الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أخرجه البخاري (374 و 5959)، وأبو عوانة (1/ 402/ 1476)، وأحمد (3/ 151 و 283)، وأبو إسحاق الحربي في غريب الحديث (2/ 376)، وأبو طاهر المخلص في العاشر من فوائده بانتقاء ابن أبي الفوارس (305 و 311)(2460 و 2466 - المخلصيات)، وابن عبد البر في التمهيد (17/ 390).
• قال ابن المنذر في الأوسط (3/ 274): "والنظر إلى موضع السجود أسلم، وأحرى أن لا يلهو المصلي بالنظر إلى ما يشغله عن صلاته، وهذا قول عوام أهل العلم؛ غير مالك، فإنه قال: أكره ما يصنع بعض الناس من النظر إلى موضع سجودهم وهم قيام في صلاتهم، وقال: ليس ذلك من أمر الناس، وهو شيء أُحدث، وصنعة صنعها الناس، وذلك عندي مستنكر، ولا أرى بأسًا لو مد بصره أمامه، وصفح بخده قليلًا ما لم يلتفت في صلاته".
قال ابن المنذر: "وهذه غفلة منه، استحب ما كره أهل العلم، وكره ما استحبوه مما هو أسلم للمصلي، ولقد كان من تحفُّظ أهل العلم في صلاتهم وحفظهم لأبصارهم أن قال بعضهم: إن لم يستطع ذلك غمض عينيه.
كان الحسن يقول: يضع بصره بحذاء المكان الذي يسجد فيه، فإن لم يستطع فليغمض عينيه، وقال ابن سيرين: كان يؤمر إذا كان يكثر الالتفات في الصلاة أن يغمض عينيه.
وكره بعضهم تغميض العين في الصلاة، وممن كره ذلك: مجاهد، وأحمد، وإسحاق، وقال الأوزاعي: ليس ذلك من هدي الصلاة".
وقال ابن عبد البر في التمهيد (17/ 393): "ومن نظر إلى موضع سجوده كان أسلم له، وأبعد من الاشتغال بغير صلاته إن شاء الله، وبالله التوفيق".
قلت: وهو كما قالا، فإن عرضت له حاجة؛ كمتابعة إمام، أو دفع ما يكره، أو نحو ذلك، مما لا يمكن تحصيله إلا برفع البصر عن موضع السجود؛ فلا حرج حينئذ، والله أعلم.
***
168 - باب الرخصة في ذلك
916 -
قال أبو داود: حدثنا الربيع بن نافع: حدثنا معاوية -يعني: ابن سلام-، عن زيد، أنه سمع أبا سلام، قال: حدثني السَّلوليُ [في رواية ابن الأعرابي: هو أبو كبشة]، عن سهل ابن الحثظلية، قال: ثُوَّب بالصلاة -يعني: صلاة الصبح-، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي وهو يلتفتُ إلى الشِّعْب.
قال أبو داود: وكان أرسل فارسًا إلى الشِّعب من الليل يحرُس.
• حديث صحيح.
أخرجه أبو داود هنا، وأعاده مطولًا بتمامه في كتاب الجهاد، باب في فضل الحرس في سبيل الله تعالى، برقم (2501).
ولفظ أبي داود المطول: عن سهل ابن الحنظلية، أنهم ساروا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين فأطنبوا [في] السير، حتى كانت عشيةَ فحضرتُ الصلاةَ عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجاء رجلٌ فارسٌ، فقال: يا رسول الله، إني انطلقت بين أيديكم حتى طلعتُ جبلَ كذا وكذا، فإذا أنا بهوازن على بكرة آبائهم، بظُعُنِهم ونَعَمِهم وشائهم، [قد] اجتمعوا إلى حنين، فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال:"تلك غنيمة المسلمين غدًا إن شاء الله"، ثم قال:"من يحرسنا الليلة؟ "، قال أنس بن أبي مرثد الغنوي: أنا يا رسول الله، قال:"فاركب"، فركِب فرسًا له، فجاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:"استقبل هذا الشِّعبَ حتى تكون في أعلاه، ولا نُغَرَّنَّ من قِبَلك الليلةَ"، فلما أصبحنا، خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى مصلاه، فركع ركعتين، ثم قال:"هل أحسستم فارسكم؟ "، قالوا: يا رسول الله، ما أحسسناه، فثُوِّب بالصلاة، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي، وهو يلتفت إلى الشعب، حتى إذا قضى صلاته وسلم، قال:"أبشروا، فقد جاءكم فارسُكم"، فجعلنا ننظر إلى خلال الشجر في الشَّعب، فإذا هو قد جاء، حتى وقف على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسلم، فقال: إني انطلقت حتى كنت في أعلى هذا الشِّعب حيث أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما أصبحتُ اطلعتُ الشِّعبين كليهما فنظرت، فلم أر أحدًا، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:"هل نزلت الليلة؟ "، قال: لا، إلا مصليًا أو قاضيًا حاجة، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:"قد أوجبت؛ فلا عليك أن لا تعمل بعدها". [اللفظ لأبي داود، وما بين المعكوفين للنسائي].
• أخرجه من طريق أبي داود: أبو عوانة في مسنده (4/ 500/ 7481)[قرن فيه أبا داود بمحمد بن عامر، وسقط من إسناده: أبو سلام، وهو وهم]، والبيهقي في السنن (2/ 348)، وفي الدلائل (5/ 125 - 126)، وابن عبد البر في التمهيد (17/ 392)، والبغوي في شرح السنة (3/ 254/ 736).
• وممن رواه أيضًا من طريق أبي توبة الربيع بن نافع:
البخاري في التاريخ الكبير (2/ 30)، والنسائي في الكبرى (8/ 139/ 8819)، وابن خزيمة (1/ 246/ 487)، والحاكم (1/ 237)، وابن أبي عاصم في الجهاد (149)، وأبو القاسم البغوي في معجم الصحابة (1/ 19/36 - ط. دار البيان)(1/ 222/ 102 - ط. مبرة الآل)، والطبراني في الكبير (1/ 265/ 772) و (6/ 96/ 5619)، وفي الأوسط (407)، وفي مسند الشاميين (4/ 107/ 2866)، وأبو نعيم في معرفة الصحابة (1/ 239 / 831)، والبيهقي (2/ 13)، والحازمي في الاعتبار (65).
قال الطبراني: "لا يُروى هذا الحديث إلا بهذا الإسناد، تفرد به: معاوية بن سلام".
• هكذا رواه عن أبي توبة الربيع بن نافع الحلبي [وهو: ثقة حجة]: أبو داود سليمان بن الأشعث السجستاني [ثقة حافظ، الإِمام صاحب السنن]، والحسن بن علي بن محمَّد الهذلي الحلواني [ثقة حافظ، له تصانيف]، ومحمد بن يحيى بن محمَّد بن كثير الحراني [ثقة]، ومحمد بن عبد الملك بن زنجويه البغدادي الغزال [ثقة]، وفهد بن
سليمان بن يحيى أبو محمَّد الدلال [المصري: ثقة. الجرح والتعديل (7/ 89)، تاريخ دمشق (48/ 459)، تاريخ الإِسلام (20/ 416)]، وإبراهيم بن الحسين بن علي أبو إسحاق الهمذاني الكسائي [المعروف بابن ديزيل: ثقة حافظ. الإكمال لابن ماكولا (4/ 265)، تاريخ دمشق (6/ 387)، السير (13/ 184)، اللسان (1/ 265)]، وأحمد بن خليد الحلبي [ثقة. مختصر تاريخ دمشق (3/ 93)، الثقات (8/ 53)، السير (13/ 489)، تاريخ الإِسلام (21/ 56)، مجمع الزوائد (8/ 210)]، وغيرهم.
• وخالفهم: عثمان بن سعيد الدارمي [ثقة حافظ، إمام]، قال: حدثنا أبو توبة الربيع بن نافع الحلبي: حدثنا معاوية بن سلام: أخبرني زيد بن سلام: حدثني أبو كبشة السَّلولي، أنه سمع سهل ابن الحنظلية رضي الله عنه، يذكر أنهم ساروا
…
فذكره.
أخرجه الحاكم (2/ 83)[وانظر: مخطوط رواق المغاربة (2/ 42/ أ)، إتحاف المهرة (6/ 78/ 6157)]، وعنه: البيهقي (9/ 149).
هكذا سقط من إسناده أبو سلام، وأظن الوهم فيه من الراوي عن الدارمي، وهو شيخ الحاكم: أحمد بن محمَّد بن عبدوس بن سلمة العنزي، أبو الحسن الطرائفي النيسابوري، وهو: صدوق، وكانت فيه سلامة؛ يعني: غفلة [انظر: تاريخ نيسابور (64)، السير (15/ 519)].
• ورواه عن أبي توبة أيضًا بإسقاط أبي سلام من إسناده: محمَّد بن عامر الأنطاكي، نزيل الرملة [وهو: ثقة].
أخرجه أبو عوانة في مسنده (4/ 500/ 7481)، قال: حدثنا محمَّد بن عامر وأبو داود السجستاني، قالا: ثنا أبو توبة به، وسقط من إسناده: أبو سلام.
قلت: والمحفوظ عن أبي توبة رواية جماعة الحفاظ عنه.
• تابع أبا توبة على الوجه المحفوظ عنه:
مُعَمَّر بن يَعْمَر، فرواه عن معاوية بن سلام: أخبرني زيد بن سلام؛ أنه سمع أبا سلام قال: حدثني أبو كبشة السلولي؛ أنه حدثه سهل بن الحنظلية،
…
فذكره.
أخرجه ابن خزيمة (1/ 487/246).
وهذا جيد في المتابعات، مُعَمَّر بن يَعْمَر الليثي الدمشقي: ذكره ابن حبان في الثقات، وقال:"يغرب"، وروى عنه جماعة، وقال ابن القطان: "لم أجد له ذكرًا في كتب الجرح والتعديل، ولكنه ذكره أصحاب المؤتلف والمختلف لضبط اسمه،
…
، حاله مجهولة"، وقال الذهبي: "محله الصدق"، وهو كما قال [التهذيب (4/ 129)، الثقات (9/ 192)، المؤتلف والمختلف (4/ 2026 و 2350)، الإكمال (7/ 269 و 433)، التوضيح (8/ 222)، تاريخ دمشق (59/ 388)، بيان الوهم (4/ 366)، تاريخ الإِسلام (15/ 415)، وغيرها].
• ورواه الوليد بن مسلم [ثقة ثبت]، واختلف عليه:
أ- فرواه عنه كالجماعة، وهو الصواب:
موسى بن أيوب [النصيبي: ثقة]، ودحيم عبد الرحمن بن إبراهيم [ثقة حافظ متقن]:
عن الوليد بن مسلم، عن معاوية بن أبي سلام؛ أنه سمع أخاه زيد بن أبي سلام، يحدث أنه سمع أبا سلام، يقول: نا أبو كبشة السلولي، قال: نا سهل بن الحنظلية، قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة حنين
…
، فذكره، والسياق لموسى.
وقال دحيم: ثنا الوليد بن مسلم: حدثني معاوية بن سلام، عن أخيه زيد، عن جده أبي سلام، عن أبي كبشة السلولي، عن سهل بن الحنظلية، قال: سرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم . . . فذكر الحديث.
أخرجه القاسم بن ثابت السرقسطي في الدلائل (1/ 176/ 85 - ط. العبيكان)(1/ 264/ 42 - ط. الرابطة المحمدية)، بإسناد صحيح إلى موسى بن أيوب به. والبيهقي (2/ 7)، بإسناد صحيح إلى دحيم به.
ب- خالفهما، فأخطأ:
• أبو الوليد القرشي أحمد بن عبد الرحمن [هو: ابن بكار البسري، وهو: صدوق]، وهشام بن عمار [دمشقي صدوق، إلا أنه لما كبر صار يتلقَّن]:
كلاهما عن الوليد بن مسلم: نا معاوية بن سلام، عن جده أبي سلام الأسود، عن أبي كبشة السلولي، عن سهل بن الحنظلية، قال: صلينا العصر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مسيره إلى حنين
…
، فذكراه مختصرًا، بدون ذكر زيد بن سلام بن أبي سلام في الإسناد.
أخرجه ابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (4/ 106/ 2076)، وأبو القاسم البغوي في معجم الصحابة (3/ 96/ 1004 - ط. دار البيان)(3/ 14/ 1397 - ط. مبرة الآل).
• ورواه مروان بن محمَّد الطاطري [ثقة]: ثنا معاوية بن سلام به.
أخرجه البيهقي (9/ 149)، بإسناد جيد إلى مروان الطاطري، لكنه لم يسق إسناده ولا لفظه، وإنما قرنه بإسناد أحمد بن محمَّد بن سلمة العنزي، عن عثمان بن سعيد الدارمي، عن أبي توبة، بإسقاط أبي سلام من إسناده، فالله أعلم.
• والمحفوظ في إسناد هذا الحديث:
ما رواه أبو توبة الربيع بن نافع، والوليد بن مسلم [في المحفوظ عنهما]، ومعمر بن يعمر: عن معاوية بن سلام، عن أخيه زيد بن سلام، عن جده أبي سلام، عن أبي كبشة السلولي، عن سهل بن الحنظلية.
وهذا إسناده صحيح، رجاد ثقات رجال الصحيح، سمع بعضهم من بعض، وأبو كبشة السلولي: ثقة، سمع سهل بن الحنظلية، وروى له البخاري، وصحح له الترمذي وابن خزيمة وابن حبان والحاكم [صحيح البخاري (2631 و 3461)، جامع الترمذي (2669)، معرفة الثقات (2230)، الجرح والتعديل (9/ 430)، المحلى (6/ 152)، تاريخ دمشق (67/ 156)، بيان الوهم (5/ 345 - 349/ 2523)، الميزان (4/ 564)، التهذيب (4/ 576)]، والله أعلم.
والحديث احتج به أبو داود، وصححه أبو عوانة وابن خزيمة والحاكم.
قال الحاكم في الموضع الأول: "بإسناد صحيح".
وقال في الموضع الثاني: "هذا الإسناد من أوله إلى آخره صحيح على شرط الشيخين، غير أنهما لم يخرجا مسانيد سهل بن الحنظلية لقلة رواية التابعين عنه، وهو من كبار الصحابة على ما قدمت القول في أوانه".
قلت: زيد بن سلام، وجده أبو سلام: لم يخرج لهما البخاري في الصحيح، وأبو كبشة انفرد به البخاري دون مسلم.
وقال الحازمي في الاعتبار: "هذا حديث حسن".
وقال النووي في الخلاصة (1593): "رواه أبو داود بإسناد صحيح".
وحسن إسناده ابن حجر في الفتح (8/ 27)، وقال في الإصابة (1/ 131):"إسناده على شرط الصحيح".
• قال ابن القيم في الزاد (1/ 250): "فهذا الالتفات من الاشتغال بالجهاد في الصلاة، وهو يدخل في مداخل العبادات؛ كصلاة الخوف".
***
• قال المزي في التحفة (4/ 547/ 6014):
ثور بن زيد الدّيلي المدني، عن عكرمة، عن ابن عباس:
(د ت س) حديث: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يلتفت في الصلاة من غير أن يلوي عنقه.
(د) في الصلاة، عن أحمد بن محمَّد بن ثابت المروزي، عن الفضل بن موسى، عن عبد الله بن سعيد بن أبي هند، عنه به.
وعن هناد، عن وكيع، عن عبد الله بن سعيد، عن رجل، عن عكرمة، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
قال: وهذا أصح،
…
".
ثم قال المزي: "وحديث (د) في رواية أبي الطيب ابن الأشناني، ولم يذكره أبو القاسم".
وعزاه إليه في المراسيل أيضًا (12/ 432/ 19127).
• قلت: هذا الحديث يرويه الفضل بن موسى السيناني [وهو: ثقة، أنكر ابن المديني عليه حديثًا، وقال أحمد: "روى مناكير". التهذيب (3/ 396)]، عن عبد الله بن سعيد بن أبي هند، عن ثور بن زيد، عن عكرمة، عن ابن عباس؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يلْحظُ [وفي رواية: يلتفت] في الصلاة يمينًا وشمالًا، ولا يلوي عنقه خلف ظهره.
أخرجه أبو داود (رواية ابن الأشناني- التحفة)، والترمذي في الجامع (587)، وفي العلل الكبير (169)، وأبو علي الطوسي في مستخرجه عليه "مختصر الأحكام"(3/ 156 / 552)، والنسائي في المجتبى (3/ 9/ 1201)، وفي الكبرى (1/ 287/ 534) و (2/ 38/ 1125)، وابن خزيمة (1/ 245/ 485) و (2/ 42/ 871)، وابن حبان (6/ 2288/66)، والحاكم (1/ 236 - 237 و 256)، والضياء في المختارة (11/ 297 - 299/ 294 - 298)،
وأحمد (1/ 275 و 306)، وأبو إسحاق الحربي في غريب الحديث (2/ 651)، وأبو يعلى (4/ 463/ 2592)، وابن المنذر في الأوسط (3/ 96/ 1295)، والطبراني في الكبير (11/ 223/ 11559)، وابن عدي في الكامل (1/ 106)، والدارقطني في السنن (2/ 83)، وفي الأفراد (1/ 462/ 2541 - أطرافه)، وتمام في الفوائد (1787)، والبيهقي (2/ 13)، وابن عبد البر في التمهيد (17/ 392)، والبغوي في شرح السنة (2/ 255/ 737)، والحازمي في الاعتبار (63).
رواه عن الفضل بن موسى السيناني: أحمد بن محمَّد بن ثابت المروزي، ومحمود بن غيلان المروزي، وأبو عمار الحسين بن حريث، وإسحاق بن راهويه، ويوسف بن عيسى المروزي، وأبو إسحاق إبراهيم بن إسحاق الطالقاني، ومحمود بن آدم المروزي، وصدقة بن الفضل المروزي، وأبو صالح هَدية بن عبد الوهاب المروزي [وهم ثقات]، وغيرهم.
• وقد رواه أبو إسحاق الطالقاني [ثقة] مرة أخرى مرسلًا:
يعني: رواه عن الفضل بن موسى، عن عبد الله بن سعيد بن أبي هند: حدثني ثور، عن عكرمة، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم . . . مثله.
أخرجه أحمد (1/ 275)(2/ 609/ 2525 - المكنز)(7/ 481/ 8272 - إتحاف)، ومن طريقه: الضياء في المختارة (11/ 299/ 296).
• قال أبو داود بعد رواية وكيع المرسلة: "وهذا أصح".
وقال الترمذي في الجامع: "هذا حديث غريب، وقد خالف وكيعٌ الفضلَ بنَ موسى في روايته".
وقال في العلل: "ولا أعلم أحدًا روى هذا الحديث عن عبد الله بن سعيد بن أبي هند مسندًا مثل ما رواه الفضل بن موسى".
وقال ابن خزيمة: "خبر غريب غريب"[المختارة (294)].
وقال الدارقطني لما سأله أبو بكر البرقاني عن حديث الفضل هذا: "ليس بصحيح"، فقال البرقاني:"قلت: إسناده حسن، حدث به عن الفضل جماعة! قال: أي والله حسن، إلا أن له علة، حدث به وكيع، عن عبد الله بن سعيد، عن ثور، عن رجل، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قلت: لم يسنده إلا الفضل؟ قال: بتة"[سؤالات البرقاني (674/ 47)].
وقال في السنن: "تفرد به: الفضل بن موسى عن عبد الله بن سعيد بن أبي هند متصلًا، وأرسله غيره".
وقال في الأفراد: "قال لنا ابن أبي داود: وهذه سُنَّة تفرد بها أهل المدينة وحفظها أهل خراسان"، قال الدارقطني:"تفرد به الفضل بن موسى عن عبد الله بن سعيد عن ثور عنه متصلًا".
وقال البيهقي: "هكذا رواه الفضل بن موسى، وخالفه غيره، ورواه منقطعًا".
هكذا اتفق هؤلاء الأئمة على تضعيف هذا الحديث، وإعلاله برواية وكيع المرسلة، بل نقل ابن القيم عن الإمام أحمد أنه أنكر هذا الحديث إنكارًا شديدًا.
قال ابن القيم في الزاد (1/ 249): "فهذا حديث لا يثبت؛ قال الترمذي فيه: حديث غريب، ولم يزد.
وقال الخلال: أخبرني الميموني؛ أن أبا عبد الله قيل له: إن بعض الناس أسند أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يلاحظ في الصلاة؛ فأنكر ذلك إنكارًا شديدًا، حتى تغير وجهه، وتغير لونه، وتحرك بدنه، ورأيته في حال ما رأيته في حال قط أسوأ منها، وقال: النبي صلى الله عليه وسلم كان يلاحظ في الصلاة!!! يعني: أنه أنكر ذلك، وأحسبه قال: ليس له إسناد، وقال: من روى هذا؟ إنما هذا من سعيد بن المسيب، ثم قال لي بعض أصحابنا: إن أبا عبد الله وهَّن حديث سعيد هذا، وضعَّف إسناده، وقال: إنما هو عن رجل عن سعيد" [انظر فيمن رواه عن ابن المسيب مرسلًا: مصنف ابن أبي شيبة (1/ 396 / 4550)].
وقول الإِمام أحمد: "ليس له إسناد"؛ يعني: ليس له إسناد ثابت يحتج به، وإلا فالإسناد في نفسه صحيح، لكنه معلول.
وقد روي عن الإِمام أحمد خلاف ذلك، فقد ذكر الحاكم في المعرفة عن إسحاق بن راهويه، قال:"سألني أحمد بن حنبل عن حديث الفضل بن موسى، من حديث ابن عباس قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يلحظ في صلاته ولا يلوي عنقه خلف ظهره، قال: فحدثته، فقال له رجل: يا أبا يعقوب! رواه وكيع خلاف هذا؟ فقال له أحمد بن حنبل: اسكت، إذا حدثك أبو يعقوب أمير المؤمنين فتمسك به"؛ يعني: إسحاق بن راهويه [معرفة علوم الحديث (73)، تاريخ بغداد (6/ 351)، تاريخ دمشق (8/ 129)، بغية الطلب (3/ 1392)، طبقات الحنابلة (2/ 230)].
وذكرها الذهبي في السير (11/ 366) عن الحاكم من نفس الوجه، لكن جعل يحيى بن معين مكان أحمد بن حنبل، وذكرها في موضع آخر (11/ 382) كالجماعة [وراويها عن ابن راهويه: أبو عمرو نصر بن زكريا بن نصر بن داود بن سليمان بن عبد الله بن حطان بن المورق العجلي من أهل مرو، رحل إلى العراق والحجاز والشام وديار مصر، وروى عن جماعة من المحدثين، وروى عنه جماعة كثيرة، وتوفي في حدود سنة ثلاثمائة، لكن اتهمه الذهبي بخبر باطل كذب، وقال:"هو آفته". الأنساب (4/ 161)، تاريخ دمشق (62/ 34)، المغني (2/ 695)، اللسان (8/ 260)].
• وهذه الرواية الأخيرة عن الإِمام أحمد لا تثبت عندي، والمحفوظ عنه إنكار هذا الحديث؛ كما نقله ابن القيم في الزاد عن الخلال، ويؤكد ذلك أن الإِمام أحمد لما أخرج في مسنده حديث الفضل الموصول أتبعه برواية الطالقاني المرسلة، ثم برواية وكيع المرسلة، وفي ذلك إعلال لحديث الفضل، وإشارة إلى أن المرسل هو المحفوظ، كما أن أبا داود وهو تلميذ أحمد قد ذهب إلى إعلال الموصول بالمرسل، مثل شيخه، والله أعلم.
كما أن راوي الإنكار عن أحمد هو الميموني، وهو من أصحابه المكثرين عنه في السؤالات، بخلاف الرواية الأخرى فإنه لم يروها عن ابن راهويه إلا رجل متكلم فيه، وليس بالمشهور في أصحاب ابن راهويه وأحمد.
وأخشى أن تكون القصة التي حكاها الحاكم في المعرفة لإسحاق بن راهويه مع أحمد بن حنبل، أخشى أن تكون وهمًا، وأن تكون القصة وقعت لإسحاق مع ابن معين، كما وقعت في روايةٍ للذهبي في السير، ويقوي هذا الوجه عندي، أن ابن عدي في الكامل قد حكاها عن ابن معين، فقال:"قال إسحاق: ذُكر عند يحيى بن معين هذا الحديث، فقال أبو خيثمة: إن هذا حديث يرويه وكيع مرسل!، فقال له يحيى: تدري عمن يحدثك؟ عن أمير المؤمنين الفضل بن موسى". [الكامل (1/ 106)]، والله أعلم.
• والحاصل: فإن حديث الفضل بن موسى هذا قد ضعفه: أحمد، وأبو داود، والترمذي، وابن خزيمة، والدارقطني، والبيهقي.
ومن لم ينعم النظر في طرق هذا الحديث لا تتبين له علته، فيصححه على ظاهر السند:
فقد صححه ابن حبان، والحاكم، وقال:"هذا حديث صحيح على شرط البخاري، ولم يخرجاه".
وقال ابن القطان في بيان الوهم (5/ 196/ 2415): "فالحديث صحيح، وإن كان غريبًا لا يُعرف إلا من هذا الطريق".
وقال النووي في الخلاصة (1590): "رواه الترمذي بإسناد صحيح، قال: وقد روي مرسلًا".
قلت: والصواب مع الأئمة السابق ذكرهم، فإن الفضل بن موسى السيناني، وإن كان ثقة، إلا أن ابن المديني قد أنكر عليه حديثًا، وقال أحمد:"روى الفضل مناكير"، قلت: وهذا منها، فقد خالفه في وصله من هو أحفظ منه وأثبت:
• خالفه فأرسله: وكيع بن الجراح [ثقة حافظ]، فرواه عن عبد الله بن سعيد بن أبي هند، عن رجل من أصحاب عكرمة؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يلحظ في الصلاة من غير أن يثني عنقه. وهذا معضل.
أخرجه الترمذي (588)، وأحمد (1/ 275)، وابن أبي شيبة (1/ 396/ 4548)، والدارقطني (2/ 83)، والضياء في المختارة (11/ 299/ 297).
• ورواه هناد بن السري [ثقة]، عن وكيع، عن عبد الله بن سعيد، عن رجل، عن عكرمة، عن النبي صلى الله عليه وسلم. وهذا مرسل.
أخرجه أبو داود (رواية ابن الأشناني- التحفة).
قال أبو داود: "وهذا أصح".
• ورواه أبو عتاب الدلال [سهل بن حماد البصري: صدوق]: ثنا مندل، عن [أبي إسحاق] الشيباني، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلى يلاحظ في الصلاة يمينًا وشمالًا.
أخرجه البزار (2/ 90 - نصب الراية)، وابن عدي (6/ 455).
قال ابن عدي بعد أن أخرجه في ترجمة مندل: "ولمندل غير ما ذكرت، وله أحاديث أفراد وغرائب، وهو ممن يكتب حديثه".
قلت: وهذا من أفراده عن أبي إسحاق الشيباني، ومندل بن علي العنزي: ضعيف.
• وله إسناد آخر واهٍ [عند عبد الرزاق (2/ 256/ 3269)][وفي إسناده: إبراهيم بن محمَّد بن أبي يحيى الأسلمي، وهو: متروك، كذبه جماعة، وشيخه: لا يُعرف].
• ومما جاء أيضًا في الالتفات لحاجةٍ تعرِض:
1 -
عن علي بن شيبان:
يرويه ملازم بن عمرو اليمامي، عن عبد الله بن بدر، عن عبد الرحمن بن علي، عن أبيه علي بن شيبان -وكان من الوفد-، قال:[خرجنا حتى قدِمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فبايعناه، و] صلينا خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم فلمح بمؤخَّر عينه إلى رجلٍ لا يقيم صلبه في الركوع والسجود، فلما قضى [نبي الله صلى الله عليه وسلم] صلاته قال:"يا معشر المسلمين! [إنه] لا صلاة لامرئ لا يقيم صلبه في الركوع والسجود".
وهذا إسناد يمامي صحيح، تقدم تخريجه تحت الحديث رقم (855).
2 -
عن جابر بن عبد الله:
رواه الليث بن سعد، عن أبي الزبير، عن جابر بن عبد الله، قال: اشتكى رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلينا وراءه وهو قاعد، وأبو بكر يكبر، ويسمع الناسَ تكبيرَه، قال: فالتفت إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فرآنا قيامًا، فأشار إلينا فقعدنا، فصلينا بصلاته قعودًا، فلما سلم قال:"إن كدتم آنفًا تفعلون فعل فارس والروم، يقومون على ملوكهم وهم قعود، فلا تفعلوا، ائتموا بأئمتكم: إن صلى قائمًا فصلوا قيامًا، وإن صلى قاعدًا فصلوا قعودًا".
أخرجه مسلم (413/ 84)، وتقدم برقم (606).
3 -
عن سهل بن سعد:
رواه مالك، عن أبي حازم، عن سهل بن سعد الساعدي؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذهب إلى بني عمرو بن عوف ليُصلح بينهم، فحانت الصلاة، فجاء المؤذن إلى أبي بكر، فقال: أتصلي بالناس فأقيم؟ قال: نعم، قال: فصلى أبو بكر، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم والناس في الصلاة، فتخلَّص حتى وقف في الصف، فصفَّق الناس، وكان أبو بكر لا يلتفت في الصلاة، فلما أكثر الناس التصفيق التفت فرأى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأشار إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم أنِ امكث مكانك، فرفع أبو بكر يديه فحمد الله عز وجل على ما أمره به رسول الله صلى الله عليه وسلم من ذلك، ثم استأخر أبو بكر حتى استوى في الصف، وتقدم النبي صلى الله عليه وسلم فصلى، ثم انصرف، فقال:"يا أبا بكر ما منعك أن تثبُتَ إذ أمرتُك؟ " قال أبو بكر: ما كان لابن أبي قحافة أن يصلي بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"ما لي رأيتكم أكثرتم التصفيق؟ من نابه شيء في صلاته فليسبِّح، فإنه إذا سبَّح التُفِت إليه، وإنما التصفيح للنساء".
حديث متفق على صحته [البخاري (684)، مسلم (421)][وهو عند مالك في موطئه (1/ 231/ 451)]، ويأتي تخريجه عند أبي داود برقم (940) إن شاء الله تعالى.
• قال ابن عبد البر في التمهيد (21/ 103): "وفيه: أن الالتفات لا يفسد الصلاة؛ لأنه لو أفسدها لأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم بإعادتها، ولقال له: قد أفسدت صلاتك بالتفاتك".
وقال البغوي في شرح السنة (3/ 273): "في هذا الحديث فوائد؛ منها: تعجيل الصلاة في أول الوقت؛ لأنهم لم يؤخروها بعد دخول وقتها لانتظار النبي صلى الله عليه وسلم، ولم ينكر النبي صلى الله عليه وسلم ذلك عليهم.
ومنها: أن الالتفات في الصلاة لا يفسد الصلاة ما لم يتحول عن القبلة بجميع بدنه.
ومنها: أن العمل اليسير لا يبطل الصلاة، فإنهم أكثروا التصفيق، ولم يؤمروا بالإعادة.
ومنها: أن تقدم المصلي أو تأخره عن مكان صلاته لا يفسد الصلاة إذا لم يطل".
وانظر: الفتح لابن حجر (3/ 76).
• قال ابن المنذر في الأوسط (3/ 97)(3/ 248 - ط. دار الفلاح): "إذا التفت حتى استدبر القبلة وهو ذاكرٌ لصلاته غيرَ معذور في التفاته؛ أعاد صلاته، فإن التفت عن يمينه ويساره فقد أساء، ولا إعادة عليه، وذلك بيِّنٌ في قوله صلى الله عليه وسلم: "هو اختلاس يختلسه الشيطان من صلاة المرء".
وقال ابن عبد البر في التمهيد (21/ 103): "وأجمع العلماء على أن الالتفات في الصلاة مكروه،
…
، وجمهور الفقهاء على أن الالتفات لا يفسد الصلاة إذا كان يسيرًا، وقال أبو ثور: إذا التفت ببدنه كله أفسد صلاته، وقال الحكم: من تأمل من عن يمينه أو يساره في الصلاة حتى يعرفه فليس له صلاة".
وقال في حديث عائشة في قصة أنبجانية أبي جهم (20/ 109): "وفيه دليل على أن الالتفات في الصلاة والنظر إلى ما يشغل الإنسان عنها لا يفسدها؛ إذا تمت بحدودها من ركوعها وسجودها وسائر فرائضها؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ نظر إلى أعلام خميصة أبي جهم واشتغل بها لم يعد صلاته".
وقال البغوي في شرح السنة (3/ 254): "الالتفات في الصلاة مكروه، فإن كان لأمر يحدث فلا بأس".
وقال ابن قدامة في المغني (1/ 369): "ويكره أن يلتفت في الصلاة لغير حاجة،
…
فإن كان لحاجة لم يكره"، وقال: "ولا تبطل الصلاة بالالتفات؛ إلا أن يستدبر بجملته عن القبلة، أو يستدبر القبلة"، ثم قال: "قال ابن عبد البر: وجمهور الفقهاء على أن الالتفات لا يفسد الصلاة إذا كان يسيرًا".
وقال النووي في المجموع (4/ 106): "وأما الالتفات؛ فقال أصحابنا: الالتفات في الصلاة إن تحول بصدره عن القبلة بطلت صلاته، وإن لم يتحول لم تبطل، لكن إن كان لحاجة لم يكره".