الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
5 -
شمول التدريب لجوانب كثيرة في الحياة:
وهذه الجوانب المذكورة في الأهمية ليست قاصرة على أشياء محددة، لكنها تعم جوانب كثيرة وتشملها، فـ ((نحن بحاجة لمن يعلمنا فن الحوار وفن الصمت، ومن يعلمنا الكفَّ عن الإدمان على بعض الأشياء وبعض التصرفات، كما أننا بحاجة إلى من يدربنا على إدارة الوقت وإدارة أعمالنا عن طريق الهاتف وعن طريق الأهداف وطريق التفويض، ومن يدربنا على رسم الأهداف، وعلى التخلي عن النزعات العدوانية، ومن يدربنا على حل مشكلاتنا عن طريق التفاوض ومقايضة المصالح، ومن يدربنا على القراءة المثمرة والتفكير المبدع، وحين نحرز تقدماً على هذه الأصعدة فإننا سنجد أن معالم حياتنا كلها قد تغيرت، وصارت فرص النجاح والارتقاء أفضل بكثير مما هي عليه اليوم)) (1).
باعث التدريب:
ينبغي أن يعلم التدريب ينبعث الشعور بأهميته من الشخص نفسه، وليس في الحقيقة مفتقرأ للتوجيه- وإن كان التوجيه مطلوباً- فالمرء أعلم بنفسه وقدراته وما هو
(1) المصدر السابق: 403.
عليه من علم وفهم ومهاراة، أو الضد من ذلك، فليس مقبولاً على الإطلاق أن يظل الشخص يراوح في مكانه ضعيفاً عاجزاً وهو يمكنه أن يخرج من ضعفه بتدريب مكثف في مدة زمنية مقبولة.
أعرف أحد الأئمة ممن يحبه الناس يقبلون عليه، وله من التأثير عليهم الشيء الكبير، وهو في الوقت نفسه صاحب روحانية وعاطفية إيمانية دافقة، لكن المشكلة التي يعاني منها كل المعاناة هو أنه لا يحسن الحديث بالفصحى كما ينبغي للإمام أن يكون، وهذه مشكلته - والله- منذ قرابة عشرين سنة، قيا أيها العقلاء: هل هذا معقول أو مقبول، وهل مثل هذا الشخص يحتاج لتوجيه حتى يتدرب على تخطي ضعفه اللغويّ هذا، على أنه قد وُجِّه مراراً كثيرة، فمثل هذا لو تدرب على إتقان اللغة ستة أشهر مثلاً لتخلص من هذه المشكلة للأبد، لكن يالَلَّ للمسلمين وعجزهم وضعفهم وعدم فهمهم أنه بتدريب يسير يتمكنون من صنع شيء كثير.
كم من الناس العقلاء من علم ضعفه وعرف علته، وانطلق يداويها بأنواع من التدريبات في دورات مكثفات قويات فإذا به منطلق مِعطاء منتج، والأمثلة على ذلك أكثر من أن تحصر، ومنها:
أعرف مديراً لمؤسسة كان يعاني من ضعف بل من
جهل تام بأصول برمجة الحواسيب، وقد وظف شخصين بمبلغ كبير نسبياً من أجل إقامة العمل الحاسبيّ، ثم فطن لنفسه والتحق بدورة حاسوبية مكثفة تعلم فيها الشيء الكثير، فإذا به ليس بمحتاج إلى من وظفهما، فقام بعملهما ووفر على نفسه المال.
هذا مثل لما ينبغي أن يكون عليه العاقل في شؤونه العامة، فلماذا لا يسعى الناس في الشؤون الدعوية والإيمانية سعَي هذا الرجل في عمله هذا الذي صنعه؟.
وهذه مؤسسة مهمة كبيرة، فيها موظفون كثر بعشرات الآلاف، ولهم إدراة تدير شؤونهم- كما هو شأن كل مؤسسة أخرى-، وفي هذه الإدارة قسم يشرف على تنسيق جداول بعض الموظفين المهمين، وعدد أولئك المشرفين قرابة مائتي موظف يشرفون على تنسيق جداول أولئك الموظفين المهمين البالغ عددهم قرابة ألف موظف، ويقسم لي بالله أحد الإخوة الثقات أن شركة كبرى في الخارج لها موظفون يماثلون في الأهمية الشريحة التي ذكرت، ويفوقونهم عدداً يشرف على تنسيق متنقل وهاتف جوَّال
…
سبحان الله، ألا يعتبر المسؤولون في هذه الشركة بحال تلك الشركة التي استطاعت في ضوء تدريب متفوق قوي أن تختصر العدد الضخم من الموظفين إلى امرأة واحدة فقط،