الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل
قال شيخنا (1): لا يُشرع الجهر بالتكبير خلف الإمام -الذي يُسمى المبلغ- لغير حاجةٍ باتفاق الأئمة؛ فإن بلالاً لم يكن يبلغ خلف النبي صلى الله عليه وسلم هو {و} (2) لا غيره، ولم يكن يبلغ خلف الخلفاء الراشدين، لكن لما مرض النبي صلى الله عليه وسلم {صلى} (2) بالنَّاس وصوته ضعيف، فكان أبو بكر يُصلي إلى جانبه يُسمع الناس التكبير (3)، فاستدل العلماء بذلك على أنه يُشرع التبليغ عند الحاجة، مثل ضعف صوت الإمام ونحو ذلك، فأما بدون الحاجة فاتفقوا على أنه مكروه غير مشروع، وتنازعوا في بطلان صلاة من يفعله على قولين، والنزاع {في} (2) الصحة معروف في مذهب مالك وأحمد (ق 35 - ب) وغيرهما، مع أنه مكروه باتفاق المذاهب كلها.
وأما دعاء الإمام والمأمومين بعد الصلاة -رافعي أصواتهم وغير رافعيها- فهذا ليس في سنة الصلاة الراتبة، لم يكن يفعله النبي صلى الله عليه وسلم، وقد استحبت طائفة من العلماء من أصحاب الشافعي وأحمد في وقت الصلاة صلاة الفجر وصلاة العصر بعدها، وبعض الناس يستحبه في أدبار الخمس.
والذي {عليه} (4) الأئمة الكبار أن ذلك {ليس} (4) من سنة الصلاة، ولا يُستحب الدوام عليه؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يفعله هو ولا خلفاؤه
(1)"مجموع الفتاوى"(23/ 402 - 403).
(2)
سقطت من "الأصل"، والمثبت من "مجموع الفتاوى".
(3)
رواه البخاري (2/ 178 رقم 664)، ومسلم (1/ 311 - 315 رقم 418) عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها.
(4)
ليست في "الأصل".
الراشدون (1)، ولكن كان يذكر عقب كل صلاة، ويرغب في ذلك، ويجهر بالذكر عقيب الصلاة، كما ثبت في الأحاديث الصحيحة - حديث المغيرة بن شعبة (2) وعبد الله بن الزبير (3).
والناس في هذه المسألة طرفان ووسط، منهم من لا يستحب ذكراً ولا دعاء، بل بمجرد انقضاء (ق 36 - أ) الصلاة يقوم هو والمأمومون كأنهم فروا من قسورة، وهذا ليس بمستحبٍّ، ومنهم من يدعو هو والمأمومون رافعي أيديهم وأصواتهم، وهو أيضاً خلاف السنة، والوسط هو أتباع ما جاءت به السنة من الذكر المشروع عقيب الصلاة، ويمكث الإمام مستقبل المأمومين على الوجه المشروع.
ولكن إذا دعوا أحيانًا لأمرٍ عارضٍ -كاستسقاءٍ وانتصارٍ ونحو ذلك- فلا بأس بذلك، كما أنهم لو قاموا ولم يذكروا لأمرٍ عارض جاز ذلك ولم يُكره، وكل ذلك منقول عن النبي صلى الله عليه وسلم، وقد كان أكثر الأوقات يستقبل المأمومين بعد أن يسلم، وقبل أن يستقبلهم يستغفر ثلاثاً، ويقول:"اللَّهم أنت السَّلام ومنك السَّلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام"(4)، وكان يجهر بالذكر كقوله:"لا إله إلا الله وحده لا شريك له (ق 36 - ب) له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، اللَّهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد"(5) وأحيانًا كان يقوم عقيب السلام، والله أعلم.
(1) انظرا مجموع الفتاوى" (22/ 492 - 504، 512 - 520).
(2)
رواه البخاري (2/ 378 - 379 رقم 844 وأطرافه في: 6330، 6473، 6615، 7292)، ومسلم (1/ 414 - 415 رقم 593) ..
(3)
رواه مسلم (1/ 415 - 416 رقم 594).
(4)
رواه مسلم (1/ 414 رقم 591) عن ثوبان رضي الله عنه.
(5)
هو في حديث المغيرة بن شعبة رضي الله عنه المتقدم.