المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌تحريره: وبالإضافة إلى ما ورد عن تحرير هذا المقال خلال الصفحات - فنون التحرير الصحفي بين النظرية والتطبيق المقال الصحفي

[محمود أدهم]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌الفصل الأول: ماهية المقال الصحفي وقصته

- ‌مدخل

- ‌أولا: ماهية المقال الصحفي

- ‌ثانيا: المقال: تاريخ وصور

- ‌الفصل الثاني: دور المقال وأهميته

- ‌مدخل

- ‌ ماذا يريد القارئ اليوم

- ‌ الصحافة العربية.. وفن المقال

- ‌الفصل الثالث: في أنواع المقال الصحفي

- ‌مدخل

- ‌المبحث الأول: المقال الصحفي العام

- ‌المبحث الثاني: الافتتاحية أو المقال الافتتاحي

- ‌تعريفه

- ‌خصائصه:

- ‌أنواعه:

- ‌إضافات وملاحظات:

- ‌محرره:

- ‌تحريره:

- ‌جولة عربية:

- ‌المبحث الثالث: المقال القائد الموقع

- ‌المبحث الرابع: مقال التعليق

- ‌المبحث الخامس: مقال التفسير

- ‌المبحث السادس: المقال العمودي أو العمود الصحفي

- ‌مدخل

- ‌ تعريف:

- ‌من قصته:

- ‌أنواعه:

- ‌خصائصه:

- ‌الخصائص العشر اللازمة لمحرر العمود الصحفي:

- ‌أعمدة شهيرة:

- ‌تحريره:

- ‌المبحث السابع: اليوميات

- ‌مدخل

- ‌تعريفه:

- ‌وظائفه:

- ‌أنواعه:

- ‌خصائصه:

- ‌محرره:

- ‌تحريره:

- ‌الفصل الرابع: حول المقال الصحفي إضافات ومعالم

- ‌أولا: إضافات تحريرية

- ‌ثانيا: لغة المقال الصحفي

- ‌مدخل

- ‌ إضافة:

- ‌إضافة أخرى:

- ‌ خصائص:

- ‌ثالثا: مؤثرات المقال

- ‌النماذج التحريرية

- ‌أنموذج رقم "2

- ‌ أنموذج رقم "3

- ‌أنموذج رقم "4

- ‌أنموذج رقم "5

- ‌ أنموذج رقم"6

- ‌أنموذج رقم "7

- ‌أنموذج رقم "8

- ‌أنموذج رقم "9

- ‌أنموذج رقم "10

- ‌أنموذج رقم "11

- ‌ أنموذج رقم "12

- ‌أنموذج رقم "13

- ‌أنموذج رقم "14

- ‌أنموذج رقم "15

- ‌ أنموذج رقم "16

- ‌أنموذج رقم "17

- ‌أنموذج رقم "18

- ‌ أنموذج رقم "19

- ‌أهم مراجع الكتاب:

- ‌أولا: المراجع العربية والمعربة

- ‌ثانيا: صحف عربية

- ‌ثالثا: أهم المراجع الأجنبية

- ‌محتوى الكتاب:

الفصل: ‌ ‌تحريره: وبالإضافة إلى ما ورد عن تحرير هذا المقال خلال الصفحات

‌تحريره:

وبالإضافة إلى ما ورد عن تحرير هذا المقال خلال الصفحات والسطور السابقة، لا سيما ما يتصل منها بشكله ومضمونه ومحرره، وإذا كنا -كمقدمة- نعيد التذكير بإشارتنا السابقة أن مقال اليوميات الصحفية في صورته الأساسية أو القياسية، يكاد يتشابه مع عدة مقالات من مقالات الأعمدة الموجودة أو القائمة إلى جوار بعضها داخل إطار تحريري واحد، وبقلم محرر واحد، أو هي مقالة واحدة عمودية من تلك التي تحوي أكثر من فكرة واحدة كتبت بطريقة مسهبة -على الرغم من تعارض ذلك مع الأسس الفنية لتحريره- أو مقالة عمودية ذات فكرة واحدة اتبع محررها طريقة الإسهاب أيضا، وقام بتقسيمها إلى عدة فقرات تغطي كل فقرة منها عنصرا من العناصر أو تركها كنهر واحد.

إذا كنا نعيد التذكير بذلك؛ فلأن معناه هنا أن جانبا كبيرا من جوانب تحرير المقال العمودي الثابت المنتظم لكاتب واحد، أو المتغير لأكثر من كاتب -ولا أقول جميع الجوانب- تتشابه في كثير من الملامح والخصائص التحريرية، مع هذا المقال الأخير وذلك باستثناء طابع الاختصار والمساحة والفكرة الواحدة في أغلب الأحوال -كأصل وأساس- وما يتصل بذلك من ملامح وخصائص تحريرية.

ومن هنا، وفي ضوء ذلك كله فإننا نقول إن مقال اليوميات الصحفية، كغيره من المقالات، ومن فنون وأنماط التحرير بصفة عامة، يتألف من هذه العناصر والوحدات التحريرية المختلفة، التي تختص بدورها بهذه الخصائص.

تحرير عنوانات مقال اليوميات:

أولا: في تحرير العنوان الرئيسي.

وحي نجد أنفسنا كذلك أمام أكثر من اتجاه تحريري من أبرزها:

- الاتجاه الأول: وهو الاتجاه الرئيسي الغالب والمسيطر على أكثر أنواع الصحف والمجلات، وأهم معالمه أن يتكون العنوان من:

1-

عنوان رئيسي ثابت يعتبر اسما للباب وعلامة عليه ويكون كلافتة1 ثابتة له، تعرف به ويعرف هو بها، وهذه اللافتة أو العنوان الرئيسي لا يضعها المحرر من عندياته، وإنما هيئة التحرير المشرفة على الصحيفة أو المجلة، وذلك منذ التفكير في كتابة اليوميات الذي قد يصاحب التخطيط الأول لإصدار الصحيفة ويرتبط به، وبوصف "اليوميات" تكون من معالم الصحيفة الرئيسية التي تعرف بها على مستوى التحرير والإخراج

1 "Name plate".

ص: 215

والسياسة الصحفية نفسها، على أن أهم ما يتصف به هذا العنوان الثابت الأقرب هنا إلى اللافتة هذه الخصائص:

- الثبات لأطول فترة ممكنة قد تكون هي كل حياة الصحيفة حيث يظهر معها منذ صدورها كما قلنا.

- الاختصار وحيث يكون في كلمة أو كلمتين ومن النادر أن يزيد على ذلك.

- استخدام بعض الأخيلة والصور وحسن البيان.

- الوضوح والجاذبية.

- ما قد يرتبط باسم الصحيفة أو بالدلالة على نوعية هذه المقالات في مجموعها، أو هما معا.

وهذا العنوان هو من مثل: "يوميات الأخبار، من مفكرة..، الأسبوع ستة أيام، الأسبوع سبعة أيام، يوميات، استراحة المحارب، واحة الاتحاد، حروف وأفكار

إلخ".

2-

عنوان رئيسي متغير هو عنوان مقال اليوم، أو في تعبير آخر هو عنوان حلقة اليوم من هذه السلسلة الدورية من المقالات التي "يتناوب" على تحريرها كاتب كل يوم، وهذا العنوان يرتبط بهذه الخصائص، وغيرها:

- إما أن يكون معبرا عن فقرة مقالية واحدة، في حالة الفقرات متغيرة المضمون، وهنا أما إن تكون هي الفقرة الأولى، أو إحدى الفقرات الأخرى الهامة، الثانية أو الثالثة أو الرابعة وهكذا.

- وإما أن يكون معبرا عن المقال كله في حالة كتابة مقال واحد، مكون من عدة فقرات "داخلية" أو في حالة كونه قطعة واحدة بدون تقسيمه إلى فقرات.

- ولكنه في جميع الأحوال العنوان الواضح الجذاب القصير أو المكون من عدة كلمات قصيرة تمثل عبارة واحدة، وتكتب أيضا على سطر واحد في أغلب الأحوال.

- كما أنه المعبر تماما عن الفقرة أو المقال كله، المرتبط به وبمضمونه كل الارتباط.

أنه مثل هذه العنوانات التي نشرتها بعض الصحف العربية ليومياتها، من تلك التي تحرص على نشرها:

ص: 216

- "موت الشيطان، الأخبار، محمد فهمي عبد اللطيف".

- "الحقيقة الناقصة، الاتحاد، محمد المزروعي".

- "الدليل الحضاري ومشكلة الثقافة، الرياض، محمد عبد الإله العصار".. إلخ.

- الاتجاه الثاني: ويقتصر فيه على العنوان الرئيسي الأول -عنوان اللافتة- ولكن في نفس الوقت يكون لكل فقرة عنوانها الجذاب المرتبط بها وحدها.

- الاتجاه الثالث: ولا يكون لمقال اليوميات الصحفية فيه ذلك العنوان الرئيسي الأول الثابت الذي أطلقنا عليه تعبير "عنوان اللافتة" وإنما يكون لكل كاتب من كتاب هذه المقالات عنوانه الرئيسي الثابت الذي يكتب تحته مقاله دوريا، ثم يختلف الوضع بعد ذلك من كاتب لآخر حيث يقتصر البعض على هذا العنوان الذي يرى فيه الكفاية والدلالة، بينما يفضل البعض الآخر كتابة عنوان رئيسي متغير لكل حلقة من حلقات هذه اليوميات إذا صح التعبير، وهذه الرؤية الأخيرة تفضل الأولى وتكاد تكون أقرب إلى طبائع الأشياء وإلى معاونة القراء، ولكن في الحالتين فإنه يكون العنوان المختصر والواضح والجذاب والمعبر، والذي يعكس مقدرة تحريرية وبلاغة وحسن بيان صحفي أيضا.

كما أن هناك اتجاهات عديدة أخرى استخدمتها الصحف والمجلات من فقرة لأخرى.

ثانيا: عنوانات الفقرات 1

وهي العنوانات الثانية، إذا اعتبرنا أن العنوان الرئيسي الأول -الثابت- والعنوان الرئيسي الثاني -المتغير- هما بمثابة نوعية واحدة، أو إذا اعتبرنا أن الأول مجرد اسم أو لافتة لليوميات في مجموعها، أو هي -عنوانات الفقرات- العنوانات الثالثة في حالة اعتبار العنوانين السابقين بمثابة عنوانين من نوعية مختلفة وهكذا.

1 Block - titles.

ص: 217

وعموما، فإن هذه العنوانات هي تلك الكلمات القصيرة المختصر للغاية، الجذابة جدا التي تعلو كل فقرة، أو ترتفع فوقها وتكون مرتبطة بها دالة عليها، كما أنها تقوم بدور الفصل بين فقرة وأخرى وثالثة وهكذا.

وواضح أن هذه العنوانات لا تستخدم إلا في حالة المقالات المقسمة إلى فقرات مختلفة أو المقال الواحد المقسم إلى فقرات، وأما المقال القائم دون تقسيم، وكقطعة واحدة، فإن هذه العنوانات لا تستخدم بالنسبة له حيث لا تكون لها وظيفة تذكر في هذه الحالة.

وواضح أيضا أن هذه العنوانات تقوم بنفس أدوار العنوانات عامة، في الدلالة على مادتها ولفت الأنظار إليها، كما تقوم بدور إخراجي كفاصل تحريري، وكعلاة يتوقف عندها القارئ ليلتقط أنفاسه، ويحدد بها ما سبقت قراءته، وكعامل للتغلب على اللون الواحد للصفحة وكسر حدة بياضها أو رماديتها، ولذلك فبعض الصحف والمجلات تتفنن في أشكالها وخطوطها أو تضعها أحيانا داخل إطار زخرفي وهكذا.

ومن الملاحظ أن هناك أيضا أكثر من اتجاه واحد يتصل بكتابة هذه العنوانات:

- فهناك الاتجاه الأول الرئيسي الذي يكون اليوم فيه "السبت، الاثنين، الثلاثاء"

إلخ بمثابة عنوان للفقرة، وهو اتجاه يساير الاتجاه التقليدي الأساسي في كتابة هذه المقالات.

- وهناك الاتجاه الثاني الذي يضيف إلى اليوم عنوان فقرات آخر دال ومعبر فيقول مثلا: "السبت: حكاية معلم، الاثنين: رحلة سريعة، الثلاثاء: قصيدة.. مثلا".. وهو اتجاه تقليدي كلاسيكي ولكنه عملي وناجح أيضا.

- وهناك الاتجاه الثالث الذي يكتب العنوانات بدون إشارة إلى الأيام، وهو الاتجاه الغالب والمسيطر على عنوانات مقالات اليوميات الآن.

- وهناك اتجاه رابع يقسمها تقسيما نوعيا وحسب مضمونها حيث يكتب مثلا: "سياسية، ذكريات، فن، خطاب"

إلخ وهكذا.

- وهناك اتجاه خامس بديل لا يكتب عنوانات من أساسه وإنما يستخدم الفواصل الطباعية والزخرفية أو الرسوم الإيضاحية، فيستخدم النقط أو المربعات أو الخطوط

ص: 218

المتقطعة والفواصل الناقصة والمتنوعة وما تبتكره فرشاة الرسام وريشة الخطاط من أشكال ورسوم.

- على أنه قد ثبت أن أكثر هذه العنوانات الرئيسية المتغيرة، أو عنوانات الفقرات من تلك التي تمثل -في أغلبها- هذه التصنيفات:

- العنوان الوصفي.

- العنوان الإنشائي.

- العنوان المبرز لفكرة أو زاوية.

- العنوان الموضح.

- العنوان المقارن.

- العنوان المختلط.

- العنوان المباشر.

- عنوان التساؤل.

- العنوان المختصر.

- عنوان الجملة المقتبسة.

- عنوان الكلمة الواحدة القوية المتفجرة.

- العنوان الساخر أو التهكمي.

تحرير مادة مقال اليوميات:

وبالإضافة إلى ما سبق ذكره عند تناولنا لأنواع وأشكال ومضامين هذا المقال، وفي ضوئه أيضا، ودون حاجة إلى تكرار ما سبقت الإشارة إليه من هذه الأمور، نقول إن تحرير مادة المقال نفسها يتأثر تماما، ويخضع في مجموعه لهذين الاعتبارين قبل أية اعتبارات أخرى.. وهما هنا:

- شكل المقال أي: كونه يتمثل في عدة فقرات منفصلة أو متصلة أو قطعة واحدة.

- نوع المقال وما يتصل به من مضمون تحريري أو طابع يغلب على مادته كلها، أو يتغير من فقرة لأخرى، لثانية، لثالثة.. وهكذا.

ومن تشابك هذين الاعتبارين -أو العنصرين- ومن تلاحمهما معا، تتأثر كتابة

ص: 219

هذا المقال أيما أثر، وحيث نجد أنفسنا -ولمزيد من الوضوح والدلالة- أمام هذه الصورة التحريرية التي نتحدث عنها باختصار شديد:

أولا: الصورة التحريرية الأولى "قالب اليوميات التقليدي"

وهو كما قلنا الأصل والأساس، حيث يكون القالب هنا، هو القالب الزمني اليومي ومن هنا فإن أهم معالم تحريره هي:

1-

الالتزام الكامل والدقيق بهذا الإطار الزمني بحيث يستقل كل يوم من الأيام المختارة بعناية، بفقرة مستقلة، هذا هو الشكل الأساسي.

2-

أما عن المقدمة، أو المدخل فإننا نجد أنفسنا أمام أكثر من اتجاه:

أ- اتجاه شائع لا يقوم الكاتب فيه بكتابة مقدمة ما، ولكن يفعل ذلك سكرتير التحرير، وفي أغلب الأحوال تكون هذه المقدمة عبارة عن "جملة مقتبسة" من المقال نفسه ولكنها ليست أية جملة وإنما جملة قوية ومعبرة وجذابة أيضا.

ب- واتجاه شائع آخر يقوم فيه المحرر أو الكاتب نفسه هنا بكتابة مقدمة لمقاله تأخذ أحد هذه الأساليب:

- الأسلوب السابق نفسه ولكن الاختيار هنا بيد المحرر كما قلنا.

- أو مع تغيير بسيط كأن يختار الكاتب جملة من كل فقرة، ثم يصلها ببعضها، لتصبح جملة قوية معبرة عن المقال كله، دالة على فقرائه، في صدق وجاذبية.

- أو يقوم بكتابة مقدمة جديدة تعبر عن مضمون المقال دون أن تكرر بضعة من كلماته على النحو السابق.

- أو يكتب مقدمة أخرى لا تعبر عن مضمونه، وإنما تشير إلى بعض الجوانب المتصلة به، كقصة المقال أو مصدر بعض ما جاء به أو اعتذار عن التأخر في كتابته عن الموعد المناسب أو ما يتصل بكاتبه نفسه.

جـ- واتجاه ثالث لا تكتب فيه مقدمة على الإطلاق، أو من أي نوع، وإنما يبدأ المقال بالعنوان "اليومي" وحده، أو بمصاحبة غيره وهكذا.

3-

ثم تنساب الفقرات تباعا فقرة في أثر أخرى بحيث تشبه كل فقرة منها مقالا عموديا متوسط الطول، ومن الملاحظ ومن المستحسن أيضا أن يسير ذلك وفق هذا النظام.

ص: 220

أ- أن تبدأ كل فقرة بعبارة تمهيدية أو عبارتين تمهيديتين قصيرتين بحيث تعتبر هذه بمثابة مفتاح أو مدخل قصير أو فاتحة مختصرة -ولا أقول مقدمة كاملة- لهذا العمود نفسه وهي تأخذ إحدى هذه الصور العشر البارزة التي نقدمها على سبيل المثال:

- صورة المدخل الزمني الذي يركز على وقت الحدث.

- المدخل الإنشائي القريب من الأسلوب الأدبي.

- المدخل التصويري لبطل أو أبطال الحدث.

- المدخل الشخصي الذاتي الذي يصور حالة المحرر وقت وقوعه.

- المدخل الإخباري الساخن، الذي يشبه مقدمة لخبر هام وحالي.

- المدخل الحواري.

- المدخل المقارن.

- المدخل اللحظوي: وهو نوع من أنواع المدخل الزمني، ولكنه يركز بشدة على لحظة التفجر.

- المدخل التحذيري: الذي يدعو القراء إلى الانتباه واليقظة منذ البداية.

- مدخل الموقف: الذي يعلن منذ الكلمات الأولى عن موقف المحرر من القضية المطروحة.

على أننا نقول في نهاية رصد هذه المداخل أو عبارات التمهيد لكل فقرة من فقرات مقال اليوميات التقليدي:

- إنها أكثرها استخداما، وليست جميعها.

- وإن مقالات الفقرات الأخرى تستخدمها فهي ليست وقفا على هذا النوع وحده.

- وإنها عمل ابتكاري إبداعي قبل أي شيء آخر.

- وإن التطبيق الجيد لها أو لغيرها يقتضي أن تكون مختلفة عن نوعية المقدمة العامة التي تقدم للمقال كله، إذا كانت هناك.

- كما يقتضي كذلك التنويع والاختلاف بين مداخل ومفاتيح كل فقرة من الفقرات، فمدخل حواري للفقرة الأولى، لحظوي للثانية، مقارن للثالثة، إنشائي للرابعة، وهكذا.

ص: 221

ب- وأن يتبع هذا المدخل، نص الفقرة المقالية الذي يقوم على تقديم المادة الأساسية نفسها وعرضها عرضا واضحا يقرب من فكرتها الرئيسية إلى أذهان القراء، ويقدم ما في جعبة المحرر من معلومات متوافرة، وأقوال وآراء تتصل بها بأسلوب يغلب عليه طابع الشرح والتفسير في تقديم الشواهد والدلالال والأمثلة على ما يقدم، مما يتصل بالرأي الذي يريد أن يعلن عنه، أو الموقف الذي يريد الدعوة إليه بطريقة هادئة، ومقنعة، تنتهي به إلى طرحه دون ضجيج أو مغالاة أو تعال على القراء، وهكذا بالنسبة لكل فقرة من تلك التي سوف ينتقل إليها.

على أن يكون حرصه بالغا، خلال ذلك كله على أن ترتبط كل فقرة من هذه الفقرات بمعالم أساسية من بينها وفي مقدمتها:

- وحدة موضوعها، واختلافه من فقرة -تمثل يوما- لأخرى.

- التغطية الكاملة والمختصرة أو المركزة في نفس الوقت لزوايا الفكرة وامتداداتها.

- انسياب الفقرات الصغيرة التي تتكون من جمل وعبارات لتمثل بدورها مضمون الفقرة المقالية في سهولة ويسر وتتابعها بدون عوائق أو حواجز.

- الأسلوب المناسب للموضوع:

- أن يحس المحرر أنه عبر عما يريد أن يقول وأنه حقق ما يرجوه.

- في روح من المودة والألفة.

4-

وأما عن النهاية -نهاية المقال- أو خاتمته أو خلاصته، فإن الفقرة النهائية هنا -اليوم النهائي- هي التي تقوم بذلك العمل في أغلب الأحوال، ومن هنا فإن حسن اختيار موضوعها والدقة في ذلك، وفي مزيد من العناية بتحريرها، وارتباطها بشدة بفكرة، أو موقف أو دعوة إلى عمل هام أو في تقديم بعض "المنوعات" أو "الحكم" أو "الطرائف" أو "التوقيعات" الدالة والمعبرة في قوة وصدق، وداخل إطار الفقرة الأخيرة نفسها، في ذلك ما فيه من أسباب النجاح التي ينبغي الحرص عليها.

ثانيا: الصورة التحريرية الثانية "قالب الفقرات التقليدي"

وهو -كما قلنا- لا يعتمد على عنصر الزمن أو المفكرة أو "الأجندة" وإنما يقفز فوق حدود هذا الحاجز الزمني، ومن هنا، وعلى الرغم من ذلك فإننا نقول عنه:

ص: 222

1-

إن التزامه والتزام محرره الأساسي يكون بوضعه في إطار أو أنموذج الفقرات العادية والتقليدية أيضا، والتي يفصل بين كل فقرة منها والفقرة الأخرى فاصل ما تحريري أو زخرفي أو طباعي.

2-

أما عن المقدمة، فإن نفس الحديث عن المقال السابق -اليوميات التقليدي- يصدق أيضا على مقدمة هذا النوع "مقدمة سكرتير التحرير من كلمات المؤلف -مقدمة المؤلف من نفس كلماته أو بالجمع بين أكثر من عبارة من كل فقرة أو مقدمة جديدة وثيقة الصلة بالفقرات أو تقف على حافتها أو هامشها- أو بدون مقدمة على الإطلاق".

إلا أننا لاحظنا وجود عدد من المقدمات الأخرى المغايرة ومن أبرزها:

- المقدمة الدالة على الفقرة الأولى فقط من غير أن تستخدم نفس كلماتها.

- المقدمة الدالة على إحدى الفقرات الأخرى الأكثر قوة وجاذبية من غيرها.

- مقدمة الجملة المقتبسة لأحد الأفراد الذين يرد عنهم ما يستحق في فقرة معينة أو لشاهد عيان.

3-

ثم تنساب كذلك الفقرات تباعا، من أول فقرة حتى آخر فقرة وحيث نلاحظ هنا:

أ- أن كل فقرة من الفقرات تكون لها وحدتها الفكرية وإطارها المستقل عن الأخرى تماما، وإلى حد اعتبارها أو إمكانية اعتبارها مقالة عمودية يمكن أن تقوم بذاتها وتؤدي هذا الغرض.

ب- أن كل فقرة تبدأ بنفس العبارة التمهيدية أو العبارتين التمهيديتين وبنفس الصور السابقة أيضا، إلا أنه لوحظ بعض الاختلاف القائم في أنواعها وفي مضمونها وأطوالها ومن ذلك مثلا:

- أن بعض الكتاب قد يبذل محاولة لا بأس بها لربط الفقرة السابقة باللاحقة في كلمات قليلة دون أن يأخذ ذلك شكل الربط الكامل الذي تذوب فيه الحدود أو تطغى الألوان على بعضها، وذلك على أساس اتصال حبل الكلام، وامتداده، والكلام -كما نعرف- يجر بعضه بعضا، كما أن الشيء بالشيء يذكر، ومن هنا، فالفقرات الثانية والثالثة والرابعة قد تبدأ -عند هؤلاء- بمثل هذه من عبارات الربط المدخلية أو التمهيدية:

ص: 223

- "ويذكرني هذا الموقف السابق بمشهد رأيته ذات يوم

".

- "في رحلتي إلى الهند رأيت ما هو أعجب من ذلك المشهد السابق..".

- "وإذا كانت هذه التجربة السابقة تبدو للبعض من قبيل الأمور النادرة، فقد عاش صديق لي ما هو أغرب وأعجب منها

".

- "أليس في ما يفعله الاتحاد السوفييتي بأفغانستان على هذا النحو السابق ما يذكر بقصة العميان والفيل، تلك التي تقول

".

- "ولكن هذا الكتاب نفسه يتضاءل بفكرته وموضوعه أمام ما قرأته أمس خلال صفحات رسالة جامعية يقول صاحبها

".

- إن بعض المقالات التي تحوي فقرات قليلة العدد، أكبر حجما من تلك الفقرات العادية ثلاث فقرات في المتوسط، كانت تبدأ بأكثر من عبارتين، ثلاث أو أربع مما يجعلها في حجم وصورة وأسلوب المقدمة الكاملة.

- كتابة سؤال مختصر أو عبارة تساؤلية تكون هي المدخل التمهيدي أو الفاتحة المختصرة، التي تكون الفقرة المقالية عبارة عن إجابة كاملة ومركزة ومفسرة وشارحة لهذا السؤال نفسه.

4-

على أن تكون كل فقرة مختلفة الموضوع والمادة والمضمون عن الفقرة الأخرى، والثالثة والرابعة والخامسة وهكذا.

5-

مع مراعاة عدة أشياء هامة تتصل بهذا المضمون التحريري نفسه ومن بينها:

- أن توزع جوانب الأهمية مختلفة من زوايا الأهمية.. أو تختلف عن تلك الزاوية الموجودة بفقرة أخرى "واحدة تركز على الزمان، ثانية على المكان، ثالثة على الحدث، رابعة على الشخصية، خامسة على الدروس المستفادة، سادسة على الجانب الجديد، سابعة على الجانب التاريخي.. إلخ".

- وأن تتبع طريقة في الكتابة تختلف من فقرة لأخرى.

- وتكون -مع اختلافها- مناسبة لموضوعها.

ص: 224

- وأن يكون طول كل فقرة معقولا، ومتناسبا مع أطول الفقرات الأخرى، أو يماثله، وأقول يماثله فقط، ولا يكون في طوله تماما، أو بعدد السطور بالضبط.

- وأن تختار اللغة المناسبة للمضمون المناسب، أو المادة المناسبة، فلغة الأحداث السياسية الهامة، غير لغة الخواطر والتأملات، ولغة الحديث عن صديق رحل إلى العالم الآخر غير لغة مقالة الرحلات وهكذا.

ثالثا: الصورة التحريرية الثالثة "قالب الفقرات موحدة الموضوع"

وهو يشبه القالب السابق كما يشبه القالب الأول أيضا، من حيث الشكل، ولكنه -وكما قلنا- لا يتخذ من الأيام موضوعا أو إطارا زمنيا لمادته، كما أن فقراته كلها ذات موضوع واحد في مجموعها، وإن اختصت كل فقرة من فقراته، بعنصر من العناصر، أو بجانب من الجوانب، أو بزاوية من الزوايا، ولكنها -جميعها- ذات صلة موضوعية ببعضها البعض، وبهذا الموضوع الواحد نفسه ومن هنا، وحتى لا نكرر ما سبق أن قلناه عند حديثنا عن خصائص "مقال اليوميات الصحفية" من حيث الشكل، ومن حيث المضمون، وحتى لا نكرر ما قلناه أيضا عن القالبين السابقين، من هنا نقول:

1-

إن ما قلناه عن تحرير القالبين السابقين يصدق بشكل أو بآخر بالنسبة لهذا القالب أيضا وفي أكثر أحوال الاستعانة به، أو اتباع الكاتب له.

2-

وذلك باستثناء بعض الاختلافات البسيطة القائمة التي نجملها في الآتي:

أ- أن وجود الرابطة بين الفقرة السابقة، والفقرة اللاحقة شيء هام وضروري.

ب- أن هذه الرابطة تشبه جسر الاتصال الذي يربط بين المقدمة وصلب الخبر حيث تمثله هنا عبارة ربط اتصالية تربط بين الفقرات وبعضها البعض.

جـ- كما أن بعض المحررين أو الكتاب يتبع في تحرير الفقرة نفسها أسلوبا يقترب من طريقة "الحديث المنقول".. ولكنه هنا لا ينقل حديثا لأحد أو خطابا أو رسالة لشخصية هامة، وإنما يتبع فقط جانب هذه الرابطة التي تتألف كما هو الحال في قالب التحرير الإخباري المشار إليه من:

- الفقرة الأولى المكونة من تمهيد وجسم.

- مختصر لفكرتها ثم ربط لها بفقرة جديدة "الثانية".

- مختصر لفكرة الفقرة الثانية، ثم ربط لهذا المختصر بفقرة جديدة "الثالثة"، وهكذا حتى نهاية المقال.

ص: 225

- كما أن من المقبول هنا أن تكون هناك فقرة أكثر أهمية وجاذبية من فقرة أخرى، لا سيما الفقرة الأولى، طالما كانت هناك هذه الوحدة الموضوعية التي تجعل القارئ يحكم على المقال كله، أو في مجموعه.

3-

ولأنه قالب موحد الموضوع على الرغم من فقراته، فإن الفقرة الأخيرة هنا -كذلك- تعتبر في مقام النهاية أو بمثابة الخاتمة، ولذلك فأمام الكاتب أحد طريقين:

أ- إما أن يضع بها كل ثقله بوصفها آخر ما يستقر في ذهن القارئ، حيث يقوم بختام مقاله ختاما قويا مؤثرا في عقل القارئ يذكر بأهم ما سبق طرحه أو بالهدف الأساسي أو الغاية التي يرمي إليها من وراء مقاله.

ب- وإما أن تكون النهاية هي تلك الفقرة العادية التي تحدث في سهولة وبساطة ودون ضجيج أو اصطناع تأثير قوي على القراء، بينما يوجد حقا وقولا ضمن سطورها وكلماتها ما يعتبر نهاية هادئة، ولكنها هنا تشبه "النهاية المستترة" التي يصطنعها محرر زميل قد يكون أقل خبرة وتجربة من كاتب هذا المقال، وقد لا يكون، وهو هنا محرر فن التحقيق الصحفي.

4-

وأخيرا.. لعل في تجربة كتابة هذا القالب ما يؤكد عظم الحاجة إلى الكاتب الممارس الموهوب الذي يعرف كيف يحقق الاختلاف والتنوع فكرا وتعبيرا، في إطار الموضوع الواحد، أو الحدة الموضوعية، ومن هنا فقد يكون عمله هذا، أكثر صعبة من عمل زميليه السابقين.

رابعا: الصورة التحريرية الرابعة "قالب أمس واليوم وغدا"

وهو -كما قلنا- قالب زمني آخر ولكن فقراته لا تتابع زمنيا وفق أيام الأسبوع، وإنما وفق تتابع الماضي والحاضر والمستقبل، في إطار الأمس واليوم والغد، ومن هنا، وبالإضافة إلى ما سبق أن قلناه عنه، فإننا نشير إلى أهم معالمه:

- مقدمة تأخذ أحد هذه الأشكال:

- أن ترتبط بالفقرة الأولى "الأمس".

- أو بأقوى وأهم الفقرات الثلاث، بصرف النظر عن موقعها.

- أو أن تكون شاملة تتناولها جميعا.

- وقد تكون عبارة أولى أو أخيرة وردت -كما هي- في فقرة من الفقرات.

ص: 226

- وقد تكون من المرتبطة ببعض الأشخاص الذين تتحدث عنهم الفقرات أو فقرة منها.

- وقد لا تكون هناك مقدمة على الإطلاق، وإنما تتابع الفقرات دون أن ترتفع فوقها هذه الوحدة.

وواضح أنه بذلك يتشابه مع معالم كثيرة من تلك التي اختصت بها مقدمات المقالات السابقة.

- وأما عن الفقرات نفسها فهي -كقاعدة- تتكون من ثلاث تلك أهم معالمها:

- أنها تكون أكثر طولا، وأكبر حجما من الفقرات السابقة، أي: إن من المفروض أن نفس المساحة التي تشغلها في المقالات السابقة أربع أو خمس أو ست فقرات أحيانا، تشغلها هنا ثلاث فقرات فقط.

- أن ذلك يعطي الفرصة لتكون هناك مقدمة شبه كاملة، بل ونهاية في أحيان كثيرة، لكل فقرة من فقرات المقال الثلاث.

- وأن كل فقرة منها تمثل وحدة مستقلة الموضوع عن الفقرة التي تليها، كما هي مختلفة الزمن.

- ومن المفيد هنا أن ينوع المحرر في أساليب تناول هذه الموضوعات المستقلة، فيستخدم بالنسبة لمقالة هذا الأسبوع الأسلوب العرضي بالنسبة للفقرة الأولى، النقدي بالنسبة للثانية، الوصفي بالنسبة للثالثة، وبالنسبة لأسبوع آخر يستخدم الأساليب الأخرى مثل القصصي والحواري والمقارن، وبالنسبة لأسبوع ثالث يستخدم أساليب مختلفة كالضوء الزمني الخلفي والاعتراف والنزالي، وفي أسبوع رابع يجمع بين ثلاثة من أساليب الأسابيع السابقة أو تلك التي استخدمها سابقا وهكذا.

- على أن تقوم في ذهنه دائما، وأن يلتفت تماما إلى أهمية اختيار الأسلوب المناسب للمادة المناسبة.

- وقد لوحظ في الآونة الأخيرة وجود بعض الاتجاهات الحديثة في تحرير هذا القالب، ومنها على سبيل المثال:

- ظهور بعض المرونة في كتابة هذا النوع من المقالات، كان من أبرزها إضافة فقرة أخرى تحمل طابع وعنوان "وبعد غد"، وأحيانا فقرة تكرر مشهدا آخر أو موقفا مختلفا تأتي بعنوان "وأمس أيضا" إذا كانت تتناول الماضي، أو "واليوم أيضا" إذا كانت تتفق مع هذا التوقيت، وهكذا نجد عندنا أربع فقرات أو خمس تعلوها

ص: 227

العنوانات ذات البعد الزمني الآتية: "أمس، واليوم، وغدا، وبعد غد" أو "أمس، واليوم، واليوم أيضا، وغدا" وهكذا.

- اقتصار بعض مقالاته خلال أحد الأسابيع على "الأمس" فقط وحيث يكون المضمون التاريخي هو الغالب، مع أهمية أن يشير الكاتب إلى ذلك في بداية المقال، وأن يكون هناك ما يستحق هذا التناول أو هذه الرؤية التاريخية، وحيث يكون الكاتب حرا بعد ذلك في اختيار القالب الفني التحريري، ولكنه -في الغالب- يختار قالب الفقرات أيضا وحيث يكون قريب الشبه جدا بالقالب السابق وإلى حد اعتبارهما قالبا واحدا موحد الموضوع، وهو هنا الموضوع التاريخي طبعا.

- كما ظهر من يتبع "الاتجاه العكسي" فيبدأ بالمستقبل أولا ثم الحاضر -اليوم- ثم الأمس كنوع من التغير وليس في جميع أساليب كتابته أو بالنسبة لجميع مقالاته.

- كما ظهر من يكتب عن "الأمس واليوم والغد" في قالب غير قالب الفقرات أساسا، وإنما يخلط بينها، على طريقة قالب الوحدة المقسمة إلى فقرات غير منفصلة بفاصل ما، أو الوحدة الواحدة غير المقسمة أصلا، والذي سيأتي الحديث عنه بعد قليل.

خامسا: الصورة التحريرية الخامسة "الفقرات الموضوعية الثابتة"

ويكاد ينطبق عليها ما قلناه عن:

- قالب الفقرات التقليدي: وذلك باستثناء ثبات موضوعات الفقرات هنا من مقالة لأخرى، أو من أسبوع لأسبوع، حيث لا يتغير موضوعها ولا ترتيبها بالنسبة لبعض الصحف المحافظة أو ذات الاتجاهات "الكلاسيكية".

- قالب أمس واليوم وغدا: من حيث الحفاظ على ثبات الموضوع دوريا فقط، ولكن الفقرات هنا ليست ذات بعد زمني ثلاثي، وإنما متنوع من فقرة لأخرى، مع هذا الثبات نفسه.

كما تتشابه -تماما- معالم تحرير مقدماتها وصلبها أو مادتها ونهايتها مع هذين المقالين أيضا والفروق البسيطة الحادثة، قد تعود في معظمها إلى ذوق المحرر نفسه، وإبداع الكاتب ذاته، وذلك في حالة قيامها.

ص: 228

سادسا: الصورة التحريرية السادسة "قالب الوحدة الواحدة"

وهو يختلف هنا -تمام الاختلاف- عن المقالات السابقة، بقوالبها المختلفة، وهنا الاختلاف راجع إلى شكله في البداية الذي لا يتبع أسلوب الفقرات، وإلى مضمونه في معظمه، حيث يكون موضوعا واحدا ينساب -كما قلنا- وفي وحدة متماسكة، وخيوط ممتدة من أول المقال إلى آخره، ومن هنا فنحن نقول عن تحريره:

1-

إنه يفضل أن يبدأ هذا القالب بمقدمة عادية تقليدية يمكن أن نتوقف قليلا لنقول بشأنها:

أ- إن في "تصنيف المقدمات" التي وردت سابقا، ما يعين المحرر على اختيار واحدة منها.

ب- إن على الكاتب أن يختار من بين هذه المقدمات وبوصف أن مقالته طويلة وذات وحدة واحدة:

- المقدمة الأكثر انسجاما واتفاقا مع هذا القالب ومع مضمون المقال.

- والأكثر ارتباطا بهذا المضمون بحيث لا تصلح لغيره مطلقا.

- الأكثر جاذبية وتشويقا والتي تعكس حسا صحفيا وفنيا كبيرا.

جـ- وننصح هنا بأن يقوم الكاتب بتحرير مقدمتين لا مقدمة واحدة.

- المقدمة الأولى: أساسية تقوم كوحدة تحريرية فنية متكاملة.

- المقدمة الثانية: احتياطية احتمالا أو تحسبا لاحتمال حاجة المخرج إليها، وذلك بصرف النظر عن البداية أو المدخل التقليدي الذي يمكن أن يقوم للمقال نفسه.

- وعلى أن تكون نوعية المقدمة الأولى مختلفة عن نوعية المقدمة الثانية.

د- كما ننصح هنا أيضا بمراعاة أهمية أن تكون المقدمة هنا -وكاتبها خبير- من تلك الأجزاء الثلاثة الأساسية وهي:1

- المدخل أو التمهيد أو المفتاح.

- الموضوع.

- عبارة التحول.

1 رجاء العودة إلى كتابنا السابق: "دراسات في التحرير الإخباري" من ص79 إلى ص84.

ص: 229

وصحيح أن القراء لا يلاحظون ذلك، وأن تماسك المقدمة يساعد على هذه الحالة، كما أن ذلك يتصل أكثر بمقدمات المادة الإخبارية، ولكن من الصحيح أيضا أن ذلك "البناء" يؤدي إلى مزيد من نجاح المقدمات، القائم على أساس من أداء دورها.

2-

وأما عن مادة المقال خلال هذا القالب نفسه، أو باتباعه فإنه يمكن ملاحظة الآتي:

أ- أن هذا القالب يمثل إطارا شكليا أو شكلا من الأشكال التي توضع فيها المادة المقالية.

ب- أي: إنه ليس بديلا -بوحدته الواحدة- عن أن تكون هناك تلك الطريقة التحريرية الفنية أو ذلك القالب التحريري الفني الذي يسيطر على مضمونه نفسه دون أن يتعارض في ذلك مع إطار أو شكل الوحدة الواحدة.

ومن خلال دراستنا للمادة المنشورة فوق الصفحات نفسها وجدنا أن هذه القوالب تكاد تتشابه وبعض القوالب المستخدمة بالنسبة لمقالين سبق أن تناولناهما وهما: "المقال الصحفي العام - المقال القائد الموقع" كما تستبدل بعض قوالبهما بقوالب أخرى جديدة، وعموما فإن هذه القوالب والطرق الفنية هي:

1-

قالب العرض.

2-

قالب الوصف.

3-

قالب القصة.

4-

القالب التاريخي.

5-

قالب الأنموذج الآخر.

6-

القالب المقارن.

7-

القالب الحواري.

8-

قالب السؤال والجواب.

9-

قالب الاعترافات.

10-

القالب التركيزي "الضوء التركيزي".

11-

قالب البحث "الدراسة الصحفية".

12-

القالب المختلط.

جـ- على أنه يلاحظ اهتمام كاتبه بهذه الأمور كلها خلال هذه الخطوة:

ص: 230

- طرح الأفكار الجديدة وباستمرار على هيئة "عناصر مقالية" عديدة تقدم خلال هذا العمل.

- إبراز الجانب الذاتي في التناول والربط بين الأفكار وصاحبها وتصويرها من خلال تجربته الخاصة وممارساته وقراءاته وانفعالاته.

- المناقشة الهادئة، والحوار الهادئ أيضا.

- التوجه إلى كل القراء، وليس إلى طائفة منهم دون طائفة.

- أسلوب الصديق، ولكنه الصديق الخبير والمجرب والحكيم أيضا.

- وليس معنى قولنا إن هذا المقال تكون صورته التحريرية هي صورة "الوحدة الواحدة" أنه يكون مثل هذه الوحدة من أول سطر حتى آخره، فذلك ضد لطبائع الأشياء نفسها، بل ضد لبناء عناصره الأساسية، كما أن ضد لجانب مساعدة القارئ على متابعته، ومن هنا فإن على كاتب هذا المقال أن يقسمه "وهميا" إلى عدة فقرات يختص كل منها بعنصر من العناصر، وتتخذ هي شكل الفقرة، دون أن يفصل بينها وبين الفقرة الأخرى أي فاصل قائم فعلا، بينما تتكون كل فقرة من عدة جمل وعبارات تتناول هذا العنصر أو ذلك، أو بعض جوانبهما.

- عدم ترك فكرة أو عنصر من العناصر قبل الإحساس باكتمال تناوله أو مناقشته خلال هذا الإطار، وإلا فاستكمال التناول أو المناقشة خلال مقال آخر هو أمر واجب، كما أن من المهم هنا إعلام القراء بذلك.

- الاهتمام بالشواهد العديدة، والأمثلة الدالة، والتي تكون في مستوى جميع القراء.

- الانتقال الهادئ، من فكرة إلى فكرة، ومن عنصر إلى عنصر ومن زاوية لأخرى، دون الإعلان عن ذلك، أو وضع الحواجز أو العراقيل في مواجهة فكر القارئ وقدرته على الاستمرار.

- اختيار المادة الواضحة التي يسهل فهمها وتبسيط ما يتصل بالمعلومات العامة أو المادة العلمية الجافة، والتعبير عنها بالأسلوب الذي ينتظر أن يفهمه وأن يقبل عليه جميع القراء.

- اللغة المناسبة للموضوع المناسب.

- والصحيحة تماما.

ص: 231

- مع قدر لا بأس به من جمال الأسلوب وحلاوته، ورقة التعبير وشاعريته، ووضوح المعنى وجاذبيته.

3-

وأما عن خاتمة المقال أو نهايته، فهي تلك التي تجمع بين هذه المعالم، كلها أو بعضها:

- التركيز على "نتيجة" واحدة هامة ينبغي أن تقوم في أذهان القراء.

- أو على عدد من النتائج "الشاملة" في أسلوب يختصرها ويقررها.

- أو تقديم ما يؤكد صحة الرأي أو الموقف أو الاتجاه الذي انتهى إليه الكاتب.

- أو طلب مشاركة القراء في تقديم الحل، أو مجموعة الحلول، أو الحكم في قضية ذات أهمية.

- أو جعلها نهاية عاطفية "إنسانية" تثير شجون القراء وانفعالاتهم.

- أو جعلها نهاية تصويرية، تصور المشهد الأخير "الحدثي" أو "الوقائعي" قبل نزول الستار.

- أو جعلها نهاية "هجومية" تركز على شخص أو مؤسسة أو عمل ما.

- أو بعودة "التركيز المختصر" -مرة أخرى- على الفكرة الرئيسية الأولى التي يقوم عليها هذا المقال، وليست النتيجة هذه المرة.

- أو بتلخيص وتركيز الأفكار والعناصر المقالية كلها، والتي سبق طرحها خلال النص نفسه.

- أو بالعمل على "استفزاز" بعض الكتاب من أجل الرد على ما جاء بالمقال، وإلقاء "الريشة" أو "القفاز" في وجوههم.

- أو بمجرد دعوتهم دعوة هادئة إلى النزال، والرد عليه.

- أو بجعلها نهاية "تاريخية" يذكر فيها الكاتب بحدث أو حديث أو موقف تاريخي مماثل.

- أو بجعلها نهاية مستترة، يقول الكاتب فيها ما يريد قوله خلال الفقرة الأخيرة نفسها، وبين سطورها، ووراء حروفها وما يمكن أن يقوم خلفها من انعكاسات أو ظلال.

- أو بجعلها نهاية "تنظيمية" توجه الدعوة للقارئ إلى متابعة المقال القادم الذي يمثل حلقة في هذه السلسلة مثلا.

ص: 232

- أو بالجمع بين أكثر من صورة من هذه الصور نفسها أو بين أكثر من اتجاه منها، أو بين هذه وغيرها مما تقدمه مقدرة المحرر الكتابية وروحه وحسه الصحفي التحريري الابتكاري.

سابعا: الصورة التحريرية السابعة "الفقرة الطويلة والفقرة القصيرة"

ونضيف إلى ما سبق أن قلناه عنه هذه الكلمات:

أ- أنه يمكن تصوره -شكلا- عندما نقوم بكتابة المقال السابق مع حذف النهاية كلية أو اختصارها أو جعلها نهاية "مستترة".

ب- على أن توضع مكانها أو يتم استبدال إحدى الصور العديدة السابقة بها، والتي أشرنا إليها عند تناولنا لهذا المقال من حيث الشكل.

جـ- ومن المفضل ألا يكون لهذه الفقرة الأخيرة -على أن شكل من أشكالها- صلة ما بالفقرة الكبيرة السابقة، تلك الممثلة أصلا للمقال الأساسي، وإنما تختلف موضوعا وفكرة ومادة.

د- ولذلك فإن من الأهمية بمكان أن تكون -على الرغم من قصرها وصغر مساحتها- قوية التعبير بالغة الدلالة، محكمة النسج، مضمونة التأثير.

هـ- ومن هنا فآيات الكتاب البينات والأحاديث النبوية الكريمة والحكم والأقوال المأثورة هي من خيرة "المضامين" لهذا الجزء النهائي.

و وباعتبارها نهاية أو خاتمة فمن غير المعقول أن تكون هناك نهاية أخرى، وذلك باستثناء بعض المواد التي يكون من الأفضل إبراز معالم النهاية بها وذلك مثل:"أن تكون الفقرة عبارة عن قصة قصيرة أو أقصوصة، أو حوار قصير، أو سطور كتاب، أو ما يتصل بالتراث.. إلخ".

تدريب عملي "7":

- قم بمحاولة لكتابة مقال يوميات صحفية متبعا في ذلك الطريقة التي ترى أنها أكثر مناسبة لك ولإمكانياتك ومقدرتك التحريرية، مع تركيز على تجربتك الخاصة.

- قم بعمل دراسة لمقالات اليوميات الصحفية كما تعرفها إحدى جرائد بلدك لمدة ثلاثة شهور مبينا أهم ملاحظاتك عليها في ضوء دراستك السابقة مع تركيز خاص على:

شكل المقال، مضمونه، أهم ملامح تحريره.

- قارن بين مقالات اليوميات الصحفية كما نشرت على صفحات جريدتين من جرائد بلدك لمدة شهر كامل، موضحا.

أبرز الكتاب، أبرز ملامح كتاباتهم، أشهر أنواع المقالات، المعالم الأساسية.

ص: 233