المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌التدريب على المحاسبةوالمساءلة والتقويم - التدريب وأهميته في العمل الإسلامي

[محمد بن موسى الشريف]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌تمهيد

- ‌الفصل الأولمعنى التدريب وأهميته ووسائلهوتأصيله من الكتاب والسنةوعمل السلف الصالح

- ‌المبحث الأولمعنى التدريبوأهميته ووسائله

- ‌المطلب الأول: معنى التدريب وأهميته

- ‌التدريب لغة:

- ‌العلاقة بين التدريب والتنظير

- ‌أهمية التدريب:

- ‌باعث التدريب:

- ‌التدريب عند النصارى:

- ‌المطلب الثاني: وسائل التدريب

- ‌ إنشاء المؤسسات الخاصة بالتدريب الدعويّ العلميّ:

- ‌ تضمين مناهج الجامعات والمعاهد والمدارس العليا قضايا التدريب على العمل الإسلاميّ:

- ‌ الاستفادة من وسائل الإعلام الحديثة:

- ‌المبحث الثانيتأصيل التدريب من الكتابوالسنة وعمل السلف الصالح

- ‌المطلب الأول: تأصيل التدريب من صنيع الله تعالى مع أنبيائه ورسله

- ‌ جعلهم رعاة للغنم:

- ‌ العزلة قبل البعثة:

- ‌ الصلاة الطويلة الشاقة نحو قيام الليل:

- ‌ التدريب على مواجهة الطغاة:

- ‌ مواقف مختلفة:

- ‌المطلب الثاني: تأصيلالتدريب من السنة المطهرة

- ‌1 - تدريب الصحابة على الدعوة وطرائقها:

- ‌2 - تدريب الصحابة على القضاء والفتوى:

- ‌3 - تدريب الصحابة على إدارة بعض شؤون دنياهم:

- ‌المطلب الثالث:تأصيل التدريب من عمل السلفالصالح رضي الله عنهم ومن تبعهم

- ‌1 - تدريب عمر أبا موسى الأشعري رضي الله عنهما وشريحاً على القضاء:

- ‌2 - تدريب عمر رضي الله تعالى عنه الناس على القوة والاخشيشان:

- ‌3 - التدريب على قراءة القرآن العظيم:

- ‌4 - التدريب على قضايا علمية منوعة:

- ‌نماذج من المربِّين المدرِّبين

- ‌الفصل الثانيعرض لبعض طرائق التدريب فيبعض القضايا المهمة

- ‌مدخل

- ‌التدريب على الأمر بالمعروفوالنهي عن المنكر

- ‌الخطوات العملية في هذا الباب:

- ‌1 - مصاحبة داعية بصير مجرب

- ‌2 - مصاحبة رجال هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في جولاتهم الدعوية

- ‌3 - إنشاء معهد خاص للتدريب على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

- ‌4 - التدريب على الصبر على الإيذاء النفسيّ والجسديّ

- ‌5 - التدرب على الشجاعة ومحاولة اكتساب ما يمكن اكتسابه من هذه الصفة المهمة

- ‌6 - الاطلاع على سير الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر من الأنبياء والصالحين

- ‌8 - التدرج في التطبيق مع البصيرة النافذة والحكمة والموعظة الحسنة

- ‌التدريب على مواجهةالمواقف الحرجة

- ‌التدريب على الإلقاء

- ‌التدريب على الاستفادةمن الإنترنت

- ‌التدريب على الاستفادةمن الأوقات

- ‌1 - التدريب على الاستفادة من الوقت الضائع المهدر:

- ‌2 - التدريب على استعمال أسلوب التفتيق أو العطف الذهني:

- ‌التدريب على التخلص منالمصطلحات السلبية

- ‌1 - سأحاول فعل كذا وكذا يوماً ما:

- ‌2 - أنا خَلقت هكذا، أو: ليس عندي أحسن من هذا، أو: هذه إمكاناتي وقدراتي:

- ‌3 - أنت السبب، أو أنت الملوم، أو غير ذلك

- ‌4 - هذا الأمر صعب أو مشكل أو فيه مخاطرة:

- ‌5 - أنا أعرف تماماً ما يجري حولي ومطلع عليه:

- ‌6 - جملة من الألفاظ المحبطة:

- ‌التدريب على انتهاز الفرص

- ‌ إحسان تتبع الأخبار وتَسَقُّطها

- ‌ إحسان قراءة الوقائع بدون إفراط ولا تفريط

- ‌ توسيع ((الأفق))

- ‌ إحسان بناء العلاقات بالناس خاصة الوجهاء والمقدَّمين منهم

- ‌ الإقدام والعزم

- ‌ قراءة تاريخ الذين انتهزوا الفرص ممن ذكرتهم آنفاً وأمثالهم من المسلمين وغيرهم

- ‌ استشارة أهل الخبرة في هذا الباب

- ‌التدريب على المحاسبةوالمساءلة والتقويم

- ‌1 - إنشاء المجالس التقويمية:

- ‌2 - المصارحة والقوة:

- ‌3 - الشمول:

- ‌4 - التذكير حيناً بعد حين بأهمية العمل:

- ‌5 - صقل العاملين:

- ‌التدريب على الاخشيشانوالتقلل من المباحات

- ‌أهمية الاخشيشان:

- ‌1 - إعداد النفس للجهاد:

- ‌2 - إعداد النفس لما قد ينزل بها من البلاء:

- ‌3 - تربية الأهل والأولاد على المعاني العالية:

- ‌4 - شعور المجتمع بمشاركة الأغنياء للفقراء:

- ‌كيفية التدريب على الاخشيشان:

- ‌ الإكثار من الصيام:

- ‌ التقلل من الطعام والشراب في بعض المواسم:

- ‌ منع النفس عن بعض مرغوباتها ومشتهياتها:

- ‌ قراءة سير السلف الصالح رضي الله عنهم أهل الزهد والتقشف والتقلل

- ‌ختام

- ‌فهرس المصادر والمراجع

- ‌القرآن الكريم

- ‌مراجع أجنبية إسلامية:

الفصل: ‌التدريب على المحاسبةوالمساءلة والتقويم

‌التدريب على المحاسبة

والمساءلة والتقويم

لابد من إرساء مبدأ المحاسبة والمساءلة في كل أعمال المسلم، فالمحاسبة والمساءلة ترتفعان بالشخص إلى تحقيق ما هو مسؤول عنه ومطالب به، والعكس منذلك صحيح، فإذا غابت المحاسبة والمساءلة تدهور العمل وقلَّ العطاء.

والله تبارك وتعالى يحاسب عبادَه يوم القيامة، ويرغبهم بمحاسبة أنفسهم قبل ان يُحاسبوا، والعباد يحاسب بعضهم بعضاً على الأموال والحقوق أشد المحاسبة، فالدعاة أحرى أن يحاسب بعضهم بعضاً، ويوقف بعضهم بعضاً على مسؤوليته في الدعوة إلى الله تعالى، فلو أخذت مراكز الدعوة والمكاتب التعاونية وهيآت الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأخذ بهذا كل العاملين للإسلام، لو أخذوا جميعهم بهذا المبدأ لاستقامت أمور كثيرة معوجَّة، ولصُححت أوضاع خاطئة كثيرة.

ص: 175

لماذا يكون ثقيلاً على النفس ((قيام شخص بمحاسبة شخص آخر ومساءلته ومناقشته في عيوبه أو هفواته، وبالخصوص إذا كان الشخص مساوياً للشخص في المكانة الاجتماعية، أو بخصوصية أكبر إذا كان الناصح أو الناقد أو المناقش شخصاً أقلَّ من الآخر في قليل أو كثير ..

كم من أخوة ذابت، وصداقات تهاوت، وزمالة انتكست لأن الأخ أو الصديق أو الزميل حاول ألا ينتظر أو يمارس الحيادية الفارغة أو المجاملة عند صدور خطأ من الشخص، بل ناقش فيه فوراً

)) (1).

هذا، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يقيد من نفسه الشريفة الكريمة، وما ذلك إلا ضرب من المحاسبة في الذروة منها والكمال، فعن أُسيد بن حُضير (2) رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم طعنه في خاصرته بعود، فقال: أصبِرْني (3)، فقال:((اصطبر))، قال: إن عليك قميصاً وليس عليَّ قميص، فرفع النبي صلى الله عليه وسلم عن قميصِه فاحتضَنه وجعل يقبَّل

(1)((الانتحار الذاتي)): 94 - 96.

(2)

أُسيد بن حُضير بن سِماك الأنصاري الأَثْهليّ، أبو يحيى. صحابي جليل. توفي سنة عشرين أو في التي بعدها، رضي الله عنه. انظر:((التقريب)):112.

(3)

أي: أقِدْني من نفسك.

ص: 176

كَشْحه، قال: إنما أردت هذا يا رسول الله (1).

وقال الشافعي: روي من حديث عمر أنه قال: ((رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يعطي القَوَد من نفسي)) (2).

فهذه أصول في المحاسبة يجب أن تراعي وتُؤدَّى.

والنبي صلى الله عليه وسلم كان يحاسب العمَّال، فقد ((استعمل رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلاً من الأَسْد (3) على صفات صدقات بني سُلَيم يُدعى ابنَ اللُّتْبِيَّة، فلما جاء حاسبه)) (4).

وقال العينيّ (5) رحمه الله تعالى:

(1) أخرجه الإمام أبو داود في سننه: كتاب الأدب. والكَشْح: الخاصرة.

(2)

((عون المعبود)):12/ 268.

(3)

الأسد والأزد بمعنى.

(4)

أخرجه الإمام البخاريّ رحمه الله تعالى في كتاب الزكاة: باب قول الله تعالى: (والعاملين عليها) ومحاسبة المُصَّدِّقين مع الإمام.

(5)

محمود بن أحمد بن موسى بدر الدين أبو محمد العيني الحلبي الأصل ثم القاهريّ، الحنفيّ. ولد في عنتاب سنة 762 ودرس بها عدداً من العلوم وبرع، ثم ارتحل إلى بلدان متعددة ودخل القاهرة سنة 788 وولي بها عدة وظائف واجتمع له القضاء والحسبة ونظر الأوقاف معاً ودرس بها، له عدة مصنفات. توفي سنة 855 رحمه الله تعالى. انظر ((المختار المصون)): 1/ 570 - 572.

ص: 177

((فيه من الفقه جواز محاسبة المؤتمن، وأن المحاسبة تصحح أمانته، وهو أصل فعل عمر رضي الله تعالى عنه في محاسبة العمال)) (1).

هذا النبي صلى الله عليه وسلم قد نبَّه أبا بكر الصديق رضي الله عنه على أمر لم يُرضِه أن يصدر من أبي بكر رضي الله عنه، فعن عائذ بن عمرو رضي الله تعالى عنه أن أبا سفيان أتى على سلمان وصهيب وبلال في نفر فقالوا: والله ما أخذت سوف الله من عنق عدو الله مأخذها، فقال أبو بكر رضي الله عنه: أتقولون هذا لشيخ قريش وسيِّدهم؟ فأتى النبيَّ صلى الله عليه وسلم فأخبره، فقال ((يا أبا بكر لعلك أغضبتَهم، لئن كنتَ أغضبتَهم لقد أغضبتَ ربَّك)). فأتاهم أبو بكر رضي الله عنه فقال: يا إخوتاه، أغضبتُكم؟ قالوا: لا، يغفر الله لك يا أخي (2).

قال الإمام النوويّ رحمه الله تعالى:

((هذا الإتيان كان وهو كافر في الهدنة بعد صلح الحديبية،

وفيه مراعاة قلوب الضعفاء وأهل الدين وكرامهم وملاطفتهم)) (3).

(1)((عمدة القاري)): 7/ 367.

(2)

أخرجه الإمام مسلم في صحيحه: كتاب فضائل الصحابة: باب من فضائل سلمان وبلال وصهيب رضي الله تعالى عنهم.

(3)

((صحيح مسلم بشرح النووي)): 16/ 53.

ص: 178