الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وعليه: فإن حديث ابن مسعود هذا: حديث حسن؛ كما قال الترمذي.
• وقد روي من فعل أبي بكر الصديق:
رواه جرير بن عبد الحميد، عن منصور بن المعتمر، عن تميم بن سلمة، قال: كان أبو بكر إذا جلس في الركعتين كأنه على الرضف؛ يعني: حتى يقوم.
أخرجه ابن أبي شيبة (1/ 263/ 3017).
قال ابن حجر: "إسناده صحيح"[التلخيص (1/ 263/ 406)].
قلت: رجاله ثقات، وهو منقطع؛ فإن تميم بن سلمة السلمي الكوفي: لم يدرك أبا بكر، ويروي عن عروة عن عائشة، وعن أبي عبيدة عن ابن مسعود، وعن عبد الرحمن بن هلال العبسي عن جرير البجلي، وكان يرسل عن الصحابة، وقال البخاري في التاريخ الكبير:"رأى عبد الله بن الزبير"، ولم يُثبِت له سماعًا من أحد من الصحابة، وهو متأخر الوفاة، مات سنة مائة، في خلافة عمر بن عبد العزيز [التاريخ الكبير (2/ 153)، الجرح والتعديل (2/ 441)، الثقات (4/ 86)، التهذيب (1/ 259)].
• وقد جاء معناه من حديث ابن مسعود في التشهد:
رواه ابن إسحاق، قال: حدَّثني عن تشهُّدِ رسول الله صلى الله عليه وسلم في وسط الصلاة، وفي آخرها؛ عبدُ الرحمن بن الأسود بن يزيد النخعي، عن أبيه، عن عبد الله بن مسعود [قال: وكنا نحفظه عن عبد الله بن مسعود كما نحفظ حروف القرآن]، قال: علَّمني رسول الله صلى الله عليه وسلم التشهد في وسط الصلاة، وفي آخرها، فكنا نحفظ عن عبد الله، حين أخبرنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم علمه إياه، قال: فكان يقول إذا جلس في وسط الصلاة، وفي آخرها على وَرِكه اليسرى:"التحيات لله، والصلوات والطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله".
قال: ثم إن كان في وسط الصلاة نهض حين يفرغ من تشهده، وإن كان في آخرها دعا بعد تشهده ما شاء الله أن يدعو، ثم يسلم [لفظ إبراهيم بن سعد، عند أحمد].
أخرجه ابن خزيمة (701 و 702 و 708)، وهو حديث حسن، تقدم تخريجه تحت الحديث رقم (969).
وموضع الشاهد منه: ثم إن كان في وسط الصلاة نهض حين يفرغ من تشهده؛ يعني: أنه يقوم بعد فراغه من تشهده مباشرة، كما قال ابن مسعود: كأنه على الرضف، من سرعة قيامه، والله أعلم.
***
189 - باب في السلام
996 -
قال أبو داود: حدثنا محمد بن كثير: أخبرنا سفيان.
(ح) وحدثنا أحمد بن يونس: حدثنا زائدة.
(ح) وحدثنا مسدد: حدثنا أبو الأحوص.
(ح) وحدثنا محمد بن عبيد المحاربي، وزياد بن أيوب، قالا: حدثنا عمر بن عبيد الطنافسي.
(ح) وحدثنا تميم بن المنتصر: أخبرنا إسحاق -يعني: ابن يوسف-، عن شريك.
(ح) وحدثنا أحمد بن منيع: حدثنا حسين بن محمد: حدثنا إسرائيل.
كلهم: عن أبي إسحاق، عن أبي الأحوص، عن عبد الله.
وقال إسرائيل: عن أبي الأحوص، والأسود، عن عبد الله؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يسلِّم عن يمينه، وعن شماله، حتى يُرى بياض خدِّه:"السلام عليكم ورحمة الله، السلام عليكم ورحمة الله".
قال أبو داود: وهذا لفظ حديث سفيان، وحديث شريك لم يفسِّره.
قال أبو داود: ورواه زهير، عن أبي إسحاق، ويحيى بن آدم، عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن عبد الرحمن بن الأسود، عن أبيه، وعلقمة، عن عبد الله.
قال أبو داود: شعبةُ كان ينكر هذا الحديث -حديث أبي إسحاق- أن يكون مرفوعًا.
• حديث صحيح.
1 -
أخرجه من طريق سفيان الثوري:
الترمذي (295)، وأبو علي الطوسي في مستخرجه عليه "مختصر الأحكام"(2/ 166/ 278)، والنسائي في المجتبى (3/ 63/ 1324)، وفي الكبرى (2/ 89/ 1248)، وابن حبان (5/ 333/ 1993)، وابن الجارود (209)، وأحمد (1/ 390 و 409 و 444)، ومحمد بن الحسن الشيباني في الحجة على أهل المدينة (1/ 142 - 143)، وعبد الرزاق (2/ 219/ 3130)، والسري بن يحيى في حديثه عن شيوخه عن الثوري (57)، وابن أبي خيثمة في التاريخ الكبير (3/ 114/ 4053)، وأبو يعلى (9/ 138/ 5214)، وابن المنذر في الأوسط (3/ 219/ 1540)(3/ 392/ 1532 - ط. الفلاح)، والطحاوي (1/ 267)، والهيثم بن كليب الشاشي في مسنده (2/ 148/ 693)، ومحمد بن إسماعيل الفارسي في زياداته على ما رواه أبو بكر ابن أبي مريم من حديث الفريابي عن الثوري (319)، والطبراني في الكبير (10/ 123/ 10173)، والدارقطني في العلل (5/ 11/ 680)، والبغوي في شرح السُّنَّة (3/ 205/ 697).
رواه عن الثوري: عبد الرحمن بن مهدي، ووكيع بن الجراح، وأبو نعيم الفضل بن دكين، وقبيصة بن عقبة، وعبد الله بن الوليد العدني، وعبيد الله بن موسى، وعبد الرزاق بن همام، ومحمد بن كثير العبدي، وأبو داود الطيالسي، ومحمد بن الحسن الشيباني [وهم ثقات، عدا الأخير فهو: ضعيف].
ولفظ ابن مهدي [عند النسائي]: عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه كان يسلم عن يمينه وعن يساره:"السلام عليكم ورحمة الله، السلام عليكم ورحمة الله"، حتى يُرى بياضُ خدِّه من هاهنا، وبياضُ خدِّه من هاهنا.
قال الترمذي والبغوي: "حديث حسن صحيح".
• تنبيهات:
أ- هكذا رواه أبو داود عن محمد بن كثير العبدي، وساق لفظه عن الثوري، ورواه الفضل بن الحباب [عند: ابن حبان]، عن محمد بن كثير به، لكن قال فيه:"السلام عليكم ورحمة الله، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته"، فزاد:"وبركاته" في الثانية، وشذَّ بهذه الزيادة.
فإن أبا خليفة الفضل بن الحباب، وإن كان ثقة؛ إلا أنه تكلم فيه، وأخطأ في أحاديث، وقال أبو يعلى الخليلي:"احترقت كتبه"، فلعله حدث به بعد احتراق كتبه [انظر: الإرشاد (2/ 526)، سؤالات حمزة السهمي (247)، الثقات (9/ 8)، السير (14/ 7)، التذكرة (2/ 670)، الميزان (3/ 350)، اللسان (6/ 337)].
ب- روى ابن حجر في نتائج الأفكار (2/ 237) من طريق أبي العباس السراج، قال: حدثنا عبد الله بن عمر -يعني: ابن أبان-: ثنا وكيع، وأبو نعيم، قالا: ثنا سفيان، عن أبي إسحاق، عن أبي الأحوص، عن عبد الله رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يسلم عن يمينه وعن يساره، حتى يُرى بياضُ خدِّيه:"السلام عليكم ورحمة الله وبركاته".
قال ابن حجر: "هكذا في أصل سماعنا من مسند السراج، بخط الحافظ مجد الدين ابن النجار، وكذلك وجدته بخط الحافظ زكي الدين البرزالي".
قلت: شيخ السراج: عبد الله بن عمر بن محمد بن أبان الجعفي، لقبه: مشكدانة: ثقة، فإن كانت الزيادة ثابتة حقًّا من حديث السراج، ثم من حديث مشكدانة، فقد خالفه جماعة من الثقات الحفاظ، فرووه بدون زيادة:"وبركاته":
فرواه عن وكيع بن الجراح: أحمد بن حنبل [(1/ 390 و 444)]، وأبو خيثمة زهير بن حرب [عند أبي يعلى]، وكل منهما: ثقة حافظ، إمام متقن، حجة بنفسه، يقدَّم قوله عند الاختلاف على مشكدانة وأمثاله؛ فكيف إذا اتفقا واجتمعا وتتابعا على رواية هذا الحديث عن وكيع بدون هذه الزيادة، مما يدل على شذوذها من حديث وكيع عن سفيان، وهي شاذة أيضًا من حديث أبي نعيم عنه.
فقد رواه عن أبي نعيم: أبو حاتم محمد بن إدريس الرازي [ثقة حافظ، إمام حجة]
[عند ابن المنذر]، وابن أبي خيثمة أحمد بن زهير بن حرب [ثقة حافظ، إمام متقن]، وعلي بن عبد العزيز البغوي [ثقة حافظ][عند الطبراني]، والسري بن يحيى [ثقة]، وأبو أمية محمد بن إبراهيم بن مسلم الخزاعي الطرسوسي [صدوق][عند الطحاوي].
وبذا يظهر أن هذه الزيادة التي رواها ابن حجر في النتائج: زيادة شاذة، والله أعلم.
• ثم إن الحديث قد رواه بدون هذه الزيادة عن الثوري جماعةٌ من أصحابه الثقات، وفيهم أحد أثبت الناس فيه، وهم: عبد الرحمن بن مهدي، وقبيصة بن عقبة، وعبد الله بن الوليد العدني، وعبد الرزاق بن همام، وأبو داود الطيالسي، وعبيد الله بن موسى.
فلا شك في عدم ثبوتها من حديث الثوري، والله أعلم.
ج- وانظر فيمن وهم في إسناده على الثوري: ما أخرجه ابن حبان في الثقات (8/ 498)، والطبراني في الكبير (10/ 124/ 10174).
2 -
وأخرجه من طريق زائدة بن قدامة [ثقة حجة]:
ابن أبي شيبة في المصنف (1/ 265/ 3044)، وفي المسند (412)، والطبراني في الكبير (10/ 123/ 10173)، وابن جميع الصيداوي في معجم شيوخه (78).
رواه عن زائدة: أحمد بن عبد الله بن يونس، ومعاوية بن عمرو، وحسين بن علي.
ولفظ حسين [عند ابن أبي شيبة]: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسلم في الصلاة عن يمينه، وعن شماله، حتى يُرى بياضُ وجهه، ويقول:"السلام عليكم ورحمة الله" من كلا الجانبين.
3 -
وأخرجه من طريق أبي الأحوص سلام بن سليم [ثقة متقن]:
ابن حبان (5/ 331/ 1991)، وابن أبي خيثمة في التاريخ الكبير (3/ 114/ 4054)، وأبو يعلى (9/ 40/ 5102)، والطبراني في الكبير (10/ 123/ 10173).
رواه عن أبي الأحوص: مسدد بن مسرهد، ومحمد بن سعيد بن سليمان المعروف بابن الأصبهاني، والعباس بن الوليد النرسي، وسهل بن عثمان بن فارس الكندي [وهم ثقات].
ولفظ النرسي: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسلم عن يمينه، وعن شماله:"السلام عليكم ورحمة الله، السلام عليكم ورحمة الله"، حتى يُرى بياضُ خدِّه.
وانظر: نتائج الأفكار (2/ 236).
4 -
وأخرجه من طريق عمر بن عبيد بن أبي أمية الطنافسي [ثقة]:
النسائي في المجتبى (3/ 63/ 1323)، وفي الكبرى (2/ 89/ 1247)، وابن ماجه (914)، وابن خزيمة (1/ 359 - 360/ 728)، وابن حبان (5/ 329/ 1990)، وأحمد (1/ 448)، وابن أبي شيبة في المصنف (1/ 265/ 3043)، وفي المسند (357)، والطبراني في الكبير (10/ 124/ 10173).
رواه عن عمر بن عبيد: أحمد بن حنبل، وأبو بكر بن أبي شيبة، وأخوه يعلى بن
عبيد، ومحمد بن عبيد المحاربي، وزياد بن أيوب، ومحمد بن آدم، ومحمد بن عبد الله بن نمير، وإسحاق بن إبراهيم بن حبيب بن الشهيد [وهم ثقات].
ولفظ أحمد في مسنده: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسلم عن يمينه حتى يبدو بياض خده، يقول:"السلام عليكم ورحمة الله"، وعن يساره حتى يبدو بياض خده، يقول:"السلام عليكم ورحمة الله". وبمثله لفظ ابن أبي شيبة إلا أنه قال: وعن يساره مثل ذلك.
ولفظ محمد بن آدم [عند النسائي]: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسلم عن يمينه حتى يبدو بياض خده، وعن يساره حتى يبدو بياض خده.
ولفظ ابن نمير [عند ابن ماجه]: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يسلم عن يمينه، وعن شماله، حتى يرى بياض خده:"السلام عليكم ورحمة الله".
لكن وقع في بعض نسخ ابن ماجه، مثل: نسخة المكتبة السليمانية، ونسخة مكتبة باريس وغيرهما، زيادة:"وبركاته"، وليست هي في النسخة التيمورية.
والاختلاف في ثبوت هذه الزيادة وعدمها اختلاف قديم في نسخ ابن ماجه، تجد ذلك في كلام الشراح والنقاد، وهذا مما يجعل النفس لا تطمئن لثبوتها، وذلك لكون جماعة الحفاظ لم يأتوا بها عن عمر بن عبيد، والله أعلم.
• فإن قيل: زادها أيضًا: إسحاق بن إبراهيم بن حبيب بن الشهيد، وزياد بن أيوب [عند ابن خزيمة، مقرونان في إسناد واحد]، بلفظ: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسلم عن يمينه حتى يرى بياض خده: "السلام عليكم ورحمة الله وبركاته"، وعن شماله حتى يبدو بياض خده:"السلام عليكم ورحمة الله وبركاته".
فيقال: قد رواه ابن حجر في نتائج الأفكار (2/ 234) من طريق ابن خزيمة به، بدون زيادة:"وبركاته"، ولم ينبه في كلامه على وجود هذه الزيادة عند ابن خزيمة.
ثم وقفت بعد ذلك على لفظ حديث إسحاق بن إبراهيم الشهيدي [من رواية أبي عروبة الحراني الحسين بن أبي معشر عنه، وهو: ثقة حافظ]، فقال فيه: كان النبي صلى الله عليه وسلم يسلم عن يمينه حتى يبدو بياض خده، وعن شماله حتى يبدو بياض خده. فلم يذكر لفظ التسليم.
أخرجه أبو بكر ابن المقرئ في الأربعين (45).
وعلى هذا فلم تثبت الزيادة من حديث الشهيدي، وأما زياد بن أيوب فقد رواه أبو داود من طريقه، ولم ينبه على أنه قد زادها في الحديث.
والحاصل: فإن هذه الزيادة لا تثبت من حديث عمر بن عبيد الطنافسي، فقد رواه عنه بدونها: أحمد بن حنبل، وأبو بكر بن أبي شيبة [وهذان اثنان من كبار الحفاظ والأئمة في زمانهما]، وأخوه يعلى بن عبيد، ومحمد بن عبيد المحاربي، ومحمد بن آدم [وهم ثقات]، واختلفت الرواية على زياد بن أيوب، وإسحاق بن إبراهيم الشهيدي، ولا تثبت عنهما، وأما رواية ابن نمير عند ابن ماجه، فقد اختلفت النسخ في إثباتها، فرواية الجماعة هي الصواب، والله أعلم.
5 -
وأخرجه من طريق شريك بن عبد الله النخعي [صدوق، سيئ الحفظ]:
أبو داود الطيالسي (306)، والطبراني في الكبير (10/ 123/ 10173).
رواه عن شريك: إسحاق بن يوسف الأزرق [ثقة]، والطيالسي [ثقة حافظ].
ولفظ الطيالسي: أن النبي صلى الله عليه وسلم سلم في الصلاة تسليمتين.
لذا قال أبو داود: "وحديث شريك لم يفسِّره"؛ يعني: لم يذكر فيه لفظ التسليم، ولا صفته برؤية بياض الخد عند الالتفات.
• خالفهما: ابن الأصبهاني [محمد بن سعيد بن سليمان الكوفي: ثقة ثبت]، قال: نا شريك، عن أبي إسحاق؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يسلم في الصلاة حتى يُرى بياض خده.
أخرجه ابن أبي خيثمة في التاريخ الكبير (3/ 4059/115).
قال ابن أبي خيثمة: "ولم يزد شريك عن أبي إسحاق قط".
قلت: الرواية الأولى الموصولة أولى بالصواب؛ فإن سماع إسحاق بن يوسف من شريك قديم، قال موسى بن هارون الحمال:"وسماع إسحاق من شريك قبل سماع الحماني وعثمان بن أبي شيبة بدهر طويل". [المدرج للخطيب (1/ 454)]، وقال أبو داود في مسائله (1992):"سمعت أحمد يقول: عباد بن العوام وإسحاق -يعني: الأزرق- ويزيد: كتبوا عن شريك بواسط من كتابه، قدم عليهم في حفر نهر؟ قال أحمد: سماع هؤلاء أصح عنه؛ يعني: سماع أهل واسط".
6 -
وأما طريق إسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق [وهو: ثقة، من أثبت الناس في جده أبي إسحاق]:
فقد اختلف فيه على إسرائيل:
أ- فرواه حسين بن محمد بن بهرام التميمي، وهاشم بن القاسم أبو النضر، وأبو أحمد الزبيري محمد بن عبد الله بن الزبير، والنضر بن شميل، ومعاوية بن عمرو الأزدي، وعبد الله بن رجاء الغداني، وأسد بن موسى [وأفرد الأسود] [وهم سبعة من الثقات]:
قالوا: حدثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن أبي الأحوص، والأسود بن يزيد، عن عبد الله، قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يسلم عن يمينه: "السلام عليكم ورحمة الله"، حتى يبدوَ بياضُ خدِّه الأيمن، وعن يساره بمثل ذلك.
أخرجه أبو داود (996)، وأحمد (1/ 406)(2/ 897 - 898/ 3926 - ط. المكنز)، والطحاوي (1/ 268)، والهيثم بن كليب الشاشي في مسنده (2/ 150/ 695 و 696)، والطبراني في الكبير (10/ 124/ 10173).
ب- ورواه أبو أحمد الزبيري، ويحيى بن آدم، وإسحاق بن منصور السلولي، ومحمد بن سابق التميمي، وعبيد الله بن موسى، ووكيع بن الجراح [لكنه رواه بالشك، فقال: عن الأسود وعلقمة، أو أحدهما، واختصر الحديث][وهم ستة من الثقات]:
عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن عبد الرحمن بن الأسود، عن أبيه، وعلقمة، عن
عبد الله، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكبر في كل ركوع وسجود، ورفع ووضع، وأبو بكر وعمر رضوان الله عليهما، ويسلمون على أيمانهم وشمائلهم:"السلام عليكم ورحمة الله".
أخرجه أحمد (1/ 418 و 442)(2/ 974/ 4309 - ط. المكنز)، والبزار (5/ 49/ 1610)، والطحاوي (1/ 268)، والهيثم بن كليب الشاشي في مسنده (355 و 430)، والبيهقي في السنن (2/ 177)، وفي المعرفة (2/ 938/62)، وفي الشعب (5/ 425/ 2868 - ط. الأوقاف القطرية)، وابن عبد البر في التمهيد (9/ 180)، وفي الاستذكار (1/ 493).
وانظر فيمن وهم فيه على عبيد الله بن موسى، فقلبه عن جابر الجعفي، بدلًا من أبي إسحاق السبيعي [أخرجه البزار (5/ 1647/76)].
قلت: كلا الوجهين محفوظ عن إسرائيل، حيث رواهما عنه جماعة من الثقات، وقد رواه عنه بالوجهين أبو أحمد الزبيري، وإسرائيل يحتمل منه في جدِّه التعدد في الأسانيد.
وكلاهما محفوظ أيضًا عن أبي إسحاق السبيعي؛ فإنه يحتمل من مثله التعدد في الأسانيد، وقد توبع إسرائيل على الوجهين.
قلت: والرواية الثانية تبين أن ذكر الأسود في الرواية الأولى وقع تدليسًا من أبي إسحاق، ولم يسمعه منه؛ إنما سمعه من عبد الرحمن بن الأسود عن أبيه.
• وقد تابع إسرائيل على الوجه الأول بدون ذكر الأسود: سفيان الثوري، وزائدة بن قدامة، وأبو الأحوص، وعمر بن عبيد الطنافسي، وشريك النخعي، وعلي بن صالح، والحسن بن صالح، ومعمر بن راشد.
• وتابع إسرائيل على الوجه الثاني:
أ- زهير بن معاوية [ثقة ثبت]:
فقد رواه معاذ بن معاذ العنبري، ويحيى بن سعيد القطان، وأبو نعيم الفضل بن دكين، ويحيى بن آدم، وأبو كامل مظفَّر بن مدرك، وسليمان بن داود الهاشمي، وأبو داود الطيالسي، وأبو الوليد هشام بن عبد الملك الطيالسي، وأبو غسان مالك بن إسماعيل، وأحمد بن عبد الله بن يونس، وإسحاق بن منصور السلولي، وعلي بن الجعد، وأبو النضر هاشم بن القاسم، وأبو جعفر النفيلي عبد الله بن محمد بن علي الحراني، وأبو بدر شجاع بن الوليد، والعباس بن الوليد، وحميد بن عبد الرحمن الرؤاسي، ومعاوية بن عمرو، والحسن بن موسى الأشيب، وأبو الجواب الأحوص بن جواب [وهم ثقات]:
عن زهير، عن أبي إسحاق، عن عبد الرحمن بن الأسود، عن الأسود، وعلقمة، عن عبد الله، قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يكبر في كل خفض ورفع، وقيام وقعود، ويسلم عن يمينه، وعن شماله:"السلام عليكم ورحمة الله، السلام عليكم ورحمة الله"، حتى يُرى بياضُ خده، ورأيت أبا بكر وعمر رضي الله عنهما يفعلان ذلك. لفظ معاذ.
أخرجه النسائي في المجتبى (2/ 205/ 1083) و (2/ 230/ 1142) و (3/ 62/ 1319)، وفي الكبرى (1/ 342/ 674) و (1/ 367/ 732) و (2/ 88/ 1243)، والدارمي
(1/ 316/ 1249)، وأحمد (1/ 386 و 394 و 427)(2/ 942/ 4136 - ط. المكنز)، والطيالسي (277)، وابن أبي شيبة في المصنف (1/ 266/ 3046)، وفي المسند (426)، وسعدان بن نصر في جزئه (157)، وابن أبي خيثمة في التاريخ الكبير (3/ 114 و 115/ 4055 - 4058)، والبزار (5/ 48/ 1609)، وأبو يعلى (9/ 39/ 5101) و (9/ 64/ 5128) و (9/ 228/ 5334)، وأبو علي الطوسي في مختصر الأحكام (2/ 98/ 235)، وأبو العباس السراج في حديثه بانتقاء زاهر الشحامي (2500 و 2501)، وأبو القاسم البغوي في مسند ابن الجعد (2513)، والطحاوي (1/ 220 و 268)، والهيثم بن كليب الشاشي في مسنده (355 و 429 و 431)، والطبراني في الكبير (10/ 122/ 10172)، وابن عدي في الكامل (4/ 282)، وأبو الفضل الزهري في حديثه (623)، وابن المقرئ في المعجم (1041)، والدارقطني في السنن (1/ 357)، وفي الأفراد (2/ 5/ 3659 - أطرافه)، وابن بشران في الأمالي (317)، وابن حزم في المحلى (3/ 275) و (4/ 130)، والبيهقي في السنن (2/ 177)، وفي المعرفة (2/ 62/ 938)، وفي الشعب (5/ 425/ 2868 - ط. الأوقاف القطرية)، وابن حجر في نتائج الأفكار (2/ 238).
ب- شريك بن عبد الله النخعي [مقرون بزهير، من رواية إسحاق بن منصور السلولي عنهما]، عن أبي إسحاق، عن عبد الرحمن بن الأسود، عن أبيه، وعلقمة، عن عبد الله، قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يكبر في كل خفض ورفع،
…
الحديث بمثل حديث زهير.
أخرجه الهيثم بن كليب الشاشي في مسنده (429).
ج ود وهـ- أبو الأحوص، وحديج بن معاوية [ليس بالقوي. التهذيب (1/ 366)، منهج النسائي في الجرح والتعديل (3/ 1420)]، ومحمد بن جابر بن سيار السحيمي اليمامي [ضعيف]:
عن أبي إسحاق، عن عبد الرحمن بن الأسود، عن علقمة، والأسود، عن عبد الله بن مسعود، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكبر في كل خفض ورفع، وقيام وقعود، وأبو بكر وعمر [زاد النسائي في رواية أبي الأحوص: وعثمان].
زاد ابن جابر: ويسلم عن يمينه وعن شماله. ولم يذكر أبا بكر وعمر.
أخرجه الترمذي (253)، والنسائي في المجتبى (2/ 233/ 1149)، وفي الكبرى (1/ 369/ 739)، وابن أبي شيبة (1/ 216/ 2476)، وأبو يعلى (9/ 39/ 5101)[وفي سنده سقط]، وابن المنذر في الأوسط (3/ 133/ 1372)، وأبو الحسن السكري في الأول من حديثه (12 و 13 و 15)[مجموع مصنفات ابن الحمامي (202 و 203 و 205)]، والبغوي في شرح السُّنَّة (3/ 90/ 612).
قال الترمذي والبغوي: "حديث حسن صحيح".
• ورواه أيضًا عن أبي إسحاق السبيعي عن أبي الأحوص:
7 -
علي بن صالح بن حي [كوفي ثقة]، عن أبي إسحاق، عن أبي الأحوص، عن
عبد الله، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: كأني أنظر إلى بياض خده عن يمينه: "السلام عليكم ورحمة الله"، وعن يساره:"السلام عليكم ورحمة الله".
أخرجه النسائي في المجتبى (3/ 63/ 1322)، وفي الكبرى (2/ 89/ 1246)، والطبراني في الكبير (10/ 123/ 10173)، والدارقطني في الأفراد (2/ 47/ 3929 - أطرافه)، والخطيب في المتفق والمفترق (3/ 1649/ 1132).
8 -
الحسن بن صالح بن حي [كوفي ثقة]، عن أبي إسحاق: حدثنا أبو الأحوص، عن عبد الله، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسلم عن يمينه، وعن يساره، حتى يُرى بياضُ خده:"السلام عليكم ورحمة الله".
أخرجه أحمد (1/ 408)، والطبراني في الكبير (10/ 123/ 10173)، وأبو بكر القطيعي في جزء الألف دينار (159)، والخطيب في المتفق والمفترق (1/ 718/ 425) [وزيد في آخره:"وبركاته"، وهي خطأ محض، حيث رواه من طريق أحمد، وهو في المسند بدونها، وقد رواه من طريق القطيعي أيضًا، وهو في جزئه بدونها].
9 -
معمر بن راشد [ثقة]، عن أبي إسحاق به نحو رواية الثوري.
أخرجه عبد الرزاق (2/ 219/ 3130)، وعنه: أحمد (1/ 409)، ومحمد بن إسماعيل الفارسي في زياداته على ما رواه أبو بكر ابن أبي مريم من حديث الفريابي عن الثوري (319)، والطبراني في الكبير (10/ 123/ 10173).
• هكذا روى أبو إسحاق السبيعي هذا الحديث بإسنادين:
أ- أبو إسحاق، عن أبي الأحوص، عن عبد الله.
ب- أبو إسحاق، عن عبد الرحمن بن الأسود، عن الأسود، وعلقمة، عن عبد الله.
وقد رواه بالإسناد الأول جماعة من ثقات أصحابه، أثبتهم فيه: سفيان الثوري، وحفيده إسرائيل.
ورواه بالإسناد الثاني أيضًا: جماعة من ثقات أصحابه، أثبتهم فيه: حفيده إسرائيل.
فهو حديث صحيح بالإسنادين جميعًا، والله أعلم.
• خالف هؤلاء فوهِمَ في إسناده على أبي إسحاق:
1 -
الحسين بن واقد [مروزي: ليس به بأس، له أوهام ومناكير عن أبي إسحاق وغيره. التهذيب (1/ 438)، الميزان (1/ 549)، سؤالات المروذي والميموني (146 و 444)، وقد تقدم ذكره مرارًا، انظر مثلًا: ما تقدم برقم (896)]، قال: حدثنا أبو إسحاق، عن علقمة، والأسود، وأبي الأحوص، قالوا: حدثنا عبد الله بن مسعود؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يسلم عن يمينه: "السلام عليكم ورحمة الله"، حتى يُرى بياضُ خدِّه الأيمن، وعن يساره:"السلام عليكم ورحمة الله"، حتى يُرى بياضُ خدِّه الأيسر.
أخرجه النسائي في المجتبى (3/ 64/ 1325)، وفي الكبرى (2/ 1249/90)، والطحاوي (1/ 268)، والطبراني في الكبير (10/ 124/ 10173)، والدارقطني في السنن
(1/ 356 - 357)، وفي الأفراد (2/ 22/ 3770 - أطرافه)، والبيهقي (2/ 177).
قال النسائي: "أبو إسحاق لم يسمع من علقمة" [تحفة الأشراف (6/ 261/ 9182 - ط. الغرب).
قلت: ولم يسمعه أيضًا أبو إسحاق من الأسود؛ إنما سمعه من ابنه عبد الرحمن، كما بينته رواية إسرائيل وزهير وأبي الأحوص وغيرهم.
وقال الدارقطني في السنن: "اختلف على أبي إسحاق في إسناده، ورواه زهير عن أبي إسحاق عن عبد الرحمن بن الأسود عن أبيه وعلقمة عن عبد الله، وهو أحسنهما إسنادًا".
وقال في الأفراد: "رواه الحسين بن واقد عن أبي إسحاق، فزاد في إسناده أبا الأحوص، ولم يجمع بين الثلاثة عنه غير حسين بن واقد".
2 -
يونس بن أبي إسحاق، عن أبيه، عن الأسود، عن ابن مسعود، قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يسلم عن يمينه: "السلام عليكم ورحمة الله، وعن يساره: "السلام عليكم ورحمة الله"، حتى يبدو بياض خده من ها هنا وها هنا.
أخرجه الهيثم بن كليب الشاشي (428)، بإسناد صحيح إلى يونس.
وهذه الرواية وهم، ويونس بن أبي إسحاق: ليس به بأس، لكنه ليس بالقوي في أبيه، في حديثه عن أبيه اضطراب، ضعَّف أحمد حديثه عن أبيه، وقال:"حديثه مضطرب".
[التهذيب (4/ 466)، الميزان (4/ 483)، شرح علل الترمذي (2/ 711 و 813)].
والصواب في هذا: ما رواه جماعة الثقات، عن أبي إسحاق، عن عبد الرحمن بن الأسود، عن الأسود، وعلقمة، عن عبد الله.
3 -
إبراهيم بن طهمان، عن أبي إسحاق، عن الأسود، وعلقمة، عن عبد الله، قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يسلم عن يمينه ويساره: "السلام عليكم ورحمة الله، السلام عليكم ورحمة الله"، حتى أرى بياضَ خدِّه.
أخرجه أبو العباس السراج في مسنده (1215)، وفي حديثه بانتقاء زاهر الشحامي (1015)، بإسناد صحيح إلى إبراهيم.
وهذه الرواية وهم، وإبراهيم بن طهمان: ثقة، صاحب غرائب، ولم يكن من أصحاب أبي إسحاق.
والصواب في هذا: ما رواه جماعة الثقات، عن أبي إسحاق، عن عبد الرحمن بن الأسود، عن الأسود، وعلقمة، عن عبد الله.
4 -
أبو بكر بن عياش [ثقة، ساء حفظه لما كبر، وكتابه صحيح][وعنه: فضالة بن الفضل الكوفي، وهو: ثقة]، عن أبي إسحاق، عن الأسود وعلقمة، [وفي بعض الروايات: عن علقمة وحده]، عن عبد الله، قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يسلم عن يمينه وعن شماله، حتى يرى بياض خديه:"السلام عليكم ورحمة الله، السلام عليكم ورحمة الله".
أخرجه ابن أبي خيثمة في التاريخ الكبير (3/ 114/ 4054 م)، والدارقطني في الأفراد (2/ 22/ 3770 - أطرافه)، والخطيب في تالي تلخيص المتشابه (2/ 452/ 270).
والصواب في هذا: ما رواه جماعة الثقات، عن أبي إسحاق، عن عبد الرحمن بن الأسود، عن الأسود، وعلقمة، عن عبد الله.
5 -
سليمان بن قرم، عن أبي إسحاق، عن علقمة، عن عبد الله، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سلم عن يمينه رُئي بياض خده، وإذا سلم عن يساره رُئي بياض خده.
أخرجه أبو العباس السراج في مسنده (1216)، وفي حديثه بانتقاء زاهر الشحامي (868)، قال: حدثنا محمد بن سعد بن عطية العوفي [هو: محمد بن سعد بن محمد بن الحسن بن عطية العوفي: قال الدارقطني: "لا بأس به"، وقال الخطيب: "وكان لينًا في الحديث"، وذكر له حديثًا وهم في إسناده. سؤالات الحاكم (178)، تاريخ بغداد (5/ 322)، تاريخ الإسلام (20/ 445)، اللسان (7/ 150)]، قال: حدثني أبي [قال فيه أحمد: "ذاك جهمي،
…
، ولو لم يكن هذا أيضًا: لم يكن ممن يستأهل أن يكتب عنه، ولا كان موضعًا لذاك"، وقال الذهبي: "وثقه بعضهم".
قلت: ردَّ أحمد توثيقهم لما ذكره له الأثرم، واستعظمه جدًّا. تاريخ بغداد (9/ 126)، تاريخ الإسلام (16/ 171)، ذيل الميزان (416)، اللسان (4/ 33)]، قثنا سليمان بن قرم [الضبي: سيئ الحفظ، ليس بذاك] به.
قلت: فلا يثبت إسناده إلى أبي إسحاق.
6 -
عبد الملك بن الحسين، عن أبي إسحاق، عن الأسود وعلقمة ومسروق وعَبيدة السلماني، عن عبد الله، قال: لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يسلم: "السلام عليكم ورحمة الله"، حتى يرى بياض خده، ومن الجانب الآخر مثل ذلك.
أخرجه الطبراني في الكبير (10/ 124/ 10176)، وأبو نعيم في الحلية (4/ 348).
قال أبو نعيم: "لم يروه عن أبي إسحاق مجموعًا هكذا إلا أبو مالك عبد الملك بن الحسين النخعي".
قلت: هذا حديث منكر؛ أبو مالك النخعي عبد الملك بن الحسين هذا: متروك، منكر الحديث [التقريب (1199)، التهذيب (4/ 580)].
وانظر له وهمًا آخر في إسناده عند: البزار (5/ 431/ 2067).
7 -
إبراهيم بن يوسف، عن أبيه، عن أبي إسحاق، عن بكر بن ماعز، عن الربيع بن خثيم؛ أنه سمع عبد الله بن مسعود يسلم عن يمينه وعن شماله: السلام عليكم ورحمة الله، السلام عليكم ورحمة الله. موقوف.
أخرجه أبو العباس السراج في مسنده (1219)، وفي حديثه بانتقاء زاهر الشحامي (871).
وهذا حديث منكر؛ إبراهيم بن يوسف بن إسحاق بن أبي إسحاق: ليس بالقوي، وأبوه: ثقة.
8 -
حديج بن معاوية [ليس بالقوي. التهذيب (1/ 366)، منهج النسائي في الجرح والتعديل (3/ 1420)]، عن أبي إسحاق، عن البراء؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يسلم في الصلاة تسليمتين.
أخرجه الطحاوي (1/ 269)، وابن عدي في الكامل (2/ 431).
سئل عنه الإمام أحمد، فقال:"هذا منكر"[العلل ومعرفة الرجال (3/ 281/ 5251)، مسائل ابن هانئ (2292)، سؤالات المروذي (231)، ضعفاء العقيلي (1/ 296)].
9 -
شعيب بن إسحاق: ثنا سعيد بن أبي عروبة، عن خالد بن ميمون [لا بأس به]، عن أبي إسحاق، عن الأسود بن هلال [مخضرم، ثقة جليل]، عن ابن مسعود، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يسلم عن يمينه وعن يساره، حتى يرى بياض خده.
أخرجه الطبراني في الكبير (10/ 124/ 10175)، وفي الأوسط (7/ 47/ 6811).
قال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن أبي إسحاق عن الأسود بن هلال إلا خالد بن ميمون، ولا عن خالد بن ميمون إلا سعيد بن أبي عروبة، تفرد به: شعيب بن إسحاق".
قلت: هو حديث غريب جدًّا، بل منكر؛ ورواية إبراهيم بن طهمان التي ذكرها الدارقطني في العلل (5/ 9/ 680) أقرب إلى الصواب؛ وإن كانت وهمًا أيضًا.
فقد ذكر الدارقطني أن إبراهيم بن طهمان رواه عن سعيد بن أبي عروبة، عن خالد بن ميمون، عن أبي إسحاق، عن الأسود بن يزيد، عن ابن مسعود.
وشعيب بن إسحاق البصري ثم الدمشقي: ثقة، سمع من ابن أبي عروبة سنة أربع وأربعين ومائة؛ يعني: قبل اختلاط ابن أبي عروبة بسنة [وهذا نص كلام ابن حبان، وملخص كلام أبي زرعة الدمشقي فيما نقله عن النقاد]، هذا لو قلنا بقول الجمهور بأن اختلاط سعيد كان سنة خمس وأربعين ومائة، وأما لو قلنا بقول ابن معين، بأن اختلاطه كان سنة اثنتين وأربعين، فيكون سماعه بعد الاختلاط، والراجح الأول.
لكن يُشكل على هذا قول أحمد في سؤالات أبي داود (2): "شعيب سمع منه بآخر رمق"، وفسرها راوي السؤالات الحسين بن إدريس الهروي بقوله:"يعني: أن شعيب بن إسحاق سمع من سعيد بن أبي عروبة هذا الحديث بآخر رمق"، فيحتمل أن تكون امتدت مدة سماع شعيب من ابن أبي عروبة إلى قبيل وفاته، ويحتمل أن يكون سمع منه إلى آخر رمق له في الصحة، ومما يؤكد أن شعيب بن إسحاق قد سمع أيضًا من ابن أبي عروبة بعد الاختلاط؛ قول وكيع -وهو ممن سمع من ابن أبي عروبة بعد الاختلاط- لما سئل عن شعيب بن إسحاق تعرفه؟ فقال:"الأشقر الضخم، رأيته عند ابن أبي عروية"؛ يعني: رآه عند سعيد وهو مختلط، والله أعلم [تاريخ أبي زرعة الدمشقي (212)، الجرح والتعديل (4/ 341)، ضعفاء العقيلي (2/ 112)، الثقات (6/ 360)، الكامل (3/ 396)، تاريخ دمشق (23/ 81)، تهذيب الكمال (11/ 10) و (12/ 504)، شرح علل الترمذي (2/ 745)،
التقييد والإيضاح (450)، التهذيب (2/ 171)، الكواكب النيرات (25)].
والأقرب أن هذا الحديث مما رواه ابن أبي عروبة بعد اختلاطه؛ فإنه لا يُعرف هذا الحديث عن أبي إسحاق عن الأسود بن هلال عن ابن مسعود؛ إلا من هذا الوجه، فهو حديث منكر، ورواية ابن طهمان أقرب إلى الصواب، وهي وهم أيضًا.
والصواب في هذا: ما رواه جماعة الثقات، عن أبي إسحاق، عن عبد الرحمن بن الأسود بن يزيد، عن أبيه، وعلقمة، عن عبد الله.
• وانظر بقية أوجه الاختلاف على أبي إسحاق عند الدارقطني في العلل (7/ 5/ 680).
• وله إسناد آخر عن ابن مسعود:
يرويه منصور بن أبي مزاحم [ثقة]، قال: حدثنا [أبو سعيد المؤدب] محمد بن مسلم بن أبي الوضاح [ثقة]، عن زكريا، عن الشعبي، عن مسروق، عن عبد الله، قال: ما نسيت من الأشياء؛ فإني لم أنس تسليم رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصلاة عن يمينه وعن شماله: "السلام عليكم ورحمة الله، السلام عليكم ورحمة الله"، ثم قال: كأني أنظر إلى بياض خديه صلى الله عليه وسلم.
أخرجه ابن حبان (5/ 334/ 1994)، وأبو العباس السراج في مسنده (1222)، وفي حديثه بانتقاء زاهر الشحامي (874)، والطبراني في الكبير (10/ 126/ 10186)، وفي الأوسط (4/ 318/ 4316)، والدارقطني في السنن (1/ 357)، وفي الأفراد (2/ 33/ 3839 - أطرافه)، والبيهقي (2/ 177).
هكذا رواه جماعة عن منصور بن أبي مزاحم، منهم: محمد بن الحسين بن مكرم، وأبو يحيى محمد بن عبد الرحيم صاعقة، وعبد الله بن أحمد بن حنبل [كما في المعجم الكبير]، وأبو القاسم البغوي عبد الله بن محمد بن عبد العزيز، وإسماعيل بن الفضل بن موسى بن مسمار أبو بكر البلخي [وهم ثقات].
لكن الطبراني أعاده بنفس إسناده في الأوسط، عن عبد الله بن أحمد به، وزاد فيه في موضعين: فقال في الإسناد: زكريا بن أبي زائدة، وزاد في المتن في التسليمة الأولى:"وبركاته".
وأخاف أن يكون هذا من الطبراني نفسه، وقد قال في الأوسط:"لم يرو هذا الحديث عن زكريا بن أبي زائدة إلا أبو سعيد المؤدب، تفرد به: منصور".
وإنما جاء زكريا هكذا غير منسوب، في جميع المصادر، وهو الصواب.
قال أبو حاتم في العلل (1/ 109/ 295): "كنا نرى أن هذا زكريا بن أبي زائدة، حتى قيل لي: إنه زكريا بن حكيم الحبطي، والله أعلم".
وقال الدارقطني في العلل (5/ 263/ 868): "ورواه عن الشعبي: زكريا، وهو غريب عنه"، قيل للدارقطني: هو ابن أبي زائدة؟ قال: "الله أعلم".
وفي أطراف الغرائب: "غريب من حديث زكريا بن أبي زائدة عن الشعبي عنه، تفرد
به: أبو سعيد المؤدب محمد بن مسلمة بن أبي الوضاح عنه، ولم يروه عنه غير منصور بن أبي مزاحم".
من كلام أبي حاتم والدارقطني يتبين لنا بعض الملاحظات:
فمنها: أنه لو كان زكريا هذا هو ابن أبي زائدة لصرح بنسبه واحد على الأقل ممن روى هذا الحديث عن منصور.
ومنها: أنه لو كان ابن أبي زائدة لاشتهر حديثه بين أصحابه، ورواه عنه أهل الكوفة والبصرة وغيرهم من أصحابه المشهورين بالرواية عنه.
ومنها: أن هذا الإسناد الكوفي: ابن أبي زائدة عن الشعبي عن مسروق: طريق مسلوكة، جاءنا بها أحاديث كثيرة، أخرج الشيخان منها عددًا لا بأس به، فكيف لهذا الإسناد الكوفي ألا يشتهر في بلده، ولا يصل إلينا إلا برواية واحد من الغرباء، رجل بغدادي غير مشهور بالرواية عن ابن أبي زائدة الكوفي.
ولهذا فإن الدارقطني غلب على ظنه مرةً أنه ابن أبي زائدة، فاستغربه من حديثه، ثم توقف مرةً أخرى، ولم يجزم بأنه ابن أبي زائدة أو غيره.
وأما أبو حاتم فقد كان يظن مدة أنه ابن أبي زائدة، ثم قيل له بأنه الحبطي؛ فلم ينكر ذلك، وهو الأقرب.
والحبطي هذا هو زكريا بن حكيم، أو: ابن يحيى بن حكيم: معروف بالرواية عن الشعبي، وهو: هالك، ليس بشيء، ترك الناس حديثه [اللسان (3/ 505)].
فإن كان كذلك؛ فهو حديث باطل؛ وإن كان هو ابن أبي زائدة؛ فهو غريب جدًّا، ولا يثبت من حديث الشعبي، ولا من حديث ابن أبي زائدة، والله أعلم.
• وله إسناد آخر عن مسروق:
• فقد رواه سفيان الثوري [وعنه: وكيع بن الجراح، وأبو نعيم، وعبد الرزاق]، وشعبة [وعنه: غندر محمد بن جعفر، وإبراهيم بن حميد الطويل]، والمسعودي [وعنه: محمد بن بكير البغدادي، وهو: صدوق، إلا أنه من طبقة من روى عن المسعودي بعد الاختلاط. انظر: الكواكب النيرات (35)]:
عن جابر، عن أبي الضحى، عن مسروق، عن عبد الله، قال: ما نسيت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان يسلم عن يمينه وعن شماله: "السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، السلام عليكم ورحمة الله". لفظ أبي نعيم عن سفيان.
أخرجه أحمد (1/ 390 و 409 و 438)، وابن أبي خيثمة في التاريخ الكبير (3/ 114/ 4052)، والبزار (5/ 346/ 1974)، والهيثم بن كليب الشاشي (402 و 403)، والطبراني في الكبير (10/ 125/ 10178 و 10179).
وهذا إسناد واهٍ؛ جابر بن يزيد الجعفي: متروك يكذب.
• ورواه عبد الرزاق، عن معمر والثوري، عن حماد، عن أبي الضحى، عن
مسروق، عن عبد الله بن مسعود، قال: ما نسيت فيما نسيت،
…
فذكره.
أخرجه عبد الرزاق (2/ 219/ 3127)، ومن طريقه: محمد بن إسماعيل الفارسي في زياداته على ما رواه أبو بكر ابن أبي مريم من حديث الفريابي عن الثوري (320)، والطبراني في الكبير (10/ 125/ 10177)، وابن حزم في المحلى (3/ 275) [ووقعت عنده وحده زيادة: وبركاته، والباقون أخرجوه بدونها].
وهذه الرواية وهمٌ من إسحاق بن إبراهيم الدبري على عبد الرزاق، فإنه كان يستصغر في عبد الرزاق، وقد رواه الإمام أحمد [وهو ممن سمع من عبد الرزاق قبل أن يفقد بصره]، عن عبد الرزاق، عن الثوري، عن جابر الجعفي، لا عن حماد [وتقدم].
• وخالف أصحاب الثوري أيضًا فوهم فيه وهمًا قبيحًا:
أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي [صدوق، كثير الوهم، سيئ الحفظ، ليس بذاك في الثوري، وضعفه جماعة في سفيان. التقريب (619)، شرح علل الترمذي (2/ 726)، التهذيب (4/ 188)]، فرواه عن سفيان، عن الأعمش، عن أبي الضحى، عن مسروق، عن عبد الله، قال: ما نسيت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان يسلم عن يساره، وفي رواية: عن يمينه وعن يساره في الصلاة.
أخرجه البزار (5/ 335/ 1961)، والطبراني في الكبير (10/ 125/ 10180)، والدارقطني في العلل (5/ 266/ 868).
قال البزار: "وهذا الحديث يرويه غير موسى: عن الثوري عن جابر عن مسلم عن مسروق عن عبد الله".
قلت: وهو كما قال؛ إنما هو حديث جابر الجعفي.
• وانظر أيضًا فيمن وهم فيه على سفيان: ما أخرجه الدارقطني في العلل (5/ 266/ 868).
• وانظر فيمن وهم فيه على شعبة: ما أخرجه الطبراني في الكبير (10/ 126/ 10184)، والدارقطني في الأفراد (2/ 33/ 3842 - أطرافه).
قال الدارقطني في العلل (5/ 868/264): "والمحفوظ عن شعبة: عن جابر عن أبي الضحى".
• ورواه أبو عوانة، عن جابر، عن عامر [يعني: الشعبي]، عن مسروق، عن عبد الله بن مسعود مرفوعًا.
أخرجه الطبراني في الكبير (10/ 126/ 10185)، بإسناد صحيح إلى أبي عوانة.
واختلف فيه على أبي عوانة:
أ- فرواه أبو الوليد الطيالسي هشام بن عبد الملك [ثقة متقن، حافظ حجة]: ثنا أبو عوانة، عن جابر، عن عامر، عن مسروق، عن عبد الله بن مسعود مرفوعًا.
ب- وخالفه: سهل بن بكار [ثقة] [والراوي عنه: إسحاق بن الحسن بن ميمون الحربي، وهو: ثقة، لكن تكلم في كتابه لإلحاقات به. سؤالات الحاكم (57)، تاريخ
بغداد (6/ 382)، طبقات الحنابلة (1/ 112)، السير (13/ 410)، اللسان (2/ 53)]: ثنا أبو عوانة، عن الأعمش، عن مسلم بن صبيح، عن مسروق، عن عبد الله مرفوعًا.
أخرجه الخطيب في تلخيص المتشابه (1/ 70).
وهذه الرواية وهمٌ؛ والمحفوظ حديث أبي الوليد الطيالسي؛ وإنما هو حديث جابر الجعفي؛ ليس للأعمش فيه ناقة ولا جمل، والله أعلم.
• وبذا يكون أبو عوانة قد خالف الثوري وشعبة، حيث روياه عن جابر عن أبي الضحى، ورواه أبو عوانة عن جابر عن الشعبي، وهذا من تخليط جابر الجعفي، والله أعلم.
• وله طرق أخرى عن أبي الضحى، أو عن مسروق، ولا تصح:
أخرجها البزار (5/ 345/ 1972)، والدولابي في الكنى (2/ 481/ 871)، والطبراني في الكبير (10/ 125 و 126/ 10181 - 10183)، وفي الأوسط (2/ 138/ 1503) و (3/ 110/ 2638) و (8/ 178/ 8324)، وأبو الشيخ في ذكر الأقران (108).
• وله أسانيد أخرى عن ابن مسعود: من رواية علقمة، أو زر بن حبيش، أو أبي وائل، أو أبي عبد الرحمن السلمي، أو سهل بن سعد الساعدي، أو غيرهم عن ابن مسعود، ولا يصح منها شيء، إما من جهة ضعف الإسناد، وإما من جهة الشذوذ والمخالفة:
أخرجها أحمد (1/ 414)، وأبو يوسف في الآثار (280)، وابن أبي شيبة (1/ 266/ 3050)، والبزار (2/ 212/ 599) و (4/ 342/ 1536) و (5/ 66/ 1634) و (5/ 141/ 1731) و (5/ 232/ 1844) و (5/ 431/ 2067)، وأبو يعلى في المسند (8/ 464 - 465/ 5051)، وفي المعجم (187)، وأبو العباس السراج في مسنده (1217 و 1218)، وفي حديثه بانتقاء زاهر الشحامي (869 و 870)، وأبو محمد الفاكهي في فوائده عن ابن أبي مسرة (127)، والطبراني في الكبير (10/ 70/ 9979) و (10/ 85/ 10032) و (10/ 126 - 128/ 10187 - 10192)، وفي الأوسط (3/ 110/ 2636) و (3/ 176/ 2845) و (3/ 192/ 2898) و (6/ 52/ 5768) و (6/ 178/ 6121)، وابن عدي في الكامل (5/ 158) و (7/ 240)، والدارقطني في الأفراد (2/ 15/ 3724 - أطرافه) و (2/ 17/ 3740 - أطرافه) و (2/ 22/ 3770 - أطرافه)، وأبو نعيم في الحلية (6/ 285)، وفي تاريخ أصبهان (1/ 341)، وفي مسند أبي حنيفة (81)، والخطيب في الموضح (2/ 460).
وانظر: علل الدارقطني (5/ 100/ 746) و (5/ 868/262).
• وممن رواه من حديث ابن مسعود فزاد فيه: "وبركاته" غير ما تقدم ذكره:
أ- سعيد بن أبي الربيع السمان [صدوق. التعجيل (374)]، قال: حدثنا عبد الملك بن الوليد بن معدان، قال: حدثنا عاصم بن بهدلة، عن زر بن حبيش وأبي وائل، عن عبد الله بن مسعود، قال: كأني أنظر إلى بياض خدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، يسلم عن
يمينه: "السلام عليكم ورحمة الله وبركاته"، وعن يساره:"السلام عليكم ورحمة الله".
أخرجه البزار (5/ 141/ 1731) و (5/ 232/ 1844)، وأبو يعلى في المسند (8/ 464 - 465/ 5051)، وفي المعجم (187)، والطبراني في الكبير (10/ 127/ 10191)، وفي الأوسط (3/ 176/ 2845) و (6/ 5768/52)، واللفظ له في الموضع الثاني.
قال البزار: "وهذه الأحاديث لا نعلم رواها عن عاصم عن أبي وائل وزر، فجمعهما إلا عبد الملك بن الوليد".
وقال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن عاصم عن زر؛ إلا عبد الملك بن الوليد بن معدان".
قلت: قد رواه جماعة من الثقات عن ابن أبي الربيع السمان فلم يذكروا فيه هذه الزيادة، وقد كان السمان يتصرف فيه فأحيانًا يختصره، وأحيانًا يطوله، ويذكر هذه الزيادة، وقد رواه عنه بها: أبو يعلى الموصلي الحافظ صاحب المسند، ومحمد بن عبد الله بن سليمان الحضرمي مطين، وهو: ثقة حافظ [عند الطبراني في الكبير، وفي الأوسط (5768)].
• وقد رواه بدونها: بدل بن المحبر أبو المنير اليربوعي [ثقة ثبت]، قال: حدثنا عبد الملك بن الوليد بن معدان الضبعي، عن عاصم بن بهدلة، عن زر، عن عبد الله، قال: كأني أنظر إلى بياض خدي رسول الله صلى الله عليه وسلم عن يمينه وعن يساره.
أخرجه الدولابي في الكنى (3/ 1065 - 1066/ 1871)، وأبو محمد الفاكهي في فوائده عن ابن أبي مسرة (127)، وعنه: ابن بشران في الأمالي (1141).
فهو حديث منكر بهذه الزيادة، وبهذا الإسناد، عبد الملك بن الوليد بن معدان الضبعي البصري: ضعيف، روى أحاديث لا يتابع عليها، وهذا منها.
ب- محبوب بن الحسن بن هلال بن أبي زينب [ليس به بأس، لينه أبو حاتم، وضعفه النسائي. التهذيب (3/ 542)، الميزان (3/ 514)]، قال: نا أبو حمزة، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله، قال: كنت أرى بياض وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم عن يمينه وعن يساره: "السلام عليكم ورحمة الله وبركاته"، مرتين.
أخرجه البزار (5/ 19/ 1574).
• ورواه حسان بن إبراهيم الكرماني [صدوق]، وعبد الوارث بن سعيد [ثقة ثبت]:
كلاهما عن أبي حمزة، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله، قال: كنت أرى بياض خدَّي رسول الله صلى الله عليه وسلم عن يمينه وعن يساره. كذا، ولم يزد لفظ السلام.
أخرجه الطبراني في الكبير (10/ 71/ 9979).
وهذا حديث منكر بهذه الزيادة، أبو حمزة ميمون الأعور: ضعيف، روى عن إبراهيم النخعي ما لا يتابع عليه، وقد رواه جماعة من أصحاب إبراهيم بدون هذه الزيادة.
ج- معمر بن راشد، عن خصيف الجزري، عن أبي عبيدة بن عبد الله؛ أن ابن
مسعود كان يسلم عن يمينه: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وعن يساره: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، يجهر بكلتيهما.
قال أظنه لم يتابعه عليه أحد.
أخرجه عبد الرزاق (2/ 219/ 3129).
ولا أدري من القائل؛ عبد الرزاق أم معمر، لكن المقصود بذلك هو: خصيف بن عبد الرحمن الجزري، وهو: صدوق سيئ الحفظ، خلط بأخرة، فلا تثبت هذه الزيادة، ولا حتى موقوفة على ابن مسعود من فعله، والله أعلم.
د- همام بن يحيى، عن عطاء بن السائب، عن عبد الرحمن بن الأسود، عن أبيه، عن عبد الله؛ أنه كان يسلم عن يمينه: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وعن يساره: السلام عليكم ورحمة الله.
أخرجه الطيالسي (284)، قال: حدثنا همام به.
• ورواه أيضًا: همام بن يحيى [وعنه: حجاج بن المنهال، وهو ثقة، والخصيب بن ناصح، وهو صدوق]، قال: أخبرنا عطاء بن السائب، قال: ثنا أبو عبد الرحمن أنه صلى خلف عليٍّ، فسلم عن يمينه: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وعن شماله: السلام عليكم ورحمة الله، وصلى خلف ابن مسعود، فصنع مثل صنيع علي سواء.
أخرجه ابن المنذر (3/ 221/ 1543)(3/ 395/ 1535 - ط. الفلاح)، والطحاوي (1/ 270 - 271).
وهذا عندي اضطراب؛ إما من همام نفسه، وإما من شيخه عطاء بن السائب، وهو الأقرب؛ فإن في حديث البصريين عنه تخاليط كثيرة، قاله أبو حاتم، وهذا منها، والله أعلم.
• وانظر فيمن رواه موقوفًا على ابن مسعود بدون الزيادة:
ما أخرجه ابن أبي شيبة (1/ 266/ 3048)، والطحاوي (1/ 270)، والدارقطني في العلل (5/ 746/101).
• والحاصل: فإن هذه الزيادة: "وبركاته": لا تثبت من حديث ابن مسعود، من جميع طرقه، مرفوعًا ولا موقوفًا، والله أعلم.
• ولابن مسعود فيه حديث آخر:
يرويه يحيى بن سعيد القطان، قال: ثنا شعبة، عن الحكم، ومنصور، عن مجاهد، عن أبي معمر، عن عبد الله، قال: صلى أميرٌ بمكة، فسلم عن يمينه وعن شماله، فقال عبد الله: من أين علِقَها؟ قال الحكم في حديثه: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعله.
وفي رواية [عند البزار بإسناد على شرط الصحيح]: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسلم عن يمينه وعن يساره. وكذا لأبي عوانة: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسلم تسليمتين.
وفي المسند: قال [ولا أدري من القائل]: سمعته مرة رفعه، ثم تركه.
أخرجه مسلم (581)[باللفظ الأول مرفوعًا]، وأبو عوانة (1/ 549/ 2053)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (2/ 182/ 1289 - 1291)، والنسائي في الرابع من الإغراب (107)، والدارمي (1/ 358/ 1346)، وأحمد (1/ 444)، وابن أبي خيثمة في التاريخ الكبير (3/ 199 - 200/ 4496)، والبزار (5/ 198/ 1797)، وأبو يعلى (9/ 159/ 5244)، والطحاوي (1/ 268)، والبيهقي (2/ 176)، والخطيب في تلخيص المتشابه (2/ 672).
قال البزار: "وهذا الحديث رواه غير واحد ولم يسنده".
• قلت: لم ينفرد برفعه القطان عن شعبة:
فقد رواه يزيد بن زريع [ثقة ثبت]، وعيسى بن يونس [ثقة مأمون]، عن شعبة به مرفوعًا، وفي رواية يزيد: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك.
أخرجه أبو عوانة (1/ 549/ 2054)، وعلقه الدارقطني في العلل (5/ 340/ 935).
• خالفهم فلم يرفعه:
غندر محمد بن جعفر، وعبد الله بن المبارك، وأبو داود الطيالسي، فرووه عن شعبة به موقوفًا، ولم يذكر غندر في الإسناد الحكم بن عتيبة، ولم يذكر الطيالسي منصورًا.
قال أبو داود الطيالسي: حدثنا شعبة، عن الحكم، عن مجاهد، عن أبي معمر؛ أن إمامًا لأهل مكة سلَّم تسليمتين، فقال عبد الله: أنى علِقها؟!.
فقال يونس بن حبيب [راوي المسند عن الطيالسي]: وحُدِّثتُ أن غير أبي داود قال عن شعبة: قال عبد الله: أنى علِقها؟! كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعله.
أخرجه الطيالسي (1/ 283/ 362)، وابن أبي شيبة (1/ 267/ 3061)، والبيهقي (2/ 176)، وعلقه الدارقطني في العلل (5/ 340/ 935).
قلت: يحيى بن سعيد القطان: ثقة حافظ، إمام حجة، من أثبت أصحاب شعبة، وقد أتى فيه بزيادة الرفع، وتابعه عليها ثقتان حافظان، فهي زيادة تتابع عليها ثلاثة من الثقات الحفاظ فوجب قبولها، لذا فقد اعتمد مسلم رواية القطان، وصحح الحديث، وقال الدارقطني في العلل (5/ 341/ 935):"والقول: قول يحيى القطان"، وانظر عنده بقية الاختلاف في الحديث، وما وقع فيه من أوهام.
وقوله: أنى علِقها: يعني: من أين حصَّل هذه السُّنَّة، وظفِر بها.
• وانظر فيمن وهم في إسناده على شعبة، أو الحكم، أو مجاهد، كما له أسانيد أخرى عن أبي معمر فيها ضعف أو شذوذ: أخرجها الطبراني في الكبير (10/ 128/ 10193 - 10195)، وفي الأوسط (9/ 152/ 9393)، وابن المظفر في غرائب حديث شعبة (80)، والدارقطني في الأفراد (2/ 53/ 3976 - أطرافه)، وأبو نعيم في معرفة الصحابة (5/ 2815/ 6667)، وعلقه الدارقطني في العلل (5/ 340/ 935).
• ورواه الأعمش، عن مالك بن الحارث، عن عبد الرحمن بن يزيد، عن عبد الله؛ أن أميرًا صلى بمكة فسلم تسليمتين، فقال ابن مسعود رضي الله عنه: أتُرى من أين علِقها؟
أخرجه الطحاوي (1/ 271)، بإسناد صحيح إلى الأعمش.
وهذا إسناد كوفي صحيح غريب، عبد الرحمن بن يزيد بن قيس النخعي: كوفي ثقة، أخو الأسود بن يزيد، روى له الجماعة عن ابن مسعود، ومالك بن الحارث السلمي: ثقة، من رجال مسلم والبخاري في الأدب المفرد، ورواه عن الأعمش هنا: جرير بن عبد الحميد الضبي، وهو ثقة، من أصحاب الأعمش، والله أعلم.
قال يحيى بن معين: "هذا من أصح ما روي في هذا الباب".
• ورواه ابن جريج، قال: أخبرني عطاء؛ أن نافع بن عبد الحارث -وهو أمير مكة- كان إذا سلم التفت فيسلم عن يمينه، ثم يسلم عن شماله، فبلغت ابن مسعود، فقال: أنى أخذها ابن عبد الحارث.
قال ابن جريج: وبلغني أن ابن مسعود قال: أنى أخذها؛ فإني رأيت بياض وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم من كلا الشقين إذا سلم.
أخرجه عبد الرزاق (2/ 220/ 3136).
وهذا مرسل؛ عطاء بن أبي رباح لم يدرك هذه الواقعة؛ لأنه لم يدرك ابن مسعود.
• وأخيرًا: فإن حديث ابن مسعود في هذا الباب: أخرج أصله مسلم من وجه آخر، وصححه: الترمذي، وابن خزيمة، وابن حبان، وابن الجارود، والعقيلي، وابن عبد البر، والبغوي.
وقال أحمد في مسائل ابنه عبد الله (295): "قد ثبت عندنا عن النبي صلى الله عليه وسلم من غير وجه؛ أنه كان يسلم عن يمينه وعن يساره، حتى يرى بياض خده".
ونقل عنه ابن قدامة في المغني (1/ 324): "التسليمتان أصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديث ابن مسعود وغيره أذهب إليه".
وقال العقيلي: "والحديث في تسليمةٍ: أسانيدها لينة، والأحاديث الصحاح عن ابن مسعود وغيره في تسليمتين"[الضعفاء (2/ 58)].
وقال أيضًا: "والأسانيد صحاح ثابتة في حديث ابن مسعود في تسليمتين، ولا يصح في التسليمة شيء"[الضعفاء (1/ 195 - ط. الصميعي)].
وقال ابن عبد البر في التمهيد (11/ 207): "وفي التسليمتين: حديث ابن مسعود ثابت صحيح".
وصححه أيضًا: النووي في الخلاصة (1455)، وابن الملقن في البدر المنير (4/ 47)، وابن حجر في نتائج الأفكار (2/ 234).
• فإن قيل: قال أبو داود: "شعبةُ كان ينكر هذا الحديث -حديث أبي إسحاق- أن يكون مرفوعًا".
وقال عبد الله بن أحمد في العلل (1/ 310/ 532): "حدثني أبي، قال: حدثنا يحيى بن سعيد، سمعته يقول: كان شعبة ينكر حديث أبي إسحاق عن أبي الأحوص عن
عبد الله؛ في التسليم عن يمينه وعن شماله، وكان ينكر حديث حماد عن إبراهيم عن عبد الله مرفوع".
وقال أبو داود في مسائله لأحمد (1911): "سمعت أحمد يقول: كان شعبة ينكر حديث أبي إسحاق عن أبي الأحوص عن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم في التسليمتين، وحديث حماد عن إبراهيم عن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ قلت: كان ينكره؟ قال أحمد: قال عبد الرحمن ويحيى: كانا عنده بمنزلة الريح، قلت: ما أنكر منه؟ قال: أنكر أن يكون مرفوعًا إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
وشعبة بن الحجاج: أمير المؤمنين في الحديث، وأحد أثبت أصحاب أبي إسحاق، المقدَّمين فيه، وممن سمع منه قديمًا قبل التغير.
فيقال: قد رواه عن أبي إسحاق مرفوعًا: جماعة من ثقات أصحاب أبي إسحاق، على رأسهم: سفيان الثوري، وإسرائيل، وتابعهما: زائدة بن قدامة، وأبو الأحوص، وعمر بن عبيد الطنافسي، وشريك، وعلي بن صالح، والحسن بن صالح، ومعمر بن راشد.
ورواية الجماعة أولى بالصواب في إثبات رفع هذا الحديث، ففي روايتهم زيادة، والزيادة من الحافظ مقبولة، فكيف وقد اجتمعوا عليها؟ ثم لو اختلف شعبة والثوري على أبي إسحاق؛ لقدمنا رواية الثوري؛ فهو المقدَّم في الحفظ والضبط على شعبة، ثم كيف وقد تابعه على الرفع: إسرائيل، وهو من أثبت الناس في جده أبي إسحاق، وكان شعبة يقدمه على نفسه في أبي إسحاق، وعلى هذا: فإن إنكار شعبة لرفع هذا الحديث معارض برواية أثبت الناس في أبي إسحاق، وأقدمهم منه سماعًا؛ فصح الحديث وثبت مرفوعًا، والله أعلم.
كذلك فإن الإمام أحمد -وهو راوي هذا الإنكار عن شعبة- لم يعمل بهذا الإنكار؛ بل ذهب إلى تصحيح المرفوع من حديث ابن مسعود، والاحتجاج به:
قال أحمد في مسائل ابنه عبد الله (295): "قد ثبت عندنا عن النبي صلى الله عليه وسلم من غير وجه؛ أنه كان يسلم عن يمينه وعن يساره، حتى يرى بياض خده".
ونقل عنه ابن قدامة في المغني (1/ 324): "التسليمتان أصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديث ابن مسعود وغيره أذهب إليه".
***
997 -
. . . يحيى بن آدم: حدثنا موسى بن قيس الحضرمي، عن سلمة بن كهيل، عن علقمة بن وائل، عن أبيه، قال: صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم، فكان يسلم عن يمينه:"السلام عليكم ورحمة الله وبركاته"، وعن شماله:"السلام عليكم ورحمة الله".
• حديث شاذ.
تقدم تخريجه تحت الحديث رقم (723).
والمحفوظ فيه: ما رواه سفيان الثوري، عن سلمة بن كهيل، عن حُجْر بن عنبس، قال: سمعت وائل بن حجر، قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم قرأ: {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ} فقال: "آمين"، ومدَّ بها صوته. وفي رواية: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يسلم عن يمينه وعن شماله.
• تابع سفيان الثوري عليه:
العلاء بن صالح الأسدي [لا بأس به]، فرواه عن سلمة بن كهيل، عن حجر بن عنبس، عن وائل بن حجر؛ أنه صلى خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجهر بآمين، وسلم عن يمينه وعن شماله حتى رأيت بياض خده.
ورواه شعبة، فاضطرب في إسناده، وأخطأ في متنه؛ لكن تابع سفيان على موضع الشاهد؛ فقال: وسلم عن يمينه وعن يساره.
والمحفوظ من حديث حُجر بن عنبس عن وائل بن حُجر: حديث صحيح.
وراجع بقية طرقه والكلام عليه مفصلًا عند الحديث رقم (723)، وانظر أيضًا: ما تقدم برقم (725)، وما تقدم تحت الحديث رقم (728)، الطريق رقم (19).
***
998 -
. . . يحيى بن زكريا، ووكيع، عن مسعر، عن عبيد الله ابن القِبطِية، عن جابر بن سمرة، قال: كنا إذا صلينا خلف رسول اللّه صلى الله عليه وسلم، فسلَّم أحدُنا، أشار بيده مِن عن يمينه، ومِن عن يساره، فلما صلى، قال:"ما بال أحدكم يرمي بيده كأنها أذناب خيلٍ شُمُسٍ؟ إنما يكفي أحدكم -أو: لا يكفي أحدكم- أن يقول هكذا"، وأشار بإصبعه، "يسلم على أخيه مِن عن يمينه، ومِن عن شماله".
• حديث صحيح.
أخرجه مسلم (431/ 120)[من طريق وكيع وابن أبي زائدة]، وأبو عوانة (1/ 549/ 2055)[من طريق وكيع وحده]، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (2/ 54/ 962)[من طريق وكيع وابن أبي زائدة]، وابن خزيمة (1/ 361/ 733)[من طريق وكيع مقرونًا بجماعة يأتي ذكرهم] و (3/ 103/ 1708)[من طريق وكيع وحده]، وأحمد (5/ 107)[من طريق وكيع وحده]، والطبراني في الكبير (2/ 205/ 1838)[من طريق وكيع وحده]، والبيهقي (2/ 173)[من طريق أبي داود].
وقعت زيادة من طريق وكيع [عند ابن خزيمة وأبي عوانة وأحمد]، زاد بعد قوله: هكذا، قال: ووضع يمينه [أو: يده] على فخذه، وأشار بإصبعه.
ولفظ يحيى بن زكريا بن أبي زائدة [عند مسلم]: كنا إذا صلينا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قلنا: السلام عليكم ورحمة الله، السلام عليكم ورحمة الله، وأشار بيده إلى الجانبين، فقال
رسول الله صلى الله عليه وسلم: "علامَ تُومِئون بأيديكم كأنها أذناب خيل شمس؟ إنما يكفي أحدَكم أن يضع يده على فخِذه، ثم يسلم على أخيه، مَن على يمينه وشماله".
***
999 -
. . . أبو نعيم، عن مسعر، بإسناده ومعناه، قال:"أما يكفي أحدَكم -أو: أحدَهم-، أن يضع يده على فخِذه، ثم يسلِّم على أخيه مِن عن يمينه، ومِن عن شماله".
• حديث صحيح.
أخرجه البخاري في جزء رفع اليدين (80)، والنسائي في المجتبى (3/ 61 - 62/ 1318)، وفي الكبرى (2/ 87/ 1242)، وأبو عوانة (1/ 550/ 2056 و 2057)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (2/ 54/ 962)، والطبراني في الكبير (2/ 205/ 1836)، والبيهقي (2/ 178)، والخطيب في الموضح (2/ 255).
ولفظه عند النسائي: كنا إذا صلينا خلف النبي صلى الله عليه وسلم، قلنا: السلام عليكم، السلام عليكم، وأشار مسعر بيده عن يمينه وعن شماله، فقال:"ما بال هؤلاء الذين يرمون [وفي الكبرى: يُومِئون] بأيديهم كأنها أذناب الخيل الشمس، أما يكفي [أحدَهم] أن يضع يده على فخذه، ثم يسلم على أخيه، عن يمينه، وعن شماله".
• رواه أيضًا عن مسعر بن كدام:
يحيى بن آدم، ويعلى بن عبيد الطنافسي، وأخوه محمد بن عبيد، وأبو أحمد الزبيري محمد بن عبد الله بن الزبير، ومحمد بن بشر، وسفيان بن عيينة، ويزيد بن هارون، وعيسى بن يونس، وجعفر بن عون، وعبيد الله بن محمد العيشي، وخلاد بن يحيى أوهم ثقات، بعضهم حفاظ أثبات]، وعبد العزيز بن أبان [الأموي السعيدي: متروك، كذبه ابن نمير وابن معين، وقال:"كذاب خبيث، يضع الحديث". التهذيب (2/ 581)]، ومحمد بن الحسن الشيباني [ضعيف] [ولم يذكر بعضهم الإشارة بالإصبع]:
عن مسعر، عن عبيد الله بن القبطية، عن جابر بن سمرة، قال: كنا إذا صلينا خلف النبي صلى الله عليه وسلم سلمنا بأيدينا، قلنا: السلام عليكم، السلام عليكم، فقال:"ما بال أقوام يسلمون بأيديهم؛ كأنها أذناب خيل شمس، أما يكفي أحدكم إذا جلس في الصلاة أن يضع يده على فخذه"، ويشير بإصبعه، "ويقول: السلام عليكم [ورحمة الله]، السلام عليكم [ورحمة الله] ".
ولفظ يزيد بن هارون [عند أحمد]: كنا إذا صلينا وراء رسول الله صلى الله عليه وسلم، قلنا: السلام عليكم بأيدينا، يمينًا وشمالًا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"ما بال أقوام يَرمُون بأيديهم كأنها أذناب الخيل الشمس، ألا يسكن أحدكم؟ " ويشير بيده على فخذه، "ثم يسلم على صاحبه عن يمينه، وعن شماله".
أخرجه النسائي في المجتبى (3/ 5/ 1185)، وفي الكبرى (1/ 289/ 541) و (2/ 33/ 1109)، وابن خزيمة (1/ 361/ 733)، وابن حبان (5/ 199/ 1880) و (5/ 200/ 1881)، وأبو عوانة (1/ 550/ 2056 و 2057)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (2/ 54/ 962)، وأحمد (5/ 86 و 88 و 102)، ومحمد بن الحسن الشيباني في الحجة (1/ 143)، والشافعي في الأم (1/ 122)، وفي المسند (44)، وعبد الرزاق (2/ 220/ 3135)، والحميدي (896)، وأبو العباس السراج في مسنده (727)، والطحاوي (1/ 268)، والطبراني في الكبير (2/ 205/ 1837)، والبيهقي في السنن (2/ 172 و 178 و 180)، وفي المعرفة (2/ 61/ 937)، والخطيب في الموضح (2/ 255)، والبغوي في شرح السنة (3/ 206/ 699)، وقال:"هذا حديث صحيح". وابن عساكر في المعجم (801).
وهو حديث صحيح.
• تابع مسعرًا عليه:
فرات القزاز، عن عبيد الله -وهو: ابن القبطية-، عن جابر بن سمرة، قال: صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكنا إذا سلمنا قلنا بأيدينا: السلام عليكم، السلام عليكم، قال: فنظر إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "ما شأنكم؟ تشيرون بأيديكم كأنها أذناب خيل شمس، إذا سلم أحدكم فليلتفت إلى صاحبه ولا يومئ بيده".
أخرجه مسلم (431/ 121)، وأبو عوانة (1/ 550 و 551/ 2058 و 2059) و (4/ 371/ 6988)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (2/ 55/ 963)[وفي سنده تصحيف]، والنسائي في المجتبى (3/ 64/ 1326)، وفي الكبرى (2/ 90/ 1250)، والطبراني في الكبير (2/ 205 و 206/ 1839 و 1840)، وفي الأوسط (1/ 263/ 859)، والبيهقي (2/ 181)، والخطيب في الموضح (2/ 255).
رواه عن فرات القزاز: إسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق، وعمرو بن أبي قيس.
وهكذا وقع في رواية إسرائيل [وهو: ثقة] عن فرات القزاز، فقال: عن عبيد الله، وفسره بعضهم بقوله: وهو ابن القبطية، لكن وقع في رواية عمرو بن أبي قيس، عند أبي عوانة (2059 و 6988) في الموضع الأول: عبد الله بن أبي عمار، وفي الثاني: عبيد الله بن أبي عباد، وكذا وقع عند الخطيب في الموضح، ووقع عند الطبراني في الأوسط: عبيد الله بن عباد، فلا أدري أهو من الرواة عن عمرو بن أبي قيس؛ أم هو وهم واضطراب من عمرو؛ فإنه: ليس به بأس، وله أوهام عن سماك [انظر: حديث هلب الطائي تحت الحديث رقم (759)، علل الحديث لابن أبي حاتم (399 و 680 و 2796)، التهذيب (3/ 300)، تاريخ الدوري (4/ 360)، سؤالات ابن بكير للدارقطني (21)].
***
1000 -
. . . زهير: حدثنا الأعمش، عن المسيب بن رافع، عن تميم الطائي، عن جابر بن سمرة، قال: دخل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم، والناس رافعو أيديهم
-قال زهير: أُراه قال: في الصلاة-، فقال:"ما لي أراكم رافعي أيديكم كأنها أذناب خيلٍ شمُسٍ؟ اُسكنوا في الصلاة".
• حديث صحيح.
تقدم تخريجه برقم (661)، وهو حديث صحيح، أخرجه مسلم (430).
ولفظ أبي معاوية عند مسلم وغيره: عن جابر بن سمرة، قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "ما لي أراكم رافعي أيديكم كأنها أذناب خَيْلٍ شُمُسٍ؟ اُسكنوا في الصلاة".
قال: ثم خرج علينا فرآنا حِلَقًا [وفي رواية: ونحن حِلَقٌ متفرقون]، فقال:"ما لي أراكم عزين؟ ".
قال: ثم خرج علينا، فقال:"ألا تصفون كما تصف الملائكة عند ربها؟ " فقلنا: يا رسول الله! وكيف تصف الملائكة عند ربها؟ قال: "يتمون الصفوف الأُوَلَ، ويتراصُّون في الصفِّ".
• قال القاضي عياض في المشارق (2/ 254): "قوله: "كأنها أذناب خيل شمس" بضم الميم وإسكانها معًا، هي التي لا تستقر إذا نخست، وهو في الناس العَسِر".
وقال ابن الأثير في النهاية (2/ 501): "وهو النَّفور من الدواب الذي لا يستقر لشَغَبه وحِدَّته"[وكذا في اللسان (6/ 113)].
وقال النووي في شمس: "هو بإسكان الميم وضمها، وهي التي لا تستقر، بل تضطرب، وتتحرك بأذنابها وأرجلها، والمراد بالرفع المنهي عنه هنا: رفعهم أيديهم عند السلام، مشيرين إلى السلام من الجانبين"[شرح مسلم (4/ 153)].
• ومن شواهد هذا الباب:
1 -
حديث سعد بن أبي وقاص:
يرويه أبو عامر العقدي، وعبد الرحمن بن مهدي، وأبو سعيد مولى بني هاشم، وإبراهيم بن سعد، ويحيى بن حسان، وخالد بن مخلد البجلي [وهم ثقات]:
عن عبد الله بن جعفر بن عبد الرحمن بن المسور بن مخرمة الزهري، عن إسماعيل بن محمد بن سعد بن أبي وقاص، عن عامر بن سعد، عن أبيه، قال: كنت أرى رسول الله صلى الله عليه وسلم يسلم عن يمينه، وعن يساره، حتى أرى بياض خده.
وفي رواية ابن مهدي: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسلم عن يمينه حتى يُرى بياضُ خده، وعن يساره حتى يرى بياض خده.
وفي رواية لإبراهيم بن سعد [عند أبي عوانة بإسناد صحيح]: عن إسماعيل بن محمد بن سعد بن أبي وقاص، قال: اجتمعت أنا والزهري فتذاكرنا تسليمة واحدة، فقال الزهري: تسليمة واحدة، فقلت: أنا ابن أبي إسحاق أحدث بها عليك: حدثني عامر بن سعد
…
، فذكره.
أخرجه مسلم (582)، وأبو عوانة (1/ 548/ 2049 - 2051)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (2/ 182/ 1292)، والنسائي في المجتبى (3/ 61/ 1316 و 1317)، وفي الكبرى (2/ 87/ 1240 و 1241)، والدارمي (1/ 357/ 1345)، وابن خزيمة (1/ 359/ 726)، وأحمد (1/ 172)، وابن سعد في الطبقات (1/ 419)، وعبد بن حميد (144)، والدورقي في مسند سعد (21 و 22)، والبزار (3/ 307/ 1100)، وأبو يعلى (2/ 127/ 801)، والطحاوي (1/ 267)، والهيثم بن كليب الشاشي في مسنده (109)، وأبو أحمد الحاكم في شعار أصحاب الحديث (71)، والدارقطني (1/ 356)، وأبو نعيم في الحلية (9/ 36)، والبيهقي (2/ 177 - 178)، وابن عبد البر في الاستذكار (1/ 490).
قال النسائي: "عبد الله بن جعفر هذا: ليس به بأس، وعبد الله بن جعفر بن نجيح، والد علي بن المديني: متروك الحديث".
قلت: بل الأول ثقة، وثقه جماعة من الأئمة.
وقال الدارقطني: "هذا إسناد صحيح".
• تابعه: مصعب بن ثابت بن عبد الله بن الزبير [ليس بالقوي. تقدم الكلام عليه عند الحديث رقم (669)]، عن إسماعيل بن محمد بن سعد بن أبي وقاص، عن عامر بن سعد، عن أبيه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يسلم عن يمينه، وعن يساره.
أخرجه ابن ماجه (915)، وابن خزيمة (1/ 359/ 727) و (3/ 105/ 1712)، وابن حبان (5/ 331/ 1992)، وأحمد (1/ 180)، وابن أبي شيبة (1/ 265/ 3041)، والطحاوي (1/ 267)، وأبو نعيم في الحلية (8/ 176)، والبيهقي في السنن (2/ 178)، وفي المعرفة (2/ 60/ 932)، وابن عبد البر في التمهيد (1/ 131)، وفي الاستذكار (1/ 490).
هكذا رواه عن مصعب بن ثابت: بشر بن السري [وهذا لفظه عند ابن ماجه]، وعبد الله بن المبارك، ومحمد بن عمرو.
ولفظ ابن المبارك [عند الطحاوي]: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يسلم عن يمينه، وعن يساره:"السلام عليكم ورحمة الله"، حتى يُرى بياضُ خديه من هاهنا ومن هاهنا.
زاد في رواية [عند ابن حبان وغيره]: فقال الزهري [يعني: عبد الله بن جعفر]: لم يُسْمَعْ هذا الخبر من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم! قال إسماعيل: كلَّ حديث النبي صلى الله عليه وسلم سمعتَه؟ قال: لا، قال: فالثلثين؟ قال: لا، قال: فالنصف؟ قال: لا، قال: فهو من النصف الذي لم تسمع.
• واختلف فيه على محمد بن عمرو بن علقمة:
أ- فرواه يحيى بن سعيد القطان [ثقة ثبت، إمام حجة]، قال: حدثنا محمد بن عمرو: حدثني مصعب بن ثابت، عن إسماعيل به [كما عند: أحمد والطحاوي].
ب- ورواه محمد بن عبد الله الأنصاري: نا محمد بن عمرو، عن إسماعيل بن محمد بن سعد، عن عامر بن سعد، عن أبيه، قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يسلم في الصلاة عن يمينه وعن يساره، حتى يُنظَر إلى بياض خده.
أخرجه ابن المنذر في الأوسط (3/ 219/ 1539)(3/ 392/ 1531 - ط. الفلاح)، والهيثم بن كليب الشاشي في مسنده (110).
قلت: رواية القطان أولى بالصواب؛ فإنه زاد رجلًا، ومحمد بن عبد الله بن المثنى الأنصاري: ثقة، وقد تكلم فيه، وليس في رتبة القطان، ولا يدنو منه في حفظه وضبطه، والله أعلم.
• خالفهم: عبد العزيز بن محمد الدراوردي، فرواه عن مصعب بن ثابت، عن إسماعيل بن محمد، عن عامر بن سعد، عن سعد؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يسلم في آخر الصلاة تسليمة واحدة:"السلام عليكم".
أخرجه الطحاوي (1/ 266).
قال الطحاوي: "فهذا عبد الله بن المبارك مع حفظه وإتقانه قد رواه عن مصعب على خلاف ما رواه الدراوردي عنه، ووافقه على ذلك: محمد بن عمرو، مع تقدُّمه وجلالته، ثم قد روي هذا الحديث عن إسماعيل بن محمد عن غير مصعب، كما رواه محمد بن عمرو وابن المبارك، لا كما رواه الدراوردي".
ثم أخرجه من طريق عبد الله بن جعفر المخرمي، ثم قال:"فقد انتفى بما ذكرنا ما روى الدراوردي عنه، وثبت عن سعد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يسلم تسليمتين، وقد وافقه على ذلك غير واحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم".
وقال في اختلاف العلماء (1/ 221 - مختصره): "وخالف الدراوردي في ذلك من هو أحفظ منه: ابن المبارك ومحمد بن عمرو جميعًا عن مصعب".
وقال ابن حزم في المحلى (4/ 132): "والثابت عن سعد تسليمتان".
وقال ابن عبد البر في التمهيد (11/ 207): "وقد وهم فيه الدراوردي".
وقال أيضًا (16/ 188): "أخطأ فيه خطأ لم يتابعه أحد عليه، وأنكروه عليه، وصرحوا بخطئه فيه؛ لأن كل من رواه عن مصعب بن ثابت بإسناده المذكور قال فيه: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يسلم من الصلاة تسليمتين"، وقال نحوه في الاستذكار (1/ 489).
وقال ابن القيم في إعلام الموقعين (2/ 378): "معلول، بل باطل".
قلت: والدراوردي وإن كان صدوقًا؛ إلا أنه كان سيئ الحفظ، يخطئ إذا حدث من حفظه، وكان يحدث من كتب الناس فيخطئ [انظر: التهذيب (2/ 592) وغيره]، ورواية الجماعة هي الصواب، وهي الموافقة لرواية عبد الله بن جعفر، والله أعلم.
• وروي من طريق أخرى واهية: رواه إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى الأسلمي المدني [وهو: متروك، كذبه جماعة،، عن إسماعيل بن محمد بن سعد بن أبي وقاص، عن عامر بن سعد، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يسلم في الصلاة إذا فرغ منها عن يمينه، وعن يساره.
أخرجه الشافعي في الأم (1/ 121)، وفي المسند (43)، ومن طريقه: البيهقي في المعرفة (2/ 60/ 931).
• ورواه أبو معشر [نجيح بن عبد الرحمن السندي المدني: ضعيف]، عن موسى بن عقبة، عن عامر بن سعد، عن أبيه، قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يسلم عن يمينه، وعن شماله. وفي رواية: كنت أنظر إلى صفحتي جبين رسول الله صلى الله عليه وسلم حين يسلم عن يمينه وعن شماله.
أخرجه أحمد (1/ 186)، وعنه: الدورقي في مسند سعد (25)، والبزار (3/ 322 - 323/ 1118)، والهيثم بن كليب الشاشي في مسنده (107 و 108)، والبغوي في شرح السنة (3/ 205/ 698)، وقال:"هذا حديث صحيح".
قال البزار: "وهذا الحديث لا نعلمه يُروى من حديث موسى بن عقبة عن عامر إلا من رواية أبي معشر عنه".
2 -
حديث ابن عمر:
يرويه عمرو بن يحيى بن عمارة المازني، عن محمد بن يحيى بن حبان، عن عمه واسع بن حبان، أنه سأل عبد الله بن عمر عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال:"الله أكبر" كلما وضع، "الله أكبر" كلما رفع، ثم يقول:"السلام عليكم ورحمة الله، عن يمينه، "السلام عليكم ورحمة الله" عن يساره.
تقدم تخريجه تحت الحديث رقم (836)، الشاهد السادس، وإسناده مدني صحيح، وقد صححه ابن خزيمة، وأبو عوانة، والبيهقي، واحتج به النسائي، وقال ابن رجب في الفتح (5/ 207):"وهذا إسناد جيد"، وقال ابن حجر في نتائج الأفكار (2/ 240):"هذا حديث صحيح".
وانظر فيمن وهم في إسناده على محمد بن يحيى بن حبان، فجعله من مسند عقبة بن عامر: مسند الحارث بن أبي أسامة (181 - زوائده)(4/ 211/ 530 - مطالب)[وفي إسناده: محمد بن عمر الواقدي، وهو: متروك].
وانظر فيمن وهم في إسناده على عبد العزيز بن محمد الدراوردي، فجعله من مسند أبي سعيد: فوائد أبي علي الرفاء (250)، نتائج الأفكار (2/ 240).
• وله إسناد آخر:
يرويه حيوة بن شريح، قال: ثنا بقية، عن الزبيدي، عن الزهري، عن سالم، عن أبيه؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يسلم في الصلاة تسليمتين، عن يمينه وعن شماله.
أخرجه أبو زرعة الدمشقي في الأول من الفوائد المعللة (64)، والطحاوي (1/ 268)، وابن أبي حاتم في العلل (1/ 518/181)، والطبراني في الأوسط (4/ 44/ 3569)، وفي مسند الشاميين (3/ 41/ 1766).
قال أبو داود في مسائله لأحمد (2055): "ذكرت لأحمد: حديث بقية، عن الزبيدي، عن الزهري، عن سالم، عن أبيه؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يسلم تسليمتين؟ قال: يقول فيه: حدثنا -يعني: بقية-؟ قلت: لا ينكرون أن يكون سمعه! قال: هذا أبطل باطل".
وقال أبو حاتم: "هذا حديث منكر".
وقال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن الزهري إلا الزبيدي".
وسئل الدارقطني في العلل (13/ 125/ 2998) عن هذا الحديث فقال: "يرويه الزبيدي، واختلف عنه:
فقال حيوة بن شريح: عن بقية، عن الزبيدي، عن الزهري، عن سالم، عن أبيه: تسليمتين، وتابعه: عمرو بن عثمان، عن بقية.
وخالفه: يزيد بن عبد ربه الجرجسي، فقال: عن بقية، بهذا الإسناد: تسليمة واحدة.
وقال سليمان بن سلمة الخبائري: عن بقية، عن الزبيدي، عن الزهري، عن أنس، وقال: تسليمتان.
وكلها غير محفوظة".
قلت: الذين اختلفوا على بقية بالوجهين الأولين كلهم ثقات، وأثبتهم في بقية: يزيد بن عبد ربه الزبيدي الحمصي: ثقة، قال أبو بكر بن أبي داود:"أوثق من روى عن بقية"[التهذيب (4/ 421)]، وقال أبو حاتم:"كان يزيد بن عبد ربه: صدوقًا، أيقظ من حيوة بن شريح الحمصي"[الجرح والتعديل (9/ 279)].
وأما الوجه الثالث: فرواه عن بقية: سليمان بن سلمة الخبائري، وهو: متروك، واتهم [اللسان (4/ 155)].
ومن طريقه أخرجه الطبراني في مسند الشاميين (3/ 8/ 1696).
من طريق: سليمان بن سلمة الخبائري: ثنا بقية بن الوليد: ثنا الزبيدي، عن الزهري، عن أنس بن مالك؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم سلم تسليمةً واحدةً تلقاء وجهه.
وقد تلوَّن في إسناده الخبائري، فرواه مرة هكذا، ومرة بمثل إسناد الجماعة:
أخرجه ابن عدي في الكامل (2/ 77)(2/ 250 - ط. الرسالة)، من طريق: سليمان بن سلمة: ثنا بقية، عن الزبيدي، عن الزهري، عن سالم، عن أبيه؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم سلم تسليمة.
قال ابن عدي: "وهذا الحديث عند بقية بإسنادين: عن الزبيدي عن الزهري عن سالم عن أبيه، وعن الزهري عن أنس بن مالك؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم سلم تسليمة، وجميعًا لا يرويه عن الزبيدي غير بقية".
قلت: والعمدة على الوجهين الأولين، ويكون بقية قد اضطرب في متنه، فقال مرةً: تسليمتين، وقال أخرى: تسليمة واحدة.
وقال ابن رجب في الفتح (5/ 207): "وقال الأثرم: هو حديث واهٍ، وابن عمر كان يسلم واحدةً، قد عرف ذلك عنه من وجوهٍ، والزهري كان ينكر حديث التسليمتين، ويقول: ما سمعنا بهذا".
قلت: أما الزهري الذي كان ينكر حديث التسليمتين، فهو عبد الله بن جعفر بن
عبد الرحمن المخرمي، وقد تقدمت قصته في حديث سعد بن أبي وقاص قريبًا فليراجع.
وأما محمد بن مسلم بن شهاب الزهري الإمام المشهور، فقد روى عبد الرزاق في مصنفه (2/ 222/ 3143) عن معمر عنه أنه كان يسلم واحدة، ولم أجد عنه إنكار التسليمتين.
قلت: وأما ردُّ ما ثبت عن ابن عمر مرفوعًا في التسليمتين [من حديث واسع بن حبان عنه] بما ثبت عنه أنه كان يسلم واحدة [كما سيأتي ذكره في التسليمة الواحدة]، فليس هو وجه التعليل لهذا الحديث، وذلك أنه قد نقل عن الصحابة فعل هذا وهذا، ولم ينكر بعضهم على بعض، مما يدل على كون ذلك كان جائزًا عندهم، كما سيأتي بيانه في آخر البحث.
لكن الاحتمال الأقوى عندي في رد حديث بقية هذا وإنكاره:
إنما هو من قِبَل بقية نفسه، أو من قبل شيخه الزبيدي؛ وذلك لأن الأئمة اتفقوا على إنكار هذا الحديث على بقية، ولما كان هو المتفرد به؛ كان هو علته، فهذا وجه العلة على سبيل الإجمال، وأما تعيين موضع العلة في الحديث:
• فإما أن يقال: بأن بقية دلسه عن بعض الضعفاء والمجهولين، ولم يسمعه من محمد بن الوليد الزبيدي الثقة الثبت، وأحد أثبت أصحاب الزهري، وإلى هذا يشير كلام أحمد -فيما نقله عنه أبو داود-، حيث رد على أبي داود قوله بأنهم لا ينكرون سماع بقية لهذا الحديث من الزبيدي، فقال أحمد:"هذا أبطل باطل"، مؤكدًا عدم سماع بقية؛ مما يعني: أنه دلسه عن بعض الضعفاء والمجهولين، وبقية مشهور بالرواية عن محمد بن الوليد الزبيدي، مكثر عنه، وقد سمع منه، لكنه أحيانًا يروي عنه بواسطة الثقات، وأحيانًا بواسطة الضعفاء والمجهولين عن الزبيدي.
قال أبو أحمد الحاكم: "ربما روى عن أقوام مثل الأوزاعي والزبيدي وعبيد الله العمري أحاديث شبيهة بالموضوعة، أخذها عن محمد بن عبد الرحمن ويوسف بن السفر وغيرهما من الضعفاء، ويسقطهم من الوسط، ويرويها عمن حدثوه بها عنهم"، وقال نحوه ابن حبان في تدليسه عن عبيد الله بن عمر وشعبة ومالك [التهذيب (1/ 240)، الميزان (1/ 331)].
• أو يقال: بأن بقية كان يدلس تدليس الشيوخ، حيث أوهم أن شيخه في هذا الحديث هو محمد بن الوليد الزبيدي الثقة الثبت المشهور؛ وإنما هو غيره.
قال ابن حبان في المجروحين (1/ 91)(1/ 85 - ط. الصميعي): "والجنس الثاني: أقوام ثقات كانوا يروون عن أقوام ضعفاء كذابين، ويكنونهم حتى لا يُعرفوا، فربما أشبه كنية كذاب كنية ثقة، فيتوهم المتوهم أن راوي هذا الخبر ثقة يتحملون عليه، وليس ذلك الحديث من حديثه، ومن أعملهم بمثل هذا من هذه الأمة:
…
فذكر جماعة منهم: بقية إذا قال: حدثنا الزبيدي عن نافع، فيتوهمون أنه أراد به محمد بن الوليد الزبيدي، وإنما أراد زرعة بن عمرو الزبيدي، وما يشبه هذا.
فلا يجوز الاحتجاج بخبر في روايته كنية إنسان لا يُدرى من هو، وإن كان دونه ثقة؛ لأنه يحتمل أن يكون كذابًا كنى عن ذلك".
وقال ابن رجب في شرح العلل (2/ 824) عن بقية: "وهو من أكثر الناس تدليسًا وأكثر شيوخه الضعفاء: مجهولون لا يعرفون، وكان ربما روى عن سعيد بن عبد الجبار الزبيدي، أو عن زرعة بن عمرو الزبيدي، وكلاهما ضعيف الحديث، فيقول: ثنا الزبيدي؛ فيُظَّن أنه محمد بن الوليد الزبيدي صاحب الزهري".
قلت: قد روى بقية عن جماعة يقال لهم: الزبيدي، فمنهم:
أ- زرعة بن إبراهيم الدمشقي الزبيدي، قال ابن حبان في الثقات (6/ 344):"وهو الذي روى عنه بقية، ويقول: حدثني الزبيدي، في أشياء يرويها، يوهم أنه محمد بن الوليد بن عامر الزبيدي، يجب أن يعتبر بحديثه من غير رواية بقية عنه"، وقال ابن معين:"صالح الحديث"، وقال ابن المديني:"كان يضعَّف، ولم يكن بالقوي"، وقال فيه أبو حاتم:"ليس بالقوي، يكتب حديثه"، وقال أبو نعيم:"ليس بثقة، ولا مأمون"، وذكر ابن عساكر بأنه يضع الحديث [اللسان (3/ 498)، تاريخ ابن معين للدوري (4/ 428/ 5126)، سؤالات ابن أبي شيبة (211)، الجرح والتعديل (3/ 606)، تاريخ دمشق (3/ 19)].
ب- سعيد بن أبي سعيد الزبيدي الحمصي، واسم أبيه عبد الجبار: ضعيف جدًّا، عامة حديثه مما لا يتابع عليه، وكان يُرمى بالكذب [التهذيب (2/ 28)، سؤالات المروذي (148)، الجرح والتعديل (4/ 44)، الكامل (3/ 386 و 405) (4/ 340 و 365 - ط. الرسالة)، سنن الدارقطني (1/ 37)، سنن البيهقي (4/ 262)، المتفق والمفترق (2/ 1050)، شرح علل الترمذي (2/ 824)]، وكان بقية يدلسه أحيانًا، ويقول: حدثني الزبيدي.
ج- زرعة بن عبد الله بن زياد الزبيدي، وقيل: زرعة بن أبي عبد الرحمن، وقيل: زرعة بن عمرو، روى عنه بقية، وهو: مجهول، ضعيف الحديث [اللسان (3/ 499)، علل ابن أبي حاتم (1144 و 1236)، الجرح والتعديل (3/ 606)، المجروحين (2/ 124)، الكامل (5/ 95)].
د- أبو بكر صمصوم بن الوليد بن عامر الزبيدي، أخو محمد، يروي عن أخيه، وعن الزهري، يروي عنه بقية، وهو: مجهول [التهذيب (4/ 497)، الأسماء المفردة للبرديجي (256)، الثقات (6/ 478)، الأسامي والكنى لأبي أحمد الحاكم (2/ 136/ 521)، فتح الباب لابن منده (990)، الإرشاد (1/ 455)].
هـ- أبو ثوابة الزبيدي: حدث عن عبد الرحمن بن هند، روى عنه: بقية بن الوليد؛ لا يُعرف، وخبره منكر [فتح الباب (1425)، اللسان (9/ 35)].
• لكن الراجح عندي في ذلك الاحتمال الأول:
وهو أن بقية قد دلس هذا الحديث تدليس إسناد، لا تدليس الشيوخ، وهو معروف
بكلا النوعين من التدليس، أعني: أنه قد دلس هذا الحديث عن محمد بن الوليد الزبيدي، ولم يسمعه منه، بل سمعه من أحد المجروحين أو المجهولين، فيقال: ولماذا جزمت بأن بقية لم يدلس هنا تدليس الشيوخ؟
فأقول وبالله التوفيق:
روى ابن الأعرابي في المعجم (2/ 872/ 1817)، قال: نا عباس [هو: ابن محمد بن حاتم الدوري: ثقة حافظ]: نا أبو خيثمة زهير بن حرب [ثقة ثبت حافظ]، نا يحيى بن معين [ثقة حافظ، إمام الجرح والتعديل]، عن يزيد بن عبد ربه الجرجسي [ثقة، من أثبت الناس في بقية]، عن بقية بن الوليد، عن محمد بن الوليد الزبيدي، عن الزهري، عن سالم، عن أبيه ابن عمر؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم سلم تسليمة.
قال عباس: حدثنا به يحيى بن معين، هكذا.
وهكذا رواه أيضًا ابن عدي في كامله (2/ 78)(2/ 251 - ط. الرسالة)، من طريق عباس الدوري به إلا أنه لم يذكر اسم الزبيدي، وقال في آخره:"قال عباس: ثم حدثناه يحيى بن معين عن الجرجسي، والجرجسي رواه عنه يحيى بن معين عن بقية؛ لأنه لم يلحق بقية".
إلا أن شيخ ابن عدي فيه: علي بن إبراهيم بن الهيثم أبو الحسن البلدي؛ روى له الخطيب البغدادي في ترجمته من التاريخ (11/ 337) حديثًا واحدًا، ثم قال:"هذا الحديث منكر جدًّا، ورجال إسناده كلهم مشهورون بالثقة؛ سوى أبي الحسن البلدي"، وقال السمعاني في الأنساب (1/ 390):"وكان يتهم بوضع الحديث"، ولذا قال الذهبي في الميزان (3/ 111):"اتهمه الخطيب"، وتبع في ذلك ابن الجوزي في الضعفاء (2/ 190)، وعلق ابن حجر في اللسان (5/ 478) على حديثه هذا بقوله:"هو موضوع بلا ريب".
قلت: لكن يشكل على ذلك أن ابن حبان أخرج له في صحيحه في موضعين (4700 و 5907)، وأكثر عنه ابن عدي في كامله، ولم يتكلم عنه بشيء، مما يدل على أنه مقبول الرواية عندهما، والله أعلم.
والحاصل: فإن العمدة على رواية ابن الأعرابي، وعليه: فأقول:
هكذا وصل إلينا بإسناد في غاية الصحة، رجاله أئمة هذا الشأن، إلى يزيد بن عبد ربه، وهو من أثبت الناس في بقية، فصرح في إسناده بأنه محمد بن الوليد الزبيدي الثقة المشهور، وظاهر كلام الأئمة في إعلال هذا الحديث يدل على أن الزبيدي المذكور في الإسناد هو محمد بن الوليد، لا سيما كلام الإمام أحمد، إلا أن بقية لم يذكر فيه سماعًا من الزبيدي، وهذا يقودنا إلى علة أخرى:
وهي تفرد بقية بهذا الحديث عن الزبيدي، ولهذا أنكره الأئمة، ثم تفرد الزبيدي به عن الزهري، فلماذا لم يشتهر عن الزهري؟ هذا مع كون الزبيدي من أثبت الناس في الزهري، ولا يضره تفرده، لكن لا بد أن يكون ثابتًا عن الزبيدي، والله أعلم.
• وثمة احتمال آخر؛ فقد قال الذهبي في السير (8/ 527) بعد أن ذكر بعض مناكير بقية عن الثقات، وهذا منها، قال:"فحاصل الأمر: أن لبقية عن الثقات أيضًا ما ينكر، وما لا يتابع عليه".
وظاهر كلام الذهبي أنه لم يشك في كون الزبيدي هذا هو محمد بن الوليد، لكنه عاد بالتبعة على بقية نفسه، وأنه هو الواهم في هذا الحديث، وحمل على ضبطه، ولم يحمل على تدليسه، مع كون الذهبي بعد ذلك ذكر تدليس بقية ومناكيره الواقعة في حديثه بسبب التدليس، فلم يعد هذا الحديث منها، والله أعلم.
3 -
حديث عمار بن ياسر:
يرويه أبو بكر بن عياش [وهو: ثقة، ساء حفظه لما كبر، وكتابه صحيح]، عن أبي إسحاق، عن صلة بن زفر، عن عمار بن ياسر؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يسلم في صلاته عن يمينه وعن شماله.
وفي رواية: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسلم عن يمينه، وعن يساره، حتى يرى بياض خده:"السلام عليكم ورحمة الله، السلام عليكم ورحمة الله".
وفي أخرى بإسناد صحيح إلى أبي بكر: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا سلم عن يمينه يُرى بياض خده الأيمن، وإذا سلم عن يساره يُرى بياض خده الأيمن والأيسر، وكان تسليمه:"السلام عليكم ورحمة الله، السلام عليكم ورحمة الله".
أخرجه الترمذي في العلل الكبير (107)، وابن ماجه (916)، وابن أبي خيثمة في التاريخ الكبير (3/ 115/ 4060)، والبزار (4/ 232/ 1395)، والطحاوي (1/ 268)، والطبراني في الأوسط (1/ 283/ 925)، وأبو الفضل الزهري في حديثه (457)، والدارقطني (1/ 356)، وأبو طاهر المخلص في السادس من فوائده بانتقاء ابن أبي الفوارس (265)(1284 - المخلصيات).
تنبيه: وقع في بعض نسخ ابن ماجه: عن حذيفة، بدل: عمار، وهو خطأ، وانظر: تحفة الأشراف (2/ 654/ 3356) و (7/ 160/ 10355)، تنقيح التحقيق (1/ 422)، نصب الراية (1/ 431)، شرح سنن ابن ماجه لمغلطاي (5/ 1580)، البدر المنير (4/ 58)، وغيرها.
قال الترمذي: "سألت محمدًا [يعني: البخاري] عن هذا الحديث، فقال: الصحيح: عن أبي إسحاق، عن حارثة بن مضرب، عن عمار؛ فعله.
قلت: فحديث أبي بكر بن عياش هذا؟ قال: كان ذلك البائس يحيى الحماني يروي هذا عن أبي بكر بن عياش".
وقال ابن أبي خيثمة: "كذا قال أبو بكر بن عياش: عن أبي إسحاق، عن صلة، رفعه، وخالفه إسرائيل".
وقال البزار: "وهذا الحديث رواه شعبة عن أبي إسحاق عن حارثة بن مضرب عن عمار موقوفًا، ولا نعلم أحدًا قال: عن صلة عن عمار؛ إلا أبو بكر بن عياش".
وقال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن أبي إسحاق إلا أبو بكر".
• قلت: المحفوظ في هذا عن أبي إسحاق السبيعي:
ما رواه شعبة بن الحجاج، وإسرائيل بن أبي إسحاق، وأبو الأحوص، وزهير بن معاوية، ومعمر بن راشد [وهم خمسة من الثقات، فيهم من أثبت الناس في أبي إسحاق، وأقدمهم منه سماعًا: شعبة وإسرائيل]:
عن أبي إسحاق، عن حارثة بن مضرب، قال: كان عمار أميرًا علينا سنةً، لا يصلي صلاة إلا سلم عن يمينه، وعن شماله: السلام عليكم ورحمة الله، السلام عليكم ورحمة الله. وهذا لفظ شعبة.
ولفظ زهير: أنا رأيت عمارًا يسلم عن يمينه وعن شماله: السلام عليكم ورحمة الله، السلام عليكم ورحمة الله، في كلتيهما، حتى أرى بياض خده فيها.
ووهم فيه معمر حيث زاد في السلام: وبركاته.
أخرجه محمد بن الحسن في الحجة على أهل المدينة (1/ 140)، وعبد الرزاق (2/ 220/ 3134)، وابن أبي شيبة (1/ 266/ 3049)، ومسدد في مسنده (4/ 217/ 533 - مطالب)، وابن أبي خيثمة في التاريخ الكبير (3/ 115/ 4061 و 4062)، وابن المنذر في الأوسط (3/ 221/ 1545)، والطحاوي (1/ 271).
قال ابن أبي خيثمة: "كذا قال إسرائيل: عن حارثة، وأوقف الحديث، وتابعه زهير بن معاوية".
• ورواه يزيد بن هارون، عن أشعث، عن الشعبي؛ أن سعدًا وعمارًا سلَّما تسليمتينِ.
وفي رواية: عن سعد وعمار؛ أنهما صلَّيا ثلاثًا، ثم سلَّما، فقيل لهما: فقضيا التي بقِيَتْ عليهما، ثم كبرا، ثم سجدا، ثم سلَّما تسليمتينِ. موقوف.
أخرجه ابن أبي شيبة (1/ 267/ 3058) و (1/ 387/ 4453).
وإسناده ضعيف؛ لضعف أشعث بن سوار.
4 -
حديث البراء بن عازب:
يرويه حديج بن معاوية، عن أبي إسحاق، عن البراء؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يسلم في الصلاة تسليمتين.
أخرجه الطحاوي (1/ 269)، وابن عدي في الكامل (2/ 431).
سئل عنه الإمام أحمد، فقال:"هذا منكر"[العلل ومعرفة الرجال (3/ 281/ 5251)، مسائل ابن هانئ (2292)، سؤالات المروذي (231)، ضعفاء العقيلي (1/ 296)].
وانظر في الغرائب أيضًا: الخامس من الأفراد لابن شاهين (77).
• وله إسناد آخر عن البراء:
رواه عبد الله بن داود الخريبي، ووكيع بن الجراح، وعبيد الله بن موسى، وعيسى بن يونس:
عن حريث بن أبي مطر، عن الشعبي، عن البراء؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يسلم عن يمينه، وعن شماله، ويقول:"السلام عليكم ورحمة الله"، حتى يرى بياض خده.
أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (1/ 266/ 3045)، وفي المسند (4/ 215/ 532 - مطالب)، والروياني (371)، والطحاوي (1/ 269)، والدارقطني في السنن (1/ 357)، وفي الأفراد (1/ 275/ 1431 - أطرافه)، والبيهقي (2/ 177)، والخطيب في الموضح (2/ 44)، وفي التاريخ (4/ 269).
قال الدارقطني في الأفراد: "تفرد به حريث بن أبي مطر عن الشعبي عنه".
وإسناده ضعيف؛ لضعف حريث.
5 -
حديث عدي بن عميرة الحضرمي:
يرويه المعتمر بن سليمان، قال: قرأت على الفضيل بن ميسرة، عن أبي حريز؛ أن قيس بن أبي حازم حدثه، أن عدي بن عميرة الحضرمي حدثه، قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا سجد يُرى بياضُ إبطيه، ثم إذا سلم أقبل بوجهه عن يمينه، حتى يُرى بياض خده، ثم يسلم عن يساره ويقبل بوجهه حتى يُرى بياض خده عن يساره.
وهذا إسناد ضعيف؛ وهو حديث حسن بشواهده، والله أعلم.
تقدم تخريجه تحت الحديث رقم (900)، الشاهد العاشر.
6 -
حديث طلق بن علي:
رواه جماعة من الأئمة والثقات، مثل: علي بن المديني، ويحيى بن معين، وعبد الصمد بن عبد الوارث، ومحمد بن أبي يعقوب الكرماني، وأبي معمر عبد الله بن عمرو بن أبي الحجاج المقعد، وعبيد الله بن عمر القواريري، وتابعهم: ابن أبي السري [هو: محمد بن المتوكل بن أبي السري، وهو: لين الحديث. التهذيب (3/ 686)، الميزان (4/ 23)]، قالوا:
ثنا ملازم بن عمرو، قال: ثنا هوذة بن قيس بن طلق، عن أبيه، عن جده طلق بن علي قال: كنا إذا صلينا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فسلم؛ رأينا بياض خده الأيمن، وبياض خده الأيسر.
وقال ابن أبي السري: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يصلي بنا، فكان يسلم عن يمينه وعن يساره، حتى يرى بياض خده الأيمن والأيسر.
أخرجه البخاري في التاريخ الكبير (4/ 358)، وأحمد (6/ 373/ 6664 - إتحاف المهرة)(2/ 624/ 2946 - أطرافه)، وابن أبي خيثمة في التاريخ الكبير (2/ 696/ 2880 - السفر الثاني)، والطحاوي (1/ 269)، وابن حبان في الثقات (7/ 590)، والطبراني في الكبير (8/ 333/ 8246)، والضياء في المختارة (8/ 164/ 177 و 178).
وهذا إسناد حنفي يمامي حسن؛ وقيس قد سمع من أبيه، وهو: حسن الحديث، وقد تقدم الكلام على رجال هذا الإسناد عند الحديث رقم (182)؛ غير هوذة بن قيس بن
طلق، وقد ذكره ابن حبان في الثقات، وروى عنه ثلاثة [التاريخ الكبير (8/ 246)، الجرح والتعديل (9/ 118)، الثقات (7/ 590)، التعجيل (1136)].
7 -
حديث أبي رمثة، أو أبي أمية، أو أبي ريمة:
يرويه أشعث بن شعبة، قال: ثنا المنهال بن خليفة، عن الأزرق بن قيس، قال: صلى بنا أبو رمثة، ثم حدثنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سلم في الصلاة عن يمينه وعن يساره.
وفي روايةٍ: عن الأزرق بن قيس، قال: صلى بنا إمامٌ لنا يكنى أبا رمثة، فقال: صليت هذه الصلاة، أو: مثل هذه الصلاة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: وكان أبو بكر وعمر رضي الله عنهما يقومان في الصف المقدَّم عن يمينه، وكان رجلٌ قد شهد التكبيرةَ الأولى من الصلاةِ، فصلى نبي الله صلى الله عليه وسلم ثم سلم عن يمينه وعن يساره حتى رأينا بياض خدَّيه، ثم انفتل كانفتال أبي رمثة -يعني: نفسه-، فقام الرجل الذي أدرك معه التكبيرة الأولى من الصلاة يشفع، فوثب إليه عمر، فأخذ بمنكبه فهزَّه، ثم قال: اجلس؛ فإنه لم يُهلِك أهل الكتاب إلا أنه لم يكن بين صلواتهم فصلٌ، فرفع النبي صلى الله عليه وسلم بصره، فقال:"أصاب الله بك يا ابن الخطاب".
أخرجه أبو داود (1007)، والطحاوي (1/ 269)، والطبراني في الكبير (22/ 284/ 727 و 728)، وفي الأوسط (7/ 77/ 6903)، والحاكم (1/ 270)، وأبو نعيم في معرفة الصحابة (5/ 2892/ 6792)، والبيهقي (2/ 190).
قال أبو داود: "وقد قيل: أبو أمية، مكان أبي رمثة".
قال الطبراني: "لا يُروى هذا الحديث عن أبي رمثة إلا بهذا الإسناد، تفرد به: أشعث بن شعبة".
وقال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه".
وتعقبه الذهبي في التلخيص، فقال:"المنهال: ضعفه ابن معين، وأشعث: فيه لين، والحديث منكر".
وقال البيهقي: "وهذا إن ثبت يجمع الإمام والمأموم"؛ يعني: في الفصل بين الفرض والنفل.
قلت: أشعث بن شعبة المصيصي: وثقه أبو داود والطبراني، وذكره ابن حبان في الثقات، ولينه أبو زرعة، وضعفه الأزدي، وقال ابن الفرضي:"إنه يخالف في بعض حديثه"، قلت: وقد وقعت له أوهام [الدعاء للطبراني (187)، بيان الوهم (4/ 427 / 2006)، بغية الطلب في تاريخ حلب (4/ 1885)، إكمال مغلطاي (2/ 237)، التهذيب (1/ 179)، الميزان (1/ 265)، التقريب (85)، وقال: "مقبول"، وانظر في أوهامه: علل أبن أبي حاتم (1/ 268/ 789) و (2/ 215 و 232/ 2133 و 2184)، علل الدارقطني (12/ 296/ 2727)].
• وقد تابعه عليه: عبد الصمد بن النعمان، قال: نا المنهال بن خليفة، عن
الأزرق بن قيس، قال: صلى لنا إمام يكنى أبا رمثة في مصلانا العصر، ومعنا رجل شهد تكبيرة الأولى، فلما انصرف أبو رمثة قام الرجل يشفع، فنظر إليه أبو رمثة فقال:
…
فذكر الحديث بنحوه.
أخرجه الطبراني في الأوسط (2/ 316/ 2088).
قال الطبراني: "لا يروى هذا الحديث عن أبي رمثة إلا بهذا الإسناد، تفرد به المنهال".
قلت: وعبد الصمد بن النعمان البغدادي البزاز: صدوق مكثر، ولم يخرج له أصحاب الكتب الستة شيئًا، وحديثه في صحيح أبي عوانة وابن خزيمة وابن حبان، وفي مستدرك الحاكم، وفي مسند البزار، وفي الغيلانيات لأبي بكر الشافعي، وفي معاجم الطبراني، وفي سنن الدارقطني، وفي مصنفات البيهقي، وغيرها، وله أوهام [كما في علل الدارقطني]، ولعله لأجلها قال النسائي والدارقطني:"ليس بالقوي"، لكن قد وثقه ابن معين، وقال أبو حاتم [وهو المعروف بتشدده في الرجال]:"صالح الحديث، صدوق"، وقال العجلي:"ثقة"، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال الذهبي في العبر:"وكان أحد الثقات"، وقال في المغني:"صدوق مشهور، قال النسائي: ليس بالقوي"[تاريخ ابن معين للدوري (2/ 364)، سؤالات ابن الجنيد (709)، الجرح والتعديل (6/ 51)، معرفة الثقات (1102)، ثقات ابن حبان (8/ 415)، سنن الدارقطني (2/ 204)، تخريج الأحاديث الضعاف للغساني (601)، إتحاف المهرة (11/ 662/ 14831)، من تكلم فيه الدارقطني في كتاب السنن لابن زريق (209)، تاريخ بغداد (11/ 39)، السير (9/ 518)، العبر (1/ 291)، تاريخ الإسلام (15/ 266)، المغني (2/ 396)، اللسان (5/ 190)].
قلت: وعلته عندي: المنهال بن خليفة؛ فإنه ضعيف، وقد خولف فيه:
• فقد رواه شعبة، عن الأزرق بن قيس، قال: سمعت عبد الله بن رباح الأنصاري، يحدث عن رجلٍ من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى العصر، فقام رجل يصلي بعدها، فأخذ عمر بثوبه، فقال: اجلس؛ فإنما هلك أهلُ الكتاب أنه لم يكن لصلاتهم فصلٌ؛ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "صدق ابن الخطاب"، وفي رواية:"أحسن ابن الخطاب".
أخرجه أحمد (5/ 368)، وعبد الرزاق (2/ 432/ 3973)، وأبو يعلى (13/ 107/ 7166)، وأبو نعيم في معرفة الصحابة (5/ 2892/ 6793).
رواه عن شعبة: محمد بن جعفر [عند أحمد وأبي يعلى]، وعبد الله بن المبارك [عند عبد الرزاق، وتحرف في الأصل إلى: عبد الله بن شعبة، وإنما هو: عبد الله عن شعبة]، وأبو النضر هاشم بن القاسم [عند أبي نعيم].
وليس فيه موضع الشاهد، وهو ذكر التسليمتين.
• قلت: هذا هو المحفوظ في هذا الحديث، وحديث المنهال بن خليفة: وهمٌ؛ وعليه: فإن حديث شعبة: رجاله ثقات، وإبهام الصحابي لا يضر؛ لكن عبد الله بن رباح لم يذكر سماعًا من الصحابي، فلعله لم يدركه، والله أعلم.
8 -
حديث جابر بن عبد الله:
يرويه ثمامة بن عبيدة السلمي، عن أبي الزبير، عن جابر، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسلم تسليمتين: تسليمةً عن يمينه [حتى يُرى بياضُ شقِّ وجهه الأيمن]، وتسليمةً عن يساره حتى يُرى بياضُ شق وجهه [الأيسر].
أخرجه العقيلي في الضعفاء (1/ 177 - 178)(1/ 195 - ط. الصميعي)، وابن الأعرابي في المعجم (2/ 802/ 1642)، وابن عدي في الكامل (2/ 108).
وهو حديث منكر؛ تفرد به: ثمامة بن عَبيدة السلمي، وهو: منكر الحديث، كذبه ابن المديني [اللسان (2/ 400)].
قال العقيلي: "ليس يتابع عليه من حديث أبي الزبير، والأسانيد صحاح ثابتة في حديث ابن مسعود في تسليمتين، ولا يصح في التسليمة شيء".
وقال ابن عدي: "وهذا الحديث منكر عن أبي الزبير عن جابر، لا يرويه غير ثمامة".
• وفي الباب أيضًا، مما روي بلفظ مجمل، بنحو: يسلم عن يمينه وعن شماله:
9 -
عن أبي مالك الأشعري [تقدم برقم (677)، وهو حديث حسن].
10 -
عن أوس الثقفي [تقدم تحت الحديث رقم (653)، الشاهد الرابع، وإسناده لا بأس به في المتابعات].
11 -
عن أبي موسى الأشعري [تقدم تحت الحديث رقم (835)، وفي إسناده مبهم، وهو غير محفوظ].
12 -
عن أبي حميد الساعدي [تقدم برقم (733 و 966)، وهو حديث شاذ][ولفظ موضع الشاهد منه: فلما سلَّم سلَّم عن يمينه: سلام عليكم ورحمة الله، وسلم عن شماله: سلام عليكم ورحمة الله].
13 -
عن هُلب الطائي [تقدم تحت الحديث رقم (759)، وهو حديث شاذ بذكر التسليم، وإنما هو في الانصراف].
14 -
عن أنس بن مالك [تقدم تحت الحديث رقم (636)، وهو حديث باطل].
15 -
عن واثلة بن الأسقع [عند: الشافعي في الأم (1/ 122)، وفي المسند (43)، والبيهقي في المعرفة (2/ 60/ 933)، [وفي إسناده: إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى الأسلمي، وهو: متروك، كذبه جماعة، وشيخه: إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة: متروك].
16 -
عن علي بن أبي طالب [عند: البزار (2/ 212/ 599)][وفي إسناده: عبيد بن عمرو القيسي، وهو: ضعيف. اللسان (5/ 357)].
[وانظر ما تقدم برقم (757)][وفي إسناده جهالة].
[وعند: الإسماعيلي في معجم شيوخه (1/ 358)، والدارقطني في العلل (4/ 195/ 502)] [تفرد به: حسان بن إبراهيم الكرماني عن الثوري عن الأعمش عن أبي رزين عن
علي مرفوعًا، وفي تفرده برفعه نكارة، وفي الإسناد إليه: عمر بن حمدون الكرماني، وهو: مجهول الحال، وإنما هو موقوف على عليٍّ؛ فقد رواه ابن المبارك وأبو نعيم وعبد الرزاق عن الثوري به موقوفًا، وكذلك رواه شعبة وأبو أسامة حماد بن أسامة عن الأعمش به موقوفًا، وكذلك رواه عاصم بن أبي النجود، ومغيرة بن مقسم، ومسلم البطين، عن أبي رزين عن علي موقوفًا، وهو الصواب؛ قال بعضه الدارقطني في العلل (4/ 193/ 502)، وراجع هناك بقية الاختلاف الوارد فيه، ووهم فيه ابن فضيل على الأعمش، فجعله عن أبي وائل، بدل: أبي رزين، قال ابن نمير:"هذا خطأ"، وقال أبو زرعة:"الصحيح: الأعمش، عن أبي رزين، عن علي". علل ابن أبي حاتم (527)، [وممن أخرج بعض طرقه موقوفًا: الشافعي في الأم (7/ 165)، وعبد الرزاق (2/ 219 و 220/ 3131 و 3133)، وابن أبي شيبة في المصنف (1/ 266/ 3051 و 3052) و (1/ 268/ 3082)، وفي المسند (4/ 213/ 531 - مطالب)، والطحاوي (1/ 270)، والبيهقي في السنن (2/ 178)، وفي المعرفة (2/ 62/ 939)].
17 -
عن المغيرة بن شعبة [عند الطبراني في الكبير (20/ 393/ 929)][وفي إسناده: عيسى بن المسيب البجلي، وهو: ضعيف. اللسان (6/ 280)، وانظر: تخريج الذكر والدعاء برقم (118) (1/ 207)، وسيأتي عند أبي داود برقم (1505)].
18 -
عن أبي هريرة [عند: البزار (17/ 256/ 9941)][وأعله الدارقطني في العلل (10/ 11/ 1819)].
19 -
عن يعقوب بن الحصين [عند: ابن أبي خيثمة في التاريخ الكبير (1/ 604/ 2521 - السفر الثاني)، وابن قانع في المعجم (3/ 235)، وأبي نعيم في معرفة الصحابة (5/ 2815/ 6667)، والخطيب في تلخيص المتشابه (1/ 298)][وفي إسناده: عبد الوهاب بن مجاهد بن جبر: متروك، كذبه الثوري، ولم يسمع من أبيه. التهذيب (2/ 640)، وما لابن الحصين غير هذا الحديث؛ كما في الاستيعاب (4/ 1585)].
20 -
عن أعرابي [عند: البخاري في التاريخ الكبير (2/ 124 - 125)، وأحمد (5/ 59 و 60) (9/ 4764/ 20929 و 20930 - ط. المكنز)، وأبي نعيم في معرفة الصحابة (6/ 3118/ 7188)][وإسناده مجهول].
21 -
عن معاذ بن جبل [عند: أبي طاهر المخلص في العاشر من فوائده بانتقاء ابن أبي الفوارس (227) (2382 - المخلصيات)][وهو حديث موضوع؛ في إسناده الخصيب بن جحدر، وهو: كذاب. اللسان (3/ 360)، والراوي عنه: محبوب بن الحسن، هو: محمد بن الحسن بن هلال بن أبي زينب، لقبه: محبوب، وهو: ليس به بأس، لينه أبو حاتم، وضعفه النسائي. التهذيب (3/ 542)، الميزان (3/ 514)].
22 -
عن عكراش بن ذؤيب [عند: ابن قانع في المعجم (2/ 299)، وأبي نعيم في المعرفة (4/ 2241/ 5566)][ولا يصح؛ إسناده واهٍ].
23 -
عن أزهر بن منقر [عند: الأزدي في المخزون (7)، وأبي نعيم في معرفة الصحابة (1/ 344/ 1066)][وهو حديث موضوع؛ وضعه علي بن قرين، فإنه كذاب خبيث، يضع الحديث. اللسان (6/ 9)، ضعفاء العقيلي (3/ 249)، ومَن فوقه لا يُعرفون إلا من طريقه؛ ولا ذكر لهم إلا في هذه الرواية حسب، فهو إسناد مختلق مصنوع، وسبق ذكره في الشواهد، تحت الحديث رقم (782)].
24 -
عن سهل بن سعد [يأتي ذكره في شواهد التسليمة الواحدة].
• ورويت التسليمتان أيضًا عن: أبي بكر، وعمر، وعلي بن أبي طالب، وعمار بن ياسر، وابن مسعود، وأنس، وغيرهم، موقوفًا عليهم:
أخرجها: محمد بن الحسن الشيباني في الحجة (1/ 145 - 146)[وعنده زيادة: وبركاته، ولا تصح]، والشافعي في الأم (7/ 165)، والطيالسي (284)، وعبد الرزاق (2/ 219 و 220/ 3131 - 3133) و (2/ 242/ 3214)، وابن سعد في الطبقات (6/ 76 و 177)، وابن أبي شيبة (1/ 266/ 3048 و 3051 و 3052) و (1/ 268/ 3082)، وأبو زرعة الدمشقي في التاريخ (340)، والحارث بن أبي أسامة (184 - زوائده)(4/ 209/ 529 - مطالب)، وابن أبي خيثمة في التاريخ الكبير (3/ 113/ 4050) و (3/ 114/ 4051) و (3/ 116/ 4063) و (3/ 188/ 4423)، وابن جرير الطبري في تهذيب الآثار (2/ 541/ 781 - مسند عمر)، وابن المنذر في الأوسط (3/ 221/ 1542 - 1545)، وأبو عروبة الحراني في الأوائل (124)، والطحاوي (1/ 270)، والطبراني في الكبير (1/ 245/ 694)، وفي مسند الشاميين (3/ 281/ 2260)، وانظر: علل ابن أبي حاتم (527).
• ومما روي في خلاف ذلك في جواز الاقتصار على تسليمة واحدة:
1 -
حديث سعد بن أبي وقاص:
يرويه عبد العزيز بن محمد الدراوردي، عن مصعب بن ثابت، عن إسماعيل بن محمد، عن عامر بن سعد، عن سعد؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يسلم في آخر الصلاة تسليمة واحدة:"السلام عليكم".
وهو حديث خطأ، أخطأ فيه الدراوردي، وتقدم الكلام عليه تحت الشاهد الأول.
2 -
حديث عائشة:
يرويه عمرو بن أبي سلمة، عن زهير بن محمد المكي، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يسلِّم في الصلاة تسليمةً واحدةً تلقاءَ وجهه، يميل إلى الشق الأيمن شيئًا.
أخرجه الترمذي (296)، وأبو علي الطوسي في مستخرجه عليه "مختصر الأحكام"(2/ 168 - 169/ 279)، وابن خزيمة (1/ 360/ 729)، وابن حبان (5/ 335/ 1995)، والحاكم (1/ 230 - 231)، والبزار (18/ 113/ 55)، وابن المنذر في الأوسط (3/ 220/ 1541)(3/ 393/ 1533 - ط. الفلاح)، والطحاوي (1/ 270)، والعقيلي في الضعفاء (3/ 272)،
وابن عدي في الكامل (3/ 219)، وابن المقرئ في المعجم (1052)، والدارقطني في السنن (1/ 357 - 358)، وفي العلل (14/ 172/ 3513)، والبيهقي (2/ 179).
قلت: عمرو بن أبي سلمة التنيسي الدمشقي: صدوق، منكر الحديث عن زهير بن محمد التميمي، قال أحمد بن حنبل:"روى عن زهير أحاديث بواطيل؛ كأنه سمعها من صدقة بن عبد الله، فغلط، فقلبها عن زهير". [التهذيب (3/ 275)، وانظر بعض مناكيره عن زهير: علل الترمذي (148)، علل ابن أبي حاتم (414 و 588 و 592 و 614 و 713 و 956 و 1710 و 2167 و 2375)، وما تقدم في السنن برقم (344 و 864)، وانظر: شرح علل الترمذي (2/ 777 و 822)].
• تابع عمرًا: عبد الملك بن محمد الصنعاني، قال: حدثنا زهير بن محمد، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يسلِّم تسليمةً واحدة تلقاءَ وجهه.
أخرجه ابن ماجه (919)، والطبراني في الأوسط (7/ 25 - 26/ 6746)، وابن عدي في الكامل (3/ 220).
قلت: وعبد الملك بن محمد الصنعاني، صنعاء دمشق: ضعيف، قال فيه ابن حبان في المجروحين (2/ 136):"كان ممن يجيب في كل ما يُسأل حتى تفرد عن الثقات بالموضوعات، لا يجوز الاحتجاج بروايته"[التهذيب (2/ 625)، علل الدارقطني (15/ 64/ 3837)، الخلافيات (2/ 189 و 191)].
• هكذا صحح هذا الحديث: ابن خزيمة، وابن حبان، وقال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه.
وقد رواه وهيب بن خالد، عن عبيد الله بن عمر، عن القاسم، عن عائشة رضي الله عنها؛ أنها كانت تسلم تسليمة واحدة.
وقد اتفق الشيخان على الاحتجاج بعمرو بن أبي سلمة وزهير بن محمد".
وخالفهم في ذلك جمهور النقاد:
قال الترمذي: "وفي الباب عن سهل بن سعد.
وحديث عائشة لا نعرفه مرفوعًا إلا من هذا الوجه.
قال محمد بن إسماعيل: زهير بن محمد أهل الشام يروون عنه مناكير، ورواية أهل العراق أشبه، قال محمد: وقال أحمد بن حنبل: كأن زهير بن محمد الذي كان وقع عندهم ليس هو هذا الذي يروى عنه بالعراق، كأنه رجل آخر، قلبوا اسمه".
وقال أبو حاتم: "هذا حديث منكر؛ هو عن عائشة موقوف"[العلل (414)].
وقال البزار: "وهذا الحديث رواه غير واحد موقوفًا، ولا نعلم أسنده إلا عمرو بن أبي سلمة عن زهير".
وقال الطحاوي: "هذا حديث أصله موقوف على عائشة رضي الله عنها، هكذا رواه الحفاظ،
وزهير بن محمد وإن كان رجلًا ثقة؛ فإن رواية عمرو بن أبي سلمة عنه تضعَّف جدًّا، هكذا قال يحيى بن معين فيما حكى له عنه غير واحد من أصحابنا، لآمنهم علي بن عبد الرحمن بن المغيرة إليَّ، وزعم أن فيها تخليطًا كثيرًا، فإن قال قائل: فإذا ثبت عن عائشة رضي الله عنها فيما ذكرت فبمن يعارضها في ذلك من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، قيل له: بأبي بكر وعمر رضي الله عنهما، قد روينا ذلك عنهما فيما تقدم من هذا الباب".
وذكر نحوه في اختلاف العلماء (1/ 221 - مختصره)، وقال:"وهو حديث واهي الإسناد".
وقال الدارقطني في العلل (14/ 172/ 3513) عن الموقوف: "وهو الصحيح، ومن رفعه فقد وهم".
وفي تخريج الأحاديث الضعاف (112): "هذا لا يثبت مسندًا، وزهير بن محمد: ليس بالقوي، والصواب فعل عائشة".
وقال البيهقي: "تفرد به زهير بن محمد".
وقال ابن عبد البر في التمهيد (11/ 207): "وأما حديث عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ أنه كان يسلم تسليمة واحدة؛ فلا يصح مرفوعًا؛ لأنه لم يرفعه إلا زهير بن محمد عن هشام بن عروة، وهو ضعيف، ضعفه ابن معين وغيره، وفي التسليمتين: حديث ابن مسعود ثابت صحيح".
وقال أيضًا (16/ 189): "وأما حديث عائشة: فانفرد به زهير بن محمد، لم يروه مرفوعًا غيره، وهو ضعيف، لا يحتج بما ينفرد به".
وقال نحوه في الاستذكار (1/ 491)، وزاد:"وزهير بن محمد: ضعيف عند الجميع، كثير الخطأ، لا يحتج به، وذكر يحيى بن معين هذا الحديث، فقال: عمرو بن أبي سلمة وزهير بن محمد: ضعيفان، لا حجة فيهما".
قلت: زهير بن محمد التميمي إنما ضُعِّف في رواية أهل الشام عنه، وأما رواية أهل العراق عنه فمستقيمة [راجع ترجمته: التهذيب (1/ 639)، الميزان (2/ 84)].
وقال البغوي في شرح السنة (3/ 207): "وفي إسناده مقال، وأصح الروايات تسليمتين".
وقال النووي في المجموع (3/ 443): "اتفق أصحابنا في كتب المذهب على تضعيفه".
وقال في الخلاصة (1460): "ضعفه الجمهور، ولا يقبل تصحيح الحاكم له".
وانتقد تصحيح الحاكم أيضًا: ابن رجب في الفتح (5/ 209)، حيث قال:"وأخطأ فيما قال؛ فإن روايات الشاميين عن زهير مناكير عند أحمد ويحيى بن معين والبخاري وغيرهم، قال أحمد -في رواية الأثرم-: أحاديث التنيسي عن زهيرٍ بواطيل، قال: وأظنه قال: موضوعة، قال: فذكرت له هذا الحديث في التسليمة الواحدة، فقال: مثلُ هذا".
وقال ابن القيم في إعلام الموقعين (2/ 378): "حديث معلول باتفاق أهل العلم بالحديث".
وقال ابن الملقن في البدر المنير (4/ 51): "وضعفه أيضًا من المتأخرين جماعات"، لكنه مال بعد ذلك إلى تصحيحه، فلم يصب.
• قلت: هو حديث منكر؛ صوابه ما رواه:
الوليد بن مسلم [الدمشقي، ثقة ثبت]، قال: حدثنا زهير بن محمد، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة؛ أنها كانت تسلم تسليمة واحدة.
قال الوليد: فقلت لزهير بن محمد: فهل بلغك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه شيء؟ قال: نعم، أخبرني يحيى بن سعيد الأنصاري؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يسلم تسليمةً.
أخرجه العقيلي (3/ 273)، وعلقه الدارقطني في العلل (14/ 171/ 3513).
قال العقيلي: "ورواية الوليد: أولى"، وهو كما قال.
• ورواه وهيب بن خالد [ثقة ثبت]، عن هشام بن عروة، عن أبيه؛ أنه كان يسلم واحدة: السلام عليكم.
أخرجه ابن خزيمة (731)، وعلقه الدارقطني في العلل (14/ 172/ 3513)، وزاد في إسناده: عن عائشة.
• وقد رواه جماعة من الحفاظ، عن عبيد الله بن عمر العمري، عن القاسم، عن عائشة رضي الله عنها؛ أنها كانت تسلم تسليمة واحدة قبالة وجهها: السلام عليكم، زاد في رواية: ولا تلتفت عن يمينها ولا عن شمالها.
أخرجه ابن خزيمة (1/ 360 و 361/ 730 و 732)، والدارقطني في العلل (14/ 172/ 3513)، والبيهقي (2/ 179).
وهذا موقوف على عائشة بإسناد مدني صحيح، على شرط الشيخين.
وانظر: بيان الوهم (2/ 201/ 181).
3 -
حديث سهل بن سعد:
يرويه أبو مصعب المديني أحمد بن أبي بكر، وعلي بن بحر بن بري، وعبد الله بن نافع الصائغ، وعتيق بن يعقوب [وهم ثقات في الجملة، وإن كان في بعضهم كلام، لا سيما الأخير؛ فإنه صدوق، وله أوهام ومناكير، راجع مثلًا: آخر الحديث رقم (419)]:
عن عبد المهيمن بن عباس بن سهل بن سعد الساعدي، عن أبيه، عن جده؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سلَّم تسليمةً واحدةً تلقاء وجهه.
وقال في رواية الصائغ وعلي بن بحر: عن يمينه.
وفي رواية عتيق: أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يسلِّم تسليمةً واحدةً لا يزيد عليها.
أخرجه ابن ماجه (918)، والروياني (1099)، والدارقطني (1/ 359).
قال الدارقطني: "عبد المهيمن: ليس بالقوي" [تخريج الأحاديث الضعاف
للغساني (113)، من تكلم فيه الدارقطني في كتاب السنن لابن زريق (258)، إعلام الموقعين (2/ 379)].
قلت: هو حديث منكر؛ عبد المهيمن بن عباس: منكر الحديث، روى عن آبائه أحاديث منكرة [التهذيب (3/ 630)].
• خالفه: إبراهيم بن محمد [إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى الأسلمي: متروك، كذبه جماعة]، قال: أخبرنا أبو علي؛ أنه سمع عباس بن سهل، يحدث عن أبيه؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يسلِّم إذا فرغ من صلاته عن يمينه وعن يساره.
أخرجه الشافعي في الأم (1/ 122)، وفي المسند (43)، ومن طريقه: البيهقي في المعرفة (2/ 61/ 934).
وهذا إسناده واهٍ؛ لأجل الأسلمي، وشيخه: أبو علي، ذكره ابن حجر في التعجيل (1352)، وقال:"مجهول"، نقلًا عن الحسيني.
• ولعل المحفوظ في هذا عن سهل:
ما رواه روح بن الفرج [أبو الزنباع القطان المصري: ثقة]، قال: ثنا يحيى بن عبد الله بن بكير، قال: حدثني عبد العزيز بن أبي حازم، عن أبيه؛ أنه رأى سهل بن سعد الساعدي إذا انصرف من الصلاة، سلم عن يمينه، وعن شماله.
أخرجه الطحاوي (1/ 271)(6/ 106/ 6201 - إتحاف المهرة)، قال: حدثنا روح به هكذا موقوفًا.
وهذا موقوف بإسناد صحيح غريب.
• وروي من وجه آخر مرفوعًا:
رواه ابن لهيعة، عن محمد بن عبد الله بن مالك، عن سهل بن سعد الأنصاري؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يسلِّم في صلاته عن يمينه وعن يساره، حتى يُرى بياضُ خدَّيه.
أخرجه أحمد (5/ 338).
وقد رواه أحمد مرة أخرى بنفس إسناده من نفس الوجه، إلا أنه زاد في إسناده: عبد الله بن مسعود، وجعله في مسنده (1/ 414).
ولعل هذا من تخليط ابن لهيعة، فإنه ضعيف، ومحمد بن عبد الله بن مالك الداري المدني: روى عنه ابن لهيعة وعطاف بن خالد، وذكره ابن حبان في الثقات؛ فهو ليس بالمشهور [التاريخ الكبير (1/ 127)، الجرح والتعديل (7/ 304)، الثقات (5/ 361)، التعجيل (945)].
4 -
حديث سلمة بن الأكوع:
يرويه محمد بن الحارث القرشي المؤذن المصري، قال: حدثنا يحيى بن راشد، عن يزيد مولى سلمة [هو: يزيد بن أبي عبيد: ثقة، روى له الجماعة عن مولاه سلمة]، عن سلمة بن الأكوع، قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى، فسلَّم مرةً واحدةً.
أخرجه ابن ماجه (920)، والبيهقي (2/ 179).
وهو حديث منكر؛ يحيى بن راشد المازني البصري: ضعيف، ومحمد بن الحارث بن راشد الأموي المصري المؤذن: روى عنه جماعة، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال:"يُغرب"[التهذيب (3/ 535)]، وهذا من غرائبه.
• خالفه فأوقفه على سلمة: أنس بن عياض [مدني، ثقة]، فرواه عن يزيد بن أبي عبيد، قال: رأيت سلمة -وهو: ابن الأكوع-، يسلم تسليمة إذا انصرف من الصلاة قبل وجهه، إذا كان مع الإمام وغيره. قلت: وهذا الموقوف أولى.
أخرجه ابن المنذر في الأوسط (3/ 223/ 1550)، قال: وحدثونا عن إسحاق بن راهويه، قال: أخبرنا أنس بن عياض به.
وقد فعل ذلك ابن المنذر في أكثر من موضع من كتابه، أبهم من حدثه عن إسحاق بن راهويه، بل إنه فعل ذلك كثيرًا مع شيوخ شيوخه غير ابن راهويه، ثم إني بالتتبع وجدت شيوخه الذين سمع منهم عن إسحاق بن راهويه، وهم: موسى بن هارون [الحمال: ثقة حافظ]، ومحمد بن نصر [المروزي: ثقة حافظ]، وعلي بن الحسن [هو: ابن موسى بن ميسرة الهلالي: ثقة]، ويحيى بن محمد [هو: ابن يحيى الذهلي، لقبه حيكان: ثقة حافظ]، وإبراهيم بن محمد بن سعيد [لم أعرفه، ولا أظنه الرافضي المتروك، صاحب التصانيف في الرفض، المترجم له في اللسان (1/ 351)، وإن كان من طبقته، والله أعلم].
والذي يغلب على ظني أن ابن المنذر تحمله عن بعض هؤلاء الثقات عن ابن راهويه، فلما استثقل ذكرهم قال: حدثونا، يتخفف، والله أعلم.
5 -
حديث سمرة بن جندب:
يرويه نعيم بن حماد [ضعيف، وأحسن أحواله أن يقال فيه: صدوق، كثير الوهم والخطأ، له مناكير كثيرة تفرد بها عن الثقات المشاهير. انظر: التهذيب (4/ 234)، الميزان (4/ 267)]: ثنا روح بن عطاء بن أبي ميمونة، عن أبيه، عن الحسن، عن سمرة بن جندب، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسلم واحدةً في الصلاة قِبَل وجهه، فإذا سلَّم عن يمينه، سلَّم عن يساره.
أخرجه العقيلي في الضعفاء (2/ 58)، وابن عدي في الكامل (3/ 141)، والدارقطني (1/ 358)، وابن بشران في الأمالي (493)، والبيهقي (2/ 179).
• ورواه أبو كامل الجحدري [فضيل بن حسين: ثقة حافظ]: ثنا روح بن عطاء بن أبي ميمونة: حدثني أبي [عطاء بن أبي ميمونة: ثقة]، وحفص المنقري [حفص بن سليمان المنقري التميمي: ثقة]، عن الحسن، عن سمرة؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يسلم تسليمةً تلقاء وجهه.
أخرجه ابن عدي في الكامل (3/ 141 - 142) و (5/ 368).
قال العقيلي: "والحديث في تسليمة: أسانيدها لينة، والأحاديث الصحاح عن ابن مسعود وغيره في تسليمتين".
وقال ابن عدي: "وهذا الحديث عن سمرة من حديث الحسن عنه؛ يرويه روح بن عطاء عن أبيه عنه".
قلت: هو حديث ضعيف؛ وهو منكر باللفظ الأول، وروح بن عطاء بن أبي ميمونة: ضعيف [اللسان (3/ 483)، الجرح والتعديل (3/ 497)، المجروحين (1/ 300)، ضعفاء النسائي (191)، ضعفاء الدارقطني (224)، تخريج الأحاديث الضعاف للغساني (261)، من تكلم فيه الدارقطني في كتاب السنن لابن زريق (125)، وغيرها].
وانظر: بيان الوهم (2/ 22/ 2).
6 -
حديث ابن عمر:
يرويه أبو حمزة السكري [محمد بن ميمون المروزي: ثقة]، عن إبراهيم الصائغ، عن نافع، عن ابن عمر، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفصل بين الشفع والوتر بتسليمة، ويسمعناها [وفي رواية عند ابن حبان بإسناد صحيح: بتسليم يسمعناه].
أخرجه أحمد (2/ 76)، وابن حبان (6/ 191/ 2435)، وابن الأعرابي في المعجم (2/ 818/ 1674)، والطبراني في الأوسط (1/ 229/ 753)، والخطيب في تاريخ بغداد (12/ 314).
قال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن إبراهيم الصائغ إلا أبو حمزة السكري".
قلت: رواه عن أبي حمزة السكري به هكذا: عتاب بن زياد المروزي [ثقة]، وهمام بن مسلم الزاهد [متروك، قال ابن حبان: "كان ممن يسرق الحديث ويحدث به، ويروي عن الثقات ما ليس من أحاديثهم على قلة معرفته بصناعة الحديث، فلما فحش ذلك منه وكثر في روايته بطل الاحتجاج به". اللسان (8/ 343)، المجروحين (3/ 96)، والراوي عنه: سليمان بن الربيع النهدي الكوفي: متروك، غيَّر أسماء مشايخ، وروى عنهم مناكير. تاريخ بغداد (9/ 54)، اللسان (6/ 408) و (4/ 152) و (8/ 343)].
• خالفهما: علي بن الحسن بن شقيق [المروزي: ثقة حافظ]، قال أخبرنا أبو حمزة، عن إبراهيم الصائغ، عن نافع، عن ابن عمر؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يفصل بين الشفع والوتر.
أخرجه ابن حبان (6/ 190/ 2433)، بإسناد لا بأس به إلى ابن شقيق.
هكذا رواه علي بن الحسن بن شقيق عن أبي حمزة السكري بدون ذكر التسليم وإسماعه، وأبو حمزة السكري: قال عنه أحمد في رواية ابن هانئ: "كان قد ذهب بصره، وكان ابن شقيق قد كتب عنه وهو بصير، قال: وابن شقيق أصح حديثًا ممن كتب عنه من غيره"[شرح علل الترمذي (2/ 754)].
وعليه: فإن هذه الزيادة موضع الشاهد لا تثبت عندي من حديث أبي حمزة السكري، والمحفوظ بدونها، والله أعلم.
وهو إسناد مدني، ثم مروزي، جيد غريب؛ وإبراهيم بن ميمون المروزي الصائغ: لا بأس به [التهذيب (1/ 90)].
قال الذهبي في التنقيح (1/ 214): "سنده جيد".
وانظر: أطراف الغرائب والأفراد (1/ 563/ 3252).
• ورواه دحيم عبد الرحمن بن إبراهيم [ثقة حافظ متقن]: حدثنا الوليد بن مسلم، عن الوضين بن عطاء، عن سالم بن عبد الله بن عمر، عن أبيه، قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يفصل بين الشفع والوتر بتسليم، يُسمِعُناه [عند ابن حبان والطبراني].
وفي رواية أخرى لدحيم: بتسليمة، وهي غير محفوظة [عند ابن عدي وابن عساكر].
أخرجه ابن حبان (6/ 190/ 2434)، والطبراني في مسند الشاميين (1/ 373/ 648)، وابن عدي في الكامل (7/ 88)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (63/ 43).
• ورواه صفوان بن صالح [دمشقي ثقة]، عن الوليد: حدثنا الوضين بن عطاء، قال: سمعت سالم بن عبد الله، يخبر عن أبيه ابن عمر؛ أنه كان يفصل بين شفعه ووتره من صلاة الليل بتسليمة، ويخبر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يفعل ذلك بتسليمة.
أخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق (63/ 43).
• ورواه علي بن بحر القطان [بغدادي ثقة]، قال: ثنا الوليد بن مسلم، عن الوضين بن عطاء، قال: أخبرني سالم بن عبد الله بن عمر؛ أنه كان يفصل بين شفعه ووتره بتسليمةٍ، وأخبر ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يفعل ذلك.
أخرجه الطحاوي (1/ 278).
قلت: وهذا إسناد مدني، ثم دمشقي، لا بأس به، والوضين بن عطاء: صدوق، ضعفه جماعة، ووثقه الأكثر، وفيهم: أحمد وابن معين ودحيم [التهذيب (4/ 309)].
قال ابن حجر في الفتح (2/ 482): "وإسناده قوي".
قلت: فيحمل لفظ الآخرين: بتسليمةٍ، على لفظ الحافظ المتقن إمام أهل الشام دحيم، حيث قال: بتسليم.
وعلى هذا؛ فإن ذكر التسليمة في هذا الحديث ليس من هذا الباب الذي نحن بصدده، ولكنها أوردت مورد المصدر للدلالة على أن السنة هي الفصل بين الشفع والوتر بالسلام، وعدم وصل الركعات الثلاث بسلام واحد، وعلى هذا فإنها لم ترد هنا مورد بيان عدد مرات التسليم للخروج من الصلاة واحدة أم اثنتين، ولكن المراد بيان الفصل بين الركعات بالتسليم، ويزيد هذا بيانًا:
• ما رواه جماعة عن الأوزاعي، عن المطلب بن عبد الله المخزومي، قال: أتى عبدَ الله بنَ عمر رجلٌ، فقال: كيف أوتر؟ قال: أوتر بركعة واحدة [وفي رواية: فأمره أن يفصل]، فقال: إني أخشى أن يقول الناس: هي البتيراء، فقال: سنة الله وسنة رسوله تريد؟ هذه سنة الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
أخرجه البخاري في التاريخ الكبير (4/ 299)[وقد وهم البخاري في اسم المطلب، وتصحيحه عند الخطيب في الموضح]، وابن ماجه (1176)، وابن خزيمة (2/ 140/ 1074)،
وأبو يعلى (9/ 444/ 5594)، والطحاوي (1/ 279)، والبيهقي (3/ 26)، والخطيب في الموضح (1/ 129 و 130).
وهذا رجاله ثقات؛ والمطلب بن عبد الله بن حنطب لم يسمع من ابن عمر.
قال البخاري: "لا أعرف للمطلب بن حنطب عن أحد من الصحابة سماعًا؛ إلا قوله: حدثني من شهد خطبة النبي صلى الله عليه وسلم"، وقال أبو حاتم: "عامة روايته مرسل؛
…
، وروى عن ابن عباس وابن عمر؛ لا ندري سمع منهما أم لا، لا يذكر الخبر"، وقال أبو زرعة: "عامة حديثه مراسيل، لم يدرك أحدًا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم؛ إلا سهل بن سعد، وأنسًا، وسلمة بن الأكوع، ومن كان قريبًا منهم" [المراسيل (780)، جامع التحصيل (281)، تحفة التحصيل (307)].
قال ابن رجب في الفتح (6/ 200): "المطلب: لم يسمع من ابن عمر".
• وقد صح عن ابن عمر من فعله؛ أنه كان يسلم بين الركعتين والركعة في الوتر، حتى يأمر ببعض حاجته [عند: مالك في الموطأ (1/ 184/ 326)، ومن طريقه: البخاري (991)، والشافعي في الأم (1/ 140) و (7/ 204)، وفي المسند (213)، وابن المنذر في الأوسط (5/ 186/ 2663)، والطحاوي (1/ 279)، والبيهقي في السنن (3/ 26)، وفي المعرفة (2/ 312/ 1386)]؛ فظهر بذلك المراد، والله أعلم.
7 -
حديث ابن عباس:
يرويه مهدي بن هلال، قال: حدثنا ابن جريج والمثنى وإبراهيم بن يزيد، عن عطاء، عن ابن عباس؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يسلِّم تسليمةً.
أخرجه العقيلي (4/ 228).
قال العقيلي: "ولا يتابع على حديثه".
قلت: هذا حديث كذب؛ مهدي بن هلال: كذبوه [اللسان (8/ 180)].
• وقد رواه عبد الرزاق، ومجلز بن يزيد:
عن ابن جريج، عن عطاء؛ أنه كان يسلم تسليمتين.
أخرجه عبد الرزاق (2/ 221/ 3138)، وابن أبي شيبة (1/ 267/ 3063)، والعقيلي (4/ 228).
قال العقيلي: "هذا أولى".
8 -
حديث أنس، وله أسانيد:
أ- روى يونس بن محمد المؤدب [ثقة ثبت]، قال: حدثنا جرير بن حازم، عن أيوب، عن أنس؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم سلَّم تسليمةً.
أخرجه ابن أبي شيبة (1/ 267/ 3072).
• ورواه أيضًا: يونس بن محمد المؤدب، عن جرير بن حازم، عن أيوب، عن
أنس بن مالك، قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر رضي الله عنهما يفتتحون القراءة بـ: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} ، ويسلموا تسليمة.
أخرجه البزار (13/ 141/ 6536)، وأبو العباس الأصم في جزء من حديثه (63 - رواية أبي الحسن الطرازي)[(471) مجموع مصنفات الأصم].
وهو حديث منكر؛ وكلام الدارقطني في العلل (12/ 162/ 2573) يشير إلى إعلاله، حيث قال بعد أورده في ذكر الخلاف فيه على أيوب:"وزاد فيه؛ [يعني: جريرًا] زيادة لم يأت بها غيره عن أيوب، وهي قوله: وكانوا يسلمون تسليمة واحدة".
وقال ابن رجب في الفتح (5/ 210) بعد ذكر رواية جرير هذه: "وأيوب رأى أنسًا، ولم يسمع منه، قاله أبو حاتم [المراسيل (39)]، وقال الأثرم: هذا حديث مرسل، وهو منكر، وسمعت أبا عبد الله يقول: جرير بن حازم يروي عن أيوب عجائب".
وقال ابن عبد البر في التمهيد (16/ 189): "وأما حديث أنس: فإنما روي عن أيوب السختياني عن أنس، ولم يسمع أيوب من أنس ولا رآه".
وزاد ذلك إيضاحًا في الاستذكار (1/ 491) بأنه لا يروى عن أنس إلا من هذا الوجه، فقال:"وأما حديث أنس: فلم يأت إلا من طريق أيوب السختياني عن أنس، ولم يسمع أيوب من أنس عندهم شيئًا".
وقد تقدم تخريجه والكلام عليه تحت الحديث رقم (782).
ب- وروى أبو المثنى معاذ بن المثنى بن معاذ العنبري [ثقة]: ثنا عبد الله بن عبد الوهاب الحجبي [ثقة]: ثنا عبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي [ثقة]، عن حميد، عن أنس رضي الله عنه؛ أن النبى صلى الله عليه وسلم كان يسلم تسليمة واحدة.
أخرجه الطبراني في الأوسط (8/ 225 - 226/ 8473)، والبيهقي في السنن (2/ 179)، وفي المعرفة (2/ 63/ 940)، والضياء في المختارة (6/ 105 و 106/ 2094 و 2095).
قال الطبراني: "لم يرفع هذا الحديث عن حميد إلا عبد الوهاب، تفرد به: الحجبي".
وقال الضياء المقدسي: "رواه أبو خالد الأحمر، عن حميد، عن أنس؛ أنه كان يسلم تسليمة واحدة"؛ يعني: موقوفًا.
وقال ابن رجب في الفتح (5/ 210): "ورفعه خطأ، إنما هو موقوف، كذا رواه أصحاب حميد عنه عن أنس، من فعله".
قلت: رواية أبي خالد الأحمر: وصلها ابن أبي شيبة (1/ 267/ 3065).
ج- وروى حجاج بن نصير [ضعيف، وكان يقبل التلقين]، والمغيرة بن عنبسة [لم أعثر له على ذكر؛ إلا أن يكون وقع في مخطوط الكامل سقط وتحريف؛ فيكون أصله: ابن المغيرة عن عنبسة؛ يعني: هارون بن المغيرة، عن عنبسة بن سعيد الرازي، وهما ثقتان]، قالا:
حدثنا أبو عبيدة الناجي، عن الحسن وابن سيرين [ولم يذكر المغيرة: ابن سيرين]، عن أنس بن مالك قال: صليت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر [زاد المغيرة: وعثمان]، فكانوا يسلمون تسليمة واحدة: السلام عليكم.
أخرجه أبو علي الرفاء في فوائده (244)، وابن عدي في الكامل (2/ 28).
قلت: هو حديث منكر؛ تفرد به عن الحسن البصري ومحمد بن سيرين: أبو عبيدة الناجي، وهو: ضعيف، لا يتابع على ما يرويه من المسند على قلته، تقدم ذكره تحت الحديث رقم (17).
• وإنما يروي هذا أصحاب الحسن وابن سيرين، عن الحسن مرسلًا، أو عن الحسن وابن سيرين من فعلهما [عند: عبد الرزاق (2/ 222 و 223/ 3144 و 3145)، وابن أبي شيبة (1/ 267/ 3064 و 3070) و (1/ 268/ 3074)، والطحاوي (1/ 272)].
د- وروى شعيب بن بيان: نا عمران، عن قتادة، عن أنس؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يسلم تسليمة.
أخرجه البزار (13/ 473/ 7267).
قال البزار: "وهذا الحديث لا نعلم رواه عن قتادة إلا عمران القطان، ولا نعلم رواه عن عمران إلا شعيب بن بيان، وشعيب: ضعيف الحديث، وإنما يكتب من حديثه ما تفرد به".
قلت: هو حديث منكر؛ لم يروه عن قتادة إلا عمران بن داور العمي، أبو العوام القطان البصري، وهو: صدوق يهم، كثير الرواية عن قتادة، إلا أنه كثير المخالفة والوهم [التهذيب (3/ 318)، الميزان (3/ 236)]، ولم يروه عن عمران إلا شعيب بن بيان بن زياد بن ميمون، وهو: ضعيف، لا يحتمل تفرده بهذا؛ وقول البزار:"وإنما يكتب من حديثه ما تفرد به"؛ يعني: لبيان غرائبه، لذا فقد ساق له البزار جملةً من غرائبه عن أبي العوام [راجع الحديث المتقدم برقم (863)].
• والحاصل: فإنه لا يصح حديث مرفوع في التسليمة الواحدة، وقد تتابعت أقوال الأئمة في تضعيف ما روي في التسليمة الواحدة:
• قال أبو بكر البزار وغيره: "لا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم في التسليمة الواحدة شيء"، قال ابن عبد البر:"يعني: من جهة الإسناد"[التمهيد (16/ 189)].
وقال العقيلي: "والحديث في تسليمة: أسانيدها لينة، والأحاديث الصحاح عن ابن مسعود وغيره في تسليمتين"[الضعفاء (2/ 58)].
وقال أيضًا: "والأسانيد صحاح ثابتة في حديث ابن مسعود في تسليمتين، ولا يصح في التسليمة شيء"[الضعفاء (1/ 195 - ط. الصميعي)][البدر المنير (4/ 49)، التلخيص الحبير (1/ 270/ 418)].
وقال ابن حزم في المحلى (4/ 132): "أما تسليمة واحدة فلا يصح فيها شيء عن النبي صلى الله عليه وسلم".
وقال ابن عبد البر في التمهيد (16/ 188): "روي عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ أنه كان يسلم من الصلاة تسليمة واحدة، من حديث سعد بن أبي وقاص، وعائشة، وأنس بن مالك، وكلها معلولة الأسانيد، لا يثبتها أهل العلم بالحديث"، وقال مثله في الاستذكار (1/ 489).
وقال أيضًا (16/ 189): "لم يخرج البخاري في التسليم من الصلاة شيئًا، لا في الواحدة، ولا في الاثنتين، ولا خرج أبو داود السجستاني ولا أبو عبد الرحمان النسائي في التسليمة الواحدة شيئًا، خرج أكثر المصنفين في السنن حديث التسليمتين".
وقال الشيرازي في المهذب (1/ 80): "الحديث في تسليمة: غير ثابت عند أهل النقل"[المجموع (3/ 438)].
وقال النووي في المجموع (3/ 441): "ولم يثبت حديث التسليمة الواحدة"، وقال في موضع آخر (3/ 443) بأنها ضعيفة.
وقال النووي في الخلاصة (1463): "وليس في الاقتصار على تسليمة واحدة: شيء ثابت".
وقال ابن القيم في الزاد (1/ 259): "لم يثبت عنه ذلك من وجه صحيح".
وقال ابن رجب في الفتح (5/ 208): "وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ أنه كان يسلم تسليمةً واحدةً: من وجوهٍ لا يصح منها شيء؛ قاله ابن المديني والأثرم والعقيلي وغيرهم.
وقال الإمام أحمد: لا نعرف عن النبي صلى الله عليه وسلم في التسليمة الواحدة إلا حديثًا مرسلًا لابن شهاب الزهري عن النبي صلى الله عليه وسلم".
• قلت: وقد صح عن: ابن عمر، وأنس، وعائشة، وسلمة بن الأكوع، أنهم كانوا يسلمون تسليمة واحدة [انظر ما رواه: عبد الرزاق (2/ 222/ 3142) و (2/ 223/ 3147)، وابن أبي شيبة (3065 و 3071 و 3074 - 3076)، والحارث بن أبي أسامة (185 - زوائده)(4/ 206 و 207/ 527 و 528 - مطالب)، وابن المنذر (3/ 222 و 223/ 1546 - 1550) و (4/ 231/ 2085)].
• قال الترمذي بعد حديث عائشة في التسليمة الواحدة: "وقد قال به بعض أهل العلم في التسليم في الصلاة، وأصح الروايات عن النبي صلى الله عليه وسلم تسليمتان، وعليه أكثر أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، والتابعين، ومن بعدهم.
ورأى قوم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم: تسليمة واحدة في المكتوبة، قال الشافعي: إن شاء سلم تسليمة واحدة، وإن شاء سلم تسليمتين".
وقال ابن المنذر في الأوسط (3/ 223): "وفيه قول ثالث: وهو أن هذا من الاختلاف المباح، فالمصلي مخير إن شاء سلم تسليمة، وإن شاء سلم تسليمتين، قال بهذا القول بعض أصحابنا؛ [يعني: ابن خزيمة في صحيحه (1/ 360)]، وكان إسحاق يقول: تسليمة تجزئ، وتسليمتان أحب إليَّ.
ودفع آخرون حديث زهير عن هشام، وقالوا: لا يثبت من جهة النقل، ولو ثبت
حديث زهير لاحتمل أن تكون التسليمتين أولى؛ لأن الذين رووه أكثر عددًا، وأشبه بأن يكونوا حفظوا ما أغفله الآخرون؛ لأنهم زائدون، والزائد أولى".
قال أبو بكر بن المنذر: "وكل من أحفظ عنه من أهل العلم يجيز صلاة من اقتصر على تسليمة، وأحب أن يسلم تسليمتين؛ للأخبار الدالة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويجزيه أن يسلم تسليمة".
وقال في الإجماع (45): "وأجمعوا على أن صلاة من اقتصر على تسليمة واحدة جائزة".
وقال ابن عبد البر في التمهيد (16/ 190) بعد تصحيحه لأحاديث التسليمتين، وتضعيفه لأحاديث التسليمة الواحدة، قال: "والقول عندي في التسليمة الواحدة وفي التسليمتين: أن ذلك كله صحيح بنقل من لا يجوز عليهم السهو ولا الغلط في مثل ذلك، معموز به عملًا مستفيضًا بالحجاز التسليمة الواحدة، وبالعراق التسليمتان، وهذا مما يصح فيه الاحتجاج بالعمل؛ لتواتر النقل كافة عن كافة في ذلك، ومثله لا ينسى ولا مدخل فيه للوهم؛ لأنه مما يتكرر به العمل في كل يوم مرات، فصح أن ذلك من المباح والسعة والتخيير؛ كالأذان، وكالوضوء ثلاثًا واثنين وواحدة،
…
، فسبق إلى أهل المدينة من ذلك التسليمة الواحدة فتوارثوها وغلبت عليهم، وسبق إلى أهل العراق وما وراءها التسليمتان فجروا عليها، وكل جائز حسن لا يجوز أن يكون إلا توقيفًا ممن يجب التسليم له في شرع الدين، وبالله التوفيق".
وقال في الاستذكار (1/ 491): "والعمل المشهور بالمدينة التسليمة الواحدة، وهو عمل قد توارثه أهل المدينة كابرًا عن كابر، ومثله يصح فيه الاحتجاج بالعمل في كل بلد؛ لأنه لا يخفى، لوقوعه في كل يوم مرارًا، وكذلك العمل بالكوفة وغيرها مستفيض عندهم بالتسليمتين متوارث عندهم أيضًا، وكل ما جرى هذا المجرى فهو اختلاف في المباح كالأذان، ولذلك لا يروى عن عالم بالحجاز ولا بالعراق ولا بالشام ولا بمصر إنكار التسليمة الواحدة، ولا إنكار التسليمتين، بل ذلك عندهم معروف، وإن كان اختيار بعضهم فيه التسليمة الواحدة وبعضهم التسليمتين على حسب ما غلب على البلد من عمل أهله، إلا أن الأعم والأكثر بالمدينة التسليمة الواحدة، والأكثر والأشهر بالعراق التسليمتان: السلام عليكم ورحمة الله على اليمين، السلام عليكم ورحمة الله على اليسار".
وتعقبه ابن القيم في الإعلام (2/ 380) بقوله: "وهذا أصل قد نازعهم فيه الجمهور، وقالوا: عمل أهل المدينة كعمل غيرهم من أهل الأمصار، ولا فرق بين عملهم وعمل أهل الحجاز والعراق والشام، فمن كانت السنة معهم فهم أهل العمل المُتَّبَع، وإذا اختلف علماء المسلمين لم يكن عملُ بعضهم حجةً على بعض، وإنما الحجة اتباع السُّنَّة"، ثم أطال في بيان ذلك.
وقال أيضًا في الزاد (1/ 261): "والسنن الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تُدفع ولا تُردُّ
بعمل أهل بلدٍ كائنًا من كان، وقد أحدث الأمراء بالمدينة وغيرها في الصلاة أمورًا استمر عليها العمل، ولم يُلتفت إلى استمراره، وعمل أهل المدينة الذي يحتج به ما كان في زمن الخلفاء الراشدين، وأما عملهم بعد موتهم وبعد انقراض عصر من كان بها من الصحابة فلا فرق بينهم وبين عمل غيرهم، والسُّنَّة تحكم بين الناس؛ لا عمل أحد بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم وخلفائه، بالله التوفيق".
وقال البغوي في شرح السُّنَّة (3/ 207): "عامة أهل العلم من الصحابة والتابعين فمن بعدهم على أنه يسلم تسليمتين، إحداهما عن يمينه، والأخرى عن شماله، وذهب قوم إلى أنه يسلم تسليمة واحدة، روي ذلك عن سعيد بن جبير، لما روي عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يسلم في الصلاة تسليمة واحدة تلقاء وجهه يميل إلى الشق الأيمن شيئًا، وفي إسناده مقال، وأصح الروايات تسليمتين".
وقال ابن قدامة في المغني (1/ 324): "وليس نص أحمد بصريح بوجوب التسليمتين؛ إنما قال: التسليمتان أصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديث ابن مسعود وغيره أذهب إليه، ويجوز أن يذهب إليه في المشروعية والاستحباب دون الإيجاب، كما ذهب إلى ذلك غيره، وقد دل عليه قوله في رواية مهنا: أعجب إليَّ التسليمتان".
وقال ابن رجب في الفتح (5/ 211): "وأكثر أهل العلم على التسليمتين، وممن روي عنه ذلك من الصحابة: أبو بكر وعمر وعلي وابن مسعود وعمار وسهل بن سعد ونافع بن عبد الحارث، وروي عن عطاء والشعبي وعلقمة ومسروق وعبد الرحمن بن أبي ليلى وعمرو بن ميمون وأبي وائل وأبي عبد الرحمن السلمي، وهو قول النخعي والثوري وأبي حنيفة والشافعي وأحمد وإسحاق وأبي عبيد وأبي ثور، وحكي عن الأوزاعي.
وروي التسليمة الواحدة عن ابن عمر وأنس وعائشة وسلمة بن الأكوع، وروي عن عثمان وعلي أيضًا، وعن الحسن وابن سيرين، وعطاء أيضًا، وعمر بن عبد العزيز والزهري، وهو قول مالك والأوزاعي والليث، وهو قول قديم للشافعي، وحكاه أحمد عن أهل المدينة،
…
".
• قلت: والذي يظهر لي: وجوب التسليمة الأولى دون الثانية؛ فإن حديث علي: "وتحليلها التسليم"[تقدم برقم (61)، وهو حديث صحيح] لا يتناول الثانية نصًّا، فإن مطلق التسليم يصدق على الأولى وحدها، كما في قوله صلى الله عليه وسلم:"وتحريمها التكبير"، وإنما هي تكبيرة واحدة.
وكذلك ما جاء من ذكر مطلق التسليم من الصلاة في أحاديث كثيرة جدًّا؛ في الصحيحين وغيرهما، بمعنى أنه فرغ من الصلاة وخرج منها؛ فإنه يصدق عليه تسليمة واحدة، قال ابن بطال في شرح صحيح البخاري على حديث أم سلمة رقم (837)، في باب التسليم: "وقال الأصيلي: حديث أم سلمة المذكور في هذا الباب يقتضي تسليمة واحدة، وكذلك حديث ابن بحينة، وحديث ذي اليدين؛ لأن قول أم سلمة: كان
الرسول صلى الله عليه وسلم إذا سلم، يقتضى ظاهره أن كل ما وقع عليه اسم السلام يتحلل به من الصلاة، قال المهلب: لما كان السلام تحليلًا من الصلاة، وعلمًا على فراغها دلت التسليمة الواحدة على ذلك، وإن كان في التسليمتين كمالًا".
وإن كان ابن رجب قد ذهب في شرح الحديث إلى خلاف ذلك؛ لأن لفظ حديث أم سلمة: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سلم قام النساء حين يقضي تسليمه، قال ابن رجب في الفتح (5/ 204): "فإن هذا الكلام يشعر بأنه كان يسلم تسليمتين، فإذا قضاهما قام النساء، فإنه لا يقال: قضى ذلك؛ بمعنى الفراغ منه إلا فيما له أجزاء متعددة تنقضي شيئًا فشيئًا
…
".
• قلت: فإن قيل في حديث عليٍّ وغيره: هذا قول مجمل يبينه فعله صلى الله عليه وسلم، والفعلُ المبيِّن له حكم القول المبيَّن، وقد داوم صلى الله عليه وسلم على التسليمتين، ولم يصح عنه حديث في التسليمة الواحدة، وما لم تذكره هنا، فمؤول؛ يعني: حديث عائشة: ويسلم تسليمة يسمعنا، فهي محمولة على الرواية الأخرى عند مسلم (746/ 139): ثم يسلم تسليمًا يسمعنا، وعلى فرض صحة الرواية الأولى، فمحمولة على أنه صلى الله عليه وسلم رفع صوته بالتسليمة الأولى فقط لكي يوقظ أهل البيت للصلاة، فإنه كان يقوم الليل منفردًا، وقد روي عنها أنها قالت: ثم يسلم تسليمة واحدة، السلام عليكم، يرفع بها صوته، حتى يوقظنا [عند أحمد (6/ 236)، وأبي داود (1347)]، وعلى هذا فلم يكن المراد بيان أنه لم ينصرف من الصلاة إلا بتسليمة واحدة، وإنما المراد بيان رفع صوته بالتسليم لكي يوقظها، والله أعلم.
قال ابن القيم في الزاد (1/ 259): "وأجود ما فيه حديث عائشة رضي الله عنها أنه صلى الله عليه وسلم كان يسلم تسليمة واحدة: السلام عليكم، يرفع بها صوته، حتى يوقظنا، وهو حديث معلول، وهو في السنن؛ لكنه كان في قيام الليل، والذين رووا عنه التسليمتين رووا ما شاهدوه في الفرض والنفل، على أن حديث عائشة ليس صريحًا في الاقتصار على التسليمة الواحدة، بل أخبرت أنه كان يسلم تسليمة واحدة يوقظهم بها، ولم تنف الأخرى، بل سكتت عنها، وليس سكوتها عنها مقدمًا على رواية من حفظها وضبطها، وهم أكثر عددًا، وأحاديثهم أصح، وكثير من أحاديثهم صحيح، والباقي حسان".
وقال ابن رجب في الفتح (5/ 210): "وقد حمله الإمام أحمد على أنه كان يجهر بالواحدة، ويسر الثانية".
وسوف يأتي تخريج حديث عائشة هذا في موضعه من السنن إن شاء الله تعالى برقم (1342 - 1349).
• إن قيل هذا؛ فيقال: قد صح عن ابن عمر وأنس وعائشة وسلمة بن الأكوع أنهم كانوا يسلمون تسليمة واحدة، ومثل هذا لا يكون إلا بتوقيف، ويستأنس في ذلك أيضًا بعمل أهل المدينة، وبما علقه ابن المنذر في الأوسط (3/ 223)، وابن حزم في المحلى (4/ 131): عن عمار بن أبي عمار قوله: "كان مسجد الأنصار يسلمون تسليمتين عن
أيمانهم وعن شمائلهم، وكان مسجد المهاجرين يسلمون تسليمة واحدة"، فوجب الكف حينئذ عن إبطال صلاة من سلم تسليمة واحدة، وأنها تجزئه، والله أعلم.
قال ابن حزم في المحلى (4/ 132): "وإنما لم نقل بوجوب التسليمتين جميعًا فرضًا، كما قال الحسن بن حي؛ فلأن الثانية إنما هي فعلُ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فليست أمرًا منه صلى الله عليه وسلم، وإنما يجب أمرُه لا فِعلُه".
وانظر أيضًا: الأم (1/ 122)، مسائل أحمد وابن راهويه للكوسج (233)، مسائل أحمد لأبي داود (507)، مختصر اختلاف العلماء (4/ 396)، شرح صحيح البخاري لابن بطال (2/ 452)، المحلى (3/ 274) و (4/ 130)، التمهيد (11/ 208)، المغني (1/ 323)، شرح النووي على مسلم (5/ 83)، المجموع شرح المهذب (3/ 437 و 445)، إعلام الموقعين (2/ 377)، زاد المعاد (1/ 258)، وغيرها كثير، والله أعلم.
***