الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الصحابي رضي الله عنه لم يعلن العجز، ولم يرد الأمر بل طلب الدلالة على أمر جامع يتمسك به.
وهذا الصحابي الضرير لما جاء يستأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصلاة ببيته، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:((هل تسمع النداء بالصلاة؟)) قال: نعم، قال:((فأجب)) (1).
فامتثل رضي الله تعالى عنه على أنه كان له عذر واضح، فلم ينقل عنه إظهار العجز أو القصور.
3 - أنت السبب، أو أنت الملوم، أو غير ذلك
مما ينبئ باللوم والاتهام للآخرين:
وهذه المصطلحات ونحوها تستعمل في الهروب من الواقع والتملص من المسؤولية الشخصية، ويا حبذا لو استبدل به كلمة: أنا السبب أو نحوها مما ينطوي على تحمل الأمانة والشعور بالمسؤولية، فاستعمال مثل هذا المصطلح البديل يورث الاطمئنان على أهلية الشخص وأنه لا يلغي بتبعة تقصيره على الآخرين.
هذا نبي الله آدم عليه الصلاة والسلام لما عصى ربَّه بالأكل من الشجرة لم يقل لربه تبارك وتعالى مثلاً: أنت قدَّرت عليَّ أو أنت كتبت علي، إنما قال صلى الله عليه وسلم:
(1) المصدر السابق: كتاب المساجد ومواضع الصلاة: باب فضل صلاة الجماعة.
(ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين)(1).
ويجوز - في ميزان الأدب - أن ينسب المرء إلى نفسه التقصير، أو ينسبه إلى نفسه والآخرين ولو لم يكن له علاقة به، فهذا نبي الله يوسف عليه الصلاة والسلام لما خاطب أباه بما جرى بينه وبين إخواته، قال:(يا أبت هذا تأويل رؤياى من قبل قد جعلها ربي حقا وقد أحسن بي إذ أخرجني من السجن وجاء بكم من البدو من بعد أن نزغ الشيطان بيني وبين إخوتي)(2).
فقد نسب عليه الصلاة والسلام ظلم إخوته له إلى الشيطان، وجعل الأمر مشتركاً بينهم، ولم يكن له علاقة ألبتة بما جرى عليه الصلاة والسلام، بل كانوا هم الظالمين قطعاً، مع ذلك لم ينسب إليهم ما حدث أدباً منه عليه الصلاة والسلام.
فيجب إذاً على كل منا أن يكون على المظنون به من تحمل المسؤولية، والإقرار بالتقصير وعدم الهروب بإلقاء التبعة على الآخرين، وقصة كعب بن مالك رضي الله عنه في تحمله المسؤولية عن تخلفه عن غزوة تبوك، والإقرار
(1) سورة الأعراف: آية 23.
(2)
سورة يوسف: آية 100.