المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌171 - باب تشميت العاطس في الصلاة - فضل الرحيم الودود تخريج سنن أبي داود - جـ ١٠

[ياسر فتحي]

فهرس الكتاب

- ‌159 - باب الرخصة في ذلك للضرورة

- ‌160 - باب التخصُّر والإقعاء

- ‌161 - باب البكاء في الصلاة

- ‌162 - باب كراهية الوسوسة وحديث النفس في الصلاة

- ‌163 - باب الفتح على الإِمام في الصلاة

- ‌164 - باب النهي عن التلقين

- ‌165 - باب الالتفات في الصلاة

- ‌166 - باب السجود على الأنف

- ‌167 - باب النظر في الصلاة

- ‌168 - باب الرخصة في ذلك

- ‌169 - باب العمل في الصلاة

- ‌170 - باب ردِّ السلام في الصلاة

- ‌171 - باب تشميت العاطس في الصلاة

- ‌172 - باب التأمين وراء الإمام

- ‌173 - باب التصفيق في الصلاة

- ‌174 - باب الإشارة في الصلاة

- ‌175 - باب في مسح الحصى في الصلاة

- ‌176 - باب الرجل يصلي مختصرًا

- ‌177 - باب الرجل يعتمد في الصلاة على عصا

- ‌178 - باب النهي عن الكلام في الصلاة

- ‌179 - باب في صلاة القاعد

- ‌180 - باب كيف الجلوس في التشهد

- ‌181 - باب من ذكر التورُّك في الرابعة

- ‌182 - باب التشهد

- ‌183 - باب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بعد التشهد

- ‌(11/ 164).***184 -باب ما يقول بعد التشهد

- ‌185 - باب إخفاء التشهد

- ‌186 - باب الإشارة في التشهد

- ‌187 - باب كراهية الاعتماد على اليد في الصلاة

- ‌188 - باب في تخفيف القعود

- ‌189 - باب في السلام

الفصل: ‌171 - باب تشميت العاطس في الصلاة

وقال أبو زرعة: "ليس في شيء من الأحاديث هذا الكلام، وليس عندي بذاك الصحيح، إنما رواه ابن إسحاق،

، واحتمل أن يكون أراد إشارته في غير جنس الصلاة". [العلل (1/ 75/ 199)].

وقال إسحاق بن إبراهيم بن هانئ: "سئل أحمد عن حديث: "من أشار في صلاته إشارة تفهم عنه فليعد الصلاة"؟ فقال: لا يثبت هذا الحديث، إسناده ليس بشيء"[مسائل ابن هانئ (2038)، الفتح لابن رجب (6/ 530)].

وقال الأثرم: "ليس بقوي الإسناد"[ناسخ الحديث ومنسوخه (40)، الفتح لابن رجب (6/ 531)].

وقال البيهقي في المعرفة (2/ 112/ 1034): "لا يصح".

وقال الجوزقاني: "هذا حديث منكر،

، وأبو غطفان هذا: رجل مجهول".

وقال ابن قدامة في المغني (1/ 376): "ضعيف، يرويه أبو غطفان وهو: مجهول، فلا يعارض به الأحاديث الصحيحة".

وقال ابن القيم في الزاد (1/ 267): "حديث باطل".

وقال العراقي: "حديث ضعيف". [طرح التثريب (2/ 220)].

وانظر أيضًا: بيان الوهم والإيهام (5/ 317/ 2495)، المجموع (4/ 115).

ويأتي تخريجه قريبًا في السنن برقم (944)، إن شاء الله تعالى.

***

‌171 - باب تشميت العاطس في الصلاة

930 -

قال أبو داود: حدثنا مسدد: حدثنا يحيى، (ح)، وحدثنا عثمان بن أبي شيبة: حدثنا إسماعيل بن إبراهيم -المعنى-، عن حجاج الصوَّاف: حدثني يحيى بن أبي كثير، عن هلال بن أبي ميمونة، عن عطاء بن يسار، عن معاويةَ بن الحكم السُّلَمي، قال: صليتُ مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فعطس رجلٌ من القوم، فقلتُ: يرحمك الله، فرماني القومُ بأبصارِهم، فقلتُ: واثُكْلَ أُمِّياه! ما شأنكم تنظرون إليَّ؟ فجعلوا يضربون بأيديهم على أفخاذهم، فعرفتُ أنهم يُصَمِّتوني -قال عثمان: فلما رأيتهم يُسكِّتوني-، لكني سكتُّ، قال: فلما صلى رسول اللّه صلى الله عليه وسلم -بأبي وأمي- ما ضربني، ولا كَهَرني، ولا سبَّني، ثم قال:"إن هذه الصلاة لا يحلُّ فيها شيءٌ من كلام الناس هذا، إنما هو التسبيح والتكبير وقراءة القرآن"، أو كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم.

قلت: يا رسول الله! إنا قومٌ حديثُ عهدٍ بجاهليةٍ، وقد جاءنا الله بالإسلام، ومنا رجالٌ يأتون الكُهَّانَ، قال:"فلا تأتهم".

ص: 150

قال: قلت: ومنا رجالٌ يتطيَّرون، قال:"ذاك شيءٌ يجدونه في صدورهم، فلا يصُدُّهم".

قلت: ومنا رجالٌ يخُطُّون، قال:"كان نبيٌّ من الأنبياء يخطُّ، فمن وافق خطَّه فذاك".

قال: قلت: جاريةٌ لي كانت ترعى غُنيماتٍ قِبَل أُحُدٍ والجَوَّانيَّةِ، إذ اطَّلعتُ عليها اطِّلاعةً، فإذا الذئبُ قد ذهب بشاةٍ منها، وأنا من بني آدم، آسَفُ كما يأسَفون، لكني صكَكْتها صكَّةً، فعظَّم ذاك عليَّ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، فقلتُ: أفلا أُعتِقُها؟ قال: "ائتني بها"، قال: فجئتُه بها، فقال:"أين الله؟ "، قالت: في السماء، قال:"من أنا؟ " قالت: أنتَ رسولُ الله، قال:"أعتقها فإنها مؤمنة".

• حديث صحيح.

• وأخرجه أبو داود أيضًا عن مسدد به، في كتاب الأيمان والنذور، باب في الرقبة المؤمنة، برقم (3282)، بقصة الجارية فقط.

وفي كتاب الطب، باب في الخط وزجر الطير، برقم (3909)، بقصة الخط فقط.

• وأخرجه من طريق يحيى بن سعيد القطان:

البخاري في القراءة خلف الإمام (76) مطولًا. والنسائي في الكبرى (8/ 9/ 8535) مختصرًا بقصة الجارية. والدارمي (1/ 422/ 1503)، وأبو عوانة (1/ 466/ 1728) و (13/ 323/ 16787 - إتحاف)، وابن خزيمة في الصحيح (2/ 35/ 859)، وفي التوحيد (1/ 282/ 179)، وابن حبان (6/ 24/ 2248)، وأحمد (5/ 448) مطولًا. وأبو إسحاق الحربي في غريب الحديث (2/ 720)[وفي سنده قلب، إما من النساخ، أو سبق قلم]، وابن قانع في المعجم (3/ 73)، والطبراني في الكبير (19/ 398 و 400 و 402/ 938 و 943 و 947)، والبغوي في شرح السنة (3/ 237 - 238/ 726)، وأبو القاسم الأصبهاني في الحجة (1/ 241/ 90) و (2/ 174/ 114).

قال ابن خزيمة: "الحجاج هذا هو: الحجاج بن أبي عثمان الصواف، سمعت محمد بن يحيى يقول: الحجاج متين، يريد أنه: حافظ متقن".

وهذا حديث صحيح.

• وأخرجه من طريق إسماعيل بن إبراهيم ابن علية:

مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة (537/ 33)(1/ 243) مطولًا بتمامه. وفي كتاب السلام (537/ 121)(2/ 1061) مختصرًا بقصة الكهان والطيرة والخط. وأبو عوانة (1/ 466/ 1728)، وأبو نعيم في المستخرج (2/ 137/ 1183)، والدارمي (1/ 422/ 1503)،

ص: 151

وابن خزيمة (2/ 35/ 859)، وابن الجارود (212)، وأحمد (5/ 447)، وأبو عبيد القاسم بن سلام في غريب الحديث (3/ 113)، وابن أبي شيبة في المصنف (2/ 192/ 8020) و (5/ 41/ 23524) و (6/ 162/ 30342)، وفي المسند (825)، وفي الإيمان (84)، وعثمان بن سعيد الدارمي في الرد على الجهمية (61)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (3/ 83/ 1399)، وفي السنة (490)، وأبو العباس السراج في حديثه بانتقاء الشحامي (982)، والمحاملي في الأمالي (319 - رواية ابن مهدي الفارسي)، واللالكائي في أصول الاعتقاد (1/ 381/ 576)، وابن حزم في المحلى (3/ 149) و (4/ 4 و 164)، والبيهقي (2/ 360)، وأبو القاسم الأصبهاني في الحجة (2/ 174/ 114).

وزاد في رواية مسلم وأحمد وغيرهما: فبأبي هو وأمي! ما رأيت معلمًا قبله ولا بعده أحسنَ تعليمًا منه، فوالله! ما كَهَرني ولا ضربني ولا شتمني.

• وأخرجه من طريق حجاج بن أبي عثمان الصواف أيضًا:

ابن حبان (1/ 383/ 165)، وأبو القاسم الأصبهاني في الحجة (1/ 241/ 90).

من طريق ابن أبي عدي عن حجاج به.

وهو حديث صحيح.

• وقد تابع حجاجًا عليه جماعة من أصحاب يحيى بن أبي كثير، منهم:

1 -

الأوزاعي، قال: حدثني يحيى بن أبي كثير، عن هلال بن أبي ميمونة، قال: حدثني عطاء بن يسار، عن معاوية بن الحكم السلمي، قال: قلت: يا رسول الله! إنا حديث عهد بجاهلية فجاء الله بالإسلام، وإن رجالًا منا يتطيرون، قال:"ذاك شيء يجدونه في صدورهم، فلا يصدنهم".

ورجال منا يأتون الكهان، قال:"فلا تأتوهم".

قال: يا رسول الله! ورجال منا يخطُّون، قال:"كان نبي من الأنبياء يخطُّ، فمن وافق خطَّه، فذاك".

قال: وبينا أنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصلاة إذ عطس رجل من القوم، فقلت: يرحمك الله، فحدَّقني القوم بأبصارهم، فقلت: واثُكلَ أمِّياه، ما لكم تنظرون إليَّ؟ قال: فضرب القوم بأيديهم على أفخاذهم، فلما رأيتهم يسكتوني، لكني سكتُّ، فلما انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم دعاني -بأبي وأمي هو- ما ضربني، ولا كهرني، ولا سبني، ما رأيت معلمًا قبله ولا بعده أحسنَ تعليمًا منه، قال:"إن صلاتنا هذه لا يصلح فيها شيءٌ من كلام الناس، إنما هو التسبيح والتكبير، وتلاوة القرآن".

قال: ثم اطَّلعت إلى غُنيمة لي ترعاها جاريةٌ لي في قبل أحد والجوَّانية، وإني اطَّلعت فوجدت الذئب قد ذهب منها بشاة، وأنا رجل من بني آدم آسف كما يأسفون، فصككتها صكةً، ثم انصرفت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخبرته، فعظَّم ذلك عليَّ، فقلت: يا رسول الله! أفلا أعتقها؟ قال: "ادعُها"، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أين الله عز وجل؟ "، قالت: في السماء،

ص: 152

قال: "فمن أنا؟ " قالت: أنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال:"إنها مؤمنة؟ فأعتقها".

أخرجه مطولًا أو بطرف منه: مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة (537/ 33)(1/ 243)، وفي كتاب السلام (537/ 121)(2/ 1061) مختصرًا بقصة الكهان والطيرة والخط. والبخاري في خلق أفعال العباد (193)، وأبو عوانة (1/ 465/ 1727) و (13/ 323/ 16787 - إتحاف)، وأبو نعيم في المستخرج (2/ 138/ 1184)، والنسائي في المجتبى (3/ 14 - 18/ 1218)، واللفظ له. وفي الكبرى (1/ 297/ 561) و (2/ 43/ 1142)، والدارمي (1/ 422/ 1502)، وابن خزيمة في الصحيح (2/ 35/ 859)، وفي التوحيد (1/ 279/ 178)، وابن حبان (6/ 22/ 2247)، وابن أبي خيثمة في التاريخ الكبير (1/ 546/ 2240 - السفر الثاني)، وأبو العباس السراج في حديثه بانتقاء الشحامي (946)، وابن المنذر في الأوسط (3/ 230/ 1568)، وفي الإقناع (1/ 100/ 20)، والطحاوي في شرح المعاني (1/ 446)، وفي المشكل (12/ 525/ 4993 و 4994) و (13/ 367 و 368/ 5332 و 5333)، وفي أحكام القرآن (1/ 214/ 401)، وأبو العباس الأصم في الثاني من حديثه (39 - برواية أبي بكر الطوسي)، وابن قانع في المعجم (3/ 73)، والطبراني في الكبير (19/ 398 و 399 و 401/ 937 و 941 و 945)، والجوهري في مسند الموطأ (737 م)، وابن منده في التوحيد (3/ 247/ 843)، وفي الإيمان (1/ 230/ 91)، وأبو نعيم في معرفة الصحابة (5/ 2500/ 6069)، والبيهقي في السنن (2/ 249 و 250) و (8/ 138) و (10/ 57)، وفي المعرفة (2/ 106/ 1018)، وفي الأسماء والصفات (989)، وفي القراءة خلف الإمام (177 و 291)، وابن عبد البر في التمهيد (7/ 134 - 135) و (22/ 80)، والخطيب في الفقيه والمتفقه (2/ 285)، وأبو القاسم الأصبهاني في الحجة (2/ 100 - 101/ 56)، وفي الترغيب والترهيب (1/ 64/ 9)، والجوزقاني في الأباطيل والمناكير (2/ 390/ 735)، وقال:"حديث صحيح".

رواه عن الأوزاعي: الوليد بن مسلم، والوليد بن مزيد، وعبد الله بن المبارك، وبشر بن بكر التنيسي، ومبشر بن إسماعيل الحلبي، ومحمد بن يوسف الفريابي، وعيسى بن يونس، وأبو المغيرة عبد القدوس بن الحجاج، وعقبة بن علقمة المعافري البيروتي، ومحمد بن حمير السليحي، ومحمد بن كثير الصنعاني [وهم ثقات في الجملة]، ويحيى بن عبد الله البابلتي [ضعيف].

2 -

همام بن يحيى، قال: سمعت يحيى بن أبي كثير، عن هلال بن أبي ميمونة؛ أن عطاء بن يسار حدثه؛ أن معاوية بن الحكم حدثه بثلاثة أحاديث، حفظها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فقلت: يا رسول الله! إنا قومٌ حديثُ عهدٍ بجاهلية، وإن الله عز وجل قد جاء بالإسلام، وإن منا رجالًا يخطُّون، قال:"قد كان نبي من الأنبياء يخطُّ، فمن وافق خطَّه، فذاك".

قال: قلت: إن منا رجالًا يتطيرون، قال:"ذاك شيء يجدونه في صدورهم، فلا يصدَّنَّكم".

ص: 153

قال: قلت: إن منا رجالًا يأتون الكهان، قال:"فلا تأتوهم". قال: فهذا حديث.

قال: وكانت لي غنم فيها جارية لي ترعاها في قبل أحد والجوَّانية، فاطَّلعت عليها ذات يوم، فوجدت الذئب قد ذهب منها بشاة، فأسفت، وأنا رجل من بني آدم آسف كما يأسفون، فصككتها صكةً، فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت: إنها كانت لي غنم، وكانت لي فيها جارية ترعاها في قبل أحد والجوَّانية، وإني اطَّلعت عليها ذات يوم، فوجدت الذئب قد ذهب منها بشاة، فأسفت، وأنا رجل من بني آدم آسف مثل ما يأسفون، وإني صككتها صكةً، قال: فعظَّم ذلك عليَّ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، قال: قلت: يا رسول الله! أفلا أعتقها؟ قال: "ادعُها"، فدعوتها، فقال لها:"أين الله؟ "، قالت: الله في السماء، قال:"من أنا؟ "، قالت: أنت رسول الله، قال:"إنها مؤمنة فأعتقها". قال: هذان حديثان.

قال: وصليت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم فعطس رجل من القوم، فقلت: يرحمك الله، فرماني القوم بأبصارهم، فقلت: واثُكل أُمِّياه، ما شأنكم تنظرون إليَّ؟ قال: فضربوا بأيديهم على أفخاذهم، فلما رأيتهم يصمِّتوني سكتُّ، حتى صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فدعاني، قال: فبأبي وأمي ما رأيت معلمًا قبله ولا بعده أحسنَ تعليمًا منه، فما ضربني ولا كهرني ولا سبني، وقال:"إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس هذا، إنما هي التسبيح والتكبير وقراءة القرآن"، أو كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، هذه ثلاثة أحاديث حدثنيها.

أخرجه أبو عوانة (13/ 323/ 16787 - إتحاف)، وأحمد (5/ 448)(10/ 5673/ 24263 - ط. المكنز)، واللفظ له.

وهو حديث صحيح.

3 -

أبان بن يزيد العطار، قال: حدثني يحيى بن أبي كثير: حدثنا هلال بن أبي ميمونة، عن عطاء بن يسار، عن معاوية بن الحكم السلمي، حدث بهذا الحديث بنحوه، فزاد فيه: وقال: "إنما هي التسبيح والتكبير والتحميد وقراءة القرآن"، أو كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم.

أخرجه البخاري في القراءة خلف الإمام (75)، وأبو عوانة (1/ 465/ 1727) و (13/ 323/ 16787 - إتحاف)، وأحمد (5/ 448)(10/ 5675/ 24266 - ط. المكنز)، واللفظ له. والطيالسي (2/ 247/ 1201) مطولًا. وابن أبي خيثمة في التاريخ الكبير (1/ 545 و 546/ 2238 و 2239 - السفر الثاني)، وعثمان بن سعيد الدارمي في الرد على الجهمية (60)، وفي نقضه على المريسي (122)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (3/ 82/ 1398)، وفي السنة (489)، وابن الضريس في فضائل القرآن (11)، وابن قانع في المعجم (3/ 73)، والطبراني في الكبير (19/ 399 و 400 و 401/ 939 و 942 و 946)، وأبو الشيخ في أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم (1/ 415/ 151)، واللالكائي في أصول الاعتقاد (2/ 434/ 652)، والبيهقي في السنن (2/ 250)، وفي الأسماء والصفات (990)، وفي القراءة خلف الإمام (290).

ص: 154

وهو حديث صحيح.

4 -

7 علي بن المبارك، وحرب بن شداد، ومعمر بن راشد، وحسين بن ذكوان المعلم، وأيوب السختياني، وأيوب بن عتبة:

عن يحيى بن أبي كثير، عن هلال بن أبي ميمونة، عن عطاء بن يسار، قال: حدثنا معاوية بن الحكم، قال: قلت: يا رسول الله! منا رجال يتطيرون، قال:"ذاك شيء تجدونه في أنفسكم؛ فلا يصدَّنَّكم"، قال: قلت: ومنا رجال يأتون الكهان، قال:"فلا تأتوهم"، قال: قلت: ومنا رجال يخطُّون، قال:"خطُّ نبي، فمن وافق علمه علم". لفظ معمر، ومنهم من طوَّله، ومنهم من اختصره واقتصر على بعض أطرافه.

أخرجه أبو عوانة (13/ 323/ 16787 - إتحاف)، ومعمر في الجامع (10/ 403/ 19501 - المصنف)، والطيالسي (2/ 427/ 1201) مطولًا. وأبو القاسم البغوي في معجم الصحابة (4/ 428/ 3223 - ط. مبرة الآل)، وابن قانع في المعجم (3/ 73)، والطبراني في الكبير (19/ 399 و 401 و 402/ 940 و 944 و 948)، والبيهقي في السنن (2/ 250)، وفي الأسماء والصفات (990)، وفي القراءة خلف الإمام (290).

قال البيهقي: "هذا حديث صحيح".

• تنبيه: سقط من رواية أيوب السختياني عند الطبراني: عطاء بن يسار، قال الطبراني:"ولم يذكر أيوب في حديثه: عطاء بن يسار".

قلت: لعل الوهم فيه من بعض الرواة عنه؛ فقد رواه عنه: محمد بن عبد الرحمن الطفاوي [وهو: بصري، ليس به بأس، وله أوهام]، فلعل الوهم منه، وقد اختلف عليه:

أ- فرواه الحسن بن قزعة [صدوق]، قال: ثنا محمد بن عبد الرحمن الطفاوي: ثنا أيوب، عن يحيى بن أبي كثير، عن هلال بن أبي ميمونة، عن معاوية بن الحكم.

أخرجه الطبراني في الكبير (19/ 948).

ب- ورواه أبو الأشعث أحمد بن المقدام [ثقة]، قال: نا محمد بن عبد الرحمن الطفاوي، قال: نا أيوب، عن يحيى بن أبي كثير، عن هلال بن أبي ميمونة، عن عطاء بن يسار، عن معاوية بن الحكم.

أخرجه أبو القاسم البغوي في معجم الصحابة (4/ 428/ 3223 - ط. مبرة الآل).

وهذه الرواية هي الصواب، وهي الموافقة لرواية الجماعة.

وأما أيوب بن عتبة: فما حدث به باليمامة فإنه صحيح لأنه حدث به من كتابه، وكان كتابه من أصح الكتب، وما حدث به بالعراق فهو ضعيف، فإنه قدم العراق ليس معه كتب فحدث من حفظه، وكان لا يحفظ ولا يعرف صحيح حديثه من سقيمه؛ فوهم وغلط حتى كثرت المناكير في حديثه، فضعف لذلك، وبسبب هذا ضعفه الجمهور [التهذيب (1/ 206)، إكمال مغلطاي (2/ 338)، منهج النسائي في الجرح والتعديل (3/ 1212)، ما تقدم من الأحاديث برقم (293 و 855)]، وهذا الحديث قد رواه عنه من أهل العراق: أحمد بن عبد الله بن يونس [وهو: كوفي، ثقة حافظ].

ص: 155

• قال أبو القاسم البغوي: "روى هذا الحديث: حجاج بن أبي عثمان الصواف، وشيبان النحوي، وحرب بن شداد، وأبان العطار، وهمام بن يحيى، كلهم: عن يحيى بن أبي كثير، وزادوا في الحديث كلامًا كثيرًا ليس في حديث أيوب".

• وانظر أيضًا ما أخرجه: عبد الرزاق (2/ 331/ 3577) و (9/ 176/ 16816).

• وقوله: كهرني؛ أي: انتهرني، وعبس في وجهي [انظر: غريب الحديث لأبي عبيد (3/ 114)، النهاية (4/ 212)].

***

931 -

. . . عبد الملك بن عمرو: حدثنا فليح، عن هلال بن علي، عن عطاء بن يسار، عن معاوية بن الحكم السُّلَمي، قال: لما قدمتُ على رسول الله صلى الله عليه وسلم عُلِّمتُ أمورًا من أمور الإسلام، فكان فيما عُلِّمتُ أن قيل لي: إذا عطستَ فاحمدِ الله، وإذا عطس العاطس فحمدَ الله، فقل: يرحمكَ الله، قال: فبينما أنا قائمٌ مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصلاة، إذ عطس رجلٌ، فحمد الله، فقلت: يرحمك الله، رافعًا بها صوتي، فرماني الناس بأبصارهم حتى احتملني ذلك، فقلت: ما لكم تنظرون إليَّ بأعينٍ شُزْرٍ؟ قال: فسبَّحوا، فلما قضى النبي صلى الله عليه وسلم الصلاة، قال:"مَن المتكلِّم؟ " قيل: هذا الأعرابي، فدعاني رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال لي:"إنما الصلاة لقراءة القرآن، وذكر الله، فإذا كنتَ فيها فليكن ذلك شأنَك"، فما رأيت معلمًا قطُّ أرفقَ من رسول الله صلى الله عليه وسلم.

• حديث شاذ بهذا السياق.

أخرجه الطحاوي (1/ 446)، والبيهقي في السنن (2/ 249)، وفي القراءة خلف الإمام (292).

رواه عن أبي عامر العقدي عبد الملك بن عمرو [وهو: ثقة]: محمد بن يونس النسائي [روى عنه أبو داود وحده، وقال: ثقة، وقال الذهبي: لا يكاد يُعرف. التهذيب (3/ 743)، الميزان (4/ 74)]، وابن مرزوق [وهو: إبراهيم بن مرزوق بن دينار البصري، نزيل مصر: لا بأس به، وكان يخطئ فلا يرجع. التهذيب (1/ 86)].

• ورواه يحيى بن صالح الوحاظي [حمصي، صدوق]: ثنا فليح بن سليمان، عن هلال بن علي، عن عطاء بن يسار، عن معاوية بن الحكم السلمي رضي الله عنه، قال: لما قدمتُ على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعُلِّمتُ من أمور الإسلام، فكان فيما عُلِّمت أن قيل: إذا عطست فاحمد الله، وإذا عطس العاطس فحمد الله، فقل: يرحمك الله.

وفي رواية: دعاني النبي صلى الله عليه وسلم، فقال:"إنما الصلاة لقراءة القرآن، ولذكر الله، ولحاجة المرء إلى ربه، فإذا كنتَ فيها فليكن ذلك شأنك".

ص: 156

أخرجه البخاري في خلق أفعال العباد (530)، وفي القراءة خلف الإمام (74)، ويعقوب بن سفيان في المعرفة والتاريخ (1/ 137).

• ورواه سريج بن النعمان [بغدادي، ثقة]، قال: نا فليح بن سليمان، عن هلال بن علي، عن عطاء بن يسار، عن معاوية بن الحكم السلمي، قال: لما قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم عُلِّمت أمورًا من أمور الإسلام، فكان فيما عُلِّمت أن قيل لي: إذا عطستَ فاحمدِ الله، وإذا عطس العاطسُ فحمدَ الله، فقل: يرحمكَ الله،

ثم ذكر الحديث بطوله.

أخرجه ابن أبي خيثمة في التاريخ الكبير (1/ 546/ 2244 - السفر الثاني).

• ورواه معافى بن سليمان [جزري، صدوق]: نا فليح، عن هلال، عن عطاء بن يسار، عن معاوية بن الحكم؛ أنه أراد عتق أمة له سوداء، فأتى بها النبي صلى الله عليه وسلم فقال لها:"من ربك؟ " قالت: الذي في السماء، فقال لها:"من أنا؟ " قالت: رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال:"أعتقها؛ فإنها مؤمنة".

أخرجه ابن قانع في المعجم (3/ 73).

قلت: هكذا روى هذا الحديث فليح بن سليمان فأتى فيه بألفاظ غريبة، لم يأت بها من روى هذا الحديث عن هلال بن علي بن أسامة، وهو: ابن أبي ميمونة، فقد رواه عنه من جهابذة الحفاظ: مالك بن أنس، ويحيى بن أبي كثير، ولفظ يحيى له أتم، فلم يذكرا هذه الألفاظ التي جاء بها فليح، وكذلك رواه بدونها: الزهري، عن أبي سلمة، عن معاوية بن الحكم، وفي هذا ما يدل على وهم فليح فيها.

• وقد تفرد فليح في روايته هذه بأن قال في أولها: عُلِّمتُ أمورًا من أمور الإسلام، فكان فيما عُلِّمتُ أن قيل لي: إذا عطستَ فاحمدِ الله، وإذا عطس العاطسُ فحمدَ الله، فقل: يرحمكَ الله، ثم ذكر أن العاطس حمد الله، وذكر أن الصحابة أنكروا على معاوية كلامه في الصلاة بالتسبيح، وإنما قال يحيى بن أبي كثير: فجعلوا يضربون بأيديهم على أفخاذهم، ولم يذكر أنهم سبحوا، ثم أتى بزيادة في آخر المرفوع:"فإذا كنتَ فيها فليكن ذلك شأنك"، ولم يأت بها غيره، ثم ذكر في وصف الجارية بأنها سوداء، وأن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها:"من ربك؟ "، والمحفوظ في رواية الحفاظ أنه قال لها:"أين الله؟ "، وغير ذلك.

وفليح بن سليمان: مدني، ليس بالقوي، له أوهام كثيرة ومناكير [انظر: التهذيب (3/ 404)، الميزان (3/ 365)، ما تقدم تحت الأحاديث رقم (199 و 344 و 480 و 507 و 516)].

• وقد رواه إمام أهل المدينة: مالك بن أنس، عن هلال بن أسامة، عن عطاء بن يسار، عن عمر بن الحكم، أنه قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت: يا رسول الله! إن جارية لي كانت ترعى غنمًا لي، فجئتها وقد فُقِدتْ شاةٌ من الغنم، فسألتها عنها، فقالت: أكلها الذئب، فأسِفْتُ عليها، وكنت من بني آدم، فلطمتُ وجهها، وعليَّ رقبةٌ، أفأعتقها؟ فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أين الله؟ " فقالت: في السماء، فقال:"من أنا؟ " فقالت: أنتَ رسولُ الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أعتقها"، زاد أبو مصعب ويحيى بن يحيى النيسابوري:"فإنها مؤمنة".

ص: 157

زاد جماعة عن مالك: قال عمر: يا رسول الله! أشياء كنا نصنعها في الجاهلية، كنا نأتي الكهان، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:"لا تأتوا الكهان"، قال: وكنا نتطير، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إنما ذلك شيء يجده أحدُكم في نفسه، فلا يضرَّنَّكم"، واللفظ لأبي مصعب [زادها: أبو مصعب الزهري، والشافعي، ومعن بن عيسى، ويحيى بن يحيى النيسابوري، ويحيى بن بكير، وقتيبة بن سعيد، وعبد الله بن عبد الحكم، وسعد بن عبد الحميد بن جعفر، وسويد بن سعيد] [عند الشافعي، وابن أبي خيثمة، والجوهري، والبيهقي، وابن عبد البر، وانظر:"أحاديث الموطأ وذكر اتفاق الرواة عن مالك واختلافهم فيه"(553)، وقال أبو العباس الداني في الإيماء (2/ 305): "وزاد فيه ابن بكير، ومعن، ويحيى بن يحيى النيسابوري، عن مالك بهذا الإسناد:

"، وذكر الكهان والطيرة].

وجوَّده يحيى بن يحيى النيسابوري، فقال: عن معاوية بن الحكم، وإنما المحفوظ فيه عن مالك: عن عمر بن الحكم [انظر: سنن البيهقي (7/ 387)].

أخرجه مالك في الموطأ (2/ 329/ 2251 - رواية يحيى الليثي)(2730 - رواية أبي مصعب الزهري)(485 - رواية ابن القاسم بتلخيص القابسي)، (425 - رواية سويد بن سعيد الحدثاني).

ومن طريقه: النسائي في الكبرى في النعوت (7/ 162/ 7708)، وفي التفسير (10/ 245/ 11401)، وابن خزيمة في التوحيد (1/ 283/ 180)، وفي التوكل (13/ 322/ 16787 - إتحاف)، والشافعي في الأم (5/ 280)، وفي الرسالة (9)، وفي السنن (581)، وابن أبي خيثمة في التاريخ الكبير (1/ 547/ 2245 - السفر الثاني)، وعثمان بن سعيد الدارمي في الرد على الجهمية (62)، وإسماعيل بن إسحاق القاضي في الخامس من مسند حديث مالك (125)، وأبو القاسم البغوي في معجم الصحابة (2/ 372/ 985 - ط. مبرة الآل) و (4/ 429/ 3224 - ط. مبرة الآل)، وفي حديث مصعب الزبيري (46)، والطحاوي في المشكل (12/ 523/ 4992) و (13/ 366/ 5331)، وابن قانع في المعجم (2/ 226)، والجوهري في مسند الموطأ (737)، وابن منده في التوحيد (3/ 275/ 844)، وابن أبي زمنين في أصول السنة (47)، وأبو نعيم في معرفة الصحابة (4/ 1944/ 4896)، وابن بشران في الأمالي (61)، والبيهقي في السنن (7/ 387) و (10/ 57)، وفي المعرفة (5/ 529/ 4536)، وابن عبد البر في التمهيد (22/ 77 و 78)، والخطيب في الموضح (1/ 187)، والبغوي في شرح السنة (9/ 246/ 2365)، وأبو القاسم الأصبهاني في الحجة (2/ 102/ 57)، وغيرهم.

قال الشافعي: "وهو معاوية بن الحكم، وهكذا رواه غير مالك، وأظن مالكًا لم يحفظ اسمه"، وقال أيضًا:"مالك بن أنس يسمي هذا الرجل عمر بن الحكم، وإنما هو معاوية بن الحكم"، قال الطحاوي:"وهو كما قال الشافعي".

وقال الشافعي أيضًا: "وهِمَ مالك في ثلاث أسامي، قال: عمر بن عثمان، وإنما

ص: 158

هو: عمرو بن عثمان، وقال: عمر بن الحكم، وإنما هو: معاوية بن الحكم السلمي، وقال: عبد الملك بن قرير، وإنما هو عبد العزيز بن قرير". [المعرفة للبيهقي (4/ 215)].

وقال مسلم في التمييز: "ومعاوية بن الحكم مشهور برواية هذا الحديث في قصة الجارية والكهان والطيرة"، قال:"ولا نعلم أحدًا سماه عمر إلا مالكًا؛ حيث وهم فيه"[الإيماء إلى أطراف الموطأ (2/ 306)].

وقال ابن أبي خيثمة: "كذا قال يحيى بن أبي كثير وفليح بن سليمان: عن معاوية بن الحكم، وخالفهما مالك بن أنس فقال: عمر بن الحكم، والصواب: ما قال يحيى بن أبي كثير وفليح".

وقال أبو القاسم البغوي: "وخالف مالك بن أنس في اسم معاوية بن الحكم، فقال: عمر بن الحكم، ويقال: إنه وهم، وقد روى الزهري عن أبي سلمة عن معاوية بن الحكم من هذا الحديث قصة الطيرة والكهانة".

وقال الطحاوي: "هكذا يقول مالك في إسناد هذا الحديث: هلال بن أسامة، والذين يروونه سواه عن هلال يقول بعضهم: هلال بن علي، ويقول بعضهم: هلال بن أبي ميمونة، وقد يحتمل أن يكون هلال هذا هو ابن علي بن أسامة، فيكون مالك نسبه إلى جده، ويحتمل أن يكون أبوه من علي ومن أسامة كان يكنى أبا ميمونة، وفيه: عن عمر بن الحكم، والناس جميعًا يقولون فيه: عن معاوية بن الحكم، ويخالفون مالكًا فيه".

وقال ابن الجارود: "وليس هو عمر بن الحكم، إنما هو معاوية بن الحكم، وهو خطأ من مالك". [التمهيد (22/ 79)].

وقال ابن قانع: "كذا قال: عمر بن الحكم، والناس يقولون: معاوية بن الحكم".

وقال الجوهري: "هكذا رواه مالك عن هلال عن عطاء عن عمر بن الحكم، وقد رواه الزهري عن أبي سلمة عن معاوية بن الحكم، وهكذا رواه الناس عن هلال، فقالوا فيه: عن معاوية بن الحكم".

وقال الدارقطني في العلل (7/ 82/ 1228): "رواه هلال بن أبي ميمونة، وهو هلال بن علي، وهو هلال بن أسامة"، وقال أيضًا:"ورواه مالك بن أنس عن هلال، ووهم فيه، فقال: عن عطاء بن يسار عن عمر بن الحكم، وذلك مما يعتد به على مالك في الوهم"، وقال أيضًا:"والصحيح: حديث يحيى بن أبي كثير وفليح بن سليمان عن هلال بن أبي ميمونة".

وقال في الأحاديث التي خولف فيها مالك (43): "خالفه يحيى بن أبي كثير وأسامة بن زيد، روياه عن هلال عن عطاء بن يسار عن معاوية بن الحكم السلمي، وهو الصواب".

وقال ابن منده بعد أن ذكر من روى هذا الحديث: "إلا أن مالكًا قال: عمر بن الحكم، والصواب: معاوية بن الحكم"، وقال أيضًا:"في رواية مالك: عن عمر بن الحكم، وإنما هو معاوية بن الحكم".

ص: 159

وقال أبو نعيم في معرفة الصحابة (4/ 1943): "وهم فيه مالك بن أنس، وصوابه: معاوية بن الحكم".

وقال في موضع آخر (5/ 2501): "ورواه مالك عن هلال بن أسامة عن عطاء عن عمر بن الحكم، ووهِم؛ إنما هو معاوية بن الحكم، ونسب هلالًا إلى اسم أبيه أسامة، وقال فليح بن سليمان: هلال بن علي، وقال يحيى: هلال بن أبي ميمونة".

وقال البيهقي: "كذا قاله مالك بن أنس، ورواه يحيى بن أبي كثير عن هلال بن أبي ميمونة عن عطاء بن يسار عن معاوية بن الحكم السلمي". [وانظر: المعرفة (5/ 531)].

وقال ابن عبد البر في الاستذكار (7/ 336): "هكذا رواه جماعة رواة الموطأ عن مالك، كلهم قال فيه: عن عمر بن الحكم، وهو غلط ووهم منه، وليس في الصحابة رجل يقال له: عمر بن الحكم، وإنما هو معاوية بن الحكم السلمي، وكذلك قال فيه كل من روى هذا الحديث عن هلال هذا، وهو هلال بن علي بن أبي ميمونة، وأبو ميمونة اسمه أسامة، فربما قال: هلال بن أسامة، وربما قال: هلال بن أبي ميمونة، ينسبونه كله إلى ذلك، وربما قالوا: هلال بن علي بن أبي ميمونة، وهو مولى عامر بن لؤي، وأما معاوية بن الحكم فمعروف في الصحابة، والحديث له محفوظ"، ثم ذكر احتمال كون الوهم فيه من هلال بن أسامة لما حدث به مالكًا، واستدل على ذلك بما رواه مالك عن ابن شهاب عن أبي سلمة، فقال: عن معاوية بن الحكم، مثل الجماعة، والله أعلم.

وقال في التمهيد (22/ 76): "هكذا قال مالك في هذا الحديث: عن هلال عن عطاء عن عمر بن الحكم، لم يختلف الرواة عنه في ذلك، وهو وهم عند جميع أهل العلم بالحديث، وليس في الصحابة رجل يقال له: عمر بن الحكم، وإنما هو معاوية بن الحكم، كذلك قال فيه كل من روى هذا الحديث عن هلال وغيره".

ثم قال بعد أن ذكر حديث ابن شهاب الآتي (22/ 79): "فهذا مالك يقول في هذا الحديث عن ابن شهاب: عن معاوية بن الحكم كما سمعه منه، وحفظه عنه، ولو سمعه كذلك من هلال لأداه كذلك، والله أعلم، وربما كان هذا من هلال؛ إلا أن جماعة رووه عن هلال فقالوا فيه: معاوية بن الحكم، والله أعلم".

وحكى ابن عبد البر عن أبي بكر البزار قوله: "روى مالك عن هلال بن أبي ميمونة عن عطاء بن يسار عن عمر بن الحكم السلمي أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم، فوهم فيه، وإنما الحديث لعطاء بن يسار عن معاوية بن الحكم السلمي، قال أبو بكر: وليس أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يقال له: عمر بن الحكم، وقال أحمد بن خالد: ليس أحد يقول فيه عمر بن الحكم غير مالك وهم فيه، وكذلك رواه أصحابه جميعًا عنه، قال: وإنما يقول ذلك مالك في حديثه عن هلال بن أسامة، وقد رواه عن ابن شهاب عن أبي سلمة عن معاوية بن الحكم السلمي، كما رواه الناس".

وقال أبو العباس الداني في الإيماء (2/ 305): "قاله مالك، والصواب: معاوية"، ثم

ص: 160

قال: "ومن قال فيه: عمر؛ فقد غلط، والوهم ها هنا منسوب إلى مالك، سماه في حديث الزهري: معاوية، على الصواب، وسماه في حديث هلال: عمر، فوهم.

وقد قيل: إنما جاء الوهم فيه من شيخه هلال، وهو هلال بن علي بن أسامة، منسوب إلى جده، وأبوه علي يكنى أبا ميمونة، وبه يعرف"، وانظر أيضًا:(4/ 391).

وقال ابن حجر في الإتحاف (13/ 321/ 16786): "ولم يسمه ابن خزيمة عمدًا؛ لأن مالكًا كان يسميه عمر، وبهم فيه، فترك ابن خزيمة تسميته، ليكون أقرب إلى الصواب".

وانظر أيضًا: شرح السُّنَّة (9/ 247)، الحجة في بيان المحجة (2/ 103).

قلت: قد جزم جماعة من كبار الأئمة بنسبة الوهم فيه إلى مالك، ومنهم من ذهب إلى احتمال كون الوهم فيه من هلال نفسه، حيث حدث به على الوجهين، واعتمد بعضهم في ذلك على ما رواه أبو الفضل السليماني، عن إبراهيم بن المنذر الحزامي، عن معن بن عيسى، قال:"قلت: لمالك: الناس يقولون: إنك تخطئ في أسامي الرجال، تقول: عبد الله الصنابحي، وإنما هو: أبو عبد الله، وتقول: عمر بن عثمان، وإنما هو: عمرو، وتقول: عمر بن الحكم، وإنما هو: معاوية، فقال مالك: هكذا حفظنا، وهكذا وقع في كتابي، ونحن نخطئ، ومن يسلم من الخطأ"[فتح المغيث (1/ 204)، شرح الزرقاني على موطأ مالك (3/ 154)].

• وانظر أيضًا فيمن قال بأن هلال بن أسامة هذا هو: هلال بن أبي ميمونة، وهو هلال بن علي بن أسامة: التاريخ الكبير (8/ 204)، الجرح والتعديل (9/ 76)، تاريخ ابن معين للدوري (3/ 171 و 214/ 758 و 991)، التاريخ الكبير لابن أبي خيثمة (1/ 546 - السفر الثاني)، معجم الصحابة للبغوي (2/ 372/ 985 - ط. مبرة الآل) و (4/ 429/ 3223 - ط. مبرة الآل)، المعجم الأوسط للطبراني (7/ 105/ 6987)، التمهيد (22/ 75)، رجال صحيح البخاري للكلاباذي (2/ 778)، التعديل والتجريح (3/ 1179/ 1413)، الموضح (1/ 187) و (2/ 520)، التهذيب (4/ 290 و 291).

• ورواه عبد العزيز بن أبي حازم، وعبد العزيز بن محمد الدراوردي [ثقتان]:

عن الضحاك بن عثمان، عن حبيب بن سلمة المعيطي، عن عطاء بن يسار، عن معاوية بن الحكم رضي الله عنه قال: قلت: يا رسول الله! أمورًا كنا نصنعها في الجاهلية، كنا نأتي الكهان، وكنا نتطير، فقال:"لا تأتوا الكهان، والطيرة شيء يجده أحدكم في نفسه، فلا يصدَّنكم".

أخرجه ابن خزيمة في التوكل (13/ 321/ 16786 - إتحاف)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (3/ 84/ 1400)، وذكره الدارقطني في العلل (7/ 82/ 1228).

وهذا إسناد فيه ضعف، وهو صالح في المتابعات.

حبيب بن سلمة المعيطي هذا: لم أقف له على ترجمة، ويبدو أنه مجهول، فقد قال

ص: 161

عنه الدارقطني في العلل (7/ 82/ 1228): "ورواه الضحاك بن عثمان عن شيخ له من أهل المدينة، سماه: حبيب بن سلمة"، وليس هو حبيب الأعور مولى عروة بن الزبير، الذي روى له مسلم حديث:"أي العمل أفضل"[التهذيب (1/ 354)]، والله أعلم.

والضحاك بن عثمان بن عبد الله الأسدي الحزامي: صدوق، يهم كثيرًا، ليَّنه بعضهم، وقال ابن عبد البر:"كان كثير الخطأ، ليس بحجة". [التهذيب (2/ 223)، الميزان (2/ 324)، إكمال مغلطاي (7/ 20)، علل ابن أبي حاتم (361)، وانظر ما تقدم تحت الحديث رقم (895)].

• وله طريق أخرى، يرويها:

مالك بن أنس، وعقيل بن خالد، ومعمر بن راشد، وشعيب بن أبي حمزة، ويونس بن يزيد، وابن أخي الزهري، وابن أبي ذئب، وابن جريج، وعبيد الله بن أبي زياد الرُّصافي، وأبو أويس، وغيرهم:

عن ابن شهاب، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف، عن معاوية بن الحكم السلمي، قال: قلت: يا رسول الله! [أرأيت] أمورًا كنا نصنعها في الجاهلية، كنا نأتي الكهان، قال:"فلا تأتوا الكهان"، قال: قلت: كنا نتطير، قال:"ذاك شيء يجده أحدُكم في نفسه، فلا يصدَّنكم".

أخرجه مسلم في كتاب السلام (537/ 121)(2/ 1061)، والبخاري في التاريخ الكبير (7/ 328)، وأبو عوانة (13/ 322/ 16787 - إتحاف)، ومالك في الموطأ (13/ 322/ 16787 - إتحاف)، وابن خزيمة في التوكل (13/ 322/ 16787 - إتحاف)، وأحمد (3/ 443) و (5/ 447 و 447 - 448 و 449)، ومعمر في الجامع (10/ 402/ 19500 - المصنف)، وابن وهب في الجامع في الحديث (622)، والطيالسي (2/ 426/ 1200)، وابن أبي شيبة في المسند (826)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (3/ 84/ 1401 و 1402)، وأبو القاسم البغوي في معجم الصحابة (4/ 430/ 3225 - ط. مبرة الآل)، والخرائطي في مساوئ الأخلاق (735)، والطبراني في الكبير (19/ 396 و 397/ 933 - 935)، وأبو بكر الإسماعيلي في معجم شيوخه (1/ 423)، والجوهري في مسند الموطأ (151)، وأبو طاهر المخلص في الأول من فوائده بانتقاء ابن أبي الفوارس (277)، وأبو نعيم في معرفة الصحابة (5/ 2501/ 6071)، والبيهقي في السنن (8/ 138)، وفي المعرفة (7/ 242/ 5702)، وفي الآداب (343)، وابن عبد البر في التمهيد (22/ 79)، وأبو القاسم المهرواني في فوائده "المهروانيات"(155)، والخطيب في التاريخ (2/ 189).

• تنبيه: هكذا عزى هذا الحديثَ ابنُ حجر في الإتحاف لبعض رواة الموطأ، وأما ابن عبد البر فقد ذكر في الاستذكار (7/ 336) أن مالكًا رواه في غير الموطأ، ولعله أراد أن رواته المشهورين مثل: يحيى بن يحيى الليثي، وعبد الله بن مسلمة القعنبي، ومعن بن عيسى، وأبي مصعب الزهري؛ لم يذكروه في الموطأ، ودليل ذلك أن الدارقطني أورده في

ص: 162

كتابه "أحاديث الموطأ وذكر اتفاق الرواة عن مالك واختلافهم فيه"(72)، فقال:"وعن معاوية بن الحكم في الطيرة والكهان: ابن وهب، وابن القاسم، وابن عفير، وابن يوسف، وتابعه إبراهيم بن طهمان والأويسي، ولم يذكره: معن، والقعنبي، وابن بكير، وأبو مصعب"، وذكر نحوه الجوهري في مسند الموطأ، وأول كلامه: "هذا في الموطأ عند ابن وهب،

"، وحكاه ابن عبد البر عن الدارقطني في التمهيد (9/ 281)، وقال أبو العباس الداني في الإيماء (4/ 390): "عند ابن وهب، وابن عفير، وابن يوسف، وسقط ليحيى وجماعة"، والله أعلم.

وانظر في الأباطيل والمناكير، ما أخرجه: الطبراني في الأوسط (6/ 197/ 6174).

• قال يعقوب بن سفيان في المعرفة (2/ 270): "وسمع أبو سلمة من هلال بن أبي ميمونة، وقد روى مالك بن أنس عن هلال، وكذلك فليح بن سليمان، وهلال: ثقة حسن الحديث، يروي عن عطاء بن يسار أحاديث حسانًا، وحديثه يقام مقام الحجة".

وقال ابن عبد البر في الاستيعاب (3/ 1415): "أحسن الناس سياقًا له يحيى بن أبي كثير عن هلال بن أبي ميمونة، ومنهم من يقطعه فيجعله أحاديث، وأصله حديث واحد".

قال الذهبي في العلو للعلي الغفار (15): "هذا حديث صحيح".

وانظر أيضًا: السُّنَّة لعبد الله بن أحمد (1/ 306/ 596).

• وأما فقه الحديث:

• فنرجئ الكلام على قصة الكهان والطيرة والخط، وعلى شواهدها: إلى موضعها من السنن برقم (3909)، إن شاء الله تعالى.

• ونرجئ الكلام على قصة الجارية وما اشتملت عليه من أحكام فقهية وعقدية، مع شواهدها: إلى موضعها من السنن برقم (3282)، إن شاء الله تعالى.

• ونرجئ الكلام على النهي عن الكلام في الصلاة، مع شواهده: إلى موضعه من السنن برقم (949)، إن شاء الله تعالى.

• ونرجئ الكلام على من تكلم في الصلاة عامدًا أو جاهلًا أو ناسيًا، إلى موضعه من السنن، في باب السهو في السجدتين (1008 - 1018)، إن شاء الله تعالى.

• وأما حكم من عطس في الصلاة، فهل يحمد الله؟ وهل يشمته من سمعه؟

• أما الحمد بعد العطاس في الصلاة، فقد دل عليه حديث معاوية بن الحكم بدلالة الإشارة، فإن معاوية بن الحكم لم يكن ليشمت العاطس حتى يسمعه يقول: الحمد لله، وإلا لما شمته بمجرد عطاسه، فإن قيل: احتمال جهله بذلك قائم، بدليل جهله بتحريم الكلام في الصلاة، فيقال: إن علمه بتشميت العاطس إذا عطس، يلزم منه أن يكون قد علم أولًا أن العاطس لا يشمَّت حتى يحمد الله، فإذا لم يحمد الله فلا يشمت، والله أعلم.

وقد جاء فيه أيضًا: حديث رفاعة بن رافع، وهو حديث حسن، تقدم برقم (773): ولفظ قتيبة [عند النسائي (2/ 145/ 931)]: صلَّيتُ خلف النبي صلى الله عليه وسلم[وفي رواية

ص: 163

الزهراني عند ابن حزم في المحلى (4/ 164): صلَّينا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم المغرب] فعطستُ، فقلت: الحمد لله حمدًا كثيرًا طيِّبًا مباركًا فيه، مباركًا عليه، كما يحبُّ ربُّنا ويرضى، فلما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم انصرف فقال:"من المتكلم في الصلاة؟ "، فلم يكلمه أحد، ثم قالها الثانية:"من المتكلم في الصلاة؟ "، [زاد عند الترمذي (404): ثم قالها الثالثة: "من المتكلم في الصلاة؟ "]، فقال رفاعة بن رافع ابن عفراء: أنا يا رسول الله، قال:"كيف قلت؟ " قال: قلت: الحمد لله حمدًا كثيرًا طيِّبًا مباركًا فيه، مباركًا عليه، كما يحبُّ ربُّنا ويرضى، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"والذي نفسي بيده! لقد ابتدرها بضعة وثلاثون ملكًا، أيُّهم يصعد بها".

وترجم له النسائي بقوله: "قول المأموم إذا عطس خلف الإمام".

قلت: وهو محمول على أنه عطس مع الرفع من الركوع، أو حال قيامه بعد الرفع من الركوع جمعًا بين أحاديث الباب [المذكورة في الموضع المشار إليه]، وقد جمع بينها ابن حجر، حيث قال في الفتح (2/ 286):"والجواب: أنه لا تعارض بينهما، بل يحمل على أن عطاسه وقع عند رفع رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم".

وهكذا فقد دل هذا الحديث على جواز الجهر بالحمد بعد العطاس؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم ينكر عليه جهره بالحمد؛ بل إنه ذكر فضل هذا الذكر لاقترانه بالرفع من الركوع، فهو ذكر خاص بالرفع من الركوع، ولما كان هذا الذكر له سببان: أحدهما: العطاس، والثاني: الرفع من الركوع، فإنا نغلب الثاني، لكونه أقرب إلى أذكار الصلاة، ولكون هذا الفضل المذكور فيه خاص بذكر الرفع من الركوع، وعليه دلت أحاديث الباب في الذكر عند الرفع من الركوع، بينما ذكر العطاس هو: الحمد لله فقط، كما دلت على ذلك أحاديث ذكر العطاس [راجع: أحاديث ذكر العطاس في تخريج الذكر والدعاء برقم (281)(2/ 604) وما بعده]، ومن ثم فإن الزيادة المذكورة هنا تخص الرفع من الركوع، وأما أصل الحمد فيخص العطاس، ويبقى الجهر به قدرًا مشتركًا بينهما، والله أعلم.

لكن قال صالح بن أحمد في مسائله لأبيه (1074): "قلت: الرجل يعطس في الصلاة فيقول: الحمد لله؟

قال: يعيد الصلاة إذا رفع صوته؛ لأنه ليس من شأن الصلاة أن يجهر به.

قلت: فإن قال في نفسه، قال: فلا شيء عليه" [وانظر أيضًا: المسألة رقم 3091)].

وقال أبو داود في مسائله لأحمد (260): "سمعت أحمد سئل عن الرجل يعطس في الصلاة المكتوبة وغيرها؟ قال: يحمد الله، ولا يجهر، قلت: يحرك بها لسانه؟ قال: نعم".

وقال عبد الله بن أحمد في مسائله لأبيه (366): "سمعت أبي يقول: إذا عطس الرجل وهو في صلاته يحمد الله في نفسه، ولا يرفع صوته".

قلت: لعل الإمام أحمد أراد: إن عطس في غير هذا الموضع فرفع صوته، لكن

ص: 164

الحديث بظاهره وعدم تفصيله للمسألة يدل على عدم البطلان، ومن ثم عدم وجوب الإعادة عليه، وإن كان الأولى هو الإسرار؛ لأنه ذكر، والسُّنَّة في الأذكار في الصلاة الإسرار، والله أعلم [انظر: شرح مسلم للنووي (5/ 21)].

• وأما التشميت: فعلى من سمعه أن يتشاغل بصلاته عن تشميته، لهذا الحديث:"إن هذه الصلاة لا يحلُّ فيها شيءٌ من كلام الناس هذا، إنما هو التسبيح والتكبير وقراءة القرآن"، وقد سيق أصالة للمنع من تشميت العاطس في الصلاة، ولقول النبي صلى الله عليه وسلم لابن مسعود:"إن في الصلاة لشغلًا"[تقدم برقم (923)، وهو حديث متفق عليه]، ولحديث ابن مسعود أيضًا:"إن الله قد أحدث من أمره أن لا تكلموا في الصلاة"[تقدم برقم (924)، وهو حديث صحيح]، ولحديث زيد بن أرقم: فأُمرنا بالسكوت، ونهينا عن الكلام [وهو حديث متفق عليه، ويأتي تخريجه قريبًا برقم (949)، إن شاء الله تعالى].

فإن شمته أحدٌ جاهلًا بتحريم الكلام أو ناسيًا، فهو داخل في عموم هذا الحديث؛ فإن معاوية بن الحكم قد تكلم في الصلاة بعد أن نزل التحريم، بدليل إنكار الصحابة عليه، وكان جاهلًا بالحكم، ولم يأمره النبي صلى الله عليه وسلم بالإعادة.

قال الأوزاعي: "كان إسلام معاوية بن الحكم في آخر الأمر، فلم يأمره النبي صلى الله عليه وسلم بإعادة الصلاة، فمن تكلم في صلاته ساهيًا أو جاهلًا مضت صلاته، ومن تكلم متعمدًا استأنف الصلاة"[سنن البيهقي (2/ 365)، المجموع شرح المهذب (4/ 99)].

وقال ابن خزيمة في صحيحه (2/ 121): "ومعاوية بن الحكم السلمي إنما تكلم وهو لا يعلم أن الكلام في الصلاة محظور، فقال في الصلاة خلف النبي صلى الله عليه وسلم لما شمت العاطس ورماه القوم بأبصارهم: واثُكل أمِّياه ما لكم تنظرون إليَّ، فلما تكلم في الصلاة بهذا الكلام، وهو لا يعلم أن هذا الكلام محظور في الصلاة، علمه صلى الله عليه وسلم أن كلام الناس في الصلاة محظور غير جائز، ولم يأمره صلى الله عليه وسلم بإعادة تلك الصلاة التي تكلم فيها بهذا الكلام".

وقال الماوردي في الحاوي (2/ 180): "لأنه تكلم جاهلًا بتحريم الكلام فلم تبطل صلاته، ولا أمره بإعادتها، والجاهل بتحريم الكلام في حكم المتكلم ناسيًا"[وانظر: المغني (1/ 391)، المجموع شرح المهذب (4/ 97)، مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية (21/ 160) و (22/ 42 و 186)، إعلام الموقعين (1/ 273)، بدائع الفوائد (4/ 974)، فتح الباري لابن رجب (6/ 374 و 415)].

• فإن كان عامدًا للتشميت، عالمًا بتحريم الكلام في الصلاة، جاهلًا بحكم التشميت، ظانًّا خروجه من عموم تحريم الكلام، بطلت صلاته، ويؤمر بالإعادة [وانظر: الحاوي للماوردي (2/ 183)، المجموع شرح المهذب (4/ 94)].

وسيأتي لهذه المسألة مزيد بيان في موضعها من السنن، في باب السهو في السجدتين (1008 - 1018)، إن شاء الله تعالى، وانظر أيضًا ما تقدم ذكره في آخر الحديث رقم (861).

***

ص: 165