/ 72)، وفي الإسناد إليه: شيخ الطبراني: كذاب يضع الحديث. اللسان (1/ 642)].
كلهم: عن الحكم، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن كعب بن عجرة به مرفوعًا.
أخرجه عبد الرزاق (2/ 212/ 3105)، وابن أبي عاصم في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم (11)، وابن جرير الطبري في تهذيب الآثار (332 و 339 - الجزء المفقود)، وأبو عوانة (1/ 527/ 1970)، والطبراني في الكبير (19/ 124/ 269) و (19/ 125/ 271) و (19/ 126/ 273 و 274) و (19/ 127/ 275 و 277) و (19/ 128/ 279)، وفي الصغير (202)، وفي الأوسط (7/ 57/ 6838)، وأبو نعيم في تاريخ أصبهان (1/ 167).
• وللحديث أسانيد أخرى:
أ- رواه عبد الواحد بن زياد: حدثنا أبو فروة مسلم بن سالم الهمداني، قال: حدثني عبد الله بن عيسى، سمع عبد الرحمن بن أبي ليلى، قال: لقيني كعب بن عجرة، فقال: ألا أهدي لك هدية سمعتها من النبي صلى الله عليه وسلم؟ فقلت: بلى، فأهدِها لي، فقال: سألنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلنا: يا رسول الله! كيف الصلاة عليكم أهل البيت، فإن الله قد علمنا كيف نسلِّم عليكم؟ قال:"قولوا: اللَّهُمَّ صل على محمد، وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم، وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد، وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم، وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد".
أخرجه البخاري (3370)، والحاكم (3/ 148)، والطحاوي في شرح المشكل (6/ 10/ 2235)، وابن الأعرابي في المعجم (2/ 865/ 1803)[وفي سنده تحريف، وسقط]، والطبراني في الكبير (19/ 129/ 283)، وفي الأوسط (3/ 28 - 29/ 2368)، وابن المقرئ في المعجم (168)، والبيهقي (2/ 148)، والبغوي في شرح السنة (3/ 190/ 681)، وفي التفسير (3/ 542)، وقال في الشرح:"هذا حديث متفق على صحته"؛ يعني: من حديث ابن أبي ليلى.
قال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن أبي فروة إلا عبد الواحد بن زياد، ولا رواه عن عبد الله بن عيسى إلا أبو فروة".
قلت: وهم ثقات، فهو صحيح غريب، وقد صححه البخاري.
ب- ورواه محمد بن فضيل، وسفيان بن عيينة، وهشيم بن بشير، وسفيان الثوري، وجرير بن عبد الحميد، وخالد بن عبد الله الواسطي، وعبد العزيز بن مسلم القسملي، وأبو الأحوص سلام بن سليم [وهم ثقات، ولم يذكر الأخير الآية]، وأبو بكر بن عياش [صدوق، وعنه: يحيى بن عبد الحميد الحماني، وهو: حافظ إلا أنهم اتهموه بسرقة الحديث]، وإبراهيم بن مهاجر [صدوق، لينه بعضهم. انظر ترجمته تحت الحديث رقم (316)]، وعلي بن عاصم [الواسطي: كثير الغلط والوهم، فإذا روجع أصر ولم يرجع، لذا فقد تركه بعضهم. التهذيب (3/ 173)، الميزان (3/ 135)، إكمال مغلطاي (9/ 350)] [ولم يذكر الآية]:
عن يزيد بن أبي زياد، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن كعب، قال: لما نزلت: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ} قالوا: كيف نصلي عليك يا نبي الله؟ قال: "قولوا: اللهم صل على محمد، وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم، وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد، وبارك على محمد، وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم، وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد".
قال: ونحن نقول: وعلينا معهم، قال يزيد: فلا أدري أشيء زاده ابن أبي ليلى من قبل نفسه، أو شيء رواه كعب. لفظ ابن فضيل.
وفي رواية لهشيم بنحو لفظ الجماعة، وفي أخرى: لما نزلت: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ} قلنا: يا رسول الله! قد علمنا السلام عليك، فكيف الصلاة عليك؟ قال:"قولوا: اللهم اجعل صلواتك وبركاتك على محمد وعلى آل محمد، كما جعلتها على إبراهيم وآل إبراهيم، إنك حميد مجيد، وبارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم وآل إبراهيم، إنك حميد مجيد". قال يزيد: وكان ابن أبي ليلى يقول: وعلينا معهم. وهو منكر بهذا السياق.
وفي رواية علي بن عاصم: قال كعب: ونحن نقول: وعلينا معهم، وهي منكرة أيضًا.
أخرجه أحمد (4/ 244)، والحميدي (711)، وابن أبي شيبة في المصنف (2/ 246/ 8632)، وفي المسند (505)، والحسن بن عرفة في جزئه (72)، وسعدان بن نصر في جزئه (98)، وإسماعيل بن إسحاق القاضي في فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم (57 و 58)، وابن أبي عاصم في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم (10)، وابن جرير الطبري في تهذيب الآثار (334 و 336 - الجزء المفقود)، وأبو علي الطوسي في مختصر الأحكام (2/ 455/ 459)، وأبو عوانة (1/ 527/ 1970)، والطحاوي في شرح المشكل (6/ 9/ 2232)، والمحاملي في الأمالي (462)، وأبو جعفر ابن البختري في ثاني الأحد عشر من أماليه (18)(150 - مجموع مصنفاته)، والطبراني في الكبير (19/ 130 - 132/ 286 - 290)، وابن السني في عمل اليوم والليلة (94)، وأبو إسحاق الثعلبي في الكشف والبيان (8/ 61)، والبيهقي في الدعوات (216)، والخطيب في الموضح (2/ 547)، وابن حجر في نتائج الأفكار (2/ 200).
قلت: وهذا إسناد جيد في المتابعات؛ فإن يزيد بن أبي زياد في الأصل: صدوق عالم؛ إلا أنه لما كبر ساء حفظه وتغير، وكان إذا لُقِّن تلقَّن، فهو: ليس بالقوى؛ كما قال أكثر النقاد، لأجل ما صار إليه أمره [انظر: التهذيب (9/ 344)، الميزان (4/ 423)، الجامع في الجرح والتعديل (3/ 315)]، لكنه قد توبع عليه كما ترى، فيما عدا ما أنكرتُ عليه، كما أنه قد رواه عنه جماعة من قدماء الثقات والحفاظ، مثل: سفيان الثوري، وأبي الأحوص سلام بن سليم، وخالد بن عبد الله الواسطي، وعبد العزيز بن مسلم القسملي، وجرير بن عبد الحميد، وهشيم بن بشير، فيحتمل أن يكون حدَّث به قبل أن يتغير حفظه، ويقبل التلقين، والله أعلم.
ج- ورواه إبراهيم بن مهاجر [صدوق، لينه بعضهم. انظر ترجمته تحت الحديث رقم (316)]، وعبد الله بن أبي نجيح [ثقة، سمع من مجاهد]، وأبو أمية عبد الكريم بن أبي المخارق [مجمع على ضعفه]، وليث بن أبي سليم [ضعيف؛ لاختلاطه وعدم تميز حديثه]:
عن مجاهد، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن كعب بن عجرة، قال: قلنا: يا رسول الله! هذا السلام عليك قد عرفناه، فكيف نصلي عليك؟ فقال:"قولوا: اللَّهُمَّ صل على محمد، وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم، وبارك على محمد، وعلى آل محمد، كما باركت على آل إبراهيم، إنك حميد مجيد"، لفظ إبراهيم، والباقي بنحوه أو مختصرًا.
ولفظ ابن أبي نجيح [عند الطبراني (242)]: "قل: اللَّهُمَّ صلِّ على محمد، وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم، إنك حميد مجيد، وبارك على محمد، كما باركت على إبراهيم، إنك حميد مجيد".
أخرجه النسائي في الكبرى (9/ 141/ 10119)، وأبو عوانة (1/ 527/ 1970)، والحميدي (712)، وابن أبي عاصم في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم (15)، وابن جرير الطبري في تهذيب الآثار (335 - الجزء المفقود)، والطحاوي في شرح المشكل (6/ 9/ 2232)،
والطبراني في الكبير (19/ 116/ 241 و 242) و (19/ 128/ 280)، وأبو نعيم في الحلية (7/ 107 - 108).
وهذا حديث صحيح، وقد رواه عن مجاهد جماعة من أصحابه المكثرين عنه، وإن كان بعضهم معروفًا بالضعف، إلا أنه صالح في المتابعات.
• هكذا رواه سفيان الثوري عن إبراهيم بن مهاجر، وهو الصواب، ورواه بعضهم عن إبراهيم فأسقط ذكر عبد الرحمن بن أبي ليلى، ومدار الحديث عليه:
• فقد روى الطبراني في الكبير (19/ 128/ 281)، بإسناد صحيح إلى سلمة العوصي، عن علي بن صالح، عن إبراهيم بن مهاجر، عن مجاهد، عن كعب بن عجرة؛ أنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم:
…
فذكر الحديث.
قال الطبراني: "ولم يذكر في الحديث عبد الرحمن بن أبي ليلى".
قلت: علي بن صالح هو: ابن حي الهمداني الكوفي، أخو حسن، وهو: ثقة، لكن الراوي عنه: سلمة بن عبد الملك العوصي الحمصي: ذكره ابن حبان في الثقات، وقال:"ربما أخطأ"، وله حديث واحد عند النسائي أخطأ فيه [الثقات (8/ 268)، تاريخ الإسلام (14/ 177)، الميزان (2/ 191)، التهذيب (2/ 74)، سنن النسائي (8/ 86)، تحفة الأشراف (3/ 3576 و 3581 و 3588)]، ولعل الحمل في هذا الحديث عليه؛ حيث تفرد به عن علي بن صالح الكوفي، والله أعلم.
د- وروى الطبراني في الكبير (19/ 130/ 284)، قال: حدثنا محمد بن أحمد أبو جعفر الترمذي: ثنا عبد الله بن محمد بن سالم القزاز: ثنا عُبَيدة بن الأسود، عن القاسم بن الوليد، عن عبد الله بن عبد الله الرازي، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن كعب بن عجرة، قال له: ألا أهدي لك هدية؟ قلت: بلى، قال: قلنا: يا رسول الله! قد علمنا كيف نسلم عليك، فكيف الصلاة عليك؟ قال:"قولوا: اللهُمَّ صلِّ على محمد، وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم، إنك حميد مجيد، وبارك على محمد، وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم وآل إبراهيم، إنك حميد مجيد".
وهذا إسناد كوفي، ثم بغدادي، وهو حسن غريب، رجاله معروفون بالرواية عن بعضهم البعض: عبد الله بن عبد الله الرازي: كوفي ثقة [التهذيب (2/ 369)]، والقاسم بن الوليد الهمداني الكوفي: وثقه ابن معين وابن سعد والعجلي والدارقطني، وقال ابن حبان:"يخطئ ويخالف"[التهذيب (3/ 423)، تعليقات الدارقطني على المجروحين (99)]، وعُبَيدة بن الأسود الهمداني الكوفي: قال أبو زرعة: "ثقة"، وقال أبو حاتم:"ما بحديثه بأس"، وقال ابن حبان:"يعتبر حديثه إذا بيَّن السماع في روايته، وكان فوقه ودونه ثقات".
قلت: عنعنته مقبولة، فإنه معروف بالرواية عن شيخه القاسم بن الوليد، مكثر عنه، وقد سمع منه، ولم يُعلم أنه دلسه [الجرح والتعديل (6/ 94)، سؤالات البرذعي (2/ 382)، التهذيب (3/ 46)]، وعبد الله بن محمد بن سالم القزاز المفلوج: كوفي، ثقة،
ومحمد بن أحمد بن نصر أبو جعفر الفقيه الشافعي الترمذي، سكن بغداد: ثقة مأمون، اختلط في آخر عمره [سؤالات الحاكم (209)، تاريخ بغداد (2/ 233 - ط. الغرب)، السير (13/ 545)، اللسان (6/ 513)].
هـ- وروى حفص بن عمر بن الصباح [الرقي، المعروف بسنجة ألف، قال عنه أبو أحمد الحاكم: "حدث بغير حديث لم يتابع عليه"، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال: "ربما أخطأ"، وقال الخليلي: "وكان يحفظ، وينفرد برفع حديث"، وقال الذهبي: "وهو صدوق في نفسه، وليس بمتقن". الثقات (8/ 201)، الإرشاد (2/ 473)، تاريخ الإسلام (20/ 339)، السير (13/ 405)، اللسان (3/ 236)]، والفضل بن حماد [الفارسي الخبري الحافظ، صاحب المسند الكبير: ثقة. المؤتلف للدارقطني (2/ 954)، الإكمال لابن ماكولا (3/ 51)، الأنساب (2/ 318)، تاريخ الإسلام (20/ 414)]، ومحمد بن يحيى الذهلي [ثقة حافظ]:
ثنا أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي: ثنا سفيان [هو: الثوري]، عن الزبير بن عدي، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن كعب بن عجرة، قال: قلنا: يا رسول الله! قد علمنا السلام عليك، فكيف نصلي عليك؟ قال:"قولوا: اللهم صل على محمد، وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم، وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد، وبارك على محمد، وعلى آل محمد، كما باركت على آل إبراهيم، إنك حميد مجيد".
وانفرد محمد بن يحيى [عند: الواحدي في أسباب النزول] بذكر نزول الآية دون أن يذكر نص الصلاة عليه، فقال عقيب سؤالهم: فأنزل الله: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (56)} [الأحزاب: 56]، فلعل راويه اختصره لأجل موضع الشاهد.
أخرجه الطبراني في الكبير (19/ 130/ 285)، وابن منده في التوحيد (2/ 179/ 323)، والواحدي في أسباب النزول (360)، وعلقه أبو داود في هذا الموضع (978).
قلت: إسناده حسن غريب، الزبير بن عدي: ثقة، يروي عنه الثوري، لكنه غريب من حديث الثوري، لم أر رواه عن الثوري سوى أبي حذيفة موسى بن مسعود النهدي، وهو: صدوق، كثير الوهم، سيئ الحفظ، ليس بذاك في الثوري، وضعفه جماعة في سفيان [التقريب (619)، شرح علل الترمذي (2/ 726)، التهذيب (4/ 188)].
• وممن رواه أيضًا عن عبد الرحمن بن أبي ليلى به نحوه:
أبو سعد البقال سعيد بن المرزبان [ضعيف]، والسدي [إسماعيل بن عبد الرحمن بن أبي كريمة: ليس به بأس، وقد ضُعِّف. التهذيب (1/ 158)] [بمثل رواية شعبة عن الحكم، بدون ذكر الآل]:
أخرجه الطبراني في الكبير (19/ 132/ 291 و 292)، وفي الأوسط (4/ 378/ 4481)، وابن عدي في الكامل (3/ 331)، والدارقطني في الثاني من الأفراد (19).
قال الدارقطني: "هذا حديث غريب من حديث سعيد بن المَرْزُبان عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن كعب بن عجرة، تفرد به: سلمة بن رجاء عنه".
قلت: تابعه: علي بن هاشم البريدي [وهو: صدوق] عن أبي سعد به، عند الطبراني في الكبير (291).
• وله أسانيد أخرى فيها مقال، أخرجها: الشافعي في الأم (1/ 117)، وفي المسند (42)، وعبد الرزاق (2/ 212/ 3106 و 3107)، والطبراني في الكبير (19/ 154 و 155/ 341 و 342)، والبيهقي في السنن (2/ 147)، وفي المعرفة (2/ 41/ 906).
***
979 -
. . . مالك، عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، عن أبيه، عن عمرو بن سُلَيم الزُّرَقي؛ أنه قال: أخبرني أبو حميد الساعدي؛ أنهم قالوا: يا رسول الله! كيف نصلي عليك؟ قال: "قولوا: اللهم صل على محمد وأزواجه وذريته، كما صليت على آل إبراهيم، وبارك على محمد وأزواجه وذريته، كما باركت على آل إبراهيم، إنك حميد مجيد".
• حديث متفق على صحته.
أخرجه مالك في الموطأ (1/ 233/ 456).
ومن طريقه: البخاري (3369 و 6360)، ومسلم (407)، وأبو عوانة (1/ 546/ 2039)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (2/ 31/ 904)، وأبو داود (979)، والنسائي في المجتبى (3/ 49/ 1294)، وفي الكبرى (2/ 76/ 1218) و (9/ 29/ 9804) و (10/ 93/ 11103)، وابن ماجه (905)، وابن حبان في الصلاة (14/ 86/ 17452 - إتحاف المهرة)، وأحمد- (5/ 424)، والشافعي في السنن (101)، وإسماعيل بن إسحاق القاضي في فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم (70)، وابن أبي عاصم في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم (8 و 9)، والدولابي في الكنى (1/ 68/ 155)، والطحاوي في المشكل (6/ 12/ 2238)، وفي أحكام القرآن (309)، والطبراني في الأوسط (2/ 181/ 1652)، وابن السني في عمل اليوم والليلة (384)، وأبو أحمد الحاكم في شعار أصحاب الحديث (68)، والجوهري في مسند الموطأ (506)، وأبو إسحاق الثعلبي في الكشف والبيان (8/ 62)، وابن حزم في المحلى (3/ 272) و (4/ 135)، والبيهقي في السنن (2/ 150 و 151)، وفي المعرفة (2/ 39/ 900)، وفي الشعب (2/ 208/ 1549)، وفي الدعوات (82 و 83)، والبغوي في شرح السنَّة (3/ 191/ 682)، وفي التفسير (3/ 542)، وقال في الشرح:"هذا حديث متفق على صحته". وابن حجر في نتائج الأفكار (2/ 203)، وقال:"هذا حديث صحيح".
ووقع عند مسلم من طريق روح بن عبادة عن مالك: على محمد وعلى وأزواجه
وذريته، في الموضعين، وكذا رواه محمد بن الحسن، ووقع عند الطحاوي من طريق ابن وهب في الموضع الأول فقط، ومنهم من قال: على إبراهيم، في الموضعين بدون ذكر الآل.
• هذا الحديث رواه عن مالك: عبد الله بن مسلمة القعنبي، وعبد الله بن يوسف التنيسي، وعبد الله بن وهب، وروح بن عبادة، وعبد الله بن نافع، وقتيبة بن سعيد، والإمام الشافعي، وعبد الرحمن بن القاسم، وعبد الرحمن بن مهدي، وأبو مصعب الزهري (504 - الموطأ)، ويحيى بن يحيى الليثي، ويحيى بن بكير، ومطرف بن عبد الله اليساري، ومحمد بن الحسن الشيباني (292 - الموطأ)، وداود بن عبد الله بن أبي الكرام [صدوق، له أوهام عن مالك][عند ابن أبي عاصم (8)].
• خالفهم:
أ- عبد الملك بن عبد العزيز الماجشون [مدني، صدوق له أغلاط، حدث عن مالك بمناكير. التهذيب (2/ 618)]، فرواه عن مالك به؛ إلا أنه زاد في آخره:"في العالمين، إنك حميد مجيد"[عند: ابن ماجه (905)، وأبي عوانة (1/ 546/ 2039)، بدون الزيادة].
وهي زيادة منكرة من حديث أبي حميد.
ب- عيسى بن يونس [ثقة مأمون]، فرواه عن مالك به؛ إلا أنه قرن بعبد الله بن أبي بكر أخاه محمدًا [عند: الطبراني في الأوسط (1652)، [قال الطبراني:"لم يرو هذا الحديث عن مالك عن عبد الله ومحمد ابني أبي بكر إلا عيسى، ورواه الناس عن مالك عن محمد [كذا، ولعلها سبق قلم، إنما هو عبد الله] بن أبي بكر وحده"].
قلت: هي زيادة شاذة في الإسناد، وأظن عيسى بن يونس بريئًا من عهدتها، وإنما الراوي عنه: محمد بن سلام المنبِجي؛ فإنه صاحب غرائب [اللسان (7/ 165)].
ج- عثمان بن عمر بن فارس [ثقة]، ودخل له إسناد حديث أبي حميد على متن حديث أبي مسعود [عند: أبي العباس السراج في حديثه بانتقاء الشحامي (411)] [وفي سنده سقط].
وأخشى أن يكون ذلك إما من نساخ الكتاب، وإما من شيخ السراج، وهو: محمد بن بندار السباك الجرجاني، روى عنه جماعة، وذكره ابن حبان في الثقات [تاريخ جرجان (631)، الثقات (9/ 138)، طبقات الحنابلة (1/ 287/ 393)، الثقات لابن قطلوبغا (8/ 209)].
• وانظر فيمن وهم في إسناده ومتنه، فأسقط من إسناده: عمرو بن سليم، وأبهم الصحابي، وزاد في متنه:"وعلى أهل بيته":
ما أخرجه عبد الرزاق (2/ 211/ 3103)، وعنه: أحمد (5/ 374)، والطحاوي في شرح المشكل (6/ 13/ 2239)، وابن حجر في نتائج الأفكار (2/ 204).
وقد فصلت علته في تخريج الذكر والدعاء (1/ 191/ 105).
***
980 -
. . . مالك، عن نعيم بن عبد الله المجمِر، أن محمد بن عبد الله بن زيد -وعبدُ الله بن زيد هو الذي أُرِيَ النداءَ بالصلاة-؛ أخبره عن أبي مسعود الأنصاري؛ أنه قال: أتانا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم في مجلس سعد بن عُبادة، فقال له بَشير بن سعد: أمرنا الله أن نصلِّيَ عليك يا رسول الله! فكيف نصلِّي عليك؟ فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى تمنَّينا أنه لم يسألْه، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "قولوا:
…
"، فذكر معنى حديث كعب بن عجرة، زاد في آخره: "في العالمين، إنك حميد مجيد".
• حديث صحيح.
أخرجه مالك في الموطأ (1/ 234/ 457).
ومن طريقه: مسلم (405)، والبخاري في التاريخ الكبير (3/ 87)، وأبو عوانة (1/ 526/ 1966)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (2/ 29/ 900)، وأبو داود (980)، والترمذي (3220)، وقال:"حسن صحيح". والنسائي في المجتبى (3/ 45/ 1285)، وفي الكبرى (2/ 72/ 1209) و (9/ 26/ 9793) و (10/ 226/ 11359)، والدارمي (1/ 356/ 1343)، وابن حبان (5/ 287/ 1958) و (5/ 296/ 1965)، وأحمد (4/ 118) و (5/ 273)، والشافعي في السنن (102)، وعبد الرزاق (2/ 213/ 3108)، وإسماعيل بن إسحاق القاضي في فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم (63)، وابن أبي عاصم في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم (3 - 5)، وابن جرير الطبري في تهذيب الآثار (345 و 346 - الجزء المفقود)، والطحاوي في المشكل (6/ 6/ 2229)، وفي أحكام القرآن (314)، والطبراني في الكبير (17/ 251/ 697) و (17/ 264/ 725)، والجوهري في مسند الموطأ (734)، وأبو القاسم الحرفي في الأول من فوائده (23)، وأبو إسحاق الثعلبي في الكشف والبيان (8/ 62)، وأبو نعيم في معرفة الصحابة (4/ 2150/ 5404)، وابن حزم في المحلى (3/ 272) و (4/ 134)، والبيهقي في السنن (2/ 146)، وفي المعرفة (2/ 40/ 901 و 902)، وفي الشعب (2/ 207/ 1547)، وفي الدعوات (84)، والبغوي في شرح السنة (3/ 192/ 683)، وقال:"هذا حديث صحيح".
وتمام لفظه: "قولوا: اللهم صلِّ على محمد، وعلى آل محمد، كما صليت على آل إبراهيم، وبارك على محمد، وعلى آل محمد، كما باركت على آل إبراهيم، في العالمين، إنك حميد مجيد، والسلام كما علمتم".
هكذا رواه أصحاب مالك عنه: عبد الله بن مسلمة القعنبي، وعبد الله بن يوسف التنيسي، ويحيى بن يحيى النيسابوري، ومعن بن عيسى، وعبد الرحمن بن مهدي، والإمام الشافعي، وعبد الله بن وهب، وعبد الله بن نافع، وعبد الرحمن بن القاسم، وأبو مصعب الزهري (505 - الموطأ)، ويحيى بن يحيى الليثي، وإسماعيل بن أبي أويس،
وعبد الرزاق بن همام، وعبيد الله بن عبد المجيد الحنفي، وحماد بن مسعدة، ومطرف بن عبد الله اليساري، وسويد بن سعيد الحدثاني (163 - الموطأ)، ومحمد بن الحسن الشيباني (293 - الموطأ)، وألفاظهم متقاربة، وقال بعض رواة الموطأ في الموضع الأول: كما صليت على إبراهيم، بدون ذكر الآل، ومنهم من قالها في الموضعين.
• ووهم بعضهم في متنه فزاد فيه ونقص، وخالف الجماعة، مثل: داود بن عبد الله بن أبي الكرام [صدوق، له أوهام عن مالك][عند: ابن أبي عاصم (3)]، وعثمان بن عمر بن فارس [عند: أحمد (4/ 118)، وابن جرير (345)]، وإسحاق بن عيسى الطباع [عند: أحمد (5/ 273 - 274)]، وزيد بن الحباب [عند: أبي القاسم الحرفي].
وانظر أيضًا فيمن وهم في إسناده على مالك: علل الدارقطني (6/ 190/ 1059).
وأنبه فقط بذكر لفظ ابن فارس، وهو شاذ، مخالف لما رواه الجماعة من أصحاب مالك، على كثرتهم، قال فيه:"قولوا: اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد، وبارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم في العالمين، إنك حميد مجيد".
• وهذا الحديث قد اختلف فيه على نعيم المجمر:
أ- فرواه مالك بن أنس [إمام دار الهجرة، وهو: رأس المتقنين، وكبير المتثبتين]، عن نعيم بن عبد الله المجمِر، عن محمد بن عبد الله بن زيد، عن أبي مسعود الأنصاري، به مرفوعًا.
ب- ورواه داود بن قيس [الفراء: مدني ثقة]، عن نعيم بن عبد الله المجمر، عن أبي هريرة، قال: قلنا: يا رسول الله! كيف نصلي عليك؟ قال: "قولوا: اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد، وبارك على محمد وعلى آل محمد، كما صليت [وباركت] على إبراهيم وآل إبراهيم، [في العالمين]، إنك حميد مجيد، والسلام كما قد علمتم".
أخرجه النسائي في الكبرى (9/ 25/ 9792)، وسمويه في الثالث من فوائده (51)، والبزار (14/ 402/ 8154)، وابن جرير الطبري في تهذيب الآثار (347 - الجزء المفقود)، وأبو العباس السراج في حديثه بانتقاء الشحامي (412)، والطحاوي في المشكل (6/ 14/ 2240)، وعلقه البخاري في التاريخ الكبير (3/ 87).
قال البزار: "وهذا اللفظ لا نحفظه إلا من حديث داود عن نعيم عن أبي هريرة".
قلت: يُروى نحوه من حديث طلحة بن عبيد الله، ويأتي ذكره في الشواهد في آخر الباب، تحت الحديث رقم (982).
ج- ورواه موسى بن إسماعيل [أبو سلمة التبوذكي: ثقة ثبت]: حدثنا حِبان بن يسار الكلابي: حدثني أبو مطرِّف عبيد الله بن طلحة بن عبيد الله بن كريز [وثِّق]: حدثني محمد بن علي الهاشمي [هو: أبو جعفر الباقر]، عن نعيم المجمِر، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"من سرَّه أن يُكتال بالمكيال الأوفى، إذا صلى علينا أهلَ البيت، فليقُل: اللهم صل على محمد النبي، وأزواجه أمهات المؤمنين، وذريته وأهل بيته، كما صليت على آل إبراهيم، إنك حميد مجيد".
أخرجه البخاري في التاريخ الكبير (3/ 87)، وأبو داود (982)، والعقيلي في الضعفاء (1/ 318)، والبيهقي في السنن (2/ 151)، وفي الاعتقاد (326)، والمزي في التهذيب (19/ 59).
• خالفه: عمرو بن عاصم الكلابي [صدوق]، قال: حدثنا حبان بن يسار أبو رويحة الكلابي، قال: حدثنا عبد الرحمن بن طلحة الخزاعي [مجهول؛ لا يُعرف إلا في هذا الحديث، بل لا وجود له إلا حبرًا على ورق]، عن أبي جعفر محمد بن علي، عن محمد بن الحنفية، عن علي، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من سره أن يكتال بالمكيال الأوفى إذا صلى علينا أهلَ البيت، فليقل: اللهم اجعل صلواتك وبركاتك على محمد النبي، وأزواجه أمهات المؤمنين، وذريته وأهل بيته، كما صليت على إبراهيم، إنك حميد مجيد".
أخرجه النسائي في مسند علي [تهذيب الكمال (5/ 348)، جلاء الأفهام (43)، النكت الظراف (10/ 384/ 14645)]، والدولابي في الكنى (2/ 537/ 973) [وقع عنده موقوفًا،، والعقيلي في الضعفاء (1/ 318)، وابن عدي في الكامل (2/ 424)(3/ 274 - ط. الرسالة)، وأبو أحمد الحاكم في الأسامي والكنى (ق 158/ أ).
قال ابن القيم في جلاء الأفهام (44) بعد أن ذكر اختلاف موسى بن إسماعيل وعمرو بن عاصم الكلابي في شيخ حبان بن يسار، قال:"فإما أن يكون عمرو بن عاصم وهم في اسمه، وإما أن يكونا اثنين، ولكن عبد الرحمن هذا: مجهول، لا يعرف في غير هذا الحديث، ولم يذكره أحد من المتقدمين، وعمرو بن عاصم وإن كان روى عنه البخاري ومسلم واحتجا به؛ فموسى بن إسماعيل أحفظ منه".
قلت: ولماذا لا يقال بأن هذا من تخليط شيخهما حبان بن يسار؟! وقد قال فيه ابن القيم في أول نقده للحديث: "وحبان بن يسار: وثقه ابن حبان، وقال البخاري: إنه اختلط في آخر عمره، وقال أبو حاتم الرازي: ليس بالقوي ولا بالمتروك، وقال ابن عدي: حديثه فيه ما فيه لأجل الاختلاط الذي ذكر عنه".
قلت: حِبان بن يسار أبو رويحة، ويقال: أبو روح، الكلابي، قال البخاري في التاريخ:"قال الصلت بن محمد: حيان بن زهير"؛ يعني: أخطأ في اسمه، ثم قال:"قال الصلت: رأيت حيان [كذا بالياء المثناة التحتية] آخر عهده، فذكر منه الاختلاط"، ونقله العقيلي في ضعفائه عن البخاري، قال:"قال لي الصلت بن محمد: رأيت حبان [كذا بالباء الموحدة التحتية] آخر عمره، فذكر منه الاختلاط"، وقال أبو حاتم الرازي:"ليس بالقوي، وليس بمتروك"، وقال أبو داود:"لا بأس به، حدث عنه غير واحد"، وذكره ابن حبان في الثقات في موضعين باسمه: حبان بن يسار، ثم عاد وذكره في المجروحين، فقال:"حبان بن زهير: يروي عن يزيد بن أبي مريم ومحمد بن واسع، كنيته أبو روح الكلابي، روى عنه أبو همام الخاركي والبصريون، اختلط بأخرة حتى كان لا يدري ما يحدث، ولم يتميز حديثه القديم من حديثه الذي حدَّث به في اختلاطه، فبطل الاحتجاج به"، وإنما هو
رجل واحد، وهو حبان بن يسار الكلابي، أخطأ في تسميته أبو همام الخاركي الصلت بن محمد، لذا قال الدارقطني في تعليقاته على المجروحين (65):"أبو روح الكلابي هو: حبان بن يسار، وليس في نسبه زهير، وكناه موسى بن إسماعيل، وهو: ضعيف"، وذكره ابن عدي في الكامل فيمن اسمه: حيان، بالمثناة التحتانية، وقال:"ولحيان أحاديث، وليس بالكثير، وأحاديثه فيه ما فيه لأجل الاختلاط الذي ذكر عنه"، ولم يذكر له سوى هذا الحديث الواحد منكرًا به عليه، وقال أبو أحمد الحاكم:"ليس بالقوي عندهم".
والحاصل: فإن حبان بن يسار الكلابي: ضعيف؛ وقد اضطرب في هذا الحديث، وهو حديث منكر؛ وكأن أبا داود تسهل في أمره لما رأى أن قد روى عنه جماعة، ولم يكن في متن حديثه نكارة، فأخرج له في سننه هذا الحديث.
وحبان الكلابي ليس هو: حيان بن عبيد الله بن حيان أبو زهير العدوي، وقد فرق بينهما الأئمة، والله أعلم.
[انظر: التاريخ الكبير (3/ 85)، كنى مسلم (1097)، الجرح والتعديل (3/ 270)، سؤالات الآجري (473)، الضعفاء الكبير (1/ 318) (1/ 340 - ط. الصميعي)، الثقات (6/ 239) و (8/ 214)، المجروحين (1/ 261) (1/ 319 - ط. الصميعي)، الكامل لابن عدي (2/ 424)، الأسامي والكنى (ق 158/ أ)، المؤتلف للدارقطني (1/ 418)، فتح الباب (2864)، ضعفاء ابن الجوزي (743)، الميزان (1/ 448)، إكمال مغلطاي (3/ 348)، التهذيب (1/ 346)].
وبمثل هذا أيضًا يُرَدُّ على ابن حجر قوله في الفتح (11/ 157): "ورواية موسى أرجح، ويحتمل أن يكون لحبان فيه سندان".
قلت: كيف يحتمل منه التعدد في الأسانيد، ولم يكن بالحافظ، بل وليس بثقة أصلًا، فمثله يضعّف لأجل جرح الأئمة له، ولأجل اختلاطه وتخليطه، كما هو ظاهر في هذا الحديث، وكان الأحرى بابن حجر أن يقول: إما أن نرجح رواية موسى لأنه الأحفظ، وإما أن يقال: اضطرب فيه حبان، فرواه مرة هكذا، ومرة هكذا.
قلت: وكلا الوجهين عن حبان: غير محفوظ، وهما من تخليط حبان هذا، وأخطأ في إسناده: داود بن قيس الفراء، حيث سلك فيه الجادة والطريق السهل، والمحفوظ: حديث مالك، فقد حفظه، وجوَّد إسناده، والله أعلم.
• وهاك أقوال الأئمة في الراجح من هذا الاختلاف على نعيم المجمر:
قال البخاري عن حديث مالك: "وهذا أصح".
وسأل ابن أبي حاتم أباه عن حديث داود ومالك، فقال:"حديث مالك أصح، وحديث داود خطأ".
ثم ذكر له متابعة أبي جعفر الباقر محمد بن علي الهاشمي لداود بن قيس الفراء، فقال:"مالك أحفظ، والحديث حديث مالك"[العلل (205)].
وقال العقيلي: "وحديث مالك: أولى".
وقال الدارقطني في العلل (6/ 190/ 1059): "وحديث مالك: أولى بالصواب".
وكذلك فإن صنيع النسائي يدل على ترجيح حديث مالك، حيث أخره، فأعل به حديث داود، فقال:"خالفه مالك بن أنس، رواه عن نعيم بن عبد الله، عن محمد بن عبد الله بن زيد، عن أبي مسعود عقبة بن عمرو"، والله أعلم.
***
981 -
. . . محمد بن إسحاق: حدثنا محمد بن إبراهيم بن الحارث، عن محمد بن عبد الله بن زيد، عن عقبة بن عمرو، بهذا الخبر، قال:"قولوا: اللهم صل على محمد النبي الأمِّيِّ، وعلى آل محمد".
• حديث حسن.
أخرجه النسائي في الكبرى (9/ 26/ 9794)، وابن خزيمة (1/ 351 - 352/ 711)، وابن حبان (5/ 289/ 1959)، والحاكم (1/ 268)، وأحمد (4/ 119)، وابن أبي شيبة (2/ 247/ 8635)(5/ 525/ 8725 - ط. عوامة)، وعبد بن حميد (234)، وإسماعيل بن إسحاق القاضي في فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم (59)، وابن أبي عاصم في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم (6 و 7)، وابن جرير الطبري في تهذيب الآثار (343 و 344 - الجزء المفقود)، والطبراني في الكبير (17/ 251/ 698)، وأبو أحمد الحاكم في شعار أصحاب الحديث (64)، والدارقطني (1/ 354 - 355)، والبيهقي في السنن (2/ 146 - 147) و (2/ 378)، وفي المعرفة (2/ 40 - 41/ 903)، وابن عبد البر في التمهيد (16/ 184)، وابن حجر في نتائج الأفكار (2/ 201).
رواه عن ابن إسحاق: إبراهيم بن سعد [ثقة حجة، وهو أثبت الناس فيه]، وزهير بن معاوية، وأحمد بن خالد الوهبي، ومحمد بن سلمة الحراني، وزياد بن عبد الله البكائي.
ولفظ إبراهيم بن سعد [عند أحمد وابن خزيمة وابن حبان]: عن ابن إسحاق، قال: وحدثني -في الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا المرء المسلم صلى عليه في صلاته- محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي، عن محمد بن عبد الله بن زيد بن عبد ربه الأنصاري -أخي بلحارث بن الخزرج-، عن أبي مسعود عقبة بن عمرو، قال: أقبل رجل حتى جلس بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن عنده، فقال: يا رسول الله! أما السلام عليك فقد عرفناه، فكيف نصلي عليك إذا نحن صلينا في صلاتنا؛ صلى الله عليك؟ قال: فصمت رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أحببنا أن الرجل لم يسأله، فقال: "إذا أنتم صليتم عليَّ، فقولوا: اللهم صل على محمد النبي الأمي، وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم و [على] آل إبراهيم، وبارك على محمد النبي الأمي، [وعلى آل محمد]، كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك
حميد مجيد"، وبنحوه رواية زهير [عند: ابن أبي شيبة وإسماعيل القاضي وابن جرير]، ورواية الوهبي [عند: ابن جرير]، واختصره محمد بن سلمة [عند النسائي]، والبكائي [عند ابن أبي عاصم].
ولفظ محمد بن سلمة: عن أبي مسعود، قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: السلام عليك قد عرفناه، فكيف الصلاة عليك صلى الله عليك؟ فسكت النبي صلى الله عليه وسلم ساعة، ثم قال:"تقولون: اللهم صل على محمد النبي الأمي، وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم، وبارك على محمد النبي الأمي، كما باركت على إبراهيم، إنك حميد مجيد".
• وهذا الحديث قد صححه ابن خزيمة وابن حبان، وقال الحاكم:"صحيح على شرط مسلم"، وقال أيضًا [كما عند البيهقي]:"هذا حديث صحيح بذكر الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في الصلوات"، وقال الدارقطني:"هذا إسناد حسن متصل"، وقال البيهقي في المعرفة:"وهذا إسناد صحيح، وفيه بيان موضع هذه الصلاة من الشريعة".
وصحح إسناده الأثرم في الناسخ والمنسوخ (161)، لما ذكر جملة من أحاديث الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم.
وقال النووي في الخلاصة (1427): "رواه الدارقطني، والحاكم، وابن حبان، والبيهقي، واحتجوا به"، وكذا في المجموع (3/ 429).
وقال ابن حجر في تخريج الأذكار: "هذا حديث حسن من هذا الوجه، صحيح".
وقال ابن القيم في جلاء الأفهام (31): "ورواه ابن خزيمة والحاكم في صحيحيهما بذكر هذه الزيادة؛ [يعني: فكيف نصلي عليك إذا نحن صلينا في صلاتنا]، وقال الحاكم فيه: على شرط مسلم، وفي هذا نوع مساهلة منه؛ فإن مسلمًا لم يحتج بابن إسحاق في الأصول، وإنما أخرج له في المتابعات والشواهد، وقد أُعلت هذه الزيادة بتفرد ابن إسحاق بها، ومخالفة سائر الرواة في تركهم ذكرها، وأجيب عن ذلك بجوابين:
أحدهما: أن ابن إسحاق: ثقة، لم يجرح بما يوجب ترك الاحتجاج به، وقد وثقه كبار الأئمة، وأثنوا عليه بالحفظ والعدالة اللذين هما ركنا الرواية.
والجواب الثاني: أن ابن إسحاق إنما يخاف من تدليسه، وهنا قد صرح بسماعه للحديث من محمد بن إبراهيم التيمي، فزالت تهمة تدليسه، وقد قال الدارقطني في هذا الحديث وقد أخرجه من هذا الوجه: كلهم ثقات".
ثم ذكر تفرد إبراهيم بن سعد بهذه الزيادة، ولا يضره ذلك، فهو من أثبت الناس في ابن إسحاق، ثم ذكر كلام الدارقطني في العلل (6/ 189/ 1059)، والذي استهله بذكر طريق ابن إسحاق، ثم بذكر الاختلاف على نعيم المجمر في إسناده، وقد ختمه بقوله بعد طريق داود بن قيس الفراء:"خالف فيه مالكًا، وحديث مالك: أولى بالصواب"؛ يعني: في الاختلاف فيه على نعيم في إسناد هذا الحديث، ولم يشر الدارقطني إلى اختلاف المتون، وإنما حصر كلامه في الاختلاف على نعيم في إسناده، ولا يلزم من قوله ذلك ترجيح
حديث مالك على حديث ابن إسحاق؛ لأنهما متفقان على روايته من طريق: محمد بن عبد الله بن زيد عن أبي مسعود، رواه مالك عن نعيم، ورواه ابن إسحاق عن محمد بن إبراهيم التيمي، كلاهما عن محمد بن عبد الله بن زيد عن أبي مسعود، وعلى هذا فإنما أراد الدارقطني: ترجيح قول مالك على من خالفه عن نعيم المجمر حسب، كما سبق بيانه في الحديث السابق، والله أعلم.
فإن قيل: حديث أبي مسعود أصله في صحيح مسلم بدون هذه الزيادات؟ فيقال: هو عند مسلم من حديث نعيم بن عبد الله المجمر عن محمد بن عبد الله بن زيد، وهذا طريق آخر مختلف عنه، رواه محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي عن محمد بن عبد الله بن زيد، والتيمي: ثقة، كثير الحديث؛ فتحتمل منه الزيادة؛ فلو كان المخرج متحدًا من جهة نعيم لكان حديث ابن إسحاق شاذًا أو منكرًا، لكنه هنا محفوظ، كما دلل على ذلك ابن القيم، والله أعلم.
• وهذا الزيادة التي انفرد بها ابن إسحاق لها شاهد معنوي:
قال ابن رجب في الفتح (5/ 196): "ويشهد لذلك: قول الصحابة للنبي صلى الله عليه وسلم: هذا السلام عليك قد عرفناه، وإنما عرفوا السلام عليه في التشهد في الصلاة، وهو: "السلام على النبي ورحمة الله وبركاته"، فيكون سؤالهم عن الصلاة عليه في الصلاة أيضًا".
وذكر معناه ابن القيم في جلاء الأفهام (335)، ثم قال:"فوجب أن تكون الصلاة المقرونة به هي في الصلاة".
• ولحديث أبي مسعود إسناد آخر:
رواه عبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي [ثقة]، قال: حدثنا هشام بن حسان، عن محمد [بن سيرين]، عن عبد الرحمن بن بشر، عن أبي مسعود الأنصاري، قال: قيل للنبي صلى الله عليه وسلم: أُمِرنا أن نصلي عليك ونسلم، أما السلام فقد عرفناه، فكيف نصلي عليك؟ قال:"قولوا: اللهم صلِّ على محمد، كما صليت على آل إبراهيم، اللهم بارك على محمد، كما باركت على آل إبراهيم".
أخرجه النسائي في المجتبى (3/ 47/ 1286)، وفي الكبرى (2/ 73/ 1210) و (9/ 26/ 9795)، والطبراني في الكبير (17/ 250/ 696)، وابن عبد البر في التمهيد (16/ 194 - 195).
تنبيه: وقع عند الطبراني في الكبير: عبد الوهاب بن عطاء، بدل: عبد الوهاب بن عبد المجيد، وهو خطأ، وذلك لأن راويه عن عبد الوهاب إنما هو أبو الخطاب زياد بن يحيى البصري [وذلك عند المصنفين الثلاثة]، وهكذا رواه عنه فقال: عبد الوهاب بن عبد المجيد: النسائي، وأحمد بن عمرو أبو بكر البزار، وهما من كبار الأئمة الحفاظ، وكذلك راويه عند الطبراني: محمد بن العباس الأخرم، وهو: ثقة حافظ أيضًا [طبقات المحدثين (3/ 447)، أخبار أصبهان (2/ 224)، السير (14/ 144)]، فتعين عندي أنه خطأ
وقد يكون من النساخ، إلا أني وجدت المزي قد أخرجه في التهذيب (16/ 551) من طريق الطبراني به على الخطأ، فلا أدري ممن هو؟
ومما يؤكد تفرد الثقفي به على هذا الوجه: أن الدارقطني لما ذكر الاختلاف في هذا الحديث لم يذكر أحدًا وصله عن هشام بن حسان سوى الثقفي، والله أعلم.
• خالف الثقفي فأرسله: عبد الأعلى بن عبد الأعلى السامي [ثقة]، قال: حدثنا هشام، عن محمد، عن عبد الرحمن بن بشر بن مسعود، مرسلًا؛ لم يذكر أبا مسعود.
أخرجه إسماعيل بن إسحاق القاضي في فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم (73).
• وهذا هو الصواب؛ فقد تابع هشامًا على إرساله:
أيوب السختياني، وعبد الله بن عون:
روياه عن محمد بن سيرين، عن عبد الرحمن بن بشر بن مسعود، قال: قالوا: يا رسول الله! قد علمنا كيف التسليم عليك، فكيف بالصلاة؟ قال:"قولوا: اللهم صلِّ على محمد، كما صليت على آل إبراهيم، اللهم بارك على محمد، كما باركت على آل إبراهيم".
أخرجه النسائي في الكبرى (9/ 27/ 9796)، وإسماعيل بن إسحاق القاضي في فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم (71 و 72)، وابن جرير الطبري في تفسيره (22/ 44).
قال الدارقطني في العلل (6/ 184/ 1056) عن المرسل: "وهو الصواب".
وكذلك فإن صنيع النسائي يدل على ترجيح المرسل، حيث أخره، فأعل به الموصول، والله أعلم.
قلت: فهو مرسل بإسناد جيد.
• وانظر فيمن وهم فيه على أيوب عن ابن سيرين: ما أخرجه عبد الرزاق (2/ 212/ 3107).
***
982 -
قال أبو داود: حدثنا موسى بن إسماعيل: حدثنا حِبان بن يسار الكلابي: حدثني أبو مطرِّف عبيد الله بن طلحة بن عبيد الله بن كريز: حدثني محمد بن علي الهاشمي، عن المجمِر، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"من سرَّه أن يُكتال بالمكيال الأوفى، إذا صلى علينا أهلَ البيت، فليقُل: اللهم صل على محمد النبي، وأزواجه أمهات المؤمنين، وذريته وأهل بيته، كما صليت على آل إبراهيم، إنك حميد مجيد".
• حديث منكر.
تقدم تخريجه تحت الحديث السابق برقم (980).
• وفي الباب أيضًا:
1 -
عن أبي سعيد الخدري:
يرويه الليث بن سعد، وعبد العزيز بن أبي حازم، وعبد العزيز بن محمد الدراوردي، وبكر بن مضر، وحيوة بن شريح التجيبي، ونافع بن يزيد الكلاعي، وعبد الله بن جعفر بن عبد الرحمن الزهري المخرمي [وهم ثقات]:
عن يزيد بن عبد الله بن الهاد، عن عبد الله بن خباب، عن أبي سعيد الخدري، قال: قلنا: يا رسول الله! هذا التسليم [وفي رواية: هذا السلام عليك]، فكيف نصلي عليك؟ قال:"قولوا: اللهم صل على محمد عبدِك ورسولِك، كما صليت على آل إبراهيم [وفي رواية الجماعة: كما صليت على إبراهيم]، وبارك على محمد، وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم"، لفظ الليث بن سعد، وبنحوه رواية بكر بن مضر ونافع بن يزيد وعبد الله بن جعفر، وفي رواية لليث:"كما باركت على آل إبراهيم"، وفي رواية ابن أبي حازم، والدراوردي، وحيوة، وعبد الله بن جعفر:"كما باركت على إبراهيم وآل إبراهيم".
أخرجه البخاري (4798 و 4798 م و 6358)، والنسائي في المجتبى (3/ 49/ 1293)، وفي الكبرى (2/ 76/ 1217)، وابن ماجه (903)، وأحمد (3/ 47)، وابن أبي شيبة (2/ 246/ 8633)، وإسماعيل بن إسحاق القاضي في فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم (66 و 67)، وابن أبي عاصم في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم (16 و 17)، وأبو يعلى (2/ 515/ 1364)، وابن جرير الطبري في تهذيب الآثار (340 - 342 - الجزء المفقود)، وأبو العباس السراج في حديثه بانتقاء الشحامي (409)، وأبو القاسم البغوي في حديث مصعب الزبيري (140)، والطحاوي في شرح المشكل (6/ 11/ 2236)، وابن السني في عمل اليوم والليلة (383)، وأبو إسحاق الثعلبي في الكشف والبيان (8/ 61)، والبيهقي (2/ 147)، وابن عبد البر في التمهيد (16/ 185)، وابن حجر في نتائج الأفكار (2/ 200)، وقال:"هذا حديث صحيح".
• وانظر فيمن وهم في إسناده، فجعله من حديث عبيد الله بن عمر العمري، عن عبد الله بن خباب، ولا يصح [عند: ابن أخي ميمي الدقاق في فوائده (384)] [وفي إسناده: القاسم بن عبد الله العمري، وهو: متروك، رماه أحمد بالكذب].
2 -
عن طلحة بن عبيد الله، وعن زيد بن خارجة:
يرويه مجمع بن يحيى بن يزيد بن جارية [ثقة، وعنه: محمد بن بشر العبدي، وهو: ثقة حافظ]، وشريك بن عبد الله النخعي [صدوق، سيئ الحفظ]، وإسرائيل [ثقة، وعنه: الحكم بن مروان، وهو: كوفي سكن بغداد، لا بأس به. اللسان (3/ 253) مع الحاشية]، وعنبسة بن سعيد [ابن الضريس، قاضي الري: ثقة، والإسناد إليه ضعيف]:
عن عثمان بن موهب، عن موسى بن طلحة، عن أبيه، قال: قلنا يا رسول الله! كيف الصلاة عليك؟ قال: "قولوا: اللهم صل على محمد، وعلى آل محمد، كما صليت على
إبراهيم، وآل إبراهيم، إنك حميد مجيد، وبارك على محمد، وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم، وآل إبراهيم، إنك حميد مجيد". لفظ مجمع.
ولفظ إسرائيل [كما في تهذيب الآثار (328)، والمعجم الأوسط، وغيرهما]: قلت: يا رسول الله! قد علمنا السلام عليك، فكيف الصلاة عليك؟ قال:"قولوا: اللهم صلِّ على محمد، وعلى آل محمد، وبارك على محمد، وعلى آل محمد، كما صليت وباركت على إبراهيم وآل إبراهيم، إنك حميد مجيد".
أخرجه البخاري في التاريخ الكبير (3/ 384)، والنسائي في المجتبى (3/ 48/ 1290 و 1291)، وفي الكبرى (2/ 75/ 1214 و 1215) و (7/ 128/ 7624) و (9/ 27/ 9797) و (9/ 141/ 10120)، وأحمد (1/ 162)، وابن أبي شيبة (2/ 247/ 8634)، وإسماعيل بن إسحاق القاضي في فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم (68)، وابن أبي عاصم في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم (1)، والبزار (3/ 157/ 941 و 942)، وأبو يعلى (2/ 21 و 22/ 652 - 654)، وابن جرير الطبري في التفسير (22/ 43)، وفي تهذيب الآثار (327 - 329 - الجزء المفقود)، والطحاوي في شرح المشكل (6/ 5 / 2228)، والهيثم بن كليب الشاشي في مسنده (3)، والطبراني في الأوسط (3/ 91/ 2585)، وأبو نعيم في معرفة الصحابة (1/ 103/ 398)، وفي الحلية (4/ 373)، والضياء في المختارة (3/ 24 و 25/ 822 - 824).
قال ابن جرير: "وهذا خبر عندنا صحيح سنده،
…
".
وصحح إسناده الأثرم في الناسخ والمنسوخ (161)، لما ذكر جملة من أحاديث الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم.
وقال الطبراني: "لا يُروى هذا الحديث عن طلحة إلا من حديث عثمان بن عبد الله بن موهب، ولا رواه عن عثمان إلا إسرائيل وشريك".
• وله إسناد آخر فيه ضعف وجهالة، عند: ابن أبي عاصم في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم (2)، وابن عدي في الكامل (3/ 284)، والضياء في المختارة (3/ 25/ 825).
قلت: عثمان بن عبد الله بن موهب: ثقة، لكنه سلك في هذا الإسناد الجادة والطريق السهل، فإن موسى بن طلحة مشهور بالرواية عن أبيه طلحة بن عبيد الله:
• خالفه خالد بن سلمة الفأفاء فجعله من مسند زيد بن خارجة، وذكر فيه قصة تدل على ضبطه له:
فقد رواه يحيى بن سعيد الأموي، وعبد الواحد بن زياد، ومروان بن معاوية، وعيسى بن يونس [وهم ثقات]:
عن عثمان بن حكيم [بن عباد بن حنيف الأنصاري: ثقة ثبت]، عن خالد بن سلمة [الفأفاء: ثقة]، عن موسى بن طلحة [ثقة جليل]، قال: سألت زيد بن خارجة، قال: أنا سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال:"صلوا عليَّ، واجتهدوا في الدعاء، وقولوا: اللهم صلِّ على محمد وآل محمد". لفظ الأموي، وكأنه لم يضبطه.
وفي رواية عبد الواحد: سألت زيد بن خارجة الأنصاري [قال مروان: عن زيد بن خارجة أخي بني فهر، وفي رواية: أخي بني الحارث بن الخزرج]، قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت: يا رسول الله! كيف الصلاة عليك؟ قال: "صلوا عليَّ، ثم قولوا: اللهم بارك على محمد وآل محمد، كما باركت على آل إبراهيم، إنك حميد مجيد"، وكذا قال مروان في رواية.
وفي رواية أخرى لعبد الواحد: "صلوا عليَّ، ثم قولوا: اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد"، وكذا قال مروان في رواية.
وفي رواية عيسى: "صلوا واجتهدوا، ثم قولوا: اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم، إنك حميد مجيد"، وفي رواية له:"كما باركت على إبراهيم، وعلى آل إبراهيم".
وقال في أوله: أن عبد الحميد بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب دخل على موسى بن طلحة [وفي رواية: دعا موسى بن طلحة حين عرَّس على ابنه]، فقال: يا أبا عيسى! كيف بلغك في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم؟ فقال موسى: سألت زيد بن خارجة
…
الحديث، وروي نحو هذه القصة أيضًا من حديث الأموي أيضًا، وقد ورد التصريح بالسماع بين طبقات السند في رواية عبد الواحد ومروان.
وقال فيه بعضهم: زيد بن حارثة، وأسقط خالد بن سلمة من الإسناد، وكلاهما وهم، نبه عليه ابن أبي خيثمة، وقال:"إنما هو: زيد بن خارجة".
أخرجه البخاري في التاريخ الكبير (3/ 383 و 384)، والنسائي في المجتبى (3/ 49/ 1292)، وفي الكبرى (2/ 75/ 1216) و (7/ 128/ 7625) و (9/ 27/ 9798) و (9/ 141 - 142/ 10121)، وأحمد (1/ 199)، ويعقوب بن سفيان في المعرفة والتاريخ (1/ 134)، وابن أبي خيثمة في التاريخ الكبير (1/ 233 - 234/ 811 و 812 - السفر الثاني)، وإسماعيل بن إسحاق القاضي في فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم (69) [ووقع عنده: زيد بن حارثة، وهو وهم أو تصحيف]، وابن أبي عاصم في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم (18 و 19)، وفي الآحاد والمثاني (4/ 56/ 2005)، وابن جرير الطبري في تهذيب الآثار (330 و 331 - الجزء المفقود)، والدولابي في الكنى (2/ 809/ 1412)، وأبو العباس السراج في حديثه بانتقاء الشحامي (410)، وأبو القاسم البغوي في معجم الصحابة (2/ 487 و 488/ 873 - 875 - ط. دار البيان)(2/ 486 و 487/ 1216 - 1218 - ط. مبرة الآل)، والطحاوي في شرح المشكل (6/ 7/ 2230) [وسقط من إسناده: عثمان بن حكيم] و (6/ 11 - 12/ 2237)، وابن قانع في المعجم (1/ 233)، والطبراني في الكبير (5/ 218/ 5143)، وابن عدي في الكامل (3/ 22)، وأبو نعيم في معرفة الصحابة (3/ 1178/ 2988 و 2989) و (5/ 2789/ 6619)، وفي الحلية (4/ 373)، وعلقه ابن عبد البر في الاستيعاب (2/ 541).
قال الدارقطني في العلل (4/ 202/ 508) بعد أن ذكر من وهم في تسمية الصحابي في حديث عثمان بن حكيم، حيث قال بعضهم: عن زيد بن ثابت، أو قال: عن يزيد بن خارجة، قال الدارقطني:"وكلاهما وهم، والصواب: زيد بن خارجة، وهو أصحها".
يعني: أصح ممن قال: عن موسى بن طلحة عن أبيه، والله أعلم.
وكذلك فإن صنيع النسائي يدل على ترجيح رواية خالد بن سلمة، حيث أخره، وأعل به رواية عثمان بن موهب، فقال:"خالفه خالد بن سلمة، رواه عن موسى بن طلحة عن زيد بن خارجة"، والله أعلم.
وقال المزي في التحفة (3/ 181/ 3746 - ط. الغرب): "قال علي بن المديني: لا أرى خالد بن سلمة إلا وقد حفظه، وسئل أحمد بن حنبل عن مجمع بن يحيى وعثمان بن حكيم؟ فقال: لا أعلم عثمان بن حكيم إلا أثبت منه".
وعليه: فإن حديث زيد بن خارجة: حديث صحيح، والله أعلم.
• وفي الباب أيضًا، ولا يصح:
3 -
عن أبي هريرة [عند: الشافعي في الأم (1/ 117)، وفي المسند (42)، ومن طريقه: البيهقي في المعرفة (2/ 41/ 905)][وفي إسناده: محمد بن إبراهيم بن أبي يحيى الأسلمي، وهو: متروك، كذبه جماعة من الأئمة].
[وعند: ابن أبي عاصم في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم (22)][وفي إسناده: ابن لهيعة، وهو: ضعيف، والراوي عنه: سعيد بن هاشم الفيومي، وهو: ضعيف، أحاديثه مناكير. اللسان (4/ 80)].
[وعند: البخاري في الأدب المفرد (641)، وابن جرير الطبري في تهذيب الآثار (348 - الجزء المفقود)، [وفي إسناده: سعيد بن عبد الرحمن الأموي، مولى سعيد بن العاص، وهو: مجهول][ولفظه: "من قال: اللَّهمَّ صل على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم، وبارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم وآل إبراهيم، وترحم على محمد وعلى آل محمد، كما ترحمت على إبراهيم وآل إبراهيم؛ شهدتُ له يوم القيامة بالشهادة، وشفعتُ له"، [وانظر: الفتح لابن حجر (11/ 159)].
[وعند: ابن جرير الطبري في تهذيب الآثار (349 - الجزء المفقود)، وابن عدي في الكامل (3/ 16)][وهو حديث موضوع؛ في إسناده: عمر بن صهبان، وهو: متروك، منكر الحديث، والراوي عنه: خالد بن يزيد العدوي العمري، وهو: كذاب، ذاهب الحديث. اللسان (3/ 345)].
4 -
عن بريدة بن الحصيب [عند: أحمد (5/ 353)، وابن منيع في مسنده (13/ 804/ 3331 - مطالب)، وابن أبي عاصم في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم (20)، وابن جرير الطبري في تهذيب الآثار (350 و 351 - الجزء المفقود)، والخطيب في تاريخ بغداد (8/ 142)] [رواه
عن بريدة: أبو داود الأعمى نفيع بن الحارث، وهو: متروك، منكر الحديث، كان يكذب، ويدعي السماع من الصحابة، ولم يسمع منهم. التهذيب (4/ 240)، [قال الأثرم في الناسخ والمنسوخ (161):"في إسناده رجل متروك"].
5 -
عن ابن عباس [عند: ابن جرير الطبري في التفسير (22/ 43 - 44)، [وإسناده واهٍ، الراوي عن ابن عباس: مبهم، وعنه: يونس بن خباب، وهو: شيعي ضعيف، والراوي عنه: أبو إسرائيل إسماعيل بن خليفة، وهو: سيئ الحفظ، كثيرًا ما يخالف الثقات].
[وعند: ابن الأعرابي في المعجم (2/ 422/ 823)][وهو حديث باطل؛ تفرد به عن سعيد بن جبير: حبيب بن حسان بن الأشرس، وهو: متروك، منكر الحديث، كان يختلف إلى البيعة مع نصرانية عشقها. انظر: اللسان (2/ 544) وغيره].
6 -
عن عائشة [عند: ابن عساكر في تاريخ دمشق (53/ 309)][وهو حديث موضوع؛ تفرد به عن القاسم: الحكم بن عبد الله بن سعد الأيلي: متروك، منكر الحديث، كذبه جماعة، وقال فيه أحمد: "الحكم بن عبد الله الأيلي: أحاديثه موضوعة". اللسان (3/ 244)، تاريخ أبي زرعة الدمشقي (1/ 453/ 114)، المجروحين (1/ 248)].
7 -
عن أنس [عند: ابن عساكر في تاريخ دمشق (48/ 316)، وفي المعجم (1025)، [وهو حديث باطل، في إسناده مجاهيل، تفردوا بحديث على شرط البخاري، قال ابن عساكر: "هذا حديث غريب، ولم أكتب عن هذا الشيخ غيره"].
8 -
عن علي بن أبي طالب [عند: الخطيب في تاريخ بغداد (14/ 303)][وهو حديث موضوع؛ في سنده: عبد الملك بن هارون بن عنترة، وهو: كذاب، يضع الحديث. اللسان (5/ 276)].
[وعند: الحاكم في معرفة علوم الحديث (32)، والبيهقي في الشعب (2/ 222/ 1588)، وغيرهما][وهو حديث موضوع؛ تفرد به: عمرو بن خالد الواسطي، عن زيد بن علي، عن أبيه، عن جده، عن علي؛ والواسطي هذا: كذاب، يضع الحديث، قال أحمد: "كذاب، يروي عن زيد بن علي عن آبائه أحاديث موضوعة". انظر: التهذيب (3/ 267)، ومما زاد في متنه: الدعاء بالترحم وبالتحنن، زيادة على الصلاة والمباركة].
• وقد روي أيضًا: عن النعمان بن أبي عياش الزرقي، ورويفع بن ثابت، وجابر بن عبد الله، وسهل بن سعد، ذكرها المستغفري في الدعوات، وابن الملقن في البدر المنير (4/ 43)، وابن حجر في التلخيص (1/ 263)، ولم أقف على أسانيدها، والله أعلم.
• وروي عن ابن مسعود صلاة فيها طول، وهو موقوف عليه بإسناد صحيح؛ ولم أتعرض لذكره لكونه موقوفًا [عند: ابن ماجه (906)، وعبد الرزاق (2/ 213/ 3109)، وإسماعيل بن إسحاق القاضي في فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم (61)، وابن أبي عاصم في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم (21)، وأبي يعلى (9/ 175/ 5267)، وابن جرير الطبري في تهذيب
الآثار (353 - الجزء المفقود)، والهيثم بن كليب الشاشي (2/ 89/ 611)، والطبراني في الكبير (9/ 115/ 8594)، والدارقطني في العلل (5/ 15/ 682)، وأبي إسحاق الثعلبي في الكشف والبيان (8/ 62)، وأبي نعيم في الحلية (4/ 271)، والبيهقي في الشعب (2/ 208/ 1550)، وفي الدعوات (157)] [وانظر أيضًا: والطبراني في الكبير (9/ 115/ 8595)، والدارقطني في العلل (5/ 15/ 682)].
[وروي مرفوعًا، وزيد فيه الترحم، ولا يصح؛ لإبهام تابعيه، عند: الحاكم (1/ 269)، وعنه: البيهقي (2/ 379)].
• وبنحوه أيضًا روي عن ابن عمرو أو ابن عمر موقوفًا [عند: ابن منيع في مسنده (13/ 806/ 3332 - مطالب)، وإسماعيل بن إسحاق القاضي في فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم (62)، والمحاملي في الأمالي (294)، [وفي سنده: ثوير بن أبي فاختة، وقد ضعفوه، وتركه بعضهم، وتحرف اسمه في إسناد إسماعيل القاضي. التهذيب (1/ 278)].
• ولعلي بن أبي طالب خطبة طويلة مسجوعة في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم والثناء عليه، موقوفةً على علي، ولا تصح عنه، وفيها ألفاظ منكرة [عند: إبراهيم بن إسحاق الحربي في غريب الحديث (2/ 569)، وابن أبي عاصم في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم (31)، وابن جرير الطبري في تهذيب الآثار (352 - الجزء المفقود)، والآجري في الشريعة (2/ 842 و 843/ 419 و 420)، والطبراني في الأوسط (9/ 43/ 9089)، وأبي نعيم في عوالي سعيد بن منصور (18)، وأبي القاسم الحرفي في الأول من فوائده (22)، وأبي القاسم الحنائي في فوائده (257)، وابن بطة في الإبانة (4/ 138/ 1576)] [وراويه عن علي: سلامة الكندي، ذكره ابن حبان في الثقات (4/ 343)، وقال أبو حاتم في الجرح والتعديل (4/ 300):"روى عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه؛ مرسل: حديث الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم"، وقال النخشبي في تخريجه للحنائيات (257):"هذا حديث حسن مليح في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، ما نعرفه إلا من حديث نوح بن قيس الطاحي، عن سلامة الكندي، ولا يُعرف سماع سلامة من علي، والحديث مرسل"، وهذا كلام ينقض آخره أوله، ويبين أن مراده الحسن المعنوي، وقال ابن كثير في تفسيره (6/ 462 - ط. طيبة): "
…
في إسناده نظر؛ قال شيخنا الحافظ أبو الحجاج المزي: سلامة الكندي هذا: ليس بمعروف، ولم يدرك عليًّا".
قلت: وعليه؛ فإن سلامة هذا: مجهول، لم يدرك عليًّا، ثم وقفت على إسناد عند ابن عساكر في تاريخ دمشق (42/ 523)، والرافعي في التدوين (1/ 447)، لسلامة الكندي هذا عن الأصبغ بن نُباتة عن علي، فعُلمت بذلك الواسطة بينهما، وأنه قد دلسه، والأصبغ: متروك، متهم، يروي عن علي ما لا يتابع عليه. التهذيب (1/ 184)، الميزان (1/ 271)، [ورواه بنحوه ابن أبي شيبة (6/ 66/ 29520)، بإسناد فيه مبهم، ولا يستبعد أن يكون هو الأصبغ أيضًا].
وتركت أيضًا ذكر المراسيل والمقاطيع.
• وأما حكم الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بعد التشهد:
فقد ذهب الجمهور إلى القول بالاستحباب، وحملوا الأمر الوارد في الآية بأنه فرض على الجملة، غير محدد بوقت، وأن الواجب منه الذي يسقط به الحرج ومأثم ترك الفرض: مرة؛ كالشهادة له بالنبوة، وما عدا ذلك فمندوبٌ مرغبٌ فيه، من سنن الإسلام وشعار أهله [انظر: الشفا (2/ 51)].
• وممن قال بالوجوب في الصلاة بعد التشهد، أو قال بالفرضية: الشافعي، وابن المواز من المالكية، واختلفت الرواية عن أحمد وإسحاق.
قال الشافعي في الأم (1/ 117): "فرض الله عز وجل الصلاة على رسوله صلى الله عليه وسلم فقال: "{إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (56)} [الأحزاب: 56].
قال الشافعي: فلم يكن فرض الصلاة عليه في موضع أولى منه في الصلاة، ووجدنا الدلالة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بما وصفت من أن الصلاة على رسوله صلى الله عليه وسلم فرضٌ في الصلاة، والله تعالى أعلم"، ثم ذكر ما وصل إليه بالإسناد مما سبق ذكره.
ونقل أبو زرعة الدمشقي عن أحمد قوله: "كنت أتهيب أن أقول: لا تبطل صلاة من لم يصلِّ على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم تبينت، فإذا الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم واجبة، فمن تركها أعاد الصلاة"[مشيخة شهدة (5/ 1617)، المغني (1/ 318)، جلاء الأفهام (332)، وقال: "وظاهر هذا أنه رجع عن قوله بعدم الوجوب"].
وكان قد سئل قبل ذلك عن قول إسحاق ببطلان صلاة من ترك الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، فقال أحمد:"ما أجترئ أن أقول هذا"، وقال مرة:"هذا شذوذ"[جلاء الأفهام (332)].
وأوجب إسحاق الإعادة مع تعمد تركها دون النسيان، وعنه رواية أخرى، قال له حرب الكرماني:"الرجل إذا تشهد فلم يصلِّ على النبي صلى الله عليه وسلم قال: أما أنا فأقول: إن صلاته جائزة"[جلاء الأفهام (331)].
• قال البيهقي في المعرفة (2/ 42): "وروينا عن عبد المهيمن بن عباس بن سهل الساعدي، عن أبيه، عن جده؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا صلاة لمن لم يصلِّ على نبي الله صلى الله عليه وسلم". وعبد المهيمن هذا: غير قوي في الحديث.
وروينا عن جابر، عن أبي جعفر، عن أبي مسعود الأنصاري؛ أنه قال: لو صليت صلاة لا أصلي فيها على محمد ما رأيت أنها تتم، وفي رواية أخرى: وعلى آل محمد، وجابر هذا هو الجعفي، وهو: ضعيف.
وروينا عن الثوري، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن الشعبي؛ أنه قال: من لم يصل على النبي صلى الله عليه وسلم في التشهد فليعد صلاته، أو قال: لا تجزي صلاته". [وانظر: مختصر الخلافيات (2/ 219)].
• قلت: أما حديث سهل بن سعد:
فقد وصله: الدارقطني (1/ 355)، وابن عبد البر في التمهيد (16/ 196).
ورواه مطولًا: ابن ماجه (400)، والحاكم (1/ 269)، والبيهقي (2/ 379).
وهو حديث منكر، راجع تخريجه في تخريج أحاديث الذكر والدعاء (1/ 98/ 55).
• وروي في هذا المعنى أيضًا: من حديث بريدة مرفوعًا بلفظ: "يا بريدة! إذا جلست في صلاتك فلا تتركن التشهد والصلاة عليَّ؛ فإنها زكاةُ الصلاةِ، وسلِّم على جميع أنبياء الله ورسله، وسلِّم على عباد الله الصالحين".
• ومن حديث عائشة مرفوعًا بلفظ: "لا تُقبل صلاةٌ إلا بطهور، وبالصلاة عليَّ".
ومدارهما على جابر بن يزيد الجعفي، ورواهما عنه: عمرو بن شمر، وكلا الحديثين: باطل كذب؛ جابر بن يزيد الجعفي: متروك يكذب، وعمرو بن شمر الجعفي: متروك، منكر الحديث، كُذِّب، ورُمِي بالوضع [اللسان (6/ 210)].
وقد أخرجهما جميعًا وضعفهما: الدارقطني في سننه (1/ 355).
وأخرج حديث عائشة: أبو أحمد الحاكم في شعار أصحاب الحديث (85).
وأخرج البزار (1/ 255/ 527 - كشف)(10/ 332/ 4462 - البحر) حديث بريدة مطولًا في صفة الصلاة وأذكارها، بإسناد واهٍ جدًّا، مسلسل بالمتروكين من العرازمة، وفيه جابر الجعفي أيضًا.
وحديث عائشة رواه أحد الوضاعين من طريق جابر الجعفي أيضًا بإسناده، لكن جعله من مسند أبي بكر، وبدون الزيادة موضع الشاهد [عند: أبي عوانة (645)، والعقيلي في الضعفاء (2/ 284)، والرافعي في التدوين (2/ 453)].
• وأما أثر أبي مسعود: فوصله ابن جرير الطبري في تهذيب الآثار (359 - الجزء المفقود)، والدارقطني (1/ 356)، والبيهقي (2/ 379).
وإسناده واهٍ؛ لأجل جابر الجعفي، وقال ابن جرير الطبري:"فإنه خبر مرسل، وذلك أن أبا جعفر لم يدرك أبا مسعود، ولا رآه"[تهذيب الآثار (ص 257 - المفقود)]، وقال البيهقي:"تفرد به جابر الجعفي، وهو ضعيف"، وقد اختلف فيه على الجعفي، فرواه عنه به هكذا موقوفًا: جماعة من الثقات وغيرهم، وهو الصواب، قاله الدارقطني في العلل [انظر: علل الدارقطني (6/ 198/ 1066)].
• وروي عن الجعفي مرفوعًا بلفظ: "من صلى صلاة لم يصلِّ فيها عليَّ ولا على أهل بيتي؛ لم تقبل منه".
وهو حديث باطل، راويه عن الجعفي: عبد المؤمن بن القاسم: شيعي، لا يتابع على حديثه [اللسان (5/ 284)]، وعنه: سفيان بن إبراهيم الكوفي: ضعيف، يروي مناكير [اللسان (4/ 89)].
أخرجه الدارقطني (1/ 355)، بإسناد فيه من تكلِّم فيه غير من تقدم ذكرهم.
• وأما أثر الشعبي، فعزاه ابن حجر في الفتح (11/ 164) للبيهقي في الخلافيات، بسند قوي.
• ومن أدلتهم على الوجوب أيضًا: حديث أبي مسعود، الذي رواه ابن إسحاق، قال: وحدثني -في الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا المرء المسلم صلى عليه في صلاته- محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي، عن محمد بن عبد الله بن زيد بن عبد ربه الأنصاري -أخي بلحارث بن الخزرج-، عن أبي مسعود عقبة بن عمرو، قال: أقبل رجل حتى جلس بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن عنده، فقال: يا رسول الله! أما السلام عليك فقد عرفناه، فكيف نصلي عليك إذا نحن صلينا في صلاتنا؛ صلى الله عليك؟
…
الحديث.
وهو حديث حسن، تقدم برقم (981)، وقد احتجوا منه بهذه الجملة الأخيرة، فيقال: في كلام النبي صلى الله عليه وسلم ما يرد دعواهم؛ فإنه صلى الله عليه وسلم قال في أوله: "إذا أنتم صليتم عليَّ، فقولوا: اللهم صلِّ على محمد النبي الأمي،
…
"، فعلق النبي صلى الله عليه وسلم الأمر بالصلاة عليه، بقوله: "إذا أنتم صليتم عليَّ"، والتعليق بهذه الصيغة لا ينهض لمدعاهم من القول بالوجوب، بل يدل على أنه إذا صلى عليه بعد التشهد فليقل ما علمه النبي صلى الله عليه وسلم، وإذا لم يصل عليه فصلاته جائزة، والله أعلم.
• ومن أدلتهم على الوجوب أيضًا: حديث فضالة بن عبيد؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سمع رجلًا يدعو في صلاته؛ لم يمجد الله تعالى، ولم يصل على النبي صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"عجل هذا"، ثم دعاه، فقال له أو لغيره:"إذا صلى أحدكم فليبدأ بتمجيد ربه جل وعز، والثناء عليه، ثم يصلي على النبي، ثم يدعو بعدُ بما شاء".
أخرجه أبو داود (1481)، وانظر تخريجه في تخريج أحاديث الذكر والدعاء (3/ 930/ 412)، وهو حديث حسن.
فيقال: هذا الحديث حجة لنا عليكم؛ إذ لو كان فرضًا لأمره النبي صلى الله عليه وسلم بالإعادة، مثل ما أمر المسيء صلاته بإعادة صلاته، لما قصر في ركن من أركانها، وهو الطمأنينة، فلما لم يأمره بالإعادة دل على عدم فرضية ذلك عليه.
ثم المأمور به في هذا الحديث ثلاثة أشياء: التمجيد والثناء، وهو محمول عند البعض على التشهد، ثم الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم، ثم الدعاء، والتشهد متفق على فرضه [على فرض أنه المراد بالتمجيد والثناء]، والثاني: مختلف فيه، والثالث: الأكثر على استحبابه، فاختلفت أحكام المذكورات، وهذا من أدلة ضعف دلالة الاقتران أيضًا، فاحتجنا عندئذ إلى دليل من خارج يدل على حكم كل فرد من أفراد المذكورات المندوب إلى فعلها في هذا الحديث، وهذا فضلًا عن عدم انتهاض سياقه للدلالة على الوجوب أصالة، مع عدم التنصيص فيه على أن الرجل ترك التشهد، والله أعلم.
قال ابن عبد البر في التمهيد (16/ 192): "ففي حديث فضالة هذا أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمر المصلي إذ لم يصل على النبي صلى الله عليه وسلم في صلاته بالإعادة؛ فدل على أن ذلك ليس بفرض، ولو ترك فرضًا لأمره بالإعادة، كما أمر الذي لم يقم ركوعه ولا سجوده بالإعادة، وقال له: "ارجع فصلِّ فإنك لم تصلِّ""، وكذا قال في الاستذكار (2/ 320).
• واحتجوا أيضًا بما رواه: الحسن بن شبيب المعمري، قال: حدثنا علي بن ميمون [الرقي: ثقة]: حدثنا خالد بن حيان [الرقي أبو يزيد الخراز: ليس به بأس]، عن جعفر بن بُرقان [الرقي: ثقة؛ إلا في الزهري]، عن عقبة بن نافع، عن ابن عمر؛ أنه قال: لا تكون صلاة إلا بقراءةٍ وتشهدٍ وصلاةٍ على النبي صلى الله عليه وسلم؛ فإن نسيت شيئًا من ذلك فاسجد سجدتين بعد السلام.
ذكره ابن القيم في جلاء الأفهام (330)، وجود إسناده ابن حجر في الفتح (11/ 196).
قلت: هذه رواية شاذة؛ والحمل فيها إما على خالد بن حيان، وإما على الحسن بن علي بن شبيب المعمري؛ فإنه وإن كان ثقةً حافظًا؛ إلا أنه رفع أحاديث وهي موقوفة، وزاد في المتون أشياء ليست فيها [انظر: الكامل (2/ 338)، تاريخ بغداد (7/ 369)، اللسان (3/ 71)، وغيرها] [وله ترجمة تحت الحديث رقم (601)].
• والمحفوظ: ما رواه ابن أبي شيبة (2/ 254/ 8714)(6/ 47/ 8806 - ط. عوامة)(3/ 605 - 606/ 8801 - ط. الرشد)[وهو: ثقة، من كبار الحفاظ]، قال بعد أن أخرج أثرًا عن شيخه وكيع بن الجراح [وهو: ثقة حافظ]، أو عن غيره، شك ابن أبي شيبة، قال بعده: حدثنا جعفر بن برقان، عن عقبة بن نافع، قال: سمعت ابن عمر، يقول: ليس من صلاةٍ إلا وفيها قراءةٌ، وجلوسٌ في الركعتين، وتشهُّدٌ، وتسليمٌ؛ فإن لم تفعل ذلك سجدت سجدتين بعد ما تسلِّم، وأنت جالسٌ.
ومعلوم أن ابن أبي شيبة لم يدرك جعفر بن برقان، وإنما يروي عنه بواسطة، فإما أن يكون رواه عن وكيع عنه، لكونه هو شيخه في الأثر السابق، وإما أن يكون سقط ذكر شيخه من الإسناد، وابن أبي شيبة يروي عن جعفر بن برقان بواسطة جماعة من شيوخه، وقد قمت بحصر تقريبي لشيوخ ابن أبي شيبة الذين يروي عنهم عن جعفر، فوجدتهم أحد عشر شيخًا، أذكرهم مرتبين بحسب عدد مروياتهم عن جعفر عند ابن أبي شيبة في المصنف، وهم: كثير بن هشام الكلابي (50)[ثقة]، ووكيع بن الجراح (34)[ثقة حافظ]، وعمر بن أيوب العبدي (17)[ثقة]، وحسين بن علي بن الوليد الجعفي (9)[ثقة]، وخالد بن حيان الرقي (8)[ليس به بأس]، وأبو نعيم الفضل بن دكين (6)[ثقة ثبت]، وسفيان الثوري (3)[ثقة حجة، إمام فقيه]، وعبد الله بن نمير (2)[ثقة]، وعيسى بن يونس (2)[ثقة مأمون]، وعبيد الله بن موسى (1)[ثقة]، وأبو معاوية محمد بن خازم الضرير (1)[ثقة].
وعلى هذا: فأيًا كان شيخ ابن أبي شيبة الساقط ذكره في هذا الموضع؛ فإنه ثقة.
وفي هذه الرواية المحفوظة: لم يذكر الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما ذكر مكانها التسليم من الصلاة، فسقط دليلهم، والله أعلم.
لكن يبقى بعد ذلك الكلام عن عقبة بن نافع راويه عن ابن عمر:
قال عبد الله بن أحمد لأبيه: "سألته عن عقبة بن نافع؟ فقال: لا أذكر معرفته"[العلل ومعرفة الرجال (2/ 88/ 1640)]، وقال البخاري في التاريخ الكبير (6/ 434): "عقبة بن
نافع: سمع ابن عمر رضي الله عنهما، روى جعفر بن برقان عن راشد؛ منقطع"، وكذا قال ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (6/ 317)، بدون قوله: منقطع، ولم يذكرا فيه جرحًا ولا تعديلًا، لكن ذكره ابن حبان في الثقات (5/ 227)، فقال: "عقبة بن نافع الفهري: يروي عن ابن عمر، روى جعفر بن برقان عن راشد الأزرق عنه، وقد روى عنه ليث بن سعد الحكايات، كان مستجاب الدعوة، له آثار في العبادة، ومقامات في الزهادة"، ولم يصب في ذلك ابن حبان؛ فإن البخاري وابن أبي حاتم قد فرقا بين عقبة بن نافع صاحب الترجمة، وبين عقبة بن نافع الفهري المصري، الذي افتتح أفريقية وأنشأ القيروان [وانظر ترجمة الأخير في تاريخ دمشق (40/ 525 - 536)، السير (3/ 532)، ولم تذكر له رواية عن ابن عمر.
وبناء على هذه النقول عن أئمة الجرح والتعديل يتبين لنا:
أن عقبة بن نافع هذا: رجل مجهول، يروي عنه جعفر بن برقان بواسطة راشد الأزرق، وهو: مجهول أيضًا [انظر: مصنف ابن أبي شيبة (7/ 509/ 37623)، التاريخ الكبير (3/ 297)، الجرح والتعديل (3/ 486)، الثقات (6/ 303)].
وعلى هذا: فإن أثر ابن عمر هذا: أمر ضعيف، والله أعلم.
• فإن قيل: قد احتجوا أيضًا بعمل الأمة قرنًا بعد قرن، فصار كالإجماع، فيقال: قد نُقل خلاف ذلك بإسناد صحيح إلى إبراهيم النخعي، قال: كانوا يرون حين فرض الله الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فقال: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (56)} فكانوا يرون أن التشهد كافٍ من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم.
أخرجه ابن عبد البر في الاستذكار (2/ 320).
• وقال ابن قدامة في المغني (1/ 318): "وهي واجبة في صحيح المذهب، وهو قول الشافعي وإسحاق، وعن أحمد أنها غير واجبة، قال المروذي: قيل لأبي عبد الله: إن ابن راهويه يقول: لو أن رجلًا ترك الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في التشهد بطلت صلاته؟ قال: ما أجترئ أن أقول هذا، وقال في موضع: هذا شذوذ، وهذا يدل على أنه لم يوجبها، وهذا قول مالك، والثوري، وأصحاب الرأي، وأكثر أهل العلم".
• وقد حكى ابن جرير الطبري الإجماع على خلاف قول الشافعي، فقال:"لإجماع جميع المتقدمين والمتأخرين من علماء الأمة على أن ذلك غير لازم فرضًا أحدًا"[تهذيب الآثار (ص 228 و 241 - المفقود)].
وقال ابن المنذر في الأوسط (3/ 213)(3/ 384 - ط. الفلاح): "فقوله: "ثم ليتخير أحدكم من الدعاء ما شاء" يدل على أن لا واجب بعد التشهد، إذ لو كان بعد التشهد واجبًا لعلمهم ذلك، ولم يخيرهم"، قال أبو بكر بن المنذر: "ونحن نختار أن لا يصلي أحدٌ صلاةً إلا صلى فيها على رسول الله صلى الله عليه وسلم، من غير أن نوجبه، ولا نجعل على تاركه الإعادة، وعلى هذا مذهب مالك وأهل المدينة، وسفيان الثوري، وأهل العراق من
أصحاب الرأي، وغيرهم، وهو قول جملة أهل العلم؛ إلا الشافعي، فإنه كان يوجب على المصلي إذا ترك الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في صلاةٍ الإعادة، وكان إسحاق يقول: إذا فرغ من التشهد إمامًا أو مأمومًا صلى على النبي، لا يجزيه غير ذلك، ثم قال: إن ترك ذلك ناسيًا رجونا أن يجزيه"، قال أبو بكر بن المنذر: "ولو كان ذلك فرضًا عنده كالركوع والسجود، وقراءة فاتحة الكتاب، لأوجب عليه الإعادة على كل حال، وقوله: رجونا أن يجزيه، إما أن يكون رجوعًا منه عن القول الأول، أو اختلافًا من القول، وقد ذكرت الحديث الذي اعتل به الشافعي، وأن الذي رواه ليس ممن يجوز الاحتجاج بحديثه، في غير هذا الكتاب"؛ [يعني: ابن أبي يحيى الأسلمي].
واحتج أيضًا الطحاوي بحديث ابن مسعود في التشهد، فقال في شرح المشكل (6/ 17):"وفي ذلك ما ينفي قولَ من قال: إنه لا بد له من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، وكان في حديث فضالة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد وقوفه على أن المصلي المذكور فيه لم يصل على النبي صلى الله عليه وسلم في صلاته لم يأمره بالعود لها؛ لأن ذلك لو كان لا تجزئه معه صلاته لأمره بالعود لها، كما أمر في حديث رفاعة وأبي هريرة وابن عمر المصليَ الصلاةَ الناقصةَ بالعود لها"، ثم أطال في الرد على من احتج بالآية.
وقال الخطابي في المعالم (1/ 196): "وفي قوله عند الفراغ من التشهد: "ثم ليتخير من الدعاء أعجبه إليه": دليل على أن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ليست بواجبةٍ في الصلاة، ولو كانت واجبةً لم يخلِ مكانها منها، ويخيره بين ما شاء من الأذكار والأدعية، فلما وكل الأمر في ذلك إلى ما يعجبه منها بطل التعيين، وعلى هذا قول جماعة الفقهاء؛ إلا الشافعي، فإنه قال: الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في التشهد الأخير واجبة، فإن لم يصل عليه بطلت صلاته، وقد قال إسحاق بن راهويه نحوًا من ذلك أيضًا، ولا أعلم للشافعي في هذا قدوة، وأصحابه يحتجون في ذلك بحديث كعب بن عجرة".
وقال ابن بطال في شرح البخاري (2/ 447)، والقاضي عياض في الشفا (2/ 52):"وقال الطبري، والطحاوي: أجمع جميع المتقدمين والمتأخرين من علماء الأمة على أن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في التشهد غير واجبة، وشذ الشافعي في ذلك، فقال: من لم يصلِّ على النبي في التشهد الأخير وقبل السلام فصلاته فاسدة".
وقال ابن حزم في المحلى (4/ 135): "وإن اقتصر المصلي على بعض ما في هذه الأخبار أجزأه، وإن لم يفعل أصلًا كرهنا ذلك، وصلاته تامةٌ؛ إلا أن فرضًا عليه ولا بد أن يقول ما في خبر من هذه الأخبار، ولو مرَّةً واحدةً في دهره، لأمره صلى الله عليه وسلم بأن يقال ذلك، ولقول الله تعالى {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (56)} ،
…
، ومن قال إن تكرار ما أمِرَ به يلزم كان كلامه باطلًا،
…
".
وقال ابن عبد البر في التمهيد (16/ 191): "وروي عن مالك وأبي حنيفة والثوري
والأوزاعي؛ أنهم قالوا: الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في التشهد جائز، ويستحبونها، وتاركها مسيء عندهم، ولا يوجبونها فيه".
وقال أيضًا (16/ 195): "ليس ما احتجوا به عندي بلازم؛ لما فيه من الاعتراض، ولست أوجب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة فرضًا من فروض الصلاة، ولكني لا أحب لأحد تركها في كل صلاة، فإن ذلك من تمام الصلاة، وأحرى أن يجاب للمصلي دعاؤه إن شاء الله".
وقال في الاستذكار (2/ 322): "الأصل أن الفرائض لا تثبت إلا بدليل لا معارض له، أو بإجماع لا مخالف فيه، وذلك معدوم من هذه المسألة؛ إلا أني رأيت الفقهاء وأصحابهم إذا قام لأحدهم دليلًا من كتاب أو سُنَّة أوجبوا به، واستقصوا في موضع الخلاف، وحجة أصحاب الشافعي فيها ضعيف، ولست أوجب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فرضًا في كل صلاة، ولكن لا أحب لأحد تركها، وبالله التوفيق".
وقال الإسنوي في التمهيد (1/ 273): "الأمر بعد الاستئذان كالأمر بعد التحريم، .....
والأمر بماهية مخصوصة بعد سؤال تعليمه شبيه في المعنى بالأمر بعد الاستئذان، مثاله: قول أبي مسعود [كذا قال، وإنما السائل: بشير بن سعد]: يا رسول الله! قد علمنا كيف نسلم عليك، فكيف نصلي عليك؟ فقال:"قولوا: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد"، وحينئذ فلا يستقيم ما قاله الأصحاب من الاستدلال بمجرد هذا الأمر على وجوب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في التشهد، نعم إن ثبت إيجابه من خارج فيكون هذا الأمر للوجوب؛ لأنه بيان لكيفية واجب".
• ومن الحجج أيضًا على عدم الوجوب:
قول عبد الله بن مسعود بعد أن ذكر التشهد: فإذا قلت ذلك فقد قضيت ما عليك من الصلاة، فإذا شئت أن تقوم فقم، وإن شئت أن تقعد فاقعد. وفي رواية: فإذا فرغت من هذا فقد فرغت من صلاتك، فإن شئت فاثبُت، وإن شئت فانصرف.
قلت: وهذا صريح في عدم إيجاب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بعد التشهد، وهو ثابت عن ابن مسعود قوله، تقدم تخريجه مفصلًا تحت الحديث رقم (617)، وبرقم (970).
• وهذا لا يتعارض مع أثره الصحيح الذي احتجوا به على الوجوب، بل هو مفسر له؛ فقد روى أبو الأحوص سلام بن سليم، عن أبي إسحاق، عن أبي الأحوص وأبي عبيدة، قالا: قال عبد الله: يتشهد الرجل، ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم يدعو لنفسه.
أخرجه ابن أبي شيبة (1/ 264/ 3026)، والحاكم (1/ 268)، والبيهقي (2/ 153).
فإذا جمعنا بين الأثرين، دل على مراد ابن مسعود من ذكر الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في الأثر الثاني، وأنه ليس على الفرضية عنده، بدليل اقترانه بالدعاء لنفسه، فهلا قالوا بوجوب الدعاء لنفسه قبل السلام، وأن من ترك الدعاء لنفسه بعد فراغه من التشهد والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم؛ فصلاته باطلة!!! فالعجب بعد ذلك أن تجد ابن حجر يقول في الفتح (11/ 164):"وهذا أقوى شيء يحتج به للشافعي".