المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المبحث الخامس: مقال التفسير - فنون التحرير الصحفي بين النظرية والتطبيق المقال الصحفي

[محمود أدهم]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌الفصل الأول: ماهية المقال الصحفي وقصته

- ‌مدخل

- ‌أولا: ماهية المقال الصحفي

- ‌ثانيا: المقال: تاريخ وصور

- ‌الفصل الثاني: دور المقال وأهميته

- ‌مدخل

- ‌ ماذا يريد القارئ اليوم

- ‌ الصحافة العربية.. وفن المقال

- ‌الفصل الثالث: في أنواع المقال الصحفي

- ‌مدخل

- ‌المبحث الأول: المقال الصحفي العام

- ‌المبحث الثاني: الافتتاحية أو المقال الافتتاحي

- ‌تعريفه

- ‌خصائصه:

- ‌أنواعه:

- ‌إضافات وملاحظات:

- ‌محرره:

- ‌تحريره:

- ‌جولة عربية:

- ‌المبحث الثالث: المقال القائد الموقع

- ‌المبحث الرابع: مقال التعليق

- ‌المبحث الخامس: مقال التفسير

- ‌المبحث السادس: المقال العمودي أو العمود الصحفي

- ‌مدخل

- ‌ تعريف:

- ‌من قصته:

- ‌أنواعه:

- ‌خصائصه:

- ‌الخصائص العشر اللازمة لمحرر العمود الصحفي:

- ‌أعمدة شهيرة:

- ‌تحريره:

- ‌المبحث السابع: اليوميات

- ‌مدخل

- ‌تعريفه:

- ‌وظائفه:

- ‌أنواعه:

- ‌خصائصه:

- ‌محرره:

- ‌تحريره:

- ‌الفصل الرابع: حول المقال الصحفي إضافات ومعالم

- ‌أولا: إضافات تحريرية

- ‌ثانيا: لغة المقال الصحفي

- ‌مدخل

- ‌ إضافة:

- ‌إضافة أخرى:

- ‌ خصائص:

- ‌ثالثا: مؤثرات المقال

- ‌النماذج التحريرية

- ‌أنموذج رقم "2

- ‌ أنموذج رقم "3

- ‌أنموذج رقم "4

- ‌أنموذج رقم "5

- ‌ أنموذج رقم"6

- ‌أنموذج رقم "7

- ‌أنموذج رقم "8

- ‌أنموذج رقم "9

- ‌أنموذج رقم "10

- ‌أنموذج رقم "11

- ‌ أنموذج رقم "12

- ‌أنموذج رقم "13

- ‌أنموذج رقم "14

- ‌أنموذج رقم "15

- ‌ أنموذج رقم "16

- ‌أنموذج رقم "17

- ‌أنموذج رقم "18

- ‌ أنموذج رقم "19

- ‌أهم مراجع الكتاب:

- ‌أولا: المراجع العربية والمعربة

- ‌ثانيا: صحف عربية

- ‌ثالثا: أهم المراجع الأجنبية

- ‌محتوى الكتاب:

الفصل: ‌المبحث الخامس: مقال التفسير

‌المبحث الخامس: مقال التفسير

"أ"

نوع آخر هام من أنواع المقالات الصحفية عامة، ومقالات المجلات خاصة، من مثل هذه التي أنتجتها نفس الظروف التي أدت إلى وجود مقال التعليق -السابق- ولا سيما:

- اختصار معظم الأخبار وتركيزها حتى تستوعب الصفحة أو الصحيفة عددا كبيرا منها، أكبر عدد ممكن.

- الواقع الذي يسود عالم اليوم بما فيه من شحن معنوي واضطراب وقلق ومنافسة وحروب محلية وإقليمية واقتصادية وسباق تسلح في الأرض والبحر والجو ومحاولة السيطرة على الشعوب بأساليب جديدة تبدأ بالسيطرة على العقول، وحتى المقدرات والثروات.

- سلبية أجهزة المنظمات الدولية والإقليمية.

- غموض بعض الأخبار السياسية الواردة من الخارج أو المتسربة إلى الداخل بطريقة ما عن عمد أو عن غير عمد.

- الأمية السياسية التي يعيشها المواطن في بلدان كثيرة.

- انحسار المد الثقافي وانتشار معلومات وكتب "البرشامة" غير المؤثرة في إيجابية كاملة على فكر الإنسان وتطوره، أو المؤثرة تأثيرا عكسيا سلبيا.

- قيام ثورة الاتصالات والمعلومات بما تستطيع تقديمه من إمكانية التغطية الكافية والمؤثرة.

ص: 112

ومن هنا ظهر هذا النوع من المقالات، بل كان ظهوره سابقا على "مقال التعليق" حيث يعتبر الأخير تطويرا له، وإضافة إليه ومن هنا يصح القول بأن التفسير والتعليق هما مقالان شقيقان يقف الأول منهما -مقال التفسير- عند حدود الشرح والتوضيح الموضوعي لجوانب الخبر الخافية على معظم القراء ولا يتجاوزها إلا قليلا، ولكنه شرح وإضافة تفوق جوانب الشرح والإضافة التي تصاحب مقال التعليق، كل ذلك بينما يختصر المقال الأخير -التعليق- جانب الشرح الإضافة ولكنه في الوقت نفسه يضيف إليها جانب الرأي بصفة أساسية، وما يتبعه أو يتطلبه من مناقشات وحوار، وهذا في الواقع هو الخلاف الأساسي الذي يكون أكثر وضوحا وبروزا من جوانب الخلاف الأخرى بين المقالين الشقيقين.

"ب"

وربما كان هذا هو السبب في أن أكثر المراجع العربية قد تجاهل هذا الفن من فنون المقال، أو هذا "النمط المقالي"، حيث تذوب الحدود أحيانا بينه وبين شقيقه المطور له، وإلى حد اختلاطهما ومن هنا أيضا فإن بعض الزملاء يعتبر التعليق تفسيرا والتفسير تعليقا، طالما أن نسبة الشرح إلى الرأي غير محددة تماما، وغير مقننة كما نفعل بالنسبة للعلوم الأخرى، وطالما أن الأهداف واحدة -إلا قليلا- وأن الإطار بل والمساحة نفسها تكاد تكون واحدة.

ولهؤلاء أقول: مهلا، فإن هناك الخلافات الأخرى العديدة، حتى وإن نبع بعضها أو تفرع عن الخلاف السابق نفسه:"التركيز على الشرح والتفسير أولا في مقال التفسير وإضافة الرأي في مقال التعليق"، ومن قال إن كل شقيق لا بد وأن يتشابه مع شقيقه في كل شيء؟ ومن قال إن اختلاف الألوان وامتزاجها يمنع -علميا- من ترشيحها وتحليلها وفصلها؟

أريد أن أقول إن هناك عدة فروق أخرى في الملامح والمعالم والصور والأساليب تجعل من كل منهما فنا قائما بذاته وله كيانه الخاص، ومن بينها مثلا:

- أن أهداف ووظائف مقال التعليق أكثر تطورا وشمولية وفائدة للقراء والمجتمع.

- أن الأثر الإذاعي والتليفزيوني أكثر وضوحا في مقال التعليق أيضا.

ص: 113

- أن مقال التفسير يتطلب من محرره قدرا كبيرا من الثقافة العامة والموسوعية في أحيان كثيرة، وحتى إذا كان متخصصا فلا بد من إضافة هذا القدر إلى مجال تخصصه، بينما يتطلب مقال التعليق قدرة على رصد جوانب الإيجاب والسلب وعلى المناقشة الواعية وطرح الأراء والدفاع عنها والوصول إلى نتائج محددة تكون في صالح القراء والوطن كله.

- ولعل ذلك هو السبب في أن بعض كبار الكتاب الصحفيين الأجانب يحلو له أن يطلق على محرر مقال التفسير أنه رجل "نظري"، وعلى محرر مقال التعليق أنه رجل "عملي" ويضيف بعض هؤلاء إلى ذلك قولهم1 إن الأول يهدف إلى الجانب الفكري والثقافي أولا، بينما يهدف الثاني إلى تغيير الاتجاهات والآراء والمواقف والسلوكيات ونقل القراء من حالة إلى حالة.

- ولزيادة الوضوح والدلالة أقول إأن الفارق بين الكاتبين يمثل الفارق بين طبيبين، كلاهما طبيب ويحمل نفس الدرجة العلمية وعضو بنفس النقابة ويعمل في نفس التخصص، ولكن الأول يعنى أول ما يعنى ويهتم بادئ ذي بدء بقصة المرض وتطوراته ودقائق ذلك ويعطي للمريض معلومات مفيدة وقيمة عن نوعية هذا المرض نفسه وقد يضيف إليه تجارب مع مرضى آخرين ومشاهداته في عدد من المستشفيات العالمية وأقوال كبار الأطباء عنه، وما إلى ذلك كله، ويتوقف عند هذا الحد، أما زميله الطبيب الثاني -ويمثل هنا كاتب مقال التعليق- فهو يقدم معلومات معقولة وذات قدر طيب ولكنه سرعان من ينتقل إلى تشخيص الداء ووصف الدواء الذي يساعد على شفاء المريض والانتقال من حالة إلى حالة مغايرة.

- أن مقال التعليق ينشر بشكل ثابت في كثير من الأحوال وتحت عنوان ثابت في أغلبها أيضا، وليس كذلك مقال التفسير.

"جـ"

قياسا على ذلك، وتأكيدا له، فإن التفسير يتضمن بعض هذه الصور أو جميعها أو يقوم كاتبه بإلقاء أكثر من ضوء، هي:

1 مثل: "Brennecke & Clark & Hohenberg" وغيرهم.

ص: 114

- ضوء وصفي: يتناول المناخ أو "الجو العام" الذي وقع فيه الحدث والمكان أو الأماكن المتصلة به بما يمكن تقديمه من وصف لجغرافية المكان نفسه واقتصادياته وعوامل القوة أو الضعف فيه.

- ضوء معلوماتتي: يركز على استكمال شامل لمختلف جوانب الأهمية المتصلة بهذا الخبر بعناصره وتطوراته المختلفة، كما يكون من حقه الاستعانة بالبيانات والإحصائيات المفيدة، ويجوز استخدام الرسوم التوضيحية والبيانية والخرائط المختلفة.

- ضوء إنساني: بالاهتمام بالتعرف الكامل على شخصيات أبطاله وتصرفاتهم واتجاهاتهم ومواقفهم السابقةو وهل هم من الحزبيين أو المستقلين أو المعارضين وربط ذلك كله بمادة الخبر أو الرأي أو الموقف ونتائجه.

- ضوء تاريخي: يقدم قصة الحدث أمس واليوم وأبرز التطورات المتصلة به.

- ضوء استشهادي: يقدم الأمثلة والنماذج والمواقف والتجارب المماثلة في البلد نفسه أو البلاد الأخرى، على أن يكون ذلك كله في إطار تفسيري كامل أو في أسلوب آخر يكون التفسير هو الأصل والأساس في إلقاء هذه الأضواء، والخيط العام الذي ترتبط به أو تشد هذه الجوانب نفسها إليه، بوصفها "الأركان الخمسة" التي يتكون منها مقال التفسير.

وصحيح أن بعض الزملاء يقول بقيام عدة أركان أو أعمدة أخرى، مثل جانب "تحليل الأسباب والدوافع الكامنة وراء الحدث"1، أو توقع النتائج المحتملة أو محاولة استكشافها وذلك جائز في أحيان قليلة، ولكنه ليس واجبا على المحرر أو شرطا قائما، أي: إن ذلك يجوز ولا يجب وإلا تداخلت المقالات وذابت الحدود، خاصة بين مقال التفسير وبين المقال الافتتاحي والمقال التحليلي، بل بينه وبين شقيقه المطور نفسه -مقال التعليق- وحتى لا تتطور مثل هذه التجاوزات فنجد أنفسنا في النهاية ونحن لا نعرف ما لفن من الفنون وما لفن آخر، وهكذا.

1 وليم الميري: "الأخبار مصادر ونشرها" ص132.

ص: 115

"د"

إضافات عديدة تساهم في تحديد صورة "مقال التفسير" بأبرز ملامحه القائمة فوق الصفحات نفسها، وتحاول أن تقترب -مرة أخرى- من أهم خصائصه:

- فمن المؤكد أن عنصر الاختيار هنا قائم أيضا وأساسه الذي يقوم عليه تلك القاعدة الصحفية التحريرية التي تقول: ليست كل الأخبار تتطلب تفسيرا، وإنما المهمة وغير المكتملة والغامضة.

- ومن أجل ذلك فالتفسير -أو مقال التفسير- مقال غير منتظم النشر أو الصدور وإنما يكون ذلك في الأوقات التي تطلبه والأخبار والآراء التي تحتاجه فقط.

- ويقبل هذا النوع الاستعانة ببعض الكتاب المتخصصين في مجالاتهم المتصلة بالأخبار المتخصصة وكذلك بالمصاحفين، وحيث يحمل هذا المقال اسم كاتبه ويدل عليه في أغلب الأحوال.

- ومقال التفسير تحكمه عدة اعتبارات أخرى في مقدمتها طابع الصحيفة أو المجلة، وطبيعة قرائها ونظام المجتمع، والاتجاهات السائدة فيه، والمحصول اليومي من الأنباء الهامة التي يلف الغموض بعض جوانبها وحاجتها إلى الشرح الموضوعي الذي يقدم في الوقت المناسب ليؤدي أثره، وبالنسبة للنقطة الأخيرة نقول إنه ليس من المعقول -مثلا- أن يكتب مقال تفسيري لنظام جديد من نظم الانتخابات كالقائمة النسبية أو المطلقة، بعد الانتهاء منها، وهكذا إلا إذا كان تفسيرا للنتائج نفسها.

- على أن من الأهمية هنا الإشارة إلى جانب "تفسير النتائج" ووضعها في دائرة الضوء الذي يقربها إلى القراء ويجعلها أكثر وضوحا، وليس تفسير الوقائع والأحداث والآراء فقط، دون أن يتعدى ذلك حدود التفسير ووظائفه.

- وإذا كانت أجهزة المعلومات الحديثة تفيد الصحيفة والكاتب في حالة مقال التعليق، فإنها تقدم له هنا فائدة مضاعفة، حيث إن لب هذا العمل وجوهره وأساسه معلوماتي بالدرجة الأولى.

كما أن المعلومات الهامة والمتنوعة هي طريق كاتبه إلى عقل القارئ وإلى اصطناع

ص: 116

أساليبه المختلفة، ونشير هنا بالذات إلى أجهزة مثل "الذاكرة الأليكترونية، جهاز المعلومات المرئية، بنوك المعلومات"، وذلك إلى جانب الأجهزة التقليدية التي تعمل في إطار مراكز المعلومات والتوثيق والمكتبة الصحفية، وما إلى ذلك كله.

- وأخيرا قد يسأل سائل ما دام للمقال التفسيري كل هذه الخصائص في الشرح والتفسير، ألا يعتبر فنا "مكررا" وصورة أخرى للنوع السابق من المقال الافتتاحي الذي أطلقنا عليه تعبير "المقال الافتتاحي الشارح المفسر".

والحقيقة أنهما ينتميان معا إلى نفس المدرسة "التفسيرية"، وهي من أهم مدارس المقال الصحفي، وأساس عملها ونتاجها واضح ومعروف، ولكنهما على الرغم من هذا الانتماء "المضموني" إلا أن هناك -بعد ذلك- أكثر من فارق هام بينهما يمكن للدارس والمتدرب أن يتبينه بسهولة، ومن بين هذه الفروق على سبيل المثال لا الحصر:

- أن المقال التفسيري لا يمثل رأي الصحيفة وموقفها دائما وفي جميع الأحوال كما هو الحال في المقال الافتتاحي الشارح المفسر.

- أن المقال التفسيري يوقع باسم كاتبه على عكس الثاني.

- أن التفسيري غير مرتبط تماما ولفترة طويلة بالنشر اليومي، وبعامل الثبات الزماني والمكاني وما يتصل بالمساحة في أغلب الأحوال كما هو شأن الافتتاحي الشارح المفسر.

- أن من الممكن أن تنشر الصحيفة في العدد الواحد أكثر من مقال تفسيري واحد متشابه، بينما وصل العدد في بعض المجلات إلى خمسة مقالات تفسيرية إلى جانب المقال الافتتاحي أو جانب مقالين افتتاحيين كما هو الحال بالنسبة لصحافة المجلة في بعض الأحوال، وهو ما لا يحدث بالنسبة للصحف اليومية إلا في أحوال نادرة -نشر افتتاحيتين- وإن حدث أحيانا بالنسبة لبعض الصحف الأسبوعية لاقترابها من طابع المجلات.

- أن الصحف لا تعقد اجتماعات خاصة بالمقالات التفسيرية، بينما تعقدها بشأن الافتتاحية.

ص: 117

- أن مقال التفسير أكثر طولا وأكبر مساحة في أغلب الأحوال من الافتتاحي الشارح المفسر.

- أن مقال التفسير قد يقوم بكتابته أحيانا بعض المتخصصين من خارج أسرة الصحيفة أو المجلة وليس كذلك الافتتاحي، ولا ينبغي أن يكون.

- أن العائد المعنوي يصل أولا بمحرر التفسير ويعود عليه نجاحا أو فشلا، وأما بالنسبة للمقال الثاني فهو يعود إلى وسيلة النشر ذاتها، بالإيجاب والسلب معا.

إلى غير هذه كلها من فروق واختلافات.

"هـ"

لا نترك هذا النوع من المقالات دون أن نشير إلى بعض ملاحظاتنا عليه بالنسبة لعدد من الصحف العربية، خلال الفترة الأخيرة، مشفوعة بعدد من نتائج دراسة لنا على صحف:"الأهرام، الأخبار، مايو، الاتحاد، الخليج، السياسة، الرأي العام، الراية، الرياض، الشرق الأوسط"، وهي التي أسفر عنها الاختيار العشوائي لعشر صحف، وذلك خلال أربعة شهور من عام 1980 هي:"يناير، إبريل، يوليو، أكتوبر"،

- أن أكثرها نشرا لهذه النوعية من المقالات هي على التوالي: "الشرق الأوسط، الأهرام، السياسة"، وأقلها صحيفة "الراية"، وكانت الأرقام المسجلة هي 185 مقالا تفسيريا بالنسبة للأولى، 181 للثانية، 157 للثالثة و92 بالنسبة للأخيرة.

- أن أغلب هذه الصحف -خاصة الشرق الأوسط- كانت تستعين بعدد من الكتاب "المتعاونين" من خارج أسرة تحريرها، وكانوا بالنسبة لهذه الصحيفة بالذات من الكتاب العرب بالصحف والمجلات العربية الأخرى.

- أن صحيفة "الأهرام" كانت أكثرها استعانة بالكتاب المتخصصين وكانت نسبة كبيرة من هؤلاء من رجال القانون وأساتذة الجامعات وتأتي بعدها صحيفة "الاتحاد" ثم "الرأي العام".

- أن بعض هذه الصحف كان يستعين في بعض الأحيان بتفسيرات وكالات الأنباء

ص: 118

والصحف والمجلات الأجنبية وقد برز في هذا الاتجاه صحف: "السياسة، الرأي العام".

- أن أكثر هذه الصحف كانت تتبع أسلوب التحرير والنشر التقليدي الذي درجت عليه الصحف العربية في مجموعها، والذي يتبع المدرسة الكلاسيكية التي تقول بالفصل الكامل بين الأخبار ومقالات التفسير التي تتناولها، بل كثيرا ما كانت هذه المقالات في صفحات مختلفة، وأحيانا بعد نشر الخبر بيوم أو يومين.

- أن أغلبها كان ينشرها على صفحة الرأي أو الافتتاحيات.

- أن التفسير الموضوعي تماما، المحايد حيادا "مطلقا" أوشك على الاختفاء من هذه الصفحات، حيث كانت نسبة كبيرة جدا منها تعكس اتجاها حكوميا أو رسميا أو حزبيا، وقد ظهر ذلك بوضوح خاصة على صفحات "مايو، الخليج".

- أن بعض مقالات التفسير كانت في أحيان كثيرة ضعيفة "البنية" ضحلة المضمون، تبدو قلقة مترددة وغير ثابتة وإلى حد أن أكثر شطورها كانت مجرد ترديد للخبر أو حقائقه، مضافا إليه تصريحا لشخصية كبيرة بعكس ما رأيناه في عدد من الصحف والمجلات الأجنبية.

- أن تفسيرات صحف: "الشرق الأوسط، الأخبار، الأهرام" كانت أكثرها تنوعا في الموضوعات التي تناولتها، وأن أغلب هذه الموضوعات بصفة عامة كانت هي:

- الموضوعات السياسية.

- الموضوعات الاقتصادية.

- الموضوعات العلمية.

- أن الموضوعات العشرة الأولى التي تفوقت على غيرها في اهتمامات المقالات التفسيرية لهذه الصحف كانت هي على وجه التحديد:

"أحداث إيران التي أسفرت عن سقوط الشاه وحكم الإمام الخميني والموقف داخل إيران والعلاقات العربية الإيرانية عامة والخليجية الإيرانية خاصة، حرب الخليج، العلاقات المصرية الإسرائيلية، مجلس التعاون الخليجي، الأحداث

ص: 119

اللبنانية، حملة انتخابات الرئاسة الأمريكية وأحداثها ونتائجها، اجتماعات الأوبك والأوابك وما يتصل بأسعار البتروك، خطط التنمية العربية، العلاقات العراقية السورية الفلسطينية الليبية، العلاقات العربية الليبية".

"ز"

لا نترك هذا الموضوع أيضا دون إشارة إلى أهم اتجهات وأساليب تحرير هذا المقال الصحفي الهام، والأكثر أهمية من كثير من المقالات بالنسبة للقراء العرب، ومن هنا، وبعد العنوان الثابت الذي تكون قد اختارته له الصحيفة أو المجلة -إذا كانت تسير على هذا النحو- وكذا بعد العنوان المتغير المختصر جدا، الجذاب والواضح إلى أقصى درجة، يكون على محرره الخبير والمثقف والأقرب إلى الموسوعية، وعن طريق الإفادة من مصادر المعلومات المتاحة، يكون عليه أن يختار بين أحد هذه الأساليب أو بين أكثر من أسلوب منها وهي:

أ- أسلوب التناول المعلوماتي: أقدم أساليب كتابة مقال التفسير وأشهرها وأكثرها سهولة، ويقوم على أساس إضافة معلومات إخبارية جديدة وقديمة تؤدي بدورها إلى وضوح الخبر وتساعد على فهمه وهو هنا يشبه أسلوب "الترقيع أو سد الثغرات" عن طريق المعلومات وحدها، وعلى الرغم من قدمه وسهولته ومع توافر أجهزة المعلومات الحديثة، إلا أنه أسلوب أقل إيجابية مما هو مطلوب في مثل الأحوال والظروف الدولية أو الداخلية الهامة، حيث يذكر بأسلوب "الاستكمال" العادي لفنون التحرير الأخرى.

ب- أسلوب التناول التاريخي: وهو أقرب أساليب كتابة التفسير الصحفي -أو مقال التفسير- إلى الأسلوب السابق، ويختلف عنه في تركيزه الشديد على "قصة الحدث" وتطوراته التاريخية وقد يتطرق إلى قصة صناعه "دولة جديدة، حزب، شخصيات، عصابات دولية

إلخ" أو في أسلوب آخر، أنه يفسر الأحداث ويعلق عليها تعليقا "تاريخيا" أو من زاوية "التفسير التاريخي للأحداث".

جـ- أسلوب التناول المقارن: ويستند فيه محرر هذا النوع من المقالات إلى عقد مقارنة بين الحدث الذي يقوم بتفسيره وبين حدث آخر، أو بين أكثر من حدث

ص: 120

مشابه أو مختلف بحيث تساعد هذه المقارنة على شرح وتفسير وتوضيح الحدث الأول موضوع هذا التفسير أو يراه القراء من خلال "الضوء المقارن".

د- أسلوب التناول اللغوي: ويقوم أصحاب هذا الاتجاه بتتبع كلمات الخبر أو الواقعة أو الموقف أو الرأي تفسيره كلمة كلمة، بل وحرفا حرفا، وذلك من حيث إن المادة التي يقوم بتفسيرها -الخبر مثلا- هو رسالة إعلامية ذات نسيج لغوي، وهذا النسيج يتكون من خيوط عديدة ويمكن عن طريق الإمساك بها وتتبعها أن نصل إلى حقيقة كل شيء ولكنه بالطبع ليس أي تتبع للكلمات بهدف تعداها أو إعرابها أو الإعجاب بلغة محررها، وإنما التتبع من أجل الغوص وراء الكلمات والسطور وخلفها وتحتها وبين السطور نفسها، حتى نصل إلى سرها الكامن ونقدمه للقراء، أو أن سئت فقل إنه وضع للنقاط فوق الحروف مما يزيل من حالات اللبس والغموض التي تكتنفها، وهذا الاتجاه قوي وسائد ولكنه يحتاج إلى خبرة كبيرة وثقافة عريضة باللغة وأساليبها إلى جانب الثقافة العامة والتمرس بهذا العمل الهام.

هـ- أسلوب التناول المختلط: وهو الذي يخلط فيه محرره بين أكثر من أسلوب من الأساليب السابقة بغية إعطاء فرص متزايدة للتفسير المتنوع، المشرق والجذاب، ولكن هذه الطريقة الأخيرة تحكمها عدة اعتبارات، وإلا كانت نتيجتها عكس الاتجاه المأمول، أما هذه الاعتبارات فهي:

- أن يكون له ما يبرر قيامه.

- أن يكون طول المقال مما يسمح بذلك.

- أن تكون المساحة المتاحة مما يسمح بهذا الخلط أيضا.

- ألا يكون بين أكثر من أسلوبين في أغلب الأحوال، حتى لا يحدث التعارض وتقع التجاوزات التي تشتت ذهن القارئ.

وهكذا نجد أن الخلط بين الأسلوبين المعلوماتي واللغوي أو التاريخي والمقارن يمكن أن يعتبر خلطا معقولا عندما يكون هناك ما يبرر قيامه: "جفاف المادة، تشابك الأحداث بكثرة، غموض وإبهام نتائج عديدة وإلى حد يفوق الحد العادي".. إلخ.. لكن الخلط بين المعلوماتي واللغوي والتاريخي معا، صعب في حدود المساحة المحدودة، والاستعداد الذهني لعدد كبير من القراء.

ص: 121

ومن هنا يكون على المحرر أن يفكر مرة ومرة قبل اتباع هذا الأسلوب، حيث يجب أولا أن يكون قادرا على صهر هذه الأساليب التي يختارها في مزيج يمكن أن يحقق ما يهدف إليه من تنوع وجاذبية.

ز- الأساليب الإبداعية: ويطلق عليها البعض "الأساليب غير الفنية" لأنها ترتبط ارتباطا أساسيا بطريقة ما، أو شكل معين، بل يتمرد كتابها ومحرروها على الطرق والأشكال والأنماط والقوالب المختلفة، ونحن نرى أنها أكثر "فنا" وأكثر استخداما للمواهب، وقدرات المحررين الابتكارية، وحسهم الإبداعي، كما أن "التمرد" على القوالب والأساليب والأشكال الموجودة هو طبيعة الفن وسمة الفنان المبدع الذي يستطيع أن يبتكر لنفسه، ولمقاله القالب الجديد غير المعروف أو المعهود، وما دامت الكتابة في حد ذاتها عملية ابتكارية بالدرجة الأولى، وما دام التحرير الصحفي له جانبه الإبداعي الذي نعترف به ونقدره1، فإن هذه الأساليب الإبداعية تقف عندنا على نفس الأهمية من الأساليب السابقة، بشرط:

- أن تكون ملائمة للمادة نفسها.

- أن تسفر عن مادة واضحة ومفهومة تعرف طريقها إلى عقل القراء.

- ألا يطغى جانب أسلوب التعبير على جانب المضمون أو الفكرة الأساسية وتلك الأفكار المتفرعة عنها.

وهذه الأساليب كثيرة ومتعددة، ويستحدث الكتاب المبدعون منها الشيء الكثير.

تذكر:

"لا تكتب مقالة من أجل هدف شخصي، ولكن على المحررين أن يضعوا نصب أعينهم أن الحياد التام في معالجة المسائل العامة والأحداث الهامة، ليس مرغوبا تماما كما أنه غير محتمل"2.

1 من أجل ذلك كانت دعوتنا إلى أن يدرس طلاب الإعلام: "الإبداع الإعلامي" في كتابنا السابق "الفكرة الإعلامية".

2 Stewart، K & Tebbel J. "Makers of Modern Journalism" p. 441.

ص: 122