المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌173 - باب التصفيق في الصلاة - فضل الرحيم الودود تخريج سنن أبي داود - جـ ١٠

[ياسر فتحي]

فهرس الكتاب

- ‌159 - باب الرخصة في ذلك للضرورة

- ‌160 - باب التخصُّر والإقعاء

- ‌161 - باب البكاء في الصلاة

- ‌162 - باب كراهية الوسوسة وحديث النفس في الصلاة

- ‌163 - باب الفتح على الإِمام في الصلاة

- ‌164 - باب النهي عن التلقين

- ‌165 - باب الالتفات في الصلاة

- ‌166 - باب السجود على الأنف

- ‌167 - باب النظر في الصلاة

- ‌168 - باب الرخصة في ذلك

- ‌169 - باب العمل في الصلاة

- ‌170 - باب ردِّ السلام في الصلاة

- ‌171 - باب تشميت العاطس في الصلاة

- ‌172 - باب التأمين وراء الإمام

- ‌173 - باب التصفيق في الصلاة

- ‌174 - باب الإشارة في الصلاة

- ‌175 - باب في مسح الحصى في الصلاة

- ‌176 - باب الرجل يصلي مختصرًا

- ‌177 - باب الرجل يعتمد في الصلاة على عصا

- ‌178 - باب النهي عن الكلام في الصلاة

- ‌179 - باب في صلاة القاعد

- ‌180 - باب كيف الجلوس في التشهد

- ‌181 - باب من ذكر التورُّك في الرابعة

- ‌182 - باب التشهد

- ‌183 - باب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بعد التشهد

- ‌(11/ 164).***184 -باب ما يقول بعد التشهد

- ‌185 - باب إخفاء التشهد

- ‌186 - باب الإشارة في التشهد

- ‌187 - باب كراهية الاعتماد على اليد في الصلاة

- ‌188 - باب في تخفيف القعود

- ‌189 - باب في السلام

الفصل: ‌173 - باب التصفيق في الصلاة

[وهو حديث باطل، تفرد به الحسن بن عمارة عن الزهري، والحسن: متروك الحديث، قال ابن عدي: "وهذا اللفظ في هذا الحديث غير محفوظ"].

وانظر أيضًا: نتائج الأفكار (2/ 34)، ولم أعمد إلى استيعاب ما في الباب لكثرته، والله أعلم.

‌173 - باب التصفيق في الصلاة

939 -

سفيان، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "التسبيحُ للرجال، والتصفيقُ للنساء".

• حديث متفق على صحته.

أخرجه البخاري (1203)، ومسلم (422/ 106)، وأبو عوانة (1/ 527/ 1973)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (2/ 48/ 946)، والنسائي في المجتبى (3/ 11/ 1207)، وفي الكبرى (1/ 288/ 539) و (2/ 40/ 1131)، وابن ماجه (1034)، والدارمي (1/ 365/ 1363)، وابن خزيمة (2/ 51/ 894)، وابن الجارود (210)، وأحمد (2/ 241)(3/ 1538 / 7405 - ط. المكنز)، والشافعي في السنن (132)، وفي المسند (49)، والحميدي (948)، وابن أبي شيبة (2/ 125/ 7253) و (7/ 300/ 36273)، وسعدان بن نصر المخرمي في جزئه (38)، والبزار (14/ 278/ 7871)، وأبو علي الطوسي في مختصر الأحكام (2/ 286/ 342)، وأبو العباس السراج في مسنده (692)، وفي حديثه بانتقاء الشحامي (755 و 756)، والطحاوي في شرح المعاني (1/ 447)، وفي المشكل (5/ 11/ 1758)، وفي أحكام القرآن (403)، والبيهقي في السنن (2/ 246)، وفي المعرفة (2/ 105/ 1015 و 1016)، وفي بيان خطأ من أخطأ على الشافعي (162 - 164)، وابن عبد البر في التمهيد (21/ 107)، والبغوي في شرح السُّنَّة (3/ 748/271)، وقال:"هذا حديث متفق على صحته".

رواه عن سفيان بن عيينة: علي بن المديني، وأحمد بن حنبل، والحميدي، والشافعي، وقتيبة بن سعيد، وأبو بكر بن أبي شيبة، وعمرو بن محمد الناقد، وزهير بن حرب، ومحمد بن المثنى، وهشام بن عمار، وعلي بن خشرم، وعبد الجبار بن العلاء، وسعيد بن عبد الرحمن المخزومي، وعبد الله بن محمد بن عبد الرحمن الزهري، ويحيى بن حسان، ومحمد بن عبد الله بن يزيد المقرئ، ويونس بن عبد الأعلى، ومحمد بن الصباح، وزياد بن أيوب، وسعدان بن نصر، وحامد بن يحيى البلخي [وهم واحد وعشرون رجلًا من الثقات، وفيهم أثبت أصحاب ابن عيينة من أئمة الحديث: الحميدي والشافعي وأحمد وابن المديني وابن أبي شيبة]، وتابعهم على ذلك بعض الضعفاء.

ص: 191

زاد محمد بن المثنى وغيره: في الصلاة.

• ورواه أحمد بن عبدة [ثقة]، وفهم بن عبد الرحمن البغدادي [شيخ للبزار، لم أر من ذكره بجرح أو تعديل. تاريخ بغداد (12/ 399)، إكمال ابن ماكولا (7/ 58)]، عن سفيان، عن الزهري، عن سعيد وأبي سلمة، عن أبي هريرة به مرفوعًا.

أخرجه البزار (14/ 132/ 7646 و 7647) و (14/ 277/ 7870).

ولا أُراه محفوظًا، بل المحفوظ عن ابن عيينة: ما رواه عنه جماعة الحفاظ: عن أبي سلمة وحده، ولم يقرنوا به سعيد بن المسيب.

• تابع ابن عيينة على هذا الحديث:

1 و 2 - يونس بن يزيد الأيلي، ومحمد بن أبي حفصة:

عن ابن شهاب: أخبرني سعيد بن المسيب، وأبو سلمة بن عبد الرحمن، أنهما سمعا أبا هريرة، يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "التسبيح للرجال، والتصفيق للنساء".

زاد حرملة في روايته عن ابن وهب عن يونس: قال ابن شهاب: وقد رأيت رجالًا من أهل العلم يسبِّحون ويشيرون.

أخرجه مسلم (422/ 106)، وأبو عوانة (1/ 528/ 1975)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (2/ 48/ 947)، والنسائي في المجتبى (3/ 11/ 1208)، وفي الكبرى (2/ 40/ 1132)، وأحمد (2/ 529)، والبزار (14/ 133/ 7648)، وأبو العباس السراج في مسنده (694)، وفي حديثه بانتقاء الشحامي (758)، والدارقطني في العلل (8/ 62/ 1415)، والبيهقي (2/ 246).

3 -

معمر بن راشد [ثقة، ثبت في الزهري]، عن الزهري، عن ابن المسيب [وأبي سلمة]، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "التسبيح للرجال، والتصفيق للنساء في الصلاة".

أخرجه عبد الرزاق (2/ 456/ 4068)، ومن طريقه: ابن حبان (6/ 41/ 2263)، وأبو العباس السراج في مسنده (693)، وفي حديثه بانتقاء الشحامي (757)، والدارقطني في العلل (8/ 62/ 1415)، والبيهقي (2/ 246).

وهذا حديث صحيح.

وقد اختلف الرواة فيه على عبد الرزاق، فمنهم من أفرد سعيد بن المسيب، ومنهم من أفرد أبا سلمة، ومنهم من قرن بينهما، ومنهم من ذكر زيادة "في الصلاة"، ومنهم من لم يذكرها، ومثل هذا الاختلاف لا يضر؛ فإن الحديث محفوظ من هذه الوجوه كلها.

4 -

عبد الرحمن بن نمر اليحصبي [ثقة]، قال: وسألت الزهري عن المصلي يؤمر للحاجة؟ فقال: أخبرني أبو سلمة بن عبد الرحمن؛ أنه سمع أبا هريرة، يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "التسبيح للرجال في الصلاة، والتصفيق للنساء".

أخرجه الطبراني في مسند الشاميين (4/ 118/ 2882).

ص: 192

وهو حديث صحيح.

5 -

سفيان بن حسين [ضعيف في الزهري خاصة، ثقة في غيره]، وبحر بن كنيز السقاء [متروك]:

عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [التسببح للرجال، والتصفيق للنساء في الصلاة".

أخرجه الدارقطني في العلل (8/ 61/ 1415)، والحاكم في المعرفة (201).

• وروي عن هشيم بن بشير عن الزهري به، واختلف عليه، ذكر الاختلاف عليه الدارقطني في العلل (8/ 60/ 1415)، وأسنده من أحد الطرق الواهية عنه، كما أن هشيمًا كان يدلس حديث الزهري أحيانًا عن سفيان بن حسين [انظر: الحلية (9/ 223)، الحديث المتقدم برقم (722)].

• وروي عن مالك، ولا يصح من حديثه، تفرد به عنه أحد الهلكى، وهو: عبد الله بن محمد بن ربيعة بن قدامة القدامي المصيصي، روى عن مالك أحاديث موضوعة [انظر: اللسان (4/ 557) وغيره].

أخرجه ابن عدي في الكامل (4/ 257)، والدارقطني في العلل (8/ 61/ 1415).

قال ابن عدي: "وهذه الأحاديث التي أمليتها عن مالك بن أنس [ليست] في الموطأ، ولا أعلم رواها عن مالك غير عبد الله بن محمد بن ربيعة هذا".

وقال ابن عبد البر في التمهيد (21/ 101): "وانفرد عبد الله بن محمد بن ربيعة القدامي، عن مالك، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "التسبيح للرجال والتصفيق للنساء"، ولم يتابع عليه".

وانظر في الأوهام أيضًا: تاريخ بغداد (14/ 27).

• وله طرق أخرى عن أبي هريرة، منها:

1 -

ما رواه الفضيل بن عياض، وعبد الله بن المبارك، وشعبة بن الحجاج، وأبو معاوية محمد بن خازم الضرير، وعيسى بن يونس، ويعلى بن عبيد، ومحمد بن عبيد، وجرير بن عبد الحميد، وعبيدة بن حميد، وغيرهم:

عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "التسبيح للرجال، والتصفيق للنساء".

أخرجه مسلم (422/ 107)، وأبو عوانة (1/ 528 / 1974)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (2/ 48/ 948)، والترمذي (369)، وقال:"حسن صحيح". والنسائي في المجتبى (3/ 11/ 1209)، وفي الكبرى (1/ 292/ 548) و (2/ 40/ 1133)، وأحمد (2/ 261 و 440 و 479)، والطيالسي (4/ 152/ 2521)، والبزار (16/ 97/ 9162)، وأبو العباس السراج في مسنده (696 - 698)، وفي حديثه بانتقاء الشحامي (760 و 761)، وابن المنذر في الأوسط (3/ 239/ 1576)، والطحاوي في شرح المعاني (1/ 448)، وفي

ص: 193

المشكل (5/ 12/ 1759)، وفي أحكام القرآن (404)، وابن عدي في الكامل (2/ 243) و (7/ 245)، وابن المقرئ في المعجم (350)، وأبو نعيم في الحلية (9/ 252)، وفي تاريخ أصبهان (1/ 112)، والبيهقي (2/ 247).

زاد في رواية الطيالسي عن شعبة: "في الصلاة".

• هكذا رواه هؤلاء عن الأعمش به مرفوعًا، وهو الصواب.

ورواه عبد الرزاق، عن سفيان الثوري، عن الأعمش به موقوفًا، وقصر فيه.

أخرجه عبد الرزاق (2/ 456/ 4070).

• وممن أغرب على الجماعة في متنه:

إبراهيم بن طهمان [ثقة يغرب]، فرواه عن سليمان الأعمش، عن ذكوان، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا استؤذن على الرجل وهو يصلي فإذنه التسبيح، وإذا استؤذن على المرأة وهي تصلي فإذنها التصفيق".

أخرجه أبو الشيخ في ذكر الأقران (35)، والبيهقي (2/ 247).

قال البيهقي في الخلافيات (2/ 151): "رواة هذا الحديث عن آخرهم ثقات".

قلت: هذا حديث غريب، والمحفوظ: ما رواه الجماعة عن الأعمش.

• وانظر في الغرائب أيضًا: الكامل لابن عدي (2/ 243)، المعجم لابن المقرئ (350)، أطراف الغرائب والأفراد (2/ 374/ 5763) و (2/ 386/ 5842).

• وانظر فيمن وهم فيه على عبيدة بن حميد عن الأعمش، فجعله من مسند ابن مسعود: أطراف الغرائب والأفراد (2/ 58/ 4015)، تاريخ بغداد (8/ 97).

وانظر في الأوهام أيضًا: علل الدارقطني (13/ 344/ 3223).

2 -

ورواه عبد الرزاق: أخبرنا معمر، عن همام، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم بمثله، وزاد:"في الصلاة".

ولفظه عند أحمد والسراج: "التسبيح للقوم، والتصفيق للنساء في الصلاة".

أخرجه عبد الرزاق (2/ 456/ 4069)، ومن طريقه: مسلم (422/ 107)، وأبو عوانة (1/ 528/ 1976)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (2/ 49/ 949)، وأحمد (2/ 317)، وأبو العباس السراج في مسنده (700)، وفي حديثه بانتقاء الشحامي (765)، والبيهقي (2/ 247).

وهو في صحيفة همام برقم (91).

3 -

ورواه عوف الأعرابي، وهشام بن حسان، وقتادة [وعنه: أبان بن يزيد العطار، وهو من ثقات أصحاب قتادة]، وأيوب السختياني [وعنه: معمر بن راشد، وفى تفرده عن أيوب غرابة]، وسليمان بن أبي سليمان القافلاني [متروك. اللسان (4/ 157)]:

عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"التسبيح للرجال، والتصفيق للنساء"، زاد هشام:"في الصلاة".

ص: 194

أخرجه النسائي في المجتبى (3/ 12/ 1210)، وفي الكبرى (2/ 40/ 1134)، وابن حبان (6/ 40/ 2262)، وأحمد (2/ 290 و 432 و 473 و 492 و 507)، وأبو بكر الباغندي في ستة مجالس من أماليه (42)، والبزار (17/ 220/ 9882) و (17/ 270/ 9966) و (17/ 302/ 10049)، وأبو يعلى (10/ 431/ 6042)، وأبو العباس السراج في مسنده (699 و 705)، وفي حديثه بانتقاء الشحامي (762 و 767 و 768)، والطحاوي (1/ 448)، وابن الأعرابي في المعجم (346)، والطبراني في الأوسط (2/ 62/ 1255)، وابن بشران في الأمالي (1204).

وهذا حديث صحيح، وهو ثابت من حديث ابن سيرين.

قال البزار في الموضع الثاني (9966) في طريق أبان عن قتادة: "وهذا الحديث لا نعلم رواه عن قتادة إلا أبان، ولا عن أبان إلا موسى"؛ يعني: أبا سلمة التبوذكي موسى بن إسماعيل، وهو: ثقة ثبت، يحتمل من مثله التفرد.

تنبيه: لفظه عند أبي يعلى منكر؛ فقد تفرد به عن هشام بن حسان: حرب بن ميمون الأصغر العبدي، صاحب الأغمية، وهو: ضعيف، له مناكير، وهذا منها [التهذيب (1/ 370)، الميزان (1/ 471)]، ولفظه:"إذا كان أحدكم في صلاته فعرضت له حاجة؛ فإن التسبيح للرجال، والتصفيق للنساء"، وقد رواه يزيد بن هارون [وهو: ثقة متقن]، وعبد الأعلى بن عبد الأعلى السامي [وهو: ثقة]، وغيرهما: عن هشام به بدون هذه الزيادة [عند أحمد (2/ 507)، والبزار (10049)، والطبراني في الأوسط (1255)].

وانظر أيضًا في الأوهام: علل الدارقطني (8/ 108/ 1433).

4 -

ورواه عوف الأعرابي، عن خلاس، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"التسبيح للرجال، والتصفيق للنساء".

أخرجه أحمد (2/ 493).

ورجاله ثقات، لكن فيه إرسال، وهو صالح في المتابعات.

خلاس: هو ابن عمرو الهجري: ثقة، وكان يرسل، من الثانية، سمع عمارًا وعائشة، وروى عن أبي هريرة، وعن علي صحيفة، وعن أبي رافع، وقال أحمد:"لم يسمع خلاس من أبي هريرة شيئًا"، وأما حديثه في البخاري عن أبي هريرة فمقرون بابن سيرين والحسن [صحيح البخاري (3404 و 4799) و (6669)، [التقريب (304)، التهذيب (1/ 558)، التاريخ الكبير (3/ 227)، تحفة التحصيل (96)].

5 -

هشيم بن بشير [ثقة ثبت]، عن الجريري، عن أبي نضرة، عن أبي هريرة، قال: صلى النبي صلى الله عليه وسلم بالناس ذات يوم، فلما قام ليكبر، قال:"إن أنساني الشيطان شيئًا من صلاتي؛ فالتسبيح للرجال، والتصفيق للنساء".

أخرجه ابن أبي شيبة (2/ 126/ 7254) و (7/ 300/ 36274).

قال الدارقطني في العلل (9/ 33/ 1627): "رواه هشيم عن سعيد الجريري عن أبي نضرة عن أبي هريرة.

ص: 195

وخالفه: الثوري وغيره، ورووه عن الجريري عن أبي نضرة عن الطفاوي عن أبي هريرة، وكذا قال عدي بن الفضل عن الجريري، وهو الصواب".

قلت: وهو كما قال؛ فقد زاد جماعة من الثقات ممن روى عن الجريري قبل الاختلاط، زادوا في الإسناد مبهمًا:

فقد رواه إسماعيل بن إبراهيم [ابن علية: ثقة ثبت، روى عن الجريري قبل اختلاطه]، وسفيان الثوري [ثقة حجة، إمام فقيه، روى عن الجريري قبل اختلاطه]، وبشر بن المفضل [ثقة ثبت، روى له الشيخان عن الجريري]، ويزيد بن زريع [ثقة ثبت، روى عن الجريري قبل اختلاطه]، وحماد بن سلمة [ثقة، روى عن الجريري قبل اختلاطه]، ويزيد بن هارون [ثقة متقن، روى عن الجريري بعد اختلاطه]، ومروان بن معاوية [ثقة حافظ]:

عن سعيد الجريري، عن أبي نضرة، عن رجل من الطفاوة، قال: نزلت على أبي هريرة، قال: ولم أدرك من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلًا أشدَّ تشميرًا، ولا أقومَ على ضيفٍ منه، فبينما أنا عنده، وهو على سرير له، وأسفل منه جارية له سوداء، ومعه كيس فيه حصى ونوى، يقول: سبحان الله سبحان الله، حتى إذا أنفد ما في الكيس ألقاه إليها، فجمعته فجعلته في الكيس، ثم دفعته إليه، فقال لي: ألا أحدثك عني، وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قلت: بلى، قال: فإني بينما أنا أوعك في مسجد المدينة إذ دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم المسجد، فقال:"من أحسَّ الفتى الدوسيَّ، من أحسَّ الفتى الدوسيَّ؟ "[وفي رواية: ثلاث مرات]، فقال له قائل: هو ذاك يوعك في جانب المسجد، حيث ترى يا رسول الله، فجاء فوضع يده عليَّ، وقال لي معروفًا، فقمتُ، فانطلق حتى قام في مقامه الذي يصلي فيه، [وفي رواية: فأقبل عليهم]، ومعه يومئذ صفان من رجال، وصفٌ من نساء -أو: صفان من نساء، وصفٌ من رجال-، فأقبل عليهم، فقال:"إن نسَّاني الشيطان شيئًا من صلاتي فليسبِّح القوم، وليصفِّق النساء"، فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم ينس من صلاته شيئًا، فلما سلم أقبل عليهم بوجهه، فقال:"مجالسَكم"، [وفي رواية:"مجالسَكم، مجالسَكم"، ثم حمد الله تعالى، وأثنى عليه، ثم قال:] "هل فيكم رجل إذا أتى أهلَه أغلق بابه وأرخى ستره، [وفي رواية: واستتر بستر الله]، ثم يخرج فيحدث فيقول: فعلت بأهلي كذا، وفعلت بأهلي كذا؟ "، فسكتوا، فأقبل على النساء، فقال:"هل منكن من تحدث؟ "، [وفي رواية: فسكتن]، فجثت فتاةٌ كعابٌ على إحدى ركبتيها، وتطاولت ليراها رسول الله صلى الله عليه وسلم ويسمع كلامها، فقالت: إي والله إنهم ليحدِّثون، وإنهن ليحدِّثن، قال:"هل تدرون ما مثل من فعل ذلك؟ إن مثل من فعل ذلك مثل شيطان وشيطانة لقي أحدهما صاحبه بالسكة، فقضى حاجته منها والناس ينظرون إليه"، ثم قال:"ألا لا يفضِينَّ رجلٌ إلى رجلٍ، ولا امرأةٌ إلى امرأةٍ إلا إلى ولد أو والد"، قال: وذكر ثالثة فنسيتها، "ألا إن طيب الرجل ما وجد [وفي رواية: ما ظهر] ريحه، ولم يظهر لونه، ألا إن طيب النساء ما ظهر لونه، ولم يوجد [وفي رواية:

ص: 196

ولم يظهر] ريحه". واللفظ لابن علية، ورواه الثوري مفرقًا مختصرًا، وروى يزيد بن هارون أول القصة دون المرفوع، ووقع في طريق هدبة بن خالد عن حماد بن سلمة اختصار للقصة في أولها فأخلَّ بالمعنى، وجعله من مسند الطفاوي، وقد أشار إلى ذلك ابن عساكر بقوله: "وقد سقط بعض الكلام"، وقد رواه جماعة عن حماد بن سلمة مستقيمًا كالجماعة.

أخرجه مطولًا، أو مختصرًا بأحد أطرافه: أبو داود (2174) مطولًا. و (4019) مختصرًا. والترمذي في الجامع (2787) و (2787 م)، وفي الشمائل (219 و 220)، والنسائي في المجتبى (8/ 151/ 5117 و 5118)، وفي الكبرى (8/ 345/ 9348 و 9349)، وابن حبان (12/ 395/ 5583)[وسقط من إسناده ذكر الطفاوي سهوًا أو خطأ][ثلاثتهم أخرجوه مختصرًا]، وأحمد (2/ 447 و 540)، واللفظ له في الموضع الثاني. وإسحاق بن راهويه (1/ 176/ 124)[وزيد في إسناده ما ليس منه]، وابن أبي شيبة (4/ 39/ 17560)(9/ 451 - 452/ 17850 - ط. عوامة) و (4/ 42/ 17594)(9/ 459 - 460/ 17884 - ط. عوامة)، وعبد بن حميد (1456)، وابن أبي خيثمة في التاريخ الكبير (1/ 493 / 2025 - السفر الثاني)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (5/ 224/ 2752)[وفي القصة اختصار مخل بالمعنى]، والبزار (17/ 61/ 9583)، وابن السني في عمل اليوم والليلة (615)، والخطابي في غريب الحديث (1/ 526)، وأبو نعيم في الحلية (1/ 375)[وفي القصة اختصار مخل بالمعنى]، والقضاعي في مسند الشهاب (271 و 272)، والبيهقي في السنن (7/ 98 و 194)، وفي الشعب (6/ 169/ 7809)، وفي الآداب (578)، والبغوي في شرح السُّنَّة (12/ 80/ 3162)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (67/ 326 - 328).

قال الترمذي: "هذا حديث حسن، إلا أن الطفاوي لا نعرفه إلا في هذا الحديث، ولا نعرف اسمه".

وقال البزار: "وهذا الحديث لا نعلمه يروى عن أبي هريرة رضي الله عنه بهذا التمام إلا بهذا الإسناد، وقد روي مواضع منه عن أبي هريرة رضي الله عنه، وعن غيره".

قلت: وهو كما قالا؛ فإن لأغلب أطرافه ما يشهد لصحتها [وليس هذا موضع استقصائها]، وحديث أبي هريرة بهذا السياق: ضعيف بهذا الإسناد؛ فإن الطفاوي هذا: شيخ لأبي نضرة، لم يسم، ولا يُعرف. [التهذيب (4/ 629)، التقريب (734)].

وأما موضع الشاهد منه: فهو منكر من حديث أبي هريرة، والمعروف عنه: ما رواه ثقات أصحاب أبي هريرة: أبو سلمة بن عبد الرحمن، وسعيد بن المسيب، وأبو صالح السمان، ومحمد بن سيرين، وهمام بن منبه، عن أبي هريرة مرفوعًا بلفظ:"التسبيح للرجال، والتصفيق للنساء".

6 -

ورواه ابن جريج، عن عطاء، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "التسبيح للرجال، والتصفيق للنساء".

أخرجه أحمد (2/ 376)، قال: حدثنا أبو سعد [هو: الصاغاني]، عن ابن جريج به.

ص: 197

قلت: رفعه منكر من حديث ابن جريج؛ تفرد به: محمد بن ميسر الجعفي، أبو سعد الصاغاني، بلخي، نزل بغداد، وهو: ضعيف، تركه بعضهم. [التهذيب (3/ 714)، الميزان (4/ 52)]، وقد خالف الثقات من أصحاب ابن جريج.

• فقد رواه عبد الرزاق بن همام [ثقة، من أثبت الناس في ابن جريج، وهو راويته]، وأبو عاصم النبيل الضحاك بن مخلد [ثقة ثبت، من أصحاب ابن جريج المكثرين عنه]:

فروياه عن ابن جريج، عن عطاء، عن أبي هريرة به موقوفًا عليه قوله، وفي رواية عبد الرزاق زيادة.

أخرجه عبد الرزاق (2/ 456/ 4067)، والبزار (16/ 196/ 9324)، وأبو القاسم الحامض في المنتقى من الجزء الثالث من حديثه (36).

وهذا موقوف على أبي هريرة بإسناد صحيح، ووقفه هنا لا يُعارض رفعه، فقد رواه جماعة من ثقات أصحاب أبي هريرة مرفوعًا، كما تقدم بيانه.

• ورواه عبد الكريم بن أبي المخارق، عن عطاء بن أبي رباح، عن أبي هريرة، قال: جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم الإذن في الصلاة: التسبيح للرجال، والتصفيق للنساء.

أخرجه الطبراني في الأوسط (4/ 138/ 3811).

وهذا حديث منكر؛ عبد الكريم بن أبي المخارق، أبو أمية البصري: مجمع على ضعفه، وقال النسائي والدارقطني: متروك، وقال أحمد في رواية ابنه عبد الله:"ضعيف"، وفي رواية أبي طالب:"ليس هو بشيء، شبه المتروك". [التهذيب (2/ 603)، الميزان (2/ 646)، الجرح والتعديل (6/ 60)]، وقد خالف فيه ابن جريج المكي، وهو: أثبت الناس في عطاء بن أبي رباح.

• وروي من حديث إسماعيل بن أمية، في عطاء بن أبي رباح، عن أبي هريرة، أنه قال: رُخِّص للرجال في التسبيح في الصلاة، ورُخِّص للنساء في التصفيق في الصلاة، ويأتي ذكره في الشواهد، في حديث ابن عمر، تحت الحديث رقم (941)، وفي الإسناد إليه جهالة، وعليه: فالمحفوظ رواية الثقات عن ابن جريج موقوفًا، والله أعلم.

7 -

وروى شبابة بن سوار [ثقة حافظ]، عن المغيرة بن مسلم، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، قال: ذهب رسول الله صلى الله عليه وسلم في حاجة، فأقام بلال الصلاة، فتقدَّم أبو بكر، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر في الصلاة، فأرادوا أن يؤذنوه وصفقوا، فسمعهم [وفي رواية السراج: فمنعهم، رسول الله صلى الله عليه وسلم، وصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم خلفه، فلما انفتل قال:"التسبيح للرجال، والتصفيق للنساء"، زاد في رواية السراج: "في الصلاة،.

أخرجه الترمذي في العلل (122)، وأبو العباس السراج في مسنده (704)، وفي حديثه بانتقاء الشحامي (766).

قال الترمذي: "سألت محمدًا؛ [يعني: البخاري، عن هذا الحديث؟ فلم يعرف هذا الحديث، وجعل يستحسنه، قال: والمشهور: عن أبي حازم عن سهل".

ص: 198

قلت: قد دخل لبعضهم حديث أبي هريرة في حديث سهل، فلفَّق من قصة حديث سهل بن سعد، ومن حديث أبي هريرة هذا الحديث، ولعله وقع ذلك من المغيرة بن مسلم القسملي، فقد تكلم ابن معين والنسائي في حديثه عن أبي الزبير [شرح علل الترمذي (2/ 794)]، والله أعلم.

والبرهان على ذلك: أن وهب بن بقية [ثقة]، قد رواه عن خالد بن عبد الله الواسطي [ثقة ثبت]، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"التسبيح للرجال، والتصفيق للنساء". لم يزد على ذلك شيئًا.

أخرجه أبو يعلى (10/ 364/ 5955).

وهذا حديث صحيح.

8 -

ورواه محمد بن إسحاق [مدني صدوق]، وابن لهيعة [مصري ضعيف]:

عن عبد الرحمن الأعرج، عن أبي هريرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:. . . فذكره.

أخرجه ابن وهب في الجامع (441)، وابن عدي في الكامل (6/ 108)، وأبو الشيخ في ذكر الأقران (297).

قلت: هو غريب جدًّا من حديث الأعرج، ابن لهيعة: ضعيف، ولم يروه عن ابن إسحاق غير شعبة، وتفرد به عن شعبة دون أصحابه على كثرتهم: يحيى بن كثير بن درهم العنبري البصري، وهو: صالح الحديث، وله عن شعبة غرائب [التهذيب (4/ 382)]، حتى قال ابن صاعد في إسناد ابن إسحاق:"وهذا غريب من حديث شعبة"[الكامل].

• وانظر طرقًا أخرى مرسلة، أو موقوفة على أبي هريرة، أو فيها ضعف، عند: أحمد (2/ 290 و 432 و 473 و 492)، وعبد الرزاق (2/ 456/ 4067) و (2/ 458/ 4073).

***

940 -

مالك، عن أبي حازم بن دينار، عن سهل بن سعد، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذهب إلى بني عمرو بن عوف ليُصلِحَ بينهم، وحانتِ الصلاةُ، فجاء المؤذن إلى أبي بكر رضي الله عنه، فقال: أتصلي بالناس فأقيمَ؟ قال: نعم، فصلى أبو بكر، فجاء رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، والناسُ في الصلاة، فتخلَّص حتى وقف في الصفِّ، فصفق الناس، وكان أبو بكر لا يلتفت في الصلاة، فلما أكثر الناس التصفيقَ التفتَ، فرأى رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، فأشار إليه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أنِ: امكث مكانك، فرفع أبو بكر يديه، فحمد الله على ما أمره به رسولُ الله صلى الله عليه وسلم من ذلك، ثم استأخر أبو بكر حتى استوى في الصفِّ، وتقدَّم رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، فلما انصرف، قال:"يا أبا بكر ما منعك أن تثبُتَ إذْ أمرتُك"، قال أبو بكر: ما كان لابن أبي قحافة أن يصلي بين يدي

ص: 199

رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"ما لي رأيتكم أكثرتم من التصفيح؟ من نابه شيءٌ في صلاته فليُسبِّح، فإنه إذا سبَّح التُفِتَ إليه، وإنما التصفيحُ للنساء".

قال أيو داود: وهذا في الفريضة.

• حديث متفق على صحته.

أخرجه مالك في الموطأ (1/ 231/ 451).

ومن طريقه: البخاري (684)، ومسلم (421/ 102)، وأبو عوانة (1/ 545/ 2034)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (2/ 45/ 941)، وأبو داود (940)، وابن خزيمة (3/ 58/ 1623)، وابن حبان (6/ 35/ 2260)، وأحمد (5/ 337)، والشافعي في الأم (1/ 156 و 175)، وفي السنن (133)، وفي المسند (49 و 54)، وابن المنذر في الأوسط (4/ 209/ 2047)، والطحاوي في المشكل (5/ 9/ 1755) و (14/ 325/ 5651)، والطبراني في الكبير (6/ 139/ 5771)، والجوهري في مسند الموطأ (415)، وابن حزم في المحلى (3/ 76)، والبيهقي في السنن (2/ 245 و 348) و (3/ 122)، وفي المعرفة (2/ 104/ 1012 و 1013) و (2/ 389/ 1520)، والبغوي في شرح السُّنَّة (3/ 272/ 749)، وقال:"هذا حديث متفق على صحته".

وقع في رواية عبد الله بن يوسف التنيسي [عند البخاري] في آخره: "ما لي رأيتكم أكثرتم التصفيق؟ من رابه شيءٌ في صلاته فليُسبِّح، فإنه إذا سبَّح التُفِتَ إليه، وإنما التصفيق للنساء".

***

941 -

. . . حماد بن زيد، عن أبي حازم، عن سهل بن سعد، قال: كان قتالٌ بين بني عمرو بن عوف، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم، فأتاهم ليُصلِحَ بينهم بعد الظهر، فقال لبلال:"إن حضرتْ صلاةُ العصر ولم آتِكَ، فَمُرْ أبا بكر، فلْيُصَلِّ بالناس"، فلما حضرتِ العصر أذَّن بلالٌ، ثم أقام، ثم أمر أبا بكر فتقدَّم، قال في آخره:"إذا نابكم شيءٌ في الصلاة فليُسبِّحِ الرجالُ، وليُصفحِ النساء".

• حديث صحيح.

أخرجه البخاري (7190)، والنسائي في المجتبى (2/ 82/ 793)، وفي الكبرى (1/ 424/ 870)، والدارمي (1/ 365/ 4 136)، وابن خزيمة (2/ 32 - 33/ 853) و (3/ 11/ 1517) و (3/ 58/ 1623)، وابن حبان (6/ 39/ 2261)، وأحمد (5/ 332)، ويعقوب بن سفيان في المعرفة والتاريخ (1/ 242)، وأبو يعلى (13/ 519/ 7524)، وابن المنذر في الأوسط (3/ 232/ 1571)، والآجري في الشريعة (4/ 1838/ 1300)، والطبراني في

ص: 200

الكبير (6/ 130/ 5739) و (6/ 182/ 5932)، وابن أخي ميمي الدقاق في فوائده (573)، وأبو نعيم في الحلية (3/ 250)، وابن حزم في المحلى (4/ 77)، والبيهقي (3/ 123)، وابن عبد البر في التمهيد (21/ 102 و 106).

رواه عن حماد بن زيد: عمرو بن عون [واللفظ له]، وأبو النعمان محمد بن الفضل السدوسي لقبه عارم، وعفان بن مسلم، وسليمان بن حرب، وأحمد بن عبدة، ويحيى بن حسان، وخلف بن هشام، ويونس بن محمد المؤدب، وإسحاق بن أبي إسرائيل.

ولفظ عارم أبي النعمان [عند البخاري]: كان قتالٌ بين بني عمرو، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم، فصلى الظهر، ثم أتاهم يصلح بينهم [زاد عارم في رواية الطبراني (5932): فقال: "يا بلال! إن حضرتِ العصرُ ولم آتِكَ، فَمُرْ أبا بكر، فلْيُصَلِّ بالناس"]، فلما حضرت صلاة العصر، فأذن بلال وأقام، وأمر أبا بكر فتقدَّم، وجاء النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر في الصلاة، فشقَّ الناس حتى قام خلف أبي بكر، فتقدَّم في الصف الذي يليه، قال: وصفَّح القومُ، وكان أبو بكر إذا دخل في الصلاة لم يلتفت حتى يفرُغ، فلما رأى التصفيح لا يمسَكُ عليه التفت، فرأى النبي صلى الله عليه وسلم خلفه، فأومأ إليه النبي صلى الله عليه وسلم بيده أنِ: امضه، وأومأ بيده هكذا، ولبث أبو بكر هُنيَّةٌ يحمد الله على قول النبي صلى الله عليه وسلم، ثم مشى القهقرى، فلما رأى النبيُّ صلى الله عليه وسلم ذلك تقدَّم، فصلى النبيُّ صلى الله عليه وسلم بالناس، فلما قضى صلاته، قال:"يا أبا بكر ما منعك إذ أومأت إليك أن لا تكون مضيتَ؟ " قال: لم يكن لابن أبي قحافة أن يؤمَّ النبي صلى الله عليه وسلم، وقال للقوم:"إذا نابكم أمرٌ، فليسبِّح الرجالُ، وليصفِّح النساءُ".

ولم ينفرد عمرو بن عون وعارم بهذه الجملة: "إن حضرتْ صلاةُ العصر ولم آتِكَ، فَمُرْ أبا بكر، فلْيُصَلِّ بالناس"، فقد تابعهما عليها أيضًا: عفان بن مسلم، وأحمد بن عبدة، وخلف بن هشام البزار.

• وله طرق أخرى كثيرة عن أبي حازم، فقد رواه أيضًا:

3 -

12 - عبيد الله بن عمر العمري، ويعقوب بن عبد الرحمن القاري المدني، وأبو غسان محمد بن مطرف المدني، وعبد العزيز بن أبي حازم، وعبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة الماجشون، ووهيب بن خالد، ومحمد بن عجلان، وسفيان بن عيينة، وحماد بن سلمة، ومعمر بن راشد [وهم ثقات، وألفاظهم متقاربة، واللفظ لعبد العزيز بن أبي حازم عند البخاري (1218)]:

عن أبي حازم، عن سهل بن سعد رضي الله عنه، قال: بلغ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم أن بني عمرو بن عوف بقُباء كان بينهم شيء، فخرج يصلح بينهم في أناس من أصحابه، فحُبِس رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وحانتِ الصلاة، فجاء بلالٌ إلى أبي بكر رضي الله عنهما، فقال: يا أبا بكر، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد حُبِس، وقد حانتِ الصلاة، فهل لك أن تؤمَّ الناس؟ قال: نعم إن شئت، فأقام بلالٌ الصلاةَ، وتقدم أبو بكر رضي الله عنه، فكبر للناس، وجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم يمشي في الصفوف يشقُّها شقًا، حتى قام في الصف، فأخذ الناس في التصفيح -قال سهل: التصفيح هو التصفيق-،

ص: 201

قال: وكان أبو بكر رضي الله عنه لا يلتفت في صلاته، فلما أكثر الناس التفت فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأشار إليه يأمره: أن يصلي، فرفع أبو بكر صلى الله عليه وسلم يده فحمد الله، ثم رجع القهقرى وراءه حتى قام في الصف، وتقدَّم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فصلى للناس، فلما فرغ أقبل على الناس، فقال:"يا أيها الناس! ما لكم حين نابكم شيءٌ في الصلاة أخذتم بالتصفيح؟ إنما التصفيح للنساء، من نابه شيءٌ في صلاته فليقل: سبحان الله"، ثم التفت إلى أبي بكر صلى الله عليه وسلم فقال:"يا أبا بكر! ما منعك أن تصلي للناس حين أشرت إليك؟ " قال أبو بكر: ما كان ينبغي لابن أبي قحافة أن يصلي بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وفي رواية أبي غسان ويعقوب بن عبد الرحمن [عند البخاري (1234 و 2690)]:. . . "يا أيها الناس! [ما لكم] إذا نابكم شيء في صلاتكم أخذتم بالتصفيح! إنما التصفيح للنساء، من نابه شيء في صلاته فلبقل: سبحان الله، فإنه لا يسمعه أحدٌ [حين يقول: سبحان الله] إلا التفت، يا أبا بكر! ما منعك حين أشرت إليك لم تُصلِّ بالناس".

ولفظ حديث الماجشون [عند أبي القاسم البغوي]: أخبرني أبو حازم، عن سهل بن سعد الساعدي ثم الأنصاري، قال: أُتيَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم فقيل له: إن بني عمرو بن عوف قد تقاتلوا، وتراموا بالحجارة، قال: فذهب رسول الله صلى الله عليه وسلم ليصلح بينهم، قال: وحضرت الصلاة، فجاء بلال إلى أبي بكر، فقال: أتصلي بالناس حتى أقيم الصلاة؟ قال: نعم، فأقام الصلاة، فتقدَّم أبو بكر، قال: فبينا الناس في صفوفهم، إذ جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعل يتخلل الصفوف، قال: وفطِن الناسُ فجعلوا يصفِّحون؛ يعني: التصفيق، يؤذنون أبا بكر رضي الله عنه، وكان أبو بكر لا يلتفت في الصلاة، قال: فلما انتهى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الصف الأول، قال: فقال أبو بكر رضي الله عنه هكذا، فالتفت فرأى رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، فأشار إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم أنِ: اثبت، فرفع أبو بكر يديه كأنه يدعو، ثم استأخر القهقرى، ثم تقدَّم رسولُ الله صلى الله عليه وسلم فصلى بالناس، فلما فرغ قال:"يا أبا بكر، ما منعك أن تثبت؟ " قال: لم يكن ينبغي لابن أبي قحافة أن يؤمَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال:"فلم رفعت يديك؟ "، قال: حمدت الله عز وجل على ما رأيتُ منك، ثم أقبل على الناس، فقال:"ما بالكم إذا نابكم شيء في صلاتكم، تجعلون تصفِّحون؟ إذا ناب أحدَكم شيءٌ في صلاة، فإن التسبيح للرجال، والتصفيح للنساء"؛ يعني: التصفيق.

وقال معمر في حديثه: عن أبي حازم، قال: كنت عند سهل بن سعد الساعدي، إذ قيل له: كان بين بني عمرو بن عوف وأهل قُبا شيء؟ فقال: قديمًا كان ذلك، كنا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ جيء، فقيل له: كان بين أهل قبا شيء، فانطلق النبي صلى الله عليه وسلم إليهم ليصلح بينهم،. . . فذكر الحديث، وقال في آخره: ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم: "ما شأن التصفيق في الصلاة؟ إنما التسبيح للرجال والتصفيق للنساء".

وفي آخر حديث ابن عيينة: "با أبها الناس! ما لكم حين نابكم في صلاتكم شيءٌ أخذتم في التصفيح، إنما التصفيح للنساء، والتسبيح للرجال، من نابه شيءٌ في صلاته

ص: 202

فليقل: سبحان الله، [عند الحميدي والشافعي وغيرهما مطولًا]، وفي روايه له مختصرة:"من نابه شيء في صلاته فليقل: سبحان الله، إنما التصفيح للنساء، والتسبيح للرجال"[عند أحمد (5/ 330)].

وفي آخر حديث حماد بن سلمة: "ما لكم إذا نابكم أمرٌ صفَّحتم، سبَّحوا؛ فإن التصفيح للنساء"[عند: أحمد (5/ 336)، والطبراني في الكبير (5930)].

أخرجه البخاري (1201 و 1218 و 1234 و 2690)، ومسلم (421/ 103 و 104)، وأبو عوانة (1/ 544/ 2033) و (1/ 545/ 2035 - 2038)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (2/ 46/ 942 و 943)، والنسائي في المجتبى (2/ 77 - 78/ 784) و (3/ 3/ 1183) و (8/ 243/ 5413)، وفي الكبرى (1/ 284/ 529) و (1/ 420/ 861) و (2/ 32/ 1107) و (5/ 415/ 5930)، وابن ماجه (1035)، والدارمي (1/ 365/ 1365)، وابن خزيمة (853 و 854 و 1574 و 1623)، وابن الجارود (211 و 311)، وأحمد (5/ 330 و 332 و 336 و 338)، وابنه عبد الله في فضائل الصحابة (22 و 229)، والشافعي في السنن (134)، وعبد الرزاق (2/ 457/ 4072)، والحميدي (927)، وعبد بن حميد (450)، وسعدان بن نصر المخرمي في جزئه (37)، وأبو يعلى (13/ 503/ 7513) و (13/ 905/ 7517)، والروياني (1032)، وأبو العباس السراج في مسنده (695 و 703 و 706)، وفي حديثه بانتقاء الشحامي (759 و 769 و 770 و 1072 - 1077)، وأبو القاسم البغوي في مسند ابن الجعد (2901)، والطحاوي في شرح المعاني (1/ 447)، وفي المشكل (/ 5/ 8 1754) و (14/ 323/ 5650) و (14/ 327/ 5652)، وفي أحكام القرآن (402)، والآجري في الشريعة (4/ 1837/ 1299)، والطبراني في الكبير (6/ 130/ 5739 و 5742) و (6/ 168/ 5882) و (6/ 9/ 590174) و (6/ 176/ 5914) و (6/ 180/ 5926) و (6/ 181/ 5930) و (6/ 199/ 5994)، وابن جميع الصيداوي في المعجم (212)، وابن بشران في الثاني من فوائده (719 - فوائد ابن منده)، وأبو نعيم في الحلية (3/ 250)، وقال:"حديث صحيح، متفق عليه من حديث أبي حازم". والقضاعي في مسند الشهاب (291 و 1174)، والبيهقي في السنن (2/ 246) و (3/ 112)، وفي المعرفة (2/ 105/ 1014)، وابن عبد البر في التمهيد (21/ 107).

قال ابن خزيمة: "التصفيق والتصفيح واحد".

وقال أبو نعيم بعد أن ذكر بعض أسماء من روى هذا الحديث عن أبي حازم عند الشيخين، قال: "وممن روى هذا الحديث عن أبي حازم ممن لم يذكراه: معمر، وأبو غسان محمد بن مطرف، وعبد العزيز بن الماجشون، ومحمد بن عجلان، وهشام بن سعد، وعبد الرحمن بن إسحاق، وسفيان بن عيينة، والحمادان، وسعيد بن عبد الرحمن الجمحي، وعبد الحميد بن سليمان أخو فليح، وعبد العزيز بن أبي حازم، ويعقوب بن الوليد، ومحمد بن عبد الرحمن بن أبي مليكة، وعمر بن علي المقدمي، وموسى بن محمد

ص: 203

الأنصاري، وجرير بن حازم، وخارجة بن مصعب، في آخرين، منهم من ساقه مطولًا، ومنهم من رواه مختصرًا، فقال:"التسبيح للرجال، والتصفيق للنساء".

قلت: قد رواه الشيخان أيضًا من طريق: عبد العزيز بن أبي حازم، وانفرد البخاري بروايته من طريق: أبي غسان محمد بن مطرف، وحماد بن زيد.

13 -

سفيان الثوري، عن أبي حازم، عن سهل بن سعد، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "التسبيح في الصلاة للرجال، والتصفيق للنساء"، لفظه عند أحمد، ولفظه عند البخاري:"التسبيح للرجال، والتصفيح للنساء"، وزاد في رواية الطحاوي في أوله:"من نابه في صلات شيءٌ فليُسبِّحْ؛ فإن. . .". هكذا مختصرًا بدون القصة.

أخرجه البخاري (1204)، وأحمد (5/ 335 - 336)، والطحاوي في شرح المعاني (1/ 447)، وفي المشكل (5/ 9/ 1756)، والطبراني في الكبير (6/ 192/ 5966).

• وتابعه على اللفظ الأخير مختصرًا: يعقوب بن الوليد المدني [كذبه أحمد وابن معين وأبو حاتم وغيرهم. التهذيب (4/ 448)]، عن أبي حازم به.

أخرجه الطبراني في الكبير (6/ 5857/161).

14 -

محمد بن جعفر، عن أبي حازم، عن سهل بن سعد رضي الله عنه؛ أن أهل قباء اقتتلوا حتى تراموا بالحجارة، فأُخبِر رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بذلك، فقال:"اذهبوا بنا نصلح بينهم".

أخرجه البخاري (2693)، وأبو نعيم الحداد في جامع الصحيحين (4/ 302/ 3478).

وهذه اللفظة لم ينفرد بها: محمد بن جعفر بن أبي كئير، وهو: مدني ثقة، فقد تابعه عليها مدني آخر: سعيد بن عبد الرحمن الجمحي.

15 -

سعيد بن عبد الرحمن الجمحي [المدني، قاضي بغداد: ليس به بأس، تكلم ابن حبان والساجي في روايته عن عبيد الله بن عمر وهشام بن عروة وسهيل بن أبي صالح، وروى له مسلم مقرونًا (381)، التهذيب (2/ 30)، الميزان (2/ 148)]، عن أبي حازم، عن سهل بن سعد؛ أن بني عمرو بن عوف كانت بينهم منازعة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لبعض أصحابه:"اذهبوا بنا لنصلح بينهم"، فخرج وخرج معه من أصحابه، فحضرتِ الصلاةُ، فقام بلالٌ فأذَّن، ثم دنا من أبي بكر فقال: ألا أقيم الصلاة فتصلي بالناس، حينما حُبِس رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: بلى، فأقام، فتقدَّم أبو بكر فكبر بالناس، فطلع رسول الله صلى الله عليه وسلم من مؤَخَّر المسجد، فجعل يجول على الصفوف جولًا، عامدًا نحو القبلة، فلما رآه المسلمون صفقوا بأبي بكر، فمضى رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى انتهى إلى أول صفٍّ، فلما أكثروا التصفيق التفت أبو بكر، فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم فكرَّ راجعًا، فرده رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى القبلة، ورفع يديه فحمد الله، ثم كرَّ كرةً غيرَ مكذَّبةٍ حتى ولج في الصف، فتقدَّم رسولُ الله صلى الله عليه وسلم فصلى بالناس، حتى فرغ من صلاته، ثم أقبل على الناس فقال:"أيها الناس من نابه شيء في صلاته فليقل: سبحان الله، فإن التسببح للرجال، وإن التصفيح للنساء"؛ يعني: التصفيق، ثم

ص: 204

أقبل على أبي بكر فقال: "ما منعك أن تثبت حين أمرتك؟ " قال: ما كان ينبغي لابن أبي قحافة أن يؤم رسول الله صلى الله عليه وسلم.

أخرجه الدارمي (1/ 365/ 1365)، وأبو يعلى (13/ 540/ 7545)، واللفظ له.

والطبراني في الكبير (6/ 153/ 5824).

هكذا رواه سعيد بن عبد الرحمن، فتابع الجماعة في روايته، غير أنه شذ عنهم بقوله: فكرَّ راجعًا، فرده رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى القبلة، وإنما قال من رواه عن أبي حازم: التفتَ فرأى رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، فأشار إليه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أنِ: امكث مكانك، وفي رواية: فرأى النبيَّ صلى الله عليه وسلم خلفه، فأومأ إليه النبيُّ صلى الله عليه وسلم بيده أنِ: امضه، وفي ثالثة: فأشار إليه يأمره: أن يصلي، وفي رابعة: فالتفت فرأى رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، فأشار إليه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أنِ: اثبت، فليس في روايتهم أن أبا بكر رجع في المرة الأولى إلى الصف، ولا أن النبي صلى الله عليه وسلم رده إلى القبلة، وإنما اتفقوا على أن أبا بكر لما رأى النبيَّ صلى الله عليه وسلم أشار إليه النبيُّ صلى الله عليه وسلم بأن يستمر في مكانه، ويمضي في إمامته، فعندئذ حمد الله تعالى على هذه المنزلة، ثم رجع القهقرى، وتقدَّم النبيُّ صلى الله عليه وسلم فصلى بالناس، فرجوع أبي بكر كان مرة واحدة فقط، والله أعلم.

16 -

19 - عبد الحميد بن جعفر المدني، وعبد العزيز بن محمد الدراوردي، وعبد الرحمن بن إسحاق المدني [وهم صدوقون]، وخارجة بن مصعب [متروك]:

عن أبي حازم، عن سهل بن سعد، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"التسبيح للرجال، والتصفيق للنساء"، ولم أقف على لفظ الدراوردي، ولكن الدارمي قرنه برواية ابن أبي حازم وابن عيينة وسعيد بن عبد الرحمن الجمحي، وأحال لفظ حديثهم على حديث حماد بن زيد مختصرًا بموضع الشاهد.

أخرجه الدارمي (1/ 365/ 1365)، وابن أبي شيبة في المصنف (2/ 126/ 7255) و (7/ 300/ 36275)، وفي المسند (89)[وفي سنده زيادة، وهي خطأ]، والطبراني في الكبير (6/ 138/ 5765) و (6/ 202/ 6008)، وابن عدي في الكامل (4/ 303).

20 -

المسعودي، عن أبي حازم، عن سهل بن سعد، قال: كان بين ناس من الأنصار شيء،. . . فذكر الحديث مطولًا بنحو رواية الجماعة.

أخرجه أحمد (5/ 331)، والطحاوي (1/ 447)، والطبراني في الكبير (6/ 193 و 194/ 5976 و 5978).

قلت: عبد الرحمن بن عبد الله بن عتبة المسعودي: ثقة، اختلط قبل موته، وقد رواه عنه: يزيد بن هارون، وعبد الله بن يزيد المقرئ، وأسد بن موسى، وأبو المنذر إسماعيل بن عمر، وهم: ثقات، ولم أجد من نص على سماع أحد منهم من المسعودي قبل الاختلاط؛ إلا أن روايته محفوظة، موافقة لرواية الجماعة [انظر: التهذيب (2/ 523)، شرح العلل (2/ 747)، التقييد والإيضاح (430)، الكواكب النيرات (35)، تاريخ بغداد (10/ 218)].

21 -

عمر بن علي المقدمي [ثقة، وقد وُصف بتدليس القطع]، قال: سمعت

ص: 205

أبا حازم، يحدث عن سهل بن سعد رضي الله عنه، قال: كان بين حَيَّيْنِ من الأنصار من بني عمرو بن عوف كلامٌ، حتى تقاذفوا بالحجارة، فجاء الصَّرِيخُ إلى النبي صلى الله عليه وسلم،. . . فذكر الحديث.

أخرجه الحاكم (3/ 77)، والطبراني في الكبير (6/ 189/ 5958).

قال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه هكذا، إنما اتفقا على ذلك في مرض النبي صلى الله عليه وسلم الذي مات فيه".

قلت: وليس كما قال؛ فقد أخرجه الشيخان من وجوه عن أبي حازم، كما تقدم ذكره، وقد وهم فيه المقدَّمي حيث قال: فجاء الصريخ إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقد أذَّن بلالٌ بصلاة الظهر، فانطلق النبي صلى الله عليه وسلم ليصلح بينهما، والثابت من حديث حماد بن زيد أنه إنما ذهب ليصلح بينهم بعدما صلى الظهر، ثم أدرك أبا بكر بعد ذلك في صلاة العصر، وقد خرجه البخاري في صحيحه (7190).

قال ابن عبد البر في التمهيد (21/ 101): "كذلك ذكر جمهور الرواة لهذا الحديث عن أبي حازم في الصلاة أنها العصر، والمؤذن أنه بلال".

ووهم المقدمي أيضًا -أو أحد الرواة عنه- في قوله: فأتاهم النبي صلى الله عليه وسلم، فقال:"يا أبا بكر! إنْ أُقيمتِ الصلاةُ فتقدَّم فصلِّ بالناس"، فقال: نعم، وقد روي عن المقدمي أيضًا خلافُ ذلك، فقال فسيه: فأتى بلالٌ أبا بكر، فقال: أتصلي حتى أُقيم؟ قال: نعم، وهذه الرواية هي الموافقة لحديث الجماعة، وقد ثبت من حديث حماد بن زيد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لبلال:"إن حضرتْ صلاةُ العصر ولم آتِكَ، فَمُرْ أبا بكر، فلْبُصَلِّ بالناس"، وبقية حديثه كالجماعة، ولعل المقدمي أُتي فيه من قِبَل التدليس، والله أعلم.

22 -

هشام بن سعد [مدني، صدوق، لم يكن بالحافظ، يهم ويخطئ]، عن أبي حازم، عن سهل بن سعد الساعدي، قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بني عمرو بن عوف ليصلح بينهم في شيء اختلفوا فيه، فلم يأت رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أقيمت صلاة الظهر، وتقدَّم أبو بكر ليصلي بالناس وكبر، ثم دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فرآه الناس، فجعلوا يصفقون لأبي بكر، ليفطن بدخول رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان أبو بكر رضي الله عنه لا يلتفت في صلاته، فلما سمع بفرج الصفوف خلفه عرف أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جاء، فاستأخر إلى الصف، فوضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده بين كتفي أبي بكر حتى قدَّمه إلى مقامه، فثبت أبو بكر قليلًا، ثم حمل حملةً واحدةً القهقرى، ودخل في الصف، فلما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك تقدَّم رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى لهم حتى قضى الصلاة، ثم سلم فأقبل على أبي بكر، فقال:"ما حملك يا أبا بكر على ما صنعتَ، ألا ثبَتَّ حين قدَّمتُك؟ "، قال: قد أردت ذلك، ثم إنه لم أر أنه ينبغي لابن أبي قحافة أن يتقدَّم أمام رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم أقبل على الناس فقال:"إذا نابتكم نائبة فعليكم بالتسبيح، فإن التسبيح للرجال، والتصفيق للنساء".

أخرجه الطبراني في الكبير (6/ 5749/132)[وسقط من المطبوعة ذكر هشام بن سعد بين الليث بن سعد وأبي حازم].

ص: 206

قلت: قد وهم هشام بن سعد في موضعين، ولم يكن هشام بالحافظ، وقد لينه جماعة: الموضع الأول: في تعيين الصلاة بأنها الظهر، والمحفوظ أنها العصر، كما في صحيح البخاري (7190)، وقد سبق بيانه في الطريق السابق برقم (21).

الثاني: في استئخار أبي بكر مرتين، بأن رده النبي صلى الله عليه وسلم في الأولى إلى مقامه، وفي الثانية تقدم النبي صلى الله عليه وسلم فصلى بالناس، وهذا وهم سبق بيانه في الطريق السابق برقم (15).

23 و 24 - جرير بن عبد الحميد [ثقة]، وعبد الله بن جعفر بن نجيح المدني [ضعيف]:

عن أبي حازم، عن سهل بن سعد الساعدي، قال: كان كون في الأنصار، فأتاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ليصلح بينهم، ثم رجع وقد أقيمت الصلاة، وأبو بكر يصلي بالناس، فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم خلف أبي بكر رضي الله عنه هـ.

أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (2/ 119/ 7171)، وفي المسند (88)، وأبو العباس السراج في حديثه بانتقاء الشحامي (1071)، والطبراني في الكبير (6/ 151/ 5816) و (6/ 196/ 5983)، والخطيب في تاريخ بغداد (10/ 361).

قلت: لعل الراوي اختصر. فأخل بالمعنى، والمحفوظ: رواية الجماعة.

25 -

ورواه عبد الحميد بن سليمان الخزاعي أخو فليح [ضعيف]، قال: أخبرني أبو حازم، عن سهل بن سعد به نحوه، إلا أنه وهم في ألفاظ منه، مثل قوله: فذهب ليتأخر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"كما أنت يا أبا بكر، صلِّ بنا"، وإنما أشار إليه النبي صلى الله عليه وسلم أن امض، فحسب، ولم يتكلم في الصلاة، وقال فيه أيضًا: فقال [صلى الله عليه وسلم]: "تمدُّ يديك إلى السماء؟ "، وقال في آخره:"فمن نابه شيء في صلاته فليسبح، وليلتفت إليه الذي يليه".

أخرجه الطبراني في الكبير (6/ 158 و 159/ 5843 و 5844).

قلت: هو حديث منكر بهذا السياق.

• وانظر أيضًا طرقًا أخرى فيها ضعف، وزيادات لا تصح، عند: ابن مخلد البزاز في حديثه عن شيوخه (71)، والطبراني في الكبير (6/ 179 / 5922) و (6/ 194/ 5979)، وأبي طاهر السلفي في الطيوريات (370).

• وروي من حديث الزهري [عند: الطبراني في الكبير (6/ 120/ 5693)]، وهو موضوع عليه، تفرد به عنه: الوليد بن محمد الموقري، وهو: متروك، يروي عن الزهري ما لا أصل له [انظر: التهذيب (4/ 323)]، والراوي عنه: أبو طاهر موسى بن محمد بن عطاء البلقاوي المقدسي، وهو متهم بوضع الحديث، وقد كذبه جماعة، منهم: أبو زرعة وأبو حاتم، وقيل بأنه هو الذي أفسد حديث الموقري [انظر: اللسان (8/ 216)، تاريخ في دمشق (61/ 199)].

• ومن شواهده:

1 -

حديث جابر بن عبد الله:

يرويه موسى بن عقبة [ثقة فقيه]، وحجاج بن أبي عثمان الصواف [ثقة حافظ]،

ص: 207

وسفيان الثوري [ثقة حجة، حافظ إمام، لكنه غريب من حديثه، تفرد به عنه: زافر بن سليمان الإيادي، وهو: صدوق، كثير الأوهام، لا يحتمل من مثله التفرد بهذا]، وابن لهيعة [ضعيف]، وابن أبي ليلى [صدوق، سيئ الحفظ جدًّا]، وأشعث بن سوار [ضعيف]، والجراح بن منهال [أبو العطوف: متروك، منكر الحديث، كذبه ابن حبان وغيره. اللسان (2/ 426)، والراوي عنه: بكر بن بكار القيسي: ضعيف]:

عن أبي الزبير، عن جابر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "التسبيح للرجال، والتصفيق للنساء".

وفي رواية لابن لهيعة: "إذا أنساني الشيطان شيئًا من صلاتي فليسبِّح الرجالُ، وليصفِّقِ النساءُ".

ورواه حجاج مطولًا بالقصة [عند: أبي يعلى. والسراج في حديثه (1080)] بنحو رواية الجماعة عن أبي حازم، عن سهل بن سعد رضي الله عنه، قال: انطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم يومًا يصلح بين بني عمرو بن عوف من الأنصار، وحضرت الصلاة، فقال بلال لأبي بكر: أؤذن، فتصلي بالناس؟ قال: نعم، قال: فأقام، فقام أبو بكر يصلي بالناس، وجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجعل الناس يصفقون بأيديهم لأبي بكر، وكان أبو بكر لا يكاد يلتفت إذا كان في الصلاة، فلما صفقوا التفت، فرأى رسولَ الله صلى الله عليه وسلم فتأخر، فأومأ النبي صلى الله عليه وسلم أبيده إليه، أن: صلِّ، فأبى، فتقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى، فلما قضى صلاته قال لأبي بكر:"ما منعك أن تصلي؟ " قال: ما كان لابن أبي قحافة أن يؤمَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، فأقبل على القوم، فقال:"ما بال التصفيق؟ " إنما التصفيق في الصلاة للنساء، وإذا كانت لأحدكم حاجة فليسبح".

أخرجه أحمد (3/ 340 و 348 و 357)، وابن وهب في الجامع (442)، وبكر بن بكار في جزئه (1)، وابن أبي شيبة (2/ 126/ 7263)، والبزار (1/ 276/ 573 - كشف الأستار)، وأبو يعلى في المسند (4/ 123/ 2172)، وفي المعجم (98)، وأبو العباس السراج في مسنده (701 و 702)، وفي حديثه بانتقاء الشحامي (763 و 764 و 1080)، والطبراني في الأوسط (1/ 517/165)، وأبو الشيخ في جزء من حديثه بانتقاء ابن مردويه (2)، وابن أخي ميمي الدقاق في فوائده (237)، وتمام في الفوائد (1666)، وأبو نعيم في تاريخ أصبهان (2/ 51)، وأبو يعلى الخليلي في الإرشاد (2/ 663).

قال أبو يعلى: "هذا لم يروه في الدنيا من حديث سفيان عن أبي الزبير غير زافر، ولا عنه إلا ابن المغيرة، ولا عن يحيى إلا أبو حاتم، وهو إمام بلا مدافعة في وقته، وهذا الحديث مما كان يضن به".

قلت: لم ينفرد به أبو حاتم الرازي، فقد تابعه عليه: ابن الضريس، عند تمام في فوائده.

وهو حديث صحيح، وقوله فيه: فرأى رسولَ الله صلى الله عليه وسلم فتأخر، فيحمل على الهم بذلك، جمعًا بين الحديثين، والله أعلم.

ص: 208

وانظر في الأوهام: علل الدارقطني (13/ 344/ 3223).

• قصر في إسناده فأوقفه:

حميد بن عبد الرحمن [الرؤاسي الكوفي: ثقة]، عن أبيه [عبد الرحمن بن حميد الرؤاسي الكوفي: ثقة]، عن أبي الزبير، عن جابر، قال: التسبيح في الصلاة للرجال، والتصفيق للنساء.

أخرجه ابن أبي شيبة (2/ 126/ 7256) و (7/ 301/ 36276).

قلت: رواية الجماعة أولى بالصواب، وفيها زيادة من ثقتين بمتابعة جماعة ممن تُكُلم في حفظهم، فهي مقبولة، والله أعلم.

2 -

حديث ابن عمر:

روى سويد بن سعيد [وهو: صدوق في نفسه؛ إلا أنه تغير بعدما عمي، وصار يتلقن، فضعِّف بسبب ذلك]، ومحمد بن زياد الزيادي [صالح في المتابعات. انظر: التهذيب (3/ 564)]، ومحمد بن يزيد الأدمي [أبو جعفر الخراز البغدادي: ثقة]:

عن يحيى بن سليم: نا عبيد الله بن عمر وإسماعيل بن أمية، عن نافع، عن ابن عمر؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"التسبيح للرجال، والتصفيق للنساء"، لفظ محمد بن زياد، وفي رواية سويد: رخص رسول الله صلى الله عليه وسلم للنساء في التصفيق، وللرجال في التسبيح، ولفظ الأدمي:"التسبيح للرجال، ورخص في التصفيق للنساء في الصلاة".

أخرجه ابن ماجه (1036)، والبزار (12/ 167/ 5792)، وابن المقرئ في المعجم (489)، والدارقطني في الثالث من الأفراد (21)(1/ 559/ 3220 - أطرافه)، وبيبي في جزئها (41).

• خالفهم: أبو يحيى عبد الله بن أحمد بن زكريا بن الحارث بن أبي مسرة [ثقة مشهور. انظر: الجرح والتعديل (5/ 6)، الثقات (8/ 369)، سنن الدارقطني (1/ 40)، السير (12/ 632)]، قال: حدثنا أبي [ليس بالمشهور، ولم أر من تكلم فيه بجرح أو تعديل. مغاني الأخيار (1/ 26)]: نا يحيى بن سليم، عن إسماعيل بن أمية، في عطاء بن أبي رباح، عن أبي هريرة، أنه قال: رُخِّص للرجال في التسبيح في الصلاة، ورُخِّص للنساء في التصفيق في الصلاة.

أخرجه أبو محمد الفاكهي في فوائده عن ابن أبي مسرة (199).

• وخالف يحيى بن سليم في إسناده عن عبيد الله بن عمر:

حماد بن زيد [ثقة ثبت]، وعبد الأعلى بن عبد الأعلى [ثقة]:

فروياه عن عبيد الله بن عمر العمري، عن أبي حازم، عن سهل بن سعد به مرفوعًا.

تقدم ذكره في طرق حديث سهل بن سعد، وقد أخرجه مسلم (421/ 104) من طريق عبد الأعلى عن عبيد الله به.

وعليه: فالحديث منكر بهذا الإسناد؛ وقد سلك فيه يحيى بن سليم الجادة والطريق

ص: 209

السهل، فإنه وإن كان صدوقًا؛ إلا أنه كان سيئ الحفظ، له أحاديث غلِط فيها، وكان متقنًا لحديث ابن خثيم، منكرَ الحديث عن عبيد الله بن عمر [انظر: التهذيب (4/ 362) وغيره].

وقد وهم في هذا الإسناد مرتين، مرة على إسماعيل بن أمية، ومرة على عبيد الله بن عمر؛ فإنه يُعرف عن إسماعيل بن أمية، عن عطاء بن أبي رباح، عن أبي هريرة، وهو محفوظ من حديث عطاء عن أبي هريرة موقوفًا عليه، كما تقدم بيانه تحت الحديث رقم (939)، ويُعرف أيضًا عن عبيد الله بن عمر العمري، عن أبي حازم، عن سهل بن سعد.

• سأل ابن أبي حاتم أباه عن حديث سويد بن سعيد عن يحيى بن سليم به، فقال:"هذا حديث منكر بهذا الإسناد"[العلل (1/ 167/ 478)].

وقال الدارقطني في العلل (13/ 2909/22): "رواه يحيى بن سليم الطائفي، عن عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر.

وخالفه عبد الأعلى، وحماد بن زيد، روياه عن عبيد الله، عن أبي حازم، عن سهل بن سعد، وهو الصواب".

وقال في موضع آخر (8/ 340/ 1610): "رواه يحيى بن سليم الطائفي مرة عن إسماعيل بن أمية عن عطاء عن أبي هريرة.

ومرة عن نافع عن ابن عمر.

وحديث عطاء عن أبي هريرة: أصح".

وأعاد ذكره في موضع ثالث (13/ 34/ 2925) فجمع بين القولين، فقال: "يرويه عبيد الله بن عمر، واختلف عنه:

فرواه يحيى بن سليم الطائفي، عن عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر.

وحدث به مرة عن عبيد الله، وإسماعيل بن أمية جميعًا، عن نافع، عن ابن عمر.

ويقال: إنه وهم عليهما جميعًا فيه.

والمعروف عن عبيد الله بن عمر: عن أبي حازم، عن سهل بن سعد. قال ذلك: حماد بن زيد، وعبد الأعلى بن عبد الأعلى، عن عبيد الله.

والمعروف عن إسماعيل بن أمية: عن عطاء.

ويحيى بن سليم: كان سيئ الحفظ".

وكذا قال في الأفراد: "هذا حديث غريب من حديث إسماعيل بن أمية عن نافع عن ابن عمر. وهو أيضًا غريب من حديث عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر. تفرد به: يحيى بن سليم الطائفي عنهما بهذا الإسناد.

ورواه حماد بن زيد، وعبد الأعلى بن عبد الأعلى، عن عبيد الله، عن أبي حازم، عن سهل بن سعد، وروي عن إسماعيل بن أمية عن عطاء عن أبي هريرة، وهذان أشبه بالصواب فيه، والله أعلم".

ص: 210

3 -

حديث علي بن أبي طالب:

يرويه أبو زرعة بن عمرو بن جرير، عن عبد الله بن نجي، قال: قال علي: كانت لي ساعة من السَّحَر أدخل فيها على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإن كان في صلاته سبح، فكان ذلك إذنه لي، وإن لم يكن في صلاته أذن لي.

تقدم برقم (227)، وهو حديث ضعيف.

4 -

حديث أنس بن مالك:

يرويه ابن صاعد [ثقة حافظ]، قال: حدثنا عبد الوهاب بن فليح المكي [المقرئ: صدوق. الجرح والتعديل (6/ 73)، الثقات (8/ 411)، معرفة القراء الكبار (1/ 180)]، قال: حدثنا مروان بن معاوية الفزاري، عن حميد الطويل، عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "التسبيح في الصلاة للرجال، والتصفيق للنساء".

أخرجه ابن شاهين في الخامس من الأفراد (12)، عن ابن صاعد به.

قال ابن شاهين: "وهذا حديث غريب، حسن الإسناد، وسمعت يحيى بن محمد بن صاعد يمدحه، ويقول: ما سمعناه إلا منه".

قلت: وهو كما قال، حديث غريب.

• ومما روي ابضًا وبأسانيد واهية:

5 -

عن أبي سعيد الخدري [عند: ابن أبي شيبة في المسند (4/ 314/ 560 - المطالب)، والطبراني في الأوسط (1/ 184/ 580)، وفي مسند الشاميين (1/ 225/ 401)، وابن عدي في الكامل (5/ 79)، [وفي إسناده: أبو هارون عمارة بن جوين العبدي البصري: متروك، كذبه جماعة. [التهذيب (3/ 207)].

• قال الأزهري في تهذيب اللغة (4/ 151): "وفي الحديث: "التسبيح للرجال، والتصفيح للنساء"، ويُروى التصفيق، ومعناهما واحد، يقال: صفَّح وصفَّق بيديه".

وقد جاء ذلك في الرواية، فإن سهل بن سعد نفسه هو الذي فسرها في نفس الحديث، وقد جاء ذلك صريحًا في رواية ابن أبي حازم، حيث قال: قال سهل: "التصفيح هو التصفيق"، وورد التفسير أيضًا في رواية الماجشون، لكنه لم يعين القائل، وكذلك قال ابن خزيمة بعد الحديث:"التصفيق والتصفيح واحد"، والله أعلم.

• ومن فوائد هذا الحديث:

قال ابن عبد البر في التمهيد (21/ 102 - 106): "في هذا الحديث من الفقه:

أن الصلاة إذا خشي فوات وقتها لم يُنتظَر الإمامُ مَن كان فاضلًا كان أو مفضولًا.

وفيه: أن الإقامة إلى المؤذن هو أولى بها،. . .

وفيه: أنه لا بأس بتخلل الصفوف، ودفع الناس والتخلص بينهم؛ للرجل الذي تليق به الصلاة في الصف الأول حتى يصل إليه، ومن شأن الصف الأول أن يكون فيه أهل الفضل والعلم بحدود الصلاة،. . .

ص: 211

وكذلك ينبغي أن يكون في الصف من يصلح للاستخلاف إن ناب الإمامَ شيءٌ في صلاته ممن يعرف إرقاعها وإصلاحها.

وفيه: أن التصفيق لا تفسد به صلاة الرجال إن فعلوه؛ لأنهم لم يؤمروا بإعادةٍ، ولكن قيل لهم: شأن الرجال في مثل هذه الحال التسبيح.

وفيه: أن أبا بكر كان لا يلتفت في صلاته، ثم التفت إذ أكثر الناس التصفيق.

وفيه: أن الالتفات لا يفسد الصلاة؛ لأنه لو أفسدها لأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم بإعادتها، ولقال له: قد أفسدت صلاتك بالتفاتك؛ لأنه صلى الله عليه وسلم إنما بُعث آمرًا بالمعروف، وناهيًا عن المنكر، ومعلمًا شرائع الدين، وقد بلَّغ كل ما أمر به صلى الله عليه وسلم، وما أقر عليه مما رآه فهو في حكم ما أباحه قولًا وعملًا،. . .، وجمهور الفقهاء على أن الالتفات لا يفسد الصلاة إذا كان يسيرًا،. . .

وفيه: أن رفع اليدين حمدًا وشكرًا ودعاءً في الصلاة لا يضر بها شيء من ذلك كله.

وفيه دليل على جواز الاستخلاف في الصلاة إذا أحدث الإمام، أو منعه مانع من تمام صلاته؛ لأن الإمام إذا أحدث كان أولى بالاستخلاف، وكان ذلك منه أجوز من تأخر أبي بكر رضي الله عنه من غير حدث؛ لأن المحدث لا يجوز له أن يتمادى في تلك الصلاة، وقد كان لأبي بكر أن يتمادى لولا موضع فضيلة رسول الله صلى الله عليه وسلم التقدم بين يديه بغير إذنه صلى الله عليه وسلم، وقد كان يجوز له أن يثبت ويتمادى لإشارة رسول الله صلى الله عليه وسلم أن امكث مكانك، وليس كذلك المحدث، ولهذا يستخلف عند جمهور العلماء.

وأما استئخار أبي بكر عن إمامته، وتقدُّم رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى مكانه، وصلاته في موضع أبي بكر ما كان بقي عليه، فهذا موضع خصوص عند جمهور العلماء، لا أعلم بينهم أن إمامين في صلاة واحدة من غير عذرِ حدثٍ يقطع صلاة الإمام ويوجب الاستخلاف لا يجوز، وفي إجماعهم على هذا دليل على خصوص هذا الموضع؛ لفضل رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولأنه لا نظير له في ذلك، ولأن الله عز وجل قد أمرهم أن لا يتقدموا بين يدي الله ورسوله، وهذا على عمومه في الصلاة والفتوى والأمور كلها، ألا ترى إلى قول أبي بكر: ما كان لابن أبي قحافة أن يتقدم بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو يصلي بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفضيلة الصلاة خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يجهلها مسلم، ولا يلحقها أحدٌ، وأما سائر الناس فلا ضرورة بهم إلى ذلك؛ لأن الأول والثاني سواء ما لم يكن عذر، ولو صلى أبو بكر بهم تمام الصلاة لجاز؛ لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم:"ما منعك أن تثبت إذ أمرتك"، وفي هذا دليل على أنه لولا أنه أمره ما قال له: ما منعك أن تثبت، وفي هذا ما يدلك على أنهم قد كانوا عرفوا منه ما يدل على خصوصه في ذلك والله أعلم، وموضع الخصوص من هذا الحديث هو استئخار الإمام لغيره من غير حدثٍ يقطع عليه صلاته، وأما لو تأخر بعد حدثٍ وقدَّم غيره لم يكن بذلك بأس.

وفيه: أن التصفيق لا يجوز في الصلاة لمن نابه شيء فيها، ولكن يسبح، وهذا ما لا خلاف فيه للرجال، وأما النساء فإن العلماء اختلفوا في ذلك،. . .

ص: 212

وفي هذا الحديث دليل على جواز الفتح على الإمام؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "من نابه شيء في صلاته فليسبح"، فإذا جاز التسبيح جازت التلاوة".

قلت: وتلخيصًا مع الإيضاح لما قال ابن عبد البر في مسألة الاستخلاف: أن الإمام الراتب إذا تأخر، وتقدم غيره فصلى بالناس، ثم حضر الإمام الراتب فليس له أن يستتأخر الإمام ليقوم هو مقامه؛ من غير حدث يحدث للإمام فيقطع عليه صلاته، بدليل قول رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي بكر:"ما منعك أن تثبت إذ أمرتك"، فدل ذلك على أن الإمام له الاستمرار في صلاته بالناس، وأن لا يترك مكانه لغيره، إلا من حدث يقطع عليه صلاته، وأما تقدم النبي صلى الله عليه وسلم في هذه الواقعة فإن القرائن تدل فيها على اختصاص النبي صلى الله عليه وسلم بذلك، كما بين ذلك ابن عبد البر، وأنه قول الجمهور، وقول أبي بكر: ما كان لابن أبي قحافة أن يصلي بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، يشعر بهذا الاختصاص، والله أعلم.

هذا من وجه، ومن وجه آخر: فإن النبي صلى الله عليه وسلم فعل ذلك -مع كونه خاصًّا به دون غيره من الأمة-، لكونه أدركهم في أول صلاتهم، وبمجرد دخول أبي بكر في الصلاة، يدل على ذلك سياق الروايات عن أبي حازم.

بينما لم يفعله صلى الله عليه وسلم في قصة صلاة عبد الرحمن بن عوف بالصحابة صلاة الفجر لما تأخر عليهم النبي صلى الله عليه وسلم؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم لما أدرك عبد الرحمن بن عوف وكان قد صلى ركعة من الصبح، فلم يشق النبي صلى الله عليه وسلم الصفوف، وإنما صلى حيث انتهى به الصف خلف عبد الرحمن الركعة الثانية التي أدركها معه، ثم قام ليأتي بالركعة التي فاتته.

ففي حديث المغيرة بن شعبة، قال: ووجدنا عبد الرحمن وقد ركع بهم ركعة من صلاة الفجر، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فصفَّ مع المسلمين، فصلى وراء عبد الرحمن بن عوف الركعة الثانية، ثم سلم عبد الرحمن، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم في صلاته، ففزع المسلمون، فأكثروا التسبيح؛ لأنهم سبقوا النبي صلى الله عليه وسلم بالصلاة، فلما سلم رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لهم:"قد أصبتم" أو: "قد أحسنتم"، وهو حديث صحيح، وهذا لفظ أبي داود برقم (149)، ولفظ الشاهد منه عند مسلم (274/ 81): فانتهينا إلى القوم، وقد قاموا في الصلاة، يصلى بهم عبد الرحمن بن عوف، وقد ركع بهم ركعة، فلما أحس بالنبي صلى الله عليه وسلم ذهب يتأخر، فأومأ إليه، فصلى بهم، فلما سلم قام النبي صلى الله عليه وسلم وقمت، فركعنا الركعة التي سبقتنا، وفي رواية لمسلم (274/ 105): قال المغيرة: فأردت تأخير عبد الرحمن، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"دعه"، وفي رواية أخرى بإسناد صحيح: ثم ركبنا فأدركنا الناس، وقد أقيمت الصلاة، فتقدمهم عبد الرحمن بن عوف، وقد صلى بهم ركعة، وهم في الثانية، فذهبت أوذنه فنهاني، فصلينا الركعة التي أدركنا وقضينا التي سُبقنا [تحت الحديث رقم (150)].

وقال البغوي في شرح السُّنَّة (3/ 273): "في هذا الحديث فوائد؛ منها: تعجيل الصلاة في أول الوقت؛ لأنهم لم يؤخروها بعد دخول وقتها لانتظار النبي صلى الله عليه وسلم، ولم ينكر النبي صلى الله عليه وسلم ذلك عليهم.

ص: 213

ومنها: أن الالتفات في الصلاة لا يفسد الصلاة ما لم يتحول عن القبلة بجميع بدنه.

ومنها: أن العمل اليسير لا يبطل الصلاة، فإنهم أكثروا التصفيق، ولم يؤمروا بالإعادة.

ومنها: أن تقدم المصلي أو تأخره عن مكان صلاته لا يفسد الصلاة إذا لم يطل.

ومنها: أن التصفيق سُنَّة النساء في الصلاة إذا ناب واحدة منهن شيء في الصلاة، وهو أن تضرب بظهور أصابع اليمنى صفح الكف اليسرى، قال عيسى بن أيوب: تضرب بإصبعين من يمينها على كفها اليسرى.

قلت: ولا تصفق بالكفين؛ لأنه يشبه اللهو، ويروى:"التصفيح للنساء" وهو التصفيق باليد من صفحتي الكف.

ومنها: أن الرجل يسبح إذا نابه شيء، وقال علي: كنت إذا استأذنت على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يصلي سبح [تقدم بيان ضعفه].

ومنها: أن للمأموم أن يسبح لإعلام الإمام، فإنهم كانوا يصفقون لإعلام الإمام، فأمروا بالتسبيح.

ومنها: أن من حدثت له نعمة وهو في الصلاة له أن يحمد الله، ويباح له رفع اليدين فيها، فإن أبا بكر فعلهما، ولم ينكر عليه النبي صلى الله عليه وسلم.

ومنها: جواز أن يكون في بعض صلاته إمامًا، وفي بعضها مأمومًا، وأن من شرع في الصلاة منفردًا، جاز له أن يصل صلاته بصلاة الإمام، ويأتم به، فإن الصديق ائتم بالنبي صلى الله عليه وسلم في خلال الصلاة.

ومنها: جواز الصلاة بإمامين أحدهما بعد الآخر، فإن القوم كانوا مقتدين بأبي بكر، ثم ائتموا بالنبي صلى الله عليه وسلم.

وقوله لأبي بكر: اثبت مكانك؛ أمر تقديم وإكرام، لا أمر إيجاب وإلزام، ولولا ذلك لم يخالفه أبو بكر".

وقال ابن رجب في الفتح (4/ 128 - 131): "في هذا الحديث فوائد كثيرة:

منها: أن الإمام يستحب له الإصلاح بين طائفتين من المسلمين إذا وقع بينهم تشاجر، وله أن يذهب إليهم إلى منازلهم لذلك.

ومنها: أن الإمام الراتب للمسجد إذا تأخر، وعُلِم أنه غائب عن منزله في مكان فيه بُعد، ولم يغلب على الظنِّ حضوره، أو غلب ولكنه لا ينكِر ذلك ولا يكرهه، فلأهل المسجد أن يصلوا قبل حضوره في أول الوقت، وكذا إذا ضاق الوقت.

وأما إن كان حاضرًا أو قريبًا، وكان الوقت متسعًا، فإنه يُنتظَر، كما انتظروا النبي صلى الله عليه وسلم لما أخَّر صلاة العشاء حتى نام النساء والصبيان،

ومنها: أنه إنما يؤم الناسَ مع غيبة الإمام أفضلُ من يوجد من الحاضرين، ولذلك دعي أبو بكر إلى الصلاة دون غيره من الصحابة.

ص: 214

وهذا مما يُستدل به على أن الصحابة كلهم كانوا معترفين بفضل أبي بكر وتقدُّمه عليهم، وعلمهم أنه لا يقوم مقام النبي صلى الله عليه وسلم مع غيبته غيره.

وقد روي أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر في هذا اليوم أبا بكر أن يؤم الناس إذا لم يحضر، فخرَّج الإمام أحمد وأبو داود والنسائي هذا الحديث من طريق حماد بن زيد، عن أبي حازم، عن سهل بن سعد، وفيه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "يا بلال، إن حضرت الصلاة ولم آت؛ فمر أبا بكر يصلي بالناس".

وخرجه الحاكم من طريق عمر المقدمي، عن أبي حازم، وفي حديثه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "يا أبا بكر، إن أقيمت الصلاة فتقدَّم فصلِّ بالناس،، قال: نعم، وعلى هذه الرواية فإنما تقدَّم أبو بكر بإذن النبي صلى الله عليه وسلم له في ذلك [قلت: تقدم بيان شذوذ هذه الرواية].

وفيه: دليل على أن أبا بكر كان أحق الناس بالإمامة في حياة النبي صلى الله عليه وسلم عند تخلُّفه عن الصلاة بالناس في صحته ومرضه.

وهذا يشكل على قول الإمام أحمد: إنه إنما أمره في مرضه بالصلاة؛ لأنه أراد استخلافه على الأمة، فإن أمره بالصلاة في غيبته يدل على أنه أحق الناس بالإمامة، وأنه أقرأ الصحابة؛ فإنه يقرأ ما يقرؤون، ويزيد عليهم باختصاصه بمزيد الفهم والفضل، وما اختُصَّ به من الخشوع في الصلاة، وعدم الالتفات فيها، وكثرة البكاء عند قراءة القرآن.

ومنها: أن شقَّ الداخل في الصلاة الصفوفَ طولًا حتى يقوم في الصف الأول ليس بمكروه، ولعله كان في الصف الأول فرجة،

وقد قيل: إن ذلك يختص جوازه بمن تليق به الصلاة بالصف الأول لفضله وعلمه،

ومنها: أن الالتفات في الصلاة لحاجة عرضت غير مكروه، وإنما يكره لغير حاجة.

ومنها: أن الالتفات وكثرة التصفيق لحاجة غير مبطل للصلاة، وكذلك التأخر والمشي من صف إلى صف.

ومنها: أن رفع اليدين في الصلاة، وحمد الله تعالى عند نعمة تجددت غير مبطل للصلاة.

ومنها: أن أمر الإكرام لا تكون مخالفته معصية، ولهذا قال أبو بكر: ما كان لابن أبي قحافة أن يصلي بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم ينكر ذلك عليه.

وهذا مما استدل به من قال: إن أبا بكر لم يؤم النبي صلى الله عليه وسلم قط، لا في صحته ولا في مرضه.

ومنها -وهو الذي قصده البخاري بتبويبه هاهنا-: أن من أحرم بالصلاة إمامًا في مسجد له إمامٌ راتبٌ، ثم حضر إمامُه الراتبُ، فهل له أن يؤخِّر الذي أحرم بالناس إمامًا ويصيرَ مامومًا، ويصيرَ الإمامَ الإمامُ الراتب، أم لا؛ بل ذلك من خصائص النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأنه إمام الناس على كل حال، وقد نهى الله عن التقدُّم بين يديه، ولهذا قال أبو بكر: ما كان لابن أبي قحافة أن يصلي بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ في ذلك قولان:

ص: 215

أحدهما: أنه لا يجوز ذلك، بل هو من خصائص النبي صلى الله عليه وسلم، وحكاه ابن عبد البر إجماعًا من العلماء، وحكاه بعض أصحابنا عن أكثر العلماء.

والثاني: أنه يجوز ذلك، وتبويب البخاري يدل عليه، وهو قول الشافعي، وأحد الوجهين لأصحابنا، وقول ابن القاسم من المالكية.

واستدل بهذا الحديث على أن الإمام إذا سبقه الحدث جاز له أن يستخلف بعض المأمومين؛ لأنه إذا جازت الصلاة بإمامين مع إمكان إتمامها بالإمام الأول فمع عدم إمكان ذلك لبطلان صلاة الأول أولى.

وفي الحديث أيضًا: أن الرجل إذا نابه شيء في صلاته فإنه يسبِّح، ولو صفَّق لم تبطل صلاته، ولكنه يكون مكروهًا.

وأما قوله: "إنما التصفيح للنساء"، فاختلفوا في معناه:

فحمله مالك وأصحابه على أن المراد: أن التصفيح من أفعال النساء، فيكون إخبارًا عن عيبه وذمه، وأنه لا ينبغي أن يفعله أحد في الصلاة، رجلًا كان أو امرأةً، وحملوا قوله:"من ناب شيء في صلاته فليسبح" على أنه عام، يدخل في عمومه الرجال والنساء، إخبار منه بمشروعيته للنساء في الصلاة.

وقد روى هذا الحديث حماد بن زيد، عن أبي حازم، عن سهل، وقال في حديثه:"إذا نابكم شيء في الصلاة فليسبِّح الرجال، وليصفِّح النساء"، خرجه النسائي وغيره، وهذا صريح في ذلك" [وانظر أيضًا: الفتح (6/ 377 و 423)].

وسبق ذكر بعض فوائده تحت الحديث رقم (916)، وانظر: أعلام الحديث للخطابي (1/ 657)، الفتح لابن حجر (2/ 169) و (3/ 76)، والله أعلم.

***

942 -

قال أبو داود: حدثنا محمود بن خالد: حدثنا الوليد، عن عيسى بن أيوب، قال: قوله: "التصفيح للنساء" تضرب بأصبعين من يمينها على كفِّها اليسرى.

• أثر مقطوع بإسناد دمشقي صحيح.

أخرجه من طريق أبي داود: ابن عبد البر في التمهيد (21/ 107)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (47/ 293).

وعيسى بن أيوب الدمشقي: قال أبو حاتم: "شيخ"، وقال دحيم:"كان له فضل وورع وإسلام"، وذكره أبو زرعة الدمشقي في تسمية نفر أهل زهد وفضل، روى عن الربيع بن لوط ومكحول وقتادة وابن أبي ليلى، وهو قليل الرواية [المعرفة والتاريخ (2/ 230)، الجرح والتعديل (6/ 272)، تاريخ دمشق (47/ 293)، تاريخ الإسلام (10/ 380)، التهذيب (3/ 355)].

فهو من أتباع التابعين، وليس هو من الثقات المشهورين بحمل العلم، ولم يكن موصوفًا بالفقه، ولا بالعلم بالعربية، حتى يكون إمامًا يقتدى به في قوله.

ص: 216