الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الاختبارات في فترات مختلفة مع ترك فاصل زمني بين كل اختبار وآخر يبلغ التلاميذ فيه عن أخطائهم ويعلمون فيه من المختصين مدى تقدمهم. كذلك ينبغي تخفيض درجات الاختبار النهائي وزيادة درجات اختبارات الفترات وأعمال السنة، على أن تخصص منها درجات للمواظبة والنظافة والإسهام في النشاطات المختلفة والتعاون.
وينبغي ألا نعتبر الأسئلة الموضوعية هدفا في حد ذاته، بل نعتبرها وسيلة لقياس القدرات المختلفة. وأنه من الضروري وضع خطة طموح لتطوير جميع طرائق وأساليب التقويم، ثم توضع هذه موضع التنفيذ لكي يكون التطوير مفيدا ومثمرا.
النشاطات التربوية:
حتى تكتمل مكونات المنهج بمعناه الواسع لا بد لنا أن نتناول النشاطات التربوية. وهذه النشاطات تهدف إلى استغلال طاقات الطلاب في الأعمال النافعة التي تروق لهم وتتفق مع ميولهم واستعداداتهم، أو تشجعهم على الإقبال على هذه الأعمال التي تبث فيهم النشاط والحيوية وتنمي مداركهم وقدراتهم الذهنية والروحية وتفسح المجال لمواهبهم وتولد فيهم الشعور بالمسئولية والإحساس بالجمال. وهذه النشاطات -كذلك- تشبع بعض بعض حاجات الطلاب النفسية كالحاجة إلى التقدير واللعب والترويح عن النفس. والنظرة الحديثة إلى النشاط تؤكد على كونه وسيلة مباشرة للتعليم، فأصبح جزءًا من المنهج ينص عليه عند سرد مواد المنهج أو أهدافه وترصد له بعض الدرجات.
وكان للنشاط في فجر الإسلام ميزات تنبع من طبيعة الإسلام ومن صميم هدف التربية الإسلامية ومن خلق النبوة. فقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم يعلم الصحابة من خلال مواقف من الحياة. ففي إحدى الغزوات نزلت آية التيمم وتعلم الصحابة التيمم وطبقوه1. وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يقيم سباقا للخيل بين الصحابة. وكان الصحابة يرتجزون الأناشيد أثناء العمل في
1 تفسير ابن كثير، ج1، دار المعرفة، بيروت ص506.
بناء مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم في المدينة:
اللهم لا يعيش إلا عيش الآخرة
…
فارحم الأنصار والمهاجرة1
وفي عهد الرسول صلى الله عليه وسلم كان الصحابة يتبارون برمي السهام بعد صلاة المغرب.
يتضح مما سبق أن النشاط التربوي النبوي اتخذ شكلين أساسيين:
1-
نشاط ترويحي يطرد الملل والسأم ويجدد الطاقة ويقوي العزيمة. وكان هذا النشاط يظهر عفويا في حياة المسلمين كلما دعت الحاجة إليه. وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يتغنى الأرجوزة الإسلامية مع المسلمين عندما يكونون في عمل جماعي كبناء المسجد وحفر الخندق. وكان يسمح بالمرح في المناسبات الدينية والاجتماعية مثل الأعياد والأعراس، كما كان يشارك في الولائم لإظهار السرور والبهجة.
2-
نشاط تعليمي أو تعبدي يهدف إلى تعليم المسلمين وتهذيب أخلاقهم وتربيتهم تربية عسكرية من خلال الحياة والممارسة، كتعليمه المسلمين التيمم ومناسك الحج وتعليمه إياهم الفروسية وأمره بتعلم الرمي وإقامته مباريات في ذلك. وكان ينتهز فرص المناسبات الموسمية أو الطارئة ليقيم حفلا اجتماعيا لكل مناسبة، فيخطب أو يعظ الناس ثم يصلي بهم، كالاحتفال بالعيدين، وكجمع المسلمين في المسجد للجهاد أو للاحتفال بالنصر.
وقد ربى الرسول صلى الله عليه وسلم في كل هذه المناسبات المسلمين تربية إسلامية صادقة، كما غرس في نفوسهم كثيرا من المعاني السامية والثقة بالنفس وعلمهم كثيرا من أحكام الشريعة الغراء وحضهم على كثير من الفضائل2.
1 البخاري، ج1، كتاب الصلاة، باب استقبال القبلة.
2 عبد الرحمن النحلاوي، المرجع السابق، ص170، 171.
ولكي يكون النشاط وسيلة من وسائل التربية الإسلامية ينبغي أن يستوفي الشروط التالية:
1-
أن يتفق النشاط الترويحي مع المواقف وأن يتواءم مع المناسبات في أوقات الفراغ حتى لا يزاحم الدروس، فيضفي على النفوس البهجة ويبعث فيها السرور والمرح، ويحتفظ برونقه وأثره فيها، دون أن يطغى الهزل فيه على الجد.
2-
أن يتميز النشاط بالبراءة والبعد عن الإسفاف وأن يتفق والأخلاق والمبادئ الإسلامية، ويتحاشى الغيبة والنميمة وإثارة الضغائن والسخرية من بعض الطلاب وإيقاظ الشهوات والتندر بفحش القول وبذيء الكلام.
3-
أن يتصف النشاط التعليمي والتربوي بالواقعية "فتعليم الصلاة إنما يكون بإقامتها فعلا، والشعور بأدائها فريضة لله عز وجل، لا بتمثيلها. واتباع الجنائز يكون بقصد الثواب وكذا التعزية
…
وزيارة المريض، وتقديم الصدقات من قبل الطلاب، وتقديم النصح والإرشاد، وتنظيم المساجد، وإقامة الخطب والنصائح، يجب أن يبتغي بها وجه الله ومرضاته"1.
4-
أن يحقق النشاط شريعة الله وعبوديته، ويتأتى ذلك بأن يتنزه النشاط عن العبث والشكلية ويصبح جزءا حقيقيا من الحياة التي يحياها المجتمع الذي يطبق شريعة الله.
5-
أن يكون تقويم النشاط واقعيًا طبقا لما حققه من أهداف تربوية، لا ما حققه الطلاب من تقدم في النشاط ومن أرقام تعبر عن التفوق والقوة. إن نتائج النشاط تقاس بما يتركه من آثار تربوية وأخلاقية مثل حب العمل والتواضع والصبر والصدق.
6-
أن يسهم المعلم إسهاما إيجابيا في هذا النشاط، فهو القدوة التي
1 نفس المرجع، ص172.
يحتذيها الطلاب في كل ألوان النشاط، وهو محور التربية وعنصرها الفعال. فأجدر به أن يتحمل المسئولية ويؤدي واجبه حيال الطلاب بأمانة وإخلاص، ويشعرهم بالأخوة التي تربطه بهم تحت لواء رب واحد، وفي سبيل هدف واحد، هو ابتغاء مرضاة الله والإخلاص في عبادته.
إن الذي يهمنا في هذا الصدد هو أن تحقق هذه النشاطات التربية الإسلامية للفرد، فتصوغ عقل المسلم صياغة تجعل قدرته على العطاء أكبر من طاقاته، وأمله أوسع من إمكاناته، وأن تقدم له نظما سلوكية تجعل حياته مثالا للنظام والأمانة والخلق القويم، وأن تبث فيه قوة العزيمة والتصميم. أي أن هذه النشاطات يراد لها أن تربى النفس على الأعمال الصالحة وعلى منهج الحياة الإسلامية في الحياة اليومية وفي جميع شئون الدنيا، وأن يناط بها تنمية الجسم، وتربية الجوارح، فالإسلام حث على تعلم وممارسة بعض النشاطات التي تقوي الجسم كالرمي والفروسية حتى يكون المسلم مستعدا للدفاع عن الإسلام والجهاد في سبيل الله. كما يجب ألا تغفل هذه النشاطات الجانب الترويحي في حدود المنهج الإسلامي حتى يشيع السرور والحبور في حياة المسلم فيقبل على أداء واجبه بنفس راضية قريرة مستبشرة فيزداد إنتاجه ويوجه طاقاته إلى خير الإنسان وخير المجتمع.
ويمارس الطلاب في المدارس أشكالًا متنوعة من النشاط مثل المسابقات، وإلقاء بعض الكلمات والأحاديث في الإذاعة المدرسية، وإصدار مجلات الحائط، وجمع الصور، ورسم الخرائط واللوحات، وتحضير مقالات قصيرة عن بعض المناسبات الدينية، والرحلات والزيارات، والاشتراك في ندوات وبخاصة الندوات الدينية، والتمثيليات الإسلامية، والاشتراك في جماعات التربية الإسلامية.
إن الهدف من الرحلات -على سبيل المثال- هو تعريف الطلاب بمعجزات الله في الطبيعة وفي سائر المخلوقات، وبأوطانهم وبجوانب
تقدمها، وإتاحة الفرصة للطلاب لاكتساب خبرات ومهارات إدارية وعلمية، ولربط ما تعلموه من دروس بواقع الحياة اليومية، فضلا عن توسيع مدارك الطلاب وزيادة معرفتهم بشئون الحياة، وتوطيد العلائق الإنسانية بين الطلاب والمعلمين.
ويبرز دور جماعة التربية الإسلامية في الارتقاء بالتربية الإسلامية. لذا يجب أن تتكون هذه الجماعة من الطلاب البارزين الصالحين الاتقياء على مستوى المدرسة كلها. ومن واجب جماعة التربية الإسلامية إتاحة مزيد من التدريب والمعرفة للطلاب. ويتعين على جماعة التربية الإسلامية تنفيذ المهام التالية:
1-
إعداد مسجد المدرسة للصلاة وتزيينه بالآيات القرآنية والأحاديث النبوية.
2-
تنظيم المهرجانات والاحتفالات الدينية.
3-
تزويد مكتبة المسجد بالكتب والتسجيلات وشرائط الكاسيت.
4-
توفير المزيد من التدريب على تلاوة وتجويد القرآن الكريم ودراسة الأحاديث النبوية.
5-
إعداد ملخصات ودراسات مختصرة عن سير وتراجم الصحابة وإصدار مجلة دينية.
6-
تنظيم المسابقات في موضوعات التربية الإسلامية.
7-
تنظيم وعقد الندوات الدينية، وإلقاء المحاضرات عن بعض الموضوعات والمشكلات المعاصرة وكيفية مواجهتها والتغلب عليها.