المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌الخلاصة: بعد أن تناولنا في العرض السابق عناصر منهج التربية الإسلامية - التربية الإسلامية أصولها ومنهجها ومعلمها

[عاطف السيد]

فهرس الكتاب

- ‌المحتوى:

- ‌مقدمة:

- ‌الفصل الأول: أصول التربية الإسلامية

- ‌مدخل

- ‌مفهوم وأسس التربية الإسلامية:

- ‌أهداف التربية الإسلامية:

- ‌خصائص التربية الإسلامية

- ‌الخصائص المتصلة بفلسفة التربية الإسلامية

- ‌ الخصائص المتصلة بمحتوى التربية الإسلامية:

- ‌مصادر التربية الإسلامية:

- ‌وسائط التربية الإسلامية:

- ‌الفصل الثاني: منهج التربية الإسلامية

- ‌طبيعة ومفهوم منهج التربية الإسلامية:

- ‌أسس منهج التربية الإسلامية:

- ‌خصائص المنهج الإسلامي:

- ‌أهداف وأقسام ومحتوى منهج التربية الإسلامية:

- ‌الفصل الثالث: أساليب التربية الإسلامية

- ‌التربية بالقدوة

- ‌ التربية بالعبرة والموعظة:

- ‌ التربية بالترغيب والترهيب:

- ‌ التربية بتكوين العادات الحسنة:

- ‌ التربية باستغلال الأحداث:

- ‌ التربية بضرب الأمثال:

- ‌ التربية باستخدام القصة:

- ‌ التربية عن طريق حل المشكلات:

- ‌ التربية بتفريغ الطاقة وشغل أوقات الفراغ بما ينفع:

- ‌ التربية بالممارسة العملية:

- ‌الفصل الرابع: طرق تدريس التربية الإسلامية

- ‌مدخل

- ‌خصائص أساليب التربية الإسلامية وطرق التدريس

- ‌التدرج في التعليم

- ‌ مراعاة خصائص الموقف التعليمي:

- ‌ الإيجابية واشتراك المتعلم في الموقف التعليمي:

- ‌طرق وخطوات تدريس أفرع التربية الإسلامية:

- ‌مدخل

- ‌ تدريس القرآن الكريم:

- ‌ تدريس التفسير:

- ‌ تدريس الحديث النبوي:

- ‌ تدريس العقيدة:

- ‌ تدريس العبادات:

- ‌ تدريس المعاملات:

- ‌ تدريس التهذيب:

- ‌ تدريس السير:

- ‌ تدريس البحوث:

- ‌الفصل الخامس: الوسائل التعليمية

- ‌أنواع وخصائص الوسائل التعليمية

- ‌فوائد الوسائل التعليمية:

- ‌الوسائل التعليمية واستخدامها في تدريس التربية الإسلامية:

- ‌ السبورة ولوحات العرض:

- ‌ الشرائح وأجهزة العرض:

- ‌ الصور الثابتة:

- ‌ الأفلام المتحركة:

- ‌ التلفاز:

- ‌تطوير الوسائل التعليمية:

- ‌استخدام الوسائل التعليمية في تدريس الأفرع الرئيسية للتربية الإسلامية:

- ‌الفصل السادس: طرق وأساليب التقويم والنشاطات التربوية

- ‌مفهوم وطبيعة التقويم:

- ‌أنواع التقويم

- ‌مدخل

- ‌الاختبارات الشفوية:

- ‌إعداد الاختبارات التحصيلية

- ‌القيمة التربوية للتقويم:

- ‌التقويم ومنهج التربية الإسلامية:

- ‌متطلبات التقويم:

- ‌النشاطات التربوية:

- ‌الخلاصة:

- ‌الفصل السابع: إعدد معلم التربية الإسلامية

- ‌مدخل

- ‌صفات معلم التربية الإسلامية ومقومات نجاحه:

- ‌إعداد معلم التربية الإسلامية

- ‌مدخل

- ‌أولا: الإعداد الروحي والخلقي لمعلم التربية الإسلامية

- ‌ثانيًا: الإعداد الثقافي والأكاديمي والتربوي لمعلم التربية الإسلامية

- ‌ثالثًا: الكفايات التي يحتاج إليها معلم التربية الإسلامية

- ‌رابعًا: أبرز المهارات التي يحتاج إليها معلم التربية الإسلامية:

- ‌خامسا: بعض كفاءات التدريس اللازمة لمعلم التربية الإسلامية

- ‌سادسًا: دور معلم التربية الإسلامية في تحقيق أهداف التربية الإسلامية

- ‌خاتمة:

- ‌المصادر والمراجع:

الفصل: ‌ ‌الخلاصة: بعد أن تناولنا في العرض السابق عناصر منهج التربية الإسلامية

‌الخلاصة:

بعد أن تناولنا في العرض السابق عناصر منهج التربية الإسلامية يجدر بنا -استكمالا للفائدة- أن نشير إلى بعض الجوانب التي ينبغي التركيز عليها. تحقيقًا لأهداف التربية الإسلامية. سبق أن ذكرنا أن الدين الإسلامي يتصف بالشمول، وهو بهذه المصفة يغطي كل جوانب الحياة. ومع تأكيدنا الجازم على أن الدين الإسلامي وحدة متكاملة فإنه من المستحسن في مجال الدراسة التركيز على أهم جوانبه التي تمس الكثير من البشر.

ويعتبر الجانب العقائدي من الأهمية بمكان مما يستوجب التركيز عليه في جميع مراحل التعليم. ومدرس التربية الإسلامية مطالب بترسيخ وتعميق العقيدة في نفس المسلم وبخاصة في المرحلة الثانونية التي يكون فيها التلميذ قد وصل إلى درجة مناسبة من النمو العقلي تمكنه من استيعاب العقيدة الدينية الإسلامية. وواجب كتاب التربية الدينية الإسلامية وواجب المعلم عرض العقيدة "عن طريق إقامة الدعوى، والبرهنة عليها، وبسط مذاهب المخالفين، ثم تفنيدها، بإثارة العقل، واستنهاض الفكر، وبيان نظام الكون وما فيه من إحكام وإتقان، وتأخ بين العقل والدين"1.

أما الجانب الأخلاقي فقد أولاه الإسلام اهتمامًا بالغًا، ويتجلى ذلك في قول الرسول صلى الله عليه وسلم:"إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق". والتقوى هي عماد الأخلاق وبها ينفي الإنسان كل ما يضره أو يضر غيره لتكون حدود المساواة قائمة في الاجتماع. ويمكننا الاعتماد على التربية الدينية الصحيحة والقدوة الحسنة في تقوية القيم الأخلاقية ترسيخها في نفوس النشء، وهذا واجب معلم التربية الدينية الإسلامية وواجب كل فرد يتعامل مع التلميذ.

والجانب الثالث هو الجانب الاعتدالي ويعني الوسط {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا} . والإسلام يؤكد على الاعتدال والتوسط والتوازن في

1 إبراهيم محمد عطا، مرجع سابق، ص173.

ص: 122

كل شيء وفي كل أمور وشئون الحياة. وحيث إن الحياة المعاصرة زاخرة بالاختراعات والمستحدثات العلمية التي يستخدمها الإنسان كان التركيز على هذا الجانب الاعتدالي كي يعرف المسلم أن الإسلام دين الفطرة وأنه لا يتعارض مع رغبات الناس في استخدام المختراعات العلمية طالما أن ذلك يتفق مع الدين

ولا ريب أن اتصال العقيدة الإسلامية بمناحي الحياة اليومية هو السبيل الواضح والوحيد لتحقيق التوازن في الحياة.

ثم نأتي إلى الجانب الروحي الذي يعني بتطبيق القيم الإسلامية الرفيعة مثل المودة والتعاطف والتآخي والتكافل والإيثار وإنكار الذات. ويشكل الجانب الروحي رباطًا قويًّا يجمع المسلمين على الحب والإخلاص، وأن فهم وتطبيق هذا الجانب صمام أمن للفرد والمجتمع. كما أن التركيز على جانب الروح يولد في المسلمين ولاء وإخلاصًا لعقيدة التوحيد ويحميهم من الوهن والتفكك وينأى بهم عن مهاوي العصب المقيت.

ويختص الجانب الخامس بتكوين العادات، وهي إما أن تكون فضائل أو رذائل. والحياة تحوي مجموعة من العادات العملية والانفعالية والفكرية التي قد تجلب لنا السعادة والخير أو الشقاء والضرر. وتعتبر المرحلة المبكرة من الطفولة بداية طيبة لتشكيل العادات الحسنة في جميع مجالات ومناحي الحياة حتى يألف الطفل تلك العادات الخلقية والسلوكية. ولا يخفى علينا أن تشكيل السلوك هو الهدف الأول للتربية، كما أن السلوك هو نتاج العادات. ومن ثم فالعادات هي مادة التربية. والمهمة الأولى للمعلم هي أن يعنى بتكوين وغرس العادات الحسنة في التلاميذ مهتديًا في ذلك بالتراث الديني الإسلامي.

ويشغل جانب العمل حيزًا كبيرًا من اهتمام الدين الإسلامي، والقرآن الكريم مليء بالآيات التي تقرن الإيمان بالعمل للتأكيد على أن أي عمل يقوم به الفرد لا بد أن يؤمن به. فالإيمان يحث الفرد على إجادة وإتقان عمله الذي يجب أن يكون صالحًا ومفيدًا وذا عائد للفرد والجماعة. وقد حث الله سبحانه وتعالى المسلمين على العمل حين يقول: {وَقُلِ اعْمَلُوا

ص: 123

فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ} . وغني عن القول أن المؤمن سيسعى غاية جهده وسيبذل كل طاقته كي يكون عمله على مستوى عالٍ من الاتقان والجودة بما يتفق وجلال الرؤية الإلهية ورؤية الرسول صلى الله عليه وسلم ورؤية سائر المؤمنين.

والإسلام يحث المسلمين على العمل ويطالب بالعمل كل من يقدر عليه. {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ، وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ} ، وأن للإنسان ما سعى والعبادة في الإسلام ليست مجرد إقامة الشعائر الدينية، وإنما هي كل نشاط يتجه به الإنسان إلى الله، فكل عمل من أعمال الخير عبادة، ويؤكد ذلك قول الرسول صلى الله عليه وسلم:"الساعي على الأرملة والمسكن كالمجاهد في سبيل الله، أو القائم الليل، الصائم النهار"1. إن العبادات في الإسلام تتضمن كل سلوك المسلم، وكل ما يقوم به المسلم من عمل نافع عبادة. وتقوم فلسفة الإسلام في العمل على الإفادة، إفادة الفرد، وإفادة المجتمع، وإفادة الكون بمن فيه. والعمل الصالح له ثواب عند الله2. والمجتمع الإسلامي الأصيل مجتمع عامل يوجه طاقته إلى البناء والتعمير ويوقف جهوده على فعل الخير وترقية المجتمع.

يتضح من العرض السابق أن التربية الإسلامية تربية متفردة ومتميزة عما سواها لأنها تستند إلى دستور سماوي صادر من الله سبحانه وتعالى، وأنها تقوم على دين أحاط بكل ما يتصل بالإنسان ووجهه إلى التربية الإلهية التي تسمو بكيان الإنسان كله. فالإسلام يهتم بالدنيا والآخرة وبالنفس والجسد ويحث على التحلي بالأخلاق الفاضلة واتباع القيم العليا والأنظمة الصالحة التي تنظم علائق الناس بعضهم ببعض، والتربية الإسلامية تعنى بتربية الفرد والجماعة، فهي تهتم بتنشئة الفرد الصالح والمجتمع الصالح المتراحم، ومثله في تراحمه كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الأعضاء بالسهر

1 سيد قطب، العدالة الاجتماعية في الإسلام، مرجع سابق ص11.

2 إبراهيم محمد عطا، مرجع سابق ص187.

ص: 124

والحمى. والتراحم الإسلامي يبدأ رحمة بالنفس تنمو تراحما وحبا ومودة تسود جميع أفراد المجتمع الإسلامي. وتفرد التربية الإسلامية راجع إلى أنها تتخذ من "التوحيد أساسا لكل ما صاغه الإسلام للمسلمين من تشريعات واضحة، وحدود صريحة، وقوانين نافذة، تعادلت فيها الحقوق والواجبات، وتساوى فيها الجهد والجزاء، وكفلت فيها ضمانات المعيشة المادية وضمانات العدالة القانونية، وتكاملت فيها عناصر البقاء والاستمرار"1.

والتربية الإسلامية تمتاز بالالتزام بالآداب والقيم الإسلامية، كما تقوم على الأعراف والعادات السليمة التي تتفق مع العقيدة والشريعة الإسلامية، وهي تحارب البدع والأراجيف والضلالات التي تعترض تقدم البشرية. والتربية الإسلامية توائم بين الواقع المادي والإنتاج المادي والواقع الروحي والفكري للناس، وتدعو إلى تربية النشء على أساس الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. فالمسلمون مطالبون بتغيير المنكر إذ رأوه فضلا عن التناهي عنه، وعليهم أن يبثوا في الناشئة حب الفضيلة والقيم الرفيعة والمبادئ السامية. ومن ثم فإن التربية الإسلامية ملتزمة بالعدل والحق والفضيلة ومكارم الأخلاق.

ومن مزايا التربية الإسلامية أنها تتعامل مع الإنسان من حيث هو إنسان مخلوق لله بغض النظر عن لونه أو غناه أو فقره، أو جنسه أو عرقه أو أصله أو لغته، فالدين الإسلامي أكد على المساواة بين الناس، فلا فضل لعربي على عجمي إلا بالتقوى، وتتجلى الأخوة بين البشر جميعا في هذه الآية الكريمة {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} 2. ويعتبر الإسلام جميع الناشئين في المجتمع الإسلامي أبناء أو أبناء أخوة لجميع الراشدين الذين ينبغي عليهم حسن معاملاتهم وإرشادهم وتعليمهم وتحقيق المساواة بينهم.

1 صبحي الصالح، الإسلام والمجتمع العصري، دار الآداب، بيروت، 1983، ص119.

2 الحجرات: 13.

ص: 125

ومن نواحي تفرد التربية الإسلامية أنها تريد الخير للناس جميعا، فالإسلام يغرس في نفوس المسلمين حب الخير للناس جميعا في جميع مجالات الحياة سواء أكان نفعه دينيا أم دنيويا، والتربية الإسلامية تربي الفرد على السعي في طريق الخير والعمل على تحقيق وقضاء حاجات الناس والتفريج عنهم وستر عيوبهم. وقد أضافت التربية الإسلامية محبة الله إلى محبة الوالدين. وعلى أساس محبة الله يحب المؤمن كل من يشاركه في محبة الله وطاعته والعمل وفق منهجه.

وجانب آخر من جوانب تفرد التربية الإسلامية هو اعتبار البيت أهم مصدر لتنشئة الطفل تنشئة سليمة، لذلك اهتمت التشريعات الإسلامية بالأسرة ووفرت لها جو الاستقرار في البيت. إن المهمة الكبرى للأم هي تربية الأطفال ورعايتهم، وأجدر بها أن تتفرغ لهذه المهمة العظيمة حتى تستطيع أن تلبي حاجة أطفالها إلى الحب والحنان والرعاية، فالأم المسلمة أم متخصصة في تربية ورعاية أطفالها وفي تدبير شئون بيتها، وللتربية الإسلامية دور عظيم في تربية وإعداد البنت كي تكون "أما متخصصة" في تربية وبناء الأجيال وتدبير شئون بيتها.

وتتفرد التربية الإسلامية عما سواها بالحث على التعاون على البر والتقوى وعلى تهيئة البيئة المناسبة والمناخ الملائم لتربية النشء وفق العقيدة الصحيحة. وتدعو التربية الإسلامية الحاكم والمحكوم إلى تنفيذ شريعة الله في تقويم الناس وإسعاد البشرية. ويتعاون فيه المسلم مع أخيه المسلم في إرساء قواعد المجتمع الصالح. ويتعاون فيه الرجل مع المرأة في تربية وبناء الأجيال الصالحة. فالحكومة المسلمة تقيم العدل وتعمل لما فيه خير الشعب المسلم، وتتبع النظام الاقتصادي الإسلامي وتحكم المجتمع طبقا للمفاهيم الإسلامية.

وحتى يستطيع منهج التربية الإسلامية تحقيق أهدافه كاملة لا بد أولا من إقامة المجتمع المسلم. غير أن وجود المجتمع المسلم وحده لا يكفي؛ إذ لا بد من النصح والتوجيه والإرشاد حتى يصل الفرد إلى مرتبة الكمال التي هيأها الله له. ويجب أن يقترن وجود المجتمع المسلم بوجود البيت المسلم لأنه أول من يشكل معدن الطفل الذي يقضي فيه سني طفولته.

ص: 126