الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
179 - باب في صلاة القاعد
950 -
. . . جرير، عن منصور، عن هلال -يعني: ابن يساف-، عن أبي يحيى، عن عبد الله بن عمرو، قال: حُدِّثتُ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "صلاةُ الرجلِ قاعدًا نصفُ الصلاة"، فأتيته فوجدته يصلي جالسًا، فوضعت يدي على رأسي!، فقال:"ما لك يا عبد الله بن عمرو؟ "، قلت: حُدِّثتُ يا رسول الله أنك قلت: "صلاةُ الرجلِ قاعدًا نصفُ الصلاة"، وأنت تصلي قاعدًا؟!، قال:"أجل، ولكني لست كأحد منكم".
• حديث صحيح.
أخرجه مسلم (735/ 120)، وأبو نعيم في مستخرجه عليه (2/ 330/ 1667)، وابن خزيمة (2/ 236/ 1237)، والبزار (6/ 352/ 2361)، وابن نصر المروزي في قيام الليل (330 - مختصره)، وأبو العباس السراج في حديثه بانتقاء الشحامي (1039 و 2292)، والبيهقي (7/ 62)، والبغوي في شرح السُّنَّة (4/ 111/ 984)، وقال:"هذا حديث صحيح".
رواه عن جرير بن عبد الحميد: محمد بن قدامة بن أعين، وأبو خيثمة زهير بن حرب، وقتيبة بن سعيد، وإسحاق بن راهويه، ويوسف بن موسى القطان [وهم ثقات].
وهذا لفظ زهير وابن أعين وقتيبة [عند مسلم وأبي داود وغيرهما]، ولفظ يوسف بن موسى [عند البزار]: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "صلاة القاعدِ على النصفِ من صلاة القائم"، قال: فأتيتُه فوجدتُه يصلي جالسًا، فقال:"ما لك يا عبد الله بن عمرو؟ " قلت: حَدَّثتنا أن: "صلاة الرجل قاعدًا نصفُ الصلاة"، وأنت تصلي قاعدًا، قال:"نعم، ولكني لستُ كأحد منكم". وبنحوها رواية إسحاق.
• ورواه سفيان الثوري، وشعبة، وزائدة بن قدامة [وهم ثقات أثبات]، وجعفر بن الحارث [أبو الأشهب الواسطي: صدوق، كثير الخطأ]، وروح بن القاسم [ثقة حافظ؛ لكن الإسناد إليه واهٍ]:
عن منصور [هو ابن المعتمر: ثقة ثبت]، عن هلال بن يساف [ثقة، من الثالثة]، عن أبي يحيى [مصدع، المعرقب الأعرج: صدوق. التهذيب (4/ 82)، سؤالات ابن طهمان (67)، معرفة الثقات (1729)، بيان الوهم (3/ 111/ 803)، فضل الرحيم (97)]، عن عبد الله بن عمرو، قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يصلي جالسًا، فقلت: حُدِّثتُ أنك قلت: "إن صلاة القاعد على النصف من صلاة القائم"، وأنت تصلي قاعدًا، قال:"أجل، ولكني لست كأحد منكم". ورواية زائدة بنحو رواية جرير.
أخرجه مسلم (735/ 120)، وأبو عوانة (1/ 534/ 1999 و 2000)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (2/ 331/ 1668 و 1669)، والنسائي في المجتبى (3/ 223/ 1659)، وفي الكبرى (2/ 142/ 1365)، والدارمي (1/ 373/ 1384)، وابن خزيمة (2/ 236/ 1237)، وابن حبان في الصلاة (9/ 629/ 12087 - إتحاف المهرة)، وأحمد (2/ 162 و 192 و 201 و 203)، والطيالسي (4/ 45/ 2403)، وعبد الرزاق (2/ 472/ 4123)، والسري بن يحيى في حديثه عن شيوخه عن الثوري (124)، وأبو بكر ابن أبي مريم فيما رواه من حديث الفريابي عن الثوري (235)، وابن المنذر في الأوسط (5/ 240/ 2779)، والطبراني في الكبير (13/ 531 و 532/ 14418 - 14425)، وفي الصغير (2/ 160/ 954)، والدارقطني فيما انتقاه من حديث أبي إسحاق المزكي وأبي بكر بن مالك القطيعي (174)، والبيهقي (2/ 491)، وابن عبد البر في التمهيد (12/ 50)، والخطيب في تلخيص المتشابه في الرسم (2/ 15).
• وله طرق أخرى عن عبد الله بن عمرو:
1 -
روى محمد بن فضيل، وعبد الله بن إدريس:
عن حصين بن عبد الرحمن السلمي، عن مجاهد، عن عبد الله بن عمرو، قال: صلاة القاعد نصف صلاة القائم. هكذا موقوفًا.
أخرجه النسائي في الكبرى (2/ 144/ 1372)، وابن أبي شيبة (1/ 403/ 4635)(3/ 490/ 4669 - ط. عوامة).
وهذا موقوف بإسناد صحيح، ومجاهد سمع من عبد الله بن عمرو [صحيح البخاري (1978 و 3166 و 5052 و 5991 و 6914)، تحفة التحصيل (295)]، وله حكم الرفع، فمثله لا يقال من قبل الرأي والاجتهاد، وقد صح مرفوعًا كما تقدم.
2 -
وروى معاوية بن هشام، قال: حدثنا سفيان، عن حبيب بن أبي ثابت، عن مجاهد، عن عبد الله بن عمرو، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"صلاة الرجل قاعدًا على النصف من صلاته قائمًا".
أخرجه النسائي في الكبرى (2/ 145/ 1373)، والبزار (6/ 452/ 2492)، والطبراني في الكبير (13/ 4293/ 1442)، والخطيب في الموضح (2/ 489).
قال البزار: "وهذا الحديث لا نعلم أحدًا رواه عن الثوري عن حبيب عن مجاهد عن عبد الله بن عمرو إلا معاوية بن هشام".
وقال أبو حاتم: "هذا خطأ؛ إنما هو: حبيب، عن أبي موسى الحذاء، عن عبد الله بن عمرو، عن النبي صلى الله عليه وسلم"[العلل (1/ 189/ 540)].
وقال الدارقطني في العلل (13/ 212/ 3104): "رواه معاوية بن هشام، عن سفيان، عن حبيب، عن مجاهد، عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم. وغيره يرويه عن حبيب، عن أبي موسى الحذاء، عن عبد الله بن عمر. وهو الصواب"[كذا وقع عند الدارقطني: عبد الله بن عمر، وإنما هو: عبد الله بن عمرو].
قلت: وهو كما قالوا؛ فإن معاوية بن هشام القصار: صدوق، كثير الخطأ، وليس بالثبت في الثوري. [التهذيب (4/ 112)، الميزان (4/ 138)، إكمال مغلطاي (11/ 277)، شرح العلل (2/ 722)، وانظر في أوهامه على الثوري: ما تقدم برقم (178 و 676 و 929)]، وقد وهم عليه في إسناد هذا الحديث.
• فقد خالفه: أبو نعيم الفضل بن دكين [ثقة ثبت]، ووكيع بن الجراح [ثقة حافظ]: فروياه عن سفيان، عن حبيب بن أبي ثابت، عن أبي موسى الحذاء، عن عبد الله بن عمرو، عن النبي صلى الله عليه وسلم[وفي رواية وكيع: أُراه عن النبي صلى الله عليه وسلم] قال: "صلاة الرجل قاعدًا على النصف من صلاته قائمًا".
أخرجه البخاري في الكنى من التاريخ الكبير (69)، والنسائي في الكبرى (2/ 145/ 1374)، وأحمد (2/ 192 - 193)، وابن أبي شيبة (1/ 453/ 4633)، وابن نصر المروزي في قيام الليل (331 - مختصره)، والطبراني في الكبير (13/ 584/ 14498).
• خالفهما فأوقفه: عبد الرحمن بن مهدي، قال: حدثنا سفيان، عن حبيب، عن أبي موسى، عن عبد الله بن عمرو، قال: صلاة القاعد على النصف من صلاة القائم.
أخرجه النسائي في الكبرى (2/ 145/ 1375).
قال النسائي: "وقد روى هذا الحديث غير واحد عن عبد الله بن عمرو مرفوعًا".
يعني: أن رواية ابن مهدي وإن كان حافظًا مقدَّمًا في الثوري لا تُعلُّ المرفوع، فإن أبا نعيم ووكيعًا حافظان تقبل زيادتهما، وقد حفظا فيه الرفع، وهذا فضلًا عن كون الموقوف له حكم الرفع -كما سبق تقريره-، وعلى هذا فإن من رواه موقوفًا قد قصر فيه، والله أعلم.
• وتابع الثوري على هذا الوجه:
شعبة بن الحجاج، عن حبيب بن أبي ثابت، عن أبي موسى، عن عبد الله بن عمرو، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"صلاة القاعد على النصف من صلاة القائم".
أخرجه الطبراني في الكبير (13/ 4497/ 1584)، والدارقطني في الأفراد (1/ 622/ 3639 - أطرافه).
لكن اختلف في رفعه ورقفه على شعبة أيضًا:
أ- فرواه عنه به هكذا مرفوعًا: عفان بن مسلم [ثقة ثبت][وأخشى ألا يكون محفوظًا عنه، إذ الراوي عنه: أحمد بن محمد بن يحيى بن مهران السوطي البغدادي، روى عنه جماعة، ولم يوثق. تاريخ بغداد (5/ 99 و 118 و 203)، تكملة الإكمال (3/ 368)، تاريخ الإسلام (21/ 93)].
وأبو داود الطيالسي [ثقة حافظ، تفرد به عنه: عبد الرحمن بن محمد بن منصور؛ الملقب كُربُزان: ليس بالقوي، حدث بأشياء لا يتابعه أحد عليها. الجرح والتعديل (5/ 283)، الكامل (4/ 319)، مختصر الكامل (1151)، سؤالات الحاكم (145)، تاريخ بغداد (10/ 273)، السير (13/ 138)، اللسان (5/ 127)].
ب- وخالفهما فأوقفه: علي بن الجعد [ثقة ثبت]، فرواه عن شعبة، عن حبيب، قال: سمعت أبا موسى الحذاء، قال: سألت عبد الله بن عمرو عن صلاة الرجل قاعدًا؟ فقال: على نصف أجر القائم.
أخرجه أبو القاسم البغوي في مسند ابن الجعد (551).
ويقال في هذا ما قيل في سابقه، بأن له حكم الرفع، فمثله لا يقال من قبل الرأي والاجتهاد، وقد صح مرفوعًا كما تقدم.
• خالفهما في اسم تابعي هذا الحديث:
الأعمش، فرواه عن حبيب بن أبي ثابت، عن عبد الله بن باباه، عن عبد الله بن عمرو؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم مر به وهو يصلي جالسًا، فقال:"صلاة الجالس على النصف من صلاة القائم".
أخرجه ابن ماجه (1229)، والطبراني في الكبير (13/ 582/ 14493 و 14494)، وفي الأوسط (1/ 108 - 109/ 338)، وابن عبد البر في التمهيد (1/ 133) و (12/ 50).
رواه عن الأعمش: قطبة بن عبد العزيز [ثقة، صاحب كتاب. التهذيب (3/ 441)]، وعيسى بن يونس [ثقة مأمون].
قال ابن عبد البر: "وهذا إسناد صحيح".
قلت: وهو كما قال إن كان قول الأعمش محفوظًا.
• قال الذهبي في الميزان (4/ 578) عن أبي موسى الحذاء: "لا يُعرف، تفرد به حبيب بن أبي ثابت، ولعله عبد الله بن باباه؛ فإن الأعمش سماه عن حبيب عنه، ثم قال بعده صاحب التهذيب: أبو موسى الحذاء المكي: له عن عبد الله بن عمرو، واسمه صهيب، وعنه عمرو بن دينار، قلت: هو الأول، فما يظهر لي وجه التفرقة، ويكون صدوقًا".
قلت: يبدو لي أن أبا موسى الحذاء غير عبد الله بن باباه، فقد ذكر البخاري في الكنى (69) الاختلاف فيه على حبيب من رواية الثوري والأعمش، ولم يقل شيئًا، وأما أبو حاتم فإنه لما ذُكر له الاختلاف بين الثوري والأعمش، رجح رواية الثوري، فقال:"الثوري أحفظ"، ولذا قال قبل ذلك:"أبو موسى الحذاء: لا يُعرف، ولا يُسمَّى". [الجرح والتعديل (9/ 438)، تهذيب الكمال (34/ 332 و 333)]، والله أعلم.
قلت: وعلى هذا فرواية الثوري وشعبة مقدمة على رواية الأعمش، ويكون تابعي هذا الحديث هو أبو موسى الحذاء، لكن هناك اثنان يقال لهما أبو موسى الحذاء، هذا أحدهما، والثاني: صهيب الحذاء، أبو موسى المكي، مولى عبد الله بن عامر بن كريز، روى عن عبد الله بن عمرو، وروى عنه عمرو بن دينار [التاريخ الكبير (4/ 316)، الجرح والتعديل (4/ 445)، الثقات (4/ 381)، الميزان (2/ 321)، المغني (2/ 444)، التهذيب (2/ 219) و (4/ 595)]، وقد فرق بينهما البخاري وأبو حاتم وابن حبان [الكنى من التاريخ الكبير (69)، الجرح والتعديل (9/ 438)، الثقات (5/ 584)].
قلت: هما عندي واحد فيما يظهر، فقد اتفقا في الكنية والحرفة والرواية عن عبد الله بن عمرو وقلة الرواية، ولا يظهر لي وجه التفريق بينهما، ولذا قال المزي في التهذيب (34/ 333) في ترجمة صهيب:"يحتمل أن يكون هو والذي قبله واحدًا"؛ يعني: أبا موسى الحذاء.
قلت: والحديثان اللذان رواهما لا نكارة فيهما، لذا فقد ذكره ابن حبان في ثقاته في الموضعين المشار إليهما، ولم يستنكر أحد مروياته، بل احتج بها النسائي في صحاحه.
وحديثه هذا حديث صحيح، قد توبع عليه، وإسناده متصل، سمع رجاله بعضهم من بعض، كما في رواية علي بن الجعد عن شعبة، والاختلاف في رفعه ووقفه لا يضر، لكونه قد صح مرفوعًا، ومثله لا يقال من قبل الرأي والاجتهاد، إذا علمت ذلك، ظهر لك ضعف ما ذهب إليه ابن القطان الفاسي في انتقاده على عبد الحق الإشبيلي في سكوته على صهيب أبي موسى الحذاء، حيث قال:"لا تُعرف له حال"[بيان الوهم (4/ 590/ 2132)]، فقد روى عنه اثنان من علماء التابعين، ولم يرو منكرًا، وذكره ابن حبان في الثقات، واحتج به النسائي، وصحح له الحاكم، فهو كما قال الذهبي:"صدوق"، والله أعلم.
• وللأعمش فيه إسناد آخر:
رواه سعيد بن سليمان [ثقة حافظ]: ثنا منصور بن أبي الأسود، عن الأعمش، عن مجاهد، عن عبد الله بن عمرو، قال: مرَّ بي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أصلي قاعدًا، فقال:"اعلم أن صلاة القاعد على النصف من صلاة القائم".
أخرجه الطبراني في الكبير (13/ 438/ 14287)، وفي الأوسط (1/ 268/ 870).
ومنصور بن أبي الأسود: كوفي، لا بأس به، ولم يتابع عليه عن الأعمش، والمحفوظ عندي: ما رواه قطبة وعيسى بن يونس، عن الأعمش، عن حبيب، عبد الله بن باباه، عن ابن عمرو به، كما تقدم ذكره.
ولو فرضنا ثبوته عن الأعمش، لما ذكره الترمذي في العلل (124) من متابعة قيس بن الربيع له عن الأعمش به موقوفًا؛ فهل سمعه الأعمش من مجاهد؟ الجواب: الأعمش لم يصرح هنا بسماعه من مجاهد، وقد تقدم الكلام في سماع الأعمش من مجاهد عند الحديث رقم (489).
والضابط فيه: أن نقبل ما صرح فيه الأعمش بالسماع من مجاهد -من طريق صحيح ثابت عنه-، وطرح ما سوى ذلك؛ فإنه مما دلسه ولم يسمعه من مجاهد؛ فإنه لا يصح للأعمش عن مجاهد إلا أحاديث يسيرة، لا يثبت منها إلا ما قال فيها: سمعت، فهو قليل السماع من مجاهد، وعامة ما يرويه عن مجاهد: مدلَّس عن الضعفاء والمتروكين.
وانظر: أطراف الغرائب والأفراد (1/ 618/ 3621).
3 -
وروى سفيان بن عيينة، عن الزهري، عن عيسى بن طلحة، عن عبد الله بن عمرو، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "صلاة القاعد على النصف من صلاة القائم".
وفي رواية الحميدي عن ابن عيينة: حدثنا الزهري، أو حُدِّثت عنه عن عيسى بن طلحة، وربما قال سفيان: أُراه عن عيسى بن طلحة، وربما لم يذكر سفيان عيسى بن طلحة أصلًا.
أخرجه النسائي في الكبرى (2/ 146/ 1376)، ويعقوب بن سفيان في المعرفة والتاريخ (3/ 69)، والبزار (6/ 399/ 2419)، وأبو أحمد الحاكم في عوالي مالك (97)، وأبو الفضل الزهري في حديثه (562) [ووقع عنده: عبد الله بن عمر]، والدارقطني في الأفراد (1/ 616/ 3606 - أطرافه)، والقضاعي في مسند الشهاب (269)، وابن عبد البر في التمهيد (12/ 49).
قال النسائي: "هذا خطأ، والصواب: الزهري، عن عبد الله بن عمرو؛ مرسل، خالفه محمد بن إسحاق".
وقال البزار: "وحديث عيسى بن طلحة عن عبد الله بن عمرو: لا نعلم رواه إلا ابن عيينة عن الزهري: ".
وقال الدارقطني: "تفرد به سفيان بن عيينة عن الزهري عنه".
• قلت: وأما حديث ابن إسحاق الذي أشار إليه النسائي:
فقد رواه وهب بن جرير، قال: أخبرنا أبي، عن محمد بن إسحاق، عن الزهري، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"صلاة القاعد على النصف من صلاة القائم".
أخرجه البزار (6/ 399/ 2420)، والطبراني في الكبير (13/ 383/ 14200)، وفي الأوسط (1/ 226/ 746)، والدارقطني في الأفراد (1/ 621/ 3634 - أطرافه).
قال البزار: "وحديث أبي سلمة: لا نعلم رواه إلا وهب بن جرير عن أبيه عن ابن إسحاق عن الزهري، وقد رواه يعلى بن الحارث وشعيب بن خالد، عن الزهري، عن مولى لعبد الله بن عمرو، عن عبد الله بن عمرو".
وقال الطبراني: "هكذا رواه جرير بن حازم عن محمد بن إسحاق عن الزهري عن أبي سلمة. ورواه سفيان بن عيينة عن الزهري عن عيسى بن طلحة.
ورواه ابن جريج عن الزهري عن أنس بن مالك. ورواه صالح بن أبي الأخضر عن الزهري عن سائب بن يزيد عن المطلب بن أبي وداعة.
ورواه عبيد الله بن أبي زياد الرصافي، عن الزهري عن ثعلبة بن أبي مالك القرظي عن عبد الله بن عمرو. ورواه محمد بن الزبير الحراني [كذا، وإنما هو: إبراهيم بن مرة عن الزهري] عن سالم عن أبيه.
والصحيح والله أعلم: ما رواه سفيان بن عيينة" [وانظر أيضًا: علل الدارقطني (13/ 29/ 2919)، أطراف الغرائب والأفراد (1/ 233/ 1172)، معرفة الصحابة لأبي نعيم (3/ 1724/ 4364)].
• قلت: قد أختلف على ابن عيينة في إسناد هذا الحديث:
أ- فرواه أبو بكر الحميدي، وحامد بن يحيى البلخي، ومحمد بن عبد الله بن يزيد المقرئ، وعبد الرحمن بن بشر [وهم ثقات، وفيهم أثبت أصحاب ابن عيينة، وراويته؛ الحميدي]، وأحمد بن داود الواسطي [قال ابن حبان:"مستقيم الأمر في الحديث"، وقال مرة:"يغرب". الثقات (8/ 39 و 48)، الجرح والتعديل (2/ 50)، اللسان (1/ 457)]:
عن سفيان بن عيينة، عن الزهري، عن عيسى بن طلحة، عن عبد الله بن عمرو، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
…
فذكره.
وقال فيه الحميدي: عن ابن عيينة: حدثنا الزهري، أو حُدِّثت عنه عن عيسى بن طلحة، وربما قال سفيان: أُراه عن عيسى بن طلحة، وربما لم يذكر سفيان عيسى بن طلحة أصلًا. هكذا شك ابن عيينة في هذا الحديث، ولم يكن ضابطًا له.
ب- ورواه حسين بن علي الجعفي [ثقة]، قال: ثنا سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن ابن عمر؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"صلاة القاعد على النصف من صلاة القائم".
أخرجه البزار (1/ 567/274 - كشف الأستار)، وأبو علي الطوسي في مختصر الأحكام (2/ 289/ 344).
قال الدارقطني في العلل (13/ 166/ 3048): "ولم يتابع حسين الجعفي على قوله: عن ابن عمر".
قلت: فهو وهم.
ج- وقد خالفه: عمرو بن محمد الناقد [ثقة حافظ]، وسعيد بن عبد الرحمن المخزومي [ثقة، مكثر عن ابن عيينة]:
قالا: حدثنا سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال:"صلاة القاعد على النصف من صلاة القائم".
أخرجه الطبراني في الأوسط (1/ 262/ 857)، وابن المقرئ في المعجم (5).
قال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن عمرو إلا سفيان".
وقال الذهبي في السير (5/ 183): "هذا حديث صالح الإسناد، محفوظ المتن".
فإن قلنا: الإسناد الأول عن ابن عيينة أشهر، فيقال: قد أتى بالثالث: ثقتان، قد تواردا عليه، فيقال: قد خولف فيه ابن عيينة:
• فقد رواه ابن جريج [ثقة حافظ]، قال: أخبرني عمرو بن دينار، عن عبد الله بن عمرو بن العاصي، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"إن للقاعد في الصلاة نصف أجر القائم".
أخرجه عبد الرزاق (2/ 472/ 4122).
قلت: ابن عيينة أثبت الناس في عمرو بن دينار، وقوله مقدم على ابن جريج، وابن عيينة ثقة حافظ مكثر، لا يستغرب منه التعدد في الأسانيد، لكن عمرو بن دينار غير مشهور بالرواية عن عمرو بن شعيب، مقل عنه جدًّا، ولو كان هذا الإسناد مشتهرًا موصولًا عن
عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده لتناوله أصحاب عمرو بن شعيب على كثرتهم، ولذا فإنه يغلب على ظني عدم اتصال هذا الإسناد، وإلا لاشتهر بين أصحاب الرجل، ويؤكد ذلك أن الدارقطني لما ذكر الاختلاف في هذا الحديث قال:"رواه حسين الجعفي عن ابن عيينة عن عمرو بن دينار عن ابن عمر، وغيره يرويه عن ابن عيينة عن عمرو بن دينار عن عمرو بن شعيب عن عبد الله بن عمرو، وقيل: عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، ولم يتابع حسين الجعفي على قوله: عن ابن عمر"[العلل (13/ 164/ 3048)]، وكان الدارقطني أراد الإشارة إلى أن الرواية المشهورة عن ابن عيينة: عن عمرو بن دينار، عن عمرو بن شعيب، عن عبد الله بن عمرو، هكذا مرسلًا بين عمرو بن شعيب وعبد الله بن عمرو، بخلاف من رواه موصولًا فذكره بصيغة تدل على التمريض أو القلة، والله أعلم.
• وقد اختلف في هذا الحديث على الزهري أيضًا:
أ- فرواه سفيان بن عيينة، عن الزهري، عن عيسى بن طلحة، عن عبد الله بن عمرو، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "صلاة القاعد على النصف من صلاة القائم". وتقدم ذكره.
وابن عيينة: ثقة حافظ، من الطبقة الأولى من أصحاب الزهري، وقد أخطأ عليه في غير حديث، وهذا منها؛ فإن الحميدي -وهو أثبت الناس في ابن عيينة- قد صرح في روايته أن ابن عيينة شك في هذا الحديث، هل سمعه من الزهري أم لا؟ وهل حفظ الواسطة بين الزهري وابن عمرو، أم لا؟ فلم يكن ضابطًا لإسناده، ويؤكد وهمه فيه مخالفته لكبار الحفاظ من أصحاب الزهري، كما سيأتي [وانظر أيضًا: لتمهيد لابن عبد البر (12/ 46)].
ب- ورواه ابن إسحاق، عن الزهري، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم، مثله، وتقدم.
وابن إسحاق: صدوق، في حديثه عن الزهري مقال، وقد سلك فيه الجادة والطريق السهل.
ج- ورواه ابن جريج [ثقة حافظ، في حديثه عن الزهري مقال، قال ابن معين: "ليس بشيء في الزهري]، وصالح بن أبي الأخضر [ضعيف، وهو من الطبقة الثالثة من أصحاب الزهري]، والوليد بن محمد الموقري [متروك، يروي عن الزهري ما لا أصل له]:
عن الزهري، عن أنس [ويأتي ذكر مصادره في الشواهد، من حديث أنس، تحت الحديث رقم (952)، وأذكر هناك كلام الأئمة فيه].
د- وروي أيضًا عن صالح بن أبي الأخضر، عن الزهري، عن السائب بن يزيد، عن المطلب بن أبي وداعة السهمي، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
أخرجه الطبراني في الكبير (20/ 291/ 688)، وأبو نعيم في معرفة الصحابة (5/ 2561/ 6182)، وابن عبد البر في التمهيد (12/ 49).
قال ابن عبد البر: "وهذا عندي خطأ من صالح بن أبي الأخضر، أو ممن دونه في الإسناد.
وأما حديث الزهري، عن السائب بن يزيد، عن المطلب بن أبي وداعة، عن حفصة؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي في سبحته قاعدًا قبل وفاته بعام، ويقرأ بالسورة ويرتلها حتى تكون أطول من أطول منها، هكذا حدث به الحفاظ عن ابن شهاب بهذا الإسناد، ومنهم مالك وغيره".
قلت: حديث حفصة هو الصواب، ويأتي ذكره في شواهد حديث عائشة تحت الحديث رقم (956)، وهو المعروف بهذا الإسناد عن الزهري.
هـ- ورواه بكر بن وائل [التيمي الكوفي: صدوق]، قال: سمعت الزهري يحدث عن مولى لعبد الله بن عمرو، عن عبد الله بن عمرو، قال: فشا الوجع على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكثُر من يصلي وهو قاعد، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"صلاة القاعد على النصف من صلاة القائم".
أخرجه الطبراني في الكبير (13/ 420/ 14261).
و- ورواه عبيد الله بن أبي زياد الرصافي [صدوق، قال الذهلي: "أخرج إلي جزءًا من أحاديث الزهري فنظرت فيها فوجدتها صحاحًا". التهذيب (3/ 10)]، عن الزهري عن ثعلبة بن أبي مالك القرظي عن عبد الله بن عمرو.
علقه الطبراني في الأوسط (1/ 226/ 746)، وأبو نعيم معرفة الصحابة (3/ 1724/ 4364).
ز- ورواه يزيد بن عياض بن جعدبة [متروك، كذبه مالك وابن معين والنسائي. التهذيب (4/ 425)]، عن ابن شهاب، عن سعيد بن المسيب، عن عبد الله بن عمرو؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج على الناس وهم يصلون، فقال:
…
فذكره مثله.
أخرجه الطبراني في الكبير (13/ 369 - 370/ 14186)، وأبو نعيم في معرفة الصحابة (3/ 1724/ 4364)، والخطيب في تاريخ بغداد (14/ 329).
ح- ورواه إبراهيم بن مرة [ليس به بأس، تكلم فيه أهل بلده. انظر: التهذيب (1/ 86)، والراوي عنه: صدقة بن عبد الله السمين، وهو: ضعيف، له أحاديث مناكير لا يتابع عليها. انظر: التهذيب (2/ 206)]، وعبد الرزاق بن عمر [الثقفي الدمشقي: متروك، منكر الحديث عن الزهري، كذبه ابن معين. التهذيب (2/ 572)]:
عن الزهري، قال: أخبرني سالم، عن عبد الله بن عمر؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى أصحابه يُسبِّحون بعد صلاة الظهر جلوسًا، فقال:"ما بال الناس؟ "، فقال: أصاب الناسَ وعكٌ يا رسول الله، فلذلك صلوا قعودًا، قال:"صلاةُ القاعدِ على النصف من صلاة القائم"، فتجشم الناس القيام.
وفي رواية عبد الرزاق بن عمر: عن سالم، عن أبيه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "صلاةُ القاعدِ مثلُ نصفِ صلاةِ القائمِ".
أخرجه الطبراني في مسند الشاميين (641)، وفي المعجم الكبير (12/ 282/ 13122)، وذكره الدارقطني في الأفراد (1/ 234/ 1172 - أطرافه)، وفي العلل (12/ 202/ 2620) و (13/ 28/ 2919).
وهو حديث باطل بهذا الإسناد من حديث سالم عن ابن عمر.
[وانظر أيضًا: التمهيد لابن عبد البر (12/ 46)].
• قال ابن عبد البر في التمهيد (12/ 47) بعد أن ذكر الاختلاف فيه على الزهري بأكثر من هذا: "وكل هذا خطأ، والله أعلم".
• والمحفوظ في هذا عن الزهري ما رواه عنه جماعة الحفاظ من أصحابه مرسلًا:
فقد رواه: مالك بن أنس، وعبيد الله بن عمر العمري، ومعمر بن راشد، وشعيب بن أبي حمزة، ويونس بن يزيد الأيلي:
عن ابن شهاب، عن عبد الله بن عمرو بن العاص؛ أنه قال: لما قدمنا المدينة نالنا وباءٌ من وعكها شديدٌ، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم على الناس، وهم يصلون في سُبحتهم قعودًا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"صلاة القاعد مثل نصف صلاة القائم"[قال: وطفق الناس حينئذ يتجشمون القيام].
أخرجه مالك في الموطأ (1/ 198/ 362)، وعبد الرزاق (2/ 471/ 4120)، وابن أبي شيبة (1/ 403/ 4634)(3/ 489/ 4668 - ط. عوامة)، وأبو أحمد الحاكم في عوالي مالك (96)، وذكره الدارقطني في العلل (12/ 202/ 2620) و (13/ 29/ 2919)، وفي الأفراد (1/ 233/ 1172 - أطرافه).
[وانظر أيضًا: التمهيد لابن عبد البر (12/ 47)].
قال مسلم في التمييز: "والمحفوظ عندنا من هذا: مالك ويونس ومن تابعهما، عن الزهري، عن عبد الله بن عمرو"، قال أبو العباس الداني في أطراف الموطأ (3/ 16):"يعني: من غير واسطةٍ مقطوعًا، يريد أنه لا يُحفظ للزهري متصلًا".
وقال محمد بن يحيى الذهلي: "والمحفوظ عندنا؛ يعني: أحاديث معمر، وشعيب، وعبيد الله بن عمر، وبكر بن وائل بن داود، كلهم عن الزهري، عن عبد الله بن عمرو، حديث هؤلاء؛ لأن الزهري لو كان سمعه من أنس لانتشر عنه، ولقدموا حديثه؛ لأن حديث عبد الله؛ يعني: ابن عمرو: مرسل"[قيام الليل لابن نصر المروزي (333 - مختصره)].
وقال النسائي: "الصواب: الزهري، عن عبد الله بن عمرو؛ مرسل".
وقال أبو أحمد الحاكم: "قد اختلفوا على الزهري في رواية هذا الحديث على وجوه شتى، لكن روي عن سفيان بن عيينة عن الزهري عن عيسى بن طلحة عن عبد الله بن عمرو، وهو أقربها إلى عبد الله بن عمرو، والصحيح من باقيها المراسيل، مثل رواية مالك بن أنس، وسائرها واهية".
وقال الدارقطني في العلل (13/ 29/ 2919): "وقال مالك بن أنس، وعبيد الله بن عمر، وغيرهما من الحفاظ: عن الزهري، عن عبد الله بن عمرو: مرسلًا، وهو الصواب".
وقال أيضًا (12/ 202/ 2620): "ورواه مالك ومعمر، عن الزهري؛ أن عبد الله بن عمرو، لم يذكر بينهما أحدًا، وهو المحفوظ".
• ورواه بعضهم فجعله من مسند أنس:
رواه عبد الله بن جعفر المخرمي [من ولد المسور بن مخرمة]، عن إسماعيل بن محمد بن سعد بن أبي وقاص، عن أنس بن مالك، قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم على ناسٍ وهم يصلون قعودًا من مرض، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"صلاة القاعد على مثل نصف صلاة القائم".
أخرجه النسائي في الكبرى (2/ 143/ 1368)، وابن ماجه (1230)، وأحمد (3/ 214 و 240)، وابن أبي شيبة (1/ 403/ 4639)، والبزار (12/ 324/ 6187)، وأبو يعلى (7/ 300/ 4336)، والطبراني في الكبير (1/ 256/ 742).
قال النسائي: "هذا خطأ، والصواب: إسماعيل، عن مولى لابن العاصي، عن عبد الله بن عمرو".
وقال البزار: "ولا نعلم يروى هذا الكلام عن أنس إلا من هذا الوجه؛ إلا حديثًا يخطئ فيه ابن جريج، رواه عن الزهري عن أنس، ولا نعلم أسند إبراهيم [كذا، وإنما هو: إسماعيل] بن محمد بن سعد عن أنس إلا هذا الحديث".
وقال محمد بن يحيى الذهلي: "وحديث أنس: من حديث المخرمي عن إسماعيل بن محمد بن سعد عن أنس رضي الله عنه: عندنا غير محفوظ؛ لأن مالكًا رواه عن إسماعيل بن محمد عن مولى لعمرو بن العاص أو لعبد الله بن عمرو، عن عبد الله بن عمرو، ومالك أولى لحفظه، ولأنه عن عبد الله بن عمرو مستفيض، قال: ولا نعرفه عن أنس رضي الله عنه من وجه يثبت".
• وهو كما قالوا، والصواب ما رواه:
مالك بن أنس، عن إسماعيل بن محمد بن سعد بن أبي وقاص، عن مولى لعمرو بن العاص، أو: لعبد الله بن عمرو بن العاص، عن عبد الله بن عمرو بن العاص؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"صلاة أحدكم وهو قاعد مثل نصف صلاته وهو قائم".
أخرجه مالك في الموطأ (1/ 198/ 361)، ومن طريقه: ابن وهب في الجامع (432)، وإسماعيل بن إسحاق القاضي في الخامس من مسند حديث مالك (132)، والطبراني في الكبير (13/ 416/ 14255)، والجوهري في مسند الموطأ (271).
• وحاصل ما تقدم: فإن طريق مجاهد وأبي موسى الحذاء متابعات قوية لحديث أبي يحيى، والطرق الأخرى وإن كان في بعضها ضعف يسير بسبب الانقطاع أو الابهام؛ فإنها تتقوى بحديث هلال بن يساف عن أبي يحيى عن عبد الله بن عمرو، ولكن بدون قصة
الوعك وتجشم الناس القيام، وبهذا يظهر أن ما يخرجه مالك في موطئه من المراسيل ونحوها مما فيه ضعف يسير تجد أن له أصلًا صحيحًا، والله أعلم.
• قال الترمذي في العلل (124): "وحديث عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم: "صلاة القاعد على النصف من صلاة القائم": هو حديث صحيح، يروى من غير وجه عن عبد الله بن عمرو".
وقد صححه مسلم، وأبو عوانة، وابن خزيمة، وابن حبان، والله أعلم.
وقال ابن العربي في المسالك في شرح الموطأ (3/ 48) عن حديث مالك عن ابن شهاب: "هذا حديث مرسل من مراسيل ابن شهاب،
…
، ويتصل من وجوه صحاح".
***
951 -
. . . يحيى، عن حسين المعلم، عن عبد الله بن بريدة، عن عمران بن حصين، أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن صلاة الرجل قاعدًا؟، فقال:"صلاتُه قائمًا أفضلُ من صلاته قاعدًا، وصلاته قاعدًا على النصف من صلاته قائمًا، وصلاته نائمًا على النصف من صلاته قاعدًا".
• حديث صحيح.
أخرجه ابن خزيمة (2/ 241/ 1249)، وأحمد (4/ 435)، والطبراني في الكبير (18/ 236/ 592)، وأبو نعيم في الحلية (8/ 390)، وابن حزم في المحلى (4/ 193).
رواه عن يحيى بن سعيد القطان: أحمد بن حنبل، ومسدد بن مسرهد، ومحمد بن أبي بكر المقدمي، ومحمد بن خلاد الباهلي [وهم ثقات].
• تابعه: سفيان بن حبيب، وإسحاق بن يوسف الأزرق، وعبد الوارث بن سعيد، وروح بن عبادة، وأبو أسامة حماد بن أسامة، ويزيد بن زريع، ومروان بن معاوية الفزاري، ويزيد بن هارون، وعيسى بن يونس، وبشر بن المفضل، وأبو خالد الأحمر سليمان بن حيان (11) [وهم ثقات]:
عن حسين المعلم، عن عبد الله بن بريدة، عن عمران بن حصين [وكان رجلًا مبسورًا]، قال: سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن صلاة الرجل وهو قاعد؟ فقال: "من صلى قائمًا فهو أفضل، ومن صلى قاعدًا فله نصف أجر القائم، ومن صلى نائمًا فله نصف أجر القاعد".
أخرجه البخاري (1115 و 1116)، والترمذي (371)، وقال:"حسن صحيح". والنسائي في المجتبى (3/ 224/ 1660)، وفي الكبرى (2/ 142/ 1366)، وابن ماجه (1231)، وابن خزيمة (2/ 235/ 1236) و (2/ 242/ 1249)، وابن حبان (6/ 258/ 2513)، وابن الجارود (230)، وأحمد (4/ 442 و 443)، وابن أبي شيبة (1/ 403/ 4632)، والبزار (9/ 12/ 3513)، وابن نصر المروزي في قيام الليل (332 - مختصره)،
وأبو العباس السراج في حديثه بانتقاء الشحامي (2551)، وابن المنذر في الأوسط (5/ 239/ 2778)، والطحاوي في المشكل (4/ 397/ 1694)، وفي أحكام القرآن (448)، والطبراني في الكبير (18/ 236/ 590 و 591)، والدارقطني (1/ 422)، وابن حزم في المحلى (3/ 56) و (4/ 193)، والبيهقي (2/ 308 و 491)، والخطيب في تاريخ بغداد (4/ 280)، وفي الموضح (2/ 22)، والبغوي في شرح السُّنَّة (4/ 108/ 982)، وقال:"هذا حديث صحيح".
وانظر: المعجم الأوسط للطبراني (7/ 147/ 7117).
قال البزار: "وهذا الحديث لا نعلمه يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم في صلاة النائم على النصف من صلاة القاعد؛ إلا في هذا الحديث، وإنما يروى عن النبي من وجوهٍ في: صلاة القاعد على النصف من صلاة القائم، وإسناده حسن".
قلت: هو حديث ثابت صحيح، صححه إمام أهل الصنعة، الإمام البخاري، وصححه أيضًا: الترمذي، وابن خزيمة، وابن حبان، وابن الجارود، واحتج به: أبو داود، والنسائي، وابن المنذر، والبيهقي، وغيرهم.
• قال البخاري بعد حديث عبد الوارث: "نائمًا عندي: مضطجعًا ها هنا".
وقال ابن خزيمة (1/ 267): "وإنما أراد بالنائم في هذا الموضع المضطجع؛ لا النائم الزائل العقل؛ إذ النائم الزائل العقل غير مخاطب بالصلاة، لا يمكنه الصلاة لزوال العقل".
وبوب له في موضع آخر (2/ 241): "باب تقصير أجر صلاة المضطجع عن أجر صلاة القاعد" ثم قال: "قد كنتُ أعلمتُ قبلُ أن العربَ توقع اسمَ النائم على المضطجع، وعلى النائم الزائل العقل بالنوم، وإنما أراد المصطفى صلى الله عليه وسلم بقوله: "وصلاة النائم": المضطجع؛ لا زائل العقل بالنوم؛ إذ زائل العقل بالنوم لا يعقل الصلاة في وقت زوال العقل".
• ورواه عبد الوهاب بن عطاء الخفاف [صدوق، كان عالمًا بسعيد بن أبي عروبة؛ إلا أنه سمع منه قبل الاختلاط وبعده، فلم يميز بين هذا وهذا]، عن سعيد بن أبي عروبة، عن حسين المعلم، قال [يعني: الخفاف]: وقد سمعته من حسين، عن عبد الله بن بريدة، عن عمران بن حصين، قال: كنت رجلًا ذا أسقام كثيرة، فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صلاتي قاعدًا؟ قال:"صلاتك قاعدًا على النصف من صلاتك قائمًا، وصلاة الرجل مضطجعًا على النصف من صلاته قاعدًا".
أخرجه أحمد (4/ 433)(8/ 4584/ 20204 - ط. المكنز).
• خالفه فسلك فيه الجادة والطريق السهل:
محمد بن بشر العبدي [ثقة ثبت، سماعه من ابن أبي عروبة: صحيح جيد، قال أحمد:"سماع محمد بن بشر، وعبدة منه جيد"، وقال أبو عبيد الآجري: "سألت أبا داود
عن سماع محمد بن بشر من سعيد بن أبي عروبة؟ فقال: هو أحفظ من كان بالكوفة". شرح علل الترمذي (2/ 743)، التقييد والإيضاح (429)]، فرواه عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن عبد الله بن بريدة، عن عمران بن حصين مرفوعًا بنحوه مختصرًا.
أخرجه الطبراني في الكبير (18/ 236/ 589)، بإسناد صحيح إلى العبدي.
قلت: الوجه الأول أشبه بالصواب، فقد تابع عبد الوهاب سعيدًا عليه، بسماعه من حسين المعلم، وفي الثاني سلوك للجادة، ولا يُعرف من حديث قتادة، إنما يُعرف من حديث حسين بن ذكوان المعلم، واشتهر عنه، لكن انفرد عبد الوهاب بزيادة: كنت رجلًا ذا أسقام كثيرة، وعبد الوهاب: صدوق، لينه جماعة من الأئمة، وضعفه أحمد في رواية [التهذيب (2/ 639)، الميزان (2/ 681)، سؤالات المروذي والميموني (47 و 48 و 359)].
• قال ابن حبان: "هذا إسنادٌ قد توهَّمَ من لم يُحْكِم صناعةَ الأخبار ولا تفقَّه في صحيح الآثار أنه منفصلٌ غيرُ مُتَّصِلٍ، وليس كذلك؛ لأن عبد الله بن بريدة وُلد في السنة الثالثة من خلافة عمر بن الخطاب سنة خمسَ عشرةَ، هو وسليمان بن بريدة أخوه توأمٌ، فلما وقعت فتنة عثمان بالمدينة خرج بريدة عنها بابنيه وسكن البصرة، وبها إذ ذاك عمران بن حصين وسمرة بن جندب، فسمع منهما، ومات عمران سنة اثنتين وخمسين في ولاية معاوية، ثم خرج بريدة منها بابنيه إلى سجستان، فأقام بها غازيًا مدةً، ثم خرج منها إلى مرو على طريق هراة، فلما دخلها وطَّنها، ومات سليمان بن بريدة بمرو، وهو على القضاء بها سنة خمس ومائة، فهذا يدلُّك على أن عبد الله بن بريدة سمع عمران بن حصين".
قلت: قد ورد التصريح بالسماع بين طبقات هذا السند طبقة طبقة عند أحمد في المسند (4/ 443)، من طريق: عبد الوارث: ثنا حسين المعلم: حدثني عبد الله بن بريدة، قال: حدثني عمران بن حصين، ووقع أيضًا التصريح بسماع عبد الله بن بريدة من عمران من نفس الطريق عند البخاري في الموضع الأول (1115).
فسماع ابن بريدة من عمران ثابت في هذا الحديث بإسناد صحيح متصل، وإخراج البخاري لهذا الحديث في صحيحه يقتضي ثبوت سماعه منه، واتصال إسناده، فضلًا عن كون السماع ثابتًا في نفس إسناد البخاري من طريق عبد الوارث بن سعيد، وقد صرح بذلك البخاري في التاريخ الكبير (5/ 51) حيث قال في ترجمة عبد الله بن بريدة:"سمع سمرة وعمران بن حصين"[التاريخ مع حاشيته].
• ورواه يحيى بن مطر المجاشعي، عن عاصم الأحول، عن عبد الله بن بريدة، عن عمران بن حصين، قال: كنت ذا وجع وسقم، فسألت النبي صلى الله عليه وسلم فقال:"صلاة القاعد على نصف صلاة القائم، وصلاة المضطجع على نصف صلاة القاعد".
أخرجه أبو جعفر ابن البختري في المنتقى من السادس عشر (88)، والدارقطني في الأفراد (2/ 86/ 4162 - أطرافه).
قال الدارقطني: "غريب من حديث عاصم الأحول عن عبد الله بن بريدة، تفرد به: يحيى بن مطر المجاشعي عنه".
قلت: لا يثبت مثله عن عاصم بن سليمان الأحول، لتفرد يحيى بن مطر المجاشعي به، ولم أر من تكلم فيه بجرح أو تعديل، فهو في عداد المجاهيل، وله ترجمة في تالي تلخيص المتشابه (2/ 422)، وهو غير يحيى بن مطر اليمامي الذي ترجم له البخاري وابن أبي حاتم وابن حبان [التاريخ الكبير (8/ 305)، الجرح والتعديل (9/ 191)، الثقات (7/ 601)].
• تنبيه هام:
الذي تكلم في حديث عمران هذا [مثل الخطابي وابن عبد البر (1/ 134)] بأن قال بأنه غلط أو منسوخ، أو قال بإدراج زيادة النائم؛ إنما تكلم فيه بالظن لأجل القول بعدم جواز النافلة مضطجعًا مع القدرة، وأنه لا يُعرف عن أحد من السلف قال بجوازه، فيقال: قد قال بجوازه الحسن البصري، إمام التابعين في زمانه، كما نقله عنه الترمذي بإسناد صحيح، حيث قال:"إن شاء الرجل صلى صلاة التطوع قائمًا وجالسًا ومضطجعًا"، ونقل النووي عن الشافعية وجهين في المذهب، فقال:"والثاني: وهو الصحيح؛ صحتها لحديث عمران، ولو صلى النافلة قاعدًا أو مضطجعًا للعجز عن القيام والقعود؛ فثوابه ثواب القيام بلا خلاف، كما في صلاة الفرض"[المجموع (3/ 231)]، وقال في روضة الطالبين (1/ 239):"ولو تنفل مضطجعًا مع القدرة على القيام والقعود جاز على الأصح"، وهو وجه في مذهب أحمد [الإنصاف مع الشرح الكبير (4/ 201)]، وطالما قد ثبت الحديث فهو حجة على المخالفين.
ولا يعارض هذا اللفظ الذي رواه الجماعة عن حسين المعلم، بما رواه إبراهيم بن طهمان عنه، حيث يمكن حملهما على أنهما حديثان مختلفان؛ الأول: في صلاة النافلة، والثاني: في صلاة الفريضة، حيث لا يسقط فرض القيام إلا بعدم الاستطاعة، وكذلك القعود، وهذا بخلاف تنصيف أجر القاعد إذا كان قادرًا على القيام فإنما هو في النفل دون الفرض، وسيأتي نقل كلام الأئمة في ذلك، والله أعلم.
قال الطحاوي في المشكل (4/ 397): "ذهب قوم إلى اضطراب حديث عمران هذا؛ لاختلاف إبراهيم بن طهمان وعيسى بن يونس، فيما روياه عليه عن حسين المعلم عن ابن بريدة عن عمران، ولم يكن ذلك عندنا كما ذكروا، ولكنهما حديثان مختلفان، فحديث إبراهيم منهما جواب من النبي صلى الله عليه وسلم لعمران في كيفية الصلاة التي سأله عنها، وحديث عيسى منهما إخبار من النبي صلى الله عليه وسلم بعدل صلاة القاعد المتطوع من صلاة القائم،
…
".
فإن قيل: رواية الجماعة عن حسين هي في صلاة الفرض أيضًا، وأراد به المريض الذي لو تحامل أمكنه القيام مع شدة المشقة والزيادة في العلة، فيجوز له أن يصلي قاعدًا، وأجره نصف أجر القائم [كما ذهب إلى ذلك الخطابي وتبعه على ذلك جماعة]،
وإنما يكمل أجره بالنِّيَّة للعجز، فيقال: قد دل حديث عبد الله بن عمرو على خلاف ذلك، وأن إتمام أجر صلاة القاعد مع القدرة على القيام خاص بالنبي صلى الله عليه وسلم، ففيه: حُدِّثتُ أنك قلت: "إن صلاة القاعد على النصف من صلاة القائم"، وأنت تصلي قاعدًا، قال:"أجل، ولكني لست كأحد منكم"، وهذا قطعًا في النفل دون الفرض، مع القدرة على القيام ولو مع المشقة المحتملة، لذا قال ابن مفلح في الفروع (5/ 122):"فيتوجه أنَّه خاص به، وحمله على العذر لا يصح لعدم الفرق"، وقال النووي في الخلاصة (1/ 343/ 1034):"قال أصحابنا: معناه: ثوابي في النافلة قاعدًا كثوابي قائمًا"، وهو ما ترجم به ابن خزيمة وابن المنذر لحديث عبد الله بن عمرو في اختصاص النبي صلى الله عليه وسلم بذلك.
والمشقة التي تبيح له ترك القيام في الفريضة: هي المشقة غير المحتملة، أو إذا كان لا يقدر على القيام بحال، أما مع المشقة المحتملة فلا يجوز له ترك القيام [قاله الشافعي في الأم (2/ 178 - ط. الوفاء)]، وقد سئل أحمد عن المريض متى يصلي قاعدًا؟ قال:"إذا كان قيامه يضعفه ويوهنه، أحب إليِّ أن يصليَ قاعدًا"، وقال:"إذا أطاق القيام صلى قائمًا"، وسأله الكوسج: "متى يصلي المريض جالسًا؟ قال: إذا كان قيامه يزيده وهنًا، ويشتدُّ عليه القيام، ولا يخرج في حاجة من حوائج الدنيا، قال إسحاق: كما قال [مسائل عبد الله (376 و 377)، مسائل ابن هانئ (366 و 368)، مسائل الكوسج (314)]، وعلى هذا فلو صلى الفريضة جالسًا مع المشقة المحتملة بطلت صلاته، فكيف يقال حينئذ بأن له نصف أجر القائم.
وأما ما روي في بعض طرق حديث عبد الله بن عمرو وحديث أَنس أن الحديث ورد في المعذور، حيث روي في بعض طرق حديث ابن عمرو مثلًا: لما قدمنا المدينة نالنا وباءٌ من وعكها شديدٌ، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم على الناس، وهم يصلون في سُبحتهم قعودًا، فيقال: لا يصح من ذلك شيء يصح الاعتماد عليه في ورود الحديث في المعذور، بل لو كانت صلاة النبي صلى الله عليه وسلم جالسًا [كما في حديث عبد الله بن عمرو عند مسلم، وهو حديث الباب برقم (950)]، لو كانت لعذر لما وضع عبد الله بن عمرو يده على رأسه، ولما حصلت له هذه الدهشة، إذ لا وجه للإنكار على المعذور، وبيان ذلك: أن عبد الله بن عمرو كان يرى النبي صلى الله عليه وسلم يصلي بهم الفريضة قائمًا، ثم رآه بعد ذلك يصلي النافلة قاعدًا، وقد أُخبر بأن صلاة القاعد على النصف من صلاة القائم، فحصل له هذا التعجب، لذا أخبره النبي صلى الله عليه وسلم بأنه ليس كأحد منهم، وأن أجره قاعدًا كأجره قائمًا، ولو كان جلوسه لعذر أو مرض لما احتاج إلى هذا التخصيص، والله أعلم.
ويأتي نقل كلام الأئمة في الجمع بين الحديثين في الحديث الآتي.
***
952 -
. . . إبراهيم بن طهمان، عن حسين المعلم، عن ابن بريدة، عن عمران بن حصين، قال: كان بي الناصور، فسألت النبي صلى الله عليه وسلم؟؛ فقال:"صلِّ قائمًا، فإن لم تستطع فقاعدًا، فإن لم تستطع فعلى جَنْب".
• حديث صحيح.
أخرجه البخاري (1117)، والترمذي (372)، وأبو علي الطوسي في مستخرجه عليه "مختصر الأحكام"(2/ 291/ 345)، وابن ماجة (1223)، وابن خزيمة (2/ 90/ 979) و (2/ 242/ 1250)، وابن حبان في الصلاة (12/ 36/ 15037 - إتحاف المهرة)، وابن الجارود (231)، والحاكم (1/ 315) و (2/ 299)، وأحمد (4/ 426)، والبزار (9/ 14/ 3515)، والروياني (145)، وابن المنذر في الأوسط (4/ 379/ 2306) و (5/ 80/ 2417)، والطحاوي في المشكل (4/ 396/ 1693)، وفي أحكام القرآن (446)، والدارقطني (1/ 380)، والبيهقي في السنن (2/ 304 و 305) و (3/ 155)، وفي المعرفة (2/ 138/ 1077)، وابن عبد البر في التمهيد (1/ 135)، والخطيب في تاريخ بغداد (6/ 24)، والبغوي في شرح السُّنَّة (4/ 109/ 983)، وقال:"هذا حديث صحيح". وفي التفسير (1/ 385).
رواه عن إبراهيم بن طهمان: عبد الله بن المبارك، ووكيع بن الجراح، وعلي بن الحسن بن شقيق، وأبو عامر العقدي [وهم ثقات].
وهذا لفظ وكيع، وفي رواية له [عند البزار والطحاوي]: كان بي الباسور، ووقع عند الترمذي وغيره: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صلاة المريض، وفي رواية ابن المبارك [عند البخاري وغيره]: كانت بي بواسير، وقال أبو عامر [عند الدارقطني]: الباسور.
قال ابن المبارك في هذا الحديث: "كان إبراهيم بن طهمان ثبتًا في الحديث".
وقد وهم الحاكم في استدراكه على البخاري، حيث قال:"هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه بهذا اللفظ، إنما أخرجه البخاري من حديث يزيد بن زريع عن حسين المعلم مختصرًا".
• قال الترمذي: "لا نعلم أحدًا روى عن حسين المعلم نحو رواية إبراهيم بن طهمان.
وقد روى أبو أسامة وغير واحد عن حسين المعلم نحو رواية عيسى بن يونس.
ومعنى هذا الحديث عند بعض أهل العلم؛ [يعني: حديث الجماعة عن حسين المعلم]: في صلاة التطوع، حدثنا محمد بن بشار: حدثنا ابن أبي عدي، عن أشعث بن عبد الملك، عن الحسن، قال: إن شاء الرجل صلى صلاة التطوع قائمًا وجالسًا ومضطجعًا، واختلف أهل العلم في صلاة المريض إذا لم يستطع أن يصلي جالسًا، فقال
بعض أهل العلم: يصلي على جنبه الأيمن، وقال بعضهم: يصلي مستلقيًا على قفاه ورجلاه إلى القبلة.
وقال سفيان الثوري في هذا الحديث: من صلى جالسًا فله نصف أجر القائم، قال: هذا للصحيح، ولمن ليس له عذر؛ يعني: في النوافل، فأما من كان له عذر من مرض أو غيره فصلى جالسًا فله مثل أجر القائم.
وقد روي في بعض هذا الحديث مثل قول سفيان الثوري".
وقال البزار: "وهذا الكلام لا نحفظه في صفة الصلاة على طاقة الإنسان عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا من هذا الوجه، ولا نعلم له طريقًا عن عمران إلا هذا الطريق، وإسناده حسن، ورواه عن إبراهيم بن طهمان غير واحد فاجتزينا بمن ذكرناه دون غيره".
وقال أبو عبد الله محمد بن نصر المروزي: "فقوله صلى الله عليه وسلم: "صلاة القاعد على النصف من صلاة القائم" عند العلماء، إنما هو في التطوع خاصة دون الفريضة؟، وذلك أن يصلي الرجل التطوع قاعدًا وهو قادر على القيام؛ إلا أن يكون قد طعن في السن أو عرض له ثِقَلٌ في البدن وملالةٌ وفترةٌ، فيجد القعودَ أخفَّ عليه فيصلي قاعدًا ليكون أنشط له وأقدر على كثرة القراءة والركوع والسجود، ولو تجشم القيام لأمكنه غير أنَّه يتخفف بالقعود، فإذا فعل ذلك كان له مثل أجر القائم، فأما الفريضة فإن صلاها قاعدًا وهو يقدر على القيام لم تجزه صلاته، فإن عجز عن القيام فصلاها قاعدًا فله مثل أجر القائم إن شاء الله تعالى، وكذلك المتطوع إذا عجز عن القيام لمرض أو لزمانة حلت به فصلى التطوع قاعدًا ومن نيته أن لو استطاع القيام لقام، فله مثل أجر القائم، وإنما يكون نصف أجر القائم لمن صلى قاعدًا وهو يقدر على القيام".
وبوب ابن خزيمة لحديث الجماعة بقوله (2/ 235): "باب تقصير أجر صلاة القاعد عن صلاة القائم في التطوع.
وقد أطال الطحاوي في تقرير هذا المعنى في مشكل الآثار (4/ 397)، فليراجع، وكان مما قال:"وذلك عندنا - والله أعلم - على المصلي تطوعًا قاعدًا وهو يطيق أن يصلي قائمًا، فيكون له بذلك نصف ما يكون له لو صلى قائمًا".
وقال ابن عبد البر في التمهيد (1/ 132) في معرض كلامه على حديث عبد الله بن عمرو: "والمراد بهذا الحديث ومثله: صلاة النافلة والله أعلم؛ لأن المصلي فرضًا جالسًا لا يخلو من أن يكون مطيقًا على القيام، أو عاجزًا عنه؛ فإن كان مطيقًا وصلى جالسًا فهذا لا تجزيه صلاته عند الجميع، وعليه إعادتها، فكيف يكون لهذا نصفُ فضلِ مصلٍّ، بل هو عاصٍ بفعله، وأما إذا كان عن القيام عاجزًا فقد سقط فرض القيام عنه؛ إذا لم يقدر عليه؛ لأنَّ الله لا يكلف نفسًا إلا وسعها، وإذا لم يقدر على ذلك صار فرضه عند الجميع أن يصلي جالسًا، فإذا صلى كما أمر فليس المصلي قائمًا بأفضل منه؛ لأنَّ كلًّا قد أدَّى فرضه على وجهه.
والأصل في هذا الباب: أن القيام في الصلاة لما وجب فرضًا بقوله: {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} [البقرة: 238]، وقوله: " {قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا (2)} [المزمل: 2]، وقعت الرخصة في النافلة أن يصليها الإنسان جالسًا من غير عذر لكثرتها، واتصال بعضها ببعض.
وأما الفريضة فلا رخصة في ترك القيام فيها، وإنما يسقط ذلك بعدم الاستطاعة عليه، وقد أجمعوا على أن القيام في الصلاة فرض على الإيجاب لا على التخيير، وأن النافلةَ فاعلُها مخيَّرٌ في القيام فيها، فكفى بهذا بيانًا شافيًا، وبالله التوفيق، وهذا الحديث أصل في إباحة الصلاة جالسًا في النافلة".
وقال البغوي في شرح السُّنَّة (4/ 109): "الحديث الأول في صلاة التطوع؛ لأنَّ أداء الفرائض قاعدًا مع القدرة على القيام لا يجوز، فإن صلى القادر صلاة التطوع قاعدًا، فله نصف أجر القائم، قال سفيان الثوري: أما من له عذر من مرض أو غيره فصلى جالسًا فله مثل أجر القائم، وهل يجوز أن يصلي التطوع نائمًا مع القدرة على القيام أو القعود؟ فذهب بعضهم إلى أنَّه لا يجوز، وذهب قوم إلى جوازه، وأجره نصف أجر القاعد، وهو قول الحسن، وهو الأصح والأولى لثبوت السُّنَّة فيه.
وأما الحديث الثاني في العاجز إن لم يقدر على القيام، يصلي قاعدًا، فإن عجز عن القعود صلى نائمًا، ولا نقصان لأجره إن شاء الله.
وقيل: الحديث الأول في صلاة الفرض، وأراد به المريض الَّذي لو تحامل أمكنه القيام مع شدة المشقة والزيادة في العلة، فيجوز له أن يصلي قاعدًا، وأجره نصف أجر القائم، ولو تحمل المشقة فقام تم أجره، وكذلك النائم الَّذي لو تحامل أمكنه القعود مع شدة المشقة، فله أن يصلي نائمًا، وله نصف أجر القاعد، ولو قعد تم أجره، ويشبه أن يكون هذا جوابًا لعمران، فإنه كان مبسورًا، وعلة الباسور ليست بمانعة من القيام في الصلاة، ولكنه رخص له في القعود إذا اشتدت عليه المشقة".
وقال أبو العباس الداني في أطراف الموطأ (3/ 17): "وهذا الحديث إنما هو في صلاة النافلة خاصة دون الفريضة"، ثم نقل كلام الثوري.
وقال النووي في الخلاصة (1/ 342/ 1029): "قال العلماء: هذا في صلاة النفل مع القدرة على القيام، فأما الفرض: فلا يجوز قاعدًا مع القدرة [على القيام] بالإجماع؛ فإن عجز لم ينقص ثوابه، ولا ينقص ثواب نفل العاجز أيضًا"[نصب الراية (2/ 150)].
وقال ابن القيم في إعلام الموقعين (4/ 316): "وهذا له محملان: أحدهما: أن يكون في النافلة عند من يجوِّزها مضطجعًا، والثاني: على المعذور، فيكون له بالفعل النصف، والتكميل بالنِّيَّة".
قلت: وفي الثاني تكلُّف ظاهر، ومعارضة لظاهر حديث عبد الله بن عمرو، والصحيح الأول.
وانظر أيضًا: غريب الحديث لأبي عبيد (3/ 349)، مختصر قيام الليل (333)،
معالم السنن (1/ 194)، أعلام الحديث (1/ 630)، شرح ابن بطال لصحيح البخاري (3/ 104)، الحاوي (2/ 290)، المحلى (3/ 63)، المفهم (3/ 237)، النهاية (5/ 129)، المجموع شرح المهذب (4/ 358)، مجموع الفتاوى (7/ 36) و (23/ 130 و 234 و 242)، بدائع الفوائد (4/ 1012)، الصلاة وحكم تاركها (160)، الفتح لابن حجر (2/ 585)، الإنصاف للمرداوي (2/ 188)، وغيرها كثير.
• ومما جاء من شواهد في أن صلاة القاعد على النصف من صلاة القائم:
1 -
حديث ابن عمر [أخرجه الطبراني في مسند الشاميين (641)، وفي المعجم الكبير (12/ 282/ 13122)][وهو حديث باطل بهذا الإسناد، وذكره الدارقطني في الأفراد (1/ 234/ 1172 - أطرافه)، وفي العلل (12/ 202/ 2620) و (13/ 28/ 2919)][وقد تقدم الكلام عليه عند ذكر الاختلاف على الزهري في حديث عبد الله بن عمرو بن العاص برقم (950)].
[وأخرجه ابن عدي في الكامل (7/ 14)][وهو حديث باطل من حديث مالك عن نافع عن ابن عمر، تفرد به: النعمان بن شبل الباهلي البصري، وكان متهمًا، يأتي عن الثقات بالطامات. اللسان (8/ 285)، والراوي عنه حفيده: محمد بن محمد بن النعمان: طعن فيه الدارقطني واتهمه. اللسان (7/ 470)].
[وأخرجه ابن المقرئ في المعجم (118)][تفرد به عن معتمر عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر: أحمد بن عبيد الله بن الحسن العنبري، وهو: مجهول الحال، قال الدارقطني (13/ 28/ 2919): "ووهم فيه، والصواب: عن عبيد الله عن الزهري مرسلًا، عن عبد الله بن عمرو، عن النبي صلى الله عليه وسلم". الثقات (8/ 31)، بيان الوهم (3/ 359/ 1105)،اللسان (1/ 533)، التعجيل (1321)].
2 -
حديث أنس [أخرجه: أحمد (3/ 136)، وعبد الرزاق (2/ 471 - 472/ 4121)، والبزار (13/ 40 - 41/ 6352 و 6353)، وابن نصر المروزي في قيام الليل (333 - مختصره)، وأبو يعلى (6/ 275/ 3583)، وابن أبي حاتم في العلل (1/ 160/ 452)، والدارقطني في الأفراد (1/ 233/ 172 1 - أطرافه)، وابن عبد البر في التمهيد (12/ 48)، والضياء في المختارة (7/ 195 و 196/ 2631 و 2632)] [تقدم ذكر هذا الحديث عند ذكر الاختلاف على الزهري في حديث عبد الله بن عمرو بن العاص برقم (950)، وبينت أنَّه غير محفوظ عن الزهري، قال أبو حاتم:"هذا خطأ"، وقال البزار:"وهذا الحديث قد اختلف فيه عن الزهري، فقال عبد الرزاق ومحمد بن بكر: عن ابن جريج عن الزهري عن أَنس، وتابعهما: صالح بن أبي الأخضر على روايتهما"، وقال محمد بن يحيى الذهلي: "والمحفوظ عندنا يعني: أحاديث معمر، وشعيب، وعبيد الله بن عمر، وبكر بن وائل بن داود، كلهم عن الزهري، عن عبد الله بن عمرو، حديث هؤلاء؛ لأنَّ الزهري لو كان سمعه من أَنس لانتشر عنه، ولقدموا حديثه؛ لأنَّ حديث عبد الله؛ يعني: ابن عمرو: مرسل.
وحديث أَنس: من حديث المخرمي عن إسماعيل بن محمد بن سعد عن أَنس رضي الله عنه: عندنا غير محفوظ؛ لأنَّ مالكًا رواه عن إسماعيل بن محمد عن مولى لعمرو بن العاص أو لعبد الله بن عمرو، عن عبد الله بن عمرو، ومالك أولى لحفظه، ولأنه عن عبد الله بن عمرو مستفيض، قال: ولا نعرفه عن أَنس رضي الله عنه من وجه يثبت"، وتقدم نقل كلام الدارقطني في الموضع المشار إليه].
3 -
حديث ابن عباس [أخرجه: العقيلي في الضعفاء (1/ 207)، وابن عدي في الكامل (2/ 247)][وهو حديث باطل، تفرد به عن الحكم بن عتيبة: حماد بن يحيى الأبح، وهو: لا بأس به، يهم في الشيء بعد الشيء، وعنه: جبارة بن المغلس، وهو واهٍ، ما كان يتعمد الكذب؛ إنما كان يوضع له الحديث؛ فيحدث به، وقد أنكر عليه الإمام أحمد هذا الحديث. التهذيب (1/ 288)، الميزان (1/ 387)، العلل ومعرفة الرجال (1/ 471/ 1090)، الجرح والتعديل (2/ 550)].
4 -
حديث أم سلمة [أخرجه ابن أبي شيبة (2/ 175/ 7814)، والحارث بن أبي أسامة (4/ 556/ 648 - مطالب) (1/ 335/ 225 - بغية الباحث)، وابن نصر المروزي في قيام الليل (334 - مختصره)، وأبو القاسم البغوي في مسند ابن الجعد (266)][وفي سنده رجل مبهم].
5 -
حديث السائب، أو حديث عائشة [وهو حديث مضطرب][أخرجه الترمذي في العلل (123)، والنسائي في الكبرى (2/ 144/ 1369 - 1371)، وأحمد (3/ 425) و (6/ 61 و 62 و 71 و 220 و 220 - 221 و 221 و 227)، وإسحاق بن راهويه (3/ 616 و 617/ 1190 و 1191)، وأبو عبيد القاسم بن سلام في غريب الحديث (3/ 348)، وابن أبي شيبة (1/ 403/ 4636)، وأبو يعلى (8/ 356/ 4941)، وأبو القاسم البغوي في مسند ابن الجعد (2685)، والطحاوي في المشكل (13/ 240/ 5233)، وفي أحكام القرآن (449/ 450)، والطبراني في الصغير (2/ 279/ 1165)، والدارقطني (1/ 397)، وأبو نعيم في تسمية الرواة عن أبي نعيم الفضل بن دكين (24)، والخطيب في تاريخ بغداد (14/ 226)، وفي المتفق والمفترق (1/ 217/ 74) و (3/ 1461/ 859)][وفي سنده اضطراب، قال الطحاوي: لم يثبت"، اضطرب فيه: إبراهيم بن مهاجر البجلي: وليس بالقوي، ولا يتابع على بعض حديثه، وهذا منها، وقد جعله مرة من مسند عائشة، ومرة من مسند السائب، وقد خولف فيه، كما أنَّه اختُلف على الرواة عنه أيضًا اختلافًا شديدًا، وانظر الحديث المتقدم برقم (316)][وانظر: علل ابن أبي حاتم (350)، وعلل الدارقطني (14/ 342/ 3690)].
[وروي من طريق آخر فيه جهالة، عند الدارقطني في المؤتلف والمختلف (1/ 302)، وابن عبد البر في الاستيعاب (2/ 576)، من مسند السائب بن نميلة، قال ابن عبد البر:"لا أعرفه بغير هذا، وأخشى أن يكون حديثه مرسلًا"، وقيل: في إسناده عبد الكريم بن أبي المخارق، أبو أمية البصري، وهو: مجمع على ضعفه، وقال النسائي والدارقطني:
متروك، وقال أحمد في رواية ابنه عبد الله:"ضعيف"، وفي رواية أبي طالب:"ليس هو بشيء، شبه المتروك". التهذيب (2/ 603)، الميزان (2/ 646)، الجرح والتعديل (6/ 60)، وانظر: معرفة الصحابة لابن منده (2/ 744)، الإصابة (3/ 25)].
6 -
حديث علي بن أبي طالب [أخرجه ابن عدي في الكامل (5/ 130)][وهو حديث موضوع، في إسناده: جابر بن يزيد الجعفي، وهو: متروك، يكذب، وعمرو بن شمر الجعفي: متروك، منكر الحديث، كُذِّب، ورُمِي بالوضع. اللسان (6/ 210)، وشيخ ابن عدي فيه: جعفر بن أحمد بن علي بن بيان، أبو الفضل الغافقي المصري: رافضي يضع الحديث. اللسان (2/ 441)، قال ابن عدي بعد حديثه هذا: "وهذا غير محفوظ بهذا الإسناد؛ ولعله أيضًا غير محفوظ عن جابر الجعفي، وعن عمرو بن شمر؛ لأنَّ شيخنا جعفر بن أحمد كنا نتهمه بوضع أحاديث يرويها"].
• ومما جاء من شواهد في كيفية صلاة المريض:
1 -
حديث علي مرفوعًا، وهو حديث منكر:
يرويه حسن بن حسين العرني: حدثنا حسين بن زيد، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن علي بن حسين، عن الحسين بن علي، عن علي بن أبي طالب، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"يصلي المريض قائمًا إن استطاع، فإن لم يستطع صلى قاعدًا، فإن لم يستطع أن يسجد أومأ، وجعل سجوده أخفض من ركوعه، فإن لم يستطع أن يصلي قاعدًا صلى على جنبه الأيمن مستقبل القبلة، فإن لم يستطع أن يصلي على جنبه الأيمن صلى مستلقيًا ورجلاه مما يلي القبلة".
أخرجه الدارقطني (2/ 42)، ومن طريقه: البيهقي (2/ 307)، وابن الجوزي في التحقيق (415).
وهذا حديث منكر، الحسن بن الحسين العرني: منكر الحديث، قال الذهبي:"هو حديث منكر، وحسين بن زيد ليَّن أيضًا"[الميزان (1/ 483)، اللسان (3/ 33)].
ولا يصح في الاستلقاء على الظهر شيء، والله أعلم.
• وأما ما روي في بعض كتب الفقه والتخريج: "يصلي المريض قائمًا، فإن لم يستطع فقاعدًا، فإن لم يستطع فعلى قفاه، ورجلاه مما يلي القبلة، يومي بطرفه"، فلا أعلم له إسنادًا بهذا اللفظ، إلا أن يكون أخذه بعضهم بالمعنى من حديث علي بن أبي طالب هذا، والله أعلم [انظر: الحاوي (2/ 197)، الهداية شرح البداية (1/ 77)، فتح القدير (2/ 5)، تبيين الحقائق (1/ 201)، نصب الراية (2/ 176)، وقال:"حديث غريب". الدراية (1/ 209)، وقال:"لم أجده هكذا". وغيرها].
2 -
حديث ابن عباس:
رواه حلبس بن محمد الضبعي، قال: نا ابن جريج، عن عطاء ونافع، عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال:"يصلي المريض قائمًا؛ فإن نالته مشقة صلى جالسًا، فإن نالته مشقة صلى نائمًا يومئ برأسه، فإن نالته مشقة سبح".
أخرجه الطبراني في الأوسط (4/ 210/ 3997).
قال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن ابن جريج إلا حلبس، تفرد به: محمد بن يحيى بن فياض".
قلت: هو حديث باطل؛ حلبس بن محمد الكلابي: متروك الحديث، منكر الحديث عن الثقات، وذهب ابن عدي إلى أنَّه هو حلبس بن غالب [المجروحين (1/ 277)، الكامل (2/ 457)، علل الدارقطني (5/ 169/ 801)، المؤتلف والمختلف (2/ 762)، اللسان (3/ 263)].
والمتفرد به عنه: محمد بن يحيى بن فياض الزماني: ثقة، لكن شيخ الطبراني: علي بن سعيد بن بشير الرازي: حافظ، رحال، جوال؛ إلا أنهم تكلموا في حفظه، وتفرد بأشياء لم يتابع عليها [اللسان (5/ 542)].
3 -
حديث ابن عمر:
رواه عبد الرحمن، قال: ثنا الفضل بن العباس الرازي، قال: ثنا هيثم بن يمان، قال: ثنا مسلم الزنجي، عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "المريض يصلي قائمًا، فإن لم يستطع فقاعدًا، فإن لم يستطع فمضطجعًا، فإن لم يستطع فالله أولى بالعذر".
أخرجه أبو الشيخ في طبقات المحدثين بأصبهان (3/ 538)، قال: حدثنا عبد الرحمن به. وعنه: أبو نعيم في تاريخ أصبهان (2/ 120).
مسلم بن خالد الزنجي المكي الفقيه: ليس بالقوي، كثير الغلط، قال البخاري وأبو حاتم:"منكر الحديث"[انظر: التهذيب (4/ 68) وغيره]، وفي تفرده عن عبد الله بن دينار العدوي المدني دون أصحابه الثقات على كثرتهم؛ نكارة ظاهرة، والراوي عنه: الهيثم بن اليمان: صالح الحديث؛ له أوهام تفرد بها عن الثقات [اللسان (8/ 365)]، والراوي عنه: الفضل بن العباس الرازي، المعروف بفضلك الرازي: ثقة حافظ [الجرح والتعديل (7/ 66)، تاريخ بغداد (14/ 337 - ط. الغرب)، السير (12/ 630)]، وشيخ ابن حيان هو: عبد الرحمن بن الحسن بن موسى بن محمد الضراب: وثقه أبو الشيخ ابن حيان وأبو نعيم [طبقات المحدثين (3/ 538)، تاريخ أصبهان (2/ 77)]، لكن أبا الشيخ ذكر أن هذا الحديث لم يكتبه إلا عنه مع أحاديث آخر، فهو من أصحاب الغرائب والأفراد.
قلت: وعليه؛ فإن هذا الإسناد غريب جدًّا؛ وهو حديث منكر.
4 -
حديث أَنس بن مالك:
رواه حفص بن عمر قاضي حلب: حدثنا مختار بن فلفل، عن أَنس بن مالك؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى على الأرض في المكتوبة قاعدًا، وقعد في التسبيح في الأرض فأومأ إيماءً.
أخرجه أبو يعلى (7/ 42/ 3955)، والطبراني في الأوسط (3/ 28/ 2364).
قال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن المختار إلا حفص، تفرد به محمد".
يعني: محمد بن بكار بن الريان، وهو: ثقة، لكن الشأن في حفص بن عمر قاضي حلب؛ فإنه منكر الحديث، قال ابن حبان:"يروي عن الثقات الموضوعات، لا يحل الاحتجاج به"[اللسان (3/ 231)].
وهذا حديث منكر؛ خالف فيه حفص الثقات فيما رووه عن المختار بن فلفل:
فقد رواه زائدة بن قدامة، قال: ثنا المختار بن فلفل، عن أَنس بن مالك، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "والذي نفس محمد بيده لو رأيتم ما رأيت لبكيتم كثيرًا ولضحكتم قليلًا"، قالوا: وما رأيت يا رسول الله؟ قال: "رأيت الجنّة والنار"، وحضهم على الصلاة، ونهاهم أن يسبقوه إذا كان يؤمهم بالركوع والسجود، وأن ينصرفوا قبل انصرافه من الصلاة، وقال لهم:"إني أراكم من أمامي ومن خلفي".
زاد بعضهم فيه: وسألت أنسًا عن صلاة المريض؟ فقال: يركع ويسجد قاعدًا في المكتوبة.
وهو حديث صحيح، تقدم تخريجه برقم (624)، وقد أخرج هذه الزيادة: أحمد (3/ 126)، وابن أبي شيبة (1/ 245/ 2823).
ورواه مختصرًا مقتصرًا على موضع الشاهد: عبد الواحد بن زياد [ثقة]، قال: ثنا المختار بن فلفل به.
أخرجه ابن المنذر في الأوسط (4/ 380/ 2312).
5 -
حديث جابر بن عبد الله:
رواه جماعة، قالوا: ثنا أبو بكر الحنفي [عبد الكبير بن عبد المجيد: بصري ثقة]: ثنا سفيان الثوري، عن أبي الزبير، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عاد مريضًا، فرآه يصلي على وسادةٍ، فأخذها فرمى بها، فأخذ عودًا ليصلي عليه، فأخذه فرمى به، وقال:"صلِّ على الأرض إن استطعت؛ والا فأوم إيماءً، واجعل سجودك أخفض من ركوعك".
أخرجه البزار (1/ 275/ 568 - كشف الأستار)، ومُكرَم بن أحمد البزاز في الأول من فوائده (48)، وأبو نعيم في الحلية (7/ 92) [ووقع عنده: أبو علي الحنفي، وهو خطأ إنما هو أبو بكر]، والبيهقي في السنن (2/ 306)، وفي المعرفة (2/ 140/ 1082 و 1083).
قال البزار: "لا نعلم أحدًا رواه عن الثوري إلا الحنفي".
وقال أبو نعيم: "تفرد به الحنفي".
وقال البيهقي في السنن: "وهذا الحديث يُعدُّ في أفراد أبي بكر الحنفي عن الثوري".
وقال في المعرفة: "هذا الحديث يُعدُّ في أفراد أبي بكر الحنفي، وقد تابعه: عبد الوهاب بن عطاء عن الثوري".
وقال ابن حجر في تعليقه على مختصر زوائد البزار (404): "هذا الإسناد صحيح".
• ثم روى البيهقي (2/ 306) قال: أخبرنا أبو سهل المروزي: ثنا أبو بكر بن خبيب: ثنا يحيى بن أبي طالب: ثنا عبد الوهاب بن عطاء: ثنا سفيان الثوري، عن أبي الزبير، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عاد مريضًا، فرآه يصلي على وسادةٍ، فأخذها فرمى بها، ثم ذكر بمثله؛ إلا أنَّه قال:"صلِّ بالأرض إن استطعت".
قلت: عبد الوهاب بن عطاء الخفاف: صدوق؛ لكنه غير معروف بالرواية عن الثوري، وليس من أصحابه، وإنما هو من أصحاب سعيد بن أبي عروبة، الذين لازموه وعُرفوا بطول صحبته.
كما أن يحيى بن أبي طالب جعفر بن عبد الله بن الزبرقان، وإن كان وثقه الدارقطني وغيره، فقد تكلم فيه جماعة، مثل: أبي داود؛ فقد خطَّ على حديثه، وموسى بن هارون؛ فقد كذبه، وأبي أحمد الحاكم؛ حيث قال:"ليس بالمتين"[انظر: اللسان (8/ 423 و 452)، الجرح والتعديل (9/ 134)، الثقات (9/ 270)، سؤالات الحاكم (239)، تاريخ بغداد (14/ 220)، السير (12/ 619)].
والراوي عنه: أبو بكر محمد بن أحمد بن خَنْب البخاري ثم البغدادي الدهقان، نزيل بخارى [وقد تصحفت خَنْب في المطبوع إلى: خبيب، وتصحفت في مواضع أخرى إلى: حبيب، أو: جناب، وانظر مثلًا: السنن الكبرى (2/ 403) و (6/ 37) و (9/ 348)، السنن الصغرى (1/ 34 و 299)، المعرفة (2/ 140/ 1082)، الشعب (1/ 427/ 610) و (3/ 21/ 2755)، الدلائل (5/ 425)]، قال الدارقطني:"حدَّث ببخارى بحديث كثير، وبكتب عبد الوهاب بن عطاء عن يحيى بن أبي طالب"، وقال الذهبي:"كان فقيهًا شافعي المذهب، محدثًا فهمًا، لا بأس به"[تاريخ بغداد (2/ 127 - ط. الغرب)، الأنساب (2/ 404)، السير (15/ 523)، تاريخ الإسلام (25/ 449)].
والراوي عنه، وهو شيخ البيهقي: أبو سهل المروزي محمد بن نصرويه بن أحمد الكُشمِيهَني، أكثر عنه البيهقي في تصانيفه، وقال عنه في السنن الصغرى (3/ 194):"قدم من بخارى علينا، وكان ثقة"، وذكر في الدلائل (7/ 148) أنَّه قدم عليهم نيسابور، وسمع منه البيهقي من أصل كتابه، وانظر أيضًا: السنن الكبرى (9/ 177)؛ إلا أني لم أجد من ترجم له، ولا من وثقه سوى البيهقي، ولا من روى عنه سواه.
وفي جزم الأئمة بتفرد أبي بكر الحنفي به عن الثوري، ما يؤكد عدم ثبوته عن الخفاف، إذ لو كان مشهورًا عنه، لما فاتهم.
• قال ابن أبي حاتم في العلل (1/ 113/ 307): "سئل أبي عن حديث رواه أبو بكر الحنفي، عن الثوري، عن أبي الزبير، عن جابر؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل على مريض، وهو يصلي على وسادة؟
قال: هذا خطأ؛ إنما هو عن جابر قوله؛ أنَّه دخل على مريض.
فقيل له: فإن أبا أسامة قد روى عن الثوري هذا الحديث مرفوعًا؟! فقال: ليس بشيء، هو موقوف".
قلت: لم أقف على رواية أبي أسامة حماد بن أسامة [وهو: ثقة ثبت] بعد بحث، ولا أراها تثبت عنه؛ لقول أبي حاتم:"ليس بشيء"؛ يعني: أنَّه لا يثبت عنه، كما يدل كلام أبي حاتم على تفرد أبي بكر الحنفي به عن الثوري، وأنه لا يعرف من حديث عبد الوهاب الخفاف عن الثوري، وإنما يُعرف هذا من قول جابر، غير مرفوع، والله أعلم.
وعادة الأئمة النقاد في كثير من الأحيان أنهم لا يسوقون أدلتهم على صحة أقوالهم، مع ما لهم من سعة الحفظ والاطلاع، وصحة الفهم، ونفاذ البصيرة، مما لم يؤته من جاء بعدهم، وهذا مما يوجب المصير إلى أقوالهم، والتسليم لأحكامهم، وعدم معارضتهم بطرق لا تثبت عن أصحابها، لا سيما وقد اتفقت أقوالهم على الجزم بالتفرد، كما في حالتنا هذه.
فإن قيل: أبو بكر الحنفي: ثقة، يروي عن الثوري، فما يمنعنا من قبول تفرده عن الثوري؟ فيقال: أبو بكر الحنفي ليس من أصحاب الثوري المقدَّمين فيه، أو المكثرين عنه، وكلام أبي حاتم يدل على أن أصحاب الثوري الثقات قد رووه عنه موقوفًا، ولذا جزم بوقفه بلا تردد، ولا نملك إلا التسليم له، والله أعلم.
• وهذا الحديث قد رواه أبو الربيع [هو: الزهراني، سليمان بن داود العتكي: ثقة]: حدثنا حفص بن أبي داود، عن محمد بن عبد الرحمن، عن عطاء، عن جابر بن عبد الله، قال: عاد رسول الله صلى الله عليه وسلم مريضًا وأنا معه، فرآه يصلي، ويسجد على وسادة، فنهاه، وقال:"إن استطعت أن تسجد على الأرض فاسجد؛ وإلا فأومئ إماءً، واجعل السجود أخفض من الركوع".
أخرجه أبو يعلى (3/ 345/ 1811).
قلت: وهذا إسناد واٍه؛ محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى: ليس بالقوي، كان سيئ الحفظ جدًّا، كثير الوهم، غلب عليه الاشتغال بالفقه والقضاء؛ فلم يكن يحفظ الأسانيد والمتون [انظر: التهذيب (3/ 627)، الميزان (3/ 613)]؛ فلا يحتج بحديثه، وحفص بن أبي داود، هو: حفص بن سليمان القارئ، وهو: متروك الحديث.
6 -
حديث ابن عمر:
رواه حفص بن سليمان [متروك الحديث]، عن قيس بن مسلم، عن طارق بن شهاب، عن ابن عمر، قال: عاد رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلًا من أصحابه مريضًا، وأنا معه فدخل عليه، وهو يصلي على عود، فوضع جبهته على العود، فأومأ إليه، فطرح العود، وأخذ وسادةً، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "دعها عنك؛ إن استطعت أن تسجد على الأرض؛ وإلا فأومئ إيماءً، واجعل سجودك أخفض من ركوعك].
أخرجه الطبراني في الكبير (12/ 269/ 13082).
• وهذا حديث منكر؛ إنما يُعرف هذا عن ابن عمر موقوفًا عليه:
• فقد روى مالك، عن نافع؛ أن عبد الله بن عمر كان يقول: إذا لم يستطع المريض السجود أومأ برأسه إيماءً، ولم يرفع إلى جبهته شيئًا.
أخرجه مالك في الموطأ (1/ 238/ 464)، ومن طريقه: البيهقي في السنن (2/ 306)، وفي المعرفة (2/ 140/ 1081).
• وروى أيوب عن نافع عن ابن عمر نحوه.
أخرجه عبد الرزاق (2/ 477/ 4142).
فهو موقوف على ابن عمر بإسناد غايةً في الصحة.
• فإن قيل: قد روي من وجه آخر مرفوعًا، وهو أصلح من الأول:
رواه قران بن تمام، عن عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من استطاع منكم أن يسجد فليسجد، ومن لم يستطع فلا يرفع إلى جبهته شيئًا ليسجد عليه، ولكن ركوعه وسجوده يومئ برأسه".
أخرجه الطبراني في الأوسط (7/ 135 - 136/ 7089).
قال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن عبيد الله بن عمر إلا قران بن تمام، تفرد به: سريج بن يونس".
قلت: سريج: ثقة؛ لكن الشأن في قران بن تمام، فإنه صدوق؛ لينه أبو حاتم، وقال ابن حبان:"يخطئ"[التهذيب (3/ 435)، الثقات (7/ 346)]، وفي تفرده عن عبيد الله بن عمر نكارة، لا سيما وقد ثبت وقفه عن مالك وأيوب عن نافع عن ابن عمر قوله.
قال النووي في الخلاصة (1026) عن الموقوف: "صحيح، رواه مالك في الموطأ عن نافع، ورفعه بعضهم، ورفعه ضعيف".
• ورواية مالك وأيوب أيضًا: أثبت مما رواه أبو بكر بن عبيد الله بن عمر، عن عبيد الله أبيه، عن نافع: أن ابن عمر قال: يصلي المريض مستلقيًا على قفاه تلي قدماه القبلة.
أخرجه عبد الرزاق (2/ 474/ 4130)، ومن طريقه: ابن المنذر في الأوسط (4/ 378/ 2305)، والدارقطني (2/ 43)، والبيهقي (2/ 308).
قال البيهقي: "وهذا موقوف، وهو محمول على ما لو عجز عن الصلاة على جنبه، وبالله التوفيق"، وكان أخرج قبله حديث علي السابق ذكره، وترجم لهما بقوله:"باب: ما روي في كيفية الصلاة على الجنب، أو الاستلقاء، وفيه نظر"؛ يعني: في ثبوت الاستلقاء مرفوعًا، والله أعلم.
قلت: يغلب على ظني أنَّه ليس بمحفوظ من حديث عبيد الله بن عمر العمري، فإني لم أعرف ابنه أبا بكر هذا.
• وقد روى عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري، عن سالم، عن ابن عمر، قال:
إذا كان المريض لا يستطيع ركوعًا ولا سجودًا أومأ برأسه في الركوع والسجود وهو يكبر.
أخرجه عبد الرزاق (2/ 476/ 4141)، ومن طريقه: ابن المنذر في الأوسط (4/ 380/ 2309).
وهذا موقوف على ابن عمر بإسناد صحيح على شرط الشيخين.
• وروى سفيان الثوري، وشعبة:
عن جبلة بن سحيم، قال: سمعت ابن عمر يُسأل: أيصلي الرجل على العود وهو مريض؟ فقال: لا آمركم أن تتخذوا من دونه أوثانًا، من استطاع أن يصلي قائمًا فليصل قائمًا، فإن لم يستطع فجالسًا، فإن لم يستطع فمضطجعًا يومي إيماء. لفظ الثوري.
وفي رواية له: إن استطعت أن تصلي قائمًا، وإلا فقاعدًا، وإلا فمضطجعًا.
ورواه شعبة بمعناه، وقال في آخره: صل قاعدًا، واسجد على الأرض؛ فإن لم تستطع فأوم إيماءً، واجعل السجود أخفض من الركوع.
أخرجه عبد الرزاق (2/ 476/ 4139)، وابن أبي شيبة (1/ 245/ 2818)، وابن المنذر في الأوسط (4/ 380/ 2310)، والبيهقي (2/ 307).
وهذا موقوف على ابن عمر بإسناد صحيح.
• وروى ابن عيينة، عن عمرو بن دينار:
كما روى ابن جريج:
كلاهما: عن عطاء بن أبي رباح، قال: دخل ابن عمر على صفوان الطويل، فوجده يسجد على وسادة، فنهاه، وقال: أومئ، واجعل السجود أخفض من الركوع.
لفظ عمرو بن دينار، ولفظ ابن جريج بنحوه.
أخرجه عبد الرزاق (2/ 476/ 4137 و 4138)، وابن أبي شيبة (1/ 244/ 2807)(2/ 510/ 2823 - ط. عوامة)، وابن المنذر في الأوسط (4/ 380/ 2311).
وهذا موقوف على ابن عمر بإسناد صحيح.
وله أسانيد أخرى عند عبد الرزاق وغيره، وفيما أوردته كفاية.
• وقد صح عن ابن مسعود أيضًا الأمر بالإيماء إذا لم يتمكن من السجود على الأرض، فقال: ضع وجهك على الأرض؛ فإن لم تستطع فأومئ إيماءً [واجعل سجودك أخفض من ركوعك].
أخرجه عبد الرزاق (2/ 477/ 4144)، وابن أبي شيبة (1/ 246/ 2829 و 2831 و 2835)، وابن أبي خيثمة في التاريخ الكبير (3/ 80/ 3901)، والبيهقي (7/ 302).
• فإن قيل: لم يثبت في حديث مرفوع أمر المريض بالإيماء إذا لم يتمكن من الركوع والسجود؛ فماذا عليه؟
فالجواب: إن الإيماء بالرأس لمن لم يقدر على الركوع والسجود مشروع للمريض، وهي صفة صحيحة للصلاة؛ لكونها قد ثبتت في أحاديث صلاة النافلة على الراحلة؛ فمنها:
1 -
حديث جابر بن عبد الله:
روى سفيان الثوري، عن أبي الزبير، عن جابر، قال: بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم في حاجةٍ، قال: فجئت وهو يصلي على راحلته نحو المشرق، والسجود أخفض من الركوع.
وفي رواية أتم: بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى حاجةٍ، فجئت وهو يصلي على راحلته نحو المشرق، وهو يومئ إيماءً، السجود أخفض من الركوع، فسلمتُ عليه فلم يردَّ، فلما انصرف قال:"إني كنتُ أصلي؛ فما فعلتَ في حاجة كذا وكذا".
وهو حديث صحيح، تقدم تخريجه تحت الحديث رقم (926)، وانظر بقية طرقه هناك وفيما سيأتي برقم (1227) - إن شاء الله تعالى -، وأصله في الصحيحين من حديث جابر [البخاري (400)، مسلم (540)].
2 -
حديث عامر بن ربيعة:
رواه ابن شهاب الزهري، عن عبد الله بن عامر بن ربيعة؛ أن عامر بن ربيعة أخبره، قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على الراحلة يُسبِّح، يوميء برأسه، قِبَل أيِّ وجهٍ توجَّه، ولم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع ذلك في الصلاة المكتوبة.
أخرجه البخاري (1093 و 1097 و 1104)، ومسلم (701)، ويأتي تخريجه في شواهد الحديث الآتي برقم (1227) إن شاء الله تعالى.
3 -
حديث ابن عمر:
رواه عبد الله بن دينار، قال: كان عبد الله بن عمر رضي الله عنهما يصلي في السفر على راحلته، أينما توجهت، يومئ، وذكر عبد الله أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يفعله.
أخرجه البخاري (1096)، ومسلم (700)، وله طرق كثيرة يأتي تخريجها عند الحديث الآتي برقم (1226) إن شاء الله تعالى.
• وثبت ذلك أيضًا في صلاة الخوف:
فقد روى موسى بن عقبة، عن نافع، عن ابن عمر، قال: صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الخوف في بعض أيامه، فقامت طائفة معه، وطائفة بإزاء العدو، فصلى بالذين معه ركعةً، ثم ذهبوا وجاء الآخرون، فصلى بهم ركعةً، ثم قضت الطائفتان ركعةً ركعةً، قال: وقال ابن عمر: فإذا كان خوفٌ أكثرَ من ذلك فصل راكبًا أو قائمًا تومئ ايماءً.
أخرجه البخاري (943)، ومسلم (839/ 306)، واللفظ له، وآخره قد جاء مرفوعًا، ولفظه عند البخاري: وزاد ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم:"وإن كانوا أكثر من ذلك فليصلوا قيامًا وركبانًا"[وانظر: الفتح لابن رجب (6/ 19)، الفتح لابن حجر (2/ 432)].
• وقد تقدم أنَّه قد صح عن ابن عمر وابن مسعود موقوفًا عليهما: أن المريض إذا لم يستطع السجود أومأ برأسه إيماءً، ولم يرفع إلى جبهته شيئًا، ويجعل السجود أخفض من الركوع، والله أعلم.
• وأما ما صح من فعله صلى الله عليه وسلم من صلاته قاعدًا لما اشتكى؛ فمنها:
1 -
حديث أَنس بن مالك:
رواه مالك، عن ابن شهاب، عن أَنس بن مالك: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ركِب فرسًا فَصُرِعَ عنه، فَجُحِشَ شِقُّه الأيمنُ، فصل صلاةَ من الصلوات وهو قاعد، فصلَّينا وراءه قعودًا، فلما انصرف قال:"إِنما جُعِلَ الإِمامُ لِيُؤتمَّ به؛ فإذا صلى قائمًا فصلوا قيامًا، وإذا ركع فاركعوا، وإذا رفع فارفعوا، وإذا قال: سمع الله لمن حمده، ففولوا: ربَّنا ولك الحمد، وإذا صلى جالسًا فصلوا جلوسًا أجمعون".
وهو حديث متفق على صحته، أخرجه البخاري (689)، ومسلم (411/ 80)، وتقدم عند أبي داود برقم (601).
2 -
حديث عائشة:
رواه هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة - زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها قالت: صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيته وهو جالس، فصلى وراءه قومٌ قياما، فأشار إليهم أن: اجلسوا، فلما انصرف قال:"إنما جُعِل الإِمامُ ليُؤتَمَّ به، فإذا ركع فاركعوا، وإذا رفع فارفعوا، وإذا صلى جالسًا فصلوا جلوسًا".
تقدم برقم (605)، وهو حديث متفق عليه.
3 -
عن جابر بن عبد الله:
رواه الليث بن سعد، عن أبي الزبير، عن جابر بن عبد الله، قال: اشتكى رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلينا وراءه وهو قاعد، وأبو بكر يكبر، ويُسمع الناسَ تكبيرَه، قال: فالتفت إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فرآنا قيامًا، فأشار إلينا فقعدنا، فصلينا بصلاته قعودًا، فلما سلم قال:"إن كدتم آنفًا تفعلون فعل فارس والروم، يقومون على ملوكهم وهم قعود، فلا تفعلوا، ائتموا بأئمتكم: إن صلى قائمًا فصلوا قيامًا، وإن صلى قاعدًا فصلوا قعودًا".
أخرجه مسلم (413/ 84)، وتقدم برقم (606)، وانظر أيضًا: الحديث رقم (602).
4 -
حديث عائشة، وله طرق منها:
أ - ما رواه الأعمش، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عائشة، قالت: لما ثَقُل رسول الله صلى الله عليه وسلم، جاء بلال يؤْذِنه بالصلاة، فقال:"مروا أبا بكر فليُصلِّ بالناس" قالت: فقلت: يا رسول الله! إن أبا بكر رجل أسِيف، وإنه متى يقم مقامك لم يُسمِع الناسَ، فلو أمرت عمر، قال:"مروا أبا بكر فليُصلِّ بالناس"، فقلت لحفصة: قولي له، فقالت له، فقال:"إنكنَّ لأنتُنَّ صواحبات [في رواية الشيخين: صواحب] يوسف، مروا أبا بكر فليُصلِّ بالناس"، قالت: فأمروا أبا بكر، فلما دخل في الصلاة، وجد رسول الله صلى الله عليه وسلم من نفسه خفة، قالت: فقام يهادَى بين رجلين، ورجلاه تخطَّان في الأرض، قالت: فلما دخل المسجد سمع أبو بكر حِسَّه، فذهب ليتأخر، فأومأ إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم أن: قم كما أنت، قالت: فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم حتَّى قام عن يسار أبي بكر جالسًا، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي [جالسًا]، وأبو بكر قائمًا، يقتدي أبو بكر برسول الله صلى الله عليه وسلم، والناس يقتدون بأبي بكر.
أخرجه البخاري (664 و 712 و 713)، ومسلم (418/ 95 و 96)، وتقدم تخريجه تحت الحديث رقم (605).
ب - وما رواه زائدة بن قدامة، حدثني موسى بن أبي عائشة، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، قال: دخلت على عائشة فقلت لها: ألا تحدثيني عن مرض رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقالت: بلى، ثَقُل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:"أصلى الناس؟ "، فقلنا: لا، يا رسول الله هم ينتظرونك، فقال:"ضعوا في ماء في المخضب"،
…
فذكر الحديث بطوله إلى أن قال: ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم وجد في نفسه خِفُّةً، فخرج بين رجلين أحدهما العباس بن عبد المطلب [لصلاة الظهر]، وأبو بكر يصلي بالناس، فلما رآه أبو بكر ذهب ليتأخر، فأومأ إليه أن لا يتأخر، وقال لهما:"أجلساني إلى جنب أبي بكر"، فأجلساه إلى جنب أبي بكر، قالت: فجعل أبو بكر يصلي بصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو قائم، والناس يصلون بصلاة أبي بكر، ورسول الله صلى الله عليه وسلم قاعد.
أخرجه البخاري (687)، ومسلم (418/ 90)، وتقدم تخريجه تحت الحديث رقم (605)، وانظر بقية طرقه هناك.
• وروي أيضًا من حديث وائل بن حجر [عند: ابن ماجة (1224)][وهى حديث باطل، يرويه جابر الجعفي عن أبي حريز، وجابر: متروك يكذب، وأبو حريز: مجهول؛ قال البوصيري في مصباح الزجاجة (1/ 145): "هذا إسناد فيه جابر، وهو ابن يزيد الجعفي، وقد اتهم، وأبو حريز هذا: مجهول"].
• تنبيه هام:
عزى هذه الزيادة "فإن لم تستطع فمستلقيًا، {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} [البقرة: 286] " للنسائي من حديث عمران بن حصين: ابنُ قدامة في المغني (1/ 443)، لكنه قال بعد صفحتين فقط:"ولم يقل: "فإن لم يستطع فمستلقيًا"، ولم أقف على من سبق ابن قدامة إلى هذا، وهذا ابن الأثير في جامع الأصول (5/ 312/ 339) لم يذكر من ذلك شيئًا.
وقد تتابع الناس بعد ابن قدامة في عزو هذه الزيادة للنسائي، منهم: المجد ابن تيمية في منتقى الأخبار (2/ 447/ 1151 - النيل)، وابن الهمام في فتح القدير (2/ 4)، والزيلعي في نصب الراية (2/ 175)، والزركشي في شرح مختصر الخرقي (1/ 230)، وابن الملقن في البدر المنير (3/ 519)، وابن حجر في الدراية (1/ 209)، وفي التلخيص الحبير (1/ 407/ 335)، والعيني في شرح أبي داود (4/ 226)، وابن مفلح في المبدع (2/ 99)، وزكريا الأنصاري في فتح الوهاب (1/ 342)، وفي أسنى المطالب (1/ 145)، وتبعهم على ذلك جمع غفير ممن جاء بعدهم.
وعزاه ابن مفلح في الفروع (2/ 38) للدارقطني من حديث علي بن أبي طالب، وضعف إسناده، وبعدها بصفحتين كأنه ينكر على صاحب المحرر عزوه للنسائي، ثم عزاه
للدارمي وأبي بكر النجاد وأبي حفص العكبري من حديث ابن عمر، وضعف إسناده.
ومما يدل على أن هذه الزيادة لا أصل لها من حديث عمران - غير ما تقدم من بيان خلو طرق الحديث عن هذه الزيادة -: ما ترجم به ابن خزيمة للحديث في صحيحه (2/ 242)، إذ يقول: "باب صفة صلاة المضطجع خلاف ما يتوهمه العامة، إذ العامة إنما تأمر المصلي مضطجعًا أن يصلي مستلقيًا على قفاه، والنبي صلى الله عليه وسلم أمر المصلي مضطجعًا أن يصلي على جنب.
وكذلك قول ابن المنذر في الأوسط بعد حديث ابن طهمان (4/ 379): "فإن لم يقدر على جنبه صلى مستلقيًا، رجلاه في القبلة، على قدر طاقته"، ولو كانت هذه الريادة من قول النبي صلى الله عليه وسلم لما زاد ذلك من تلقاء نفسه.
فهذه زيادة لا أصل لها من حديث عمران بن حصين، وقد أدرجت في رواية ابن طهمان وليست منها، ورواية ابن طهمان لم يخرجها النسائي أصلًا، لا في سننه الصغرى، ولا في الكبرى، ولا عزاها إليه من تكلم في أطراف الكتب الستة، فلم يعزها إليه: ابن عساكر، ولا المزي (7/ 392/ 10832 - تحفة الأشراف)، ولا ابن حجر (8/ 185/ 10832 - النكت الظراف)، ولا العراقي (395 - الأطراف بأوهام الأطراف)، ولا من اشترطوا أو اهتموا بالعزو لكتب السُّنَّة المشهورة، مثل: ابن الأثير في جامع الأصول (5/ 312/ 339)، والسيوطي في الدر المسمور (2/ 133)، وغيرهم.
قلت: ويبعد أن يتوهم فقيه كون هذه اللفظة المدرجة من رواية النسائي (3/ 224/ 1660)، والتي هي عند البخاري أيضًا من حديث عمران (1115 و 1116)، فإن النسائي إنما أخرج حديث عمران بلفظ الجماعة عن حسين المعلم: سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن الَّذي يصلي قاعدًا؟ قال: "من صلى قائمًا فهو أفضل، ومن صلى قاعدًا فله نصف أجر القائم، ومن صلى نائمًا فله نصف أجر القاعد"، فكما ترى فإن الزيادة المزعومة لا مكان لها في هذا السياق.
• كما أنبه أيضًا على أن بعض المتأخرين زاد من كيسه في آخر حديث ابن طهمان هذا: "تومئ إيماءً"، ولا أصل لها من حديثه، ثم تتابع الناس على ذكرها بعده [انظر: المبسوط للسرخسي (1/ 212)، الكشاف (1/ 482)، تحفة الفقهاء (1/ 189)، بدائع الصنائع (1/ 106)، نصب الراية (2/ 175)، تخريج الأحاديث والآثار (1/ 262)، العناية شرح الهداية (2/ 314)، الدراية (1/ 209)، سبل السلام (1/ 200)، وغيرها كثير].
***
953 -
. . . قال أبو داود: حدثنا أحمد بن عبد الله بن يونس: حدثنا زهير: حدثنا هشام بن عروة، عن عروة، عن عائشة، قالت: ما رأيتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في شيءٍ من صلاة الليل جالسًا قطُّ، حتى دخل في السِّنِّ، فكان يجلس فيها فيقرأ، حتى إذا
بقِيَ أربعون أو ثلاثون آيةً [وفي رواية: حتَّى إذا بقَّى أربعين أو ثلاثين آيةً]، قام فقرأها، ثم سجد.
• حديث متفق على صحته من حديث هشام بن عروة.
لم أقف على من أخرجه من طريق زهير بن معاوية غير أبي داود.
• ورواه سفيان الثوري، وحماد بن زيد، ومهدي بن ميمون، وسفيان بن عيينة، وعبدة بن سليمان، ويحيى بن سعيد القطان، ووكيع بن الجراح، وعبد الله بن نمير، وجرير بن عبد الحميد، وعيسى بن يونس، ومحمد بن بشر العبدي، وأنس بن عياض، ووهيب بن خالد، والليث بن سعد، وجعفر بن عون، وعباد بن عباد بن حبيب المهلبي، وعلي بن مسهر، وعبد العزيز بن أبي حازم، وأبو معاوية محمد بن خازم الضرير، ومعمر بن راشد، ومحاضر بن المورع، وأبو خالد الأحمر سليمان بن حيان [وهم ثقات]، وغيرهم:
عن هشام بن عروة، قال: أخبرني أبي، عن عائشة، قالت: ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في شيء من صلاة الليل جالسًا، حتَّى إذا كبر قرأ جالسًا، حتَّى إذا بقي عليه من السورة ثلاثون أو أربعون آيةً قام فقرأهن، ثم ركع. وهذا لفظ القطان عند الشيخين.
وفي رواية عيسى بن يونس: ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى جالسًا حتَّى دخل في السنِّ، فكان يصلي وهو جالس يقرأ [قاعدًا]، فإذا غبر من السورة ثلاثون أو أربعون آية، قام فقرأ بها ثم ركع. وألفاظ البقية متقاربة.
وفي رواية ابن عيينة، وبنحوها رواية عبدة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي بالليل قائمًا، فلما أسنَّ صلى جالسًا، فإذا بقيت عليه ثلاثون أو أربعون آية قام فقرأها، ثم ركع.
أخرجه البخاري (1148)، ومسلم (731/ 111)، وأبو عوانة (1/ 531/ 1985 - 1988)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (2/ 326/ 1656)، والنسائي في المجتبى (3/ 220/ 1649)، وفي الكبرى (2/ 140/ 1360)، وابن ماجة (1227)، وابن خزيمة (2/ 237/ 1240) و (2/ 238/ 1243) و (2/ 240/ 1247)، وابن حبان (6/ 254/ 2509) و (6/ 358/ 2635) و (6/ 359 - 360/ 2632) و (6/ 360/ 2633)، وأحمد (6/ 46 و 52 و 127 و 204 و 231)، وإسحاق بن راهويه (2/ 131 و 132/ 612 - 615)، وعبد الرزاق (2/ 465/ 4096 و 4097)، والحميدي (192)، وابن سعد في الطبقات (1/ 420)، وابن أبي شيبة (1/ 341/ 3923 و 3924)، وعبد بن حميد (1494)، وابن نصر المروزي في قيام الليل (320 - مختصره)، وأبو يعلى (8/ 169/ 4722) و (8/ 288/ 4877)، وأبو العباس السراج في حديثه بانتقاء الشحامي (2179 - 2181 و 2186 - 2188)، وأبو بكر بن أبي داود في مسند عائشة (68)، وابن المنذر في الأوسط (5/ 241/ 2782)، والطحاوي في شرح المعاني (1/ 338)، والخطيب في تاريخ بغداد (11/ 83). وابن عساكر في تاريخ دمشق (4/ 146).
• ورواه مالك بن أَنس، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة أنها أخبرته؛ أنها لم تر رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي صلاة الليل قاعدًا قطُّ حتى أسنَّ، فكان يقرأ قاعدًا، حتى إذا أراد أن يركع قام فقرأ نحوًا من ثلاثين أو أربعين أيةً، ثم ركع.
أخرجه مالك في الموطأ (1/ 199/ 364)، ومن طريقه: البخاري (1118)، وأبو عوانة (1/ 531/ 1984)، وأحمد (6/ 178)، والشافعي في السنن (27)، إسماعيل القاضي في الخامس من مسند حديث مالك (18)، وابن نصر المروزي في قيام الليل (329 - مختصره)، والطحاوي في شرح المعاني (1/ 338)، والجوهري في مسند الموطأ (747)، وأبو عمرو الداني في البيان في عد آي القرآن (29 - 30)، والبيهقي في السنن (2/ 490)، وفي المعرفة (2/ 300/ 1358)، والبغوي في شرح السُّنَّة (4/ 106/ 979)، وقال:"هذا حديث متفق على صحته".
• وقد وهم في لفظه: أيوب أبو العلاء القصاب، فرواه عن أبي هاشم الرماني [ثقة]، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي جالسًا، فإذا أراد الركوع فام، فقرأ قدر عشر آيات، أو ما شاء الله، ثم ركع.
أخرجه أحمد (6/ 183)، والإسماعيلي في معجم شيوخه (1/ 351).
وأيوب بن مسكين أو: ابن أبي مسكين، أبو العلاء القصاب: صدوق يخطئ، يهم ويخالف [التهذيب (1/ 207)، الميزان (1/ 293)، إكمال مغلطاي (2/ 342)، سؤالات الآجري (3/ 242)، منهج النسائي في الجرح والتعديل (1/ 335)]، وقد خالف هنا جماعة من كبار الثقات الحفاظ.
وانظر أيضًا في الأوهام: المعجم الأوسط للطبراني (4/ 169/ 3884)، مسند الشاميين (4/ 78/ 2776)، تاريخ أصبهان (2/ 190).
• وله طرق أخرى عن عروة بن الزبير:
1 -
عبد الله بن يحيى: أخبرنا حيوة، عن أبي الأسود: سمع عروة، عن عائشة رضي الله عنها؛ أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان يقوم من الليل حتَّى تتفطر قدماه، فقالت عائشة: لم تصنع هذا يا رسول الله، وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ قال:"أفلا أحب أن أكون عبدًا شكورًا"، فلما كثر لحمه صلى جالسًا، فإذا أراد أن يركع قام فقرأ ثم ركع.
أخرجه البخاري (4837).
وقد أخرجه مسلم (2280)، وأحمد (6/ 115)، والشافعي في السنن (85)، وغيرهم.
من طريق: يزيد بن عبد الله بن قسيط، عن عروة، عن عائشة بنحوه، دون الزيادة موضع الشاهد.
وانظر في الأوهام: المعجم الصغير للطبراني (190).
2 -
زيد بن الحباب، وابن أبي فديك، قالا:
حدثني الضحاك بن عثمان: حدثني عبد الله بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، قالت: لما بدَّن رسول الله صلى الله عليه وسلم وثَقُل كان أكثرَ صلاته جالسًا.
أخرجه مسلم (1732/ 117)، وأبو نعيم في مستخرجه عليه (9/ 329/ 1663)، وأحمد (6/ 257)، والبيهقي (2/ 490).
3 -
ورواه ابن لهيعة، قال: حدثنا أبو الأسود، عن عروة، عن عائشة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي من الليل ثلاث عشرة سجدة، وكان أكثر صلاته قائمًا، فلما كبر وثقل كان أكثر صلاته قاعدًا، وكان يصلي صلاته وأنا معترضة بين يديه على الفراش الَّذي يرقد عليه، حتَّى يريد أن يوتر فيغمزني فأقوم، فيوتر ثم يضطجع حتَّى يسمع النداء بالصلاة، ثم يقوم فيسجد سجدتين خفيفتين، ثم يلصق جنبه الأرض، ثم يخرج إلى الصلاة.
أخرجه أحمد (6/ 103)، وقد اضطرب فيه ابن لهيعة، وتقدم تخريجه تحت الحديث السابق برقم (711)، وهي متابعة صالحة في موضع الشاهد لطريق البخاري الآنفة الذكر.
***
954 -
. . . مالك، عن عبد الله بن يزيد وأبي النضر، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن عائشة زوج النبي رضي الله عنها؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي جالسًا، فيقرأ وهو جالس، وإذا بقي من قراءته قدرُ ما يكون ثلاثين أو أربعين آيةً، قام فقرأها وهو قائمٌ، ثم ركع، ثم سجد، ثم يفعل في الركعة الثانية مثلَ ذلك.
قال أبو داود: رواه علقمة بن وقاص، عن عائشة، عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه.
• حديث متفق على صحته.
أخرجه مالك في الموطأ (1/ 200/ 365)، ومن طريقه: البخاري (1119)، ومسلم (731/ 112)، وأبو عوانة (1/ 531/ 1989)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (2/ 327/ 1657)، وأبو داود (954)، والترمذي في الجامع (374)، وقال:"حديث حسن صحيح". وفي الشمائل (280)، والنسائي في المجتبى (3/ 220/ 1648)، وأحمد (6/ 178)، والشافعي في السنن (28)، وإسحاق بن راهويه (2/ 472/ 1047)، والطحاوي في شرح المعاني (1/ 339)، والجوهري في مسند الموطأ (384 و 460)، وأبو عمرو الداني في البيان في عد آي القرآن (29)، وابن حزم في المحلى (3/ 57)، والبيهقي في السنن (2/ 308 و 490)، وفي المعرفة (2/ 300/ 1359).
وانظر: التمهيد لابن عبد البر (21/ 165).
• ولأبي سلمة فيه حديث آخر عن عائشة:
يرويه حجاج بن محمد، وأبو عاصم النبيل الضحاك بن مخلد، وعبد الرزاق، قالوا: قال ابن جريج: أخبرني عثمان بن أبي سليمان؛ أن أبا سلمة بن عبد الرحمن أخبره؛
أن عائشة أخبرته؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يمت حتَّى كان كثيرٌ من صلاته وهو جالسٌ.
أخرجه مسلم (732/ 116)، وأبو عوانة (1/ 533/ 1996 و 1997)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (2/ 328/ 1662)، والترمذي في الشمائل (282)، والنسائي في المجتبى (3/ 222/ 1656)، وفي الكبرى (2/ 141/ 1364)، وابن خزيمة (2/ 237/ 1239)، والحاكم (1/ 314 - 315)، وأحمد (6/ 169)، وعبد الرزاق (2/ 464/ 4090)، وابن المنذر في الأوسط (5/ 240/ 2781)، وأبو نعيم في الحلية (9/ 230)، والبيهقي (2/ 490)، والبغوي في شرح السُّنَّة (4/ 107/ 981).
قال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه"، فوهم في استدراكه.
وانظر: علل الدارقطني (14/ 314/ 3655).
• هكذا روى هذا الحديث عن عائشة: عروة بن الزبير، وأبو سلمة بن عبد الرحمن، وتابعهما: عمرة بنت عبد الرحمن الأنصارية:
رواه إسماعيل ابن علية، عن الوليد بن أبي هشام، عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، عن عمرة، عن عائشة، قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ وهو قاعد، فإذا أراد أن يركع قام قدر ما يقرأ إنسانٌ أربعين آيةً.
أخرجه مسلم (731/ 113)، وأبو عوانة (1/ 532/ 1991)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (2/ 327/ 1658)، والنسائي في المجتبى (3/ 220/ 1650)، وابن ماجة (1226)، وابن خزيمة (2/ 238/ 1244)، وأحمد (6/ 217)، والشافعي في السنن (29)، وإسحاق بن راهويه (2/ 580/ 1155)، وأبو يعلى في المسند (8/ 295/ 4885)، وفي المعجم (305)، وأبو العباس السراج في حديثه بانتقاء الشحامي (316 و 2182 و 2183)، وأبو القاسم البغوي في مسائله لأحمد بن حنبل (3)، والبيهقي في السنن (2/ 491)، وفي المعرفة (2/ 300 - 301/ 1360)، والخطيب في الموضح (2/ 506).
• وأما حديث علقمة بن وقاص، الذي علقه أبو داود هنا:
فقد رواه محمد بن عمرو: حدثني محمد بن إبراهيم بن الحارث، عن علقمة بن وقاص، قال: قلت لعائشة: كيف كان يصنع رسول الله صلى الله عليه وسلم في الركعتين، وهو جالس؟ قالت: كان يقرأ فيهما [وهو جالس]، فإذا أراد أن يركع قام فركع.
أخرجه مسلم (731/ 114)، وأبو عوانة (1/ 532/ 1990)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (2/ 327/ 1659)، وأبو داود (1351)، وأحمد (6/ 237)، وعلي بن حجر السعدي في حديثه عن إسماعيل بن جعفر (214)، وأبو العباس السراج في حديثه بانتقاء الشحامي (2184)، وأبو طاهر المخلص في الثالث من فوائده بانتقاء ابن أبي الفوارس (205)(571 - المخلصيات)، والبيهقي (3/ 32).
رواه عن محمد بن عمرو بن علقمة بن وقاص: حماد بن سلمة، وخالد بن عبد الله
الواسطي، وإسماعيل بن جعفر، ومحمد بن بشر العبدي، ويزيد بن هارون، والنضر بن شميل، وأسامة بن زيد الليثي.
ولفظ حماد بن سلمة [عند أبي داود]: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يوتر بتسع ركعات، ثم أوتر بسبع ركعات، وركع ركعتين وهو جالس بعد الوتر يقرأ فيهما، فإذا أراد أن يركع قام فركع، ثم سجد.
وسيأتي - إن شاء الله تعالى - تخريج طرق حديث الركعتين اللتين كان النبي صلى الله عليه وسلم يصليهما بعد الوتر جالسًا، من الحديث رقم (1340) إلى الحديث رقم (1352).
***
955 -
. . . حماد بن زيد، قال: سمعت بديل بن ميسرة وأيوب، يحدثان عن عبد الله بن شقيق، عن عائشة، قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي ليلًا طويلًا قائمًا، وليلًا طويلًا قاعدًا، فإذا صلى قائمًا ركع قائمًا، وإذا صلى قاعدًا ركع قاعدًا.
• حديث صحيح.
أخرجه مسلم (730/ 106 و 107)، وأبو نعيم في مستخرجه عليه (5/ 325/ 1653)، والنسائي في المجتبى (3/ 219/ 1646)، وفي الكبرى (2/ 139/ 1359)، وابن خزيمة (2/ 239/ 1246)، وابن حبان (6/ 359/ 2631)، والطحاوي (1/ 338).
رواه عن حماد بن زيد: مسدد بن مسرهد، وقتيبة بن سعيد، وعبيد الله بن عمر القواريري، وأحمد بن عبدة، ويحيى بن عبد الله بن بكير.
• ورواه محمد بن جعفر غندر، والنضر بن شميل:
عن شعبة، عن بديل، عن عبد الله بن شقيق، قال: كنت شاكيًا بفارس، فكنت أصلي قاعدًا، فسألت عن ذلك عائشة؟، فقالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي ليلًا طويلًا قائمًا، وليلًا طويلًا قاعدًا، فإذا قرأ قائمًا ركع - أو: خشع - قائمًا، وإذا قرأ قاعدًا ركع قاعدًا.
وفي رواية النضر: فإذا صلى قاعدًا خشع قاعدًا، أو ركع قاعدًا، وإذا صلى قائمًا خشع قائمًا، أو ركع قائمًا.
أخرجه مسلم (730/ 108)، وأحمد (6/ 100)، وإسحاق بن راهويه (3/ 700/ 1302)، وأبو العباس السراج في حديثه بانتقاء الشحامي (2172).
قال القاضي عياض في المشارق (1/ 99) عن قوله: كنت شاكيًا بفارس: "كذا رواية الجميع في كتاب مسلم وفي جميع نسخه، قال القاضي أبو الوليد الكناني: هو تصحيف، وصوابه: كنت شاكيًا نقارس، بالنون والقاف، وهي أوجاع المفاصل، ولأن عائشة لم تكن بفارس".
وقال في موضع آخر (2/ 155) نقلًا عنه: "صوابه: نقارس، جمع نقرس، وهو وجع
يأخذ في الرجل، وعائشة لم تدخل قط بلاد فارس"، فتعقبه القاضي بقوله: "ليس يقتضي ضرورة الكلام أنَّه سألها بفارس، ولعله إنما سألها بعد وصوله إلى المدينة، أو حيث لقيها، عن صلاته جالسًا، هل تجزئه؟ وهو ظاهر الحديث؛ لأنَّه إنما سألها عن شيء كان قد فعله"، وكذا قال في إكمال المعلم (3/ 78).
قلت: وهكذا هي أيضًا عند أحمد، كما عند مسلم، من رواية غندر، وقال ابن الأثير في النهاية (3/ 429) بأنه الصحيح، وانظر: شرح النووي على مسلم (6/ 10).
ويزيل الإشكال واللبس: رواية النضر بن شميل [عند: إسحاق والسراج]، حيث قال: كنت بفارس فاشتكيت، فلا تحتمل هذا الإيراد، والله أعلم.
• ورواه أيضًا: حماد بن سلمة، وإبراهيم بن طهمان، وسعيد بن أبي عروبة [وعنه: عبد الوهاب بن عطاء الخفاف]:
عن بديل، عن عبد الله بن شقيق، عن عائشة؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا قرأ قائمًا ركع قائمًا، وإذا قرأ قاعدًا ركع قاعدًا. لفظ حماد، وقال ابن أبي عروبة في أوله: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يكثر الصلاة قائما وقاعدًا.
أخرجه أحمد (6/ 227 و 262 و 265)، والطحاوي (1/ 338).
وإسناده صحيح.
• وله طرق أخرى عن عبد الله بن شقيق:
أ - هشام بن حسان، وأيوب السختياني [وعنه: الثوري ومعمر]، ويزيد بن إبراهيم التستري، وجرير بن حازم [وهم ثقات، من أصحاب ابن سيرين]، وأبو هلال محمد بن سليم الراسبي [ليس بالقوي. راجع ترجمته تحت الحديث رقم (574)]، وعبد الله بن بكر المزني [صدوق]، وسالم بن عبد الله الخياط [صدوق، سيئ الحفظ، والإسناد إليه ضعيف]:
عن محمد بن سيرين، عن عبد الله بن شقيق العقيلي، قال: سألنا عائشة عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم؟، فقالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر الصلاة قائمًا وقاعدًا، فإذا افتتح الصلاة قائمًا ركع قائمًا، وإذا افتتح الصلاة قاعدًا ركع قاعدًا.
وفي رواية: كان النبي صلى الله عليه وسلم يكثر الصلاة قائمًا وقاعدًا، فإذا صلى قائمًا ركع قائمًا، وإذا صلى قاعدًا ركع قاعدًا.
أخرجه مسلم (730/ 110)، وأبو عوانة (1/ 530/ 1982 و 1983)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (2/ 326/ 1655)، والنسائي في المجتبى (3/ 220/ 1647)، وابن خزيمة (2/ 241/ 1248)، وابن حبان (6/ 256/ 2511)، والحاكم (1/ 315)، وأحمد (6/ 112 و 113 و 166 و 204 و 227 و 228 و 262)، وإسحاق بن راهويه (/ 703/ 1303) و (3/ 702/ 1304 و 1305)، وعبد الرزاق (2/ 465/ 4098) و (2/ 466/ 4099) و (4/ 293/ 7860)، ومحمد بن عاصم الثقفي في جزئه (50)، وأبو بكر ابن أبي مريم فيما
رواه من حديث الفريابي عن الثوري (237)، وأبو العباس السراج في حديثه بانتقاء الشحامي (2174 - 2176)، وأبو القاسم البغوي في مسند ابن الجعد (3056)، والطحاوي (1/ 338)، وابن الأعرابي في المعجم (2/ 705/ 1430)، والطبراني في الأوسط (1/ 292/ 959)، وابن عدي في الكامل (7/ 281)، والبيهقي (2/ 489).
ورواية هشام بن حسان مطولة، ذكر فيها الصيام وسجود القرآن.
قال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه بهذا اللفظ،
…
"، فوهم في استدراكه.
• هكذا اختلف على أيوب السختياني في هذا الحديث:
فرواه حماد بن زيد، قال: سمعت بديل بن ميسرة وأيوب، يحدثان عن عبد الله بن شقيق، عن عائشة.
ورواه سفيان الثوري ومعمر بن راشد، كلاهما عن أيوب السختياني، عن محمد بن سيرين، عن عبد الله بن شقيق العقيلي، عن عائشة.
وكلاهما محفوظ عن أيوب؛ فإن الرواة عنه ثقات حفاظ، وهو ممن يحتمل منه التعدد في الأسانيد، لذا قال الدارقطني في العلل (14/ 374/ 3721):"وكلاهما صحيحان؛ قد سمعه أيوب عن عبد الله بن شقيق، وأخذه عن ابن سيرين عنه".
• وانظر في الأوهام على ابن سيرين ما أخرجه: الطبراني في المعجم الأوسط (3/ 58 - 59/ 2471) و (4/ 143/ 3824)، وأبو طاهر المخلص في الثامن من فوائده بانتقاء ابن أبي الفوارس (61)(1637 - المخلصيات).
ب - هشيم بن بشير، ويزيد بن زريع، وإسماعيل بن علية، ووهيب بن خالد، وخالد بن عبد الله الواسطي، وعبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي، وبشر بن المفضل، وسفيان الثوري [وليس من مشهور حديثه] [وهم ثقات حفاظ]:
عن خالد الحذاء، عن عبد الله بن شقيق، قال: سألت عائشة عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، عن تطوعه؟ فقالت: كان يصلي في بيتي قبل الظهر أربعًا، ثم يخرج فيصلي بالناس، ثم يدخل [بيتي]، فيصلي ركعتين، وكان يصلي بالناس المغرب، ثم يدخل [بيتي]، فيصلي ركعتين، ويصلي بالناس العشاء، ويدخل بيتي فيصلي ركعتين، وكان يصلي من الليل تسع ركعات فيهن الوتر.
وكان يصلي ليلًا طويلًا قائمًا، وليلًا طويلًا قاعدًا، وكان إذا قرأ وهو قائم ركع وسجد وهو قائم، وإذا قرأ قاعدًا ركع وسجد وهو قاعد، وكان إذا طلع الفجر صلى ركعتين، [ثم يخرج فيصلي بالناس صلاة الفجر].
أخرجه مسلم (730/ 105)، وأبو عوانة (2/ 6/ 2108) و (2/ 61/ 2310)، وأبو نعيم في مستخرجه عليه (2/ 324/ 1652)، وأبو داود (1251)، والترمذي في الجامع (375 و 436)، وقال:"حديث حسن صحيح". وفي الشمائل (281 و 287)، وأبو علي الطوسي
في مستخرجه عليه "مختصر الأحكام"(2/ 383/ 410) و (2/ 391/ 415)، والنسائي في الكبرى (1/ 211/ 334)، وابن ماجة (1164)، وابن خزيمة (2/ 192/ 1167) و (2/ 208/ 1199) و (2/ 239/ 1245)، وابن حبان (6/ 225/ 2474) و (6/ 226/ 2475) و (6/ 256/ 2510)، وابن الجارود (277)، وأحمد (6/ 30 و 216 - 217)، وإسحاق بن راهويه (3/ 698/ 1299)، ومحمد بن عاصم الثقفي في جزئه (49)، وابن أبي الدنيا في التهجد وقيام الليل (390)، وابن نصر المروزي في قيام الليل (54 و 324 - مختصره)، وأبو يعلى (8/ 260/ 4845)، وأبو العباس السراج في حديثه بانتقاء الشحامي (2167 و 2171 و 2173)، وابن المنذر في الأوسط (5/ 158/ 2590)، والطحاوي (1/ 281 و 338)، والدارقطني في الجزء الثاني من الفوائد المنتخبة الغرائب العوالي "المزكيات"(95)، وأبو نعيم في تاريخ أصبهان (2/ 155)، وابن حزم في المحلى (2/ 250)، والبيهقي (2/ 471)، والبغوي في شرح السُّنَّة (3/ 446/ 869) و (3/ 447/ 870)، وقال:"هذا حديث صحيح". وفي الشمائل (563)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (4/ 147).
وزاد ابن علية [عند أحمد (6/ 216 - 217)]: وثنتين قبل العصر.
• تنبيه: وقع عند الترمذي في الجامع (436) وفي الشمائل (287): قبل الظهر ركعتين، وهي رواية شاذة، والمحفوظ: قبل الظهر أربعًا.
• ولشقه الأول في النافلة الراتبة طريق آخر عن عبد الله بن شقيق به، وفيه زيادة، لكني اكتفيت بتخريج موضع الشاهد [انظر: التحفة (11/ 256/ 16216 - ط. الغرب)، الإتحاف (17/ 25/ 21806) و (17/ 28/ 21808)].
• وقد روى أحمد بن عبد الله بن يونس [ثقة حافظ]، وإسحاق بن منصور السلولي [ثقة]، وموسى بن داود الكوفي [صدوق]، وعاصم بن علي [صدوق]:
عن قيس بن الربيع، عن شعبة، عن خالد الحذاء، عن عبد الله بن شقيق، عن عائشة، قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا فاتته الأربع قبل الظهر صلاها بعد الركعتين بعد الظهر.
أخرجه ابن ماجة (1158)، وأبو جعفر ابن البختري في الرابع من حديثه (56)(300 - مجموع مصنفاته)، ومُكرَم بن أحمد البزاز في الأول من فوائده (121)، وأبو العباس الأصم في الثالث من حديثه (248)، وابن عدي في الكامل (6/ 44)، وأبو طاهر المخلص في العاشر من فوائده بانتقاء ابن أبي الفوارس (178)(2333 - المخلصيات)، ومحمد بن طلحة النعالي في فوائده (21)، وتمام في فوائده (59 و 694).
تنبيه: وقع عند ابن البختري: أن النبي صلى الله عليه وسلم فاتته أربعٌ ليل الظهر، فصلى بعد الركعتين بعد العصر، ولفظة العصر وهمٌ؛ إنما هي الظهر.
قال أبو عبد الله ابن ماجة: "لم يحدث به إلا قيس عن شعبة".
وقال الترمذي: "ولا نعلم أحدًا رواه عن شعبة غير قيس بن الربيع".
وقال ابن عدي: "وهذا لقيس عن شعبة؛ لم أكتبه بعلو إلا عن المروزي، وأظنه لم يحدث به عن قيس غير عاصم".
قلت: قد توبع عليه عاصم كما ترى، وإنما المتفرد به قيس بن الربيع.
وقيس بن الربيع: ليس بالقوي، ضعفه غير واحد، وله أحاديث منكرة، وابتلي بابن له كان يدخل عليه ما ليس من حديثه فيحدث به [انظر: التهذيب (3/ 447)، الميزان (3/ 393)]، وهذا الحديث من مناكيره؛ فقد تفرد به عن شعبة دون أصحابه الثقات على كثرتهم، والحديث كما ترى رواه جماعة من الثقات الحفاظ عن خالد الحذاء، وليس فيه قضاء فائتة النافلة القبلية للظهر، ولهذا فقد أنكره الإمام أحمد على قيس بن الربيع:
• قال أبو داود في مسائله لأحمد (1876): "ذكرت لأحمد حديث قيس بن الربيع، عن شعبة، عن خالد الحذاء، عن عبد الله بن شقيق، عن عائشة؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا فاته الأربع قبل الظهر صلاها بعد الظهر.
فقال أحمد: يرويه غير واحد؛ ليس يذكرون هذا فيه؛ يعني: يروون حديث خالد عن عبد الله بن شقيق: سألت عائشة عن تطوع رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ أي: فليس هذا فيه".
• فإن قيل: روي عن خالد الحذاء من وجه آخر:
قال الترمذي في الجامع (426): حدثنا عبد الوارث بن عبيد الله العتكي المروزي، قال: أخبرنا عبد الله بن المبارك، عن خالد الحذاء، عن عبد الله بن شقيق، عن عائشة، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا لم يصلِّ أربعًا قبل الظهر صلاهنَّ بعدها.
ومن طريقه: أخرجه البغوي في شرح السُّنَّة (3/ 466/ 891).
قال الترمذي: "هذا حديث حسن غريب؛ إنما نعرفه من حديث ابن المبارك من هذا الوجه، ورواه قيس بن الربيع، عن شعبة، عن خالد الحذاء نحو هذا، ولا نعلم أحدًا رواه عن شعبة غير قيس بن الربيع، وقد روي عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن النبي صلى الله عليه وسلم نحو هذا".
قلت: وهو كما قال الترمذي؛ بل هو غريب جدًّا من حديث ابن المبارك؛ حيث تفرد به عنه: عبد الوارث بن عبيد الله العتكي المروزي، وليس له في الكتب الستة غير هذا الموضع الوحيد، وترجم له ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (6/ 76) بقوله:"روى عن عبد الله بن المبارك الكثير، حتَّى روى عنه مسائل، سأله وسئل وهو حاضر"، وذكره ابن حبان في الثقات (8/ 416)، وخرج له في صحيحه في مواضع، أغلبها من روايته عن ابن المبارك، وروى عنه جمع من الثقات [وانظر: تاريخ الإسلام (17/ 263)، التهذيب (2/ 636)]، وروايته هذه غريبة من حديث ابن المبارك، حيث تفرد به عنه دون بقية أصحابه من المراوزة وغيرهم، وقد روى عن ابن المبارك جموع غفيرة من الثقات وغيرهم.
وعلى هذا فإن هذه الرواية لا تعضد ما قبلها، ولا تشهد لما بعدها، فإن الغرائب والمناكير لا تصلح في هذا الباب، والله أعلم.
• وقد رواه شريك، عن هلال الوزان، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، قال: كان - قالوا: كان النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال: نعم - إذا لم يصلِّ أربع ركعاتٍ قبل الظهر، صلاهنَّ بعد الظهر.
أخرجه أبو القاسم البغوي في مسند ابن الجعد (2384 - ت عامر حيدر)(2475 - مكتبة الفلاح).
وهذا مع كونه مرسلًا؛ ففي ثبوت نظر؛ فإن شريك بن عبد الله النخعي: كان سيئ الحفظ، كثير الغلط، فيحتمل أن يكون هذا من أوهامه الكثيرة، وهلال بن أبي حميد الوزان: ثقة، وفي الجملة: لا يثبت هذا الحديث في قضاء نافلة الظهر القبلية، والله أعلم.
قال عبد الله بن أحمد في مسائله لأبيه (327): "قال أبي: ما سمعنا أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى شيئًا من التطوع؛ إلا ركعتين قبل الفجر، فإنه حين نام عن الصلاة أمر بلالًا فأذَّن وصلى ركعتين ثم أقام وصلى الفجر، ويقال: إنه شغل عن الركعتين بعد الظهر فصلاهما بعد العصر"، وفي هذا تضعيف لحديث قضاء نافلة الظهر القبلية، وهو الموافق لصريح كلامه في مسائل أبي داود، والله أعلم.
ج - معاذ بن معاذ، ويزيد بن هارون، ومحمد بن إبراهيم بن أبي عدي، ووهيب بن خالد، وحماد بن سلمة، وأبو خالد الأحمر سليمان بن حيان [وهم ثقات، معروفون بكثرة الرواية عن حميد الطويل]:
عن حميد [الطويل]، عن عبد الله بن شقيق العقيلي، قال: سألت عائشة عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بالليل؟ [وفي رواية يزيد: أكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي قاعدًا؟]، فقالت: كان يصلي ليلًا طويلًا قائمًا، وليلًا طويلًا قاعدًا، وكان إذا قرأ قائمًا ركع قائمًا، وإذا قرأ قاعدًا ركع قاعدًا.
أخرجه مسلم (730/ 109)، وأبو عوانة (1/ 530/ 1981)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (2/ 325/ 1654)، وابن ماجة (1228)، وابن خزيمة (2/ 239/ 1247)، والحاكم (1/ 276)، وأحمد (6/ 98 و 236 و 241)، وابن نصر المروزي في قيام الليل (336 - مختصره)، وأبو يعلى (8/ 173/ 4728)، والطحاوي (1/ 338)، ومُكرَم بن أحمد البزاز في الثاني من فوائده (147)، وابن حزم في المحلى (3/ 57).
• خالفهم: أبو داود عمر بن سعد الحفري، عن حفص بن غياث، عن حميد الطويل، عن عبد الله بن شقيق، عن عائشة قالت: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يصلي متربعًا.
أخرجه النسائي في المجتبى (3/ 224/ 1661)، وفي الكبرى (2/ 30/ 1367)، وابن خزيمة (2/ 89/ 978) و (2/ 236/ 1238)، وابن حبان (6/ 257/ 2512)، والحاكم (1/ 275)(1/ 133/ أ - مخطوط رواق المغاربة)، وابن المنذر في الأوسط (4/ 374/ 2298) و (5/ 240/ 2780)، والطحاوي في المشكل (13/ 243/ 5234 و 5235)، وفي أحكام القرآن (265 و 266 و 454)، والدارقطني (1/ 397)، والبيهقي (2/ 305).
قال الطحاوي جريًا على ظاهر السند: "هذا الحديث صحيح الإسناد، غير مطعون في أحد من رواته".
وقال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه، إنما اتفقا على إخراج حديث: حميد، عن عبد الله بن شقيق، عن عائشة، قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي ليلًا طويلًا قائمًا، الحديث، وحميد هذا هو: ابن تيرويه الطويل، بلا شك فيه".
قلت: قد انفرد به مسلم دون البخاري، وقد صحح الحديث أيضًا جريًا على ظاهر السند: ابن خزيمة وابن حبان.
وخالفهم في ذلك: جماعة من النقاد؛ فقال النسائي: "لا أعلم أحدًا روى هذا الحديث غير أبي داود، وهو ثقة، ولا أحسب هذا الحديث إلا خطأ؛ والله تعالى أعلم".
وقال ابن نصر المروزي في قيام الليل (335 - مختصره): "لم يأت في شيء من الأخبار التي رويناها عن النبي صلى الله عليه وسلم أنَّه صلى جالسًا صفة جلوسه كيف كانت؛ إلا في حديث روي عن حفص بن غياث أخطأ فيه حفص، رواه عنه أبو داود الحفري، عن حميد، عن عبد الله بن شقيق، عن عائشة رضي الله عنها: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يصلي متربعًا، وحديث الصلاة جالسًا: رواه عن حميد عن عبد الله بن شقيق غير واحد، كما رواه الناس عن عبد الله بن شقيق، ولا ذكر التربع فيه".
ثم قال بعد أن أسنده من طريق ابن أبي عدي عن حميد: "فيشبه أن يكون الحديث كان عند حفص عن حميد على ما هو عند الناس، وكان عنده عن ليث عن مجاهد، وعن حجاج عن حماد عن سعيد بن جبير في التربع في الصلاة، فذاكر أبا داود الحفري من حفظه فتوهم أن ذكر التربع في حديث حميد فاختصر الحديث، وألحق فيه التربع توهمًا وغلطًا إن كان حفظ ذلك عنه أبو داود، وذلك أنَّه ليس بمعروف من حديث حفص لا نعلم أحدًا رواه عنه غير أبي داود، ولو كان من صحيح حديث حفص لرواه الناس عنه وعرفوه؛ إذ هو حديث لم يروه غيره، والذي يُعرف من حديث حفص في التربع: عن حجاج، عن حماد، عن مجاهد، قال: علمنا سعيد بن جبير صلاة القاعد، فقال: يجعل قيامه تربعًا، وحفص، عن ليث، عن مجاهد، قال: صلاة القاعد غير المتربع على النصف من صلاة القائم، وكان حفص رجلًا إذا حدث من حفظه ربما غلط، هو معروف بذلك عند أصحاب الحديث".
قال: "وحديث آخر أيضًا: رواه شريك، عن ليث، عن مجاهد، عن عائشة رضي الله عنها رفعته، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "صلاة القاعد على النصف من صلاة القائم غير المتربع"؛ غلط فيه شريك، وهذا الكلام رواه الناس عن ليث عن مجاهد من قوله، قال محمد بن يحيى: الحمل فيه على شريك"، قال المروزي: "ففعل شريك في هذا الحديث كفعل حفص في حديث حميد، وشريك معروف عند أصحاب الحديث بسوء الحفظ وكثرة الغلط.
فلم يثبت في كيفية جلوس المصلي قاعدًا عن النبي صلى الله عليه وسلم خبر، ولو كان في كيفية
الجلوس سُنَّة لا ينبغي أن تجاوز لبين ذلك النبي صلى الله عليه وسلم، ولو بينه لرواه أصحابه عنه وبينوه، فإذا كان ذلك كذلك فللمصلي جالسًا أن يجلس كيف خفَّ عليه وتيسر، إن شاء تربع، وإن شاء احتبى، وإن شاء جلس في حال القراءة كما يجلس للتشهد وبين السجدتين، وإن شاء اتكأ، كل ذلك قد فعله السلف من التابعين ومن بعدهم، غير أن التربع خاصة قد روي عن غير واحد أنَّه كرهه، ورخصت فيه جماعة، واختارته أخرى، فأما الاحتباء والجلوس كجلسة التشهد فلا نعلم عن أحد من السلف لذلك كراهة"، ثم أطال في ذكر المنقول عن السلف في ذلك، وفي تعليل ما ذهبوا إليه.
وقال ابن المنذر (4/ 376)(4/ 434 - ط. الفلاح): "حديث حفص بن غياث قد تُكُلِّم في إسناده، روى هذا الحديث جماعة عن عبد الله بن شقيق ليس فيه ذكر التربع، ولا أحسب الحديث يثبت مرفوعًا، وإذا لم يثبت الحديث فليس في صفة جلوس المصلي قاعدًا سُنَّةٌ تُتَّبعُ، وإذا كان كذلك كان للمريض أن يصلي فيكون جلوسه كما سهل ذلك عليه، إن شاء صلى متربعًا، وإن شاء محتبيًا، وإن شاء جلس كجلوسه بين السجدتين، كل ذلك قد روي عن المتقدمين، ويشبه أن يكون من حجة من رأى أن يتربع في الصلاة: أن المصلي قائمًا لما كان حاله قائمًا غيرَ حاله جالسًا، وجب أن يفرق بين الحالتين، فيكون في حال قيامه متربعًا ليفصل بين حال قيامه وحال جلوسه".
وقال ابن العربي في المسالك في شرح الموطأ (3/ 48): "والجلوس في الصلاة ليست له صفة مخصوصة لا يجزئ إلا عليه، بل يجزئ على كل صفة من الاحتباء والتربع والتورك وغيرها".
• قلت: هكذا جزم هؤلاء الأئمة بتفرد أبي داود الحفري به عن حفص بن غياث، ثم وجدت له متابعًا عند الحاكم والبيهقي:
فقد روى الحاكم في المستدرك (1/ 258)، وعنه: البيهقي في السنن الكبرى (2/ 305)، قال الحاكم: أخبرني محمد بن صالح بن هانئ: ثنا السري بن خزيمة: ثنا محمد بن سعيد بن الأصبهاني: ثنا حفص بن غياث، عن حميد بن قيس، عن عبد الله بن شقيق، عن عائشة؛ أنها قالت: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يصلي متربعًا".
قال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه".
قلت: هذا إسناد نيسابوري صحيح إلى ابن الأصبهاني، وهو: محمد بن سعيد بن سليمان الكوفي، أبو جعفر ابن الأصبهاني، يلقَّب حمدان، وهو: ثقة ثبت حافظ، والراوي عنه: السري بن خزيمة الأبيوردي: قال ابن حبان: "مستقيم الحديث"، وقال الحاكم:"هو شيخ فوق الثقة"، وقال الحسن بن يعقوب [أبو الفضل البخاري ثم النيسابوري: صدوق. تاريخ نيسابور (242)، السير (15/ 433)، تاريخ الإسلام (25/ 262)]:"ما رأيت مجلسًا أبهى من مجلس السري بن خزيمة، ولا شيخًا أبهى منه، كانوا يجلسون بين يديه وكأنما على رؤوسهم الطير، وكان لا يحدث إلا من أصل كتابه رحمه الله"، وقال الذهبي: "الإمام الحافظ الحجة، أبو
محمد الأبيوردي، محدث نيسابور" [الثقات (8/ 302)، السير (13/ 245)]، ومحمد بن صالح بن هانئ الميداني، أبو جعفر الوراق النيسابوري: ثقة مكثر [تاريخ نيسابور (722)، المنتظم (14/ 86)، طبقات الشافعية الكبرى (3/ 174)، البداية والنهاية (15/ 210)].
إلا أن هذا الإسناد غريب إلى ابن الأصبهاني، لم يعرفه أهل الكوفة، ولا أهل العراق، ولم يعرفه من حديث ابن الأصبهاني الأئمة الحفاظ السابق ذكرهم؛ كالنسائي وابن نصر، والذين جزموا بتفرد أبي داود الحفري به عن حفص بن غياث، ولو كان تابعه عليه ابن الأصبهاني لما خفي عليهم، لا سيما وهو لم يشتهر عن ابن الأصبهاني، وإنما تفرد به أهل نيسابور.
ولو فرضنا كونه محفوظًا من حديث ابن الأصبهاني، لكان حفص بن غياث هو الواهم فيه، كما قال ابن نصر المروزي، حيث دخل له حديث في حديث، والله أعلم.
• وقد وجدت له شاهدًا من حديث حنظلة بن حِذْيَم، يقول: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فرأيته يصلي جالسًا متربعًا [عند: أبي نعيم في المعرفة (2/ 857/ 2235)][ولا يصح إسناده، والمحفوظ في متنه: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فرأيته جالسًا متربعًا، وفي رواية: انتهينا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فوجدناه جالسًا متربعًا، هكذا بدون قيد الصلاة، وهو طرف من قصة قدومه على النبي صلى الله عليه وسلم ليفصل بينهم في قضية][أخرجه: البخاري في الأدب المفرد (1179)، وأحمد (5/ 67)، وابن سعد في الطبقات (7/ 71)، وأبو القاسم البغوي في معجم الصحابة (2/ 224 - 226/ 786 و 787)، وابن قانع في المعجم (1/ 203 و 204)، والطبراني في الكبير (4/ 13 / 3498)، وفي الأوسط (3/ 191/ 2896)، وابن منده في معرفة الصحابة (1/ 380)، وأبو نعيم في معرفة الصحابة (2/ 858/ 2237)، والبيهقي في الدلائل (6/ 214)، والخطيب في الجامع لأخلاق الراوي (1/ 401/ 943)].
وانظر في كيفية الصلاة جالسًا: المدونة (1/ 79)، الأم (7/ 188)، مسائل أبي داود لأحمد (357 - 359)، مسائل ابن هانئ (528 - 530)، الأوسط لابن المنذر (4/ 374)، والآثار عن الصحابة في الباب كثيرة.
• قال أبو خالد الأحمر [بعد حديثه عن حميد، عند ابن خزيمة (2/ 240)]: فحدثت به هشام بن عروة، فقال: كذب حميد، وكذب عبد الله بن شقيق، حدثني أبي عن عائشة، قالت: ما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قاعدًا قط حتى دخل في السنِّ، فكان يقرأ السور، فإذا بقي منها آيات، قام فقرأهن ثم ركع.
قلت: لا منافاة بينهما، فقد فعل هذا وفعل هذا، وكلاهما ثابت صحيح عن عائشة، وكل قد حدث عنها بما سمع منها، وقد أعمل أحمد وإسحاق الحديثين جميعًا.
قال إسحاق بن منصور الكوسج في مسائله لأحمد وإسحاق (319): "إذا صلى جالسًا يركع جالسًا، أو يقوم فيركع؟ قال: كلا الحديثين إن فعلهما فلا بأس به، قال إسحاق: كما قال".
وقال الترمذي (373): "وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنَّه كان يصلي من الليل جالسًا، فإذا بقي من قراءته قدر ثلاثين أو أربعين آيةً، قام فقرأ ثم ركع، ثم صنع في الركعة الثانية مثل ذلك.
وروي عنه: أنَّه كان يصلي قاعدًا، فإذا قرأ وهو قائم ركع وسجد وهو قائم، وإذا قرأ وهو قاعد ركع وسجد وهو قاعد.
قال أحمد وإسحاق: والعمل على كلا الحديثين، كانهما رأيا كلا الحديثين صحيحًا معمولًا بهما".
وقال ابن حجر في الفتح (3/ 33): يجمع بينهما: بأنه كان يفعل كلًّا من ذلك بحسب النشاط وعدمه، والله أعلم"، وقد تأوله ابن خزيمة على غير ذلك.
قال ابن خزيمة (2/ 240): "قد أنكر هشام بن عروة خبر عبد الله بن شقيق؛ إذ ظاهره كان عنده خلاف خبره عن أبيه عن عائشة، وهو عندي غير مخالف لخبره؛ لأنَّ في رواية خالد عن عبد الله بن شقيق عن عائشة: فإذا قرأ وهو قائم ركع وسجد وهو قائم، وإذا قرأ وهو قاعد ركع وسجد وهو قاعد، فعلى هذه اللفظة: هذا الخبر ليس بخلاف خبر عروة وعمرة عن عائشة؛ لأنَّ هذه اللفظة التي ذكرها خالد دالة على أنَّه كان إذا كان جميع القراءة قاعدًا ركع قاعدًا، وإذا كان جميع القراءة قائمًا ركع قائمًا، ولم يذكر عبد الله بن شقيق صفة صلاته إذا كان بعض القراءة قائمًا وبعضها قاعدًا، وإنما ذكره عروة وأبو سلمة وعمرة عن عائشة؛ إذا كانت القراءة في الحالتين جميعًا بعضها قائمًا وبعضها قاعدًا، فذكر أنَّه كان يركع وهو قائم إذا كانت قراءته في الحالتين كلتيهما، ولم يذكر عروة ولا أبو سلمة ولا عمرة كيف كان النبي صلى الله عليه وسلم يفتتح هذه الصلاة التي يقرأ فيها قائمًا وقاعدًا ويركع قائمًا، وذكر ابن سيرين عن عبد الله بن شقيق عن عائشة ما دل على أنَّه كان يفتتحها قائمًا"، ثم أسند حديث ابن سيرين باللفظ السابق ذكره: فإذا افتتح الصلاة قائمًا ركع قائمًا، وإذا افتتح الصلاة قاعدًا ركع قاعدًا، ثم قال:"فهذا الخبر يبين هذه الأخبار كلها، فعلى هذا الخبر: إذا افتتح الصلاة قائمًا ثم قعد وقرأ انبغى له أن يقوم فيقرأ بعض قراءته ثم يركع وهو قائم، فإذا افتتح صلاته قاعدًا قرأ جميع قراءته وهو قاعد ثم ركع وهو قاعد؛ اتباعًا لفعل النبي صلى الله عليه وسلم".
***
956 -
. . . يزيد بن هارون: أخبرنا كهمس بن الحسن، عن عبد الله بن شقيق، قال: سألت عائشة: أكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ السُّوَر في ركعة؟ قالت: المفصَّل، قال: قلت: فكان يصلي قاعدًا؟ قالت: حين حَطَمَه الناس.
• حديث صحيح.
أخرجه الحاكم (1/ 265)، وأحمد (6/ 171)(11/ 6118/ 26022 - ط. المكنز)، وأبو العباس السراج في حديثه بانتقاء الشحامي (2177 و 2311)، وأبو بكر الشافعي في
فوائده "الغيلانيات"(334)[وزاد فيه طرف الصيام]، ومن طريقه: ابن عساكر في تاريخ دمشق (29/ 156)، وفي الأربعين الأبدال (29)، وفي المعجم (114).
وقال يزيد في رواية: يقرن السُّوَر.
قال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه بهذا اللفظ، إنما أخرجه مسلم من حديث: أيوب عن عبد الله بن شقيق عن عائشة: كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي ليلًا طويلًا قائمًا وليلًا طويلًا قاعدًا.
قلت: وهم الحاكم في استدراكه، فقد أخرجه مسلم من طريق معاذ بن معاذ عن كهمس في ثلاثة مواضع مفرقًا.
• وقد رواه بتمامه: النضر بن شميل [ثقة ثبت، واللفظ له]، ومحمد بن جعفر غندر [ثقة]:
عن كهمس بن الحسن القيسي، عن عبد الله بن شقيق، قال: قلت لعائشة: أكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الضحى؟ فقالت: لا؛ إلا أن يجيء من مغيبه.
فقلت لها: أكان يصلي جالسًا؟ فقالت: بعد ما حطمه الناس كان يصلي جالسًا.
فقلت: أكان يجمع بين السور.؟ قالت: من المفضَل.
قلت: أكان يصوم شهرًا كلّه؟ قالت: ما علمته صام شهرًا كلّه حتَّى يفطر منه؛ إلا أن يكون رمضان، ولا أفطر شهرًا حتَّى يصوم منه حتَّى مضى لوجهه، أو قال: لسبيله.
أخرجه أحمد (6/ 171)(11/ 6118/ 26022 - ط. المكنز)، وإسحاق بن راهويه (3/ 699/ 1300)، وعنه: أبو العباس السراج في حديثه بانتقاء الشحامي (2313).
• وروى بعضه أو طرفًا منه:
معاذ بن معاذ العنبري، وخالد بن الحارث، ويحيى بن سعيد القطان، ووكيع بن الجراح، وأبو أسامة حماد بن أسامة، وأبو عبد الرحمن عبد الله بن يزيد المقرئ، وروح بن عبادة، وعثمان بن عمر بن فارس [وهم ثقات حفاظ]، وعبد الرحمن بن حماد الشعيثي [لا بأس به]:
عن كهمس بن الحسن، عن عبد الله بن شقيق، قال: قلت لعائشة:
…
فذكره.
أخرجه مفرقًا: مسلم (717/ 76) و (732/ 115) و (1156/ 173)، وأبو عوانة (2/ 943/ 3002)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (2/ 312/ 1617) و (2/ 328/ 1661) و (3/ 231/ 2620)، والترمذي في الشمائل (292)، والنسائي في المجتبى (4/ 152/ 2184)، وفي الكبرى (3/ 121/ 2505)، وابن خزيمة (1/ 271/ 539) و (2/ 231 / 1230 م) و (2/ 237/ 1241)، وابن حبان في الصحيح (6/ 268/ 2526)، وفي وصف الصلاة بالسُّنَّة (17/ 30/ 21812 - الإتحاف)، وأحمد (6/ 62 و 139 و 171 و 204 و 246)(11/ 6118/ 26022 - ط. المكنز)، وإسحاق بن راهويه (3/ 700/ 1301) و (3/ 603/ 1307)، وابن أبي شيبة (1/ 323/ 3702) و (1/ 300/ 4604) و (2/ 173 / 7786)
و (2/ 344/ 9750)، وأبو العباس السراج في حديثه بانتقاء الشحامي (2318 و 2319)، وابن المنذر في الأوسط (5/ 238/ 2776)، والطحاوي (1/ 345)، والطبراني في الأوسط (3/ 60/ 2475)، وأبو أحمد العسكري في تصحيفات المحدثين (1/ 182)، وأبو طاهر المخلص في الثالث عشر من فوائده بانتقاء ابن أبي الفوارس (25)(2854 - المخلصيات)، وجعفر المستغفري في فضائل القرآن (899)، والبغوي في شرح السُّنَّة (4/ 137/ 1003)، وقال:"حديث صحيح". وفي الشمائل (607).
وفي رواية لوكيع [عند: أحمد (6/ 204)، وابن خزيمة]: قلت لعائشة: هل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجمع بين السُّور في ركعةٍ؟ قالت: المفضل.
• ورواه يزيد بن زريع، وإسماعيل بن علية، وبشر بن المفضل، وعبد الوارث بن سعيد، ووهيب بن خالد، وأبو أسامة حماد بن أسامة، وحماد بن سلمة [وهم ثقات، وممن سمع من الجريري قبل اختلاطه]، ويزيد بن هارون، وعبد الوهاب بن عطاء الخفاف، وعنبسة بن عبد الواحد الأموي [وهم ثقات]، وقرة بن خالد [ثقة؛ لكنه غريب من حديثه]، وعلي بن عاصم الواسطي [صدوق، كثير الغلط والوهم، فإذا روجع أصر ولم يرجع، لذا فقد تركه بعضهم. التهذيب (3/ 173)، الميزان (3/ 135)، إكمال مغلطاي (9/ 350)]، وسالم بن نوح، وغيرهم:
عن سعيد بن إياس الجريري، عن عبد الله بن شقيق، قال: قلت لعائشة: أكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرن السُّوَر؟ [وفي رواية ليزيد بن زريع: يقرن بين السورتين؟] قالت: المفصَّل.
قلت: أكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي قاعدًا؟ قالت: نعم، بعد ما حطمه الناس.
قلت: أكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الضحى؟ قالت: لا؛ إلا أن يجيء من مغيبه.
قلت: أكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم شهرًا سوى رمضان؟ قالت: لا، والله إن صام شهرًا تامًّا سوى رمضان، ولا أفطره كلُّه حتَّى يصوم منه شيئًا.
قلت: أي أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كان أحبَّ إليه؟ قالت: أبو بكر، قلت: ثم من؟ قالت: ثم عمر، قلت: ثم من؟ قالت: [ثم] أبو عبيدة بن الجراح، قلت: ثم من؟ قال: فسكتت.
رواه بعضهم بطوله، وروى بعضهم طرفًا منه أو أكثر.
أخرجه بتمامه، أو طرفًا منه: مسلم (717/ 76) و (732/ 115) و (1156/ 172)، وأبو عوانة (1/ 533/ 1998) [ووقع عنده: السن، بدل: الناس] و (2/ 11/ 2127) و (2/ 243/ 3010)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (2/ 312/ 1616) و (2/ 328/ 1660) [ووقع عنده: السن، بدل: الناس] و (3/ 231/ 2620)، وأبو داود (1292)، والترمذي (3657)، وقال:"حسن صحيح". والنسائي في المجتبى (3/ 223/ 1657) و (4/ 152/ 2185)، وفي الكبرى (3/ 121 - 122/ 2506) و (7/ 330/ 8144)، وابن ماجة (102)،
وابن خزيمة (2/ 231/ 1230 م) و (2/ 237/ 1241) و (3/ 305/ 2132)، وابن حبان (6/ 286/ 2527) و (8/ 346/ 3580)، وأحمد (6/ 218)، وابنه عبد الله في فضائل الصحابة (215)، وأبو يعلى (8/ 178/ 4732) و (8/ 296/ 4887)، وأبو العباس السراج في حديثه بانتقاء الشحامي (2177 و 2178 و 2311 و 2312)، والطحاوي في المشكل (13/ 0 33 - 331/ 5306)، ومُكرَم بن أحمد البزاز في الثاني من فوائده (150)، وأبو الفضل الزهري في حديثه (246)، والدارقطني في الأفراد (2/ 433/ 6074 - أطرافه)، وتمام في الفوائد (984)، واللالكائي في أصول الاعتقاد (7/ 1313/ 2493) و (7/ 1314/ 2494)، وجعفر المستغفري في فضائل القرآن (900)، والبيهقي (2/ 60 و 489) و (3/ 49)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (25/ 470 و 471) و (61/ 387)، وفي المعجم (1065).
انفرد عن الجماعة فزاد في آخر الحديث زيادة منكرة: سالم بن نوح، حيث قال: وسألتها: هل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي مع السحر؟ قالت: لا، ولا المصلين [عند ابن خزيمة (2132)].
وسالم بن نوح العطار: ليس به بأس، لكن له غرائب وأفراد لينوه بسببها [انظر: التهذيب (1/ 680)، الميزان (2/ 113)]، وهذا منها [وانظر في مناكيره أيضًا: ما تقدم تحت الحديث رقم (607)، الشاهد السادس].
• ولحديث عائشة طرق أخرى، منها ما رواه:
1 -
ابن جريج: أخبرني عثمان بن أبي سليمان؛ أن أبا سلمة بن عبد الرحمن أخبره؛ أن عائشة أخبرته؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يمت حتَّى كان كثيرٌ من صلاته وهو جالسٌ.
أخرجه مسلم (732/ 116)، وتقدم ذكره تحت الحديث السابق برقم (945)، وانظر: علل الدارقطني (14/ 314/ 3655).
2 -
أبو نعيم، قال: حدثنا عبد الواحد بن أيمن، قال: حدثني أبي؛ أنَّه سمع عائشة، قالت: والذي ذهب به! ما تركهما حتَّى لقي الله، وما لقي الله تعالى حتَّى ثَقُل عن الصلاة، وكان يصلي كثيرًا من صلاته قاعدًا - تعني: الركعتين بعد العصر -، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يصليهما، ولا يصليهما في المسجد، مخافة أن يُثْقِل على أمته، وكان يحب ما يخفف عنهم. لفظه عند البخاري.
ولفظ أحمد: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي كثيرًا من صلاته وهو جالس.
ووقع تفصيل القصة بأكثر من هذا بأسانيد صحيحة إلى أبي نعيم به، قال أيمن عن عائشة؛ أنَّه دخل عليها يسألها عن ركعتين بعد العصر؟ فقالت: والذي هو ذهب بنفسه - تعني: النبي صلى الله عليه وسلم - ما تركهما حتَّى لقي الله صلى الله عليه وسلم، وما لقي الله صلى الله عليه وسلم حتَّى ثقُلَ عن الصلاة، وكان يصلي كثيرًا من صلاته وهو قاعد، فقال أيمن لها: إن عمر بن الخطاب كان ينهى عنهما؟ قالت: صدقتَ، ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد كان يصليهما، ولا يصليهما في المسجد مخافةَ أن يُثْقِلَ على أمته، وكان يحب ما خفف عليهم [عند إسحاق، وأبي علي الرفاء،
واللفظ له، وهو كذلك بنحوه عند الإسماعيلي في مستخرجه، والبيهقي، لكن وقع عند الطبراني بذكر عثمان بدل عمر، وهو خطأ، وانظر: الفتح لابن رجب (3/ 296)].
أخرجه البخاري (590)، وأحمد (6/ 114)، وإسحاق بن راهويه (3/ 697/ 1298)، وأبو علي الرفاء في فوائده (236)، والطبراني في الأوسط (4/ 119/ 3762)، والبيهقي (2/ 458).
3 -
ورواه عمر بن أبي زائدة [ليس به بأس]، قال: حدثني أبو إسحاق، عن الأسود، عن عائشة، قالت: ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يمتنع من وجهي وهو صائم، وما مات حتَّى كان أكثر صلاته قاعدًا - ثم ذكرت كلمة معناها: - إلا المكتوبة، وكان أحب العمل إليه ما داوم عليه الإنسان وإن كان يسيرًا.
أخرجه النسائي في المجتبى (3/ 222/ 1652)، وفي الكبرى (2/ 140/ 1361) و (3/ 304/ 3076)، وأحمد (6/ 250)، والطيالسي (3/ 21/ 1494).
قال الدارقطني في العلل (14/ 314/ 3655): "وليس بمحفوظ".
• خالفه: يونس بن أبي إسحاق [ليس به بأس، لكنه ليس بالقوي في أبيه، في حديثه عن أبيه اضطراب، ضعَّف أحمد حديثه عن أبيه، وقال: "حديثه مضطرب". التهذيب (4/ 466)، الميزان (4/ 483)، شرح علل الترمذي (2/ 711 و 813)]، فرواه عن أبي إسحاق، عن الأسود، عن أم سلمة، قالت: ما قُبِض رسولُ الله صلى الله عليه وسلم حتَّى كان أكثر صلاته جالسًا؛ إلا المكتوبة.
أخرجه النسائي في المجتبى (3/ 222/ 1653)، وفي الكبرى (2/ 140 - 141/ 1362)، وأحمد (6/ 297).
• وقد اضطرب فيه يونس، فرواه مرة أخرى، عن أبي إسحاق، عن الأسود، قال: قلت لعائشة: حدثيني بأحبِّ العمل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، قالت: كان أحبُّ العمل إليه الَّذي يدوم عليه الرجل، وإن كان يسيرًا.
أخرجه أحمد (6/ 113)، وإسحاق بن راهويه (3/ 888/ 1564).
قال الدارقطني في العلل (15/ 210/ 3954): "وليس ذلك بمحفوظ".
• خالفهما فرواه على الصواب عن أبي إسحاق:
سفيان الثوري، وشعبة، وإسرائيل [وهم أثبت أصحاب أبي إسحاق]، وأبو الأحوص [سلام بن سليم: ثقة متقن]، وورقاء بن عمر [ثقة]، وشريك بن عبد الله النخعي [صدوق، سيئ الحفظ]، ورحيل بن معاوية [صدوق]، وغيرهم [كما في علل الدارقطني (15/ 210/ 3954)، فقد زاد: زياد بن حبيب، وعمرو بن أبي قيس، وإبراهيم بن طهمان، وأبا بكر بن عياش]:
رووه عن أبي إسحاق، قال: سمعت أبا سلمة، عن أم سلمة، قالت: ما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم حتَّى كان أكثر صلاته قاعدًا [وفي رواية: وهو جالس] إلا الفريضة، وكان
أحب العمل إليه أدومه وإن قلَّ [وفي رواية: ما داوم عليه العبد، وإن كان يسيرًا]. لفظ شعبة. وفي رواية للثوري: كان أحب العمل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما دام عليه وإن قلَّ.
ولفظ أبي الأحوص: والذي ذهب بنفسه صلى الله عليه وسلم! ما مات حتَّى كان أكثر صلاته وهو جالس، وكان أحب الأعمال إليه العمل الصالح الَّذي يدوم عليه العبد، وإن كان يسيرًا، وبنحوه لفظ إسرائيل.
أخرجه النسائي في المجتبى (3/ 222/ 1654 و 1655)، وفي الكبرى (2/ 141 / 1363)، وابن ماجة (1225 و 4237)، وابن حبان (6/ 252/ 2507)، وأحمد (6/ 304 و 305 و 319 و 320 و 321 و 322)، وإسحاق بن راهويه (4/ 147/ 1920)، ووكيع في الزهد (238)، والطيالسي (3/ 182/ 1714)، وعبد الرزاق (2/ 464/ 4091)، وابن أبي شيبة (1/ 400/ 4602)، والحارث بن أبي أسامة (239 - بغية الباحث)(604 - المطالب)، وأبو بكر ابن أبي مريم فيما رواه من حديث الفريابي عن الثوري (236)، وابن نصر في قيام الليل (325 - مختصره)، وأبو يعلى (12/ 363 / 6933) و (12/ 405 / 6969) و (12/ 408 / 6973)، والطبراني في الكبير (23/ 252 و 253/ 513 - 516)، وفي الصغير (2/ 140/ 926)، وابن المقرئ في المعجم (757)، والدارقطني في الأفراد (2/ 410/ 5949 - أطرافه)، وتمام في الفوائد (15)، والبيهقي في الشعب (3/ 400/ 3880)، والخطيب في تاريخ بغداد (2/ 385).
قال الدارقطني في العلل (14/ 314/ 3655): "والصحيح: عن أبي إسحاق، عن أبي سلمة، عن أم سلمة".
وانظر: أطراف الغرائب والأفراد (2/ 497/ 6453).
4 -
وروى عبدة بن سليمان [كوفي، ثقة ثبت]، وأبو نعيم الفضل بن دكين [كوفي، ثقة ثبت]:
عن المسعودي، عن يونس بن عبيد، عن عبد الله بن معقل، عن عائشة، قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلى قائمًا ركع قائمًا، وإذا كان قاعدًا ركع قاعدًا.
أخرجه أبو يعلى في المسند (8/ 227/ 4795)، وفي المعجم (318)، والطحاوي (1/ 338).
وعبد الله بن معقل المحاربي: سمع عائشة [كما عند أحمد في المسند (6/ 80 و 98 و 123)، وغيره]، وروى عنه ثقتان، ولم يرو منكرًا، بل أحاديثه معروفة رواها الثقات، لذا قال الذهبي:"محله الصدق"[تلخيص المتشابه في الرسم (1/ 293)، الميزان (2/ 507)، مغاني الأخيار (2/ 559)، التهذيب (2/ 438)]، ومتنه هذا معروف، رواه عبد الله بن شقيق عن عائشة.
وعبد الرحمن بن عبد الله المسعودي كان قد اختلط، إلا أن سماع من سمع منه بالكوفة جيد؛ يعني: قبل الاختلاط، وهذا الحديث رواه عنه: عبدة بن سليمان، وأبو نعيم،
وقد نص الإمام أحمد على أن سماع أبي نعيم من المسعودي كان قديمًا بالكوفة، ويلحق به عبدة؛ فإنه كوفي، وهو أكبر من أبي نعيم [انظر: العلل ومعرفة الرجال (1/ 325/ 575) و (3/ 50/ 4114)، تاريخ بغداد (10/ 218)، شرح علل الترمذي (2/ 747)، الكواكب النيرات (35)].
وعليه؛ فهو إسناد لا بأس به.
وانظر: علل الدارقطني (14/ 374/ 3721).
• وانظر فيما لا يصح ما أخرجه: عبد الرزاق (2/ 464/ 4092)، ومسدد في مسنده (2/ 55/ 1305 - إتحاف الخيرة)، وأحمد (6/ 264)، وإسحاق بن راهويه (2/ 405/ 958)، وأبو زرعة الدمشقي في الفوائد المعللة (96)، وابن نصر المروزي في قيام الليل (334 - مختصره)، وأبو الشيخ في أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم (3/ 183/ 577).
• وفي الباب أيضًا:
1 -
حديث حفصة:
يرويه مالك، ومعمر بن راشد، ويونس بن يزيد، وشعيب بن أبي حمزة، ومحمد بن الوليد الزبيدي، وإبراهيم بن أبي عبلة، وأبو مُعَيد حفص بن غيلان [ليس به بأس]، وعثمان بن عمر بن موسى التيمي المدني قاضيها [يوافق الثقات من أصحاب الزهري في حديثه عن الزهري، وقلما يخالفهم. انظر: صحيح البخاري (5576)، علل الدارقطني (4/ 368) و (7/ 284) و (8/ 96) و (10/ 76)، وهو صدوق حسن الحديث، روى عنه جماعة من الثقات، وذكره ابن حبان في الثقات، وأما قول ابن معين بأنه لا يعرفه، وإقرار ابن عدي له عليه فلا يقدح فيه، إذ قد عرفه غيره. انظر: التهذيب (3/ 74)، الثقات (7/ 200) و (8/ 441)، التاريخ الكبير (6/ 178 و 239)، الجرح والتعديل (6/ 124/ 159)]:
عن ابن شهاب، عن السائب بن يزيد، عن المطلب بن أبي وداعة السهمي، عن حفصة، أنها قالت: ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في سبحته قاعدًا قطُّ، حتَّى كان قبل وفاته بعام، فكان يصلي في سبحته قاعدًا، وكان يقرأ بالسورة فيرتلها حتى تكون أطولًا من أطولَ منها. وهذا لفظ مالك، وبنحوه رواية الزبيدي، وقال الآخرون: بعام واحد أو اثنين.
أخرجه مسلم (733/ 118)، وأبو عوانة (1/ 532 و 533/ 1992 - 1995)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (2/ 329 و 330/ 1664 و 1665)، والترمذي في الجامع (373)، وقال:"حديث حسن صحيح". وفي الشمائل (282)، والنسائي في المجتبى (3/ 223/ 1658)، وفي الكبرى (2/ 147/ 1380)، والدارمي (1/ 373/ 1385 و 1386)، وابن خزيمة (2/ 238/ 1242)، وابن حبان (6/ 253/ 2508) و (6/ 271/ 2530) و (6/ 318/ 2580)، ومالك في الموطأ (1/ 199/ 363)، والشافعي في السنن (26)، وأحمد (6/ 285)، وإسحاق بن راهويه (4/ 201/ 2003) و (4/ 202/ 2004)، وعبد الرزاق (2/ 463/ 4089)، وابن نصر في قيام الليل (327 - مختصره)، وجعفر الفريابي في فضائل
القرآن (112 - 115) وأبو يعلى (12/ 480/ 7055)، وأبو علي الطوسي في مختصر الأحكام (2/ 292/ 346)، والطبراني في الكبير (23/ 200 - 202/ 338 - 344)، وفي الأوسط (4/ 70/ 3635)، وفي مسند الشاميين (1/ 64/ 68) و (2/ 393/ 1561) و (4/ 158/ 2995)، والجوهري في مسند الموطأ (126)، والبيهقي في السنن (2/ 490)، وفي المعرفة (2/ 301/ 1361)، وفي الشعب (2/ 390/ 2153)، والخطيب في المتفق والمفترق (2/ 1143/ 712)، والبغوي في شرح السُّنَّة (4/ 107/ 980)، وقال:"هذا حديث صحيح". وفي الشمائل (591).
وانظر: مسند أحمد (6/ 285)، التمهيد (6/ 220).
• قال الترمذي: "وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنَّه كان يصلي من الليل جالسًا، فإذا بقي من قراءته قدر ثلاثين أو أربعين أية، قام فقرأ ثم ركع، ثم صنع في الركعة الثانية مثل ذلك.
وروي عنه: أنَّه كان يصلي قاعدًا، فإذا قرأ وهو قائم ركع وسجد وهو قائم، وإذا قرأ وهو قاعد ركع وسجد وهو قاعد.
قال أحمد وإسحاق: والعمل على كلا الحديثين، كأنهما رأيا كلا الحديثين صحيحًا معمولًا بهما".
2 -
حديث جابر بن سمرة:
رواه عبيد الله بن موسى، عن حسن بن صالح، عن سماك، قال: أخبرني جابر بن سمرة؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يمت حتَّى صلى قاعدًا.
أخرجه مسلم (734/ 119)، وأبو نعيم في مستخرجه عليه (2/ 330/ 1666)، وابن أبي شيبة (1/ 400/ 4604)، والبزار (10/ 183/ 4262)، وأبو العباس السراج في حديثه بانتقاء الشحامي (2189)، وأبو نعيم في الحلية (7/ 333)، والبيهقي (2/ 490).
قال البزار: "وهذا الحديث لا نعلم أحدًا يرويه عن سماك إلا الحسن بن صالح".
وقال أبو نعيم في الحلية: "لا أعلم أحدًا رواه عن الحسن إلا عبيد الله بن موسى".
3 -
حديث عبد الله بن الشِّخِّير:
رواه زيد بن الحباب [صدوق]، عن شداد بن سعيد الراسبي أبي طلحة [صدوق، له ما لا يتابع عليه]، قال: حدثني غيلان بن جرير، عن مطرف بن عبد الله بن الشخير، عن أبيه، قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي قاعدًا وقائمًا، وهو يقرأ:{أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ (1)} [التكاثر: 1] حتَّى ختمها.
أخرجه النسائي في الكبرى (10/ 343/ 11631)[دون قوله: وهو يصلي قاعدًا وقائمًا]، وأحمد (4/ 26)، وابنه عبد الله في زيادات المسند (4/ 26) [وفيه: وهو يصلي قاعدًا أو قائمًا]، وعبد بن حميد (515)، والطبراني في الكبير [عمدة القاري (7/ 164)، مجمع الزوائد (2/ 150)].