الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
العجيب؛ إذ أن هذه الأخبار التي وصلت إلينا المراد منها الاقتداء والاتعاظ، وحاولة الاستفادة منها في واقعنا المعاصر، مع ما يراد من سوقها إلى الناس من التعبد بها إن كانت آيات كريمات.
هذا ومن طرائق التدريب التي وقفت عليها ما يلي:
أولاً:
جعلهم رعاة للغنم:
وذلك كي يسوسوا بعد ذلك أممهم كما تُساس الغنم بالصبر والجَلَد عليها:
فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
((ما بعث الله نبياً إلا رعى الغنم)). فقال أصحابه: وأنت؟
قال: ((نعم، كنت أرعاها على قراريط (1) لأهل مكة)) (2)
(1) القيراط: معيار في الوزن وفي القياس، اختلف مقاديره باختلاف الأزمنة، وهو اليوم في الوزن أربع قمحات، وفي وزن الذهب خاصة ثلاث قمحات. وفي القياس جزء من أربعة وعشرين، وهو من الفدان يساوي 175 متراً:((المعجم الوسيط)): ق ر ط.
(2)
أخرجه الإمام البخاري في صحيحة: كتاب الإجازة: باب رعي الغنم على قراريط.
قال ابن حجر (1) رحمه الله تعالى:
((قال العلماء: الحكمة في إلهام الأنبياء من رعي الغنم قبل النبوة أن يحصل لهم التمرن برعيها على ما يكلَّفونه من القيام بأمر أمتهم، ولأن في مخالطتها ما يحصل لهم الحلم والشفقة لأنهم إذا صبروا على رعيها وجمعها بعد تفرقها في المرعى ونقلها من مسرح إلى مسرح ودفع عدوها من سبع وغيره كالسارق، وعلموا اختلاف طباعتها وشدة تفرقها مع ضعفها واحتياجها إلى المعاهدة، ألفوا من ذلك الصبر على الأمة، وعرفوا اختلاف طباعها وتفاوت عقولها فجبروا كسرها ورفقوا بضعيفها وأحسنوا التعاهد لها، فيكون تحملهم لمشقة ذلك أسهل مما لو كُلفوا القيام بذلك من أو وهلة لما يحصل لهم من التدريج على ذلك برعي الغنم. وخُصت الغنم بذلك لكونها أضعفَ من غيرها، ولأن
(1) أحمد بن علي بن محمد، الأستاذ إمام الأئمة، أبو الفضل الكناني العسقلاني المصري الشافعي، ويعرف بابن حجر وهو لقب لبعض آبائه. ولد سنة 773 بمصر القديمة، ونشأ بها يتيماً، وجدَّ في العلوم المناصب كالقضاء والحسبة والإمامة. توفي رحمه الله تعالى بالقاهرة سنة 852. انظر ((الضوء اللامع)): 2/ 36 - 40.