الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
3 - تدريب الصحابة على إدارة بعض شؤون دنياهم:
كان النبي صلى الله عليه وسلم يدرِّب الصحابة على إدارة بعض شؤون دنياهم حتى يكتفو ويبتعدو عن ذلِّ الحاجة والقلة، فمن ذلك ما جاء عن أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه أن رجلاً من الأنصار أتى النبي صلى الله عليه وسلم يسأله، فقال:((أما في بيتك شيء؟)).
قال: بلى، حِلْسّ (1) نلبس بعضه ونبسط بعضه، وقَعْبٌ (2) نشرب فيه الماء.
قال: ((ائتني بهما)).
قال: فأتاه بهما، فأخذهما رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده وقال:((من يشتري هذين؟))
قال رجل: أنا آخذهما بدرهم.
قال: ((من يزيد على درهم؟)) مرتين أو ثلاثاً.
قال رجل: أنا آخذهما بدرهمين، فأعطاهما إياه، وأخذ الدرهمين فأعطاهما الأنصاريِّ وقال: ((اشترِ بأحدهما
(1) أي كساء غليظ يلي ظهر البعير تحت القتب، انظر ((عون المعبود)): 5/ 53.
(2)
أي: قدح. المصدر السابق.
طعاماً فأنبذه (1) إلى أهلك واشترِ بالآخر قدوماً (2) فأتني به)).
فأتاه به فشدَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم عوداً بيده، ثم قال له:((اذهب فاحتطب وبِع، ولا أرينَّك خمس عشر يوماً))، فذهب الرجل يحتطب ويبيع، فجاء وقد أصابَ عشرة دراهم فاشترى ببعضها ثوباً وببعضها طعاماً. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:((هذا خير لك من أن تجيء المسألة نُكتةً في وجهك (3) يوم القيامة. إن المسألة لا تصلح إلا لثلاثة: لذي فقر مُدقِع (4)، أو لذي غُزمٍ مُفظِع (5)، أو لذي دم موجع (6)) (7).
(1) أي: اطرحه. المصدر السابق.
(2)
أي: فأساً. المصدر السابق.
(3)
أي: لها أثر كالنقطة القبيحة. المصدر السابق.
(4)
أي: شديد يفضي بصاحبه إلى الدقعاء وهي التراب. المصدر السابق.
(5)
أي: فظيع وثقيل. المصدر السابق.
(6)
أي: قتل يوجع القاتل أو أولياءه بأن تلزمهم الدية وليس عندهم ما يؤدونها به. المصدر السابق.
(7)
الحديث أخرجه الإمام أبو داود في سنته: كتاب الزكاة: باب ما تجوز فيه المسألة، وأخرجه الترمذي وقال: حسن. انظر المصدر السابق.
ففي هذا الحديث تعليم من النبي صلى الله عليه وسلم وتدريب لهذا الصحابي الكريم رضي الله عنه، بل هو تعليم وتدريب لك الأمة من بعده، وإرشاد لها إلى الأخذ بأسباب العلم والتدريب للرقي بالأمة إلى المجد والعلياء.