الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وكذلك الحال - أيضاً - في ضم موسى يدَه إلى جناحه وظهور عظيم بياضها ونورها الآدم شديد السمرة صلى الله عليه وسلم.
والله تبارك وتعالى كان قادراً على تثبيت موسى لأول وهلة، لكن من الحكم في هذا الصنيع هو أن ندرك أن الله سنناً في كونه يجب احترامها والتدريب على التعامل معها.
ثم إن الله تعالى جرَأ نبيَّه موسى عليه الصلاة والسلام على مواجهة الطاغية وماذا يقول له وكيف يرد، فقال:
(فقل هل لك إلى أن تزكى * وأهديك إلى ربك فتخشى)(1).
وطمأنه تعلى بقوله: (إنني معكما أسمع وأرى)(2)، (قال سنشد عضدك بأخيك ونجعل لكما سلطانا فلا يصلون إليكما بئاياتنا أنتما ومن اتبعكما الغالبون)(3).
فهل بعد هذا التدريب تدريب؟!
خامساً:
مواقف مختلفة:
ومن المواقف التدريبية في كتاب الله تعالى - أيضاً - ما علمه رسول محمداً صلى الله عليه وسلم من كيفية الإجابة على الأسئلة المستقبلية، فمن ذلك:
(1) سورة النازعات: الآيتان 19،18.
(2)
سورة طه: آية 46.
(3)
سورة القصص: آية 35.
(سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها قل لله المشرق والمغرب يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم)(1).
(سيقول المخلفون إذا انطلقتم إلى مغانم لتأخدوها ذرونا نتبعكم يريدون أن يبدلوا كلام الله قل لن تتبعونا كذلكم قال الله من قبل فسيقولون بل تحسدوننا بل كانوا لا يفقهون إلا قليلا * قل للمخلفين من الأعراب ستدعون إلى قوم أولى بأس شديد تقاتلونهم أو يسلمون فإن تطيعوا يؤتكم الله أجراً حسنا وإن تتولوا كما توليتم من قبل يعذبكم عذاباً أليما)(2).
وهذه الإجابات على الأسئلة المستقبلية فيها تثبيت وطمئنان، وفيها تدريب على مواجهة المواقف الحرجة الصعبة.
ومن ذلك ما جاء في قضية داود عليه السلام، فقد أرشده الله تعالى وبيَّن له كيف يصنع الدروع حتى يتدرب عليها ويحسن صنعها، فقال جل من قائل:
( .. وألنا له الحديد أن اعمل سابغات وقدر في السرد وأعملوا صالحاً)(3).
(1) سورة البقرة: آية 142.
(2)
سورة الفتح: آية 16،15.
(3)
سورة سبأ: آية 10.
والمعنى: ألنَّا له الحديد فجعلناه في يده كالعجين يصرفه كيف يشاء، من غير نار ولا ضرب مِطرَقة، وأمرناه بعمل دروع سابغات، والسَّرْد: نَسْجُ كل ما يخشن ويغلظ، واستعير هنا لنظم الحديد وعمله دروعاً. ومعنى:(وقدر في السرد) أي: اجعل حلقها على مقاديرَ متناسبة، وقيل: لا تعمل الحلقات صيرة فتضعف فلا يقوى الدرع على الدفاع، ولا كبيرة فيُنال صاحبها من خلالها. وقد علَّمه الله تعالى كيف يصنع هذه الدروع على هيئة حِلَق، وإلا فقد كانت تصنع قبل ذلك صفائح (1)، فسردها وخَلّقها داود عليه السلام فجمعت بين الخفة والتحصين (2).
وقيل أن الله تعلى علَّم داود عليه السلام صنعة الدروع وما كانت تعرف قبل ذلك (3)، ولعل على هذا يدل قوله تعالى:(وعلمناه صنعة لبؤس لكم لتحصنكم من بأسكم فهل أنتم شاكرون)(4).
(1) انظر ((روح المعاني)): 22/ 114 - 115 بتصرف يسير.
(2)
المصدر السابق: 17/ 77.
(3)
المصدر السابق: 17/ 77.
(4)
سورة الأنبياء: آية 80.