المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

تثيره أفكار الكاتب، والمجالات المتعددة التي يطرقها. 8- تدريب القارئ وتعويده - فنون التحرير الصحفي بين النظرية والتطبيق المقال الصحفي

[محمود أدهم]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌الفصل الأول: ماهية المقال الصحفي وقصته

- ‌مدخل

- ‌أولا: ماهية المقال الصحفي

- ‌ثانيا: المقال: تاريخ وصور

- ‌الفصل الثاني: دور المقال وأهميته

- ‌مدخل

- ‌ ماذا يريد القارئ اليوم

- ‌ الصحافة العربية.. وفن المقال

- ‌الفصل الثالث: في أنواع المقال الصحفي

- ‌مدخل

- ‌المبحث الأول: المقال الصحفي العام

- ‌المبحث الثاني: الافتتاحية أو المقال الافتتاحي

- ‌تعريفه

- ‌خصائصه:

- ‌أنواعه:

- ‌إضافات وملاحظات:

- ‌محرره:

- ‌تحريره:

- ‌جولة عربية:

- ‌المبحث الثالث: المقال القائد الموقع

- ‌المبحث الرابع: مقال التعليق

- ‌المبحث الخامس: مقال التفسير

- ‌المبحث السادس: المقال العمودي أو العمود الصحفي

- ‌مدخل

- ‌ تعريف:

- ‌من قصته:

- ‌أنواعه:

- ‌خصائصه:

- ‌الخصائص العشر اللازمة لمحرر العمود الصحفي:

- ‌أعمدة شهيرة:

- ‌تحريره:

- ‌المبحث السابع: اليوميات

- ‌مدخل

- ‌تعريفه:

- ‌وظائفه:

- ‌أنواعه:

- ‌خصائصه:

- ‌محرره:

- ‌تحريره:

- ‌الفصل الرابع: حول المقال الصحفي إضافات ومعالم

- ‌أولا: إضافات تحريرية

- ‌ثانيا: لغة المقال الصحفي

- ‌مدخل

- ‌ إضافة:

- ‌إضافة أخرى:

- ‌ خصائص:

- ‌ثالثا: مؤثرات المقال

- ‌النماذج التحريرية

- ‌أنموذج رقم "2

- ‌ أنموذج رقم "3

- ‌أنموذج رقم "4

- ‌أنموذج رقم "5

- ‌ أنموذج رقم"6

- ‌أنموذج رقم "7

- ‌أنموذج رقم "8

- ‌أنموذج رقم "9

- ‌أنموذج رقم "10

- ‌أنموذج رقم "11

- ‌ أنموذج رقم "12

- ‌أنموذج رقم "13

- ‌أنموذج رقم "14

- ‌أنموذج رقم "15

- ‌ أنموذج رقم "16

- ‌أنموذج رقم "17

- ‌أنموذج رقم "18

- ‌ أنموذج رقم "19

- ‌أهم مراجع الكتاب:

- ‌أولا: المراجع العربية والمعربة

- ‌ثانيا: صحف عربية

- ‌ثالثا: أهم المراجع الأجنبية

- ‌محتوى الكتاب:

الفصل: تثيره أفكار الكاتب، والمجالات المتعددة التي يطرقها. 8- تدريب القارئ وتعويده

تثيره أفكار الكاتب، والمجالات المتعددة التي يطرقها.

8-

تدريب القارئ وتعويده تنظيم أفكاره، وحسن التعبير عنها انطلاقا من الفكر المنظم لكاتبه.

9-

المساهمة الإيجابية في تكوين شخصية الصحيفة وارتباطها بمقالات معينة لكتاب يرتبطون في ذهن القارئ بها وحتى المساهمة في تعرف القارئ على شكلها عند الموزع أو في وسيلة المواصلات.

10-

مساعدة القارئ على قضاء وقت فراغ مفيد وبطريقة إيجابية.

11-

تنمية المشاعر والحواس الإنسانية والارتقاء بها عند القراء، وما يمتد إليه ذلك من تأثير.

- إعطاء فرصة أكبر لتكوين الرأي العام والمساهمة في دعم المجتمع الديموقراطي بواسطة الكلمة الصادقة والحرة والشريفة أيضا.

- مساعدة الصحيفة على مواجهة المنافسة الحادة بينها وبين الصحف الأخرى، وحيث يكون لكتابها -الذين يحق لها أن تفتخر بهم وبوجودهم ضمن أعضاء أسرتها- دورهم الكبير في ذلك انطلاقا من شهرتهم الكبيرة، وجذبهم لأعداد غير قليلة من القراء وقيامهم بالمواءمة بين صحافتي الرأي والخبر ودورهم القيادي نفسه.

ص: 182

‌أنواعه:

وإذا كان من المفروض أن هذا المقال يتركز في يوميات الكاتب المقسمة إلى فقرات كل منها تتحدث عن يوم من الأيام، مما يعني تركيزه على نوع واحد هو "اليوميات المختلطة والمتنوعة".. كما سنشير إلى ذلك فإن من الواضح أنه قد أصبحت هناك اتجاهات عديدة تضاف -من جهة- إلى هذا النوع الأساسي القاعدي كما أنها من جهة أخرى تمثل مضمونا تختلف مادته من فقرة لأخرى، ومن مقالة لثانية، ومن كاتب لكاتب، ومن هنا وسواء اتخذ المقال بشكل الفقرات العديدة المرتبطة أو غير المرتبطة بأيام الأسبوع، أو كان نهرا في حد ذاته، فإن من الملاحظ أن هذه المقالات يمكن تقسيمها "موضوعيا"، أو طبقا لمضمونها الغالب عليها إلى هذه الأنواع كلها:

ص: 182

1-

المقال الذي يتصل بخواطر المحرر وتأملاته وانطباعاته عن الناس والحياة والمجتمع والسلوكيات، وهو ما يصدق عليه هنا بحق تعبير "مقال الخواطر والتأملات" وهو من أقربها إلى المقالات الأدبية، بل إن تعبيرنا الذي ذكرناه في كتبنا السابقة، وكتابنا هذا "الأدب الصحفي" ليصدق عليه أولا قبل أن يصدق على غيره من أنواع المقالات الأخرى، وكثيرا ما يكون كاتبه من خارج أسرة الصحيفة، إذا لم يكن هناك من يقدر على كتابته من أعضاء هذه الأسرة وإن كنا نشك في ذلك؛ لأن بعض الصحف يحرص على أن يكون مثل هذا الكاتب أو الأديب الموهوب ضمن أعضاء أسرتها، بل ومجلس إدارتها أحيانا1، كما أشرنا إلى ذلك من قبل.

2-

المقال في الاتجاه الديني ويقوم بتحريره "المحرر الديني" أو أحد الكتاب بالصحيفة أو المجلة أو من خارج أسرتها ويربط فيها بين الدين والحياة، أو الدين والمجتمع، كما يتناول المسائل الدينية المختلفة والعبادات وأمور الشريعة الغراء، والاتجاهات الدينية، وما إلى ذلك كله تناولا بسيطا يختلف عن تناوله لها عندما يكتب في مجلة أو جريدة متخصصة وهكذا.

3-

مقال "الاعترافات": وهو يركز على ذكريات الكاتب ومذكراته، وعلى ما مر به من تجارب وخبرات، وكذا على أمور فرحه وحزنه ولقاءاته ومواقفه، بشرط أن يكون كاتب هذا المقال من النجوم في صحيفته ومجتمعه معا، وأكثر شهرة من غيره من الكتاب، بل أكثر شهرة من غيره من كتاب هذه المقالة نفسها، وأن يعرف أيضا كيف يقول ما عنده بالأسلوب الذي يجذب القراء نحوه، وقد ألمحنا -عند حديثنا عن تاريخ فن المقال- إلى أن مقال "الاعترافات" له أصل في الأدب العربي وفي الآداب العالمية، خاصة بالنسبة لذلك الفن الأدبي الذي يعرف باسم "الترجمة الشخصية".

ولا نريد هنا -طبعا- أن نقول إن هذا المقال يتناول ترجمة شخصية لكاتبه، ولكن نريد أن نقول إنه يأخذ كثيرا من خصائص وملامح هذا الفن الأدبي، خاصة ما يتصل بـ"روح المقال" وحسن اختيار الوقائع، وصدق التعبير وعرض الطبائع الإنسانية وكثرة المعلومات ونقل الصور والمشاهد العديدة التي يفصل بينها وبين القراء مسافات بعيدة زمنية وجغرافية معا وهكذا.

1 مثل الأساتذة: "توفيق الحكيم، نجيب محفوظ، ثروت أباظة".. وغيرهم بالنسبة لأسرة صحيفة "الأهرام".

ص: 183

4-

المقال النقدي: ولكن النقد هنا لا يطغى عليه المعنى العلمي1 الذي يركز على تطور الأنواع الأدبية كما نادى بذلك أول من نادى الفرنسي "فردينان برونتير" وهي النظرية التي حاربها جمهور النقاد والأدباء أنفسهم بعد ذلك، وليس هو أيضا النقد التاريخي2 الذي يهدف إلى "تفسير الظواهر الأدبية والمؤلفات وشخصيات الكاتب فهو يعنى بالفهم والتفهيم أكثر من عنايته بالحكم والمفاضلة"3، وليس هو كذلك النقد اللغوي الذي يعنى بصحة اللغة وجمال الأسلوب وصدق التعبير وإتقان الكتابة وأحكام الصنعة، أو في أسلوب آخر إن المقال النقدي لا يشمل هنا النقد بمعناه الضيق الذي يعني فقط:"تحليل القطع الأدبية وتقدير ما لها من قيمة فنية"4، أو الحكم على البرنامج أو مجموع البرامج أو الفيلم أو المسرحية أو الكتاب أو الدراسة، وإظهار ما له، وما عليه، وما يتفرع عن ذلك كله من ملاحظات وآراء وأحكام ونتائج مختلفة، وإنما يعنى النقد هنا أكثر من ذلك كله، ويضيف إلى هذه المفاهيم السابقة، نقد كل ما يقع تحت سمع وبصر الكاتب من شخصيات وأفكار وآراء واتجاهات ومواقف ومشاهد ولوائح وقوانين وأحزاب وما إليها.

فالهجوم على فريق رياضي بمناسبة نتائجه السيئة هو نقد، وليس ضروريا أن يتم ذلك بمعرفة المحرر أو الناقد الرياضي، وبيان ما للائحة العاملين الجديدة من مزايا وما بها من ثغرات هو نقد أيضا، والهجوم على بعض رؤساء الأحياء غير النظيفة والدعوة إلى مكافأة غيرهم هو نقد أيضا، وهكذا تتسع الدائرة، ويصبح الكاتب بحق، لسان مجتمعه المؤيد والمعارض معا.

5-

المقال الفكاهي: وهو من أبرز أنواع مقالات اليوميات الصحفية وأقربها إلى قلوب القراء، وصحيح أنه مقال قريب الشبه جدا بالمقال السابق "النقدي" وإلى حد اعتبار بعض المؤلفين لهما على أنهما نوعية واحدة، ولكننا -في واقع الأمر- نميل إلى الفصل بين النقد "الجاد" للائحة أو قانون أو حزب أو كتاب، حتى وإن ارتفع صوت ناقده وإن وردت خلال مقاله عدة كلمات ساخرة، نميل إلى الفصل

1 "Critique Scientifque".

2 "Critique Historique".

3 محمد مندور: "في الأدب والنقد" ص20.

4 شوقي ضيف: "النقد" ص9.

ص: 184

بين هذا النقد وبين ذلك النوع الذي تطغى فيه الفكاهة على ما عداها، وتكون هي النغمة السائدة، والمرتفعة من أول المقال إلى آخره، ومن هنا فإطلاق تعبير "المقال الكاريكاتوري" يصح أيضا على هذا النوع، وحيث يكون لكاتبه أن يفعل كما يفعل الرسام الكاريكاتوري، أي: لا يكتفي بإظهار العيوب ووضع يد القراء عليها، وإنما يقوم بتوضيحها وإبرازها وتجسيمها والمبالغة فيها والتهويل من شأنها أيضا، وذلك على النحو الذي وضعه رائد هذا الفن الأدبي الصحفي -معا- الأديب الصحفي "الجاحظ" وعلى نحو ما فعله من كتاب الجيل السابق "عبد العزيز البشري، فكري أباظة، أحمد حافظ عوض" وعلى نحو ما يفعل من كتاب الجيل الحالي: "أحمد بهجت، محمود السعدني، محمود عفيفي، عباس الأسواني، أحمد رجب، فايز حلاوة" وغيرهم.

6-

المقال القصصي: وهو ليس بالمعنى المفهوم، وإنما بعض الأحداث التي عاشها الكاتب والوقائع التي عاصرها، والمشاهد التي رآها، تمر من خلال فكره، أو بوتقته الخاصة لتنصهر فيها ثم تتحول بمقدرة فائقة إلى مقال قصصي يضيف إليه الكاتب كثير من عندياته، أو في أسلوب آخر إنها رصد الحياة بمن فيها وما فيها يضعها الكاتب الصحفي -الأديب- في قالب قصصي بعد أن يضيف إليها كل ذلك، ولا أقول يضيف الخيال، إلا بقدر، ودون أن يسرف في ذلك، دون أن يتجاهل ما يتصل بعناصر الطرافة والتشويش، ولقد كان من أبرز من كتبوا هذا المقال على مستوى الصحافة العربية "د. طه حسين، توفيق الحكيم، المازني، حمزة شحاته، أحمد السباعي" وغيرهم، وواضح أنه لا يقدر على كتابته، ولا يستطيع أيضا إلا من يملك حسا أدبيا وقلما يمكنه التعبير الجيد، ولذلك فإن ما قلناه عن انتساب كتاب مقال "الخواطر والتأملات" إلى الأدب يصدق أيضا على هؤلاء.

7-

مقال "الصورة القلمية" وقريب من المقال السابق -القصصي- ذلك اللون الإبداعي الذي يقوم فيه صاحبه برسم صورة ليست بالفرشاة والألوان، أو بواسطة آلة التصوير، أو بالضوء وإنما يقوم برسم صورة قلمية هي في أغلب الأحوال صورة الشخصيات عرفها وتعامل معها وخبرها أيضا خلال رحلة حياته، وما تزال في ذاكرته تعيش إن كانت قديمة، أو تقوم وتمشي وتتحدث وتجادل وتنشط وتلهو إن كانت حديثة، ولكنها في جميع الأحوال قائمة في ذهنه بمنظرها وهيئتها وملابسها وأفعالها وأقوالها، ومن هنا ولأن القراء يقبلون على هذا النوع من أنواع

ص: 185

المقالات، فإن كتابه يستجيبون لهم ويحدثونهم عن مثل هذه الموضوعات على طريقة الصورة القلمية التي يقومون برسمها لها، وإذا كانت كلمة الصورة تستعمل عادة:"للدلالة على كل ما له صلة بالتعبير الحسي وتطلق أحيانا مرادفة للاستعمال الاستعاري للكلمات"1 فإننا لا نقوم هنا برسم صورة أدبية كاملة كما يفعل الشاعر أو كاتب القصة مثلا، وإنما ننقل بقلمنا صورة واقعية في أغلبها لأشخاص عاشوا بيننا وعشنا بينهم وذلك من مثل:"صديق قديم له من أيام الطفولة يتحدث عنه، صديق جامعي يسأل أين هو الآن، صديق من أيام القرية كانت له هوايات غريبة، مأذون القرية وقصصه، العمدة، موظف البريد بالقرية الذي ضبط وهو يفتح خطابات أهلها، خفير القرية العجوز الذي حاول منع القطار من المرور بالقرية؛ لأنه أخذ ابنه إلى المدينة ولم يعد به فمات تحت عجلاته، أول شخص قابله في الجامعة وصار صديقا بعد ذلك، بعض الوجوه التي لا ينساها والتي التقى بها خلال حياته الجامعية، بعض الشخصيات التي عرفها أثناء عمله الصحفي، الوجوه التي لا ينساها خلال رحلة خارجية كبيرة له".. إلخ، وقد تميز بهذا اللون من الكتابات الأساتذة:"محمود تيمور، أحمد الصاوي محمد، محمد زكي عبد القادر، ثروت أباطة، أحمد بهجت "وغيرهم.

8-

مقال الرحلات: كثيرة هي الرحلات الداخلية والخارجية التي يقوم بها المحررون وكتاب المقالات، ثم يعود كل منهم وفي جعبته الكثير من الصور والمشاهد التي تستحق التناول، ولكن -أيهما- لا يكتب هنا لونا من ألوان "أدب الرحلات"2 بنوعيه الخرافي الذي عرفه الأدب المصري القديم كقصة "الملاح الغريق" أو الأدب العربي كسيرة "سيف بن ذي يزن" وكذا رحلات "بديع الزمان الهمذاني" في مقاماته، أو رحلات " السندباد البحري" التي وردت في قصص "ألف ليلة وليلة"، ومعناه "هزار أفسان" أي:"الخرافات الألف"، كما لا يكتب أيضا عن أدب الرحلات الواقعي القديم الذي ورد في حكايات الرحالة القدماء منذ أيام حرخوف وسنوحي وسفن حتشبسوت ثم المغامرين أيام الإمبراطورية الرومانية، أو الذين كتبوا بعناية يصفون البلاد المختلفة

كالمؤرخ هيرودوت وككتاب بوزانايس "جولة في بلاد الأغريق" الذي يعود إلى نهاية القرن الثاني بعد الميلاد "والذي ترك بصماته واضحة على أدب الرحلات

1 مصطفى ناصف: "الصورة الأدبية" من المقدمة ص3.

2 Travel Literature.

ص: 186

حتى يومنا هذا"1، والذي برع فيه الرحالة العرب من أمثال: "ابن جبير، الحموي، الاصطخري، أبو دلف، المسعودي، ابن بطوطة" وغيرهم من الجوابين، والرحالة ورجال الجغرافية الوصفية.

لا يكتب المحرر أو الكاتب هنا مثل هذا اللون، كما لا يكتب أيضا تحقيقا صحفيا من تحقيقات الرحلات -وإن اختلطت هذه بتلك، ولاعتبارها ذات مصدر أو معين واحد- وإنما يقوم بكتابة مقال رحلات وصفي يتحدث فيه حديثا ذاتيا عن الصور والمشاهد التي رآها، وانطباعاته عنها وكيف رآها ويضفي عليها الكثير من طابعه الخاص وأسلوبه الخاص ورؤيته الخاصة التي قد تختلف عن رؤية الآخرين لها، كما يحاول أن يقترب من قارئ الصحيفة، وليس كتاب أدب الرحلات كلما أمكنه ذلك، دون إخلال بالجوانب الذاتية نفسها، وقد برع في هذه المقالات "أحمد عبد الرحيم، بشارة تقلا، محمد حسين هيكل، محمد ثابت، أمين الريحاني، أحمد الصاوي محمد، أنيس منصور، محمد زكي عبد القادر، حمد الجاسر، جاذبية صدقي، حسين فوزي" وغيرهم.

9-

مقال الغد: ويطلق عليه أيضا "مقال المستقبل" حيث يكون الاتجاه الغالب عليه هو التبشير بما يقدمه العلم من فرص كبيرة للانطلاق والتقدم وحل مشكلات الإنسان، وما يتصل بمسائل التعليم والتنمية ورحلات الفضاء، وما ينتظر الإنسان خلالها ووجود نظام اقتصادي عالمي، وما يتصل بالقضاء على الجوع والفقر، والجهل والمرض، وإلى غير هذه الأمور التي تجذب جميع القراء الذين أصبحوا يتأثرون بما يحدث في هذه المجالات كلها في ظلال تقدم وسائل الاتصال، وإمكانية الحصول على الوسائل المتقدمة بالنسبة لدول كثيرة كانت تعتبر في عداد الدول النامية، ثم أمكنها استغلال مواردها وثرواتها الطبيعية التي حباها الله بها، مما جعلها على استعداد كبير لتقبل جوانب التقدم العلمي والتكنولوجي والإفادة منها، خاصة والأنباء تحمل إلينا صور التقدم المختلفة والتطورات الهائلة التي تحدث كل يوم، وتكون هي مجال هذه النوعية من المقالات التي أصبح لها كتابها من المعروفين في دولهم وفي العالم كله، وبعد أن كانت كتاباتهم تنزوي على استحياء بعض الزوايا أو الأركان

1 نبيل راغب: "دليل الناقد الأدبي" ص9.

ص: 187

الخاصة، إذ بها تقفز إلى الأعمدة، ثم إلى مقالات اليوميات نفسها، انعكاسا لأثرها وأهمية مادتها وإقبال القراء عليها.

10-

المقال التاريخي: إذا كان التاريخ يصبح خبرا في بعض الأحيان، عندما يبرز الجديد الذي يتصل بحدث قديم، أو عندما يكشف النقاب عن سر تاريخي، أو عند وقوع كشف أثري تكون له نتائجه الجديدة، وحيث يتحقق هنا عنصر "الجدة"1، حتى وإن كان الخبر يتصل بموضوع قديم أو "على سبيل استكمال جوانب بعض الأخبار التي جدت بشأنها بعض الوقائع والظروف الجديدة، أو عندما يحدث ذلك الجديد الذي يتصل بموضوع قديم"2، إذا كان التاريخ يصبح خبرا في مثل هذه الأحوال، فإنه يصبح مقالا كذلك، ومن هنا نقول إن هناك من كتاب اليوميات من يبدي اهتماما كبيرا بالجانب التاريخي، وإلى درجة التخصص في بعض الأحيان، حيث يمكنه هنا أن يحول كل مقال إلى ورقة بحث مختصر، أو كل عدة مقالات إلى مبحث تاريخي يقدم الجديد الذي يغير بعض المفاهيم التاريخية السائدة، أو يتناول موضوعا قديما من زاوية جديدة، أو يطالب بإعادة بحث بعض الوقائع التاريخية المشكوك في صحتها، كما قد يكون لبعض الكتاب اهتمامات تاريخية خاصة تتيح له أن يتناول من آن لآخر بعض الموضوعات المتصلة بها على هذا النحو.

ولعل كاتب هذا المقال -في النهاية- وهو يهتم بالماضي عن طريق الاستقصاء والبحث والدرس والاهتمام بالتجارب والأحداث والوقائع والشخصيات الماضية، يختلف كثيرا عن كاتب المقال السابق الذي يعمل في مجال الغد، وفي محيط المستقبل.

11-

المقال المختلط أو المتنوع: ولا يعني تأخير ثبته ضمن هذه القائمة حتى الآن أنه أقل من غيره من المقالات أهمية، أو أخف أثرا في نفوس وعقول القراء، بل العكس من ذلك هو الصحيح؛ وذلك لأنه فضلا عن مسايرته للاتجاه العام الرئيسي لهذه المقالات، ومواكبته للفلسفة التي تقوم عليها، وتعبيره الوظيفي الكامل عن مفهوم "مقال الفقرات" وأيضا "اليوميات".. فضلا عن ذلك كله، ومما

1 "Timeliness".

2 محمود أدهم: "فن الخبر" ص495.

ص: 188

يجعله الأقرب إلى طابع وطبيعة هذه النوعية، فإن في تنوع مجالاته، واهتمامه وأخذه من بعض المقالات السابقة بطرف يتمثل في فقرة معينة، ثم بطرف آخر في إطار مقال آخر.. وهكذا.. في ذلك ما فيه من جوانب إيجابية عديدة تتمثل في زيادة فائدته، وتعدد جوانب منفعته، ونجاحه في جذب أكبر عدد ممكن من القراء إليه، من متنوعي الثقافات والاهتمامات، الذين يجذبهم تعدد فقراته وتنوعها، وذلك بالإضافة إلى سهولة كتابته -نوعا ما- عن المقالات ذات الاتجاه الواحد، تلك التي قد لا تجيد كتابتها بالطريقة المطلوبة والأسلوب الذي يقبل عليه القراء، ويحقق الهدف منها غير قلة من الكتاب قد لا تتوافر للصحيفة، وقد لا تتوافر على مستوى بعض البلاد التي ما تزال صحافتها تحاول إثبات وجودها، وأدبها أيضا.

من هنا، نعود إلى القول والتأكيد، بأن هذا المقال "المتنوع" هو الأصل والأساس، وكلما وجد الكاتب الذي يجيد اختيار المواد المتنوعة الجذابة والمفيدة، ثم التعبير عنها بصدق وقوة، كلما كان ذلك أقرب إلى طبائع الأشياء، وإلى النجاح نفسه للكاتب والصحيفة معا، خاصة إذا ندر وجود من يقوم بتحرير الأنواع السابقة، وعلى النحو الذي تناولناها به.

على أن التنوع هنا لا يرتبط بشكل معين، أو بحجم ثابت لكل فقرة، فقد تطول فقرة وقد تقصر أخرى، وقد يتضاعف طول إحدى الفقرات حتى لتستغرق أكثر طول المقال نفسه، بحيث لا تكون هناك مساحة لغير سطور قليلة تكتب فيها بعض الخواطر أو المأثورات أو الطرائف أو التوقيعات، إلى غير ذلك كله من مادة مختصرة تماما.

وإذا كانت السطور القادمة سوف تزيد من وضوح ما يتصل بمضمون هذه النوعيات، وبعد حديثنا عما يتصل بشكل مقال اليوميات -بإذن الله- فإننا نتوقف هنا عند عدد من الملاحظات السريعة التي تتصل بهذه النوعيات نفسها عن قرب، ما هي؟.

- أهمية الإشارة إلى أن هذه الأنواع نفسها تتبع "التقسيم الموضوعي" الذي فضلناه هنا على غيره من التقسيمات، بينما سنلم -بإذن الله- بأهم معالم التقسيمات الأخرى، خلال الفقرات القادمة، خاصة ما يتصل منها بالجانب الشكلي.

ص: 189