الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قلت: الذي يظهر لي أنهما حديثان، أحدهما: في الاعتماد على اليد اليسرى أثناء الجلوس في الصلاة، والثاني: في النوم على البطن، وكلاهما مرسل بإسناد صحيح، والله أعلم.
***
188 - باب في تخفيف القعود
995 -
. . . شعبة، عن سعد بن إبراهيم، عن أبي عبيدة، عن أبيه؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم كان في الركعتين الأُوليينِ كأنه على الرَّضْف، قال: قلنا: حتى يقوم؟ قال: حتى يقوم.
• حديث حسن.
أخرجه الترمذي (366)، وأبو علي الطوسي في مستخرجه عليه "مختصر الأحكام"(2/ 282/ 340)، والحاكم (1/ 269)، وأحمد (1/ 386 و 410 و 436)، وأبو داود الطيالسي (1/ 260/ 329)، وأبو عبيد القاسم بن سلام في غريب الحديث (5/ 144)، وابن أبي شيبة في المصنف (1/ 263/ 3016)، وفي المسند (371)، وأبو يعلى (9/ 149/ 5232)، وابن المنذر في الأوسط (3/ 209/ 1521)، وأبو القاسم البغوي في مسند ابن الجعد (1550)، والهيثم بن كليب الشاشي (924 و 926 - 928)، والطبراني في الكبير (10/ 151/ 10285)، وأبو نعيم في الحلية (4/ 207).
رواه عن شعبة: يحيى بن سعيد القطان، وغندر محمد بن جعفر، وحفص بن عمر الحوضي، وأبو داود الطيالسي، وعفان بن مسلم، وبهز بن أسد، وحجاج بن محمد المصيصي، وأبو أسامة حماد بن أسامة، وبشر بن عمر الزهراني، وعلي بن الجعد، ووكيع بن الجراح، وآدم بن أبي إياس، وسليمان بن حرب، وشعيب بن حرب أبو صالح، وعلي بن قادم، وأبو نوح عبد الرحمن بن غزوان.
وقال القطان في رواية: كأنه على الجمر، بدل: الرضف، وهي الحجارة المحماة [النهاية (2/ 231)].
وفي رواية غندر وحجاج وأبي أسامة؛ أن شعبة قال لسعد: حتى يقوم؟ قال: حتى يقوم [أحمد (1/ 436)].
وفي رواية الطيالسي، وحجاج، وأبي أسامة، وعفان، وبهز، وابن الجعد، وسليمان بن حرب: أن سعد بن إبراهيم قال: سمعت أبا عبيدة، ففيه إثبات السماع لسعد من أبي عبيدة.
• وقد توبع شعبة عليه:
1 -
فقد رواه الشافعي، والهيثم بن أيوب الطالقاني، وسعد بن إبراهيم بن سعد بن
إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف، وأخوه يعقوب بن إبراهيم بن سعد، وعبد الله بن وهب، ونوح بن يزيد بن سيار البغدادي، وأبو أيوب سليمان بن داود الهاشمي [وهم ثقات]:
عن إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف [ثقة حجة]، قال: حدثنا أبي، عن أبي عبيدة بن عبد الله بن مسعود، عن أبيه رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في الركعتين كأنه على الرَّضْف، قلت: حتى يقوم؟ قال: ذلك يريد. لفظ النسائي والشافعي.
وفي المسند: أن إبراهيم بن سعد قال: قلت لأبي: حتى يقوم؟ قال: حتى يقوم، فوافق بذلك رواية شعبة في كون المسؤول هو سعد بن إبراهيم.
أخرجه النسائي في المجتبى (2/ 243/ 1176)، وفي الكبرى (1/ 380/ 764)، وأحمد (1/ 460)، وابن وهب في الجامع (416)، والشافعي في الأم (1/ 121)، وفي المسند (43)، والهيثم بن كليب الشاشي (2/ 923/332)، والبيهقي في السنن (2/ 134)، وفي المعرفة (2/ 44/ 909)، والبغوي في شرح السُّنَّة (3/ 168/ 670).
2 -
ورواه زائدة بن قدامة [ثقة ثبت]، وعبد القدوس بن بكر بن خنيس [قال أبو حاتم:"لا بأس بحديثه"، وروى عنه أحمد هذا الحديث]، وعثمان بن سعيد المري [كوفي مشهور، روى عنه أهل العراق وأهل الري منهم أبو حاتم الرازي، وذكره ابن حبان في الثقات، ووصفه الطحاوي بالجلالة والحفظ والإتقان. التاريخ الكبير (6/ 224)، الجرح والتعديل (6/ 152)، الثقات (8/ 450)، مشكل الآثار (11/ 422)، فتح الباب (4439)، تاريخ الإسلام (16/ 277)، التهذيب (3/ 62)]:
عن مسعر بن كدام [ثقة ثبت]، عن سعد بن إبراهيم، عن أبي عبيدة، عن عبد الله، قال: كأنما كان جلوس رسول الله صلى الله عليه وسلم في الركعتين على الرضف.
أخرجه الحاكم (1/ 269)، وأحمد (1/ 428)، والهيثم بن كليب الشاشي (925)، وابن الأعرابي في المعجم (297)، والطبراني في الكبير (10/ 150/ 10284)، وفي الأوسط (5/ 201/ 5077).
• قال الترمذي: "هذا حديث حسن، إلا أن أبا عبيدة لم يسمع من أبيه، والعمل على هذا عند أهل العلم، يختارون أن لا يطيل الرجل القعود في الركعتين الأوليين، ولا يزيد على التشهد شيئًا في الركعتين الأوليين، وقالوا: إن زاد على التشهد فعليه سجدتا السهو، هكذا روي عن الشعبي وغيره".
وقال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه، وقد اتفقا على إخراج حديث شعبة عن عمرو بن مرة عن أبي عبيدة عن عبد الله؛ أنه لم يكن مع النبي صلى الله عليه وسلم ليلة الجن".
قلت: لم يخرج البخاري ومسلم في صحيحيهما لأبي عبيدة عن أبيه شيئًا، وأما قصة ليلة الجن؛ فإنما انفرد بها مسلم (450)، من حديث علقمة عن ابن مسعود، وراجع في ذلك الحديث المتقدم برقم (39).
وقال ابن رجب في الفتح (5/ 187) بعد هذا الحديث: "وأبو عبيدة وإن لم يسمع من أبيه؛ إلا أن أحاديثه عنه صحيحة، تلقاها عن أهل بيته الثقات العارفين بحديث أبيه، قاله ابن المديني وغيره".
وقال نحو ذلك أيضًا في موضعين آخرين من الفتح (5/ 60) و (6/ 14).
وقال في شرح العلل (1/ 544): "قال ابن المديني في حديث يرويه أبو عبيدة بن عبد الله بن مسعود عن أبيه: هو منقطع، وهو حديث ثبت.
قال يعقوب بن شيبة: إنما استجاز أصحابنا أن يدخلوا حديث أبي عبيدة عن أبيه في المسند؛ يعني: في الحديث المتصل، لمعرفة أبي عبيدة بحديث أبيه، وصحتها، وأنه لم يأت فيها بحديث منكر".
قلت: وقال النسائي أيضًا في حديثٍ يرويه أبو عبيدة عن أبيه: "أبو عبيدة لم يسمع من أبيه، والحديث جيد".
وأبو عبيدة: لم يسمع من أبيه، وكان ابن سبع سنين يوم مات أبوه [جامع الترمذي (17 و 179 و 366 و 622 و 1061 و 1714 و 3084)، سنن النسائي (3/ 104/ 1404)، شرح المعاني (1/ 95)، معرفة الثقات (1753)، المعرفة والتاريخ (2/ 148 و 149 و 551)، المراسيل (256)، تحفة التحصيل (165)، التهذيب (2/ 268)]، وقال الدارقطني لما سئل: سماع أبي عبيدة عن أبيه صحيح؟ قال: "يُختلف فيه، والصحيح عندي أنه لم يسمع منه، ولكنه كان صغيرًا بين يديه". [العلل (5/ 308/ 903)، البدر المنير (6/ 594)].
وقال الدارقطني في السنن (3/ 172 و 173) في حديثٍ لأبي عبيدة عن أبيه: "وهذا إسناد حسن، ورواته ثقات"، ثم رواه من حديث خشف بن مالك عن ابن مسعود، ثم قال: "هذا حديث ضعيف، غير ثابت عند أهل المعرفة بالحديث من وجوه عدة، أحدها: أنه مخالف لما رواه أبو عبيدة بن عبد الله بن مسعود عن أبيه، بالسند الصحيح عنه الذي لا مطعن فيه، ولا تأويل عليه، وأبو عبيدة أعلم بحديث أبيه، وبمذهبه وفتياه من خشف بن مالك ونظرائه،
…
".
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: "ويقال: إن أبا عبيدة لم يسمع من أبيه، لكن هو عالم بحال أبيه، متلقٍّ لآثاره من أكابر أصحاب أبيه،
…
، ولم يكن في أصحاب عبد الله من يُتَّهم عليه حتى يخاف أن يكون هو الواسطة، فلهذا صار الناس يحتجون برواية ابنه عنه، وإن قيل أنه لم يسمع من أبيه" [مجموع الفتاوى (6/ 404)].
فتحصل من مجموع هذه النقول وغيرها: احتجاج الأئمة بحديث أبي عبيدة عن أبيه، مع تصريحهم بأنه لم يسمع منه، وذلك لكونه أخذ هذه الأحاديث عن كبار أصحاب ابن مسعود، وأهل بيته، وليس فيهم مجروح، وأنه لم يرو فيها منكرًا.
وراجع في احتجاج الأئمة بحديث أبي عبيدة عن أبيه ما تقدم ذكره برقم (754 و 877)، والله أعلم.