الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
172 - باب التأمين وراء الإمام
932 -
سفيان، عن سلمة، عن حُجْرِ أبي العَنْبَس الحضرمي، عن وائل بن حُجْر، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قرأ: {وَلَا الضَّالِّينَ} ، قال:"آمين"، ورفع بها صوته.
• حديث صحيح.
تقدم تخريجه تحت الحديث رقم (723)، وهو حديث صحيح.
933 -
. . . علي بن صالح، عن سلمة بن كهيل، عن حُجْرٍ بن عَنْبَس، عن وائل بن حُجْرٍ؛ أنه صلى خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجهر بآمين، وسلم عن يمينه، وعن شماله، حتى رأيت بياض خدِّه.
• حديث حسن.
تقدم تخريجه تحت الحديث رقم (723)، وهو حديث حسن.
• هكذا روى هذا الحديث عن سلمة بن كهيل [وهو: ثقة ثبت]: سفيان الثوري، وشعبة بن الحجاج [وهما أميرا المؤمنين في الحديث]، والعلاء بن صالح الأسدي [لا بأس به]، ومحمد بن سلمة بن كهيل [ضعيف، يعتبر به]، ويحيى بن سلمة بن كهيل [متروك]:
فرووه عن سلمة بن كهيل، عن حجر بن عنبس، عن وائل بن حجر [واختلف فيه على شعبة، كما تقدم بيانه في موضعه].
• خالفهم فوهم في إسناده، وسلك فيه الجادة والطريق السهل:
ابن أبي ليلى، فرواه عن سلمة بن كهيل، عن حُجَيَّة بن عَدِي، عن علي، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قال: {وَلَا الضَّالِّينَ} ، قال:"آمين".
أخرجه ابن ماجه (854)، وابن أبي حاتم في العلل (251)، والمحاملي في الأمالي (123 - رواية ابن البيع)، وأبو الفضل الزهري في حديثه (363)، وجعفر المستغفري في فضائل القرآن (683).
قلت: محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى: صدوق، سيئ الحفظ جدًّا، وقد وهم في إسناده، وإنما المحفوظ ما رواه الجماعة: عن سلمة بن كهيل، عن حجر بن عنبس، عن وائل بن حجر.
• وقد اضطرب فيه أيضًا:
فرواه عنه به هكذا: حميد بن عبد الرحمن الرؤاسي [كوفي ثقة]، وعيسى بن المختار
[كوفي ثقة، سمع مصنف ابن أبي ليلى منه]، وجماعة آخرون ذكرهم الدارقطني في العلل (3/ 185/ 349).
وخالفهم: المطلب بن زياد [كوفي صدوق]، فرواه عن ابن أبي ليلى، عن عدي بن ثابت، عن زر بن حبيش، عن علي، قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا قرأ: {وَلَا الضَّالِّينَ} ، قال:"آمين"[رفع بها صوته].
أخرجه الطبراني في الأوسط (5/ 5559/362)، وعلقه ابن أبي حاتم في العلل (251).
قال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن عدي بن ثابت إلا ابن أبي ليلى، ولا عن ابن أبي ليلى إلا المطلب بن زياد، تفرد به: ضرار بن صرد".
قلت: لو كان تفرد به كما قال، فهو باطل من حديث ابن أبي ليلى على هذا الوجه؛ فإن ضِرار بن صُرَد، الكوفي الطحان: ضعيف، تركه البخاري والنسائي، وكذبه ابن معين [التهذيب (2/ 227)، الميزان (2/ 327)].
لكنه قد توبع عليه؛ فقد رواه ابن جرير الطبري في تهذيب الآثار، من طريق أبي هشام الرفاعي [محمد بن يزيد بن محمد العجلي: ليس بالقوي]: ثنا المطلب بن زياد به [عزاه إليه مغلطاي في شرح سنن ابن ماجه (5/ 263)].
• والحاصل فإن هذا الحديث من تخاليط ابن أبي ليلى.
قال أبو حاتم بعد هذين الطريقين بأن كلا الحديثين خطأ، وقال:"إنما هو: سلمة، عن حجر أبي العنبس، عن وائل بن حجر، عن النبي صلى الله عليه وسلم".
قال ابن أبي حاتم لأبيه: "فقلت: فحديث المطلب ما حاله؟ قال: لم يروه غيره، لا أدري ما هو! وهذا من ابن أبي ليلى؛ كان ابن أبي ليلى سيء الحفظ".
وقد ذكر الدارقطني في العلل (3/ 349/185) الاختلاف على ابن أبي ليلى بأكثر من هذا، ثم قال:"والاضطراب في هذا من ابن أبي ليلى؛ لأنه كان سيئ الحفظ، والمشهور عنه: حديث حجية بن عدي، قال شعبة: ما رأيت أسوأ حفظًا من ابن أبي ليلى".
وضعفه أيضًا مغلطاي في شرح سنن ابن ماجه (5/ 262).
• والحديث قد رواه أيضًا: زهير بن معاوية، وأبو الأحوص، ويونس بن أبي إسحاق، وابنه إسرائيل، وزكريا بن أبي زائدة، ومعمر بن راشد، وحديج بن معاوية، وأبو بكر بن عياش، وزيد بن أبي أنيسة، وعمار بن رزيق، والأعمش [وهو غريب من حديثه]، وغيرهم:
عن أبي إسحاق، عن عبد الجبار بن وائل، عن وائل، قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يضع يده اليمنى على اليسرى في الصلاة، قريبًا من الرسغ، ويرفع يديه حين يوجب حتى تبلغا أذنيه، وصليت خلفه فقرأ:{غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ} فقال: "آمين" بجهر. لفظ زهير. وقال إسرائيل وغيره: رفع بها صوته، وقال زيد: مدَّ بها صوته.
ولفظ أبي الأحوص: صليت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما افتتح الصلاة [كبر و] رفع يديه حتى حاذى بأذنيه. فرقه بعضهم أحاديث.
قلت: زيادة: "قريبًا من الرسغ"؛ زيادة شاذة، وهذا الحديث قد رواه جماعة من الثقات عن عبد الجبار بن وائل بن حجر، عن أبيه، ولم يسمع منه، وقال جماعة من الأئمة: ولد بعد موت أبيه بستة أشهر، إلا أن الحديث صحيح، لمتابعاته، ولأن عبد الجبار إنما أخذ هذا الحديث عن أخيه علقمة؛ كما ثبت ذلك في رواية همام.
قال النسائي في الكبرى (958): "عبد الجبار بن وائل: لم يسمع من أبيه، والحديث في نفسه صحيح"، وقال الطوسي:"حديث حسن"، وصحح إسناده الدارقطني.
وقد تقدم تخريجه موسعًا برقم (724)، وانظر طرقه هناك.
• وله طريق أخرى عن وائل بن حجر فيها موضع الشاهد، راجعها تحت الحديث رقم (728)، من طريق شريك بن عبد الله النخعي، وهو حديث قد اضطرب شريك في إسناده اضطرابًا شديدًا؛ لسوء حفظه، والله أعلم.
قال ابن المنذر في الأوسط (3/ 131): "قد ثبت الجهر بالتأمين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من وجوه".
934 -
صفوان بن عيسى، عن بشر بن رافع، عن أبي عبد الله ابن عم أبي هريرة، عن أبي هريرة، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا تلا: {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ} ، قال:"آمين"، حتى يُسمِعَ مَنْ يليه من الصفِّ الأول.
• حديث ضعيف.
أخرجه ابن ماجه (853)، والبزار (15/ 301/ 8817)، وأبو يعلى (11/ 89/ 6220)، وابن حزم في المحلى (3/ 263)، وابن عبد البر في التمهيد (7/ 13).
رواه عن صفوان بن عيسى: نصر بن علي الجهضمي، ومحمد بن بشار.
• ولفظ محمد بن بشار [عند ابن ماجه]: عن أبي هريرة، قال: ترك الناس التأمين، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قال:{غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ} ، قال:"آمين"، حتى يسمعَها أهلُ الصف الأول، فيرتجُّ بها المسجد.
قال البزار بعد أن روى حديثين بهذا الإسناد هذا أحدهما: "وهذان الحديثان لا نعلمهما يرويان عن أبي هريرة إلا بهذا الإسناد، وبشر بن رافع: ليس بالقوي، وإن كان قد روى عنه جماعة من أهل العلم، وحدثوا عنه".
وقال ابن عبد البر في الإنصاف (10): "وبشر بن رافع عندهم: منكر الحديث، قد اتفقوا على إنكار حديثه، وطرح ما رواه، وترك الاحتجاج به، لا يختلف علماء الحديث في ذلك".
وأعله عبد الحق الإشبيلي أيضًا ببشر بن رافع، فقال في الأحكام الوسطى (1/ 384):"في إسناده بشر بن رافع".
وقال ابن القطان في بيان الوهم (3/ 15/ 655): "بشر بن رافع: عندهم ضعيف الحديث منكره، وكنيته أبو الأسباط الحارثي"، ثم قال في موضع آخر (3/ 156/ 865):"فأما بشر فهو أبو الأسباط الحارثي، وقد تقدم ذكره بالضعف، ويروي هذا الحديث عن أبي عبد الله ابن عم أبي هريرة، وأبو عبد الله هذا: لا تعرف له حال، ولا روى عنه غير بشر،. . .، والحديث لا يصح من أجله".
وبنحو كلام ابن القطان ضعفه مغلطاي في شرح سنن ابن ماجه (5/ 260).
وقال البوصيري في مصباح الزجاجة (314): "هذا إسناد ضعيف؛ أبو عبد الله: لا يعرف حاله، وبشر: ضعفه أحمد، وقال ابن حبان: يروي الموضوعات"[وانظر: البدر المنير (3/ 586)].
فهو حديث ضعيف؛ ابن عم أبي هريرة: مجهول الحال [التهذيب (4/ 547)]، وبشر بن رافع: ضعيف [انظر: التهذيب (1/ 227) وغيره]؛ إلا أن زيادة: فيرتجُّ بها المسجد، [عند ابن ماجه] زيادة منكرة؛ تفرد بها بشر بن رافع، ولم يتابع عليها في حديث صحيح مرفوع، ولعله لأجل هذه الزيادة وغيرها من الزيادات المنكرة، قال فيه جماعة من النقاد: منكر الحديث، أو يحدث بمناكير، والله أعلم.
وانظر لبشر بن رافع أيضًا بهذا الإسناد قصةً في التأمين عن موسى وهارون، عند: عبد الرزاق (2/ 99/ 2651).
• ومما جاء في جهر المأموم بالتأمين من آثار:
1 -
ما رواه حجاج بن منهال: ثنا حماد بن سلمة، عن ثابت، عن أبي رافع؛ أن أبا هريرة كان يؤذن لمروان بن الحكم، فاشترط اْن لا يسبقه بالضالين، حتى يعلم أنه قد دخل الصف، فكان إذا قال مروان:{وَلَا الضَّالِّينَ} ، قال أبو هريرة: آمين، يمدُّ بها صوته، وقال: إذا وافق تأمينُ أهل الأرض تأمينَ أهل السماء غُفِر لهم.
أخرجه البيهقي (2/ 59)، بإسناد صحيح إلى حجاج.
وهذا موقوف على أبى هريرة بإسناد مدني، ثم بصري، صحيح غريب، وأبو رافع هو: نفيع بن رافع الصائغ المدني، نزيل البصرة، وهو: ثقة، من كبار التابعين.
• وقد روي آخره مرفوعًا من وجه ساقط:
فقد روى العباس بن الفضل الأنصاري، قال: حدثنا عبد الجبار بن نافع الضبي، عن عمر بن موسى، عن قتادة، عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة، عن نبي الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:"إذا وافق تأمينُ أهلِ الأرض تأمينَ أهلِ السماء غفر له".
أخرجه الطبراني في الأوسط (5/ 47/ 4634).
قال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن قتادة إلا عمر بن موسى، ولا عن عمر إلا عبد الجبار بن نافع، تفرد به: العباس بن الفضل".
وهو حديث موضوع، عمر بن موسى بن وجيه الوجيهي الحمصي: متروك، منكر الحديث، بل قال أبو حاتم وابن عدي:"يضع الحديث"، وقال ابن معين:"كذاب، ليس بشيء". [اللسان (5/ 24) و (6/ 149)]، وعبد الجبار بن نافع الضبي: مجهول، لا يقيم الحديث، وله مناكير [ضعفاء العقيلي (3/ 89)، اللسان (5/ 60)]، والعباس بن الفضل الأنصاري الواقفي: متروك، منكر الحديث [التهذيب (2/ 292)].
وانظر آثارًا أخرى عن أبي هريرة في التأمين، عند: عبد الرزاق (2/ 96/ 2634 و 2637 - 2639).
2 -
وروى عبد الرزاق، عن ابن جريج، عن عطاء، قال: قلت له: أكان ابن الزبير يؤمِّن على إثر أم القرآن؟ قال: نعم، ويؤمِّن من وراءه حتى إن للمسجد للجةً، ثم قال: إنما آمين دعاء، وكان أبو هريرة يدخل المسجد وقد قام الإمام قبله، فيقول: لا تسبقني بآمين.
أخرجه عبد الرزاق (2/ 97/ 2640)، ومن طريقه: ابن المنذر في الأوسط (3/ 132/ 1370)، وعلقه البخاري في صحيحه بصيغة الجزم، قبل الحديث رقم (780).
وأخرجه عبد الرزاق مرة أخرى (2/ 97/ 2643)، بنفس الإسناد، وأبهم ابن الزبير.
وهذا أثر صحيح، إسناده مكي صحيح.
وانظر فيمن وهم في نقل هذا الأثر، فجعله مرفوعًا من حديث أبي هريرة: نهاية المطلب (2/ 151)، الوسيط (2/ 120)، الشرح الكبير للرافعي (3/ 350)، شرح مشكل الوسيط (2/ 111)، البدر المنير (3/ 585)، التلخيص الحبير (1/ 238).
واللَّجَّة: بفتح اللامين، هي اختلاط الأصوات مثل الجلبة [مشارق الأنوار (1/ 355)، المجموع (3/ 321)].
• وقد روي قول أبي هريرة من وجوه آخر بعضها بأسانيد صحيحة: أخرجه عبد الرزاق (2/ 96/ 2637 - 2639)، وابن أبي شيبة (2/ 187/ 7962) و (2/ 188/ 7978).
3 -
وروى الشافعي: أنبأ مسلم بن خالد، عن ابن جريج، عن عطاء، قال: كنت أسمع الأئمة؛ ابن الزبير ومن بعده، يقولون: آمين، و [يقول] من خلفهم: آمين، حتى إن للمسجد للجَّة.
أخرجه الشافعي في الأم (7/ 201)، وفي المسند (51 و 212)، ومن طريقه: البيهقي في السنن (2/ 59)، وفي المعرفة (1/ 533 / 740).
ومسلم بن خالد الزنجي: صدوق، فقيه، كثير الغلط والأوهام، وقد توبع عليه كما ترى، وتقدَّم عليه رواية عبد الرزاق عند الاختلاف.
4 -
ورواه أيضًا: ابن عيينة، قال: لعله عن ابن جريج، عن عطاء، عن ابن الزبير، قال: كان للمسجد رَجَّةٌ -أو قال: لجَّةٌ- إذا قال الإمام: {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ} .
أخرجه ابن أبي شيبة (2/ 188/ 7980)(5/ 315 - 316/ 8063 - ط. عوام)(3/ 450/ 8055 - ط. الرشد).
قلت: هو عن ابن جريج بغير شك، هكذا رواه عنه أصحابه، لكن عطاء بن أبي رباح يرويه من فعل ابن الزبير، لا أن ابن الزبير هو الذي يرويه من فعل غيره.
5 -
وروى علي بن الحسن بن شقيق: أنبأ أبو حمزة [السكري]، عن مطرِّف، عن خالد بن أبي أيوب، عن عطاء، قال: أدركت مئتين من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في هذا المسجد، إذا قال الإمام:{غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ} ، سمعت لهم رجَّةً بآمين.
وفي رواية ابن حبان: أدركت مائتين من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا المسجد -يعني: المسجد الحرام- إذا قال الإمام: {وَلَا الضَّالِّينَ} رفعوا أصواتهم بآمين.
أخرجه البخاري في التاريخ الكبير (6/ 464)، وابن حبان في الثقات (6/ 265)، والبيهقي (2/ 59).
هكذا وقع في سنن البيهقي: خالد بن أبي أيوب، وفي المطبوع من تهذيبه (1/ 509/ 2209): خالد بن أبي نوف، وأشار المحققون إلى أنه وقع في نسخة الأصل وهو: خالد بن أبي أيوب، ووقع في مطبوعة التاريخ الكبير: ابن أبي ثور، ووقع عند ابن حبان في ثقاته: ابن أبي نوف، والذي يظهر لي -والله أعلم- أنه خالد بن أبي نوف؛ فإنه هو المعروف بالرواية عن عطاء بن أبي رباح، ويروي عنه: مطرف بن طريف، وعليه: فإن خالد بن أبي نوف السجستاني: قليل الرواية، ولا يُعرف، روى عنه: مطرف بن طريف ويونس بن أبي إسحاق، وقال أبو حاتم:"يروي ثلاثة أحاديث مراسيل"، يشير بذلك إلى قلة مروياته، وذكره ابن حبان في الثقات [الجرح والتعديل (3/ 355)، الثقات (6/ 264)، مشاهير علماء الأمصار (1593)، التهذيب (1/ 534)]، وليس هو خالد بن كثير الهمداني، كما ذهب إلى ذلك البخاري [انظر: التاريخ الكبير (3/ 169)، الثقات (6/ 260 - 261)، الموضح (2/ 65)، التهذيب (1/ 529)].
وعليه: فإن رواية عبد الرزاق عن ابن جريج هي الأولى بالصواب؛ فإن ابن جريج هو أثبت الناس في عطاء بن أبي رباح، وعبد الرزاق من أثبت الناس في ابن جريج، وراويته.
وانظر آثارًا أخرى عند: ابن أبي شيبة (2/ 187/ 7963) و (2/ 188/ 7975).
***
935 -
مالك، عن سمي مولى أبي بكر، عن أبي صالح السمان، عن أبي هريرة، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"إذا قال الإمام: {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ}، فقولوا: آمين، فإنه مَنْ وافق قولُه قولَ الملائكة، غُفِرَ له ما تقدَّم مِن ذنبه".
• حديث صحيح.
أخرجه مالك في الموطأ (1/ 140/ 232).
ومن طريقه: البخاري في الصحيح (782 و 4475)، وفي القراءة خلف
الإمام (221)، وأبو داود (935)، والنسائي في المجتبى (2/ 144/ 929)، وفي الكبرى (1/ 479/ 1003) وفي التفسير (10/ 7/ 10916)، وفي الملائكة (10/ 415/ 11889 - 11891)(12576 - التحفة)، وأحمد (2/ 459)، والشافعي في الأم (1/ 109)، وفي السنن (174)، وفي المسند (37)، والجوهري في مسند الموطأ (399)، وابن بشران في الأمالي (60 و 566)، وجعفر المستغفري في فضائل القرآن (681)، والبيهقي في السنن (2/ 55)، وفي المعرفة (1/ 529/ 735).
• ورواه سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"إذا قال القارئ: {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ}، فقال من خلفه: آمين، فوافق قولُه قولَ أهل السماء، غُفِر له ما تقدَّم من ذنبه".
هكذا رواه عن سهيل بن أبي صالح: يعقوب بن عبد الرحمن القاري المدني [ثقة]، وسليمان بن بلال [مدني ثقة]، وخالد بن عبد الله الواسطي [ثقة ثبت]، وعبد العزيز بن المختار [بصري ثقة].
ووقع في رواية عبد العزيز بن محمد الدراوردي عن سهيل: "إذا أمَّنَ الإمامُ فأمِّنوا، فمن وافق قولُه قولَ الملائكة؛ غُفِرَ له ما تقدَّم من ذنبه".
والدراوردي وإن كان صدوقًا، مدنيًّا بلديًا لسهيل؛ إلا أنه كان سيئ الحفظ، يخطئ إذا حدث من حفظه، وكان يحدث من كتب الناس فيخطئ [انظر: التهذيب (2/ 592) وغيره]، وعليه فإن رواية الجماعة هي الصواب، ورواية الدراوردي وهم، والله أعلم.
والحديث أخرجه مسلم (410/ 76) باللفظ الأول. وأبو عوانة (1/ 456/ 1689 و 1690)، وأبو نعيم في المستخرج (2/ 34/ 912)، وابن خزيمة (1/ 286/ 570) باللفظ الثاني. وأبو العباس السراج في حديثه بانتقاء الشحامي (419 و 420 و 1889)، وابن المنذر في الأوسط (3/ 130/ 1366)، وأبو الحسن الحربي في الفوائد المنتقاة (1)، وجعفر المستغفري في فضائل القرآن (680).
• ولأبي صالح حديث آخر اشتمل أيضًا على أمر المأمومين بالتأمين:
1 -
رواه الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا، يقول:"لا تبادروا الإمام [بالركوع والسجود]، وإذا كبر فكبروا، وإذا قال: {وَلَا الضَّالِّينَ}، فقولوا: آمين، [فإنه إذا وافق كلامُه كلامَ الملائكة غفر له]، وإذا ركع فاركعوا، وإذا قال: سمع الله لمن حمده، فقولوا: اللَّهُمَّ ربنا لك الحمد".
أخرجه مسلم (415/ 87). وتقدم تخريجه تحت الحديث رقم (03 6).
هكذا رواه عن الأعمش من ثقات أصحابه: عيسى بن يونس، ومحمد بن عبيد بن أبي أمية الطنافسي.
• ورواه أبو معاوية محمد بن خازم الضرير [ثقة، ثبت في الأعمش]، واختلف عليه:
أ- فرواه أحمد بن حرب [لا بأس به]، عن أبي معاوية، عن الأعمش، عن أبي
صالح، عن أبي هريرة، قال: إذا قال الإمام: {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ} ، فقولوا: آمين. . .، الحديث، هكذا موقوفًا.
أخرجه النسائي في الملائكة (10/ 417/ 11900)(12543 - التحفة).
ب- وخالفه: يحيى بن داود [هو: ابن ميمون الواسطي، روى عنه جماعة من الأئمة، مثل: أبي زرعة الرازي، وعبد الله بن أحمد، والبزار، وابن أبي عاصم، وابن جرير الطبري، وأبي القاسم البغوي، وبحشل، وغيرهم، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال: "حدثنا عنه شيوخنا، مستقيم الحديث"، وأخرج له في صحيحه. الثقات (9/ 266)، علل ابن أبي حاتم (973)، علل الدارقطني (6/ 219/ 1085) و (15/ 117/ 3878)، التعجيل (1160)، التهذيب (4/ 352)، التقريب (659)، وقال: "ثقة"]، فرواه عن أبي معاوية، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تبادروا أئمتكم بالركوع ولا بالسجود، إذا كبر فكبروا، وإذا قال: {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ}، فقولوا: آمين، فإنه من وافق تأمينُه تأمينَ الملائكة غفر له ما تقدَّم من ذنبه، وإذا قال: سمع الله لمن حمده، فقولوا: اللَّهُمَّ ربنا لك الحمد".
أخرجه البزار (16/ 109/ 9183) و (16/ 128/ 9213)، قال: حدثنا يحيى به.
قلت: رواية يحيى بن داود المرفوعة أولى بالصواب، لموافقتها رواية الجماعة عن الأعمش، والله أعلم.
تنبيه: وقع في بعض الروايات عن الطنافسي: "فإنه إذا وافق كلامَ الملائكة غُفِر لمن في المسجد"[كما وقع عند: أحمد (2/ 440)، وأبي العباس السراج في حديثه بانتقاء الشحامي (697)، والبيهقي (2/ 92)]، وهي زيادة شاذة بهذه اللفظة:"غُفِر لمن في المسجد"، ففي الروايات الأخرى عن الطنافسي بدونها، وكذلك لم يأت بها عيسى بن يونس، ولا أبو معاوية الضرير، وهو أثبت الناس في الأعمش، والله أعلم.
2 -
ورواه زيد بن أسلم، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"إنما جعل الإمام ليؤتم به، فإذا كبر فكبروا، وإذا قرأ فأنصتوا، وإذا قال: {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ} فقولوا: آمين، وإذا ركع فاركعوا، وإذا قال: سمع الله لمن حمده، فقولوا: اللَّهُمَّ ربنا لك الحمد، وإذا سجد فاسجدوا، وإذا صلى جالسًا فصلوا جلوسًا".
تقدم برقم (604)، وهو حديث شاذ بزيادة:"وإذا قرأ فأنصتوا"، وانظر هناك فيمن وهم فيه على ابن عجلان ممن رواه عنه بهذه الزيادة موضع الشاهد، والله أعلم.
936 -
مالك، عن ابن شهاب، عن سعيد بن المسيب، وأبي سلمة بن عبد الرحمن؛ أنهما أخبراه عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"إذا أمَّنَ الإمامُ فأمِّنوا، فإنه من وافق تأمينُه تأمينَ الملائكة، غُفِرَ له ما تقدَّم من ذنبه".
قال ابن شهاب: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "آمين".
• حديث متفق على صحته.
أخرجه مالك في الموطأ (1/ 139/ 231).
ومن طريقه: البخاري (780)، ومسلم في الصحيح (410/ 72)، وفي التمييز (39)، وأبو عوانة (1/ 455/ 1687)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (2/ 33/ 908)، وأبو داود (936)، والترمذي (250)، وقال:"حسن صحيح". والنسائي في المجتبى (2/ 144/ 928)، وفي الكبرى (1/ 478 / 1002)، وفي الملائكة (10/ 416/ 11892)(13230 - التحفة)، وابن حبان في الصلاة (14/ 724/ 18594 - إتحاف المهرة)، وابن الجارود (322)، وأحمد (2/ 459)، والشافعي في الأم (1/ 109) و (7/ 201)، وفي السنن (173)، وفي المسند (37 و 212)، وابن وهب في الجامع (410)، وأبو العباس السراج في حديثه بانتقاء الشحامي (416)، وابن المنذر في الأوسط (3/ 130/ 1365)، والجوهري في مسند الموطأ (140)، والدارقطني في العلل (8/ 89 و 90/ 1422)، وابن حزم في المحلى (3/ 263)، والبيهقي في السنن (2/ 55 و 57)، وفي المعرفة (1/ 528 /733)، والخطيب في تاريخ بغداد (11/ 327)، والبغوي في شرح السُّنَّة (3/ 60/ 587)، وقال:"هذا حديث متفق على صحته".
وانظر فيمن وهم فيه على مالك: علل الدارقطني (8/ 84 و 90/ 1422)، التمهيد لابن عبد البر (7/ 8)، الطيوريات (761).
• ورواه سفيان بن عيينة، ويونس بن يزيد الأيلي، وشعيب بن أبي حمزة، وعقيل بن خالد، ومحمد بن أبي حفصة:
عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، وأبي سلمة بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال:"إذا أمَّنَ القارئ فأمِّنوا؛ فإن الملائكة تؤمِّنُ، فمن وافق تأمينُه تأمينَ الملائكة؛ غُفِر له ما تقدَّم من ذنبه".
زاد يونس: قال ابن شهاب: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "آمين"، قال يونس: وكان ابن شهاب يفعل ذلك.
رواه أكثر أصحاب ابن عيينة وأثبتهم عنه عن الزهري عن سعيد وحده، وزاد بعضهم فيه: أبا سلمة بن عبد الرحمن مقرونًا بسعيد.
أخرجه البخاري (6402)، ومسلم (410/ 73)، وأبو عوانة (1/ 455/ 1685 و 1686 و 1688)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (2/ 33/ 909)، والنسائي في المجتبى (2/ 143 - 144/ 926)، وفي الكبرى (1/ 478/ 1050)، وفي الملائكة (10/ 416/ 11892) و (10/ 417/ 11897)(13327 و 15153 - التحفة)، وابن ماجه (851 و 852)، وابن خزيمة (1/ 286/ 569) و (3/ 37/ 1583)، وابن الجارود (190 و 322)، وأحمد (2/ 238)،
والشافعي في السنن (172)، وابن وهب في الجامع (410)، والحميدي (2/ 175/ 962)، وابن أبي شيبة (2/ 187/ 7958)(5/ 309 - 310/ 8041 - ط. عوامة) و (7/ 312/ 36392)، والبزار (14/ 131 - 132/ 7644) و (14/ 132/ 7645)، وأبو يعلى (10/ 277/ 5874)، وأبو العباس السراج في حديثه بانتقاء الشحامي (414 و 415)، وابن المنذر في الأوسط (3/ 130/ 1365)، والطبراني في الأوسط (9/ 7/ 8956) و (9/ 25/ 9024)، والدارقطني في العلل (8/ 91 و 92/ 1422)، والبيهقي في السنن (2/ 55 و 57)، وفي المعرفة (1/ 528/ 734)، والبغوي في شرح السُّنَّة (3/ 61/ 588)، وقال:"هذا حديث صحيح".
قال الدارقطني في العلل (8/ 84/ 1422): "ورواه يونس، وعقيل، وشعيب بن أبي حمزة، وعبد الرحمن بن خالد بن مسافر، وإسماعيل بن أمية، وإسماعيل بن مسلم، وابن سمعان، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب وأبي سلمة، عن أبي هريرة".
قلت: وهم ثقات، عدا إسماعيل بن مسلم المكي؛ فإنه: ضعيف، وعبد الله بن زياد بن سليمان بن سمعان المخزومي المدني: متروك؛ كذبه مالك وأبو داود وغيرهما [التهذيب (2/ 336)].
وقال أيضًا: "واختلف عن ابن عيينة: فرواه الحميدي، وأحمد بن حنبل، وأبو بكر بن أبي شيبة، وإسحاق بن راهويه، ومحمد بن يوسف الفريابي، عن ابن عيينة، عن الزهري، عن سعيد وحده، عن أبي هريرة، ورواه قتيبة بن سعيد، وعبد الجبار بن العلاء، ومحمد بن حسان الأزرق، عن ابن عيينة، عن الزهري، عن سعيد وأبي سلمة، عن أبي هريرة، على شك من ابن عيينة فيه، ورواه أبو عبيد الله المخزومي، عن ابن عيينة، عن الزهري، عن أبي سلمة وحده، عن أبي هريرة".
وانظر في بيان بطلان زيادة: "وما تأخر" في آخره من طريق يونس: شرح مشكل الوسيط (2/ 113)، الفتح لابن حجر (2/ 265).
• ورواه معمر، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، وعن أبي سلمة بين عبد الرحمن؛ أنهما حدثاه عن أبي هريرة، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"إذا قال الإمام: {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ}، فقولوا: آمين؛ فإن الملائكة تقول: آمين، [والإمام يقول: آمين]، فمن وافق تأمينُه تأمينَ الملائكة؛ غُفِر له ما تقدَّم من ذنبه".
أخرجه النسائي في المجتبى (2/ 144/ 927)، وفي الكبرى (1/ 478/ 1001)، وفي الملائكة (10/ 416/ 11893)(13309 - التحفة)، وابن ماجه (852)، والدارمي (1/ 314/ 1246)، وابن خزيمة (1/ 289/ 575)، وابن حبان (5/ 106/ 1804)، وأحمد (2/ 233 و 270)، وعبد الرزاق (2/ 97/ 2644)، وأبو علي الطوسي في مختصر الأحكام (2/ 92/ 231)، وأبو العباس السراج في حديثه بانتقاء الشحامي (417)، وابن المنذر في الأوسط (3/ 131/ 1368) و (4/ 193/ 2016)، والدارقطني في العلل (8/ 92/ 1422)،
والواحدي في تفسيره الوسيط (1/ 71)، والبغوي في شرح السُّنَّة (3/ 61/ 589)، وقال:"هذا حديث صحيح". وفي التفسير (1/ 42).
من أصحاب معمر من أفرد سعيدًا، ومنهم من قرنه بأبي سلمة، وقد وهَّم الدارقطني معمرًا لتفرده عن الزهري بقوده في صدر الحديث:"إذا قال الإمام: {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ}، فقولوا: آمين"، فقال:"وذلك وهمٌ من معمر، والمحفوظ عن الزهري: "إذا أمَّنَ الإمام فأمِّنوا" [العلل (8/ 87/ 1422)].
• وقد روى عبد الرزاق في مصنفه (2/ 95/ 2632)، عن معمر، عن الزهري، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قال: {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ} قال: "آمين"، حتى يسمع من يليه. هكذا مرسلًا، متابعًا في ذلك مالكًا ويونس بن يزيد.
• ورواه الأوزاعي عن الزهري، واختلف عليه:
أ- فرواه عمرو بن عثمان [هو: ابن سعيد بن كثير الحمصي، وهو: ثقة]، عن الوليد بن مسلم، عن الأوزاعي، عن الزهري، أبي سلمة، عن أبي هريرة به مرفوعًا.
أخرجه النسائي في الملائكة (10/ 417/ 11898)(15209 - التحفة).
قال النسائي: "الأوزاعي لم يسمعه من الزهري".
• قلت: تابع الوليد بن مسلم على هذا الوجه:
محمد بن كثير [ابن أبي عطاء الثقفي الصنعاني: صاحب الأوزاعي إلا أنه لم يكن يفهم الحديث، وهو صدوق كثير الغلط. تقدمت ترجمته تحت الحديث رقم (236)]، عن الأوزاعي، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا أمَّن القارئ فأمِّنوا، فمن وافق تأمينُه تأمينَ الملائكة غُفِر له ما تقدَّم من ذنبه".
أخرجه أبو جعفر ابن البختري في الحادي عشر من حديثه (15)(511 - مجموع مصنفاته).
ب- ورواه الوليد بن مزيد البيروتي [ثقة ثبت، من أثبت أصحاب الأوزاعي]، وعمرو بن أبي سلمة [التنيسي الدمشقي: صدوق؛ إذا روى عن غير زهير بن محمد التميمي، وقد صرح فيه بالسماع من الأوزاعي]:
كلاهما عن الأوزاعي: حدثني قرة بن عبد الرحمن [بن حيوئيل]، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا أمَّنَ الإمامُ فأمِّنوا، فمن وافق تأمينُه تأمينَ الملائكة، غُفِرَ له ما تقدَّم من ذنبه".
أخرجه النسائي في الملائكة (10/ 417/ 11899)(15236 - التحفة)، وأبو العباس السراج في حديثه بانتقاء الشحامي (418)، والدارقطني في العلل (8/ 92/ 1422)، وأبو طاهر المخلص في السابع من فوائده بانتقاء ابن أبي الفوارس (139)(1470 - المخلصيات).
فظهر بذلك أن الأوزاعي لم يسمعه من الزهري، إنما سمعه من قرة عن الزهري، وقرة: ليس بقوي؛ روى أحاديث مناكير [انظر: التهذيب (3/ 438)].
قال الدارقطني في العلل (8/ 88/ 1422): "واختلف عن الأوزاعي: فرواه الوليد بن مسلم، واختلف عنه:
فرواه محمد بن الصباح الجرجرائي، عن الوليد، عن الأوزاعي، عن الزهري، عن سعيد، عن أبي هريرة.
وخالفه: دحيم، وعمرو بن عثمان، روياه عن الوليد، عن الأوزاعي، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة.
وكذلك قال محمد بن كثير، عن الأوزاعي، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة.
وقال بشر بن بكر: عن الأوزاعي: حدثني من سمع الزهري، عن أبي هريرة.
وقال يزيد بن عبد الله بن رزيق: عن الوليد، عن الأوزاعي: حدثني قرة بن عبد الرحمن بن حيويل، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة.
وكذلك قال الوليد بن مزيد وعمرو بن أبي سلمة أبو حفص التنيسي وأبو إسحاق الفزاري، عن الأوزاعي، عن قرة، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة".
• ورواه يحيى بن سعيد الأنصاري [ثقة ثبت]، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا فرغتم من خاتمة أم الكتاب فقولوا: آمين، فمن وافق تأمينُه تأمينَ الملائكة غُفِر له ما تقدَّم من ذنبه"، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"آمين".
أخرجه البزار (14/ 170/ 7712)، قال: حدثنا عبد الله بن شبيب، قال: نا أيوب بن سليمان بن بلال، قال: نا أبو بكر بن أبي أويس، عن سليمان بن بلال، عن يحيى به.
وهذا الإسناد من لدن أيوب بن سليمان فمن فوقه: إسناد مدني صحيح، وقد روى البخاري بهذا الإسناد إلى صالح بن كيسان أربعة أحاديث متابعة (533 و 534 و 569 و 7329)، [انظر: ما تقدم تحت الحديث رقم (394)] [وانظر: العبر (1/ 390)].
إلا أن شيخ البزار: عبد الله بن شبيب أبو سعيد الربعي، وهو: أخباري علامة؛ لكنه واهٍ، ذاهب الحديث، وكان يسرق الحديث [اللسان (4/ 499)]، فإن كان تفرد به؛ فهو باطل بهذا الإسناد، وإن كان توبع عليه فهو إسناد صحيح غريب، وفي متنه نكارة [وقد ذكر الدارقطني في العلل (88/ 8/ 1422) يحيى بن سعيد الأنصاري فيمن روى هذا الحديث عن الزهري بهذا الإسناد، فالله أعلم].
• ورواه بقية بن الوليد، عن محمد بن الوليد الزبيدي، قال: أخبرني الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا أمَّن القارئ فأمِّنوا؛ فإن الملائكة تؤمِّنُ، فمن وافق تأمينُه تأمينَ الملائكة؛ غُفِر له ما تقدَّم من ذنبه".
أخرجه النسائي في المجتبى (2/ 143/ 925)، وفي الكبرى (1/ 477 - 478/ 999)، وفي الملائكة (10/ 417/ 11896)(15266 - التحفة).
وإسناده شامي جيد؛ وهو حديث صحيح.
• خالف في متنه، ووصل المرسل:
إسحاق بن إبراهيم بن العلاء الزبيدي، قال: حدثني عمرو بن الحارث، قال: حدثنا عبد الله بن سالم، عن الزبيدي، قال: أخبرني الزهري، عن أبي سلمة وسعيد [بن المسيب]، عن أبي هريرة، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا فرغ من قراءة أم القرآن رفع صوته، وقال:"آمين".
أخرجه ابن خزيمة (1/ 287/ 571)، وابن حبان (5/ 111/ 1806)، والحاكم (1/ 223)، والدارقطني (1/ 335)، والبيهقي (2/ 58)، وابن عبد البر في التمهيد (7/ 14)، وابن الجوزي في التحقيق (468).
قال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه بهذا اللفظ، واتفقا على تأمين الإمام، وعلى تأمين المأموم، وإن أخفاه الإمام، وقد اختار أحمد بن حنبل في جماعة من أهل الحديث بأن تأمين المأمومين لقوله صلى الله عليه وسلم: "فإذا قال الإمام: {وَلَا الضَّالِّينَ} ، فقولوا: آمين".
وقال الدارقطني: "هذا إسناد حسن".
فتعقبه ابن رجب، فقال في الفتح (4/ 492):"كذا قال، ووصله وهمٌ، إنما هو مدرج من قول الزهري، كما رواه مالك"، قلت: وقد تابعه على إرساله: معمر، ويونس.
وتعقبه الذهبي في تهذيب سنن البيهقي (1/ 509)، فقال:"إسحاق راويه: مجروح".
• هكذا رواه عن إسحاق بن إبراهيم بن العلاء الزبيدي المعروف بابن زبريق، رواه عنه جماعة على الخطأ، وروي عنه مرة على الصواب:
فقد روى الطبراني في مسند الشاميين (3/ 18/ 1713)، قال: حدثنا عمرو بن إسحاق: ثنا أبي: ثنا عمرو بن الحارث: ثنا عبد الله بن سالم، عن الزبيدي: أخبرني محمد بن مسلم، عن أبي سلمة وابن المسيب، عن أبي هريرة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إذا أمَّن القارئ فأمِّنوا، فإن الملائكة تؤمِّن، فمن وافق تأمينُه تأمينَ الملائكة غُفِر له ما تقدَّم من ذنبه".
قلت: هذا الحديث وصله منكر؛ والمحفوظ فيه عن الزهري: مرسلًا، كما رواه عنه ثقات أصحابه: مالك ومعمر ويونس، وقد رواه الدارقطني موصولًا من طريق مالك، تفرد بوصله عنه: حفص بن عمر بن ميمون العدني، وهو: ضعيف، قال الدارقطني (8/ 90/ 1422):"تفرد به حفص، ووهم، والمحفوظ من قول الزهري مرسلًا".
وعبد الله بن سالم الأشعري الحمصي: ليس به بأس؛ إلا أن الإسناد إليه: إسناد حمصي لا يثبت مثله، تفرد به عن عبد الله بن سالم: عمرو بن الحارث بن الضحاك الزبيدي الحمصي: روى عنه اثنان، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال الذهبي في الميزان (3/ 251): "عن عبد الله بن سالم الأشعري فقط، وله عنه نسخة، تفرد بالرواية عنه: إسحاق بن
إبراهيم بن زبريق، ومولاة له اسمها علوة، فهو غير معروف العدالة، وابن زبريق: ضعيف".
قلت: وابن زبريق: إسحاق بن إبراهيم بن العلاء: ضعيف، لا سيما لو روى عن عمرو بن الحارث الحمصي، قال النسائي:"ليس بثقة، إذا روى عن عمرو بن الحارث"[تهذيب تاريخ دمشق (2/ 410)]، والذي في التاريخ (8/ 109) نصه:"ليس بثقة، عن عمرو بن الحارث"[التهذيب (1/ 111)، الميزان (1/ 181)، الجرح والتعديل (2/ 209)].
وابنه: عمرو بن إسحاق بن زبريق: لم أر من ترجم له، ولا حتى في تاريخ دمشق، وهو شيخ للطبراني، أكثر عنه في مصنفاته.
والعمدة في رواية محمد بن الوليد الزبيدي على ما رواه عنه بقية، مثل رواية أصحاب الزهري، والله أعلم.
• ورواه بحر بن كنيز السقاء [وهو: متروك]، عن الزهري، عن سالم، عن ابن عمر؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا قال:{وَلَا الضَّالِّينَ} ، قال:"آمين"، ورفع بها صوته.
وعن الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه.
أخرجه ابن الأعرابي في المعجم (341)، والدارقطني (1/ 335).
قال الدارقطني: "بحر السقاء: ضعيف".
قلت: هو حديث منكر.
• ورواه أيضًا: محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا قال القارئ: {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ}، فقال من خلفه: آمين، فوافق ذلك قولَ أهل السماء: آمين، غُفِر له ما تقدّم من ذنبه".
أخرجه الدارمي (1/ 314/ 1245)، وأحمد (2/ 449)، وعلي بن حجر في حديثه عن إسماعيل بن جعفر (131)، وأبو العباس السراج في حديثه بانتقاء الشحامي (424 - 426)، والبيهقي (2/ 55)، وعلقه البخاري في الصحيح بصيغة الجزم بعد الحديث رقم (782).
وهو حديث صحيح.
• ورواه هشام، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا قال الإمام: {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ}، فقولوا: آمين، وإذا قال: سمع الله لمن حمده، فقولوا: اللَّهُمَّ ربنا لك الحمد".
أخرجه البزار (15/ 211/ 8620)، قال: وجدت في كتابي بخطي: نا محمد بن المثنى، قال: نا عبد الوهاب، قال: نا هشام به.
قلت: هشام هو: ابن حسان القردوسي البصري، وعبد الوهاب هو: ابن عبد المجيد الثقفي البصري، وهذا إسناد رجاله ثقات، رجال الشيخين؛ إلا انه غريب جدًّا، وكأن البزار استغربه حين قال: وجدت في كتابي بخطي، والله أعلم.
• ولحديث أبي هريرة طرق أخرى، منها ما رواه:
1 -
مالك بن أنس، والمغيرة بن عبد الرحمن الحزامي، وشعيب بن أبي حمزة، وغيرهم:
عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"إذا قال أحدكم: آمين، وقالت الملائكة في السماء: آمين، فوافقت إحداهما الأخرى؛ غُفِر له ما تقدَّم من ذنبه".
أخرجه البخاري (781)، ومسلم (410/ 75)، والنسائي في المجتبى (2/ 144 - 145/ 930)، وفي الكبرى (1/ 479/ 1004)، وفي الملائكة (10/ 416/ 11894)(13826 - التحفة)، ومالك في الموطأ (1/ 141/ 233)، وأحمد (2/ 459)، والشافعي في الأم (1/ 109)، وفي السنن (175)، وفي المسند (38)، وأبو العباس السراج في حديثه بانتقاء الشحامي (422 و 423 و 427)، والطبراني في مسند الشاميين (4/ 276/ 3273)، وابن عدي في الكامل (4/ 183)، والجوهري في مسند الموطأ (521)، وجعفر المستغفري في فضائل القرآن (682)، والبيهقي في السنن (2/ 55)، وفي المعرفة (1/ 529/ 736)، والبغوي في شرح السُّنَّة (3/ 62/ 590)، وقال:"هذا حديث متفق على صحته".
وانظر: صحيح البخاري بعد الحديث رقم (3223)، حديث السراج (427)، مسند الشاميين (4/ 276/ 3273)، الفتح لابن حجر (6/ 314)، الحطة في ذكر الصحاح الستة (174).
والذي يظهر لي أن ترجمة الباب السابع عند البخاري في كتاب بدء الخلق ليست ترجمة، إنما هي حديث بإسناد الحديث الذي قبله، ومما يزيل الإشكال أن السراج والطبراني والإسماعيلي قد أخرجوه بنفس الإسناد من طريق أبي اليمان عن شعيب عن أبي الزناد به، وبهذا يكون البخاري قد رواه من طريقين عن أبي الزناد، مرة عن مالك، ومرة عن شعيب بن أبي حمزة عن أبي الزناد به، والله أعلم.
• ورواه الليث بن سعد، عن جعفر بن ربيعة، عن عبد الرحمن الأعرج، عن أبي هريرة به مرفوعًا.
أخرجه النسائي في الملائكة (10/ 417/ 11895)(13641 - التحفة).
وإسناده صحيح.
وانظر: الكامل (4/ 183).
2 -
ابن وهب: أخبرني عمرو؛ أن أبا يونس حدثه، عن أبي هريرة؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"إذا قال أحدكم في الصلاة: آمين، والملائكة في السماء: آمين، فوافق إحداهما الأخرى، غفر له ما تقدم من ذنبه".
أخرجه مسلم (410/ 74)، وأبو عوانة (1/ 456/ 1691)، وأبو نعيم في المستخرج (2/ 33/ 910).
3 -
عبد الرزاق: حدثنا معمر، عن همام بن منبه، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم بمثله.
أخرجه عبد الرزاق (2/ 98/ 2645)، ومن طريقه: مسلم (410/ 75)، وأبو عوانة (1/ 456/ 1692)، وأبو نعيم في المستخرج (2/ 34/ 911)، وأحمد (2/ 312)، وأبو العباس السراج في حديثه بانتقاء الشحامي (421)، وأبو إسحاق الثعلبي في الكشف والبيان (1/ 126)، والبيهقي في السنن (2/ 55)، وفي الدعوات (660).
وهو في صحيفة همام برقم (10).
4 -
أبو داود الطيالسي، قال: أنبأنا شعبة، عن يعلى بن عطاء، قال: سمعت أبا علقمة، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم:"إذا قال الإمام: {وَلَا الضَّالِّينَ} فقولوا: آمين".
هذا لفظ البخاري في القراءة خلف الإمام، ولفظ موضع الشاهد منه عند الطيالسي:". . . فإذا قال: سمع الله لمن حمده، فقولوا: اللَّهُمَّ ربنا لك الحمد، وإذا قرأ {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ}، فقولوا: آمين، فإنه إذا وافق قولُ أهلِ السماء قولَ أهلِ الأرض غُفِر للعبد ما مضى من ذنبه".
أخرجه الطيالسي (4/ 304/ 2700) مطولًا. ومن طريقه: البخاري في القراءة خلف الإمام (225)، مختصرًا واللفظ له. وأبو عوانة (1/ 438/ 1629)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (2/ 39/ 926)، والطحاوي في شرح المعاني (1/ 238 و 404)، وفي المشكل (14/ 5643/312)، ولم يذكر أكثرهم موضع الشاهد.
وقد رواه جماعة عن شعبة بدون موضع الشاهد، ورواه بدونها أيضًا: أبو عوانة، عن يعلى بن عطاء به.
والحديث أصله عند مسلم (416 و 1835) بدون موضع الشاهد، وتقدم تخريجه وذكر لفظه مطولًا تحت الحديث رقم (604).
لكن يؤيد ثبوت هذه الزيادة، وأن الطيالسي حفظها عن شعبة، أن حماد بن سلمة قد رواه عن يعلى بن عطاء به مطولًا بنحو لفظ الطيالسي بالزيادة.
أخرجه البزار (17/ 112/ 9682)، بإسناد صحيح إلى حماد بن سلمة به، قال البزار: حدثنا إبراهيم بن نصر الرازي: نا موسى بن إسماعيل [أبو سلمة التبوذكي: ثقة ثبت]: نا حماد بن سلمة به.
وشيخ البزار: إبراهيم بن نصر بن عبد العزيز أبو إسحاق الرازي نزيل نهاوند، حدث عن شيوخ البصرة والكوفة، وله مسند كبير، سئل عنه أبو حاتم الرازي، فقال:"كان معنا عند أبي سلمة بالبصرة وكان يورِّق"، وقال عنه أبو يعلى الخليلي:"صدوق"، ووثقه الخطيب، وذكره ابن حبان في الثقات [الثقات (8/ 89)، فتح الباب (198)، الإرشاد (2/ 650)، التدوين في أخبار قزوين (2/ 130)، السير (13/ 355)، وقال: "الحافظ الإمام المجود". تاريخ الإسلام (20/ 297)].
هذا وإن كان رواه حماد بن سلمة أيضًا بدون الزيادة [عند: أحمد (2/ 386 - 387)، وأبي العباس السراج في حديثه بانتقاء الشحامي (693)].
5 -
محمد بن عبيد الله [هو: ابن محمد بن زيد أبو ثابت المدني: ثقة]، قال: حدثنا ابن أبي حازم، عن العلاء، عن أبيه، عن أبي هريرة، قال: إذا قرأ الإمام بأم القرآن فاقرأ بها واسبقه، فإنه إذا قال:{وَلَا الضَّالِّينَ} ، قالت الملائكة: آمين، من وافق ذلك قَمِنٌ أن يُستجاب لهم.
أخرجه البخاري في القراءة خلف الإمام (226).
وهذا موقوف على أبي هريرة بإسناد مدني لا بأس به، والعمدة على ما سبق.
وله إسناد آخر واهٍ، عند: ابن عدي في الكامل (3/ 40).
• ولأبي هريرة حديث آخر اشتمل على ذكر التأمين:
رواه الليث بن سعد، قال: ثني خالد بن يزيد، عن سعيد بن أبي هلال، عن نعيم المجمر، قال: صليت وراء أبي هريرة رضي الله عنه فقرأ: {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (1)} ، ثم قرأ بأم القرآن، حتى بلغ {وَلَا الضَّالِّينَ} فقال: آمين، وقال الناس: آمين، ويقول كلما سجد: الله أكبر، فإذا قام من الجلوس قال: الله أكبر، ويقول إذا سلم: والذي نفسي بيده إني لأشبهكم صلاة برسول الله صلى الله عليه وسلم.
• ورواه حيوة بن شريح، عن خالد بن يزيد، عن سعيد بن أبي هلال، عن نعيم المجمر، قال: صليت وراء أبي هريرة، فقال:{بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (1)} ، ثم قرأ بأم الكتاب، حتى إذا بلغ:{غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ} ، قال: آمين، وقال الناس: آمين، فلما ركع، قال: الله أكبر، فلما رفع رأسه، قال: سمع الله لمن حمده، ثم قال: الله أكبر، ثم سجد، فلما رفع، قال: الله أكبر، فلما سجد، قال: الله أكبر، فلما رفع، قال: الله أكبر، ثم استقبل قائمًا مع التكبير، فلما قام من الثنتين، قال: الله أكبر، فلما سلم، قال: والذي نفسي بيده إني لأشبهكم صلاة برسول الله صلى الله عليه وسلم.
وهذا إسناد مدني ثم مصري جيد، وذكر البسملة فيه غير محفوظ على معنى الجهر بها، وقد تقدم تخريجه تحت الحديث رقم (788).
وحديث نعيم المجمر هذا عن أبي هريرة: استشهد به البخاري في الصحيح متابعة معلقًا، بعد حديث أبي هريرة (782) فيمن وافق تأمينه تأمين الملائكة، مستدلًا به على جهر المأموم بالتأمين، ولم يسق متنه.
• ومن شواهده في الأمر بالتأمين، والجهر به:
1 -
حديث أبي موسى:
يرويه أبو عوانة، عن قتادة، عن يونس بن جُبَير، عن حِطَّانَ بن عبد الله الرقاشي، قال: صليت مع أبي موسى الأشعري صلاةً. . . فذكر قصة إلى أن قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطبنا فبيَّن لنا سُنَّتنا، وعلَّمنا صلاتنا، فقال: "إذا صليتم فأقيموا صفوفكم، ثم ليؤمَّكم
أحدُكم، فإذا كبر فكبِّروا، وإذا قال:{غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ} فقولوا: آمين، يجبكم الله، فإذا كبر وركع فكبروا واركعوا، فإن الإمام يركع قبلكم ويرفع قبلكم" فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"فَتِلْكَ بِتِلكَ، وإذا قال: سمع الله لمن حمده، فقولوا: اللَّهُمَّ ربنا لك الحمد، يسمع الله لكم، فإن الله تبارك وتعالى قال على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم: سمع الله لمن حمده، وإذا كبر وسجد فكبروا واسجدوا، فإن الإمام يسجد قبلكم ويرفع قبلكم". . . الحديث.
تقدم تخريجه تحت الحديث رقم (607)، وقد أخرجه مسلم (404)، وأبو داود (972)، ويأتي في موضعه إن شاء الله تعالى، وانظر هناك فيمن وهم فيه على قتادة.
• وممن وهم فيه على قتادة أيضًا، وسلك فيه الجادة والطريق السهل:
سعيد بن بشير [ضعيف، يروي عن قتادة المنكرات]، فرواه عن قتادة، عن الحسن، عن سمرة بن جندب، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا قال الإمام: {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ}، فقولوا: آمين، يجبكم الله".
أخرجه الطبراني في الكبير (7/ 214/ 6891)، بإسناد صحيح إلى رواد بن الجراح عن سعيد به.
ورواد بن الجراح وإن كان في الأصل صدوقًا؛ إلا أنه اختلط، وكثرت مناكيره، وتركه بعضهم لأجل ذلك، حتى قال ابن عدي:"وعامة ما يروي عن مشايخه لا يتابعه الناس عليه"[التهذيب (1/ 612)، الميزان (2/ 55)، الكامل (3/ 176)]، وهذا الحديث من مناكيره، والله أعلم.
2 -
حديث أم الحصين:
يرويه هارون بن موسى النَّحْوي: ثنا إسماعيل بن مسلم، عن أبي إسحاق، عن ابن أم الحصين، عن جدته أم الحصين [وفي رواية ابن راهويه: عن أمِّه]؛ أنها كانت تصلي خلف النبي صلى الله عليه وسلم في صلى من النساء، فسمعته يقول:{الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2) الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (3) مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (4)} حتى إذا بلغ: {وَلَا الضَّالِّينَ} قال: "آمين"، حتى سمعتُه وأنا في صفِّ النساء، وكان يكبر إذا سجد، وإذا رفع.
وهو حديث منكر، تقدم تخريجه تحت الحديث رقم (782).
• ومما روي من الآثار في هذا الباب:
روى أبو بكر بن عياش، وهشيم:
عن أبي سعد البقال سعيد بن المَرزُبان، عن أبي وائل، قال: وكان عمر وعلي رضي الله عنهما لا يجهران بـ: {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} ، ولا بالتعوذ، ولا بالتأمين.
وفي رواية: كان علي وابن مسعود، بدل: عمر، وفي رواية هشيم: عن ابن مسعود وحده، لم يقرن به أحدًا.
وهذا ضعيف؛ أبو سعد البقال سعيد بن المرزبان: ضعيف، مدلس، وقد اضطرب في إسناد هذا الأثر ومتنه، وقد تقدم تخريجه تحت الحديث رقم (788).
• ومن فقه أحاديث الباب:
قال الترمذي في جامعه (248) بعد حديث وائل بن حجر المتقدم: "حديث وائل بن حجر: حديث حسن، وبه يقول غير واحد من أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، والتابعين، ومن بعدهم: يرون أن يرفع الرجل صوته بالتأمين، ولا يخفيها".
وقال الشافعي في الأم (7/ 201): "وفي قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا أمَّن الإمام فأمِّنوا" دلالة على أنه أمر الإمام أن يجهر بآمين؛ لأن من خلفه لا يعرف وقتَ تأمينِه إلا بأن يسمع تأمينَه، ثم بيَّنه ابن شهاب فقال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "آمين".
وقال مسلم في التمييز (38): "قد تواترت الروايات كلها أن النبي صلى الله عليه وسلم جهر بآمين، وقد روي عن وائل ما يدل على ذلك"، ثم احتج على جهر النبي صلى الله عليه وسلم بالتأمين بحديث أبي هريرة من طريق مالك عن ابن شهاب:"إذا أمَّن الإمام فأمِّنوا،. . ."، والله أعلم.
وقال أبو بكر الأثرم في الناسخ والمنسوخ (134) عن هذا الحديث أيضًا: "ففي هذا الحديث بيان الجهر بالتأمين؛ لأنه قد قال: "إذا أمَّن الإمام فأمِّنوا، فقد بيَّن أن تأمين الإمام يُسمَع، فيؤمِّن مَن خلفه بتأمينه".
وقال أبو بكر ابن المنذر في الأوسط (3/ 130)(3/ 292 - ط. دار الفلاح): "في قوله صلى الله عليه وسلم: "إذا أمَّن الإمام فأمِّنوا" دليلٌ بيِّنٌ على أن الإمام يجهر بالتأمين، ولا يجوز أن يكون غير ذلك؛ لأن الأمام لو أسر التأمين لم يعلم بذلك المأموم فيؤمِّن إذا أمَّن الإمام، وهذا بيِّنٌ ظاهر لمن وفقه الله للفهم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذ محال أن يأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم المأموم أن يؤمِّن إذا أمَّن إمامه وهو لا يجد السبيل إلى معرفة تأمين إمامه"، وقال نحوه في موضع آخر (4/ 193).
وقال ابن رجب في الفتح (4/ 493): "واختلفوا في الجهر بها على ثلاثة أقوال:
أحدها: يجهر بها الإمام ومن خلفه، وهو قول: عطاء، والأوزاعي، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وابن أبي شيبة، وعامة أهل الحديث.
واستدل بعضهم بقوله: "إذا أمَّن الإمام فأمِّنوا، فدل على سماعهمِ لتأمينه، وروي عن عطاء، قال: أدركت مائتين من أصحاب محمد، إذا قال الإمام:{وَلَا الضَّالِّينَ} سمعت لهم ضجةً بآمين، خرجه حرب.
والثاني: يخفيها الإمام ومن خلفه، وهو قول: الحسن، والنخعي، والثوري، ومالك، وأبي حنيفة، وأصحابه.
والثالث: يخفيها المأموم كما يخفي سائر الأذكار، ويجهر بها الإمام، وهو قول للشافعي.
. . . وفي الجهر بالتأمين للإمام أحاديث مرفوعة يطول ذكرها.
. . . ويكون تأمين المأمومين مع تأمين الإمام، لا قبله ولا بعده، عند أصحابنا وأصحاب الشافعي، وقالوا: لا يستحب للمأموم مقارنة إمامه في شيء غير هذا، فإن الكل
يؤمنون على دعاء الفاتحة، والملائكة يؤمنون أيضًا على هذا الدعاء، فيشرع المقارنة بالتأمين للإمام والمأموم، ليقارن ذلك تأمين الملائكة في السماء؛ بدليل قوله في رواية معمر:"فإن الملائكة تقول: آمين، والإمام يقول: آمين"، فعلل باقتران تأمين الإمام والملائكة، ويكون معنى قوله "إذا أمن الإمام فأمنوا"؛ أي: إذا شرع في التأمين، أو أراده".
وانظر: الأم (1/ 109)، مسائل إسحاق بن منصور الكوسج (208 و 209)، أعلام الحديث للخطابي (1/ 507 - 511)، المحلى (3/ 264)، البيان للعمراني (2/ 191)، المجموع للنووي (3/ 318)، المغني (1/ 290)، التوضيح لابن الملقن (7/ 125)، الإعلام بفوائد عمدة الأحكام (2/ 582)، الفتح لابن حجر (2/ 264)، وغيرها كثير.
• قال ابن حبان: "معنى قوله صلى الله عليه وسلم: "فمن وافق تأمينه تأمين الملائكة"، أن الملائكة تقول: آمين، من غير علة؛ من رياء، وسمعة، أو إعجاب، بل تأمينها يكون خالصًا لله، فإذا أمَّن القارئ لله من غير أن يكون فيه علة؛ من إعجاب، أو رياء، أو سمعة، كان موافقًا تأمينه في الإخلاص تأمين الملائكة، غفر له حينئذ ما تقدم من ذنبه".
كذا قال، وانظر في تأويل ذلك عند: ابن عبد البر في التمهيد (7/ 15)، وابن الملقن في التوضيح (7/ 124)، وفي الإعلام (2/ 587).
937 -
سفيان، عن عاصم، عن أبي عثمان، عن بلال، أنه قال: يا رسول الله! لا تسبقني بآمين.
• المحفوظ فيه: مرسل.
أخرجه ابن خزيمة (1/ 287/ 573)، والهيثم بن كليب الشاشي (2/ 370/ 976)، وابن حزم في المحلى (3/ 263)، وابن عبد البر في التمهيد (7/ 15) و (9/ 189)، وفي الاستذكار (1/ 392)، والبغوي في شرح السُّنَّة (3/ 62/ 591).
هكذا رواه عن الثوري: وكيع بن الجراح، وعبد الرحمن بن مهدي، وعلي بن قادم.
وفي رواية وكيع عند ابن حزم وابن عبد البر في التمهيد (7/ 15): عن أبي عثمان [النهدي]؛ أن بلالًا قال:. . .، ولم يقل: عن بلال.
قال ابن خزيمة: "حدثنا محمد بن حسان الأزرق -بخبر غريب غريب؛ إن كان حفظ اتصال الإسناد-: حدثنا ابن مهدي. . ."، فذكره.
ثم قال: "هكذا أملى علينا محمد بن حسان هذا الحديث من أصله بين ظهراني أخبار الثوري عن عاصم، فقال: عن بلال، والرواة إنما يقولون في هذا الإسناد: عن أبي عثمان؛ أن بلالًا قال للنبي صلى الله عليه وسلم".
• ورواه عبد الرزاق، عن سفيان، عن عاصم، عن أبي عثمان، قال: قال بلال رضي الله عنه للنبي صلى الله عليه وسلم: لا تسبقني بآمين.
أخرجه عبد الرزاق في المصنف (2/ 96/ 2636)، ومن طريقه: الطبراني في الكبير (1/ 366/ 1124)[ووقع عنده: أن بلالًا]، والبيهقي (2/ 56)، والخطيب في التاريخ (2/ 277).
قال البيهقي: "ورواية عبد الرزاق أصح"؛ يعني: مرسلًا.
• ورواه شعبة، عن عاصم الأحول -قال شعبة: كتب به إليَّ، عن أبي عثمان، قال: قال بلال للنبي صلى الله عليه وسلم: لا تسبقني بآمين.
أخرجه أحمد (6/ 15)(11/ 5772/ 24551 - ط. المكنز).
هكذا رواه أحمد عن محمد بن جعفر غندر، عن شعبة به، على الصواب.
• وروي مقلوبًا: عن روح بن عبادة، وآدم بن أبي إياس:
عن شعبة، عن عاصم بن سليمان [وفي روايةٍ: كتب إليَّ عاصم بن سليمان]؛ أن أبا عثمان النهدي حدثه، عن بلال؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"لا تسبقني بآمين".
أخرجه الحاكم (1/ 219)، وعنه: البيهقي (2/ 56).
قال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه".
وقد مثل الحافظ ابن حجر في النكت على ابن الصلاح (2/ 878) بهذا الحديث على وقوع القلب في المتن دون الإسناد، وبين أن المحفوظ فيه من قول بلال، وهو كما قال.
• ورواه حفص بن غياث، وعبد الواحد بن زياد [وهما ثقتان]:
عن عاصم، عن أبي عثمان، قال: قال بلال: يا رسول الله! لا تسبقني بآمين.
أخرجه ابن أبي شيبة (2/ 187/ 7957)، والبيهقي (2/ 23).
قال البيهقي: "كذا رواه عبد الواحد بن زياد عن عاصم مرسلًا، وروي بإسناد ضعيف عن عاصم، عن أبي عثمان، عن سلمان قال: قال بلال، وليس بشيء؛ إنما رواية الجماعة الثقات عن عاصم دون ذكر سلمان".
• ورواه المغيرة بن مسلم القسملي [صدوق]، والقاسم بن معن [ثقة]:
عنِ عاصم -يعني: الأحول-، عن أبي عثمان، عن بلال؛ أنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم: لا تسبقني بآمين.
أخرجه البزار (4/ 210/ 1375)، والطبراني في الأوسط (7/ 191/ 7243)، وفي الكبير (1/ 366/ 1125).
قال البزار: "وهذا الحديث قد رواه غير واحد ولم يسنده، ورواه غير واحد وأسنده، ولا نعلم روى أبو عثمان عن بلال غير هذا الحديث".
وقال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن القاسم إلا عثمان بن سعيد، تفرد به: أبو كريب".
قلت: عثمان بن سعيد هذا هو: الكوفي الزيات الأحول الطبيب الصائغ، قال أبو حاتم:"لا بأس به"، وروى عنه جماعة من الحفاظ، منهم البخاري في جزء القراءة خلف الإمام، والإسناد إليه صحيح.
• ورواه محمد بن فضيل [صدوق عارف]: حدثنا عاصم، عن أبي عثمان، قال: قال بلال رضي الله عنه: يا رسول الله! لا تسبقني بآمين.
أخرجه أحمد (6/ 12)(11/ 5763/ 24513 - ط. المكنز).
ورواه البيهقي مقلوبًا من طريق أحمد في المسند؛ فقال في روايته: قال بلال رضي الله عنه:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تسبقني بآمين".
أخرجه البيهقي (2/ 23 و 56).
قال البيهقي: "فكأن بلالًا كان يؤمِّن قبل تأمين النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: "لا تسبقني بآمين"، كما قال: "إذا أمَّن الإمام فأمِّنوا".
• ورواه عباد بن عباد [المهلبي البصري، ثقة،: ثنا عاصم الأحول، عن أبي عثمان النهدي، عن بلال؛ أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم، فقال:"لا تسبقني بآمين".
أخرجه البيهقي (2/ 22 - 23)، بإسناد صحيح إلى عباد به.
• ورواه سفيان بن عيينة، عن سليمان التيمي، عن أبي عثمان النهدي؛ أن بلالًا قال: يا رسول الله! لا تسبقني بآمين.
أخرجه أبو بكر الشافعي في فوائده "الغيلانيات"(129)، قال: حدثني أبو منصور سليمان بن محمد بن الفضل بن جبريل البجلي: ثنا ابن أبي عمر: ثنا سفيان به.
قلت: محمد بن يحيى بن أبي عمر العدني، ثقة، لازم ابن عيينة، وكانت فيه غفلة، لكنه لا يثبت عنه، فإن شيخ أبي بكر الشافعي: ضعيف. [سؤالات الحاكم (105)، اللسان (4/ 172)].
وخالفه: سعيد بن عمرو الأشعثي [ثقة]: ثنا سفيان بن عيينة، عن سليمان التيمي، عن أبي عثمان، عن سلمان؛ أن بلالًا قال للنبي صلى الله عليه وسلم: لا تسبقني بآمين.
أخرجه الطبراني في الكبير (6/ 253 / 6136)، بإسناد صحيح إلى الأشعثي.
قلت: هو غريب من حديث ابن عيينة؛ إذ لم يروه عنه أصحابه المعروفون، وهم أمم، ولم يعرف النقاد هذا الطريق، ولم يشتهر عندهم، حتى قال البيهقي عن رواية الجماعة عن عاصم بن سليمان الأحول (2/ 23):"كذا رواه عبد الواحد بن زياد عن عاصم مرسلًا، وروي بإسناد ضعيف عن عاصم عن أبي عثمان عن سلمان قال: قال بلال، وليس بشيء؛ إنما رواية الجماعة الثقات عن عاصم دون ذكر سلمان"، مما يدل على أنه لم يقف على رواية ابن عيينة هذه، ولم يخرجها أصحاب الدواوين المشهورة السابقين على الطبراني، وعليه: فالحديث إنما يُعرف بعاصم الأحول، والله أعلم.
• قال ابن أبي حاتم في العلل (1/ 116/ 314): "سألت أبي عن حديث رواه محمد بن أبي بكر المقدمي، عن عباد بن عباد المهلَّبي، والصبَّاح بن سهل، عن عاصم الأحول، عن أبي عثمان، عن بلال؛ أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم، قال: لا تسبقني بآمين.
قال أبي: هذا خطأ؛ رواه الثقات عن عاصم، عن أبي عثمان؛ أن بلالًا قال للنبي صلى الله عليه وسلم، مرسل.
قلت: ما حال الصباح بن سهل؟ قال: شيخ مجهول، وعباد بن عباد: صدوق".
والحاصل: فإن المحفوظ في إسناد هذا الحديث عن عاصم الأحول: مرسل.
ومال إلى القول بإرساله: النووي في المجموع (3/ 226).
وقال ابن رجب في الفتح (4/ 490): "وقيل: إن أبا عثمان لم يسمع من بلال بالكلية؛ لأنه قدم المدينة في خلافة عمر، وقد كان بلال انتقل إلى الشام قبل ذلك.
وقد رواه هشام بن لاحق، عن عاصم، عن أبي عثمان، عن سلمان، عن بلال، فوصله. وهشام: تركه الإمام أحمد وغيره " [انظر ترجمة هشام في اللسان (8/ 341)].
وقال مغلطاي في شرح سنن ابن ماجه (5/ 269): "وفي الأحكام للشيخ الضياء: قيل: إن أبا عثمان لم يدرك بلالًا".
وقال العيني في عمدة القاري (6/ 49)، وفي شرح سنن أبي داود (4/ 200):"وقال الحاكم في الأحكام: قيل: إن أبا عثمان لم يدرك بلالًا".
938 -
قال أبو داود: حدثنا الوليد بن عتبة الدمشقي، ومحمود بن خالد، قالا: حدثنا الفريابي، عن صُبَيح بن مُحْرِز الحمصي: حدثني أبو مُصَبِّح المَقْرائي، قال: كنا نجلس إلى أبي زهير النُّمَيري، وكان من الصحابة، فيتحدث أحسن الحديث، فإذا دعا الرجلُ منا بدعاء قال: اختمه بآمين، فإن آمين مثل الطابَع على الصحيفة، قال أبو زهير: أُخبركم عن ذلك؟ خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة، فأتينا على رجل قد ألحَّ في المسألة، فوقف النبي صلى الله عليه وسلم، يستمع منه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"أوجب إنْ ختم"، فقال رجل من القوم: بأي شيءٍ يختم؟ قال: "بآمين، فإنه إن ختم بآمين فقد أوجب"، فانصرف الرجلُ الذي سأل النبيَّ صلى الله عليه وسلم، فأتى الرجلَ، فقال: اختم يا فلانُ بآمين، وأبشر. وهذا لفظ محمود.
قال أبو داود: المَقْراء: قَبِيلٌ من حِمْيَر.
• حديث ضعيف.
أخرجه من طريق أبي داود: البيهقي في الدعوات الكبير (661)، والبغوي في شرح السُّنَّة (5/ 206/ 1402).
• ورواه أيضًا عن محمد بن يوسف الفريابي: محمد بن إسماعيل البخاري، وعمر بن الخطاب السجستاني، وأحمد بن يوسف بن خالد السلمي النيسابوري، وسعيد بن عبدوس بن أبي زيدون الرملي كاتب الفريابي نزيل قيسارية [وهم ثقات]، وعبد الله بن محمد بن سعيد بن أبي مريم [ضعيف] حدث عن الفريابي بالبواطيل، إلا أنه أصاب هنا ووافق الثقات. اللسان (4/ 562)].
أخرجه البخاري في الكنى (32)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (3/ 119 /1442)، والدولابي في الكنى (1/ 94/ 198)، والطبراني في الكبير (22/ 296/ 756)، وفي الدعاء (218)، وابن منده في معرفة الصحابة (2/ 869)، وأبو نعيم في معرفة الصحابة (5/ 2898 / 6803).
قال ابن منده: "هذا حديث غريب، تفرد به الفريابي".
وقال ابن عبد البر في الاستيعاب (4/ 1662) في ترجمة أبي زهير الأنماري: "وليس إسناد حديثه بالقائم".
قلت: هذا إسناد ضعيف؛ صُبَيح بن مُحْرِز المقرائي الحمصي: لم يروِ عنه سوى الفريابي، وذكره ابن حبان في الثقات، فهو في عداد المجاهيل، ومما يؤكد جهالته أن البخاري ترجم له بقوله:"صالح بن محرز الحمصي: عن أبي مصبح، روى عنه: محمد بن يوسف الفريابي"، وتبعه على ذلك ابن حبان، وقد تُعُقِّب البخاري في ذلك [التاريخ الكبير (4/ 291)، الجرح والتعديل (4/ 450)، بيان خطأ البخاري (224)، الثقات (6/ 466)، المؤتلف للدارقطني (3/ 1453)، إكمال ابن ماكولا (5/ 167)، التهذيب (2/ 203)، الميزان (2/ 307)، إكمال مغلطاي (6/ 351)]، وبقية رجاله ثقات.
• ومما اشتهر في الباب في فضل التأمين:
حديث عائشة:
يرويه حماد بن سلمة: حدثنا سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن عائشة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"ما حسدتكم اليهود على شيء ما حسدتكم على السلام والتأمين".
أخرجه البخاري في الأدب المفرد (988)، وفي التاريخ الكبير (1/ 22)، وابن ماجه (856)، وإسحاق بن راهويه (2/ 540/ 1122)، وأبو العباس السراج في حديثه بانتقاء الشحامي (428).
• ورواه خالد بن عبد الله الواسطي، عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن عائشة، قالت: دخل يهودي على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: السام عليك يا محمد،. . . فذكر الحديث مطولًا، وفي آخره:"إن اليهودَ قومٌ حُسَّدٌ، وهم لا يحسدونا على شيء كما يحسدونا على السلام وعلى آمين".
أخرجه ابن خزيمة (1/ 288 / 574) و (3/ 38/ 1585)، وعنه: ابن حبان في الصلاة (16/ 1071/ 21645 - إتحاف المهرة).
وهذا إسناد صحيح، رجاله رجال مسلم.
قال مغلطاي في الإعلام بسنته (5/ 266): "هذا حديث إسناده صحيح على رسم مسلم".
• وله إسنادان آخران عن عائشة، أحدهما صالح، وفي الآخر: عبد الله بن ميسرة: اتفقوا على تضعيفه، وقال ابن عدي:"عامة ما يرويه لا يتابع عليه". [التهذيب (2/ 441)].
أخرجه البخاري في التاريخ الكبير (1/ 22)، وابن حبان في المجروحين (2/ 32)، وأحمد (6/ 134)(11/ 6036/ 25669 - ط. المكنز)، وبحشل في تاريخ واسط (135)، وابن عدي في الكامل (1/ 266) و (4/ 172)، وجعفر المستغفري في فضائل القرآن (679 و 684)، والبيهقي في السنن (2/ 56)، وفي الشعب (3/ 89/ 2968)، والخطيب في الموضح (2/ 215)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (52/ 124)، وابن حجر في نتائج الأفكار (2/ 27).
• وروي أيضًا: من حديث ابن عباس [أخرجه ابن ماجه (857)][وهو حديث منكر، تفرد به طلحة بن عمرو عن عطاء بن أبي رباح، وطلحة بن عمرو بن عثمان الحضرمي المكي: متروك، قال ابن عدي: "عامة ما يرويه لا يُتابع عليه". التهذيب (2/ 242)][وانظر: مصنف عبد الرزاق (2/ 98/ 2649)].
• ومن حديث أبي هريرة [أخرجه ابن عدي في الكامل (3/ 250)][وهو حديث باطل، تفرد به سليمان بن أرقم عن الزهري، وسليمان: متروك، منكر الحديث، روى أحاديث منكرة عن الزهري وغيره، ولا يُتابع على حديثه. انظر: التهذيب (2/ 83) وغيره].
• ومن حديث معاذ بن جبل [أخرجه الطبراني في الأوسط (5/ 146/ 4910)، وفي مسند الشاميين (3/ 114/ 1896)، ومن طريقه: ابن حجر في نتائج الأفكار (2/ 28)، [وهو حديث ضعيف، وسبق الكلام على بعض رجال إسناده تحت الحديث رقم (936) في طريق الزبيدي عن الزهري، وتكلم في إسناده ابن حجر].
• ومن حديث أنس [أخرجه الخطيب في تاريخ بغداد (11/ 43)، والضياء في المختارة (5/ 107/ 1729 و 1730)][وإسناده صحيح غريب].
• وفي الباب أيضًا مما روي في فضل التأمين، ولا يصح:
• عن أبي هريرة [عند: إسحاق بن راهويه في مسنده (1/ 298/315)، وأبي يعلى (11/ 296/ 6411)، وأبي الشيخ في الأمثال (277)، وجعفر المستغفري في فضائل القرآن (678)][وفي إسناده: ليث بن أبي سليم، وهو: ضعيف، لاختلاطه وعدم تميز حديثه].
• وعن أبي هريرة مرفوعًا: "آمين خاتم رب العالمين على عباده المؤمنين". [عند: الطبراني في الدعاء (219)، وابن عدي في الكامل (6/ 440)، والأزهري في تهذيب اللغة (15/ 368)، وأبي إسحاق الثعلبي في الكشف والبيان (1/ 126)، وابن حجر في نتائج الأفكار (2/ 33)][وهو حديث منكر؛ في إسناده: أبو أمية إسماعيل بن يعلى الثقفي، وهو: متروك، أحاديثه منكرة. اللسان (2/ 186)، والراوي عنه: مؤمل بن عبد الرحمن الثقفي: ضعيف، قال ابن عدي: "وهذا الحديث بهذا الإسناد لا يرويه عن أبي أمية بن يعلى -وإن كان ضعيفًا- غير مؤمل هذا"، ثم قال: "ولمؤمل غير ما ذكرت، وعامة حديثه غير محفوظ"، وقال ابن حجر: "حديث غريب"].
• وعن أبي هريرة مرفوعًا: "آمين قوة للدعاء"[عند: ابن عدي في الكامل (2/ 293)]