الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومثل ذلك يُرجع فيه إلى العُرف، فإن الصفق بالأسواق كان معروفًا، وهو الضرب بباطن اليد على باطن اليد في البيع، والتصفيق والتصفيح إنما يكون بضرب باطن الكف اليمنى على باطن الكف اليسرى، ولم يأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم بخلاف فعلهم الذي صدر منهم لما أمر النساء بذلك، وراوي الحديث هو أعلم الناس بمعناه، فها هو سهل بن سعد نفسه يقول:"التصفيح هو التصفيق"، وكذلك قال ابن خزيمة والأزهري، وتقدم نقل كلامهما، وكذلك قال الجوهري في الصحاح، والصفة التي أتى بها عيسى بن أيوب لا أرى لها وجهًا، لخروجها عن مألوف لغة العرب، وإن قال به قائل من المتأخرين، قال في طرح التثريب (2/ 218):"ظاهر الحديث يقتضي حصول المقصود بالتصفيق على أي وجه كان"، فكيف يقال بأن هذه الكيفية من التصفيق هي التي أرادها رسول الله صلى الله عليه وسلم؟، ولا دليل عليها، بل هي تحكم بغير دليل، والله أعلم.
وقال الخطابي في أعلام الحديث (1/ 650): "التصفيح: التصفيق باليد، مأخوذ من صفحتي الكف، وضرب إحداهما بالأخرى".
وقال ابن حزم: "لا خلاف في أن التصفيح والتصفيق بمعنى واحد، وهو الضرب بإحدى صفحتي الكف على الأخرى".
وقال ابن الأثير في النهاية (3/ 34): "التصفيح والتصفيق واحد، وهو من ضرب صفحة الكف على صفحة الكف الآخر؛ يعني: إذا سها الإمام نبهه المأموم إن كان رجلًا قال: سبحان الله، وإن كانت امرأة ضربت كفها على كفها عوض الكلام، ومنه: حديث المصافحة عند اللقاء، وهي مفاعلة من إلصاق صفح الكف بالكف، وإقبال الوجه على الوجه".
وانظر: العين (5/ 67)، مقاييس اللغة (3/ 290)، مشارق الأنوار (2/ 49 و 50)، إكمال المعلم (2/ 333)، المفهم (2/ 55)، شرح مسلم للنووي (4/ 145)، المطلع (1/ 87)، لسان العرب (2/ 515)، طرح التثريب (2/ 213)، هدي الساري (145)، الفتح لابن حجر (3/ 76).
***
174 - باب الإشارة في الصلاة
943 -
. . . عبد الرزاق: أخبرنا معمر، عن الزهري، عن أنس بن مالك؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يُشيرُ في الصلاة.
• حديث مختصر من قصة سقوط النبي صلى الله عليه وسلم عن فرسه، فجُحش شقه الأيمن، فصلى بأصحابه قاعدًا، وأشار إليهم أن: اقعدوا.
أخرجه عبد الرزاق في المصنف (2/ 258/ 3276)، ومن طريقه: أبو داود (943)،
وابن خزيمة (2/ 48/ 885)، وابن حبان (6/ 42/ 2264)، والضياء في المختارة (7/ 173 و 174/ 2603 - 2606)، وأحمد (3/ 138)، وعبد بن حميد (1162)، وأبو يعلى (6/ 266/ 3569) و (6/ 278/ 3588)، وأبو العباس السراج في حديثه بانتقاء الشحامي (833)، والسهمي في تاريخ جرجان (105)، والدارقطني (2/ 84)، وابن حزم في المحلى (3/ 79)، والبيهقي (2/ 262)، وابن عبد البر في التمهيد (21/ 104)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (8/ 226) و (51/ 148)، وغيرهم.
رواه عن عبد الرزاق: أحمد بن حنبل، ويحيى بن معين، وعبد بن حميد، وأحمد بن محمد بن شبُّويه المروزي، ومحمد بن رافع، وإسحاق بن أبي إسرائيل، وإسحاق بن إبراهيم الدبري، وسلمة بن شبيب، ومحمد بن مسعود العجمي، وخشيش بن أصرم، وإسحاق بن الضيف، وغيرهم من الثقات [وفيهم جماعة ممن روى عن عبد الرزاق قبل ذهاب بصره، وممن روى عنه من أصل كتابه].
قال النووي في الخلاصة (1701): "رواه أبو داود بإسناد صحيح على شرط مسلم".
• خالفهم: محمد بن سهل بن عسكر [ثقة، لعله روى عن عبد الرزاق بعدما أضر]، وأبو الأزهر أحمد بن الأزهر [ثقة، كتابه أصح، وكان ربما لقِّن، وقد اختصه عبد الرزاق بحديث باطل][انظر: شرح علل الترمذي (2/ 752 و 756)، التهذيب (1/ 14)]:
عن عبد الرزاق: أنبأ معمر، عن عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يشير في الصلاة [بيده].
أخرجه الدارقطني (2/ 84)، والبيهقي (2/ 262).
قلت: هو حديث خطأ، والصواب رواية الجماعة عن عبد الرزاق.
• وقد ذهب الدارقطني في العلل (12/ 2579/165) إلى أن حديث معمر هذا مختصر من الحديث الذي رواه جماعة من أصحاب الزهري، عن الزهري، عن أنس بن مالك، قال: سقط النبي صلى الله عليه وسلم من فرسٍ، فجُحش شقه الأيمن،
…
الحديث [وهو حديث متفق عليه، وتقدم في السنن برقم (601)،، ووقع في رواية معمر عن الزهري عن أنس [عند: عبد الرزاق (4078)، وأحمد (3/ 162)، وعبد بن حميد (1161)]: فدخلوا عليه، فصلى بهم قاعدًا، وأشار إليهم أن: اقعدوا، ....
وقال ابن رجب في الفتح (6/ 529): "وقد قيل: إنه مختصر من هذا الحديث"؛ يعني: حديث معمر المطول المشار إليه آنفًا.
• وهذا الذي ذهب إليه الدارقطني أقرب عندي إلى الصواب مما ذهب إليه أبو حاتم:
فقد قال أبو حاتم في العلل (1/ 453/160): "اختصر عبد الرزاق هذه الكلمة من حديث النبي صلى الله عليه وسلم: أنه ضعُف، فقدَّم أبا بكر يصلى بالناس، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم . . . فذكر الحديث".
قال أبو حاتم: "أخطأ عبد الرزاق في اختصاره هذه الكلمة،
…
، وأدخله في باب: من كان يشير بإصبعه في التشهد [كذا وقع في مطبوعة العلل: التشهد، وقد نقل هذا النص: الضياء في مختارته، وابن عبد الهادي في التنقيح (2/ 298/ 895)، فقالا: في الصلاة، وهو الأقرب، والموافق لما في المصنف]، وأوهم أن النبي صلى الله عليه وسلم إنما أشار بيده في التشهد، وليس كذاك هو".
قال عبد الرحمن بن أبي حاتم: "قلت لأبي: فإشارة النبي صلى الله عليه وسلم إلى أبي بكر كان في الصلاة، أو قبل دخول النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة؟ فقال: أما في حديث شعيب عن الزهري: لا يدل على شيء من هذا".
قلت: هذه الرواية أخرجها البخاري في صحيحه (680)، قال: حدثنا أبو اليمان، قال: أخبرنا شعيب، عن الزهري، قال: أخبرني أنس بن مالك الأنصاري -كان تبع النبي صلى الله عليه وسلم وخدمه وصحبه-؛ أن أبا بكر كان يصلي لهم في وجع النبي صلى الله عليه وسلم الذي توفي فيه، حتى إذا كان يوم الاثنين وهم صفوف في الصلاة، فكشف النبي صلى الله عليه وسلم ستر الحجرة ينظر إلينا، وهو قائم كأن وجهه ورقة مصحف، ثم تبسم يضحك، فهممنا أن نفتتن من الفرح برؤية النبي صلى الله عليه وسلم، فنكص أبو بكر على عقبيه ليصل الصف، وظن أن النبي صلى الله عليه وسلم خارج إلى الصلاة، فأشار إلينا النبي صلى الله عليه وسلم أن: أتموا صلاتكم، وأرخى الستر، فتوفي من يومه.
وقد تابع شعيب بن أبي حمزة على هذه اللفظة: فأشار إليهم: أتموا صلاتكم: عقيل بن خالد [عند: البخاري (754 و 4448)]، ويونس بن يزيد الأيلي [عند: البخاري (1205)]، وصالح بن كيسان [عند: مسلم (419/ 98)]، وسفيان بن عيينة [عند: مسلم (419/ 99)، والنسائي (4/ 7/ 1831)، واللفظ له]، ومعمر بن راشد [عند: مسلم (419/ 99)، وأحمد (3/ 196)، وعبد الرزاق (5/ 433/ 9754)، وعبد بن حميد (1163)، ولم يسق مسلم لفظه]، وهذا على وجه الاختصار والإشارة حسب.
قلت: وليس في هذا الحديث ما يدل على أنه أشار لهم في صلاته، كما قال أبو حاتم، فلو كان قوله هذا صوابًا، لكان حديث معمر المختصر: حديث خطأ، وليس الأمر كذلك، بل إنه مختصر من حديث معمر نفسه عن الزهري، عن أنس في قصة أخرى غير هذه، وتقدم بيانها، وفيها: فصلى بهم قاعدًا، وأشار إليهم أن: اقعدوا، وبهذا فيكون اختصار معمر لهذا الحديث غير مخل بمعناه، فإنه صلى الله عليه وسلم قد أشار إليهم وهو يصلي، وعليه: فإن حديث الباب: حديث صحيح؛ إلا إنه مختصر من حديث طويل، ولم ينفرد به معمر عن الزهري:
• فقد رواه سلامة بن بشر [دمشقي: ثقة]: حدثنا يزيد بن السِّمط [دمشقي: ثقة، من كبار أصحاب الأوزاعي]: حدثنا الأوزاعي، عن الزهري، عن أنس بن مالك؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يشير في الصلاة.
أخرجه الطبراني في الأوسط (5/ 108/ 4814)، وفي الصغير (2/ 14/ 695)، وأبو
الفضل الزهري في حديثه (534)، والخطيب في تاريخ بغداد (6/ 293)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (8/ 353) و (56/ 203)، والضياء في المختارة (7/ 2607/175).
قال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن الأوزاعي إلا يزيد بن السمط، تفرد به سلامة بن بشر".
قلت: إسناده صحيح غريب.
• وله طريق أخرى عن أنس، ولا تصح [عند: الطبراني في الأوسط (2/ 43/ 1185)] [وفي إسناده: رشدين بن سعد، وهو: ضعيف، وعبيد الله بن عمرو الأصبحي: فلم أعرفه إلا أن يكون: عبيد الله بن عمرو الغداني المترجم له في التاريخ الكبير (5/ 391)، وفي الجرح والتعديل (5/ 328)، وفي الثقات (5/ 67)].
وهذه القصة قد رواها جابر بن محمد الله وعائشة، وفي حديثهما أيضًا ذكر الإشارة:
1 -
فقد روى الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابر، قال: ركِب رسول الله صلى الله عليه وسلم فرسًا بالمدينة، فصرعه على جِذْم نخلة، فانفكَّت قدمُه، فأتيناه نعوده، فوجدناه في مَشْرُبَةٍ لعائشة يسبِّح جالسًا، قال: فقمنا خلفه، فسكت عنا، ثم أتيناه مرةً أخرى نعوده، فصلى المكتوبة جالسًا، فقمنا خلفه، فأشار إلينا فقعدنا، قال: فلما قضى الصلاة قال: "إذا صلى الإمام جالسًا فصلوا جلوسًا، وإذا صلى الإمام قائمًا فصلوا قيامًا، ولا تفعلوا كما يفعل أهلُ فارسَ بعظمائها".
وهو حديث صحيح، تقدم في السنن برقم (602).
2 -
وروى الليث بن سعد، عن أبي الزبير، عن جابر بن عبد الله، قال: اشتكى رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلينا وراءه وهو قاعد، وأبو بكر يكبر، ويُسمع الناسَ تكبيرَه، قال: فالتفت إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فرآنا قيامًا، فأشار إلينا فقعدنا، فصلينا بصلاته قعودًا، فلما سلم قال:"إن كدتم آنفًا تفعلون فعل فارس والروم، يقومون على ملوكهم وهم قعود، فلا تفعلوا، ائتموا بأئمتكم: إن صلى قائمًا فصلوا قيامًا، وإن صلى قاعدًا فصلوا قعودًا".
أخرجه مسلم (413/ 84)، وتقدم برقم (606).
3 -
وروى مالك، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة -زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها قالت: صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيته وهو جالس، فصلى وراءه قوثم قيامًا، فأشار إليهم أنِ: اجلسوا، فلما انصرف قال:"إنما جُعِل الإمامُ ليُؤتمَّ به، فإذا ركع فاركعوا، وإذا رفع فارفعوا، وإذا صلى جالسًا فصلوا جلومًا".
تقدم برقم (605)، وهو حديث متفق عليه.
***
944 -
. . . يونس بن بكير، عن محمد بن إسحاق، عن يعقوب بن عتبة بن الأخنس، عن أبي غَطَفانَ، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "التسبيحُ
للرجال -يعني: في الصلاة- والتصفيقُ للنساء، من أشار في صلاته إشارةً تُفهَمُ عنه، فليُعِدْ لها"؛ يعني: الصلاة.
قال أبو داود: هذا الحديث وهم.
• حديث منكر.
أخرجه إسحاق بن راهويه في مسنده (1/ 466/ 543)، والبزار (15/ 116/ 8416) و (15/ 300/ 8813)، والطحاوي (1/ 448 و 453)، والدارقطني (2/ 83)، وابن شاهين في الناسخ (211)، وابن بشران في الأمالي (985)، والبيهقي (2/ 262)، وابن الجوزي في العلل المتناهية (1/ 427/ 726).
رواه عن يونس بن بكير [وهو: صدوق]: إسحاق بن راهويه [ثقة حجة، إمام فقيه]، وعبد الله بن سعيد [الكندي، أبو سعيد الأشج: ثقة حافظ]، واللفظ له، ومحمد بن عبد الله بن نمير [ثقة حافظ]، وإسماعيل بن حفص [الأبلي: لا بأس به]، ومحمد بن سعيد بن سليمان [ابن الأصبهاني: ثقة ثبت]، ومحمد بن عمر بن الوليد الكندي [صدوق].
ولفظ ابن راهويه: "التسبيحُ للرجال في الصلاة والتصفيقُ للنساء، ومن أشار في صلاته إشارةً تُفهَمُ، فليُعِدْ لها الصلاة".
وفي رواية إسماعيل بن حفص: "من أشار في صلاته إشارةً تُفهم عنه؛ فليُعِد صلاته -أو: قد فسدت-"، وفي رواية:"فقد قطع الصلاة".
وقال محمد بن سعيد في روايته [عند الطحاوي]: عن أبي غطفان بن طريف، ووقع في رواية ابن أبي داود عن عبد الله بن سعيد: عن أبي غطفان المري، ووقع في رواية ابن نمير ومحمد بن عمر الكندي [عند ابن بشران]: عن أبي غطفان بن مالك المري.
وبمجموع طرق هذا الحديث عن يونس بن بكير يتبين أن أبا غطفان هذا هو المترجم له في التهذيب (4/ 571): أبو غطفان بن طريف المدني، ويقال: ابن مالك المري، ومما يؤكد ذلك:
ما رواه مسلم في صحيحه (2026): من طريق عمر بن حمزة: أخبرني أبو غطفان المري؛ أنه سمع أبا هريرة يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يشربنَّ أحدٌ منكم قائمًا، فمن نسي فليستقئ".
وروى له مسلم أيضًا في المتابعات والشواهد: عن أبي رافع، وعن ابن عباس [صحيح مسلم (357 و 1134)].
وقد أخرج البزار هذا الحديث في موضعين، أفرده مرة تحت ترجمة أبي غطفان عن أبي هريرة وفيه الزيادة، وفي الموضع الثاني أخرج لأبي غطفان عن أبي هريرة حديثين هذا أحدهما وبدون زيادة الإشارة المفهمة، والثاني في النهي عن الشرب قائمًا [الذي أخرجه
مسلم]، مما يدل على أن البزار يراهما واحدًا، وهو الأقرب، قال ابن القطان الفاسي في بيان الوهم (5/ 320): "فدل على أنه عنده: المري، وليس بمجهول كما زعم ابن أبي داود، فإن المري الذي يروي حديث النهي عن الشرب قائمًا والاستقاء لمن نسي، هو بلا شك أبو غطفان بن طريف،
…
، فإذًا مذهب البزار في راوي حديث الباب: أنه أبو غطفان بن طريف المري"، كذلك فإن السراج لما أخرج له هذا الحديث بدون الزيادة، قال: "وروى عن أبي غطفان: عمر بن حمزة بن عبد الله بن عمر"؛ يعني: حديث النهي عن الشرب قائمًا [الذي أخرجه مسلم]، وهذا يدل على أنهما عنده واحد، كذلك فإن ابن أبي حاتم لما ترجم لأبي غطفان في الجرح والتعديل (9/ 422)، قال: "أبو غطفان بن طريف المري، ويقال: ابن مالك، روى عن أبي هريرة وابن عباس، روى عنه: داود بن حصين وقارظ بن شيبة، سمعت أبى يقول ذلك"، ثم ساق توثيق ابن معين له، ولم يفرد لأبي غطفان الذي روى عنه يعقوب بن عتبة بن المغيرة بن الأخنس ترجمة مستقلة، مع العلم بأنه ذكر أبا غطفان في ترجمة يعقوب (9/ 211)، فيمن روى عنه يعقوب، وهذا يؤكد أن أبا حاتم وابنه كانا يريانهما واحدًا.
وقال الذهبي في الميزان (4/ 561): "أبو غطفان عن أبي هريرة: لا يدرى من هو، قال الدارقطني: مجهول [قلت: كذا قال، وإنما وصفه بالجهالة ابن أبي داود، كما سيأتي]، والظاهر أنه أبو غطفان بن طريف المري، وماذا بالمجهول؟ وثقه غير واحد"، وترجم لهما في تاريخ الإسلام (5/ 559) على أنهما واحد، وجمع بينهما أيضًا: المزي في التهذيب (34/ 177)، وتبعه عليه: ابن حجر في تهذيبه (4/ 571).
• وقد تابع يونس بن بكير عليه:
حفص بن عبد الرحمن [أبو عمر البلخي الفقيه، سكن نيسابور، وهو: صدوق. التهذيب (1/ 452)]، قال: ثنا محمد بن إسحاق، عن يعقوب بن عتبة، عن أبي غطفان، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "التسبيح للرجال في الصلاة، والتصفيق للنساء".
أخرجه أبو العباس السراج في مسنده (707)، وفي حديثه بانتقاء الشحامي (771).
هكذا رواه عن حفص: محمد بن رافع [ثقة]، والحسن بن منصور [صدوق].
• ورواه محمد بن معاوية بن أعين النيسابوري [متروك، كذبه ابن معين والدارقطني وغيرهما. التهذيب (3/ 705)]: نا حفص به، لكن بالشق الثاني فقط، فقال:"من أشار في صلاته إشارة تُفهم عنه؛ فليُعِد صلاته".
أخرجه الدارقطني (2/ 83)، والجوزقاني في الأباطيل (2/ 44/ 413).
• وقد اتفق النقاد على تضعيف هذا الحديث ورده:
قال أبو داود: "هذا الحديث وهم".
وقال أبو زرعة: "ليس في شيء من الأحاديث هذا الكلام، وليس عندي بذاك
الصحيح، إنما رواه ابن إسحاق،
…
، واحتمل أن يكون أراد إشارته في غير جنس الصلاة" [العلل (1/ 75/ 199)].
وقال إسحاق بن إبراهيم بن هانئ: "سئل أحمد عن حديث: "من أشار في صلاته إشارة تفهم عنه فليعد الصلاة"؟ فقال: لا يثبت هذا الحديث، إسناده ليس بشيء". [مسائل ابن هانئ (2038)، الفتح لابن رجب (6/ 530)].
وقال الأثرم: "ليس بقوي الإسناد"[ناسخ الحديث ومنسوخه (40)، الفتح لابن رجب (6/ 531)].
وقال الدارقطني: "قال لنا ابن أبي داود: أبو غطفان هذا رجل مجهول، وآخر الحديث زيادة في الحديث، ولعله من قول ابن إسحاق، والصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه كان يشير في الصلاة، رواه أنس وجابر وغيرهما عن النبي صلى الله عليه وسلم "، قال الدارقطني:"وقد رواه ابن عمر وعائشة أيضًا".
وقال البيهقي في المعرفة (2/ 112/ 1034): "لا يصح".
وقال الجوزقاني: "هذا حديث منكر، مداره على محمد بن إسحاق، وهو: ضعيف الحديث، وأبو غطفان هذا: رجل مجهول".
وقال ابن قدامة في المغني (1/ 376): "ضعيف، يرويه أبو غطفان وهو: مجهول، فلا يعارض به الأحاديث الصحيحة".
وقال ابن القيم في الزاد (1/ 267): "حديث باطل".
وقال العراقي: "حديث ضعيف"[طرح التثريب (2/ 220)].
وانظر أيضًا: بيان الوهم والإيهام (5/ 317/ 2495)، المجموع (4/ 115).
• قلت: إذا نظرنا إلى رجال الإسناد وجدناهم موثقين:
أبو غطفان بن طريف المدني، ويقال: ابن مالك المري: قال ابن معين والنسائي: "ثقة"، وذكره ابن حبان في الثقات، وروى له مسلم في المتابعات والشواهد، وقد سمع أبا هريرة، وأما قول ابن أبي داود:"هذا رجل مجهول"، فيمكن حمله على قلة حديثه [كما قال ابن سعد في الطبقات (5/ 176)]، وعدم شهرته إذا قورن بأصحاب أبي هريرة على كثرتهم [التهذيب (4/ 571)].
ويعقوب بن عتبة بن المغيرة بن الأخنس الثقفي المدني، فهو: ثقة عالم مشهور. [التهذيب (4/ 444)].
ومحمد بن إسحاق بن يسار المدني: إمام في المغازي والسير، وهو: صدوق، حسن الحديث، واسع الرواية جدًّا، سبق الكلام عن تدليسه مفصلًا عند الحديث رقم (814)، وخلاصة الكلام فيه: أنه لا يُردُّ حديثه بمجرد العنعنة، وإنما بثبوت التدليس في حديث بعينه، وبجمع طرق هذا الحديث لم يظهر لنا أنه دلسه؛ إلا أن الأئمة أجمعوا على رده وعدم قبوله، ولم يرده أحد منهم بسبب عنعنة ابن إسحاق، وهذا دليل أيضًا على ما سبق
تقريره في البحث المشار إليه، ويمكن حصر إعلال هذا الحديث في كلامهم بإحدى العلل الآتية:
• جهالة أبي غطفان.
• ضعف ابن إسحاق، أو مجرد الحمل عليه.
• عدم صلاحية إسناده للاحتجاج به، مع عدم تحديد موضع العلة منه، مثل قول أحمد:"إسناده ليس بشيء"، ومثل قول الأثرم:"ليس بقوي الإسناد".
• نكارة المتن؛ لمخالفته الأحاديث الصحيحة في الباب، مثل قول أبي داود:"هذا الحديث وهم"، وقول أبي زرعة:"ليس في شيء من الأحاديث هذا الكلام"، وقول ابن أبي داود:"والصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه كان يشير في الصلاة"، وقول الجوزقاني:"هذا حديث منكر"، وهكذا قول الدارقطني وابن قدامة وابن القيم.
• القول بإدراج هذه اللفظة في الحديث المرفوع: "من أشار في صلاته إشارةً تُفهَمُ، فليُعِدْ لها الصلاة"، وأن أصل الحديث:"التسبيح للرجال في الصلاة، والتصفيق للنساء"، فأدرجت فيه لفظة الأشارة المفهمة.
وممن قال بذلك: ابن أبي داود حيث قال: "وآخر الحديث زيادة في الحديث، ولعله من قول ابن إسحاق".
قال ابن رجب في الفتح (6/ 531): "يعني: أن آخره مدرج، لشى هو من تمام الحديث المرفوع، وهذا هو الظاهر.
وهذا يدل على أن أبا غطفان هذا ليس هو المري الذي خرج له مسلم، بل هو غيره، وابن إسحاق: مدلس، ولم يصرح بسماعه من يعقوب بن عتبة، فلعله دلسه عن ضعيف".
وأما قول أبي زرعة: "واحتمل أن يكون أراد إشارته في غير جنس الصلاة"، فهو من باب التنزل، غير أنه قد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قد أشار في غير جنس الصلاة، كما سيأتي بيانه في الأحاديث الدالة على جواز الإشارة المفهمة.
لكن أي من هذه العلل تصلح لأن يُعل بها الحديث، فأقول مستعينًا بالله، وبه التوفيق والسداد: أما جهالة أبي غطفان فسبق ردها، وذكرت من وثقه من الأئمة، وأما ضعف ابن إسحاق فمردود، فهو من أهل الصدق والعدالة، ولا نرد حديثه حتى يتبين لنا أنه أخطأ فيه، إذ إن الأصل فيه أنه مقبول الرواية، حسن الحديث، يحتج به، وأما عدم صلاحية هذا الإسناد للاحتجاج، فيقال: هذا إسناد مدني حسن، إلا إذا كان في متنه نكارة تعود على إسناده بالطعن فيه بوجه من الوجوه.
وأما نكارة المتن؛ لمخالفته الأحاديث الصحيحة في الباب، فهذه هي العلة الصحيحة المجملة، والتي نرجع بها على الإسناد للبحث فيه عن موضع للطعن فيه.
وأما القول بالإدراج؛ فهو أحد القولين المعتبرين في إعلال هذا الحديث بعلة قادحة؛ وذلك لأن هذه اللفظة ليست من كلام النبوة، فهي أشبه بكلام الفقهاء، وليس لها ما يشهد
لصحتها، بل هي مخالفة للأحاديث الكثيرة القاضية بجواز الإشارة المفهمة في الصلاة.
وأما العلة الأخرى، فهي احتمال كون ابن إسحاق دلسه عن مجروح، كانت عليه التبعة في الإتيان بهذه اللفظة المنكرة، فلما سقط ذكره التزقت التبعة بابن إسحاق فحملها هو، والله أعلم، وهو الموفق للصواب.
• وقد جاءت أحاديث كثيرة في جواز الإشارة المفهمة عند الحاجة إليها، وأنها لا تقطع الصلاة:
فمنها ما تقدم ذكره قريبًا، مثل:
1 -
حديث سهل بن سعد (940 و 941).
2 -
حديث أنس بن مالك (943).
3 -
حديث جابر (ت 943).
4 -
حديث عائشة (ت 943).
ومنها أيضًا:
5 -
حديث صهيب:
يرويه الليث بن سعد، عن بكير، عن نابِلٍ صاحب العَباء، عن ابن عمر، عن صهيب؛ أنه قال: مررتُ برسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي، فسلَّمتُ عليه، فردَّ إشارةً، قال: ولا أعلمه إلا قال: إشارةً بأصبعه.
تقدم برقم (925)، وهو حديث حسن.
• ورواه سفيان بن عيينة، عن زيد بن أسلم، عن ابن عمر، قال: سألتُ صهيبًا: كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع حيث كان يُسَلَّمُ عليه؟ قال: كان يشير بيده.
وإسناده قوي رجاله أئمة؛ إلا أن زيدًا لم يسمعه من ابن عمر؛ ففي سنده انقطاع، ومثله صالح في المتابعات، وتقدم تخريجه تحت الحديث رقم (925).
6 -
حديث جابر:
يرويه زهير بن معاوية: حدثنا أبو الزبير، عن جابر، قال: أرسلني نبيُّ الله صلى الله عليه وسلم إلى بني المصطلق، فأتيته وهو يصلي على بعيره، فكلَّمته، فقال لي بيده هكذا، ثم كلمته، فقال لي بيده هكذا، وأنا أسمعه يقرأ ويومئُ برأسه، قال: فلما فرغ، قال:"ما فعلتَ في الذي أرسلتُك؟ فإنه لم يمنعني أن أُكلِّمَك إلا أني كنتُ أصلي".
تقدم برقم (926)، وهو حديث صحيح.
وقد رواه عن أبي الزبير جماعة، ذكرتهم في الموضع المشار إليه، ومنهم:
• الليث بن سعد، عن أبي الزبير، عن جابر، أنه قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثني لحاجة، ثم أدركته وهو يسير [وفي رواية: وهو يصلي]، فسلمتُ عليه، فأشار إليَّ، فلما فرغ دعاني، فقال:"إنك سلَّمت [عليَّ]، آنفًا وأنا أصلي"، وهو موجِّه حينئذ قِبَل المشرق.
7 -
حديث بلال:
يرويه هشام بن سعد: حدثنا نافع، قال: سمعت عبد الله بن عمر، يقول: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى قباء يصلي فيه، قال: فجاءته الأنصار، فسلَّموا عليه وهو يصلي، قال: فقلت لبلال: كيف رأيتَ رسول الله صلى الله عليه وسلم يردُّ عليهم حين كانوا يسلِّمون عليه وهو يصلي؟، قال: يقول هكذا، وبسط كفه.
تقدم برقم (927)، وهو حديث صحيح.
8 -
حديث أسماء بنت أبي بكر:
يرويه مالك بن أنس، ووهيب بن خالد، وأبو أسامة حماد بن أسامة، وعبد الله بن نمير، وحماد بن زيد، وسفيان الثوري، ومفضل بن فضالة، وحماد بن سلمة، والليث بن سعد، وعبدة بن سليمان، وعبد العزيز بن أبي حازم، وعلي بن مسهر، وشعيب بن أبي حمزة: عن هشام بن عروة، عن فاطمة بنت المنذر، عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما؛ أنها قالت: أتيت عائشة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم حين خسفت الشمس، فإذا الناس قيام يصلون، وإذا هي قائمة تصلي، فقلت: ما للناس؟! فأشارت بيدها نحو السماء، وقالت: سبحان الله، فقلت: آية؟ فأشارت برأسها أن: نعم، قالت: فقمت حتى تجلاني الغشْيُ، وجعلتُ أصبُّ فوق رأسي الماءَ، [فلما انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم حمد الله وأثنى عليه]، فحمد اللهَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وأثنى عليه، ثم قال:"ما من شيء كنت لم أره إلا وقد رأيته في مقامي هذا، حتى الجنة والنار، ولقد أوحي إليَّ أنكم نفننون في القبور مثل أو قريبًا من فتنة الدجال -لا أدري أيتهما قالت أسماء-، يؤتى أحدكم فيقال له: ما علمك بهذا الرجل؟ فأما المؤمن أو الموقن -لا أدري أي ذلك قالت أسماء-، فيقول: هو محمد رسول الله، جاءنا بالبينات والهدى، فأجبنا وآمنا واتبعنا، فيقال له: نم صالحًا، قد علمنا إن كنت لمؤمنًا، وأما المنافق أو المرتاب -لا أدري أيتهما قالت أسماء-، فيقول: لا أدري، سمعت الناس يقولون شيئًا فقلته". واللفظ لمالك، واختصره بعضهم.
وفي رواية ابن نمير [عند مسلم]: فأشارت برأسها إلى السماء، وفيها: فأطال رسول الله صلى الله عليه وسلم القيام جدًّا حتى تجلاني الغشي، فأخذت قربة من ماء إلى جنبي، فجعلت أصب على رأسي أو على وجهي من الماء، قالت: فانصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد تجلت الشمس، ....
أخرجه البخاري (86 و 184 و 922 و 1053 و 1061 و 1235 و 7287)، ومسلم (905)، وأبو عوانة (1/ 132/ 395 و 396) و (2/ 94 و 95/ 2437 - 2439)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (2/ 489/ 2036)، ومالك في الموطأ (1/ 263/ 510)، وابن حبان (7/ 383/ 3114)، وأحمد (6/ 345)، وابن أبي شيبة (7/ 496/ 37510)، وإسماعيل القاضي في الخامس من مسند حديث مالك (49)، وابن جرير الطبري في
تهذيب الآثار (2/ 594/ 888 - مسند عمر)، والطحاوي (1/ 327)، والطبراني في الكبير (24/ 115 - 119/ 312 - 317)، والجوهري في مسند الموطأ (780)، واللالكائي في شرح أصول الاعتقاد (6/ 1194/ 2263)، وابن بشران في الأمالي (83)، والبيهقي في السنن (2/ 262) و (3/ 338)، وفي المعرفة (2/ 112/ 1034)، وفي إثبات عذاب القبر (18 و 19)، وأبو القاسم المهرواني في فوائده "المهروانيات"(150)، والبغوي في شرح السُّنَّة (5/ 364 - 367/ 1137 و 1138).
9 -
حديث أم سلمة:
يرويه عمرو بن الحارث، عن بكير بن الأشج، عن كريب مولى ابن عباس؛ أن عبد الله بن عباس، وعبد الرحمن بن أزهر، والمسور بن مخرمة، أرسلوه إلى عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، فقالوا: اقرأ عليها السلام منا جميعًا، وسلها عن الركعتين بعد العصر، وقل: إنا أخبرنا أنكِ تصلِّينَهما، وقد بلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عنهما، قال ابن عباس: وكنت أضرب مع عمر بن الخطاب الناس عليها، قال كريب: فدخلتُ عليها وبلَّغتُها ما أرسلوني به، فقالت: سل أم سلمة، فخرجت إليهم فأخبرتهم بقولها، فردُّوني إلى أم سلمة بمثل ما أرسلوني به إلى عائشة، فقالت أم سلمة: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عنهما، ثم رأيته يصليهما، أما حين صلاهما فإنه صلى العصر، ثم دخل وعندي نسوة من بني حرام من الأنصار فصلاهما، فأرسلتُ إليه الجارية، فقلت: قومي بجنبه فقولي له: تقول أم سلمة: يا رسول الله إني أسمعك تنهى عن هاتين الركعتين، وأراك تصليهما، فإن أشار بيده، فاستأخري عنه، قال: ففعلت الجارية، فأشار بيده، فاستأخرت عنه، فلما انصرف، قال:"يا بنت أبي أمية! سألت عن الركعتين بعد العصر، إنه أتاني ناس من عبد القيس بالاسلام من قومهم، فشغلوني عن الركعتين اللتين بعد الظهر، فهما هاتان".
أخرجه البخاري (1233 و 4370)، ومسلم (834)، وأبو داود (1273)، ويأتي تخريجه في موضعه من السنن إن شاء الله تعالى.
10 -
حديث ابن مسعود:
يرويه عبيد الله بن موسى [ثقة]: أنا علي بن صالح [الهمداني الكوفي: ثقة]، عن عاصم، عن زر، عن عبد الله، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي، فإذا سجد وثب الحسن والحسين على ظهره، فإذا أرادوا أن يمنعوهما، أشار إليهم أن: دعوهما، فإذا قضى الصلاة وضعهما في حجره، وقال:"من أحبَّني فليُحِبَّ هذين".
أخرجه النسائي في الكبرى (7/ 318/ 8114)، وابن خزيمة (2/ 48/ 887)، وابن أبي شيبة في المسند (397)، والبزار (5/ 266/ 1833 و 1834)، وأبو يعلى (8/ 434/ 5017) و (9/ 250/ 5368)، والهيثم بن كليب (2/ 113/ 638)، وابن البختري في جزء فيه ستة مجالس من أماليه (38)، والآجري في الشريعة (5/ 2159/ 1646)، وأبو طاهر المخلص في الثامن من فوائده بانتقاء ابن أبي الفوارس (227)(1803 - المخلصيات)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (13/ 200) و (14/ 150).
قال البزار: "وهذا الحديث لا نعلم رواه بهذا اللفظ عن عاصم إلا علي بن صالح".
قلت: هكذا رواه جمع من الثقات عن عبيد الله بن موسى، وانظر فيمن وهم فيه بإرساله، وإسقاط ابن مسعود من إسناده: عند الطحاوي في المشكل (14/ 284/ 5622).
• تابع علي بن صالح عليه:
حماد بن شعيب [ضعفوه، وقال البخاري: "فيه نظر". اللسان (3/ 270)]، وسليمان بن قرم الضبي [سيئ الحفظ، ليس بذاك]، وعمرو بن حريث [يروي عن برذعة بن عبد الرحمن، وعنه يحيى بن عبد الحميد الحماني، ذكره ابن حبان في الثقات، وروى عنه جماعة. التاريخ الكبير (6/ 321)، الجرح والتعديل (6/ 226)، الثقات (8/ 479)، تاريخ الإسلام (10/ 376)]:
عن عاصم، عن زر، عن عبد الله بن مسعود، قال: كان الحسن والحسين رضي الله عنهما يحبوان حتى يأتيا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في المسجد فيركبا على ظهره، فإذا جاء بعض أصحابه ليميطهما عنه أشار إليه أن: دعهما، فإذا قضى الصلاة ضمهما إلى نحره، وقال:"بأبي وأمي من كان يحبني فليحبهما". لفظ حماد.
أخرجه جعفر الخلدي في الثاني من فوائده (192 و 193)، والآجري في الشريعة (5/ 2152/ 1639) و (5/ 2160/ 1647)، وابن عدي في الكامل (2/ 243) و (3/ 257).
• ورواه أبو بكر بن عياش، واختلف عليه في وصله وإرساله:
أ- فرواه يوسف بن موسى القطان [ثقة]، وعبد الرحمن بن صالح الأزدي [شيعي، ثقة]، والحسن بن زريق الطهوي [كوفي، روى عن ابن عيينة حديثًا صحيح المتن مقلوب الإسناد، تفرد به، وأنكره عليه جماعة، وضُعِّف بسببه، قال فيه ابن حبان: "والمتن صحيح، والإسناد مقلوب"، وقال ابن عدي بعد أن أنكره عليه، وساق معه حديث الباب: "وبقية أحاديثه مستقيمة"، فلم ينكر عليه حديث الباب، بل قال فيه: "وهذا قد رواه عن عاصم غير أبي بكر بن عياش من الكوفيين"، لذا قال فيه الذهبي: "محله الصدق". المجروحين (1/ 240)، الكامل (2/ 338)، تاريخ الإسلام (18/ 226)، اللسان (3/ 46)][وسقط من رواية الطهوي -عند ابن النقور- ذكر زر بن حبيش، وهو مثبت في روايته عند ابن عدي وأبي نعيم وابن عساكر (13/ 201) وابن العديم]:
نا أبو بكر بن عياش، عن عاصم بن بهدلة، عن زر بن حبيش، عن عبد الله بن مسعود، قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم آخذًا بيد الحسن والحسين، ويقول:"هذان ابناي، من أحبهما فقد أحبني، ومن أبغضهما فقد أبغضني". لفظ القطان.
ولفظ عبد الرحمن الأزدي: كان النبي صلى الله عليه وسلم والحسن والحسين يثبان على ظهره، فيأخذهما الناس، فقال:"دعوهما بأبي هما وأمي، من أحبني فليحب هذين".
ولفظ الطهوي: كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي، والحسن والحسين يصعدان على ظهره، فأخذ المسلمون يميطونهما، فلما انصرف قال:"ردوهما، فمن أحبني فليحب هذين".
أخرجه ابن حبان في صحيحه (15/ 426 - 427/ 6970)(10/ 188/ 12549 - إتحاف المهرة)، وفي وصف الصلاة بالسُّنَّة (10/ 188/ 12549 - إتحاف المهرة)، وابن أبي الدنيا في العيال (217)، والبزار (5/ 217/ 1820)، والطبراني في الكبير (3/ 47/ 2644)، وابن عدي في الكامل (2/ 336)، وابن المقرئ في المعجم (778)، وأبو طاهر المخلص في الثامن من فوائده بانتقاء ابن أبي الفوارس (226)(1802 - المخلصيات)، وأبو نعيم في الحلية (8/ 305)، وأبو بكر بن النقور في فوائده (23)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (13/ 199 و 201) و (14/ 151)، وابن العديم في بغية الطلب (6/ 2575).
قال يحيى بن صاعد: "قال يوسف بن موسى: هكذا وقع عندي عن أبي بكر: متصلٌ مرفوعٌ".
قال ابن صاعد: "وقد حدَّث به عبد الرحمن بن صالح الأزدي عن أبي بكر بن عياش، كما قال يوسف بن موسى: عن عاصم عن زر عن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وقد رواه علي بن صالح بن حي عن عاصم، فوصله".
وقال البزار: "وهذا الحديث لم نسمعه إلا من يوسف عن أبي بكر".
قلت: قد اشتهر عند غيره، كما تقدم في كلام ابن صاعد.
وقال أبو نعيم: "غريب من حديث عاصم، لم يروه إلا أبو بكر".
• خالفهم فأرسله: أبو بكر ابن أبي شيبة [ثقة حافظ]، وإبراهيم بن مجشِّر [ضعيف، له أحاديث منكرة. اللسان (1/ 339)]:
ثنا أبو بكر بن عياش، عن عاصم، عن زر، قال: كان الحسن والحسين يثبان على ظهر رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي، فجعل الناس ينحونهما، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"دعوهما بأبي هما وأمي، من أحبني فليحب هذين".
أخرجه ابن أبي شيبة (6/ 378/ 32174)(17/ 157 - 158/ 32838 - ط. عوامة)، وهلال الحفار في جزئه عن الحسين بن يحيى القطان (66)، وعنه: البيهقي (2/ 263)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (13/ 201 - 202).
قال الدارقطني في العلل (5/ 65/ 709) بعد أن ذكر الاختلاف فيه على عاصم، وعلى أبي بكر بن عياش:"وغيرهم رواه عن أبي بكر بن عياش مرسلًا، لا يذكر فيه ابن مسعود، ويقال: إن أبا بكر حدث به ببغداد، فلم يذكر فيه ابن مسعود، وهذا يشبه أن يكون من عاصم، يصله مرة، ويرسله أخرى".
قلت: قد رواه جماعة عن عاصم متصلًا مرفوعًا، ولم يقع الاختلاف فيه إلا على أبي بكر بن عياش، وأخاف أن يكون الوهم منه في وصله وإرساله، فإنه وإن كان ثقة، إلا أنه كان يهم ويخطئ إذا حدث من حفظه، فلم يكن بالحافظ عندهم، والله أعلم [انظر: التهذيب (4/ 492)].
• وعليه: فوصله عندي صحيح، إذ الوصل زيادة من ثقة توبع عليها، والذي رواه