الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حديث أبي هريرة [عند: أبي الشيخ في أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم (3/ 181/ 576)][وهو حديث موضوع، إسناده مجهول، وفيه: روح بن مسافر: متروك، واتهم بالوضع. اللسان (3/ 485)].
***
162 - باب كراهية الوسوسة وحديث النفس في الصلاة
905 -
. . . عبد الملك بن عمرو: حدثنا هشام -يعني: ابن سعد-، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن زيد بن خالد الجهني؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"من توضأ فأحسن وُضوءَه، ثم صلى ركعتين لا يسهو فيهما: غُفِرَ له ما تقدَّم من ذنبه".
• حديث صحيح.
أخرجه أحمد (4/ 117)، وعبد بن حميد (280)، والبغوي في شرح السُّنَّة (4/ 149/ 1013).
• ورواه عبد العزيز بن أبي حازم [ثقة]، وزيد بن الحباب [صدوق]، وأبو همام الدلال محمَّد بن محبَّب [ثقة]، والليث بن سعد [ثقة ثبت] [وعنه: كاتبه عبد الله بن صالح، وعنه: بكر بن سهل الدمياطي، وبكر: قد ضعفه النسائي، ولم يوثقه أحد، وله أوابد، لكني لا أظن أنه تفرد به عن عبد الله بن صالح، لما سيأتي ذكره. انظر: اللسان (2/ 344)، تعليق العلامة المعلمي اليماني على الفوائد المجموعة (135 و 226 و 244 و 467 و 481)]، وبكر بن صدقة [فيه جهالة، وكذا في الإسناد إليه. انظر ما تقدم ذكره تحت الحديث رقم (412)]:
عن هشام بن سعد، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن زيد بن خالد الجهني، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من توضأ فأحسن وضوءه، ثم صلى ركعتين لا يسهو فيهما: غُفر له ما تقدَّم من ذنبه".
أخرجه الحاكم (1/ 131)، وابن الأعرابي في المعجم (2/ 782/ 1596)، والطبراني في الكبير (5/ 249/ 5242 و 5243)، وأبو نعيم في معرفة الصحابة (3/ 1192/ 3016)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (17/ 111).
قال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولا أحفظ له علة توهنه، ولم يخرجاه، وقد وهم محمَّد بن أبان على زيد بن أسلم في إسناد هذا الحديث".
• قلت: أما رواية الليث بن سعد؛ فيغلب على ظني ثبوتها عنه:
فقد رواه: حسان بن عبد الله، عن الليث بن سعد، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن زيد بن خالد الجهني، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
…
فذكره.
أخرجه أبو عبيد القاسم بن سلام في الطهور (10) عن حسان به.
وحسان بن عبد الله بن سهل الكندي: مصري ثقة، روى عنه البخاري في الصحيح، ووثقه أبو حاتم وغيره، وعليه: فهو ثابت من حديث الليث؛ إلا أن في إسناده سقطًا، فإن الليث لا يُعرف بالرواية عن زيد بن أسلم، وإنما يروي عن هشام بن سعد عن زيد بن أسلم، كما وقع في رواية كاتبه عبد الله بن صالح، وهي ترجمة مشهورة [انظر مثلًا: الأموال لأبي عبيد (665)، فضائل القرآن (142)، جامع الترمذي (3846)، الرد على الجهمية (107)، شرح المعاني (1/ 179)، علل ابن أبي حاتم (25 و 239 و 633 و 1707)، المعجم الأوسط (3243)، سنن الدارقطني (4/ 40)، وغيرها كثير جدًّا]، والله أعلم.
• خالفهم: أسباط بن محمَّد [كوفي، ثقة]، قال: نا هشام بن سعد، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن أبي هريرة أو زيد بن خالد، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
…
فذكره.
أخرجه البزار (15/ 754/ 8712)، وأبو إسحاق إبراهيم بن عبد الصمد الهاشمي في الأول من أماليه (50).
كلاهما عن عبيد بن أسباط [صدوق]، عن أبيه به.
قال البزار: "وهذا الحديث قد رواه غير هشام عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن زيد بن خالد".
قلت: بل هو مشهور ثابت عن هشام بن سعد نفسه، عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن زيد بن خالد، ومن قال فيه: عن أبي هريرة، أو شك فيه، فقد وهم فيه على هشام بن سعد.
• وقد اختلف في هذا الحديث على زيد بن أسلم:
1 -
فرواه هشام بن سعد، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن زيد بن خالد الجهني، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
…
فذكره.
• ومما روي من متابعاتٍ لهشام بن سعد، وأكثرها لا يصح:
أ- روى أبو الوليد الطيالسي هشام بن عبد الملك [ثقة ثبت]، وأبو صالح عبد الحميد بن صالح البرجمي [ثقة]، ومحمد بن عبد الوهاب الحارثي [كذا وهو تحريف، وإنما هو: محمَّد بن عبد الواهب بن الزبير بن زنباع أبو جعفر الحارثي: روى عنه جماعة من الثقات الحفاظ، منهم عبد الله بن الإِمام أحمد، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال:"ربما أخطأ"، وقال البزار وصالح جزرة وأبو عبد الله الحاكم:"ثقة"، وقال الدارقطني:"ثقة له غرائب"، فهو: لا بأس به، فإن له غرائب وأفراد، ويخطئ في بعض ما يروي. كشف الأستار (686)، مسند البزار (12/ 224/ 5934)، تاريخ وفيات شيوخ البغوي (11)، الثقات (9/ 83)، سؤالات مسعود السجزي للحاكم (294)، تاريخ بغداد (2/ 390)(3/ 677 - ط. الغرب)، تلخيص المتشابه في الرسم (2/ 641)، تاريخ الإِسلام (16/ 367)،
اللسان (7/ 323)، تبصير المنتبه (4/ 1467)، سلسلة الأحاديث الصحيحة (3038)]:
عن محمَّد بن أبان الجعفي، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن زيد بن خالد الجهني، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
…
فذكره بمثل حديث هشام.
أخرجه ابن قانع في المعجم (1/ 224)، والطبراني في الكبير (5/ 249/ 5244)، وابن شاهين في الخامس من الأفراد (68).
قال ابن شاهين: "وهذا حديث غريب حسن، عالي الإسناد، وهو غريب من جهة محمَّد بن أبان هذا، والمشهور: حديث هشام بن سعد عن زيد بن أسلم".
قلت: بل هو مشهور أيضًا من حديث محمَّد بن أبان بن صالح القرشي الجعفي الكوفي، لكنه: ضعيف [انظر: اللسان (6/ 488) وغيره]، يكتب حديثه في المتابعات.
• وروي عن محمَّد بن أبان، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن عقبة بن عامر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
…
فذكره بمثل حديث هشام.
أخرجه الحاكم (131)(1/ 60/ ب- مخطوط رواق المغاربة) وفيه بياض، ولم يُذكر من الإسناد من لدن الحاكم سوى قوله: ابن صالح: ثنا محمَّد بن أبان به.
قال الحاكم: "هذا وهم من محمَّد بن أبان، وهو واهي الحديث غير محتج به، وقد احتج مسلم بهشام بن سعد".
وقال الدارقطني في العلل (8/ 341/ 1611)(4/ 265 - 266 - ط. الريان): "ووهم وهمًا قبيحًا".
قلت: قد رواه جماعة من الثقات عن محمَّد بن أبان، مثل رواية هشام بن سعد، فالله أعلم مَن الواهم فيه.
ب- وروى أحمد بن محمَّد بن الأزهر: ثنا محمَّد بن يوسف أبو يوسف -يعرف بأبي حمة-: ثنا أبو قرة، عن سفيان، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن زيد بن خالد الجهني، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
…
فذكره بمثل حديث هشام.
أخرجه أبو إسحاق المزكي في الثاني من فوائده بانتقاء الدارقطني (92).
قال الدارقطني: "غريب عن الثوري، لا أعلم رواه غير موسى بن طارق".
قلت: هو باطل من حديث سفيان الثوري؛ أبو قرة موسى بن طارق اليماني: ثقة يغرب، وصاحبه: أبو حمة محمَّد بن يوسف الزَّبيدي: صدوق، وأحمد بن محمَّد بن الأزهر بن حريث السجزي: منكر الحديث، واتهمه ابن حبان بالكذب [اللسان (1/ 588)، تاريخ الإِسلام (23/ 430)، السير (14/ 296)].
ج- وروى سعيد بن داود بن سعيد الزنبري: حدثنا مالك: أخبرني زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن زيد بن خالد، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
…
فذكره.
أخرجه الخطيب في التاريخ (9/ 81 - 82).
قال الخطيب: "تفرد بروايته الزنبري عن مالك".
قلت: هو حديث باطل، ما حدَّث به مالك، وإنما يُعرف من حديث هشام بن سعد وغيره، عن زيد بن أسلم، وسعيد بن داود بن سعيد الزنبري: ضعيف، روى عن مالك أباطيل ومناكير. [التهذيب (2/ 15)].
2 -
ورواه عبد العزيز بن محمَّد الدراوردي [صدوق، كان سيئ الحفظ، يخطئ إذا حدث من حفظه، وكان كتابه صحيحًا؛ إلا أنه كان يحدث من كتب الناس فيخطئ أيضًا. انظر: التهذيب (2/ 592) وغيره]، وزهير بن محمَّد التميمي [رواية أهل الشام عنه ضعيفة فيها مناكير، ورواية أهل العراق عنه مستقيمة؛ قال الإمام أحمد: "أما رواية أصحابنا عنه فمستقيمة: عبد الرحمن بن مهدي وأبي عامر"، وقال الإمام البخاري: "أحاديث أهل العراق عن زهير بن محمَّد: مقاربة مستقيمة"، وهذا الحديث مما رواه عنه من أهل العراق: أبو داود الطيالسي. انظر: التهذيب (1/ 639)، الميزان (2/ 84)، إكمال مغلطاي (5/ 90)، ترتيب علل الترمذي ص (395)، جامع الترمذي (3291)، وغيرها]:
عن زيد بن أسلم، عن زيد بن خالد الجهني، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من صلى سجدتين، لا يسهو فيهما، غفر الله له ما تقدم من ذنبه". لفظ الدراوردي.
ولفظ زهير: "من أحسن الوضوء ثم صلى ركعتين، ولم يسهو فيهما: غفر له".
أخرجه أحمد (5/ 194)، والطيالسي (2/ 260/ 997) و (2/ 668/ 1428)، وابن عدي في الكامل (3/ 441).
قال الطيالسي: "وهذا الحديث يرويه أبو عامر، عن هشام بن سعد، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن زيد بن خالد".
قلت: هكذا رواه عن الدراوردي: سريج بن النعمان [ثقة]، وعبد الله بن عمران بن رزين العابدي [صدوق].
• ورواه أبو الحسن سهل بن صقر الخلاطي [وهو: منكر الحديث، واتهمه الخطيب بالوضع. التقريب]، قال: ثنا عبد العزيز الدراوردي: أخبرنا زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن زيد بن خالد الجهني، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من صلى ركعتين لا يسهو فيهما غفر له".
أخرجه ابن عدي في الكامل (3/ 441).
قال ابن عدي: "وهذا يرويه الدراوردي عن زيد بن أسلم عن زيد بن خالد الجهني، لا يذكر بينهما عطاء بن يسار، فوصله سهل بن صقير هذا عنه".
ثم قال: "ورواه يحيى الحماني، عن محمَّد بن أبان والدراوردي، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن زيد بن خالد، فوصله الحماني عنهما، وحمل حديث الدراوردي على حديث محمَّد بن أبان، والأصل عن الدراوردي مرسل، ويُروى هذا الحديث موصولًا عن زيد بن أسلم من حديث هشام بن سعد عنه، وأبو أيوب الأفريقي روي عنه عن زيد بن أسلم موصولًا، من رواية يزيد بن سنان الرهاوي عنه".
قلت: أبو أيوب عبد الله بن علي الإفريقي: ليس بالقوي، لين الحديث [راجع ترجمته مفصلة تحت الحديث رقم (300)]، ويزيد بن سنان أبو فروة الرهاوي: ضعيف [التقريب (674)].
• قال الدارقطني في العلل (8/ 341/ 1611)(4/ 265 - 266 - ط. الريان): "ليس الحديث بثابت"، وفي نسخة:"والصواب -توقف الشيخ-، والحديث ليس ثابتًا"، وأخاف أن يكون الكلام الأخير من كلام البرقاني الراوي للكتاب عن الدارقطني، والله أعلم.
وأيًّا كان، فإن الدارقطني لما ذكر الاختلاف في هذا الحديث على زيد بن أسلم، لم يورد الرواية المحفوظة عن هشام بن سعد، وإنما اقتصر على إيراد الروايات غير المحفوظة والمنكرة والضعيفة: فذكر رواية محمَّد بن أبان [وهو ضعيف]، ثم رواية الزنبري [وهي باطلة]، ثم رواية أسباط [وهي شاذة]، ثم رواية من قال فيه: عن عقبة بن عامر، ووهمها، وهي كذلك، ثم قال:"ليس الحديث بثابت"، وهو كذلك، فإن الحديث لا يثبت بهذه الطرق، وإنما يثبت بالطريق المشهور الذي أعرض عن ذكره، وهو حديث هشام بن سعد.
أو يكون مراده عدم ثبوته من حديث أبي هريرة حسب، وهو كذلك.
• ويمكن أن نلخص الاختلاف في هذا الحديث هكذا؛ إذا استبعدنا ذكر الطرق الشاذة والمنكرة والباطلة:
رواه هشام بن سعد، ومحمد بن أبان الجعفي: عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن زيد بن خالد.
ورواه الدراوردي وزهير بن محمَّد: عن زيد بن أسلم، عن زيد بن خالد.
فوصله الأولان، وأرسله الآخران.
• وهشام بن سعد المدني: صدوق إلا أنه لم يكن بالحافظ، يهم ويخطئ، لكن زيادته في الإسناد ووصله له عندي مقبول لثلاثة أسباب:
الأول: أنه مدني، ثبت في زيد بن أسلم، قال أبو داود:"هشام بن سعد أثبت الناس في زيد بن أسلم". [التهذيب (4/ 270)].
والثاني: أنه قد زاد في الإسناد رجلًا، والحكم لمن زاد إذا كان حافظًا، وهشام ليس بالحافظ، إلا أنه ثبت في زيد بن أسلم، مما يجعله مقدمًا فيه على غيره، والله أعلم.
الثالث: أنه لم ينفرد بذلك، بل تابعه محمَّد بن أبان الجعفي، وهو ممن يكتب حديثه في المتابعات، فصح بذلك الحديث، واتصل إسناده، والله أعلم.
فهو إسناد مدني صحيح، وعطاء بن يسار: سمع زيد بن خالد الجهني. [انظر: صحيح البخاري (179 و 292)، صحيح مسلم (347)، مسند أحمد (1/ 63 و 64)]، وقد صححه الحاكم، واحتج به أبو داود.
***
906 -
قال أبو داود: حدثنا عثمان بن أبي شيبة: حدثنا زيد بن الحباب: حدثنا معاوية بن صالح، عن ربيعة بن يزيد، عن أبي إدريس الخولاني، عن جبير بن نفير الحضرمي، عن عقبة بن عامر الجهني؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"ما من أحد يتوضأ فيُحسنُ الوُضوءَ، ويصلي ركعتين، يُقبِل بقلبه ووجهه عليهما، إلا وجبت له الجنة".
• حديث شاذ بزيادة جبير بن نفير في هذا الإسناد.
وهو في أصله حديث صحيح، أخرجه مسلم (234)، وهو مخرج في الذكر والدعاء برقم (56)، وقد تقدم في السنن برقم (169).
• وفي الباب أحاديث منها:
1 -
حديث عثمان بن عفان:
يرويه الزهري، عن عطاء بن يزيد الليثي، عن حُمران بن أبان مولى عثمان بن عفان، قال: رأيت عثمان بن عفان توضأ، فأفرغ على يديه ثلاثًا فغسلهما، ثم تمضمض واستنثر، ثم غسل وجهه ثلاثًا، وغسل يده اليمنى إلى المرفق ثلاثًا، ثم اليسرى مثل ذلك، ثم مسح رأسه، ثم غسل قدمه اليمنى ثلاثًا، ثم اليسرى مثل ذلك، ثم قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ مثل وضوئي هذا، ثم قال:"من توضأ مثل وضوئي هذا ثم صلى ركعتين لا يُحَدِّث فيهما نفسه: غفر الله له ما تقدم من ذنبه".
حديث متفق عليه [البخاري (159 و 164 و 1934)، ومسلم (226)]، وتقدم برقم (106)، وانظر له طريقًا أخرى تحت الحديث رقم (110).
2 -
حديث أبي الدرداء:
قال أحمد: حدثنا أحمد بن عبد الملك [الحراني: ثقة]: حدثني سهل بن أبي صدقة، قال: حدثني كثير بن الفضل الطفاوي: حدثني يوسف بن عبد الله بن سلام، قال: أتيت أبا الدرداء في مرضه الذي قبض فيه، فقال لي: يا ابن أخي ما أعملك إلى هذا البلد -أو: ما جاء بك-؟ قال: قلت: لا إلا صلةُ ما كان بينك وبين والدي عبد الله بن سلام، فقال أبو الدرداء: بئس ساعة الكذب هذه، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"من توضأ فأحسن وضوءه، ثم قام فصلى ركعتين، أو: أربعًا -شك سهل-، يحسن فيهما الذكر والخشوع، ثم استغفر الله عز وجل غفر له".
قال عبد الله بن أحمد: وحدثناه سعيد بن أبي الربيع السمان [صدوق. التعجيل (374)]، قال: حدثنا صدقة بن أبي سهل الهنائي، قال عبد الله: وأحمد بن عبد الملك وهم في اسم الشيخ، فقال: سهل بن أبي صدقة، وإنما هو صدقة بن أبي سهل الهنائي.
أخرجه أحمد (6/ 450)(12/ 6715/ 28193 - ط. المكنز).
ورواه عن عبد الله بن أحمد عن سعيد بن أبي الربيع السمان به: الطبراني في الدعاء (1848).
وفيه: "يحسن فيها الركوع والسجود"، بدل:"يحسن فيهما الذكر والخشوع".
• ورواه أبو كامل الفضيل بن الحسين [الجحدري: ثقة حافظ]، وخالد بن خداش [صدوق]، ومسلم بن إبراهيم الفراهيدي [ثقة حافظ متقن]، وعبد الواحد بن واصل أبو عبيدة الحداد [ثقة]:
نا صدقة بن أبي سهل [أبو سهل الهنائي]: حدثني كثير [أبو الفضل] الطفاوي، عن يوسف بن عبد الله بن سلام، قال: أتيت أبا الدرداء رضي الله عنه في مرضه الذي مات فيه [وهو بالشام]، فقال لي: ما أعملك، ومن عناك إلينا؟ فقلت: ما أعملني ولا عناني إلا صلةُ ما كان بينك وبين والدي عبد الله بن سلام، قال: افتحوا الباب، فدخل الناس عليه، فقال: خذ بيدي فأقعِدني، فأخذت بيده فأقعدته، فقال: ليس ساعة الكذب هذه، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"من توضأ فأحسن الوضوء، ثم قام فصلى ركعتين -أو: أربع ركعات-، مكتوبة أو غير مكتوبة، يحسن فيها الركوع والسجود، ثم استغفر الله عز وجل، غفر الله تعالى له". واللفظ لأبي كامل عدا ما بين الأقواس.
ولفظ خالد: "ما من مسلم يدنب ذنبًا فيتوضأ، ثم يصلي ركعتين -أو: أربعًا- مفروضة أو غير مفروضة، ثم يستغفر الله، إلا غفر الله له".
أخرجه ابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (4/ 83/ 2040)، وأبو يعلى في مسنده الكبير (4/ 350/ 572 - مطالب)، والطبراني في الأوسط (5/ 186/ 5026)، وفي الدعاء (1848).
قال الطبراني: "لا يروى هذا الحديث عن أبي الدرادء إلا بهذا الإسناد، تفرد به: صدقة بن أبي سهل".
قلت: رواية الجماعة هي المحفوظة، وقد وهم أحمد بن عبد الملك الحراني في لفظه، كما وهم في اسم شيخه: صدقة بن أبي سهل، فقلبه، وعليه: فإن لفظة: "يحسن فيهما الذكر والخشوع": شاذة، كما تفرد فيه أيضًا: خالد بن خداش بلفظة: "ما من مسلم يذنب ذنبًا فيتوضأ"، ولم يتابع عليها.
قال ابن حجر في التعجيل (899): "كثير بن الفضل الطفاوي:
…
وقع فيه تصحيف، نشأ عنه هذا الغلط، والصواب: كثير أبو الفضل، فالفضل كنيته، لا اسم أبيه، وأما أبوه فاسمه يسار"، ثم ذكر في ترجمة كثير بن يسار (903): أنه قد روى عنه جماعة من الثقات، وأثنى عليه سعيد بن عامر خيرًا، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال ابن القطان الفاسي: "وحاله غير معروفة، وإن كان قد روى عنه جماعة"، فتعقبه ابن حجر بقوله في التعجيل: "وكأنه لم يقف على كلام البخاري"، وقال في لسان الميزان بعد أن عدد من روى عنه: "فهؤلاء عشرة أنفس رووا عنه، مع ثناء سعيد بن عامر؛ فكيف لا يكون
معروفًا؟! " [انظر: التاريخ الكبير (7/ 213)، كنى مسلم (2720)، الجرح والتعديل (7/ 158)، الثقات (5/ 331) و (7/ 350)، تاريخ دمشق (50/ 71)، بيان الوهم (4/ 490/ 2056)، تاريخ الإِسلام (9/ 258)، وقال: "لم يضعَّف". اللسان (6/ 416)].
وأما سهل بن أبي صدقة، فقال ابن حجر مؤيدًا قول عبد الله بن أحمد:"وهو كما قال، وسهل بن أبي صدقة: لا وجود له"[اللسان (4/ 201)].
وأما صدقة بن أبي سهل الهنائي: فقد روى عنه جماعة من الثقات، وذكره ابن حبان في الثقات، ولم يجرحه أحد.
وأما ابن معين فإنه إنما وثق صدقة أبا سهل الهنائي، الذي يروي عن غنية بنت سمعان وابن سيرين، وغيرهما، ويروي عنه: أبو سلمة موسى بن إسماعيل ومحمد بن معاذ العنبري وعبد الصمد بن عبد الوارث، وقد فرق بينهما: البخاري وابن أبي حاتم وابن حبان وغيرهم، ولم يتعقبهم الخطيب البغدادي في موضح أوهام الجمع والتفريق، وذلك مع علمهم أنهما بصريان، ومن طبقة واحدة، ومثل ذلك لا يخفى عليهم، فالصواب التفريق بينهما تقليدًا لهؤلاء الأئمة، والله أعلم. [انظر: التاريخ الكبير (4/ 297)، الجرح والتعديل (4/ 431 و 435)، الثقات (6/ 468)، تعجيل المنفعة (472)، سلسلة الأحاديث الصحيحة (3398)].
والحاصل: فإن هذا الإسناد لا بأس به، وهو حديث حسن، له شواهد كثيرة.
• وله طريق أخرى:
يرويها: محمَّد بن بكر، قال: حدثنا ميمون -يعني: أبا محمَّد المرَئيَّ التميمي-، قال: حدثنا يحيى بن أبي كثير، عن يوسف بن عبد الله بن سلام، قال: صحبت أبا الدرداء أتعلم منه، فلما حضره الموت، قال: آذن الناس بموتي، فآذنت الناس بموته، فجئت وقد ملئ الدار وما سواه، قال: فقلت: قد آذنت الناس بموتك، وقد ملئ الدار وما سواه، قال: أخرجوني فأخرجناه، قال: أجلسوني فأجلسناه، قال: يا أيها الناس إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من توضأ فأسبغ الوضوء، ثم صلى ركعتين يُتِمُّهما، أعطاه الله ما سأل معجَّلًا أو مؤخَّرًا".
قال أبو الدرداء: يا أيها الناس إياكم والالتفات [في الصلاة] فإنه لا صلاة لملتفت، فإن غلبتم في التطوع فلا تُغلبُنَّ في الفريضة.
أخرجه أحمد (6/ 442 - 443)(12/ 6703/ 28143 - ط. المكنز)، والمحاملي في الأمالي (71)، والدارقطني في الأفراد (2/ 199/ 4675 - أطرافه)، وإسماعيل الأصبهاني في الترغيب والترهيب (2/ 419/ 1906).
تنبيه: وقع عند المحاملي: يحيى بن أبي هيثم، وأظنه تحرف عن كثير، فقد وقع على الصواب، عند إسماعيل الأصبهاني، وقد رواه من طريق المحاملي.
قال الدارقطني: "غريب من حديث يحيى بن أبي كثير عن يوسف، تفرد به: ميمون بن موسى المرئي عنه، ولا أعلم حدث به غير محمَّد بن بكر البرساني".