الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
نكتب عنه شيئًا.
والصحيح عن وكيع عدم توثيقه له؛ فإنه لا سئل عنه وثق شيخه أبا وائل وسكت عنه، بل ظاهر كلامه أنه ضعفه.
وفي الجملة إسناد هذا الحديث شاذ غريب، لا يحتج به أحد من أئمة الحديث وأئمة الفقهاء، والله أعلم.
فإن قيل: فقد روي هذا الحديث من وجه آخر من
حديث شداد بن أوس
بزيادة بعض وبعض بعض، قال الحافظ أبو الفتح أحمد بن محمد بن أبي الفوارس في بعض "أماليه": حدثنا أحمد بن جعفر بن سلم، أنا أحمد ابن الحسن الفقيه، ثنا الحارث بن محمد، ثنا عبد الرحيم بن واقد، ثنا بشير ابن زاذان القرشي، ثنا عمر بن صبح، عن بعض أصحابه. قال عبد الرحيم: قال لي رجل من أهل العلم: سمعته من بشير بن زاذان، عن رجل، عن مكحول، عن شداد بن أوس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"أبو" بكر أرأف أمتي وأرحمها، وعمر بن الخطاب خير أمتي وأعدلها، عثمان بن عفان أحيا أمتي وأكرمها، وعلي بن أبي طالب ألب أمتي وأشجعها، وعبد الله بن مسعود أبر أمتي وآمنها، وأبو ذر أزهد أمتي وأصدقها، وأبو الدرداء أعبد أمتي وأتقاها، ومعاوية بن أبي سفيان أحكم أمتي وأجودها".
فالجواب: إن هذا حديث موضوع وإسناده ساقط، لا يحتج بمثله من عقل شيئًا من علم الحديث؛ فينه مشتمل على كذاب وضعيفين، وغير معروف، وفيه انقطاع.
فأما الكذاب فعمر بن صبح، قال البخاري (1): حدثني يحيى، عن
(1)"التاربخ الصغير"(2/ 210).
علي بن جرير قال: سمعت عمر بن صبح يقول: أنا وضعت خطبة النبي صلى الله عليه وسلم.
وقال أبو حاتم الرازي (1): هو منكر الحديث.
وقال ابن حبان (2): كان ممن يضع الحديث على الثقات لا يحل كتب حديثه إلا على جهة التعجب لأهل الصناعة فقط.
وقال أبو أحمد بن عدي (3): منكر الحديث.
وقال الدارقطني (4): متروك.
وقال الأزدي (5): كذاب (دامر)(6).
وأما الضعيف الأول فبشير بن زاذان، قال العباس الدوري (7) عن يحيى ابن معين: ليس بشيء. وقال الدارقطني (8): ضعيف. وقال ابن عدي (9): أحاديثه ليس عليها نور، وهو غير ثقة ضعيف، ويحدث عن ضعفاء جماعة، وهو بين الضعف، وأحاديثه عامتها عن الضعفاء.
وأما الضعيف الآخر فعبد الرحيم بن واقد، ضعفه الحافظ أبو بكر
(1)"الجرح والتعديل"(6/ 116 - 117).
(2)
كتاب "المجروحين"(2/ 88).
(3)
"الكامل"(6/ 47) وختم ترجمته بقوله: وعامة ما يرويه غير محفوظ لا متنًا ولا إسنادًا.
(4)
"سنن الدارقطني"(2/ 57)، .
(5)
نقله المزي في "تهذيب الكمال"(11/ 398) وليس فيه لفظ (دامر).
(6)
كذا في "الأصل".
(7)
"تاريخ الدوري"(4/ 88 رقم 3282).
(8)
"العلل الواردة في الأحاديث"(4/ 213).
(9)
"الكامل"(2/ 180).
الخطيب (1).
وأما الانقطاع والجهالة (2) فيه فظاهرة.
فإن قيل: فقد روي بعض الحديث من وجه آخر، قال يزيد بن هارون: ثنا مسلم بن عبيد، عن الحسن قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "علي أقضى أمتي، وأُبي أقرؤهم، وأبو عبيدة آمنهم" ذكره الحلواني (3) عن يزيد بن هارون، وهو إسناد صحيح إلى الحسن، ومسلم بن عبيد كنيته أبو نصيرة، وقد وثقه الإمام أحمد بن حنبل (4) وغيره (5).
فالجواب: إنه حديث مرسل، ومراسيل الحسن قد عُرف الكلام فيها، وأنها من أضعف المراسيل، والثابت عن عمر رضي الله عنه من غير وجه أنه قال:"علي أقضانا، وأبي أقرؤنا".
قال أحمد (6): ثنا وكيع، ثنا سفيان، عن حبيب بن أبي ثابت، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال عمر:"علي أقضانا، وأبي أقرؤنا"(7).
(1) قال الخطيب في "تاريخ بغداد"(11/ 85): وفي حديثه غرائب ومناكير؛ لأنها عن الضعفاء والمجاهيل.
(2)
والحديث رواه العقيلي في "الضعفاء"(1/ 145) ومن طريقه ابن الجوزي في "الموضوعات"(2/ 29) عن بشر بن موسى، عن عبد الرحيم بن واقد، عن بشير بن راذان، عن عمر بن صح، عن ركن، عن شداد بن أوس بنحوه، فصرح بتسمية المبهم، وهو ركن بن عبد الله الشامي، متروك، ترجمة في "الكامل"(4/ 91 - 92) و "الميزان"(2/ 54)
(3)
ذكرة ابن عبد البر في "الاستيعاب"(1/ 8).
(4)
في رواية أبي طالب، كما في "الجرح والتعديل"(8/ 189).
(5)
فهم يحيى بن معين في رواية ابن الجنيد (رقم 401) وقال في رواية إسحاق بن منصور: صالح. كما في "الجرح والتعديل"(8/ 189) وذكره ابن حبان في "الثقات"(5/ 399) وقال: كان يخطئ على قلة روايته.
(6)
"المسند"(5/ 113).
(7)
رواه ابخارى (8/ 16 - 17 رقم 4481، 8/ 663 رقم 5005) من طريق سفيان -وهو الثوري- به.
والأقرب في هذه الأحاديث كلها حديث أنس، والأظهر أنه مرسل، وباقي الأحاديث في أسانيدها مقال، وبعض ألفاظ الحديث صحيح ثابت متصل لا شك فيه، كذكر أبي عبيدة، وبعضها ضعيف قطعًا، وبعضها مشكوك فيه ومحتمل وفيه ارتياب، والله الموفق للصواب.
والحمد لله وحده وصلواته على محمد وآله وصحبه وسلم تسليمًا كثيراً إلى يوم الدين، وحسبنا الله ونعم الوكيل.