الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يَتَّقِ اللهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً يَتَّقِ اللهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ} . والله الموفق.
سئل فضيلة الشيخ - رحمه الله تعالى -: هل تصح صدقة المدين
؟ وماذا يسقط عن المدين من الحقوق الشرعية؟
فأجاب فضيلته بقوله: الصدقة من الإنفاق المأمور به شرعاً، والإحسان إلى عباد الله إذا وقعت موقعها، والإنسان مثاب عليها، وكل امرىء في ظل صدقته يوم القيامة، وهي مقبولة سواء كان على الإنسان دين أم لم يكن عليه دين، إذا تمت فيها شروط القبول، بأن تكون بإخلاص لله عز وجل، ومن كسب طيب، ووقعت في محلها، فبهذه الشروط تكون مقبولة بمقتضى الدلائل الشرعية، ولا يشترط أن لا يكون على الإنسان دين، لكن إذا كان الدين يستغرق جميع ما عنده فإنه ليس من الحكمة ولا من العقل أن يتصدق والصدقة مندوبة وليست بواجبة ويدع ديناً واجباً عليه، فليبدأ أولاً بالواجب ثم يتصدق.
وقد اختلف أهل العلم فيما إذا تصدق وعليه دين يستغرق جميع ماله: فمنهم من يقول: إن ذلك لا يجوز له؛ لأنه إضرار بغريمه، وإبقاء لشغل ذمته بهذا الدين الواجب.
ومنهم من قال: إنه يجوز، ولكنه خلاف الأولى، وعلى كل حال فلا ينبغي للإنسان الذي عليه دين يستغرق جميع ما عنده أن يتصدق حتى يوفي الدين؛ لأن الواجب مقدم على التطوع.
وأما الحقوق الشرعية التي يعفى عنها من عليه دين حتى يقضيه:
فمنها الحج، فالحج لا يجب على الإنسان الذي عليه دين حتى يوفي دينه.
أما الزكاة فقد اختلف أهل العلم: هل تسقط عن المدين أو لا تسقط؟
فمن أهل العلم من يقول: إن الزكاة تسقط فيما يقابل الدين، سواء كان المال ظاهراً أم غير ظاهر.
ومنهم من يقول: إن الزكاة لا تسقط فيما يقابل الدين، بل عليه أن يزكي جميع ما في يده ولو كان عليه دين ينقص النصاب.
ومنهم من فصّل فقال: إن كان المال من الأموال الباطنة التي لا ترى ولا تشاهد: كالنقود وعروض التجارة فإن الزكاة تسقط فيما يقابل الدين، وإن كان المال من الأموال الظاهرة: كالمواشي والخارج من الأرض فإن الزكاة لا تسقط.
والصحيح عندي أنها لا تسقط، سواء كان المال ظاهراً أم غير ظاهر، وأن كل من في يده مال مما تجب فيه الزكاة فعليه أن يؤدي زكاته ولو كان عليه دين، وذلك لأن الزكاة إنما تجب في المال؛ لقوله تعالى:{خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صلاتَكَ سَكَنٌ لَّهُمْ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} . ولقوله صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل رضي الله عنه حينما بعثه إلى اليمن: «أعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة في أموالهم تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم» . والحديث في البخاري بهذا اللفظ، وبهذا الدليل من الكتاب والسنة تكون الجهة منفكة، فلا تعارض بين الزكاة وبين الدين؛ لأن الدين يجب في الذمة، والزكاة تجب في المال، فإذاً كلٌّ