الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
167 - باب النظر في الصلاة
912 -
قال أبو داود: حدثنا مسدد: حدثنا أبو معاوية، (ح) وحدثنا عثمان بن أبي شيبة: حدثنا جرير -وهذا حديثه، وهو أتم-، عن الأعمش، عن المسيَّب بن رافع، عن تميم بن طَرَفة الطائي، عن جابر بن سمرة -قال عثمان: قال: دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم المسجد، فرأى فيه ناسًا يُصلُّون رافعي أيديهم إلى السماء، ثم اتفقا-، فقال:"لَيَنتهِينَّ رجالٌ يُشخِصون أبصارَهم إلى السماء -قال مسدد: في الصلاة - أو لا ترجعُ إليهم أبصارُهم".
• حديث صحيح.
• أخرجه من طريق أبي معاوية:
مسلم (428)، وأبو نعيم في مستخرجه عليه (2/ 53/ 959)، وأحمد (5/ 101)، وابن أبي شيبة (2/ 48/ 6316)، والطبراني في الكبير (2/ 201/ 1819)، وأبو طاهر المخلص في الأول من فوائده بانتقاء ابن أبي الفوارس (76)، وابن حزم في المحلى (4/ 15)، والبيهقي (2/ 283).
ولفظه عند مسلم: عن جابر بن سمرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لَيَنتهِينَّ أقوامٌ يرفعون أبصارهم إلى السماء في الصلاة، أو لا ترجع إليهم".
• وأخرجه من طريق جرير بن عبد الحميد:
أبو عثمان البحيري في الرابع من فوائده (8).
من طريق: الحسين بن إسماعيل القاضي [المحاملي: ثقة إمام مصنف]: ثنا يوسف بن موسى [ابن راشد بن بلال القطان: ثقة]: ثنا جرير، عن الأعمش، عن المسيب بن رافع، عن تميم بن طرفة الطائي، عن جابر بن سمرة، قال: دخل رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يومًا المسجد، فرأى فيه أناسًا يصلون رافعي أيديهم إلى السماء، فقال:"لَيَنتهِيَنَّ رجالٌ يشخصون بأبصارهم إلى السماء، أو لا ترجع إليهم أبصارُهم".
وقد انفرد فيه جرير بقوله: رافعي أيديهم إلى السماء، وقال غيره: وهم رافعون أبصارهم، وهو الأقرب للصواب، والأليق بسياق الحديث، والله أعلم.
ولا أستبعد أن يكون دخل لجرير حديث في حديث؛ فإن إنكار النبي صلى الله عليه وسلم على الصحابة رفع الأيدي مروي بهذا الإسناد من حديث جابر بن سمرة مرفوعًا: "ما لي أراكم رافعي أيديكم كأنها أذناب خيل شمس"[أخرجه مسلم (430)، وسيأتي عند أبي داود برقم (1000)][وانظر: علل الدارقطني (13/ 403/ 3298)]، وحديث الباب إنما هو في إنكار رفع الأبصار، كما سيأتي صريحًا من رواية زهير وعلي بن مسهر.
• تابعهما: سفيان الثوري، وشعبة، وزائدة بن قدامة، وزهير بن معاوية، وعلي بن مسهر [وهم ثقات]، وأبو الأشهب جعفر بن الحارث النخعي الواسطي [صدوق، كثير الخطأ، وهو واسطي، دخل الشام، والراوي عنه: إسماعيل بن عياش]:
عن الأعمش، عن المسيب بن رافع، عن تميم بن طرفة، عن جابر بن سمرة، أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال:"لَيَنتهِينَّ أقوامٌ يرفعون أبصارَهم إلى السماء في الصلاة، أو لا ترجع إليهم [وزاد في رواية: أبصارُهم] ". لفظ الثوري، وبنحوه لفظ زائدة.
ولفظ شعبة: "أما يخشى أحدكم إذا رفع بصره [وفي رواية: رأسه] وهو في الصلاة، أن لا يرجعَ إليه بصرُه".
ولفظ زهير: دخل عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم رافعون أبصارهم، فقال:"لينتهينَّ أقوامٌ عن رفعهم أبصارَهم إلى السماء في الصلاة، أو لا ترجع إليهم". وبنحوه رواية علي بن مسهر.
أخرجه ابن ماجه (1045)، والدارمي (1/ 339/ 1301)، وأحمد (5/ 90 و 93 و 108)، وأبو القاسم الحامض في المنتقى من الجزء الأول من حديثه (36)، والطبراني في الكبير (2/ 201/ 1817 و 1818 و 1820).
• خالفهم عبثر بن القاسم:
فقد روى عبد الله بن عمر بن أبان [الجعفي، لقبه مشكدانة: ثقة]: ثنا عبثر بن القاسم [ثقة]، عن الأعمش، عن المسيب بن رافع، عن زيد بن وهب، عن تميم بن طرفة، عن جابر بن سمرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
…
فذكره مثله.
أخرجه الطبراني في الكبير (1821).
وذكر زيد بن وهب فيه وهمٌ [وانظر: علل الدارقطني (13/ 403/ 3298)]، والله أعلم.
***
913 -
. . . يحيى، عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة؛ أن أنس بن مالك حدثهم، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما بالُ أقوام يرفعون أبصارَهم في صلاتهم؟! "، فاشتدَّ قولُه في ذلك، فقال:"لَيُنتهَينَّ عن ذلك، أو لَتُخطفَنَّ أبصارُهم".
• حديث صحيح.
أخرجه البخاري (750)، والنسائي في المجتبى (3/ 7/ 1193)، وفي الكبرى (1/ 291/ 547) و (2/ 36/ 1117)، وأحمد (3/ 112 و 115 و 116)، وأبو العباس السراج في مسنده (732)، وفي حديثه بانتقاء الشحامي (199)، وأبو يعلى (5/ 338/ 2965) و (5/ 464/ 3191)[وتصحف فيه سعيد إلى شعبة، وانظر: سنن البيهقي (2/ 282)]، وابن المنذر في الأوسط (3/ 90/ 1281)، والبيهقي (2/ 282)، والبغوي في شرح السُّنَّة (3/ 258/ 739)، وقال:"حديث صحيح". وفي التفسير (3/ 302).
رواه عن يحيى بن سعيد القطان: مسدد بن مسرهد، وعلي بن عبد الله ابن المديني، وأحمد بن حنبل، ومحمد بن أبي بكر المقدمي، وأبو خيثمة زهير بن حرب، وعبيد الله بن سعيد أبو قدامة السرخسي، وشعيب بن يوسف النسائي [وهم ثقات]، واللفظ لمسدد.
ولفظ ابن المديني [عند البخاري]، وفي رواية لأحمد:"ما بالُ أقوامٍ يرفعون أبصارَهم إلى السماء في صلاتهم"، فاشتدَّ قوله في ذلك، حتى قال:"لَيَنتهُنَّ عن ذلك، أو لتُخطَفَنَّ أبصارُهم".
• تابعه عن ابن أبي عروبة:
يزيد بن زريع، وخالد بن الحارث، وعبد الأعلى بن عبد الأعلى السامي، ومحمد بن بشر العبدي، وابن أبي عدي، وعبد الوهاب بن عطاء الخفاف، ومحمد بن جعفر غندر، ومحمد بن عبد الله الأنصاري [وهم ثقات، ومنهم جماعة ممن سمع من ابن أبي عروبة قبل الاختلاط، مثل: يحيى بن سعيد، وخالد بن الحارث، ويزيد بن زريع، وغيرهم]:
رووه عن سعيد، عن قتادة، عن أنس بن مالك، قال: صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يومًا بأصحابه، فلما قضى الصلاة أقبل على القوم بوجهه، فقال:"ما بالُ أقوام يرفعون أبصارَهم إلى السماء [في صلاتهم] "، حتى اشتدَّ قوله في ذلك [حتى قال]:"لَيَنتهُنَّ عن ذلك، أو لَيخطفَنَّ الله أبصارَهم".
لفظ عبد الأعلى، وما بين القوسين لغيره، وقالوا:"لَيَنتهُنَّ عن ذلك، أو لتُخطَفنَّ أبصارُهم".
أخرجه ابن ماجه (1044)، والدارمي (1/ 339/ 1302)، وابن خزيمة (1/ 242/ 475 و 476)، وابن حبان (6/ 61/ 2284)، وأحمد (3/ 109 و 140)، وابن أبي شيبة (2/ 48/ 6317)، وعبد بن حميد (1196)، والبزار (13/ 380/ 7054)، وأبو يعلى (5/ 298 / 2918) و (5/ 449/ 3160) و (5/ 464/ 3191)[وتصحف فيه سعيد إلى شعبة، وانظر: سنن البيهقي (2/ 282)].
• ورواه أبان بن يزيد العطار، وهمام بن يحيى [ثقتان، من أصحاب قتادة]، وعمران بن داود القطان [صدوق، كثير الوهم، وفي الإسناد إليه جهالة]:
عن قتادة، عن أنس، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"ما بالُ أقوام يرفعون أبصارَهم إلى السماء في صلاتهم"، فاشتدَّ قوله في ذلك حتى قال:"لَيَنتهُنَّ عن ذلك، أو لتُخطَفنَّ أبصارُهم".
أخرجه أحمد (3/ 258)، والطيالسي (3/ 508/ 2131)، وأبو العباس السراج في مسنده (730)، وفي حديثه بانتقاء الشحامي (134)، وأبو نعيم في تاريخ أصبهان (1/ 396).
• وانظر فيمن وهم فيه على قتادة، أو على أبان: مصنف عبد الرزاق (2/ 253 / 3259)، علل ابن أبي حاتم (1/ 111/ 302)، وانظر أيضًا: العلل ومعرفة الرجال (3/ 222/ 4966).
• وفي الباب:
1 -
عن أبي هريرة:
يرويه الليث بن سعد، عن جعفر بن ربيعة، عن عبد الرحمن الأعرج، عن أبي
هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"لَيَنتهِينَّ أقوامٌ عن رفعهم أبصارَهم عند الدعاء في الصلاة إلى السماء، أو لتُخطَفنَّ أبصارُهم".
أخرجه مسلم (429)، وأبو نعيم في مستخرجه عليه (2/ 53/ 960)[وقرن عراك بن مالك بالأعرج، من رواية يحيى بن بكير عن الليث]، والنسائي في المجتبى (3/ 39/ 1276)، وفي الكبرى (2/ 67/ 1200)، وابن حبان في الصلاة (15/ 189/ 19130 - إتحاف المهرة)، وابن وهب في الجامع (429)، وأبو العباس السراج في مسنده (731)، وفي حديثه بانتقاء الشحامي (196 و 197)، وابن حزم في المحلى (4/ 16)، والبيهقي (2/ 282).
رواه عن الليث: عبد الله بن وهب، وسعيد بن الحكم بن أبي مريم، ويونس بن محمَّد المؤدب، ويحيى بن عبد الله بن بكير.
• وروي عن أبي هريرة من وجه آخر فيه ضعف [عند: أحمد (2/ 333 و 367)، وأبي نعيم في تاريخ أصبهان (2/ 111)].
2 -
عن ابن عمر:
يرويه طلحة بن يحيى [الزرقي: لا بأس به، ضعفه بعضهم. التهذيب (2/ 245)]، وسليمان بن بلال [مدني، ثقة]:
عن يونس، عن الزهري، عن سالم، عن ابن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا ترفعوا أبصاركم إلى السماء أن تُلتَمع"؛ يعني: في الصلاة.
أخرجه ابن ماجه (1043)، وابن حبان (6/ 58/ 2281)، وأبو يعلى (9/ 382/ 5509)، وأبو العباس السراج في مسنده (733 و 734)، وفي حديثه بانتقاء الشحامي (198 و 200)، والطبراني في الكبير (12/ 222/ 13139)، وفي الأوسط (5/ 273/ 5294)، وأبو بكر الإسماعيلي في معجم شيوخه (2/ 582 - 583)، وابن أخي ميمي الدقاق في فوائده (110)، وابن جميع الصيداوي في معجم شيوخه (285)، والخطيب في تلخيص المتشابه في الرسم (1/ 524).
قال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن الزهري عن سالم عن أبيه إلا يونس، تفرد به: سليمان بن بلال".
قلت: توبع عليه سليمان بن بلال، وإنما لزم فيه يونس الطريق السهل، ووهم فيه.
• خالفهما فرواه على الصواب: عبد الله بن المبارك [ثقة حجة، إمام فقيه]، وعبد الله بن وهب [ثقة حافظ]:
فروياه عن يونس، عن ابن شهاب، قال: حدثني عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود؛ أن رجلًا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم حدثه؛ أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إذا كان أحدكم في الصلاة؛ فلا يرفعْ بصرَه إلى السماء أن يُلتَمَعَ بصرُه". سياقه لابن المبارك.
أخرجه النسائي في المجتبى (3/ 7/ 1194)، وفي الكبرى (2/ 36/ 1118)، وأحمد (3/ 441) و (5/ 295)، وأبو نعيم في معرفة الصحابة (6/ 7257/3152).
وهذا هو الصواب.
• خالف يونس بن يزيد في إسناده:
أ- معمر بن راشد [ثقة ثبت]، فرواه عن الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم،
…
فذكره، هكذا مرسلًا.
أخرجه عبد الرزاق (2/ 253/ 3257).
ب- ورواه ابن لهيعة [ضعيف]، عن يزيد بن أبي حبيب، عن ابن شهاب، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، عن أبي سعيد الخدري؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
…
فذكر نحوه.
أخرجه الطبراني في الكبير (6/ 35/ 5436)، وفي الأوسط (1/ 103/ 319).
قال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن الزهري عن عبيد الله عن أبي سعيد؛ إلا يزيد بن أبي حبيب، تفرد به: ابن لهيعة".
• ومما يقوي رواية يونس [من طريق ابن المبارك وابن وهب عنه]، ويشهد لها: ما ورواه ابن جريج، قال: أخبرني عبيد الله بن عبد الله؛ أن رجلًا حدثه عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله.
أخرجه عبد الرزاق (2/ 253/ 3258).
• قال أبو زرعة: "الزهري عن سالم عن أبيه: وهمٌ.
والزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن أبي سعيد: وهمٌ.
والحديث: حديث ابن المبارك عن يونس، وهو الصحيح" [علل ابن أبي حاتم (1/ 129/ 357)].
وقال أبو حاتم: "وهِمَ يونس بن يزيد، روى بالحجاز عن الزهري عن سالم عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم، وأخطأ فيه.
وروى مرةً عن الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله، عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا الصحيح" [علل ابن أبي حاتم (1/ 358/130)].
قلت: وعليه فهو إسناد صحيح، وجهالة الصحابي فيه لا تضر؛ وقد سمع عبيد الله بن عبد الله بن عتبة منه وشهد له بالصحبة، والله أعلم.
• وأما ما روي في أنه لا يجاوز بصره موضع سجوده، فلا يصح من ذلك شيء:
• فمن ذلك مثلًا:
1 -
ما روي عن ابن سيرين، عن أبي هريرة؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا صلى رفع بصره إلى السماء، فنزلت:{الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ} [المؤمنون: 2]، فطأطأ رأسه.
وفي رواية: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لينتهينَّ أقوامٌ يرفعون أبصارَهم إلى السماء في الصلاة، أو لتُخطفَنَّ أبصارهم".
والصواب فيه: عن ابن سيرين مرسلًا.
أخرجه من وجوه عن ابن سيرين مرسلًا وموصولًا: أبو داود في المراسيل (45)، وعبد الرزاق (2/ 254/ 3261 و 3262)، وابن أبي شيبة (2/ 48/ 6322)، والبزار (17/ 310/ 10069)، وابن نصر في تعظيم قدر الصلاة (136 و 137)، وابن جرير الطبري في تفسيره (18/ 2)، والطبراني في الأوسط (4/ 240/ 4082)، وابن عدي في الكامل (6/ 223)، والدارقطني في المؤتلف (1/ 388)، والحاكم في المستدرك (2/ 393)، والبيهقي (2/ 283)، والحازمي في الاعتبار (64 و 66)، وغيرهم. [انظر: الدر المنثور (6/ 83)].
صححه الحاكم فأخطأ.
قال الدارقطني: "والصواب فيه: مرسل، ليس فيه أبو هريرة".
وقال البيهقي: "والصحيح هو المرسل"، وقال أيضًا:"ورواه حماد بن زيد عن أيوب مرسلًا، وهذا هو المحفوظ".
وقال ابن عدي: "وهذا يعرف بابن علاثة عن هشام"؛ يعني: ابن حسان عن ابن سيرين عن أبي هريرة مرفوعًا باللفظ الثاني، ومحمد بن عبد الله بن عُلاثَةَ: جزري حراني قدم بغداد، أفسد حديثه عمرو بن الحصين، فروى عن ابن علاثة الموضوعات، فحمل بعضهم على ابن علاثة لأجل ما رواه عنه ابن الحصين، وهو بريء منه، وهو في نفسه صدوق، لكن ليس بذاك، ممن يهم كثيرًا في الروايات، وله مناكير عن هشام بن حسان، وهذا منها [وقد تقدم الكلام عليه تحت الحديث رقم (300)، الشاهد رقم (4)، وتحت الحديث رقم (531)، وتحت الحديث رقم (789)، الشاهد رقم (3)].
2 -
وما رواه صدقة بن عبد الله، عن سليمان بن داود الخولاني، قال: سمعت أبا قلابة الجرمي، يقول: حدثني عشرة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، في قيامه وركوعه وسجوده، بنحو من صلاة أمير المؤمنين -يعني: عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه، قال سليمان: فرمقت عمر في صلاته، فكان بصره إلى موضع سجوده، وذكر باقي الحديث.
أخرجه ابن عدي في الكامل (3/ 275)، وعبد الجبار الخولاني في تاريخ داريا (63 و 83)، والبيهقي (2/ 283)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (22/ 304) و (28/ 294).
قال البيهقي: "وليس بالقوي".
قلت: هذا حديث منكر؛ فإن صدقة بن عبد الله السمين: ضعيف، له أحاديث مناكير لا يتابع عليها، وهذا منها [انظر: التهذيب (2/ 206)].
3 -
وروى جماعةٌ -وفيهم من اتُّهِم، مثل نصر بن حماد-، عن الربيع بن بدر، عن عنطوانة [وفي رواية: عن عنبوانة]، عن الحسن، عن أنس بن مالك، قال: قلت: يا رسول الله! أين أضع بصري في الصلاة؟ قال: "عند موضع سجودك يا أنس"، قال: قلت: يا رسول الله! هذا شديد، لا أستطيع هذا، قال:"ففي المكتوبة".
وفي رواية: "يا أنس! اجعل بصرك حيث تسجد".
أخرجه العقيلي في الضعفاء (3/ 427)، وابن الأعرابي في المعجم (379)، وابن عدي في الكامل (3/ 131)، والدارقطني في الأفراد (1/ 177/ 775 - أطرافه)، والحاكم في المعرفة (182)، وأبو نعيم في تاريخ أصبهان (1/ 295)، والبيهقي (2/ 284)، والخطيب في الكفاية (248).
قال العقيلي: "عنطوانة عن الحسن: مجهول بالنقل، حديثه غير محفوظ، روى عنه الربيع بن بدر، والربيع: متروك".
وقال ابن عدي: "وهذا عن عنطوانة لا يرويه غير الربيع بن بدر، وعنطوانة: بصري، ولم ينسب".
وقال الدارقطني: "تفرد به الربيع بن بدر عن عنطوانة".
وقال البيهقي: "رواه جماعة عن الربيع بن بدر عن عنطوانة، والربيع بن بدر: ضعيف".
وضعفه أيضًا عبد الحق الإشبيلي في الأحكام الوسطى، وابن القطان في بيان الوهم (3/ 378/ 1121).
وقال الذهبي عن عنطوانة: "لا يُدرى من هذا، لكن تفرد به عنه: عُليلة بن بدر؛ واهٍ".
قلت: هذا حديث منكر باطل؛ الربيع بن بدر، ولقبه عُلَيلة: متروك، وقد تفرد به عن عنطوانة، وهو: مجهول، لم يروه عن الحسن البصري غير عنطوانة هذا، ولا يُعرف إلا به، كما قال العقيلي [الميزان (3/ 303)، اللسان (6/ 245)].
4 -
وروى بقية بن الوليد، قال: حدثني علي بن أبي علي القرشي، قال: حدثني ابن جريج، عن عطاء، عن ابن عباس، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام إلى الصلاة لم ينظر إلا إلى موضع سجوده.
أخرجه ابن عدي في الكامل (5/ 183).
قال ابن عدي: "علي بن أبي علي القرشي؛ يحدث عنه بقية: مجهول، ومنكر الحديث".
قلت: هو حديث باطل؛ لتفرد هذا المجهول به عن ابن جريج [اللسان (5/ 566)، علل ابن أبي حاتم (1/ 155/ 434)، وانظر شواهد الحديث رقم (653)].
5 -
وروى إبراهيم بن المنذر الحزامي [صدوق]: حدثنا خالي محمَّد بن إبراهيم بن المطلب بن السائب بن أبي وداعة السهمي [مجهول الحال. التهذيب (3/ 494)]، قال: حدثني موسى بن عبد الله بن أبي أمية المخزومي، قال: حدثني مصعب بن عبد الله، عن أم سلمة بنت أبي أمية زوج النبي صلى الله عليه وسلم؛ أنها قالت: كان الناس في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام المصلي يصلي لم يعدُ بصرُ أحدِهم موضع قدميه، فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكان الناس إذا قام أحدهم يصلي لم يعدُ بصرُ أحدِهم موضع جبينه، فتوفي أبو بكر وكان عمر، فكان
الناس إذا قام أحدهم يصلي لم يعدُ بصرُ أحدِهم موضع القبلة، وكان عثمان بن عفان فكانت الفتنة، فتلفَّت الناس يمينًا وشمالًا.
أخرجه ابن ماجه (1634)، قال: حدثنا إبراهيم بن المنذر به.
• هكذا رواه ابن ماجه [وهو: الإِمام الحافظ، الثقة الحجة]، وخالفه في إسناده: عبد الله بن الصقر السكري [ثقة. سؤالات الحاكم (127)، تاريخ بغداد (9/ 482)، السير (14/ 173)]، ومسعدة بن سعد [ابن مسعدة العطار، أبو القاسم المكي: روى عنه جماعة من الأئمة المصنفين، مثل: أبي عوانة، والعقيلي، والطبراني، وأكثر عنه، وهو مشهور بالرواية عن سعيد بن منصور وإبراهيم بن المنذر الحزامي، وأكثر عنه، ولم يُذكر بجرح. تسمية من روى عن سعيد بن منصور (13)، تاريخ الإِسلام (21/ 306)]:
روياه عن إبراهيم بن المنذر الحزامي، قال: حدثني خالي محمَّد بن إبراهيم بن المطلب بن السائب بن أبي وداعة السهمي، قال: حدثني عبد الله بن موسى بن عبد الله بن أبي أمية المخزومي، قال: حدثني عمي مصعب بن عبد الله به.
أخرجه الطبراني في الأوسط (4/ 369/ 4456) و (9/ 49/ 9104).
قال الطبراني: "لا يُروى عن أم سلمة إلا بهذا الإسناد، تفرد به: إبراهيم بن المنذر".
وقال المنذري في الترغيب (1/ 210): "رواه ابن ماجه بإسناد حسن؛ إلا أن موسى بن عبد الله بن أبي أمية المخزومي لم يخرج له من أصحاب الكتب الستة غير ابن ماجه، ولا يحضرني فيه جرح ولا تعديل، والله أعلم".
قلت: إسناد مجهول، وحديث منكر؛ مصعب بن عبد الله بن أبي أمية المخزومي: روى عنه ثلاثة فيهم جهالة، وقال العجلي:"مدني تابعي، ثقة"، وذكره ابن حبان في الثقات، وهما معروفان بتوثيق المجاهيل [انظر: التاريخ الكبير (7/ 354)، الجرح والتعديل (8/ 305)، معرفة الثقات (1733)، التهذيب (4/ 85)].
وموسى بن عبد الله بن أبي أمية المخزومي، أو: عبد الله بن موسى بن عبد الله بن أبي أمية المخزومي: مجهول، لا يُعرف إلا بهذا الحديث [إلا ما رواه عنه الواقدي، وهو متروك. انظر: التهذيب (4/ 179)، التقريب (617)، دلائل النبوة للبيهقي (3/ 57)].
ومحمد بن إبراهيم بن المطلب بن السائب بن أبي وداعة السهمي: مجهول الحال. [التهذيب (3/ 494)][وفي متنه نكارة ظاهرة، راجع السلسلة الضعيفة (1040)].
6 -
وروى أحمد بن عيسى بن زيد بن عبد الجبار بن مالك اللخمي التنيسي: ثنا عمرو بن أبي سلمة: ثنا زهير بن محمَّد المكي، عن موسى بن عقبة، عن سالم بن عبد الله؛ أن عائشة كانت تقول: عجبًا للمرء المسلم إذا دخل الكعبة؛ كيف يرفعُ بصرَه قِبَل السقف! يدع ذلك إجلالًا لله وإعظامًا، دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم الكعبة ما خلف بصرُه موضعَ سجوده حتى خرج منها.
أخرجه ابن خزيمة (4/ 332/ 3012)، والحاكم (1/ 479)، وعنه: البيهقي (5/ 158).
قال أبو حاتم: "هو حديث منكر". [العلل (1/ 298/ 895) (3/ 310 - ط. سعد الحميد)].
قلت: وهو كما قال؛ فإن عمرو بن أبي سلمة التنيسي الدمشقي: صدوق، منكر الحديث عن زهير بن محمَّد التميمي، قال أحمد بن حنبل:"روى عن زهير أحاديث بواطيل؛ كأنه سمعها من صدقة بن عبد الله، فغلط، فقلبها عن زهير". [التهذيب (3/ 275)، وانظر بعض مناكيره عن زهير: علل الترمذي (148)، علل ابن أبي حاتم (414 و 588 و 592 و 614 و 713 و 956 و 1710 و 2167 و 2375)، وما تقدم في السنن برقم (344 و 864)، وانظر: شرح علل الترمذي (2/ 777 و 822)].
والراوي عنه: أحمد بن عيسى الخشاب التنيسي: كذبه أبو زرعة الرازي ومسلمة وابن طاهر، وقال ابن حبان:"يروى عن المجاهيل الأشياء المناكير، وعن المشاهير الأشياء المقلوبة، لا يجوز عندي الاحتجاج بما انفرد من الأخبار"، وقال الدارقطني:"ليس بالقوي"[سؤالات البرذعي (2/ 676)، المجروحين (1/ 160 - ط. حمدي السلفي)، الكامل (1/ 191)، الضعفاء والمتروكون للدارقطني (73)، التهذيب (1/ 91)، الميزان (1/ 126)، اللسان (1/ 568)].
وبذا تعجب كيف ذهل الحاكم عن ذلك، فقال:"هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه".
• وانظر أيضًا فيما لا يصح: العلل ومعرفة الرجال (2/ 381/ 2701)، الضعفاء الكبير للعقيلي (1/ 255)، الكامل لابن عدي (2/ 372)، أطراف الغرائب والأفراد (3/ 369/ 2942)، مجمع الزوائد (2/ 82).
• ومما روي في مخالفة ذلك، ولا يصح أيضًا:
ما رواه يعلى بن عبيد: أخبرنا أبو بكر المدني، عن جابر بن عبد الله، قال: كنا نصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم المغرب، ونحن ننظر إلى السدف.
أخرجه عبد بن حميد (1128)، والبزار (572 - كشف الأستار).
وهذا إسناد ضعيف؛ أبو بكر المدني هو: الفضل بن مبشر، وهو: ضعيف؛ قال ابن عدي: "له عن جابر أحاديث دون العشرة، وعامتها مما لا يتابع عليه"[تاريخ ابن معين للدوري (3/ 189/ 844) و (3/ 246/ 1154)، التاريخ الكبير (7/ 114)، الجرح والتعديل (7/ 66)، التهذيب (3/ 395)].
والسدف: من الأضداد تقع على الضياء والظلمة، ويطلق على أول ضوء النهار، كوقت ما بين طلوع الفجر إلى أول الاسفار، ويطلق على أول ظلام الليل، ما بين غروب الشمس ودخول الظلام [غريب الحديث لابن قتيبة (2/ 492)، تهذيب اللغة (12/ 256)، النهاية (2/ 355)].
ولعل أصل هذا الحديث في ما جاء في التعجيل بالمغرب [انظر: الحديث المتقدم برقم (417)، وشواهده]، وليس في النظر في الصلاة، والله أعلم.
***
914 -
. . . سفيان بن عيينة، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة، قالت: صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في خَميصةٍ لها أعلامٌ، فقال:"شغلتني أعلامُ هذه، اذهبوا بها إلى أبي جَهم، وأتوني بأنبِجانِيَّتِه".
• حديث متفق على صحته.
أخرجه البخاري (752)، ومسلم (556/ 61)، وأبو عوانة (1/ 401/ 1470 و 1471)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (2/ 156/ 1217)، وأبو داود هنا في الصلاة (914)، وفي اللباس (4053)، والنسائي في المجتبى (2/ 72/ 771)، وفي الكبرى (1/ 295/ 558) و (1/ 415/ 849)، وابن ماجه (3550)، وابن خزيمة (2/ 63/ 928)، وابن حبان في الصلاة (17/ 177/ 22088 - إتحاف المهرة)، وأحمد (6/ 37)، والشافعي في السنن (193)، والحميدي (172)، وإسحاق بن راهويه (2/ 136/ 621)، والبيهقي في السنن (2/ 282 و 349)، وفي المعرفة (2/ 179/ 1148)، وابن عبد البر في التمهيد (17/ 391) و (20/ 109) و (22/ 314)، وأبو القاسم المهرواني في فوائده "المهروانيات"(117 و 157)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (38/ 179).
رواه عن ابن عيينة: الحميدي، والشافعي، وأحمد بن حنبل، وقتيبة بن سعيد، وعمرو بن محمَّد الناقد، وأبو خيثمة زهير بن حرب، وأبو بكر بن أبي شيبة، وأخوه عثمان بن أبي شيبة، وإسحاق بن راهويه، ومحمد بن منصور الجواز المكي، وعبد الله بن مسلمة القعنبي، وعلي بن حرب، وإبراهيم بن بشار، وعبد الجبار بن العلاء، وسعيد بن عبد الرحمن المخزومي، وإسحاق بن إسماعيل الأيلي، وغيرهم.
• تابع ابن عيينة عليه:
1 -
إبراهيم بن سعد، قال: حدثنا ابن شهاب، عن عروة، عن عائشة، أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في خميصة [له] لها أعلام، فنظر إلى أعلامها نظرةً، فلما انصرف قال:"اذهبوا بخميصتي هذه إلى أبي جهم، وأتوني بأنبجانية أبي جهم، فإنها ألهتني آنفًا عن صلاتي".
أخرجه البخاري (373 و 5817)، وأبو داود (4052)، وابن سعد في الطبقات (1/ 457)، وأبو يعلى (7/ 386/ 4414)، والبيهقي (2/ 423)، والبغوي في شرح السُّنَّة (2/ 432/ 523) و (3/ 256/ 738).
تنبيه: وقع عند البخاري في اللباس (5817) في آخر الحديث: "وائتوني بأنبجانية أبي جهم" ابن حذيفة بن غانم، من بني عدي بن كعب"، قال ابن حجر في الفتح (10/ 278): "وبقية نسبه مدرج في الخبر من كلام ابن شهاب".
2 -
ورواه يونس بن يزيد، عن ابن شهاب، قال: أخبرني عروة بن الزبير، عن عائشة، قالت: قام رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي في خميصة ذات أعلام، فنظر إلى علمها، فلما قضى صلاته، قال:"اذهبوا بهذه الخميصة إلى أبي جهم بن حذيفة، وائتوني بأنبجانِيِّه، فإنها ألهتي آنفًا في صلاتي".
أخرجه مسلم (556/ 62)، وأبو عوانة (1/ 401/ 1473)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (2/ 156/ 1218)، وابن حبان (6/ 106/ 2337).
3 -
ورواه معمر بن راشد، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة، قالت: صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في خميصةٍ ذات عَلَم، فلما قضى صلاته قال:"اذهبوا بهذه الخميصة إلى أبي جهم بن حذيفة، وائتوني بأنبجانيِّه، فإنها قد ألهتني آنفًا عن صلاتي".
أخرجه عبد الرزاق (1/ 357/ 1389)، ومن طريقه: أحمد (6/ 199)، وإسحاق بن راهويه (2/ 137/ 622)، وأبو عوانة (1/ 401/ 1472)، وابن المنذر في الأوسط (3/ 268/ 1638)، وأبو نعيم في معرفة الصحابة (5/ 2851/ 6718)، وفي الأربعين الصوفية (8).
4 -
ورواه محمَّد بن أبي حفصة [صدوق يخطئ، ضعفه ابن معين في الزهري. التقريب (530)، شرح العلل (2/ 673 و 676)]: نا ابن شهاب، عن عروة، عن عائشة، قالت: صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في خميصة لها أعلام، فلما قضى صلاته قال:"ألهتني هذه الأعلام، اذهبوا بها إلى أبي جهم، وائتوني بمنبجاني".
أخرجه إسحاق بن راهويه (2/ 346/ 874).
• الأنبجانية: بكسر الهمزة وفتحها، وبكسر الباء وفتحها، وبتخفيف الياء وتشديدها، وهي كساء غليظ من الصوف له خمل وليس له علم، والخميصة: كساء مربع رقيق من صوف، وقيل: كساء رفيع يلبسه أشراف العرب، وقد يكون له علم، وقد لا يكون، وقد يكون أبيض وأحمر وأسود وأصفر. [انظر: أعلام الحديث (1/ 356)، معالم السنن (1/ 187)، التمهيد (20/ 110)، مشارق الأنوار (1/ 40)، غريب الحديث لابن الجوزي (1/ 43)، النهاية (1/ 73)، شرح مسلم للنووي (5/ 43)، الفتح لابن رجب (2/ 204)].
قال ابن بطال: "إنما طلب منه ثوبًا غيرها ليعلمه أنه لم يرد عليه هديته استخفافًا به"[الفتح (1/ 483)].
وقال ابن رجب: "وإنما خص بها أبا جهم بن حذيفة؛ لأنه كان أهداها إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فردها إليه، وطلب منه عوضًا عنها كساء له غليظًا؛ تطييبًا لقلبه، حتى لا يحصل له انكسار برد هديته عليه، ولذلك أعلمه بسبب الرد". [الفتح لابن رجب (2/ 204)].
قلت: ويأتي بيان ذلك في رواية علقمة عن أمه عن عائشة.
***
915 -
قال أبو داود: حدثنا عبيد الله بن معاذ: حدثنا أبي: حدثنا عبد الرحمن -يعني: ابن أبي الزناد-، قال: سمعت هشامًا، يحدث عن أبيه، عن عائشة، بهذا الخبر، قال: وأخذ كُرديًّا كان لأبي يهم، فقيل: يا رسول الله! الخميصةُ كانت خيرًا من الكُرديِّ.
• حديث شاذ بتسمية الأنبجانية كرديًّا، وأصله صحيح من حديث هشام عند مسلم.
لم أقف على من أخرجه من طريق ابن أبي الزناد عن هشام، وابن أبي الزناد وإن كان صدوقًا ثبتًا في هشام بن عروة؛ إلا أن له أوهامًا كثيرة، وحديثه بالمدينة: صحيح، وما حدث ببغداد أفسده البغداديون؛ إلا ما كان من رواية سليمان بن داود الهاشمي؛ فأحاديثه عنه حسان، وليس هذا من الأول ولا الأخير؛ فإن راويه عنه هنا هو معاذ بن معاذ العنبري البصري [انظر ما تقدم تحت الحديث رقم (148 و 744)].
وقد انفرد في هذا الحديث بتسمية أنبجانية أبي جهم كرديًّا، وقد سماها أصحاب هشام أنبجانية، وهكذا قال الزهري عن عروة [كما تقدم فيما اتفق عليه الشيخان].
• فقد رواه وكيع بن الجراح، ومالك بن أنس، وسفيان بن عيينة، وأبو معاوية محمَّد بن خازم الضرير [وهم ثقات]:
عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم كانت له خميصة لها عَلَم، فكان يتشاغل بها في الصلاة، فأعطاها أبا جهم، وأخذ كساءً له أنبجانيًا. لفظ وكيع [عند مسلم وغيره].
وفي رواية البخاري المعلقة؛ قال البخاري: وقال هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، قال النبي صلى الله عليه وسلم:"كنت أنظر إلى عَلَمها وأنا في الصلاة، فأخاف أن تفتنني".
ولفظ مالك [عند أبي عوانة]: أن النبي صلى الله عليه وسلم لبس خميصةً لها علم، ثم أعطاها أبا جهم، وأخذ من أبي جهم إنبجانية له، فقال: يا رسول الله! ولم؟ قال: "إني رأيت علمها في الصلاة".
ولفظ أبي معاوية: كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم خميصة لها أعلام، فأعطاها أبا جهم، وأخذ منه أنبجانية، فقالوا: يا رسول الله! إن الخميصة خير من الأنبجانية؟ قال: "إني كنت أنظر إلى عَلَمها في الصلاة". وفي رواية: "إنها تلهيني عن صلاتي" أو قال: "تشغلني".
أخرجه مسلم (556/ 63)، وأبو عوانة (1/ 402/ 1474 و 1475)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (2/ 156/ 1219)، وابن خزيمة (2/ 64/ 929)، وأحمد (6/ 46 و 208)، وإسحاق بن راهويه (2/ 137/ 623) و (2/ 345/ 873)، والبيهقي في السنن (2/ 282)، وفي الأربعين (17)، وابن عبد البر في التمهيد (22/ 314)، وأبو القاسم المهرواني في فوائده "المهروانيات"(157)، وعلقه البخاري بعد الحديث رقم (373) بصيغة الجزم.
• هكذا رواه عن مالك موصولًا: معن بن عيسى [وهو ثقة ثبت، من أثبت أصحاب مالك]، وخالفه رواة الموطأ فأرسلوه، قال ابن عبد البر في التمهيد (22/ 314):"وهذا أيضًا مرسل عند جميع الرواة عن مالك؛ إلا معن بن عيسى، فإنه رواه عن مالك عن هشام عن أبيه عن عائشة مسندًا، وكذلك يرويه جماعة أصحاب هشام عن هشام مسندًا عن أبيه عن عائشة".
رواه مالك، عن هشام بن عروة، عن أبيه؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لبس خميصةً لها علم،
…
فذكره مثله.
أخرجه مالك في الموطأ (1/ 153/ 260 - رواية يحيى الليثي) و (485 - رواية أبي مصعب الزهري) و (265 - رواية القعنبي) و (155 م- رواية الحدثاني).
وانظر: الطبقات الكبرى لابن سعد (1/ 457).
وإرسال مالك له لا يُعل الموصول، فقد وصله جماعة من الثقات الحفاظ من أصحاب هشام، والزيادة منهم مقبولة، وهو حديث صحيح، صححه مسلم وأبو عوانة وابن خزيمة، ووصله مالك من وجه آخر:
• فقد رواه مالك، عن علقمة بن أبي علقمة، عنٍ أمه، أن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: أهدى أبو يهم بن حذيفة لرسول الله صلى الله عليه وسلم خميصةً شاميةً، لها علمٌ، فشهد فيها الصلاة، فلما انصرف قال:"رُدِّي هذه الخميصة إلى أبي جهم، فإني نظرت إلى علمها في الصلاة فكاد يفتِنُني".
أخرجه مالك في الموطأ (1/ 153/ 259 - رواية يحيى الليثي) و (484 - رواية أبي مصعب الزهري) و (264 - رواية القعنبي) و (404 - رواية ابن القاسم بتلخيص القابسي) و (155 - رواية الحدثاني)[لكن سقط من رواية يحيى: "عن أمه"، وهو وهم من يحيى نفسه].
ومن طريق مالك أخرجه: ابن حبان (6/ 107/ 2338)، وأحمد (6/ 177)، والشافعي في السنن (193 م)، وإسحاق بن راهويه (2/ 456/ 1027)، وابن سعد في الطبقات (1/ 457) [ووقع عنده: عن أبيه، وهو خطأ]، وابن نصر المروزي في قيام رمضان (34 - مختصره)، والجوهري في مسند الموطأ (612)، والبيهقي في السنن (2/ 349)، وفي المعرفة (2/ 180/ 1149).
قال ابن عبد البر في التمهيد (20/ 108): "هكذا قال يحيى عن مالك في إسناد هذا الحديث: عن علقمة بن أبي علقمة أن عائشة، ولم يتابعه على ذلك أحد من الرواة، وكلهم رواه عن مالك في الموطأ: عن علقمة بن أبي علقمة عن أمه عن عائشة، وسقط ليحيى عن أمه، وهو مما عُدَّ عليه، والحديث صحيح متصل لمالك عن علقمة بن أبي علقمة عن أمه عن عائشة، كذلك رواه جماعة أصحاب مالك عنه".
قلت: هو حديث صحيح، إسناده مدني صحيح، وأم علقمة هي مرجانة، مولاة
لعائشة، سمعت منها، وروت عنها أحاديث صالحة، روى عنها ابنها علقمة وبكير بن الأشج، واحتج بها مالك في موطئه في مواضع عدة، وهو الحجة في أهل المدينة، وإدخاله لها في موطئه توثيق لها [كما سبق أن قررناه مرارًا، وراجع مثلًا: الأحاديث المتقدمة برقم (75 و 83 و 383 و 623 و 812 و 827)]، وعلق لها البخاري في صحيحه بصيغة الجزم في باب الحجامة والقيء للصائم، قبل الحديث رقم (1938)، وعلق لها أيضًا بصيغة الجزم: في باب إقبال المحيض من كتاب الحيض، قبل الحديث رقم (320)، وفي باب الاغتسال للمحرم من كتاب جزاء الصيد، قبل الحديث رقم (1840)، وأخرج لها في جزء رفع اليدين (155) وصحح حديثها في جملة أحاديث في رفع اليدين في غير الصلاة، فقال البخاري (164):"هذه الأحاديث كلها صحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، لا يخالف بعضها بعضًا، وليس فيها تضاد؛ لأنها في مواطن مختلفة"، وقال العجلي:"مدنية تابعية ثقة"، وذكرها ابن حبان في ثقات التابعين، وأخرج لها أبو داود والنسائي والترمذي، وصحح لها، وصحح لها أيضًا: ابن خزيمة وابن حبان والحاكم [طبقات ابن سعد (8/ 490)، معرفة الثقات (2364)، جامع الترمذي (876)، صحيح ابن خزيمة (3018 و 3079)، صحيح ابن حبان (2338 و 3748)، الثقات (5/ 466)، المستدرك (1/ 484 و 488) و (2/ 12 و 158) و (3/ 476)، الميزان (4/ 610 و 613)، التغليق (2/ 177) و (3/ 131)، التهذيب (4/ 688 و 699)].
قال ابن حجر في التغليق (2/ 217): "ففي هذه السياقة وجه تخصيص أبي جهم بإعطاء الخميصة، وهي فائدة جليلة".
• وقد صحت أحاديث في رفع البصر عند الحاجة، وعدم تقييده بموضع السجود، ومن ذلك مثلًا:
1 -
حديث خباب بن الأرت:
رواه الأعمش، عن عُمارة بن عُمير، عن أبي مَعْمر، قال: قلنا: لخبَّاب: هل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في الظهر والعصر؟ قال: نعم، قلنا بم كنتم تعرفون ذاك؟ قال: باضطراب لحيته صلى الله عليه وسلم.
أخرجه البخاري (746 و 760 و 761 و 777)، وتقدم برقم (801).
وفيه دليل على أن الصحابة كانوا يرفعون أبصارهم إلى النبي صلى الله عليه وسلم ليقتدوا به في صلاته.
2 -
حديث البراء بن عازب:
رواه أبو إسحاق، قال: سمعت عبد الله بن يزيد الخطمي يخطب الناس، قال: حدثنا البراء -وهو غير كذوب-: كنا نصلي خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإذا قال:"سمع الله لمن حمده"، لم يحنِ أحدٌ منا ظهره حتى يضع النبي صلى الله عليه وسلم جبهته إلى الأرض، فإذا وضع جبهته إلى الأرض خررنا سجودًا.
وفي رواية: أنهم كانوا إذا رفعوا رؤوسهم من الركوع مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قاموا قيامًا، فإذا رأوه قد سجد سجدوا.
وهو حديث متفق عليه [أخرجه البخاري (690 و 747 و 811)، ومسلم (474)]، تقدم برقم (620).
وفيه دليل على أنهم كانوا يرقبون النبي صلى الله عليه وسلم بأبصارهم حتى يرونه قد سجد واستتم ساجدًا، ثم يسجدون.
3 -
حديث ابن عباس:
رواه مالك، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، قال: خسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فصلى، قالوا: يا رسول الله، رأيناك تناولت شيئًا في مقامك، ثم رأيناك تكعكعت، قال:"إني أريت الجنة، فتناولت منها عنقودًا، ولو أخذته لأكلتم منه ما بقيت الدنيا".
وهو حديث متفق عليه [أخرجه البخاري (748 و 1052 و 5197)، ومسلم (907)]، ويأتي تخريجه في السنن برقم (1189) إن شاء الله تعالى.
وفيه دليل أن النبي صلى الله عليه وسلم تعدى نظره موضع سجوده لكي يتناول هذا العنقود، ومثله:
4 -
حديث أنس بن مالك:
رواه فليح بن سليمان: حدثنا هلال بن علي، عن أنس بن مالك، قال: صلى لنا النبي صلى الله عليه وسلم ثم رقى المنبر، فأشار بيديه قبل قبلة المسجد، ثم قال:"لقد رأيت الآن منذ صليت لكم الصلاة؛ الجنةَ والنارَ ممثلتين في قبلة هذا الجدار، فلم أر كاليوم في الخير والشر"، ثلاثًا.
أخرجه البخاري (749 و 6468)، وأحمد (3/ 259).
5 -
حديث ابن عمر:
رواه مالك، وعبيد الله بن عمر، والليث بن سعد، وموسى بن عقبة، وصخر بن جويرية، وجويرية بن أسماء، وعبد الله بن سعيد بن أبي هند، والضحاك بن عثمان:
عن نافع عن ابن عمر، بألفاظ متقاربة، ولفظ الليث: أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم نخامةً في قبلة المسجد، وهو يصلي بين يدي الناس، فحتها، ثم قال حين انصرف:"إن أحدكم إذا كان في الصلاة، فإن الله قِبَل وجهه؛ فلا يتنخمنَّ أحدٌ قِبَل وجهه في الصلاة".
أخرجه البخاري (406 و 753 و 6111)، ومسلم (547/ 50 و 51)، واللفظ للبخاري، وتقدم تخريجه موسعًا بألفاظه وطرقه، راجع: الأحاديث رقم (479 - 485).
6 -
حديث أنس:
رواه عبد الوارث بن سعيد، قال: حدثنا عبد العزيز بن صهيب، عن أنس، قال: كان قِرامٌ لعائشة [قد] سترت به جانب بيتها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"أميطي عنا قرامك هذا، فإنه لا تزال تصاويرُه تعرِض [لي] في صلاتي".