المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على - مجموع رسائل الحافظ ابن عبد الهادي

[ابن عبد الهادي]

فهرس الكتاب

- ‌التعريف بالحافظ ابن عبد الهادي

- ‌مصنفات الحافظ ابن عبد الهادي

- ‌المصنفات التي نُسبت إلى ابن عبد الهادي خطأً

- ‌وفاة الحافظ ابن عبد الهادي

- ‌منهج التحقيق

- ‌الكلام على حديث "أفرضكم زيد

- ‌ حديث أبي سعيد

- ‌ حديث أبي محجن الثقفي

- ‌ حديث شداد بن أوس

- ‌جزء مختصر في الأحاديث الضعيفة التي يتداولها الفقهاء وغيرهم

- ‌المراسيل

- ‌فصلفي المرسل

- ‌فصل

- ‌الكلام على أحاديث لبس الخفين للمحرم

- ‌اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فضائل الشام

- ‌فصلفي بعض ما ورد في فضائل الشام

- ‌فصلفي ذكر أحاديث فيها أن الفتنة من نحو المشرق

- ‌شرح قصيدة غرامي صحيح

- ‌المعضل

- ‌المرسل:

- ‌المسلسَل

- ‌ الضعيف:

- ‌ المتروك:

- ‌ الحسن

- ‌المشافهة:

- ‌الموقوف:

- ‌المرفوع

- ‌المنكر:

- ‌التدليس

- ‌الحديث المتصل:

- ‌المنقطع:

- ‌المدرج

- ‌المدبج:

- ‌المؤتلف والمختلف:

- ‌المتفق والمفترق:

- ‌ المسند

- ‌ المعنعن:

- ‌الحديث الموضوع:

- ‌المبهم:

- ‌ الاعتبار

- ‌الغامض من الحديث:

- ‌الغريب من الحديث:

- ‌المقطوع:

- ‌العلو

- ‌الطرفة في النحو

- ‌بابُ أقسامِ الكلامِ

- ‌بابُ المعرب والمبنيِّ

- ‌بابُ إعرابِ الأسماءِ

- ‌بابُ الفاعلِ

- ‌بابُ مَا لمْ يسمَّ فاعلُهُ

- ‌بابُ المبتدأِ والخبرِ

- ‌بابُ كانَ وأخواتِها

- ‌بابُ مَا النافيةِ

- ‌بابُ إنَّ وأخواتِهَا

- ‌بابُ "لا

- ‌بابُ نِعْمَ وبِئْسَ

- ‌بابُ عسى وأخواتِها

- ‌بابُ التعجبِ

- ‌بابُ المفعولِ بهِ

- ‌بابُ الظروفِ

- ‌بابُ المفعولِ لهُ

- ‌باب المفعولِ معهُ

- ‌بابُ الحالِ

- ‌بابُ التمييزِ

- ‌بابُ الاستثناءِ

- ‌بابُ مَا يعملُ عملَ الفعلِ

- ‌بابُ ما يعملُ من الفعلِ المضمرِ

- ‌بابُ الإغراءِ

- ‌بابُ حروف الجرِ

- ‌بابُ الإضافةِ

- ‌بابُ النكرةِ والمعرفةِ

- ‌بابُ الصفةِ

- ‌بابُ التوكيدِ

- ‌بابُ البدلِ

- ‌بابُ العطفِ

- ‌بابُ النداءِ

- ‌بابُ الترخيمِ

- ‌بابُ ما لا ينصرفُ

- ‌بابُ العَدَدِ

- ‌بابُ جَمْعِ التَّكْسيرِ

- ‌بابُ إعرابِ الفعلِ

- ‌بابُ توكيدِ الفعلِ

- ‌بابُ النسبِ

- ‌بابُ التصغيرِ

- ‌بابُ الاستفهامِ

- ‌مصادر التحقيق

الفصل: بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على سيدنا محمدٍ وآله وصحبه ومسلم.

‌فصل

ذهب شيخنا رحمه الله إلى أن الحاجم والمحجوم يفطران، وكذلك المفصود، ولا يفطر عنده الفاصد ولا المشروط ولا الشارط (1).

وذهب إلى أن من احتقن أو اكتحل أو قطر في إحليله أو داوى المأمومة (2) أو الجائفة (3) بما يصل إلى جوفه، أو ابتلع ما لا يغذي كالحصاة لا يفطر (4).

وذهب إلى أن من أكل يظنه ليلًا فبان نهارًا فلا قضاء عليه (5).

وذهب إلى أن من رأى هلال رمضان وحده لا يصوم، وكذلك من رأى هلال شوال وحده لا يفطر لا سرًّا ولا جهرًا (6).

وذهب إلى عدم وجوب صوم الثلاثين {من} (7) شعبان إذا غم الهلال، وضعَّف القول بالتحريم والقول بالوجوب تضعيفًا كثيرًا، ومال إلى أن الصوم مندوب أو جائز، وذكر في بعض مؤلفاته أن القول بوجوب الصوم (ق 2 - أ) بدعة، وأنه لا يُعرف عن أحد من السلف (8).

(1)"مجموع الفتاوى"(25/ 251 - 258).

(2)

المأمومة: هي الشجة التي بلغت أم الرأس، وهي الجلدة التي تجمع الدماغ. "النهاية في غريب الحديث"(1/ 68).

(3)

الجائفة: هي الطعنة التي تنفذ إلى الجوف، والمراد بالجوف ها هنا: كل ما له قوة محيلة كالبطن والدماغ. "النهاية"(1/ 317).

(4)

"مجموع الفتاوى"(25/ 233 - 245).

(5)

"مجموع الفتاوى"(25/ 216 - 217).

(6)

"مجموع الفتاوى"(25/ 114 - 118).

(7)

ليست في "الأصل".

(8)

"مجموع الفتاوى"(22/ 289، 25/ 122 - 125).

ص: 165

قال: وذهب {إلى أنه} (1) ليس لولي الصبي إلباسه الحرير في {أظهر} (2) قولي العلماء (3).

وذهب إلى أن -ذوات الأسباب- كتحية المسجد، والركعتين عقب الوضوء، وغير ذلك - تفعل في وقت النهي (4).

وذهب إلى جواز دفع الزكاة إلى جميع الأقارب كالجدة والابن وغيرهما (5).

وذهب إلى أن الجمعة والجماعة لا يدركان إلا بركعة (6).

وذهب إلى أن من جامع في رمضان ناسيًا أو مخطئًا لا قضاء عليه ولا كفارة (7). وذهب إلى أن الحج لا يبطل بفعل شيء من المحظورات لا الجماع ولا غيره إذا كان ناسيًا أو مخطئًا، لا يضمن إلا الصيد (8).

قال: وذهب {إلى أن} (9) من أدرك مع الإمام بعض الصلاة وقام يقضي فائتم به آخرون جاز ذلك {في} (10) أظهر القولين (11).

(1) ليست في "الأصل".

(2)

من "مجموع الفتاوى".

(3)

"مجموع الفتاوى"(30/ 51).

(4)

"مجموع الفتاوى"(23/ 178 - 218).

(5)

"مجموع الفتاوى"(25/ 89 - 92).

(6)

"مجموع الفتاوى"(23/ 330 - 333).

(7)

"مجموع الفتاوى"(25/ 226، 259 - 260، 264).

(8)

"مجموع الفتاوى"(25/ 226 - 227).

(9)

ليست في "الأصل".

(10)

في "الأصل": من. والمثبت من "مجموع الفتاوى".

(11)

"مجموع الفتاوى"(23/ 382).

ص: 166

وذهب إلى أن الماء (المتغير)(1) بالطاهرات لا يُسلب الطهورية، بل يجوز الوضوء به ما دام يُسمى ماءً (2).

وذهب إلى أن الماء والمائعات لا تنجس إلا بالتغير (3).

(ق 2 - ب) وذهب إلى أن بول ما يؤكل لحمه وروثه طاهر، وذكر أن القول بنجاسة ذلك قول مُحْدَثٌ لا سلف له من الصَّحَابَة (4).

وذهب إلى أن الأرض تطهر إذا أصابتها نجاسة ثم ذهبت بالشمس أو الريح ونحو ذلك، وأنه يُصلى عليها ويُتيمم بها (5).

وذهب إلى أن الخمرة إذا قصد تخليلها لا تطهر بحالٍ (6).

وذهب إلى أن النجاسات تطهر بالاستحالة (7).

وذهب إلى أن طين الشوارع طاهر إذا لم يظهر منه أثر النجاسة، فإن تعين أن النجاسة فيه عُفي عن يسيره (8).

وقال: الصحيح الذي عليه جمهور العلماء أن جلد الكلب بل سائر السباع لا تطهر بالدباغ.

وقال في موضع آخر (9): السنة تدل على أن الدباغ كالذكاة.

(1) تكررت في "الأصل".

(2)

"مجموع الفتاوى"(21/ 24 - 29).

(3)

"مجموع الفتاوى"(21/ 504 - 517).

(4)

"مجموع الفتاوى"(21/ 542 - 587، 613 - 615).

(5)

"مجموع الفتاوى"(21/ 480).

(6)

"مجموع الفتاوى"(21/ 481، 483 - 487).

(7)

"مجموع الفتاوى"(21/ 479).

(8)

"مجموع الفتاوى"(21/ 479 - 482).

(9)

"مجموع الفتاوى"(21/ 518).

ص: 167

وذكر خلاف الفقهاء فيمن قال عليَّ مالُ عظيمٌ أو خطيرٌ أو كبيرٌ أو جليلٌ، ثم قال (1): والأرجح في مثل هذا أن يرجع إلى عُرف المتكلمين، فما كان يسمية مثله كبيرًا حُمِلَ مطلق كلامه على (ق 3 - أ) أقل محملاته.

وذكر الاختلاف في طهارة الكلب ونجاسته ثم قال (2): والقول الراجح طهارة الشعور كلها كشعر الكلب والخنزير وغيرهما بخلاف الريق.

قال (3): وعلى هذا فإذا كان شعر الكلب رطبًا وأصابه ثوب الإنسان فلا شيء عليه كما هو مذهب جمهور الفقهاء: أبو حنيفة ومالك وأحمد في إحدى الروايتين عنه.

وذهب إلى أن لعاب الكلب إذا أصاب الصيد لم يجب غسله (4).

وذهب إلى أن عظم الميتة وقرونها وأظلافها طاهر حلال، وحكاه عن جمهور السلف (5).

وذهب إلى أن جبن المجوس طاهر، وإلى أن نفحة الميتة ولبنها طاهر (6).

وذكر {أن} (7) أكثر العلماء يجوزون التوضؤ {بسؤر} (8) البغل والحمار، ولم

(1)"منهاج السنة النبوية"(4/ 84).

(2)

"مجموع الفتاوى"(21/ 617).

(3)

"مجموع الفتاوى"(21/ 617).

(4)

"مجموع الفتاوى"(21/ 620).

(5)

"مجموع الفتاوى"(21/ 96 - 101).

(6)

"مجموع الفتاوى"(21/ 103).

(7)

ليست في "الأصل".

(8)

بياض في "الأصل" والمثبت من "مجموع الفتاوى"، والسؤر هو بقية الشراب وغيره، والله أعلم.

ص: 168

يُصرح باختياره فيه (1).

وذهب إلى أن النجاسات {تزول} (2) بغير الماء من المائعات، وقال بعد أن ذكر اختلاف الفقهاء: وإن كان كذلك (ق 3 - ب) فالراجح في هذه المسألة أن النجاسة متى زالت بأي وجهٍ كان زال حكمها، لكن لا يجوز استعمال الأطعمة والأشربة في إزالة النجاسة بغير حاجة؛ لما في ذلك من إفساد الأموال (3).

وذهب إلى أن من صلى وعليه نجاسة جاهلًا أو ناسيًا لا إعادة عليه، ثم ذكر الدليل، وقال: ولهذا كان أقوى الأقوال أن ما فعله العبد ناسيًا أو مخطئًا من محظورات الصلاة والصيام والحج لا يبطل العبادة كالكلام ناسيًا والأكل (4).

وذهب إلى أن النعل إذا أصابته نجاسة فدلكه في الأرض فإنه يطهر (5).

وذهب إلى أن الصلاة بالتيمم خارج الحمام أولى من الصلاة بعد الاغتسال في الحمام؛ فإنه قال في أثناء كلامه (6): وأما إن كانت المرأة أو الرَّجل يمكنه الذهاب لكن إذا دخل لا يمكنه الخروج حتى يفوت الوقت إما لكونه مقهورًا -مثل الغلام الذي لا يخليه سيده يخرج حتى يصلي (ق 4 - أ) ومثل المرأة التي معها أولاد فلا يمكنها الخروج حتى تغسلهم ونحو ذلك-

(1)"مجموع الفتاوى"(21/ 620).

(2)

في "الأصل"(يجوز) والمثبت من "م".

(3)

"مجموع الفتاوى"(21/ 475).

(4)

"مجموع الفتاوى"(21/ 477 - 478).

(5)

"مجموع الفتاوى"(22/ 121).

(6)

"مجموع الفتاوى"(21/ 447).

ص: 169

فهؤلاء لا بد لهم من أحد الأمور: إما أن يغتسلوا ويُصلوا في الحمام في الوقت، وإما أن يُصلوا خارج الحمام بعد خروج الوقت، وإما أن يُصلوا بالتيمم خارج الحمام، وبكل هذه الأقوال تُفتي طائفة، لكن الأظهر أنهم يُصلون بالتيمم خارج الحمام.

وقال (1) أيضًا: إذا ذهب إلى الحمام ليغتسل ويخرج يصلي خارج الحمام في الوقت، فلم يمكنه إلا أن يُصلي في الحمام أو تفوت الصلاة فالصلاة في الحمام خير من تفويت الصلاة.

قال (2): وأما إن كان {يعلم أنه} (3) إذا ذهب إلى الحمام لم يمكنه الخروج حتى يخرج الوقت {فقد تقدمت} (3) - هذه المسألة، والأظهر أن يُصلي بالتيمم، فإن الصلاة بالتيمم خير من الصلاة في الأماكن التي نُهي عنها، ومن الصلاة بعد خروج الوقت.

وذهب إلى أن (ق 4 - ب) من حُبس في موضعٍ نجسٍ فصلى فيه أنه لا إعادة على {وقال: الصحيح الذي عليه أكثر العلماء أن كل من صلى في الوقت كما أمر بحسب الإمكان فلا إعادة عليه} (4) سواءً كان العذر نادرًا أو معتادًا (5).

وذهب إلى صحة صلاة من صلى خلف إمام يقرأ "غير المغضوب عليهم ولا الظالين" بالظاء، فإنه حكى الخلاف في ذلك، وقال: الوجه الثاني: تصح، وهذا أقرب؛ لأن الحرفين في السمع شيء واحدٌ، ثم ذكر تمام الدليل (6).

(1)"مجموع الفتاوى"(22/ 161).

(2)

"مجموع الفتاوى"(22/ 161).

(3)

بياض في "الأصل"، والمثبت من "مجموع الفتاوى".

(4)

سقطت من "الأصل" وأثبتها من "م" و"مجموع الفتاوى".

(5)

"مجموع الفتاوى"(21/ 448).

(6)

"مجموع الفتاوى"(23/ 350).

ص: 170

وذهب أن المرأة الحائض إذا انقطع دمها لا يطؤها زوجها حتى تغتسل إن كانت قادرة على الاغتسال وإلا تيممت (1)، وذكر الدليل قال (2): وقد قال بعض أهل الظاهر: المراد بقوله {فَإِذَا تَطَهَّرْنَ} (3) أي: غسلن فروجهن. وليس بشيء؛ لأنه قد قال: {وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا} (4) فالتطهر في كتاب الله هو الاغتسال؛ قال (2): وأما قوله: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ} (3) فهذا يدخل فيه المغتسل والمتوضئ والمستنجي (ق 5 - أ) لكن التطهر المقرون بالحيض كالتطهر المقرون بالجنابة، والمراد به الاغتسال.

وذهب إلى أن عادم الماء إذا لم يجد ترابًا وعنده رماد تيمم به ويصلي، ولا يعيد، قال: وحمل التراب بدعة لم يفعله أحد من السلف (5).

وذهب إلى أنه لا يجب الوضوء من النجاسة الخارجة من غير السبيلين -كالفصاد والحجامة والقيء- بل يُستحب الوضوء من ذلك، وكذلك لا يجب الوضوء من غسل الميت ولا من مس الذكر ولا القهقهة في الصلاة بل يُستحب، وأما مس النساء فهله كان لغير شهوةٍ فإنه لا يجب منه الوضوء ولم يجب، وكذلك من تفكر فتتحرك جارحته -أو قال: شهوته- فانتشر يُستحب له الوضوء، ومن مسَّ الأمرد أو غيره فانتشر يُستحب له الوضوء أيضًا ولا يجب، ويُستحب الوضوء أيضًا من الغضب، ومن أكل ما مسته النار (6).

(1)"مجموع الفتاوى"(21/ 624 - 625).

(2)

"مجموع الفتاوى"(21/ 626).

(3)

سورة البقرة، الآية:222.

(4)

سورة المائدة، الآية:6.

(5)

انظر الإنصاف (1/ 285)، والمبدع (1/ 221).

(6)

"مجمع الفتاوى"(20/ 524 - 527، 21/ 241 - 242، 25/ 238 - 239).

ص: 171

وأما (ق 5 - ب) لحم الإبل فذهب إلى أنه يستحب منه الوضوء أيضًا، ومال في موضع (1) إلى وجوب الوضوء منه، ومرة توقف في الوجوب (2)، وقال (3) في كلامه على المسائل التي {قيل} (4) فيها إنها على خلاف القياس: وأما لحم الإبل فقد قيل التوضؤ منه مستحب، لكن تفريق النبي صلى الله عليه وسلم بينه وبين لحم الغنم - مع أن ذلك مسته النار، والوضوء منه مستحب- دليل على الاختصاص، وما فوق الاستحباب إلا الإيجاب، وقد قيل: الوضوء منه أوكد.

قال (5): وأما الوضوء من الحدث الدائم لكل صلاةٍ ففيه أحاديث متعددة (6)، وقول الجمهور الذين يوجبون الوضوء لكل صلاة أظهر.

وذهب إلى أن الخف إذا كان فوقه خرق يسير يجوز المسح عليه (7).

وذهب إلى أنه لا يتيمم للنجاسة على البدن (8).

وذهب إلى أن صلاة المأموم قدام (ق 6 - أ) الإمام تصح مع العذر دون غيره، مثل إذا كان زحمة فلم يمكنه أن يصلي الجمعة والجنازة إلا قدام الإمام (9).

(1) شرح العمدة (1/ 327 - 334).

(2)

"مجموع الفتاوى"(21/ 260 - 265).

(3)

"مجموع الفتاوى"(20/ 524) وليس فيه: "وقد قيل: والوضوء منه أوكد".

(4)

سقطت من "الأصل" وانظر "مجموع الفتاوى"(20/ 504، 522).

(5)

"مجموع الفتاوى"(20/ 527).

(6)

في "مجموع الفتاوى": "قد صحح بعضها غير واحد من العلماء".

(7)

"مجموع الفتاوى"(21/ 172 - 176، 212 - 213).

(8)

ذكر في شرح العمدة (1/ 379 - 380) في هذه المسألة قولين.

(9)

"مجموع الفتاوى"(23/ 404 - 407، 409).

ص: 172

وذهب إلى أن جواز المساقاة والمزارعة قول جمهور السلف من الصَّحَابَة والتابعين وغيرهم، وهذا مذهب الليث بن سعد وابن أبي ليلى وأبي يوسف ومحمَّد، وفقهاء الحديث: كأحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه ومحمد بن إسحاق بن خزيمة، وأبي بكر بن المنذر، والخطابي، وغيرهم رضي الله عنهم بل الصواب أن المزارعة أحَلُّ من الإجارة بثمنٍ مسمًّى؛ لأنها أقرب إلى العدل وأبعد عن الخطر (1).

وقال (2) أيضًا: فأما المزارعة (3) فجائزة بلا ريب سواء كان البذر من المالك أو العامل أو منهما، وسواء كان بلفظ الإجارة أو المزارعة (3) أو غير ذلك، وهذا أصح الأقوال في هذه المسألة، وكذلك كل ما كان من هذا الجنس مثل أن يدفع دابته أو سفينته إلى من يكتسب عليها والربح بينهما، أو من يدفع ماشيته أو نحله (4) إلى من يقوم عليها، والصوف واللبن والولد (ق 6 - ب) والعسل بينهما.

وقال في موضع آخر (5): من أعطى النظر حقه علم أن المزارعة أبعد من الظلم والقمار من الإجارة {بأجرة مسماة} (6) مضمونة {في الذمة؛ فإن المستأجر إنما قصد الانتفاع بالزرع النابت في} (7) الأرض؛ فإذا وجبت عليه الأجرة

(1)"مجموع الفتاوى"(25/ 61).

(2)

"مجموع الفتاوى"(25/ 62).

(3)

كتبت في "الأصل" في المواضع الثلاثة: الزراعة.

(4)

وضع الناسخ رحمه الله تحت الحاء علامة الإهمال حتى لا تُصحف؛ وقد صحفت في "مجموع الفتاوى" إلى: نخله، بالخاء المعجمة.

(5)

"مجموع الفتاوى"(20/ 509 - 510).

(6)

في "الأصل": مسألة. والمثبت من "مجموع الفتاوى".

(7)

سقطت من "الأصل" وأثبتها من "مجموع الفتاوى".

ص: 173

ومقصوده من الزرع قد يحصل وقد لا يحصل كان في {هذا} (1) حصول أحد المتعاوضين على مقصودة {دون} (1) الآخر، وأما المزارعة (2) فإن حصل الزرع اشتركا فيه، وإن لم يحصل شيء اشتركا في الحرمان، فلا يختص أحدهما بحصول مقصودة دون الآخر، فهذا أقرب إلى العدل وأبعد عن الظلم من الإجارة، والأصل في العقود جميعها هو العدل؛ فإنه به بعث الله الرسل ونَزَّل الكتب.

وقال (3): وأما المضاربة والمساقاة والمزارعة فليس فيها شيء من الميسر، بل هن من أقوم العدل، فهذا مما يُبين {لك أن} (4) المزارعة التي يكون فيها البذر من العامل أحق بالجواز من المزارعة التي يكون فيها من رب الأرض، ولهذا كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم (ق 7 - أ) يزارعون على هذا الوجه، وكذلك "عامل النبي صلى الله عليه وسلم أهل خيبر بشطر ما يخرج منها من ثمر وزرع على أن (يعملوا) (5) من أموالهم"(6).

وقال في أثناء كلامه بعد أن تكلم (7) على المزارعة الفاسدة والمضاربة: ولهذا كان الصواب أنه يجب في المضاربة الفاسدة ربح المثل لا أجرة المثل، ويعطي العامل ما جرت به العادة أن يعطى مثله من الربح، إما نصفه وإما

(1) سقطت من "الأصل" وأثبتها من "مجموع الفتاوى".

(2)

كتبت في "الأصل" في المواضع الثلاثة: الزراعة.

(3)

"مجموع الفتاوى"(20/ 510 - 511).

(4)

في "الأصل": الآن. والمثبت من "مجموع الفتاوى".

(5)

في "مجموع الفتاوى": يعمروها.

(6)

رواه البخاري (5/ 14 رقم 2328)، ومسلم (3/ 1186 - 1187 رقم 1551) عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما.

(7)

زاد بعدها في "الأصل": المضاربة. فاختل الكلام؛ فحذفتها.

ص: 174

ثلثه واما ثلثاه، وأما أن يعطي شيئًا مقدارًا مضمونًا في ذمة المالك، كما يعطى في الإجارة {والجعالة} (1) فهذا غلط ممن قاله (2).

وذكر اختلاف الفقهاء {في بيع} (3) ما في بطن الأرض ويظهر ورقه كاللفت والجزر والقلقاس، والفجل والثوم والبصل وشبه ذلك، وصحح الجواز؛ فإنه قال (4): والثاني: أن بيع ذلك جائز، كما يقوله من يقوله من أصحاب مالك وغيرهم، وهو قول في مذهب أحمد وغيره، وهذا القول هو الصواب لوجوهٍ. ثم ذكرها.

(ق 7 - ب) وقال (5): ومما يشبه ذلك بيع المقاثي وصحته -كمقاثي الخيار والبطيخ والقثاء وغير ذلك- فمن أصحاب الشافعي وأحمد وغيرهما من يقول: لا يجوز بيعها إلا لقطة {لقطة} (6)، وكثيرٌ من العلماء {من أصحاب مالك وأحمد وغيرهما، قالوا: إنه يجوز بيعها} (7) مطلقًا على الوجه المعتاد، وهذا هو الصواب.

وقال (8): إذا بدا صلاح بعض الشجرة كان صلاحًا لباقيها باتفاق العلماء {ويكون صلاحها صلاحًا لسائر ما في البستان من ذلك النوع، في أظهر

(1) تحرفت في "الأصل" وصوبتها من "مجموع الفتاوى".

(2)

"مجموع الفتاوى"(20/ 509).

(3)

بياض في "الأصل". والمثبت من "مجموع الفتاوى".

(4)

"مجموع الفتاوى"(29/ 488 - 489).

(5)

"مجموع الفتاوى"(29/ 489).

(6)

من "مجموع الفتاوى".

(7)

في "الأصل": "صلاحًا لسائر ما في البستان من ذلك النوع في أظهر قولي العلماء" وهو انتقال نظر. والمثبت من "مجموع الفتاوى".

(8)

"مجموع الفتاوى"(29/ 489).

ص: 175

قولي العلماء} (1) وقول جمهورهم، بل (2) يكون صلاحًا لجميع ثمرة البستان التي جرت العادة بأن تباع جملة في أحد قولي العلماء.

وذهب إلى أن القول بوضع الجوائح في الثمر؛ فإذا اشترى ثمرًا قد بدًا صلاحه فأصابته جائحة أتلفته قبل كماله فإنه يكون من ضمان البائع، وإلى أن المشتري يبيع الثمرة قبل الجداد؛ لأنه قبضها القبض المبيح للتصرف (ق 8 - أ) وإن لم يقبضها القبض الناقل للضمان كقبض العين المؤجرة؛ فإنه إذا {قبضها} (3) جاز له التصرف في المنافع، وإن كانت إذا تلفت تكون من ضمان المؤجر (4).

قال في الإجارة (5): لكن تنازع الفقهاء هل له أن يؤجرها بأكثر مما استأجرها؟ على ثلاثة أقوال، هي ثلاث روايات عن أحمد:

قيل: يجوز؛ كقول الشافعي.

وقيل: لا يجوز؛ كقول أبي حنيفة وصاحبيه؛ لأنه ربح فيما لم يضمن؛ لأن المنافع لم يضمنها.

وقيل: إن أحدث فيها عمارة جاز وإلا فلا.

قال: والأول أصح؛ لأنها مضمونة عليه بالقبض، بمعنى إذا لم يستوفها

(1) سقطت من "الأصل" هنا وأثبتها من "مجموع الفتاوى".

(2)

زاد بعدها في "الأصل": "يكون من أصحاب مالك وأحمد وغيرهم يجوز بيعها و" وهي زيادة مقحمة هنا، والله أعلم.

(3)

بياض في "الأصل" وكتب الناسخ في الحاشية، "هكذا بياض بالأصل". والمثبت من "مجموع الفتاوى".

(4)

"مجموع الفتاوى"(30/ 259 - 260).

(5)

"مجموع الفتاوى"(30/ 260 - 261).

ص: 176

تلفت من ضمانه لا من ضمان المؤجر.

وذهب إلى أن من استأجر أرضًا فزرعها ثم تلف الزرع بنارٍ أو ريحٍ أو بردٍ، ونحو ذلك أنه يكون من ضمان المؤجر (1).

وذهب إلى أن الاْب ليس له إجبار ابنته البكر البالغة على النكاح، وإلى أن مناط الإجبار هو الصغر (2).

وذهب إلى أن الأب (ق 8 - 6) له أن يطلق على ابنه الصغير والمجنون إذا رأى المصلحة، وإلى أنه يخالع عن ابنته إذا رأى المصلحة لها، قال (3): وأبلغ من ذلك أنه إذا طلقها قبل الدخول فللأب أن يعفو عن نصف الصداق إذا قيل هو الذي بيده عقدة النكاح -كما هو قول مالك وأحمد في إحدى الروايتين عنه- والقرآن يدل على صحة هذا القول.

وذهب إلى أن كل مطلقةٍ لها متعةٌ، قال: كما دل عليه ظاهر القرآن وعمومه (4).

وقال في أثناء كلامه (5): وأما إذا دفع الدرهم فقال: أعطني بنصفه فضةً وبنصفه فلوسًا، أو قال: أعطني بوزن هذه الدراهم الثقيلة أنصافًا أو دراهم خفافًا؛ فإنه يجوز سواء كانت مغشوشةً أو خالصةً، ومن الفقهاء من يكره ذلك ويجعله من باب "مُدِّ عجوةٍ"؛ لكونه باع فضةً ونحاسًا بفضةٍ ونحاسٍ.

وأصل مسألة "مُدِّ عجوةٍ" أن يبيع مالًا ربويًّا بجنسه ومعهما (ق 9 - أ)

(1)"مجموع الفتاوى"(30/ 262).

(2)

"مجموع الفتاوى"(32/ 22 - 23).

(3)

"مجموع الفتاوى"(32/ 26).

(4)

"مجموع الفتاوى"(32/ 27).

(5)

"مجموع الفتاوى"(29/ 457 - 458).

ص: 177

أو مع أحدهما من غير جنسه؛ فإن للعلماء في ذلك {ثلاثة} (1) أقوال:

أحدها: المنع مطلقًا؛ وهو قول الشافعي ورواية عن أحمد.

والثاني: الجواز مطلقًا؛ كقول أبي حنيفة، ويُذكر رواية عن أحمد.

والثالث: الفرق بين أن يكون المقصود بيع الربوي (2) بجنسه متفاضلًا أو لا، وهذا مذهب مالك وأحمد في المشهور عنه؛ فإذا باع تمرًا في نواه بنوى أو بتمر منزوع النوى، أو شاة فيها لبن {بشاة ليس فيها لبن} (3) أو بلبن ونحو ذلك؛ فإنه يجوز عندهما بخلاف ما إذا باع أَلْف درهم بخمسمائة درهم في منديل؛ فإن هذا لا يجوز.

قال (4): وأما بيع الفضة بالفلوس النافقة فهل يشترط فيه الحلول والتقابض كصرف الدراهم بالدنانير، فيه قولان للعلماء، هما روايتان عن أحمد.

أحدهما: لا بد من الحلول والتقابض فإن (5) هذا من جنس الصرف؛ فإن الفلوس النافقة تشبه الأثمان، فيكون بيعها بجنس الأثمان صرفًا.

والثاني: لا يشترط الحلول والتقابض (ق 9 - ب) فإن ذلك معتبر في جنس الذهب والفضة، سواءً كان ثمنًا (أو كان مصوغًا)(6) بخلاف الفلوس؛ ولأن الفلوس هي في الأصل من باب العروض والثمنية عارضة لها.

(1) في "الأصل": أن. والمثبت من "مجموع الفتاوى".

(2)

تحرفت في "الأصل" إلى: الراوي.

(3)

سقطت من "الأصل" وأثبتها من "مجموع الفتاوى".

(4)

"مجموع الفتاوى"(29/ 459).

(5)

في "الأصل": كان. والمثبت من "مجموع الفتاوى".

(6)

في "مجموع الفتاوى": "أو كان صرفًا أو كان مكسورًا".

ص: 178

قال (1): وأما إذا كان لرجلٍ عند غيره حق من عينٍ أو دينٍ، فهل يأخذه أو نظيره بغير إذنه؟ فهذا نوعان:

أحدهما: أن يكون سبب الاستحقاق ظاهرًا لا يحتاج إلى إثبات، مثل استحقاق المرأة النفقة على زوجها {واستحقاق الولد أن يُنفق عليه والده} (2)، واستحقاق الضيف الضيافة على من نزل به، فهنا له أن يأخذ بدون إذن من عليه الحق بلا ريب. ثم ذكر حديث هند (3).

والثاني: أن لا يكون سبب الاستحقاق ظاهرًا فهذا فيه قولان:

أحدهما: ليس له أن يأخذ؛ وهو مذهب مالك وأحمد.

والثاني: له أن يأخذ؛ وهو مذهب الشافعي.

و{أما} (4) أبو حنيفة فيسوغ الأخذ من جنس الحق.

ومال الشيخ إلى عدم الجواز (5).

قال (6): وإذا دفع الزكاة إلى الوالدين إذا كانوا غارمين (ق 10 - أ) أو مكاتبين ففي ذلك وجهان، والأظهر جواز ذلك، وأما إن كانوا فقراء وهو

(1)"مجموع الفتاوى"(30/ 371 - 372).

(2)

في "الأصل""واستحقاق الوالد أن ينفق على ولده" والمثبت من "مجموع الفتاوى".

(3)

رواه البخاري (4/ 473 - 474 رقم 2211)، ومسلم (3/ 1338 - 1339 رقم 1714) عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها "دخلت هند على رسول الله، فقالت: يا رسول الله، إن أبا سفيان رجل شحيح، لا يعطيني من النفقة ما يكفيني ويكفي بني، إلا ما أخذت من ماله بغير علمه، فهل عليَّ في ذلك من جناح؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: خذي من ماله بالمعروف، ما يكفيك ويكفي بنيك".

(4)

من "مجموع الفتاوى".

(5)

"مجموع الفتاوى"(30/ 372 - 375).

(6)

"مجموع الفتاوى"(25/ 90).

ص: 179

عاجز عن نفقتهم فالأقوى جواز دفعها إليهم في هذا الحال؛ لأن المقتضى {موجود، والمانع مفقود؛ فوجب العمل بالمقتضى} (1) السالم عن المعارض المقاوم.

وقال في أثناء كلامه في مسألة العينة (2): والشرط بين الناس ما عدوه شرطًا كما أن البيع بينهم ما عدوه بيعًا، والإجارة بينهم ما عدوها إجارة وكذلك النكاح {بينهم ما عدوه نكاحًا؛ فإن الله ذكر البيع والنكاح} (1) في كتابه ولم يُذكر لذلك حدٌّ في الشرع، ولا له حدٌّ (3) في اللغة، والأسماء تعرف حدودها تارة بالشرع -كالصلاة، والزكاة، والصيام، والحج- وتارة باللغة -كالشمس، والقمر، والبر، والبحر- وتارة بالعرف -كالقبض، والتصرف، وكذلك العقود كالبيع والإجارة والنكاح والهبة، وغير ذلك- فإذا تواطأ الناس على شرطٍ وتعاقدوا؛ فهذا {شرط} (4) عند أهل العرف، والله أعلم.

وذهب إلى أن إخراج القيمة في الزكاة للحاجة أو للمصلحة الراجحة جائز (5){وذهب إلى أن إبدال الموقوف والمنذور جائز} (6) لمصلحةٍ راجحةٍ، مثل أن يبدل (ق 10/ ب) الهدي بخيرٍ منه، ومثل المسجد إذا بني بدله مسجد آخر

(1) سقطت من "الأصل" والمثبت من "مجموع الفتاوى".

(2)

"مجموع الفتاوى"(29/ 447 - 448).

(3)

بعدها في "الأصل": "في العقل" وهي مقحمة، ووقع في "مجموع الفتاوى":"في الفقه" بدل: "في اللغة".

(4)

سقطت من "الأصل" وأثبتها من "مجموع الفتاوى".

(5)

"مجموع الفتاوى"(25/ 82 - 83).

(6)

سقطت من "الأصل" واجتهدت في إثباتها من "مجموع الفتاوى" ليستقيم الكلام، والله أعلم.

ص: 180

أصلح لأهل البلدة منه، وبيع {الأول} (1)، فهذا ونحوه جائز عند أحمد وغيره من العلماء (2).

قال (3): وأما إبدال العَرْصة (4) بعرصة أخرى فهذا {قد نصَّ} (5) أحمد وغيره على جوازه اتباعًا لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ حيث فعل ذلك عمر، واشتهرت القضية ولم تُنكر.

وقال أيضًا: النصوص والآثار والقياس يقتضي جواز الإبدال للمصلحة، والله أعلم.

وذهب إلى جواز القصاص {في اللطمة} (6) والضربة ونحو ذلك، فذهب الخلفاء الراشدون إلى أنه مشروع يُقتص بمثله، وهو المنصوص عن أحمد في رواية إسماعيل بن سعيد (7) الشَّالَنْجي، وذهب كثيرٌ من الفقهاء إلى أنه لا يُشرع في ذلك قصاص، وهذا قول {كثير} (8) من أصحاب أبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد، والأول أصح (9).

(1) في "الأصل": الأوان. والمثبت من "مجموع الفتاوى".

(2)

"مجموع الفتاوى"(31/ 252).

(3)

"مجموع الفتاوى"(31/ 253).

(4)

العَرْصة: هي كل موضع واسع لا بناء فيه. "النهاية"(3/ 208).

(5)

في "الأصل": "لا يصح بنص"، والمثبت من "مجموع الفتاوى".

(6)

في "الأصل": والظلمة. والمثبت من "مجموع الفتاوى".

(7)

في "الأصل": سعد. والمثبت من "مجموع الفتاوى"، وإسماعيل بن سعيد الشالنجي إمام فاضل، جليل القدر، أثنى عليه الإمام أحمد بن حنبل وغيره. ترجمته في "الجرح والتعديل"(2/ 173 - 174)، و"ثقات ابن حبان"(8/ 97 - 98)، و"طبقات الحنابلة"(1/ 104 - 105)، و"الأنساب"(3/ 383) وغيرها.

(8)

سقطت من "الأصل"، وأثبتها من "مجموع الفتاوى".

(9)

"مجموع الفتاوى"(34/ 162 - 163).

ص: 181

قال (1): وأما القصاص في إتلاف الأموال مثل أن يخرق ثوبه؛ فيخرق ثوبه (ق 11 - أ) المماثل له، أو يهدم داره؛ فيهدم داره، ونحو ذلك، فهذا فيه قولان للعلماء، هما روايتان عن أحمد:

إحداهما: أن ذلك غير مشروع؛ لأنه إفساد.

الثاني: أن ذلك مشروع؛ لأن الأنفس والأطراف أعظم قدرًا من الأموال، فإذا جاز إتلافها على سبيل القصاص؛ فالأموال أولى.

قال (2): وإذا أتلف له ثيابًا أو حيوانًا أو عقارًا أو نحو ذلك فهل يضمه بالقيمة أو يضمنه بجنسه مع القيمة؟ على قولين معروفين للعلماء، وهما روايتان في مذهب الشافعي وأحمد، فإن الشافعي قد نصَّ على أنه إذا هدم دارًا بناها كما كانت؛ فضمنه بالمثل، وروي عنه في الحيوان نحو ذلك.

قال (3): وأما إسقاط {الدَّين عن المعسر} (4) فلا يجزئ عن زكاة العين بلا نزاع، لكن إذا كان له دين على من يستحق الزكاة فهل يجوز أن يسقط عنه قدر زكاة ذلك الدَّين، ويكون ذلك زكاة ذلك الدَّين؟ هذا فيه قولان للعلماء في مذهب أحمد وغيره، أظهرهما الجواز؟ لأن الزكاة مبناها (ق 11 - ب) على المواساة، وهنا قد أخرج من جنس ما {يملك} (5) بخلاف ذلك إذا كان ماله عينًا وأخرج دينًا؛ فإن الذي أخرجه دون الذي يملكه؛ فكان بمنزلة إخراج الخبيث عن الطيب؛ وهذا لا يجوز كما قال تعالى: {وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ

(1)"مجموع الفتاوى"(3/ 332).

(2)

"مجموع الفتاوى"(30/ 332 - 333).

(3)

"مجموع الفتاوى"(25/ 84).

(4)

في "الأصل": "الفرعين المعسرة"، والمثبت من "مجموع الفتاوى".

(5)

في "الأصل": يمكنه. والمثبت من "مجموع الفتاوى".

ص: 182

تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ} (1)، ولهذا كان على المزكي أن يُخرج من جنس ماله لا يخرج أدنى منه (2)، فإذا كان له ثمرٌ أو حنطة جيدةٌ لم يخرج عنها ما هو دونها، والله أعلم.

وذهب إلى جواز السجود على كور العمامة، قال: والأفضل أن يباشر الأرض (3).

وقال (4): السنة في التروايح أن تُصلى بعد العشاء الآخرة كما اتفق على ذلك السلف والأئمة، فمن صلاها قبل العشاء فقد سلك سبيل المبتدعة المخالفين للسنة.

وذهب إلى أن الإطعام في الكفارة مقدر بالعرف لا بالشرع، قال: فيطعم أهل كل بلدةٍ من أوسط ما يطعمون أهليهم قدرًا أو نوعًا، وهذا معنى قول مالك، قال إسماعيل بن إسحاق: كان مالك (ق 12 - أ) يرى في كفارة اليمين {أن المُدَّ} (5) يجزئ بالمدينة. قال مالك: وأما البلدان فإن لهم عيشًا غير عيشنا، فأرى أن يكفروا بالوسط من عيشهم؛ لقول الله -تعالى-:{مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ} (6). وهو مذهب داود وأصحابه مطلقًا، والمنقول عن أكثر الصحابة والتابعين يوافق هذا القول. قال: وقد {بسطنا الآثار عنهم في غير هذا الموضع، و} (7) بينا أن هذا القول هو الصواب الذي

(1) سورة البقرة، الآية:267.

(2)

في "الأصل": ماله. والمثبت من "مجموع الفتاوى".

(3)

"مجموع الفتاوى"(22/ 170 - 172).

(4)

"مجموع الفتاوى"(23/ 119 - 121).

(5)

بياض في "الأصل" والمثبت من "مجموع الفتاوى".

(6)

سورة المائدة، الآية:89.

(7)

من "مجموع الفتاوى".

ص: 183

يدل عليه الكتاب والسنة ولاعتبار، وهو قياس مذهب أحمد وأصوله؛ فإن أصله أن ما لم يقدره الشارع فإنه يرجع فيه إلى العرف، وهذا مما لم يقدره الشارع فيرجع فيه إلى العرف لا سيما مع قوله تعالى:{مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ} (1) فإن أحمد لا يقدر طعام المرأة والولد ولا المملوك، ولا يقدر أجرة الأجير المستأجر بطعامه وكسوته في ظاهر مذهبه، ولا يقدر الضيافة الواجبة قولًا واحدًا، ولا يقدر الضيافة المشروطة على هذا على أهل الذمة للمسلمين في ظاهر مذهبه، هذا مع أن هذه واجبة بالشرط، فكيف يقدر طعامًا واجبًا في الشرع، ولا يقدر الجزية (ق 12 - ب) في أظهر الروايتين عنه ولا الخراج؟ فطعام الكفارة أولى أن لا يقدر (2).

قال (3): وإذا جمع عشرة مساكين (وغداهم)(4) وعشاهم خبزًا وإدامًا من أوسط ما يطعم أهله؛ أجزأه ذلك عن (5) أكثر السلف، وهو مذهب أبي حنيفة ومالك وأحمد في إحدى الروايتين وغيرهم، وهو أظهر القولين في الدليل، فإن الله -تعالى- إنما {أمر} (6) بإطعام، لم يوجب التمليك، وهذا إطعام حقيقة (7).

وذكر الاختلاف في أن صدقة الفطر جارية مجرى صدقة الأموال أو

(1) سورة المائدة، الآية:89.

(2)

"مجموع الفتاوى"(35/ 349 - 350).

(3)

"مجموع الفتاوى"(35/ 352).

(4)

ليست في "مجموع الفتاوى".

(5)

في "مجموع الفتاوى": عند.

(6)

بياض في "الأصل"، والمثبت من "مجموع الفتاوى".

(7)

غير واضحة في "الأصل"، والمثبت من "مجموع الفتاوى".

ص: 184

صدقة الأبدان كالكفارات، ورجح القول بأن سببها (1) البدن لا المال، ثم قال: وعلى هذا القول فلا يجزئ إعطاؤها إلا لمن يستحق الكفارة، وهم الآخذون لحاجة أنفسهم، ولا يعطى منها في المؤلفة ولا الرقاب ولا غير ذلك، وهذا القول أقوى في الدليل (2).

وذهب إلى أن المني طاهرٌ وقطع بذلك (3).

وذهب إلى أن المذي يجزئ فيه النضح، قال: وقد روي عن أحمد أنه طاهر كالمني، و {على} (4) القول بنجاسته فهل يُعفى عن يسيره؟ على قولين (ق 13 - أ) هما روايتان عن أحمد (5).

قال (6): {وتنازعوا} (7) فيما إذا ترك الإمام ما يعتقد المأموم وجوبه، مثل أن يترك قراءة البسملة والمأموم يعتقد وجوبها، أو يمس ذكره ولا يتوضأ والمأموم يرى وجوب الوضوء من ذلك، أو يصلي في جلود الميتة المدبوغة والمأموم يرى أن الدباغ لا يطهر، أو يحتجم ولا يتوضأ والمأموم يرى الوضوء من الحجامة.

قال (6): والصحيح المقطوع به أن صلاة المأموم خلف إمامه صحيحة، وإن كان إمامه مخطئًا في نفس الأمر، لما ثبت في الصحيح (8) عن النبي

(1) في "الأصل": سننها. بالنون، والمثبت من "مجموع الفتاوى".

(2)

"مجموع الفتاوى"(25/ 72 - 73).

(3)

"مجموع الفتاوى"(21/ 587 - 606).

(4)

في "الأصل": هذا.

(5)

"شرح العمدة"(1/ 100).

(6)

"مجموع الفتاوى"(22/ 267).

(7)

في "الأصل": "وتنازعا أسلما"! والمثبت من "مجموع الفتاوى".

(8)

صحيح البخاري (2/ 219 رقم 694) عن أبي هريرة رضي الله عنه.

ص: 185

- صلى الله عليه وسلم: "يُصَلون لكم، فإن أصابوا فلكم ولهم، وإن أخطئوا فلكم وعليهم".

وذهب إلى أنه يُقنت في الصلوات كلها عند النوازل (1).

وذهب إلى (2) التخيير في وصل (3) الوتر وفصله، وفي القنوت فيه وتركه، فقال (4): إذا أوتر بثلاثِ: إن شاء فصل، وإن شاء وصل، ويخير في دعاء القنوت: إن شاء فعله، وإن شاء تركه، وإن صلى قيام رمضان (ق 13 - ب) فإن قنت بهم في جميع الشهر فقد أحسن، وإن قنت في النصف الأخير فقد أحسن، وإن {لم يقنت} (5) بحال فقد أحسن.

قال (6): وقد تنازع {الناس} (7) هل الأفضل طول القيام أو كثرة الركوع والسجود أو كلاهما (8) سواء، على ثلاثة أقوال، أصحها أن كليهما (9) سواء.

قال (10): وتنازع العلماء في القراءة على الجنازة على ثلاثة أقوالٍ:

قيل: لا تُستحب؛ كما هو مذهب أبي حنيفة ومالك.

وقيل: بل يجب فيها قراءة الفاتحة؛ كما يقوله من يقوله من أصحاب الشافعي وأحمد.

(1)"مجموع الفتاوى"(98/ 23 - 116).

(2)

في "الأصل": أن.

(3)

في "الأصل": وصول.

(4)

"مجموع الفتاوى"(22/ 271).

(5)

في "الأصل": قنت. والمثبت من "مجموع الفتاوى".

(6)

"مجموع الفتاوى"(22/ 273).

(7)

من "مجموع الفتاوى".

(8)

تكررت في "الأصل" وكتب الناسخ بالحاشية: هكذا بالأصل.

(9)

في "الأصل": كلاهما. على خلاف الجادة، والمثبت من "مجموع الفتاوى".

(10)

"مجموع الفتاوى"(22/ 274).

ص: 186

وقيل: بل قراءة الفاتحة سنة، وإن لم يقرأ بل دعا بلا قراءة جاز؛ وهذا هو الصواب.

وذهب إلى أن البسملة آيةٌ من كتاب الله حيث كُتبت، وليست من السورة، وأنه يُقرأ بها سرًّا في الصلاة، وإن جهر بها للمصلحة الراجحة فحسن (1).

وذهب إلى أن من كان مداومًا على قيام الليل أغناه عن المداومة على صلاة الضحى؛ كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعل، ومن كان ينام عن قيام الليل فصلاة الضحى بدل قيام الليل أفضل (ق 14 - أ) له (2).

وذهب إلى أن القصر والجمع في السفر لا يحتاج إلى نية، وكذلك الجمع بين الصلاتين لا يفتقران إلى نية (3).

وذهب إلى {أن} (4) الموالاة لا تشترط في الجمع بين الصلاتين (5).

وذهب إلى أن صوم الدهر مكروه، وإن أفطر مع ذلك يوم العيدين وأيام التشريق، وضعَّف قول من حمل صوم الدهر على صيام أيام السنة مع هذه الخمسة تضعيفًا كثيرًا، قال: وأما قوله: "صيام ثلاثة أيام من كل شهر تعدل صيام الدهر"(6) فمراده أن من فعل هذا حصل له أجر صيام الدهر بتضعيف الأجر دون حصول المفسدة (7).

(1)"مجموع الفتاوى"(22/ 276 - 279).

(2)

"مجموع الفتاوى"(22/ 284).

(3)

"مجموع الفتاوى"(9/ 24، 21، 28).

(4)

سقطت من "الأصل".

(5)

"مجموع الفتاوى"(24/ 54).

(6)

رواه البخاري (4/ 256 رقم 1975)، ومسلم (2/ 812 - 818 رقم 1159) عن عبد الله ابن عمرو بن العاص رضي الله عنهما بنحوه.

(7)

"مجموع الفتاوى"(22/ 301 - 303).

ص: 187

قال (1): والجنب يُستحب له الوضوء إذا أراد أن يأكل أو يشرب أو ينام أو يعاود الوطء، لكن يُكره له النَّوم إذا لم يتوضأ، وقد جاء في بعض الأحاديث أن ذلك كراهية أن تقبض روحه وهو نائم فلا تشهد الملائكة جنازته (2)، فإن في السنن عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "لا تدخل الملائكة بيتًا

(1)"مجموع الفتاوى"(21/ 343).

(2)

روى الإمام أحمد (4/ 320)، وأبو داود (4/ 79 - 80 رقم 4176) وغيرهم عن يحيى ابن يعمر، عن عمار بن ياسر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"إن الملائكة لا تحضر جنازة الكافر ولا المتضمخ بخلوق ولا الجنب".

وقال أبو داود في سننه (1/ 58 رقم 225): بين يحيى بن يعمر وعمار بن ياسر في هذا الحديث رجل.

وقال ابن عبد البر في التمهيد (2/ 183) نحوه.

ورواه الإمام أحمد (4/ 320)، وأبو داود (4/ 80 رقم 4177) عن يحيى بن يعمر عن رجل أخبره، عن عمار بن ياسر رضي الله عنهما.

وروى أبو داود (4/ 80 رقم 4180) عن الحسن بن أبي الحسن، عن عمار بن ياسر رضي الله عنهما نحوه.

وقال ابن عبد البر في التمهيد (2/ 183): رواه الحسن بن أبي الحسن عن عمار، ولم يسمع منه.

وروى أبو بكر بن أبي شيبة في مسنده -كما في المطالب العالية (3/ 14 رقم 2247) - والبزار -كشف الأستار (3/ 354 - 355 رقم 2929) - وابن عبد البر في التمهيد (2/ 183 - 184) والعقيلي في الضعفاء (2/ 241) عن أبي بكر الداهري عبد الله بن حكيم، عن يوسف بن صهيب، عن ابن بريدة، عن أَبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ثلاثة لا تقربهم الملائكة: المتخلق، والسكران، والجنب".

قال البخاري في تاريخه (5/ 74): لا يصح، وقال حفص بن عمر، حدثنا أبو عوانة، عن قتادة، عن ابن بريدة، عن يحيى بن يعمر، عن ابن عباس رضي الله عنهما نحوه.

وقال البزار: لا نعلمه يُروى عن بريدة إلا من هذا الوجه، ولا نعلم رواه عن يوسف إلا عبد الله.

وقال ابن عبد البر: عبد الله بن حكيم هو أبو بكر الداهري مدني مجتمع على ضعفه. =

ص: 188

فيه جنب" (1).

وقال (2): ووضوء الجنب يرفع الجنابة الغليظة، وتبقى مرتبة بين المحدث والجنب.

وذهب (ق 14 - ب) إلى أن نوم الجنب لا ينقض وضوءه المخفف للجنابة (3).

قال (4): وتنازع العلماء في غسل اليدين قبل الأكل هل يكره أو يستحب؟ على قولين، هما روايتان عن أحمد، فمن استحب ذلك احتج بحديث سلمان الفارسي:"أنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم: قرأت في التوراة أن من بركة الطعام الوضوء قبله. فقال: بركة الطعام {الوضوء} (5) قبله والوضوء بعده"(6).

= وأشار العقيلي -كما تقدم عن البخاري أيضًا- إلى أن الصواب حديث ابن بريدة، عن يحيى بن يعمر، عن ابن عباس موقوفًا.

وقد رواه البزار - كشف الأستار (3/ 355 رقم 2930) عن ابن عباس من هذا الطريق مرفوعًا.

(1)

رواه الإمام أحمد (1/ 80)، وأبو داود (1/ 58 رقم 227)، والنسائي (1/ 141، 7/ 185)، وابن حبان (4/ 5 رقم 1205)، والحاكم (1/ 171) عن عبد الله بن نُجَي، عن أبيه، عن علي ابن أبي طالب رضي الله عنه.

وقال الحاكم: هذا حديث صحيح؛ فإن عبد الله بن نجي من ثقات الكوفيين، ولم يخرجا فيه ذكر الجنب.

وقال البخاري في "تاريخه"(5/ 214): عبد الله بن بني الحضرمي، عن أبيه، عن علي رضي الله عنه فيه نظر.

(2)

"مجموع الفتاوى"(21/ 344).

(3)

"مجموع الفتاوى"(21/ 345).

(4)

"مجموع الفتاوى"(22/ 319).

(5)

بياض في "الأصل" والمثبت من "مجموع الفتاوى" وكتب الحديث.

(6)

رواه الإمام أحمد (5/ 441)، وأبو داود (3/ 345 - 346 رقم 3761)، والترمذي =

ص: 189

ومن كرهه قال: هذا خلاف سنة المسلمين فإنهم لم يكونوا يتوضئون قبل الأكل، وإنما هو من فعل اليهود فيُكره التشبه بهم، وأما حديث سلمان الفارسيّ فقد ضعفه بعضهم، وقد يُقال: كان هذا في أول الإسلام لما كان النبي صلى الله عليه وسلم يحب موافقة أهل الكتاب فيما لم يُؤمر فيه بشيءٍ.

وقال (1) في أثناء كلامه على مواضع مفيدةٍ: وعلى هذا بُني نزاع العلماء

= (4/ 248 رقم 1846)، والحاكم (4/ 106 - 107) وغيرهم من طريق قيس بن الربيع، عن أبي هاشم الرماني، عن زاذان، عن سلمان رضي الله عنه.

قال أبو داود: وهو ضعيف.

وقال الترمذي: لا نعرف هذا الحديث إلا من حديث قيس بن الربيع، وقيس بن الربيع يُضَعَّف في الحديث.

وقال الحاكم: تفرد به قيس بن الربيع عن أبي هاشم، وانفراده على علو محله أكثر من أن يمكن تركها في هذا الكتاب.

وتعقبه الذهبي بقوله: قلت: مع ضعف قيس فيه إرسال.

وقال الخلال في"جامعه": عن مهنا قال: سألت أحمد عن حديث قيس بن الربيع، عن أبي هاشم، عن زاذان، عن سلمان عن النبي صلى الله عليه وسلم:"بركة الطعام الوضوء قبله وبعده" فقال لي أبو عبد الله: هو منكر. فقلت: حدَّث بهذا إلا قيس بن الربيع؟ قال: لا. وسألت يحيى بن معين -وذكرت له حديث قيس بن الربيع، عن أبي هاشم، عن زاذان، عن سلمان، الحديث- فقال لي يحيى بن معين: ما أحسن الوضوء قبل الطعام وبعده. قلت له: بلغني عن سفيان الثوري أنه كات يكره الوضوء قبل الطعام.

وقال مهنا: سألت أحمد، قلت: بلغني عن يحيى بن سعيد أنه قال: كان سفيان يكره غسل اليد عند الطعام. قلت: لم كره سفيان ذلك؟ قال: لأنه من زي العجم، وضعَّف أحمد حديث قيس بن الربيع.

قال الخلال: وأخبرنا أبو بكر المروذي قال: رأيت أبا عبد الله يغسل يديه قبل الطعام وبعده، وإن كان على وضوء. انتهى، نقله الحافظ ابن القيم في تهذيب السنن (10/ 233 - 234).

وسُئل أبو حاتم الرازي عن حديث سلمان، فقال: هذا حديث منكر. كما في (علل الحديث" لابنه (2/ 10 رقم 1502).

(1)

"مجموع الفتاوى"(22/ 326).

ص: 190

في صدقة الفطر إذا لم يكن أهل البلد يقتاتون التمر والشعير {فهل يخرجونا من قوتهم كالبر والرز، أو يخرجون من التمر والشعير} (1) لأن النبي صلى الله عليه وسلم فرض ذلك، فإن في الصحيحين (2) عن ابن عمر أنه (ق 15 - أ) قال:"فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم صدقة الفطر صاعًا من تمر، أو صاعًا من شعيرٍ، على كل صغيرٍ وكبيرٍ، ذكرٍ وأنثى، حرٍّ وعبدٍ من المسلمين"؟ وهذه المسألة فيها قولان للعلماء (وهما روايتان عن أحمد، وأكثر العلماء} (3) على أنه يُخْرج من قوت بلده، وهذا هو الصحيح، كما ذكر الله ذلك في الكفارة بقوله:{مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ} (4).

وقال رحمه الله: السؤال محرم إلا عند الحاجة إليه، وظاهر مذهب أحمد أنه لو وجد ميتة عند الضرورة ويمكنه السؤال جاز له أكل الميتة، ولا يسأل الناس شيئًا، ولو ترك أكل الميتة ومات {مات} (5) عاصيًا، ولو ترك السؤال ومات لم يمت عاصيًا، والأحاديث في تحريم السؤال كثيرة جدًّا (6) نحو بضعة عشر حديثًا في الصحاح والسنن" وفي سؤال الناس مفاسد: الذل لهم، والشرك بهم، والإيذاء لهم، وفيها ظلم نفسه بالذل لغير الله -عز

(1) سقطت من "الأصل" من هذا الموضع، ثم كتبها الناسخ بعد قوله:"وهذا هو الصحيح" فاختل الكلام، والتصويب من "مجموع الفتاوى".

(2)

صحيح البخاري (3/ 430 رقم 1503 وأطرافه في: 1504، 1507، 1509، 1511، 1512)، وصحيح مسلم (2/ 677 - 678 رقم 984).

(3)

سقطت من "الأصل"، والمثبت من "مجموع الفتاوى".

(4)

سورة المائدة، الآية:89.

(5)

ليست في "الأصل".

(6)

ذكر جملةً كبيرةً منها الحافظُ المنذري في كتابه "الترغيب والترهيب" في باب الترهيب من المسألة من كتاب الزكاة.

ص: 191

وجل- وظلم الخلق بسؤالهم أموالهم، قال النبي صلى الله عليه وسلم لابن عباس:"إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن (ق 15 - ب) بالله"(1).

قال (2): اتفقت الأئمة على ثبوت الشفعة في العقار الذي يقبل {القسمة قسمة} (3) الإجبار، كالقرية والبستان ونحو ذلك، وتنازعوا فيما لا يقبل قسمة الإجبار، وإنما ينقسم بضررٍ أو رد عوضٍ فيحتاج إلى التراضي، هل تثبت فيه الشفعة؟ على قولين مشهورين، هما روايتان عن مالك وعن أحمد بن حنبل:

أحدهما: يثبت فيه الشفعة؛ وهو مذهب أبي حنيفة، واختيار بعض أصحاب الشافعي كابن سريج، وطائفة من أصحاب أحمد بن حنبل كأبي الوفاء بن عقيل {وهي رواية} (4) التهذيب (5) عن مالك، وهذا القول هو الصواب.

والثاني: لا يثبت فيه الشفعة؛ وهو قول الشافعي نفسه، واختيار كثير من أصحاب أحمد رضي الله عنهم.

وقال (6): على الرجل أن {يعدل} (7) بين أولاده كما أمر الله ورسوله. ثم

(1) رواه الإمام أحمد (1/ 293)، والترمذي (4/ 575 - 576 رقم 2516) عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.

ولهذا الحديث طرق وشواهد ذكرها الحافظ ابن رجب في جامع العلوم والحكم (1/ 459 - 462) وفي جزء مفرد سماه "نور الاقتباس في شرح وصية النبي صلى الله عليه وسلم عن لابن عباس".

(2)

"مجموع الفتاوى"(30/ 381).

(3)

تحرفت في "الأصل" والتصويب من مجموع الفتاوى.

(4)

في "الأصل": التهذيب. والمثبت من "مجموع الفتاوى".

(5)

في "مجموع الفتاوى": المهذب.

(6)

"مجموع الفتاوى"(31/ 295).

(7)

سقطت من "الأصل" والمثبت من "مجموع الفتاوى".

ص: 192

ذكر حديث النُّعمان بن بشير (1)، وقال: لكن إذا خصَّ أحدهما لسببٍ شرير، مثل أن يكون محتاجًا مطيعًا لله، والآخر غني عاصٍ لله يستعين بالمال على المعصية، فإن أعطى من أمر الله {بإعطائه} (2) ومنع من أمر الله بمنعه؛ فقد أحسن (16 - أ) والله أعلم.

تم الفصل الأول (3).

(1) رواه البخاري (5/ 250 رقم 2586 وطرفاه في: 2587، 2650)، ومسلم (3/ 1241 - 1244 رقم 1623) عن النُّعمان بن بشير رضي الله عنهما "أن أباه أتى به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إني نحلت ابني هذا غلامًا. فقال: أكل ولدك نحلت مثله؟ قال: لا. قال: فارجعه".

(2)

في "الأصل": بطاعته. والمثبت من "مجموع الفتاوى".

(3)

كذا في "الأصل".

ص: 193

الفصل الثاني

قال شيخنا الحافظ ابن عبد الهادي -رحمة الله عليه-: في "القاعدة الزرعية"(1) لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يجهر بالبسملة، وليس في الصحاح ولا في السنن حديثٌ صحيحٌ صريحٌ بالجهر، والأحاديث الصريحة بالجهر كلها ضعيفة بل موضوعةٌ (2).

وقال (3) أيضًا: لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يدوام على صلاة الضحى باتفاق أهل العلم بسنته، ومن زعم من الفقهاء أن ركعتي الضحى كانت واجبة عليه؛ فقد غلط، والحديث الذي يذكرونه:"ثلاث هن عليَّ فريضةٌ وهن لكم تطوعٌ: الوتر، والنحر (4)، وركعتا الضحى"(5) حديثٌ موضوعٌ.

(1)"مجموع الفتاوى"(22/ 275 - 276).

(2)

تمام كلام شيخ الإسلام: ولهذا لما صنف الدارقطني مصنفًا في ذلك، قيل له: هل في ذلك شيء صحيح؟ فقال: أما عن النبي صلى الله عليه وسلم، وأما عن الصحابة فمنه صحيح ومنه ضعيف. اهـ. وقد جمع الحافظ ابن عبد الهادي المؤلف أحاديث الجهر بالبسملة في كتاب مفردٍ، قال عنه في "تنقيح التحقيق" (2/ 831): وقد ذكرت هذه الأحاديث وغيرَها منَ الأحاديث الواردة في الجهر، وذكرت عللها والكلام عليها في كتاب مفردٍ، تتبعت فيه ما ذكره الحافظ أبو بكر الخَطيب في مصنفه، وهو كتاب متعوب عليه، فمن أحب الوقوف عليه فليسارع إليه. اهـ.

ولقد لخص هذا الكتابَ الحافظُ الزيلعي في "نصب الراية"(1/ 335 - 361).

(3)

"مجموع الفتاوى"(22/ 283).

(4)

وقع في "مجموع الفتاوى": "الفجر" بدل "النحر".

(5)

رواه الإمام أحمد (1/ 231)، والدارقطني (2/ 21 رقم 1)، والحاكم (1/ 300)، والبيهقي في السنن الكبرى (2/ 468، 9/ 264) من طريق أبي جناب الكلبي يحيى بن أبي حية، عن عكرمة، عن ابن عباس رضي الله عنهما.

وسكت عليه الحاكم، فتعقبه الذهبي بقوله: ما تكلم الحاكم عليه، وهو غريبٌ منكرٌ، ويحيى ضعَّفه النسائي والدارقطني. =

ص: 194

وقال أيضًا في موضع آخر: ضعفه (1).

وقال أيضًا في موضع آخر: والحديث الذي يُروى "في الرجل الذي قال: إن امرأتي لا ترد يد لامسٍ"(2) قد ضعفوه.

= ونقل ابن الملقن في "خصائص الرسول"(ص 22) عن ابن الصلاح قوله: هذا حديث غير ثابت، ضعفه البيهقي في "خلافياته".

وللحديث طرقٌ أخرى ذكرها جماعة من الحفاظ وضعفوها، منهم ابن الجوزي في تحقيقه -كما في "تنقيح التحقيق"(2/ 1039 - 1040) - وابن الملقن في "خصائص الرسول"(ص 21 - 23)، وفي "البدر المنير" وابن حجر في "التلخيص الحبير"(3/ 254 - 255).

وقال الحافظ ابن عبد الهادي في رسالته في الأحاديث التي يحتج بها الفقهاء والأصوليون وهي ضعيفة أو مرضوعة (ص 21): وحديث "ثلاث هن علي فريضة" رواه أحمد من رواية أبي جناب -وهو مدلس- عن عكرمة، عن ابن عباس، ورُوي من وجهٍ آخر لا يثبت.

(1)

كذا في "الأصل" لم يذكر من ضعفه.

(2)

رواه أبو داود (2/ 220 رقم 2049)، والنسائي (6/ 169)، والبيهقي (7/ 154) من طريق عمارة بن أبي حفصة، عن عكرمة، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال:"جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إن امرأتي لا تمنع يد لامس. قال: غرِّبها. قال: أخاف أن تتبعها نفسي. قال: فاستمتع بها".

قال النووي في "تهذيب الأسماء واللغات"(4/ 130): وهو حديث صحيح مشهور، بإسناده إسناد صحيح.

وقال ابن كثير في تفسيره (3/ 264): وهذا الإسناد جيد، وقد اختلف الناس في هذا الحديث ما بين مُضعِّف له كما تقدم عن النسائي، ومنكر كما قال الإمام أحمد: هو حديث منكر.

ورواه النسائي (6/ 170)، والبيهقي (7/ 154) من طريق حماد بن سلمة عن هارون بن رئاب، عن عبد الله بن عبيد، عن ابن عباس رضي الله عنهما.

قال النسائي: هذا خطأ، والصواب مرسل.

ورواه النسائي (6/ 67 - 68) من طريق هارون بن رئاب، عن عبد الله بن عبيد بن عمير مرسلًا، ومن طريق عبد الكريم عن عبد الله بن عبيد بن عمير، عن ابن عباس مرفوعًا.

ص: 195

وقال في موضع آخر (1): هذا الحديث ضعفه (ق 16 - ب) أحمد وغيره، وتأوله بعضهم على أنها لا ترد طالب مالٍ، لكن ظاهر الحديث يدل على خلافه، ومنهم من اعتقد ثبوته وأن النبي صلى الله عليه وسلم أمره أن يمسكها مع كونها لا تمنع الرجال، وهذا مما أنكره غير واحدٍ من الأئمة (2).

= قال النسائي: هذا الحديث ليس بثابت، وعبد الكريم ليس بالقوي، وهارون بن رئاب أثبت منه، وقد أرسل الحديث، وهارون ثِقَة، وحديثه أولى بالصواب من حديث عبد الكريم.

ورواه الشافعي في مسنده (ص 289) من طريق هارون بن رئاب، عن عبد الله بن عبيد ابن عمير مرسلًا.

ورواه الطبراني في "الأوسط"(5/ 73 رقم 4707، 6/ 279 رقم 6410)، والبيهقي (7/ 155) من طريق عبد الكريم الجزري، عن أبي الزبير، عن جابر رضي الله عنه.

ورواه أبو بكر الخلال -كما في "الموضوعات" لابن الجوزي (2/ 272) - من هذا الطريق عن أبي الزبير مرسلًا.

ورواه البيهقي (7/ 155) من طريق معقل بن عبيد الله، عن أبي الزبير، عن جابر رضي الله عنه.

ورواه ابن قانع في معجم الصحابة (3/ 195)، والبيهقي (7/ 154) من طريق عبد الكريم الجزري، عن أبي الزبير، عن مولى لبني هاشم عن النبي صلى الله عليه وسلم.

وجعل أبو حاتم الرازي هذا أشبه من روايته عن جابر رضي الله عنه كما في العلل (1/ 433 رقم 1304).

وقال ابن الجوزي في "الموضوعات"(2/ 272): وقد رواه عبيد بن عمير -كذا - وحسان ابن عطية كلاهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مرسلًا، قال أحمد بن حنبل: هذا الحديث لا يثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ليس له أصل.

وانظر "اللآلئ المصنوعة"(2/ 171).

(1)

"مجموع الفتاوى"(32/ 144).

(2)

وقال شيخ الإسلام في "مجموع الفتاوى"(32/ 116) عن هنا الحديث: قد ضعَّفه أحمد وغيره، فلا تقوم به حجةٌ في معارضة الكتاب والسنة، ولو صح لم يكن صريحًا؛

ص: 196

قال شيخنا: فواتح السور تناسب خواتمها، وذلك تنايسب مضمون كما أن "البقرة" افتتحت بذكر الكتاب وأنه هدًى للمتقين، وذكر في ذلك الإيمان بما أنزل إلينا وما أنزل على من قبلنا، ووُسطت بمثل ذلك، وختمت بمثل ذلك، قوله تعالى: {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ

} (1) إلى آخر السورة، وكان في "البقرة" مخاطبة لجميع الخلق حتى يدخل فيه من لم يؤمن بالرسل عمومًا، ومن أقر بهم خصوصًا، وللمؤمنين بالجميع خصوص الخصوص؛ ففيها خطاب الأصناف الثلاثة.

وأما "آل عمران" فالغالب عليها مخاطبة من أقر بالرسل من أهل الكتاب، ومخاطبة المؤمنين، فافتتحها سبحانه بذكر وحدانيته (ق 17 - أ) ردًّا

= فإن من الناس من يؤول اللامس بطالب المال؛ لكنه ضعيف، لكن لفظ "اللامس" قد يراد به من مسها بيده، وإن لم يطأها؛ فإن من النساء من يكون فيها تبرج، وإذا نظر إليها رجل أو وضع يده عليها لم تنفر عنه، ولا تمكنه من وطئها، ومثل هذه نكاحها مكروه، ولهذا أمره بفراقها، ولم يوجب ذلك عليه لما ذكر أنه يحبها؛ فإن هذه لم تزن، ولكنها مذنبة ببعض المقدمات، ولهذا قال:"لا ترد يد لامس" فجعل اللمس باليد فقط، ولفظ "اللمس والملامسة" إذا عُني بهما الجماع لا يخص باليد، بل إذا قُرن باليد فهو كقوله:{وَلَوْ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ كِتَابًا فِي قِرْطَاسٍ فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ} .

وقال ابن القيم في روضة المحبين (ص 129) بعد ما ذكر القولين الأولين: وعندي أن له وجهًا غير هذا كله؛ فإن الرجل لم يشك من المرأة أنها تزني بكل من أراد ذلك منها، ولو سأل عن ذلك لما أقره رسول الله صلى الله عليه وسلم على أن يقيم مع بغي؛ ويكون زوج بغي ديوثًا، وإنما شكا إليه أنها لا تجذب نفسها ممن لاعبها، ووضع يده عليها، أو جذب ثوبها، ونحو ذلك، فإن من النساء من تلين عند الحديث واللعب ونحوه، وهي حصان عفيفة إذا أُريد منها الزنى، وهذا كان عادة كثير من نساء العرب ولا يعدون ذلك عيبًا، بل كانوا في الجاهلية يرون للزوج النصف الأسفل وللعشيق النصف الأعلى.

فللحب ما ضمت عليه نقابها

وللبعل ما ضمت عليه المآزر

(1)

سورة البقرة، الآيتان: 285، 286.

ص: 197

على المشركين من النصارى وغيرهم، وذكر تنزيل الكتاب، وذكر ضلال من اتبع المتشابه، ووسطها بمثل ذلك، وختمها بقوله:{وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ خَاشِعِينَ لِلَّهِ} (1).

وأما السور المكية كـ "الأنعام" و"الأعراف" وغيرهما {ففيها مخاطبة} (2) الناس الذين يدخل فيهم المكذب بالرسل، ولهذا كانت السور مكية في تقرير أصول (

) (3) اتفق عليها المرسلون، بخلاف السور المدنية؛ فإن فيها مخاطبة أهل الكتاب الذين آمنوا ببعض الكتب، ومخاطبة المؤمنين الذين آمنوا بالله وملائكته وكتبه ورسله ما ليس في السور المكية، ولهذا كان الخطاب بـ {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} مختصًّا بالسور المدنية، وأما الخطاب بـ {يَاأَيُّهَا النَّاسُ} فالغالب أنه في السور المكية، وربما كان في السور المدنية؛ لأن الخطاب العام يدخل فيه المؤمنون وغيرهم بخلاف الخاص، والأصول تعم ما لا يعم الفروع، وإن كانت الفروع واجبة على الكفار على أصح القولين؛ فإنما ذلك ليعاقبون (4) عليها في الآخرة، وأما {كون} (5)(ق 17 - ب) الكافر يؤمر بعمل الفروع قبل الإيمان فلا.

و"سورة النساء" والغالب عليها مخاطبة الناس في الصلات التي بينهم بالنسب والعقد وأحكام ذلك، فافتتحها الله سبحانه بقوله:{يَاأَيُّهَا النَّاسُ} لعموم أحكامها وقال: {اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا

(1) سورة آل عمران، الآية:199.

(2)

بياض في "الأصل".

(3)

بياض في "الأصل" قدر كلمة.

(4)

كذا في "الأصل" بثبوت النون، وفي "م":(لأنهم يعاقبون).

(5)

ليست في "الأصل".

ص: 198

زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ} (1)، فذكر اشتراك جميع الناس في الأصل، وأمرهم بتقوى الله الذي {به} (2) يتعاقدون ويتعاهدون؛ فإن كل واحدٍ من المتعاقدين يطلب من الآخر ما قصده بالعقد، وهو بالله يعقده؛ إذ قد جعلوا الله عليهم كفيلا، وبصلة الأرحام التي خلقها الله سبحانه وتعالى كما جمع بينهما في قوله عز وجل:{الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَلَا يَنْقُضُونَ الْمِيثَاقَ (20) وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ} (3)، وفي قوله عز وجل:{وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفَاسِقِينَ (26) الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ} (4).

(ق 18 - أ) وأما "سورة المائدة" فإنَّها سورة العقود -وهي العهود والمواثيق- التي يعقدها بنو آدم بينهم وبين ربهم، ويعقدها بعضهم لبعضٍ، مثل عقد الإيمان وعقد الأيمان، فأمر الله بالوفاء بالعهود، والوفاء بالعهود من صفات الصادقين دون الكاذبين، وختم السورة بما يناسب ما فيها فقال:{هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ} (5) الآية، فالموفون بالعقود صادقون؛ فنفعهم الصدق بالوفاء يوم القيامة بما وعدهم من الكرامة، ثم تكلم سبحانه وتعالى على الوفاء بالعهد.

وقال: وهذه سورة "المائدة" للمؤمنين أمرهم فيها بالوفاء بالعقود، وذكَّرهم فيها بنعمته، كما قال تعالى لبني إسرائيل: {اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي

(1) سورة النساء، الآية:1.

(2)

ليست في "الأصل".

(3)

سورة الرعد، الآيتان: 20، 21.

(4)

سورة البقرة، الآيتان: 26، 27.

(5)

سورة المائدة، الآية:119.

ص: 199

أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ} (1) فذكر النعم التي توجب الشكر، والوفاء بالعقود يحتاج إلى الصبر، ولا بد أن يكون صبارًا أو شكورًا؛ كما قال في أثناء السورة بعد آية الطهارة:{وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمِيثَاقَهُ الَّذِي وَاثَقَكُمْ بِهِ إِذْ قُلْتُمْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا} (2).

(ق 18 - ب) قال: فلما كان هذا فاتحة السورة كان من مضمونها الشريعة والمنهاج التي جعلها لأهل القرآن، فبين لهم من تفصيل أمره ونهيه الذي جعل الله لهم شرعة ومنهاجًا في هذه السورة ما وجب عليهم الوفاء به؛ لأجل إيمانهم الذي هو عقد يوجب عليهم طاعة الله ورسله واتباع كتابه، ولهذا رُوي عن النبي صلى الله عليه وسلم:"إن سورة المائدة آخر القرآن نزولًا؛ فأحلوا حلالها وحرموا حرامها"(3)، وعن أبي ميسرة:"إن فيها بضع عشرة شريعة ليست في غيرها"(4).

لما أمرهم الله عز وجل أن يوفوا بالعهود المتناولة لعقوده التي وجب عليها (5) بالإيمان به، بيَّن ما أمر به وبيَّن ما نهى عنه، وما حلله وما حرمه،

(1) سورة البقرة، الآية:40.

(2)

سورة المائدة، الآية:7.

(3)

عزاه السيوطي في "الدر المنثور"(2/ 277) لأبي عبيد عن ضمرة بن حبيب وعطية بن قيس مرسلًا.

ورواه الإمام أحمد (6/ 188)، والنسائي في الكبرى (6/ 333 رقم 11138)، والحاكم (2/ 311)، والبيهقي (7/ 172) وغيرهم عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها من قولها.

وقال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه.

(4)

عزاه السيوطي في "الدر المنثور"(2/ 277) للفريابي وأبي عبيد وعبد بن حميد وابن المنذر وأبي الشيخ.

(5)

كذا ولعل الصواب: وجبت عليهم.

ص: 200

ليبين أن الوفاء بالعقود باتباع هذا الأمر والنهي والتحليل والتحريم؛ فقال: {أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ .... } (1) الآيات، فأحل لهم بهيمة الأنعام بشرط أن لا تحلوا الصيد وأنتم حرم، ونهاهم عن إحلال شعائره وما معها (ق 19 - أ) وأحل لهم الصيد بعد الإحرام، ونهاهم عن أن يحملهم بغض قوم يمنعوهم (2) (

) (3) الدين أن يعتدوا، وأمرهم كلهم جمعة أن يتعاونوا على البر والتقوى، ولا يتعاونوا على الإثم والعدوان. ثم فصَّل لهم ما حرم عليهم، كالميت حتف أنفه أو لسببٍ غير الذكاة، واستثنى من ذلك ما أدركوه حيًّا فذكره، وذكر ما ذُبح على النصب والاستقسام بالأزلام (وذلك يتضمن طلب العبد (4) قسمته وما قُدر له فيما يريد أن يفعله ليكون مؤتمرًا مزجرًا (5) عن الأزلام) (6)، أو فيما لا يريد أن يفعله فيتضمن اعتقاده لما يكون عن الأزلام؛ فإن المستقسم بالأزلام يعتقد ما دلت عليه من خيرٍ أو شرٍّ فيما يفعله فيفعل أو يترك، وفيما لا يفعل (فيعتقد أن ما رجوه ومخافه)(2) وذلك خروج فسق، وهو خروج عن طاعة الله فيما أمر به من الاستغفار والتوكل (ق 19 - ب) عليه.

ثم تكلم على الطيرة والفأل، وأنواع الاستقسام بالأزلام، وتكلم أيضًا على السحرة والنجوم وعلى الكسوف.

(1) سورة المائدة، الآيات: 1 - 3.

(2)

كذا في "الأصل".

(3)

بياض في "الأصل" قدر كلمة، لعل موضعها:"إقامة" أو نحوها، وفي "م":(من).

(4)

تُشبه أن تكون في "الأصل": العمد.

(5)

في "م": (منزجرًا).

(6)

تكررت في "الأصل".

ص: 201

وقال في أثناء كلامه: فلولا أن الكسوف والخسوف قد يكونان سببا تلفٍ (1) وعذابٍ لم يصح التخويف بهما، وكذلك سائر الآيات المخوفة: كالريح الشديدة، والزلزلة، وسائر الكواكب، وغير ذلك؛ ولهذا يُسمي العلماء الصلاة المشروعة {عند} (2) ذلك صلاة الآيات، وفي صلاة قد صلاها النبي صلى الله عليه وسلم بركوعين طويلين وسجودين طويلين (3)، ولم يُصَلِّ قط صلاة في جماعة أطول من صلاة الكسوف، ويُصلى أيضاً عند بعض العلماء -وهو المنصوص عن أحمد {عند} (4) الزلزلة، ويُصلى أيضاً عند محققي أصحابه لجميع الآيات، كما دل على ذلك السنن والآثار، وهذه صلاة {رهبةٍ} (5) وخوف كما أن صلاة الاستسقاء صلاة {رغبةِ ورجاءٍ، وقد أمر الله عباده أن يدعوه} (6) خوفاً وطمعًا.

ثم قال الشيخ -رحمه الله تعالى-: لما ذكر ما حرم عليهم ذكر ما أحل لهم (ق 20 - أ){يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ} (7) فأمر بالأكل مما أمسكن علينا (8) الجوارح (9) التي علمنا مكلبين،

(1) غير واضحة في "الأصل" ولعلها كما أثبته، والله أعلم.

(2)

ليست في "الأصل".

(3)

رواه البخاري (2/ 615 رقم 1044) ومسلم (2/ 618 - 620 رقم 901) عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها. وفي الباب عن عدة من الصحابة رضي الله عنهم أجمعين.

(4)

ليست في "الأصل".

(5)

تحرفت في "الأصل" والمثبت من "م".

(6)

سقطت من "الأصل" وأثبتها من "م".

(7)

سورة المائدة، الآية:4.

(8)

في "الأصل": عليه.

(9)

"أمسكن علينا الجوارح" على لغة "أكلوني البراغيث".

ص: 202

ونذكر اسم الله عليه، وهذه اعتبار لثلاثة:

أحدها: أن يكون الخارج الجارح (1) مُعَلَّمًا، فما ليس بمعلَّمٍ لم يدخل في ذلك.

الثاني: أن يمسك علينا فيكون بمنزلة الوكيل من عبدٍ وغيره، وهذا لا يكون إلا إذا استرسل بإرسال الصيد، ومن تمام الإمساك علينا أن لا يأكل منه؛ فإذا أكل فقد يكون الإمساك على نفسه لا علينا، فيكون فعله وتصرفه بغير طريق الوكالة، ثم ذكر حديث عدي بن حاتم (2) وأطال الكلام في ذلك.

لما تكلم على التمتع والإفراد والقران وما الأفضل {قال} : (3) والتحقيق أنه يتنوع باختلاف حال الحاج، فإن كان يسافر سفرة العمرة وسفرة أخرى للحج، أو يسافر إلى مكّة قبل أشهر الحج ويقيم بها حتى (ق 20 - ب) يحج فهذا الإفراد له أفضل باتفاق الأئمة الأربعة، وأما إذا فعل ما يفعله غالب الناس، وهو أن يجمع بين الحج والعمرة في سفرة واحدة ويقدم مكة في أشهر الحج، فهذا إن ساق الهدي فالقران أفضل له، وإن لم يسق الهدي فالتحلل من إحرامه بعمرة أفضل (4).

(1) كذا في "الأصل".

(2)

روى البخاري (9/ 513 رقم 5475)، ومسلم (3/ 1529 - 1531 رقم 1929) عن عدي بن حاتم رضي الله عنه قال:"قلت يا رسول الله، أني أرسل الكلاب المعلمة فيمسكن عليَّ، وأذكر اسم الله عليه، فقال: إذا أرسلت كلبك المعلم وذكرت اسم الله عليه فكل. قلت: وإن قتلن؟ قال: وإن قتلن، ما لم يشركها كلب ليس معها. قلت: فإني أرير بالمعراض الصيد فأصيب. فقال: إذا رميت بالمعراض فخرق فكله، وإن أصابه بعرضه فلا تأكله".

(3)

ليست في "الأصل".

(4)

"مجموع الفتاوى"(26/ 101).

ص: 203

وكان رحمه الله يذهب إلى أن الأفضل أن {يسوق} (1) الهدي ويكون قارنًا؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم هكذا فعل (2).

قال (3): فإذا أراد الإحرام فإن كان قارنًا قال: "لبيك عمرة وحجًّا"، وإن كان متمتعًا قال:"لبيك عمرة {متمتعًا بها إلى الحج"، وإن كان مفرداً قال:"لبيك حجة"، أو قال:"اللَّهم إني أوجبت عمر} (4) وحجًّا". أو "أوجبت عمرة وأوجبت حجًّا"، أو "أوجبت عمرة أتمتع بها إلى الحج" أو قال:"اللَّهم إني أريد العمرة أتمتع بها إلى الحج"، أو قال:"اللَّهم أريد العمرة وأريد الحج"، أو "أريدهما"، أو "أريد التمتع بالعمرة إلى الحج" فمهما قال من ذلك أجزأه باتفاق الأئمة ليس في ذلك عبارة (ق 21 - أ) مخصوصة، ولا يجب شيءٌ من هذه العبارات باتفاق الأئمة، ولا يجب عليه أن يتكلم قبل التلبية بشيءٍ.

ولكن تنازع العلماء هل يستحب أن يتكلم بذلك كما تنازعوا هل يستحب التلفظ بالنية في الصلاة؟ والصواب المقطوع به أنه لا يستحب شيء من ذلك.

فقال (5) في قوله تعالى: {فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ} (6)،

(1) في "الأصل": يسق.

(2)

"مجموع الفتاوى"(26/ 101 - 102).

(3)

"مجموع الفتاوى"(26/ 104 - 105).

(4)

سقطت من "الأصل"، ثم كتبها الناسخ بعد قوله:"كما تنارعوا" الآتي، والتصويب من "مجموع الفتاوى".

(5)

"مجموع الفتاوى"(26/ 107).

(6)

سورة البقرة، الآية:197.

قرأها أبو جعفر وابن كثير والبصريان {فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ} بالرفع والتنوين، وكذلك =

ص: 204

الرفث: اسم الجماع قولاً وعملاً، والفسوق: المعاصي كلها، والجدال على هذه القراءة يعني: قراءة الرفع - هو المراء في الحج؛ فإن الله قد أوضحه وبيَّنه وقطع المراء فيه، كما كانوا في الجاهلية يتمارون في أحكامه، وعلى القراءة بالنصب قد يفسر بهذا المعنى أيضاً، وقد فسروها بأن {لا يماري الحاج أحدًا} (1)، والتفسير الأول أصح.

قال (2): ولا يكون الرجل محرمًا بمجرد ما في قلبه (من قصد الحج ونيته؛ فإن القصد ما زال (ق 21 - ب) في قلبه) (3) منذ خرج من بلده، بل لا بد من قولٍ أو عملٍ يصير {به} (4) محرمًا، هذا هو الصحيح من القولين.

قال (5): ويُستحب أن يُحْرِم عقيب صلاةٍ إما فرض وإما تطوع إن كان {وقت} (4) صلاة في أحد القولين، وفي الآخر إن كان يصلي فرضًا أحرم عقيبه، وإلا فليس للإحرام صلاة تخصه، وهذا أرجح.

قال (6): والأفضل أن يُحْرِم في نعلين إن تيسر له، فإن لم يجد نعلين لبس خفين، وليس عليه أن يقطعهما دون الكعبين {ولهذا كان الصحيح أنه يجوز أن يلبس ما دون الكعبين} (7) مثل الخف المكعب والجمجم والمداس

= قرأ أبو جعفر {وَلَا جِدَالَ} وقرأ الباقون الثلاثة بالفتح من غير تنوين. قاله ابن الجزري في "النشر في القراءات العشر"(2/ 211).

(1)

تحرفت في "الأصل"، والمثبت من "مجموع الفتاوى".

(2)

"مجموع الفتاوى"(26/ 108).

(3)

تكررت في "الأصل".

(4)

من "مجموع الفتاوى".

(5)

"مجموع الفتاوى"(26/ 108 - 109).

(6)

"مجموع الفتاوى"(26/ 109 - 110).

(7)

سقطت من "الأصل" والمثبت من "مجموع الفتاوى".

ص: 205

ونحو ذلك سواء إن كان واجدًا النعلين أو فاقدًا لهما.

وذهب إلى أنه يجوز للمحرم أن يعتقد الرداء إذا احتاج إلى ذلك (1).

قال (2): وله أن يستظل تحت {السقف والشجر} (3) ويستظل بالخيمة ونحو ذلك باتفاقهم، وأما الاستظلال بالمحمل كالمحارة التي لها رأس في حال السير فهذا فيه نزاع، والأفضل للمحرم أن يضحي لمن أحرم؛ كما كان النبي صلى الله عليه وسلم (ق 22 - أ){وأصحابه} (4) يحجون، وقد رأى ابن عمر رجلاً ظلل عليه، فقال: "أيها المحرم أضح لمن أحرمت له، ولهذا كان السلف يكرهون القباب على المحامل {وهي المحامل التي لها رأس، وأما المحامل} (4) المكشوفة فلم يكرهها إلا بعض النساك.

قال (5): لو غطت المرأة وجهها بشيء لا يمس الوجه جاز بالاتفاق، وإن كان يمسه فالصحيح أنه يجوز أيضاً، ولا تكلف المرأة أن تجافي سترتها عن الوجه لا بعودٍ ولا يدها ولا غير ذلك.

قال (6): والفدية: صيام ثلاثة أيام، أو نسك شاة، أو إطعام ستة مساكين لكل مسكين مدُّ برٍّ، أو نصف صاع تمرٍ أو شعيرٍ، وإن أطعم خبزاً جاز، ويكون رطلين بالعراقي قريبًا من نصف رطل بالدمشقي، وينبغي أن يكون مأدومًا، وإن أطعمه مما يأكل كالبقسماط والرقاق ونحو ذلك جاز، وهو أفضل من أن يعطيه قمحًا أو شعيراً.

(1)"مجموع الفتاوى"(26/ 111).

(2)

"مجموع الفتاوى"(26/ 111 - 112).

(3)

سقطت من "الأصل" والمثبت من "مجموع الفتاوى".

(4)

سقطت من "الأصل". والمثبت من مجموع الفتاوى.

(5)

"مجموع الفتاوى"(26/ 112).

(6)

"مجموع الفتاوى"(26/ 113).

ص: 206

قال (1): وإذا لبس ثم لبس مرات ولم يكن أدى الفدية أجزأته فدية واحدة (22 - ب) في أظهر قولي العلماء.

قال (2): وفيما ينهى عنه المحرم أن يتطيب بعد الإحرام في بدنه أو ثيابه، أو يتعمد شم الطَّيِّب، وأما الدهن في رأسه أو بدنه بالزيت أو السمن ونحوه {إذا لم يكن} (3) فيه طيب ففيه نزاع مشهور، وتركه أولى.

قال (4): وله أن يحتجم، وإن احتاج {إن} (5) يحلق شعراً {لذلك} (6) جاز؛ فإنه قد ثبت في "الصحيح"(7) "أن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم في وسط رأسه وهو محرم، ولا يمكن ذلك إلا مع حلق بعض الشعر، وكذلك إذا اغتسل وسقط شيء من شعره بذلك لم يضره، وإن تيقن أنه انقطع بالغسل.

قال (8): ولا يصطاد بالحرم صيداً وإن كان من الماء كالسمك على الصحيح.

قال (9): والحرم المجمع عليه حرم مكة، وأما المدينة فلها حرم أيضاً عند الجمهور، ولم يتنازع (10) المسلمون في حرم ثالث إلا في "وَجٍّ" - وهو وادٍ

(1)"مجموع الفتاوى"(26/ 114).

(2)

"مجموع الفتاوى"(26/ 116).

(3)

في "الأصل": وألا يكون. والمثبت من مجموع الفتاوى.

(4)

"مجموع الفتاوى"(26/ 116).

(5)

من "مجموع الفتاوى".

(6)

بياض في "الأصل". والمثبت من مجموع الفتاوى.

(7)

صحيح البخاري (4/ 60 رقم 1836، وطرفه في: 5698)، وصحيح مسلم (2/ 862 - 863 رقم 1203) عن عبد الله ابن بحينة رضي الله عنه.

(8)

"مجموع الفتاوى"(26/ 117).

(9)

"مجموع الفتاوى"(26/ 117 - 118).

(10)

زاد في "الأصل" بعدها: "فيه" وليست في "مجموع الفتاوى".

ص: 207

بالطائف - وهو عند بعضهم حرم، وعند الجمهور ليس بحرم.

قال (1): وللمحرم أن يقتل ما يُؤذي بعادته (ق 23 - أ) الناس كالحية والعقرب والفأرة والغراب والكلب العقور، وله أن يدفع ما يؤذيه من الآدميين والبهائم حتى لو سأل عليه أحد ولم يدفع عنه إلا بالقتال قاتلهم، وإذا {قرصته} (2) البراغيث أو القمل فله إلقاؤها عنه، وله قتلها، ولا شيء عليه، وأما التفلي بدون التأذي فهو من الترفه فلا يفعله، ولو فعله فلا شيء عليه.

قال (3): ولو وضع يده على الشاذروان الذي تُربط عليه أستار الكعبة لم {يضره} (4) في أصح قولي العلماء، وليس الشاذروان {من البيت} (5) بل جُعل عماداً للبيت.

وذكر الاختلاف في اشتراط الطهارة للطواف، ثم قال (6): ولا يجوز لحائض أن تطوف إلا طاهراً إذا أمكنها ذلك باتفاق العلماء، ولو قدمت المرأة حائضًا لم تطف بالبيت، لكن تقف {بعرفة} (7) وتفعل سائر المناسك مع الحيض إلا الطواف فإنها تنتظر حتى تطهر إن أمكونها ذلك ثم تطوف، وإن اضطرت إلى الطواف (ق 23 - ب) فطافت أجزأها على الصحيح من قولي العلماء.

(1)"مجموع الفتاوى"(26/ 118).

(2)

في "الأصل": قصرت. والمثبت من "مجموع الفتاوى".

(3)

"مجموع الفتاوى"(26/ 121).

(4)

في "الأصل": يجزأه. والمثبت من "مجموع الفتاوى".

(5)

تحرفت في "الأصل" والتصويب من "مجموع الفتاوى".

(6)

"مجموع الفتاوى"(26/ 126 - 127).

(7)

تحرفت في "الأصل" والتصويب من "مجموع الفتاوى".

ص: 208

وقال (1) أيضاً: قوله "الطواف بالبيت صلاة" لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولكن هو ثابت عن ابن عباس، وقد روي مرفوعًا (2).

قال (3): ويجوز الوقوف بعرفة راكبًا وماشيًا، وأما الأفضل فيختلف باختلاف الناس؛ فإن كان ممن إذا ركب رآه الناس لحاجتهم {إليه} (4) أو كان يشق عليه (5) ترك الركوب وقف راكباً؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم وقف راكباً، هكذا {الحج} (6) فمن الناس من يكون حجه راكباً أفضل، ومنهم من يكون حجه

(1)"مجموع الفتاوى"(26/ 126 - 127).

(2)

رواه الترمذي (4/ 293 رقم 960) وابن خزيمة (4/ 222 رقم 2739)، وابن حبان -موارد الظمآن (1/ 434 رقم 998) - والحاكم (1/ 459، 2/ 267) والبيهقي (5/ 85) وغيرهم من طريق عطاء بن السائب عن طاوس عن ابن عباس رضي الله عنهما.

قال الترمذي: وقد رُوي هذا الحديث عن ابن طاوس وغيره عن طاوس عن ابن عباس موقوفاً، ولا نعرفه مرفوعًا إلا من حديث عطاء بن السائب.

وقال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد، وقد أوقفه جماعه.

قال الحافظ ابن حجر في "التلخيص الحبير"(1/ 225): ورجح الموقوف النسائي والبيهقي وابن الصلاح والمنذري والنووي.

ورواه الإمام أحمد (3/ 414، 4/ 64، 5/ 377) والنسائي (5/ 222) عن الحسن بن مسلم عن طاوس، عن رجل أدرك النبي صلى الله عليه وسلم.

وقال النسائي: خالفه حنظلة بن أبي سفيان.

ثم رواه النسائي (5/ 222) عن حنظلة بن أبي سفيان، عن طاوس، عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما موقوفاً.

وللحديث طرق آخر، وممن صحح رفعه: ابن السكن، وابن خزيمة، وابن حبان، والحاكم، انظر "التلخيص الحبير"(1/ 225 - 227) وغيره، وقد أفرد له المؤلف الحافظ ابن عبد الهادي جزءاً مفرداً، كما تقدم في ترجمته.

(3)

"مجموع الفتاوى"(26/ 132).

(4)

بياض في "الأصل". والمثبت من "مجموع الفتاوى".

(5)

في "الأصل": عليهم. والمثبت من "مجموع الفتاوى".

(6)

سقطت من "الأصل". والمثبت من "مجموع الفتاوى".

ص: 209

ماشيًا أفضل.

قال (1): والعلماء في التلبية على ثلاثة أقوال:

فمنهم من يقول بقطعها إذا وصل إلى عرفة.

ومنهم من يقول يلبي بعرفة وغيرها إلى أن يرمي الجمرة.

والقول الثالث: أنه إذا أفاض من عرفة إلى مزدلفة لبى، وإذا أفاض من مزدلفة إلى منى لبى حتى يرمي جمرة العقبة، كذا صح عن النبي صلى الله عليه وسلم، وأما التلبية {في وقوفه} (2) بعرفة ومزدلفة فلم (ق 24 - أ) يُنقل عن النبي صلى الله عليه وسلم و (عن الخلفاء وغيرهم أنهم كانوا لا يلبون بعرفة)(3).

قال (4): وكل ما ذُبح بمنى وقد سيق من الحل إلى الحرم فإنه هدي سواء كان من الإبل أو البقر أو الغنم، ويُسمى أيضاً أضحية، بخلاف ما يُذبح يوم النحر بالحل؛ فإنه أُضحية وليس بهدي، وليس بمنى ما هو أضحية وليس بهدي كما هو في سائر الأمصار؛ فإذا اشترى الهدي من عرفات وساقه إلى منى فهو هدي باتفاق العلماء، وكذلك إذا اشتراه من الحرم فذهب به إلى التنعيم، وأما إذا اشتراه من منى وذبحه بها ففيه نزاع، فمذهب مالك أنه ليس بهدي، وهو منقول عن ابن عمر، ومذهب الثلاثة أنه هدي، وهو منقول عن عائشة.

قال (5): وليس على المفرد إلا سعي واحد، وكذلك القارن عند جمهور

(1)"مجموع الفتاوى"(26/ 136).

(2)

بياض في "الأصل". والمثبت من "مجموع الفتاوى".

(3)

في "مجموع الفتاوى": قد نقل عن الخلفاء الراشدين وغيرهم أنهم كانوا يلبون بعرفة.

(4)

"مجموع الفتاوى"(26/ 137).

(5)

في "الأصل": قالوا. وهو قول شيخ الإسلام في "مجموع الفتاوى"(26/ 138).

ص: 210

العلماء، وكذلك المتمتع في أصح القولين، وهو أصح الروايتين عن أحمد، أنه ليس عليه إلا سعي واحد.

قال (1): ولا يُستحب للمتمتع (ق 24 - ب) ولا غيره أن يطوف للقدوم بعد التعريف.

وذكر شيخنا الخلاف في خلق الأرواح قبل الأبدان، قال: والصحيح الذي عليه الجمهور أن أرواح الناس إنما برأها الله حين ينفخ الروح في الجنين.

وقال شيخنا في أثناء كلامه: وقوله تعالى: {عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ} (2){عَلَّمَهُ الْبَيَانَ} (3) ونحو ذلك يتناول كل إنسان، فمن قال إن في بني آدم قومًا عقلاء يجحدون كل العلوم، فقد غلط، كما توهمت طائفة من أهل الكلام من الناس طائفة -يقال لهم: السوفسطائية- يجحدون كل علمٍ أو كل موجودٍ، أو يقفون ويسكتون، أو يجعلون الحقائق تابعة للعقائد، ولكن هذه الأمور قد تعرض لبعض الناس في بعض الأشياء.

وقال في قوله تعالى: {الرَّحْمَنُ (1) عَلَّمَ الْقُرْآنَ} (4) وقال تعالى في الإنسان: {عَلَّمَهُ الْبَيَانَ} (5) وذلك لأن البيان شامل لكل إنسان بخلاف تعليمهم القرآن؛ فإنه خاص بمن يعلمه، لا كل (6) إنسان، وأيضًا فإن القرآن

(1)"مجموع الفتاوى"(26/ 139).

(2)

سورة العلق، الآية:5.

(3)

سورة الرحمن، الآية:4. وقوله: (وعلمه) بياض في "الأصل" وأثبته من "م".

(4)

سورة الرحمن، الآيتان:2.

(5)

سورة الرحمن، الآية:4.

(6)

في "الأصل": لكل.

ص: 211

علمه الملك قبل الإنسان؛ فإن جبريل (ق 25 - أ) أخذه عن الله، ثم جاء به إلى محمد صلى الله عليه وسلم.

قال: والبيان الذي علمه الإنسان يتناول علمه بقلبه ونطقه بلسانه.

ثم تكلم على البيان فإن الشافعي وغيره قسموه أقسامًا، وأطال الكلام.

ثم تكلم على قوله تعالى {وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ} (1): فقال عامة السلف والخلف: المراد بالنجدين طريق الخير والشر، وضعف قول من قال المراد بهما الثديان فقط، وضعَّف إسناده علي (2) وغيره، وضعف أيضاً قول من قال: المراد التنويع {فهدى} (3) قومًا لطريق الخير، وقومًا لطريق الشر.

{وضعَّف} (4) شيخنا قول من قال: إن "ما" مصدرية في قوله تعالى: {وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ} (5) تضعيفًا كثيراً (6)، وقال: فهذا المعنى وإن كان

(1) سورة البلد، الآية:10.

(2)

كذا في "الأصل" ولعل فيه سقطًا. قال القرطبي في "تفسيره"(20/ 65): ورُوي عن عكرمة، قال: النجدان: الثديان. وهو قول سعيد بن المسيب والضحاك، وروي عن ابن عباس وعلي رضي الله عنهما اهـ.

وقال السيوطي في "الدر المنثور"(6/ 394): وأخرج الفريابي وعبد بن حميد عن علي رضي الله عنه أنه قيل له: إن ناسًا يقولون: إن النجدين الثديين -كذا- قال: الخير والشر.

(3)

بياض في "الأصل" والمثبت من "م".

(4)

بياض في "الأصل". والمثبت يقتضيه السياق، والله أعلم.

(5)

سورة الصافات، الآية:96.

(6)

ورجح هذا القول شيخ الإسلام ابن تيمية في "منهاج السنة النبوية"(3/ 259 - 260) أيضاً، والعلَّامة ابن القيم في "بدائع الفوائد"(1/ 150 - 158).

ورجح القول الآخر غيرهما؛ فقال الحافظ ابن كثير في تفسيره (4/ 13): {وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ} يحتمل أن تكون "ما" مصدرية، فيكون تقدير الكلام: خلقكم وعملكم، ويحتمل أن تكون بمعنى "الذي" تقديره: والذي تعملونه، وكلا القولين متلازم، والأول =

ص: 212

صحيحًا فلم يرد بهذه الآية.

وتكلم شيخنا على قوله تعالى: {سَفِهَ نَفْسَهُ} (1) وذكر الاختلاف في التمييز هل يجوز أن يكون معرفة أم يتعين أن يكون نكرة، واختار أنه قد يقع معرفة وجعل منه هذا (ق 25 - ب) الموضع وغيره.

قال: وقد يكون المنصوب على التمييز معرفة، وهذا لم يعرفه البصريون ولم يذكره سيبويه وأتباعه (2).

وقال أيضاً: لما تكلم على قوله تعالى: {وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ} (3) ويتوجه في هذا ما قاله الكوفيون في المميز إذا كان معرفة {سَفِهَ نَفْسَهُ} (4){بَطِرَتْ مَعِيشَتَهَا} (5) و (

) (6) ونحو ذلك؛ فإنهم يقولون: صدق وعده، كقوله تعالى {وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ} (7) ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم:"صدق الله وعده ونصر عبده"(8) والأصل أن يجعل الصدق للوعد

= أظهر؛ لما رواه البخاري في كتاب "أفعال العباد" عن علي بن المديني، عن مروان بن معاوية، عن أبي مالك، عن ربعي بن حراش، عن حذيفة رضي الله عنه مرفوعًا، قال:"إن الله -تعالى- يصنع كل صانع وصنعته". اهـ.

وقال القرطبي في "تفسيره"(25/ 96): والأحسن أن تكون "ما" مع الفعل مصدراً، والتقدير: والله خلقكم وعملكم.

(1)

سورة البقرة، الآية:130.

(2)

"مجموع الفتاوى"(16/ 570 - 571)، والجواب الصحيح (3/ 76).

(3)

سورة سبأ، الآية:20.

(4)

سورة البقرة، الآية:130.

(5)

سورة القصص، الآية:58.

(6)

كلمة غير واضحة في "الأصل".

(7)

سورة آل عمران، الآية:152.

(8)

رواه البخاري (3/ 724 رقم 1797 وأطرافه في: 2995، 3084، 4416، 6385)، ومسلم (2/ 980 رقم 1344) عن عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما.

ص: 213

كقوله تعالى: {إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ} (1) فلما جُعل للشخص نصب الوعد على التفسير.

قال في أثناء كلامه: ولو كان الوعد في قوله تعالى: {وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ} (2) مفعولاً ثانيًا، لقيل الوعد مصدوق أو مصدوق الوعد، كما يقال الدرهم معطى، والله -تعالى- قال:{إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ} (1) لم يقل مصدوق الوعد.

وتكلم على قوله تعالى: {مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى} (3)(ق 26 - أ) كلامًا جليلاً وجعله نظير ما تقدم من الانتصاب على التمييز، والمعنى ما كذبت رؤيته، بل الرؤيا التي رآها كانت صادقة.

(1) سورة مريم، الآية:54.

(2)

سورة آل عمران، الآية:152.

(3)

سورة النجم، الآية:11.

ص: 214