الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
العلاقة بين التدريب والتنظير
أالعلاقة بين التدريب العملي والتأهيل النظريّ:
التدريب أحد قسمي التأهيل؛ إذا التأهيل قسمان: نظريّ وعمليّ، وكلا القسمين مهم لا يُستغنى عنه، لكن البرامج التدريبية تفترض وجود مستوى محدد من الفهم والوعي، ومن ثَمَّ السعي للبناء عليه، فيصحُّ أن يقال إذاً: إن إلقاء المعلومات والتأكد من فهمها أمر لا بد منه قبل الشروع في التدريب، وكل تدريب غير مسبوق بإلقاء المعلومات الظرورية محكوم عليه بالقصور أو الفشل، وهذا القدر من المعلومات يحدده نوع كل نشاط أو مهارة يُراد التدريب عليها.
ب العلاقة بين التدريب والتخطيط:
التخطيط سمة العصر، قد اعتني به اعتناءً ظاهراً،
حتى أن المؤسسات الضخمة تخطط لخمس وعشرين سنة قادمة أو أكثر في بعض الأحيان، وتنفق بسخاء على التخطيط ومؤسساته.
و ((يجب أن يتميز البرنامج التدريبيّ الناجح بالاستمرارية المخطط لها بإتقان، وهذه الاستمرارية سوف تضمن ألا يصاب المتدربون بالركود، بل تكفل تزايد قدراتهم ونموها المطّرد، كما أنها ستزيل التكرار والإعادة
…
ويمكن أن يتيح الفرصة لتقويم المتدربين وتوزيعهم على المجالات المختلفة بعد إعدادهم وتأهيلهم)) (1).
والتخطيط الجيد يراعي خصوصيات المشاركين مع الأخذ بالاعتبار المستوى الحالي للتعليم والقدرة على الفهم لديهم (2).
ولا بد أن يعلم ويُدرَك أنه لا يوجد برنامج تدريبيّ موحد يمكن أن يناسب جميع المتدربين على تنوع مشاربهم واتجاهاتهم؛ إذ قد يناسب مجموعة ما ما لا يناسب الأخرى، وقد يكون المناسب لمجموعة محددة في زمن ما ليس بمناسب لها نفسها في زمن تالٍ أو سابق، وهكذا
…
(1) المصدر السابق: 292 بتصرف يسير.
(2)
المصدر السابق.
وكل ذلك يراعيه التخطيط القويم والإعداد الجيد.
جـ- العلاقة بين التدريب والتطبيق:
هناك فجوة كبيرة بين التدريب والتطبيق في عالمنا الإسلاميّ المعاصر، إذ أن عدة عوامل تضافرت لتؤدي إلى هذا الأمر، ولا أجد مساغاً لذكرها هاهنا، فكم من متدرب على أمر بذل فيه جهده وصرف فيه زماناً طويلاً من عمره، حتى إذا تخرّج فيه واستعد لتطبيق ما مَرِن عليه إذا به يُضطر للعمل في مجال آخر، والأمثلة من عالمنا الإسلامي أكثر من أن تحصر، فهذا طبيب ماهر ذكي أعرفه درس في كلية الطب وبذل لها وقتاً ثميناً وصرف فيها خلاصة شبابه، حتى إذا فرغ من سنة الامتياز وأقبلت عليه الوظائف أمره أبوه أمراً جازماً أن يتولى إحدى شركاته ليعمل في مجال لهم يعهده من قبل، ولم يأنس في نفسه ميلاً إليه، فضُرب بعُرض الحائظ كلُّ ما بذل من جهد وأنفق من وقت.
وآخر درس الهندسة النووية سنوات طويلة وتخرج فيها ((دكتوراً)) وحاز أعظم الشهادات الغربية، حتى إذا عاد إلى بلاده صدم بالحقيقة المرة وهي أنه لا يستطيع أن يطبق ما تدرب عليه طويلاً في بلاد الغرب، وإذا لا يستطيع أن يطبق ما تدرب عليه طويلاً بالحقيقة المرة وهي أنه لا يستطيع أن يطبق ما تدرب عليه طويلاً في بلاد الغرب، وإذا بالمعامل غير المعامل، وإذا بالعقبات توضع أمامه، هذا الذي درس زماناً طويلاً وصرف على الدراسة والتدريب زهرة شبابه وأجمل
أيام حياته، إذا به يُوضع في مكتب وثير ليوقع على أوراق إدارية، أو يترأس اجتماعات لا ثمرة لها على الحقيقة.
واسألوا أساتذة الذرة المسلمين الذين رأوا أن عودتهم إلى ديارهم ستصيبهم بكثير من الإحباط ففضلوا البقاء في عسل الغرب الممزوج بالسم، على أن يعودوا إلى حنظل خالص أو بيت نحل فارغ.
واسألوا الدكاترة والمهندسين، وأصحاب الدرجات العليا من ((ماجستير)) و ((دكتوراه)) في شتى التخصُّصات العلمية والذين عملوا في وظائفَ دنيا بعد تخرجهم لا تمتُّ بصلة لما تدربوا عليه ودرسوه، فقد شاهدت ((دكاترة)) وحملة ((ماجستير)) يعملون مضيفين في شركات الطيران، وكل ما تطالب به شركات الطيران من مؤهلات دورة لمدة أربعة أسابيع مع تحصيل شهادة الكفاءة أو الثانوية بحسب الحاجة، فما الذي ساق صاحب هذا المؤهل العالي ليعمل الحاجة، فما الذي ساق صاحب هذا المؤهل العالي ليعمل في هذا المكان؟ وهذا ضربته مثالاً وإلا فالأمثلة كثيرة كثيرة.
وهذا الذي ذكرته منطبق على أناس كثيرين التحقوا بكليات الدعوة والشريعة وأصول الدين، ودرسوا طويلاً ثم بعد تخرُّجهم لم يجدوا عملاً مناسباً ليطبقوا فيه ما درسوه وما تدرَّبوا عليه نوعاً من التدريب، وهذا ملاحظ مشاهد في كثير من بلدان العالم الإسلامي لغلبة البطالة وقلة الوظائف.