الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بين القائم على الحق والقائمين على الباطل، فهما نهجان مختلفان وطريقان لا يلتقيان.
فأما حين يغلب الباطل قوته وجمعه على قلة المؤمنين وضعفهم لحمة يراها الله، فالصبر حتى يأتي الله بحكمه، والاستمداد من الله والاستعانة بالدعاء والتسبيح ليلاً طويلاً هي الزاد المضمون لهذا الطريق.
إنها حقيقة كبرى لا بد أن يدركها ويعيش فها رواد هذا الطريق)) (1).
رابعاً:
التدريب على مواجهة الطغاة:
إن الله تعالى كلف رسله عليهم الصلاة والسلام الإبلاغ والإنذار، وساعدهم على هذا بمعجزات وأسعفهم بآيات بينات، ولقد أعد الله تعالى بعض أنبيائه فتربوا على التعامل مع هذه المعجزات.
وليس أعظم ولا أدل على هذا من قصة موسى عليه الصلاة والسلام، فالله تبارك تعالى أرسله إلى أمتي القبط وبني إسرائيل، وهي مهمة صعبة ولا شك، كلن الله تعالى أعانه فدرَّبه قبل الرسالة وأثناءها، إذ مرَّت عليه أحداث جسام قبل الرسالة صقلته وهيَّأته، ولعل أبرز ما هيَّاه الله
(1)((في ظلال القرآن)): 6/ 3785 - 3786.
تعالى به السنوات التي قضاها عند شعيب عليه الصلاة والسلام.
ثم إن الله تعالى اصطفاه في مشهد مهيب بطريقة لم تتكرر في عظمتها ومهابتها وقوَّتها لنبي آخر، وكان في هذا حكماً كثيرة، منها - والله أعلم - تدريبه ليواجه هيبة فرعون وصورته التي تصوَّر عليها من العظمة والطغيان.
ثم إن اله تعالى درَّبه على موجهة فرعون تدرياً كافياً شاملاً للمهمة التي أرسله من أجلها جل جلاله، والمتأمل لقصته في كتاب الله تعالى يعلم هذا، فقد قال جل جلاله:
(وما تلك بيمينك ياموسى * قال هي عصاي أتوكؤا عليها وأهش بها على غنمي ولي فيها مئارب أخرى * قال ألقها ياموسى * فألقاها فإذا هي حية تسعى * قال خذها ولا تخف سنعيدها سيرتها الأولى * وأضمم يدرك إلى جناحك تخرج بيضاء من غير سوء ءاية أخرى * لنريك من ءايتنا الكبرى * اذهب إلى فرعون إنه طغى)(1).
أليس إلقاؤه العصا وتحوّلها إلى حية أمام ناظريه نوعاً من التدريب على مواجة رهبة الموقف قبل حدوثه،
(1) سورة طه: الآيات 17 - 24.