الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مقدمة:
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
التربية ضرورة بشرية لا بد منها من أجل بقاء الإنسان وبناء الأجيال وتطورها، وتأكيد القيم الأصلية وصلاح الأخلاق والنفوس، وللتربية منهجها الكامل وطريقتها المتميزة في بناء الإنسان الصالح روحيًا وخلقيًا ونفسيًا وعقليًا وجسميًا واجتماعيًا ليكون إنسانًا متوازنًا سويًا ومواطنًا قادرًا على النهوض بمجتمعه على أساس علمي وعمل مستقيم.
وقد برز اهتمام الأمم والشعوب في أنحاء العالم بجميع عناصر ومكونات العملية التربوية لحاجتها الملحة إلى التربية السليمة، وازداد هذا الاهتمام مع تطور العالم وتقدمه في شتى المجالات الصناعية والزراعية والتجارية وفي ميادين الاختراعات والابتكارات التقنية، وفي عالمنا المعاصر اطردت الحاجة إلى الدين كضرورة تربوية لتحقيق التوازن بين المادة والروح ولتنمية الجانب الروحي والخلقي، حيث لن تستقيم الحياة إلا إذا التزم الإنسان بالدين وطبق شريعة الله.
لقد وضع الإسلام للتربية منهجًا متكاملًا ومتوازنًا، كما منح الإنسان نظام حياة كاملًا مفصلًا في القرآن والسنة إذا اتبعه الإنسان بقلب سليم ونية صادقة استحق أن يكون خليفة الله في الأرض، ولكي يتبع الإنسان هذا النظام ويطبقه تطبيقًا صحيحًا فإنه يحتاج إلى تربية ينشأ عليها منذ طفولته، في البيت وفي المجتمع الذي يعيش فيه، وأن تكون هذه التربية شاملة لروحه وعقله وجميع حواسه.
أن التربية هي رعاية الإنسان في جوانبه الجسمية والعقلية والعلمية والوجدانية والاجتماعية وتوجيهها نحو الصلاح والخير والوصول بها إلى الكمال.
وغاية التربية الإسلامية تحقيق العبودية الخالصة لله على مستوى
الفرد والجماعة والإنسانية، وقيام الإنسان بمهامه المختلفة لعمارة الكون وفق منهج الله، ومفهوم العبادة في الإسلام مفهوم شامل جامع لا يقتصر على أداء الفرائض التعبدية فحسب، بل يشمل أيضًا نشاط الإنسان كله من فكر واعتقاد وتصور وعمل ما دام الإنسان يبتغي وجه الله بهذا النشاط، ويلتزم فيه شريعته ومنهجه.
إن مادة التربية الإسلامية هي صمام الأمن للأمة الإسلامية في حاضرها ومستقبلها، وقد عني بها القرآن الكريم والسنة الشريفة، وبالتالى فهي جزء لا يتجزأ من عموم الشريعة السمحة. وللتربية الإسلامية دور مهم يعود على الأسرة والمجتمع بالاستقرار والسعادة. لذا يجب أن تقوم سياسة التربية الإسلامية على أسس عقائدية مستعدة من الشريعة الإسلامية مع الأخذ في الاعتبار احترام الإسلام للعقل والفكر ووقوفه مع العلم النافع وتوجيه الإنسان لتسخير الكون لمصلحة البشر وتقدمه وفق منهج الله.
إن التعليم من أفضل الأعمال التي يؤيدها الإنسان، ولا يوجد دين حث على طلب العلم ونشره بين الناس وجعله أمرًا واجبًا على كل مسلم ومسلمة كالدين الإسلامي. وقد جعل الإسلام للمعلم مكانة سامية ودعا إلى احترامه وتقديره، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"من سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له طريقا إلى الجنة، وإن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضا بما يفعل، وأن العالم ليستغفر له من السموات ومن في الأرض حتى الحيتان في جوف الماء". رواه أبو داود والترمذي.
ويعد المعلم إحدى الركائز الأساسية في عملية التربية والتعليم، وذلك لأنه العامل الأساسي في إنجاح وتحقيق الأهداف التربوية والتعليمية. وانطلاقًا من ذلك الدور الذي يقع على عاتق المعلم فقد تزايد الاهتمام بإعداده وتطوير مستوى أدائه والارتقاء به أكاديميًا ومهنيًا. وأصبحت مهمة إعداده وتأهيبه مطلبًا أساسيًا وتعليميًا في شتى أنحاء العالم. إن الهدف الأساسي من عملية إعداد المعلم هو تمكينه من معرفة
حقيقة العملية التربوية بمدخلاتها الأساسية والضرورية ثم تحويل تلك المعرفة إلى مهارات فنية وتعليمية يستخدمها المعلم في مواقف التعليم التي تواجهه أثناء تأديته لمهنة التعليم.
إن صلاح المعلم يكمن في صلاح عقيدته وخلقه، وإن موضوع إعداد المعلم المسلم الكفء الصالح والقدوة لا بد أن يكون شاملًا ومتكاملًا في جميع الجوانب العلمية والأكاديمية والمهنية والنفسية والبدنية والاجتماعية.
إن تطبيق المنهج الإسلامي الشامل والمتكامل بواسطة المعلم المسلم الكفء والقدوة هو المدخل الحقيقي للإصلاح وتنشئة أفراد المجتمع على هدي الإسلام وتعاليمه وتأهيلهم لمواجهة تحديات العصر.
يتكون هذا الكتاب من ستة فصول. يتناول الفصل الأول أصول التربية الإسلامية، موضحًا مفهومها وأسسها وأهدافها وخصائصها ومصادرها، ومبينًا وسائط التربية الإسلامية المختلفة.
يبحث الفصل الثاني في منهج التربية الإسلامية مركزًا على طبيعة ومفهوم منهج التربية الإسلامية، وأسسه وخصائصه وأهدافه وأقسامه.
يقدم الفصل الثالث أساليب التربية الإسلامية مهتديًا بالقرآن الكريم والسنة المطهرة ذاكرًا أساليبهما المؤثرة الراقية. ويعالج الفصل الرابع أهم طرائق تدريس التربية الإسلامية بوجه عام مع التركيز على طرائق وخطوات تدريس أفرع التربية الإسلامية. ويعرض الفصل الخامس للوسائل التعليمية التي يمكن استخدامها في تدريس التربية الإسلامية وأفرعها. ويستعرض الفصل السادس طرائق وأساليب التقويم والنشاطات التربوية شارحًا أنواع التقويم وموضحًا مزاياها وعيوبها وانعكاساتها على منهج التربية الإسلامية ثم يقدم عرضًا مختصرًا للنشاطات التربوية.
ولما كان المعلم هو العنصر الأساسي في العملية التعليمية والتربوية فقد أفردنا الفصل السابع لبيان أساليب إعداده الروحي والخلقي
والأكاديمي والثقافي والتربوي مع التركيز على دوره في تحقيق أهداف التربية الإسلامية.
والله هو الموفق والهادي إلى سواء السبيل.
د. عاطف السيد