الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مصادره وثقافته من أجل الوصول بمادته إلى درجة كافية من الإقناع ويكون ذلك عن طريق تقديم الشواهد على صدق ما يقول والأمثلة على صحة ما يعرض، وذلك من التجارب السابقة والحالية والأحداث والوقائع المختلفة الداخلية والخارجية القديمة والجديدة، وهو في ذلك يشبه -إلى حد كبير- محرر التحقيق الصحفي.
- ويكون عليه كذلك أن يوائم أن يقرن بين دوائر الأهمية المختلفة، التي حددها بعضهم في ثلاث دوائر فقط هي دوائر:
أ- سياسة الصحيفة.
ب- صياغة المقال.
جـ- اهتمام القراء، والتي نضيف إليها من واقع تتبعنا لأحدث اتجاهات التحرير والمادة المنشورة نفسها دائرة رابعة هي:
د- صالح الوطن، وخامسة هي:
هـ- صالح الإنسانية، وهكذا.
تلك هي أبرز خصائص المقال الافتتاحي، مما يتفق وطبيعة هذه الصفحات لتكون لنا عودة إلى خصائص محرره ولغته في مكانهما بإذن الله.
أنواعه:
وقد ثبت من الدراسات العديدة التي تناولت هذا الموضوع أن المقال الافتتاحي ينقسم إلى ثلاثة أنواع أساسية هي:
أ- المقال الافتتاحي الشارع المفسر: وهو كما يتضح من هذا الاسم يركز فيه كاتبه على إطلاق الأضواء الكشافة التي يرى القارئ الحدث من خلالها واضحا "مكبرا" ومن هنا فهو يعتمد أولا على ثقافة الكاتب في موضوعه، وعلى رؤيته الشمولية الواضحة له، وتفيده في ذلك مصادر المعلومات المتاحة فائدة كبيرة لا سيما عن طريق تقديم الشواهد والتجارب والوقائع المماثلة التي تساعد على الشرح والتفسير وإذا كانوا يقولون إن الهدف الأول من هذا النوع من المقالات -في رأي باترسن وبري ورشدي صالح- تقديم التفسير الموضوعي للأحداث الداخلية والخارجية، فإن السؤال الذي يطرح
نفسه هو: إلى أي حد يمكن توافر هذه الموضوعية؟ ما دام الكاتب ملتزما بسياسة الصحيفة، والتي هي بالنسبة للصحف الحكومية والحزبية والموجهة، سياسة تقررها مصلحة هذه الجهات أولا، بصرف النظر عن موضوعيتها "الكاملة" أو أنها تراه موضوعية ولكن من خلال نظرتها إليها.
ب- المقال الافتتاحي النزالي: وهو يشبه دعوة إلى المبارزة بالكلمات حيث يقوم كاتبه بإلقاء القفاز في وجه معارضي رأي سياسي معين، أو دعوة، أو اتجاه، أو. . . في نفس الوقت الذي يقدم فيه الرأي أو الدعوة في الاتجاه أو الموقف المنافس. . . والذي يقف إلى جانبه بكل قوة، أي: إنه -في أسلوب آخر- مقال افتتاحي ينازل فيه كاتب من صحيفة هذه الاتجاهات كلها التي قد تطفو على سطح المجتمع، أو ترد على صفحات جريدة معارضة، أو ضمن مزاعم عدو للوطن أو للدين أو للتقاليد أو الإنسانية كلها، ومن هنا فنحن نقول إن أغلب المقالات الافتتاحية التي نشرتها الصحف العربية في مرحلة الاستعمار أو تنشرها في موضوع الحرب العربية الإسرائيلية، هي من هذا النوع الذي "ينازل" دعاوى الاستعمار والصهيونية.
جـ- المقال الافتتاحي المستكشف أو المتنبئ: وهو الذي يركز فيه كاتبه من خلال سياسة الصحيفة وفي ضوئها على تلمس مسار خبر هام جدا، وتتبعه في تطوراته حتى يمكنه وضع تصور خاص يتضمن توقعاته، إسنادا إلى. . . . العديدة لما يمكن أن يسفر عنه مثل هذا الخبر "المستمر" من نتائج يمكن أن تحدث غدا أو بعد غد، أو -في أسلوب آخر- أن محرره يقوم بعملية "استكشاف" أو "تنبؤ" بما يمكن أن يحدث نتيجة لوقوع الحدث، أو تفجر القضية، أو اتخاذ الموقف وواضح في جميع الأحوال أن المحرر لن يتمكن من ذلك إلا في حالة معرفته الكاملة بحقائق الحدث وإدراكه الشامل لجوانبه وزواياه وأبعاده الحالية وتلك المتصلة بالمستقبل، مباشرة وغير مباشرة.
كذلك، ومن خلال دراستنا الخاصة للمادة المنشورة فوق الصفحات وتتبع هذه النوعية الهامة من المقالات فقد أمكن ملاحظة أن هناك عدة اتجاهات حديثة تتصل بنوعيات أخرى بعضها ليس جديدا تماما على تلك السابقة، وبعضها الآخر يعتبر جديدا تماما، وأهمها -مما رصدنا ملامحه وخصائصه وأبعاده- هذه كلها:
د- المقال الافتتاحي ثنائي أو ثلاثي الموضوع: وهو يمثل اتجاها جديدا في كتابة
المقالات الافتتاحية يقوم على تقسيم المقال الواحد إلى مقالين أو ثلاثة مقالات، فأما إن كان من مقالين فيكون أحدهما "داخلي" أو يتناول" موضوعا داخليا والآخر "خارجي" أو يكون أحدهما محلي الطابع، والآخر يتناول موضوعا عربيا، فإذا كان المقال ثلاثي الموضوع فيكون "محليا، عربيا، إسلاميا" أو يكون "محليا، عربيا، عالميا"، وهكذا، وواضح أنه هنا يتكون من وحدتين أو ثلاث وحدات تقوم كل منهما أو منها بوظيفة مقال افتتاحي كامل ومختصر، له أهم خصائص المقالات ولا أقول جميعها، كما أنه يكون له من الطول والمساحة ما يفوق أطوال ومساحة المقالة الافتتاحية العادية وقد يكتفى -بالنسبة له- بالعنوان الثابت في أغلب الأحوال، كما أن هناك اتجاه آخر يفصل بين المقالين أو المقالات الثلاثة فيصبح كل مقالة وحدة تحريرية مستقلة، تمثل مقالا متكامل الأبعاد.
هـ- المقال الافتتاحي المقارن: وهو يقوم على أساس المقارنة بين رأيين أو اتجاهين أو موقفين أو نتيجتين، بحيث يقوم كاتبه بعرضهما وعقد مقارنة بينهما والخروج منها بنتائج واضحة ومحددة، وذلك في ضوء وعلى هدي سياسة الجريدة نفسها، وقد انتشرت هذه المقالات في الصحف الحزبية وصحف المعارضة،. . . . عقد المقارنات بين مواقف الأحزاب التي تمثلها ومواقف غيرها. كما تنشرها أيضا الصحف الحكومية والرسمية للغرض نفسه.
ومقال الدعوة إلى موقف أو عمل ما: وكاتبه لا يقف عند حد عرض الأخبار أو الآراء أو المواقف ومناقشتها والوصول إلى نتيجة بشأنها إنما يواصل دوره "القائد"، وذلك بدعوة القراء أو الجماهير إلى اتخاذ موقف إيجابي ما بشأن موضوع المقال كالدعوة إلى مقاطعة بضاعة أجنبية معينة، أو الامتناع عن شراء ما هو غير وطني، أو الدعوة إلى معاقبة المفطر في شهر رمضان علنا، أو إلى تغيير قانون ما غير كافية أحكامه لردع الجشعين أو المستغلين، وهو مقال هام وإيجابي وله دوره الكبير على مسار حركات الوطنية.
ز- المقال الافتتاحي التحذيري: وهو يشبه في كثير من الأحوال، النوع السابق من هذه المقالات -الدعوة إلى موقف أو عمل- كما يشبه أيضا المقال المستكشف أو المتنبئ، أو على وجه التحديد، ينطلق هذا المقال في فكرته الأساسية وخطه الواضح من حيث يتوقف النوعان السابقان حيث يضيف إلى عنصري الاستكشاف والدعوة إلى
موقف، التنبيه إلى خطر قادم، أو شر محدق أو نتيجة ينتظر أن يكون لها مثل هذا الأثر، تماما كما يكون اتجاهه الأساسي، إيقاظ النائم وتنبيه الغافل، ودق أجراس الخطر، وذلك على نحو ما جاء -شعرا- في قصيدة الشاعر العربي الذي أرسل ينصح قومه لما رأى الأعداء يعدون العدة للهجوم عليهم:
ما لي أراكم نياما في بلهنية
…
وقد ترون شهاب الحرب قد سطعا
وهو مقال شائع الاستخدام، وقد نشر بكثرة خلال أحداث الحرب اللبنانية الإسرائيلية الأخيرة، وما يزال ينشر لصلته القوية -للأسف الشديد- بالأوضاع العربية الحالية.
جـ- المقال الافتتاحي "المهني": وهو مقال "مجلة" أصلا، كما تقبل على نشره بعض الصحف الأسبوعية، ولها في ذلك طرق واتجاهات عديدة حيث ينشر كافتتاحية أولى، أو مع غيره كافتتاحية ثانية، أو كمقال موجه من رئيس التحرير أو أسرة التحرير أو هيئته إلى القارئ، أو كمقال قائد موقع حيث يخرج هنا من مجال هذه السطور، أما في الحالات السابقة فإنه يكون نوعا من أنواع الافتتاحيات ولكنه نوع له طابعه الخاص جدا الذي يتصل بـ"المهنة" نفسها والعمل الصحفي ذاته ومن هنا تنشره بعض الصحف اليومية إضافة إلى المجلات الأسبوعية حيث تحدث فيه عن صورة من صور العمل أو تجربة من تجاربه أو مشكلة من مشكلاته أو جديد يتصل به أو عند. . . . بين الصحيفة والمجتمع الخارجي أو النظم أو القوانين الموجودة أو عن تجربة محرر أو عن قصة بعض المواد المنشورة أو عن ردود فعل إيجابية لبعض المواد التي نشرتها من قبل المسئولين أو القراء أو عن رسالة هامة من قارئ أو نجم وما إلى ذلك كله، على أنه ينبغي في جميع الأحوال أن يكون هناك ما يقال من مادة ذات فائدة ما.
ط- المقال الافتتاحي العام: أو "المحوري الشامل" والذي يجمع في إطار واحد بين عدد من النوعيات السابقة أي: إن كاتبه يشرح ويفسر الحدث "النوع أ" ولا بأس من مقارنة بين موقفين أو اتجاهين "هـ" كما قد تأخذ المقارنة الطابع النزالي أو تمتد إليه "ب" وقد يقوم الكاتب بدعوة القراء إلى موقف أو عمل ما استنادا إلى المقدمات السابقة "و" وقد يواصل حديثه باستكشاف أو توقع ما يمكن أن يحدث نتيجة لذلك "النوع جـ" ومن هنا فهذا المقال يكون أشمل المقالات الافتتاحية وأطولها وأكبرها مساحة، وإليه تنتمي المقالات الافتتاحية "الكلاسيكية" التي كانت الصحف العربية عامة والمصرية والعراقية