الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الثالث:
تأصيل التدريب من عمل السلف
الصالح رضي الله عنهم ومن تبعهم
قد كان للصحابة رضي الله تعالى عنهم ومن بعدهم من صدر هذه الأمة أعمال في التدريب على شؤون العمل الإسلاميّ، وتبعهم على ذلك جماعات من الخلف كانت لهم أياد بيضاء في هذا الباب، فمن تلك النماذج:
1 - تدريب عمر أبا موسى الأشعري رضي الله عنهما وشريحاً على القضاء:
هذا عمر رضي الله تعالى عنه يدرب شريحاً (1) على القضاء قائلاً:
(1) شريح بن الحارث بن قيس الكوفي النَّخَعي القاضي، أبو أمية. ثقة، مخضرم، وقيل: له صحبة. مات قبل الثمانين أو بعدها، وله مائة وثمان سنين أو أكثر. يقال: حكم - أي قضى - سبعين سنة. انظر ((تقريب التهذيب)): 265.
((اقض بما استبان لك من كتاب الله، فإن لم تعمل كل كتاب الله فاقض بما استبان لك من قضاء رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإن لم تعلم كل أقضية رسول الله صلى الله عليه وسلم فاقض بما استبان لك من أئمة المهتدين، فإن لم تعلم كل ما قضت به أئمة المهتدين فاجتهد رأيك، واستشر أهل العلم والصلاح)) (1)
وفي تفصيل أطول وتدريب أوسع بيَن عمر لأبي موسى الأشعري رضي الله تعالى عنهما أصول القضاء فكان فيما قاله له:
((
…
آسِ الناس في مجلسك وفي وجهك وقضائك حتى لا يطمع شريف في حِيْفك، ولا ييأس ضعيف من عدلك، البينة على المدعي واليمين على من أنكر، والصلح جائز بين المسلمين إلا صلحاً أحلَّ حراماً أو حرّم حلالاً، ومن ادَّعى حقاً غائباً أو بينة فاضرب له أمداً ينتهي إليه، فإن بيّنه أعطيته بحقه، وإن أعجزه ذلك استحللت عليه القضية، فإن ذلك هو أبلغ في العذر وأجلى للعلماء، ولا يمنعنك قضاء قضيت فيه اليوم فراجعت فيه رأيك فهديت فيه لرشدك أن تراجع فيه الحق، فإنّ الحق قديم لا يُبطله شيء، ومراجعة الحق خير من التمادي في الباطل،
(1)((إعلام الموقعين)): 1/ 204.