الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الرسالة الثالثة: [السفر إلى بلاد الأعداء من المشركين والكفار]
بسم الله الرحمن الرحيم
من عبد اللطيف بن عبد الرحمن إلى الابن المكرم إبراهيم بن عبد الملك -سلمه الله تعالى-. سلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد: فأحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو على نعمائه، والخط الذي تسأل فيه عما نفتي به في مسألة السفر إلى بلاد المشركين قد وصل إلينا، والذي كتبناه للإخوان به فيه كفاية للطالب وبيان، ولم نخرج فيه عما عليه أهل الفتوى عند جماهير المتأخرين. نعم فيه التغليظ على من يسافر إلى بلاد هجم عليها العدو الكافر الحربي المتصدي لهدم قواعد الإسلام، وقلع أصوله وشعائره العظام، ورفع أعلام الكفر والتعطيل، وتجديد معاهد الشرك والتمثيل، وإطفاء أنوار الإسلام الظاهرة، وطمس منار أركانه الباهرة، وهو العدو الذي اشتدت به الفتنة على الإسلام والمسلمين، وعز بدولته جانب الرافضة والمرتدين، ومن على سبيلهم من المنحرفين والمنافقين، فمثل هذه البلدة تخص من عمومات الرخصة لوجوه:(منها) : أن إظهار الدين على الوجه الذي تبرأ به الذمة متعذر غير حاصل كما هو مشاهد معلوم عند من خبر القوم مع من يجالسهم ويقدم إليهم. وقل أن يتمكن ذو حاجة لديهم إلا بإظهار عظيم من الركون والموالاة والمداهنة، وهذا مشهور متواتر، لا ينكره إلا جاهل أو مكابر لا غيرة له على دين الله وشرعه، ولا توقير لعظمته ومجده، قد اتخذ ظواهر عبارات لم
يعرف حقيقتها، ولم يدر مراد الفقهاء منها، ترسا يدفع به في صدور الآيات والسنن، ويصدف به عن أهدى منهج وسنن؛ فهو كحجر في الطريق بين السائرين إلى الله والدار الآخرة يحول بينهم وبين مرادهم، ويثبطهم عن سيرهم وعزماتهم. وقد كثر هذا الضرب من الناس في المتصدين للفتوى في مثل هذه المسائل، وبهم حصل الإشكال، وضلت الأفهام، واستحبت مساكنة عباد الأوثان والأصنام. وافتتن بهم جملة الرجال، وقصدتهم الركائب والأحمال، وسار إليهم ربات الخدور والحجال، عملا بقول رؤوس الفتنة والضلال، ولا يصل إلى الله ويحظى بقربه، ويرد نهر التحقيق وعذبه، من أصغى إليهم سمعه، واتخذهم أخدانا يرجع إليهم في أمر دينه ومهمات أمره. وقد قال بعض السلف: إن هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذون دينكم. ومن خاض في مثل هذه المباحث الدينية من غير ملكة ولا روية، فما يفسد أكثر مما يصلح، وضلاله أقرب إليه من أن يفلح، وقد قيل: يفسد الأديان نصف متفقه، ويفسد اللسان نصف نحوي، ويفسد الأبدان نصف متطبب. فعليك بمعرفة الأصول الدينية، والمدارك الحكمية، ولترتفع همتك إلى استنباط الأحكام من الآيات القرآنية، والسنن الصحيحة النبوية، ولا تقنع بالوقوف مع العادات، وما جرى به سنن الأكثرين في الديانات، فقد قال بعضهم: من أخذ العلم من أصله استقر، ومن أخذه من تياره اضطرب، وما أحسن ما قال في الكافية الشافية:
ولقد نجا أهل الحديث المحض
…
أتباع الرسول وتابع القرآن
عرفوا الذي قد قال مع علم بما
…
قال الرسول فهم أولو العرفان
وسواهمو في الجهل والدعوى مع
…
الكبر العظيم وكثرة الهذيان
مدوا يدا نحو العلى بتكلف
…
وتخلف وتكبر وهوان
أترى ينالوها وهذا شأنهم
…
حاشى العلى من ذا الزبون الفاني
فقال شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله في المواضع التي نقلها من السيرة: إنه لا يستقيم للإنسان إسلام، ولو وحد الله، وترك الشرك إلا بعداوة المشركين والتصريح لهم بالعداوة والبغض. فانظر إلى تصريح الشيخ بأن الإسلام لا يستقيم إلا بالعداوة والبغضاء. فأين التصريح من هؤلاء المسافرين، والأدلة من الكتاب والسنة ظاهرة متواترة على ما ذكره الشيخ، وهو موافق لكلام المتأخرين في إباحة السفر لمن أظهر دينه؛ ولكن الشان كل الشان في إظهار الدين، وهل اشتدت العداوة بينه صلى الله عليه وسلم وبين قريش إلا لما كافحهم بمسبة دينهم وتسفيه أحلامهم وعيب آلهتهم؟. وأي رجل تراه يعمل المطي جادا في السفر إليهم واللحاق بهم حصل منه، ونقل عنه ما هو دون هذا الواجب، والمعروف المشتهر عنهم ترك ذلك كله بالكلية، والإعراض عنه واستعمال التقية والمداهنة؛ وشواهد هذا كثيرة شهيرة، والحسيات والبديهيات غنية عن البرهان.
[حكم قتال من هجم على بلاد المسلمين]
(الوجه الثاني) : إن قتال من هجم على بلاد المسلمين من أمثال هؤلاء فرض عين لا فرض كفاية كما هو مقرر مشهور، فلا يحل، ولا يسوغ والحالة هذه تركه، والعدول عنه لغرض دنيوي. وقواعد الإسلام ومدارك الأحكام ترد القول بإباحة ترك الفروض العينية لأغراض دنيوية. ومن عرف هذا عرف الفرق بين مسألتنا وبين عبارة من قال بجواز السفر لمن قدر على إظهار دينه لو فرضناه حاصلا، فكيف والأمر كما قدمت؟
[من يرخص له السفر إلى بلاد الكفار وأصحاب البدع]
(الوجه الثالث) : إن نص عبارات علمائنا، وظاهر كلامهم، وصريح
إشاراتهم أن من لم يعرف دينه بأدلته وبراهينه لا يباح له السفر إليهم؛ فالرخصة مخصوصة بمن عرفه بأدلته المتواترة في الكتاب والسنة، ومثل هذا هو الذي يتأتى منه إظهار دينه والإعلان به، وكيف يظهره من لا يدريه ولا إلمام له بأدلته القاطعة للخصم ومبانيه؟ شعرا:
فقر الجهول بلا علم إلى أدب
…
فقر الحمار بلا رأس إلى رسن
حتى ذكر جمع تحريم القدوم إلى بلد تظهر فيه عقائد المبتدعة كالخوارج والمعتزلة والرافضة إلا لمن عرف دينه في هذه المسائل، وعرف أدلته، وأظهره عند الخصم. وقد عرف -أرشدك الله- أن الزمن زمن فترة من أهل العلم، غلبت فيه العادات الجاهلية، والأهواء العصبية، وقل من يعرف الإسلام العتيق، وما حرمه الله –تعالى- من موالاة أعدائه المشركين ومعرفة أقسامها، وأن منها ما يكفر به المسلم، ومنها ما هو دونه. وكذلك المداهنة والركون، وما حرم الله –تعالى- ورسوله، وما الذي يوجب فسق فاعله أو ردته، وأين القلوب التي ملئت من الغيرة لله وتعظيمه وتوقيره عن كفر هؤلاء الملاحدة وتعطيلهم، وصار على نصيب وحظ وافر من مصادمة أعداء الله ومحاربتهم ونصر دين الله ورسله، ومقاطعة من صد عنه، وأعرض عن نصرته
وإن كان الحبيب المواتيا
…
فالحكم لله العلي الكبير
وأين من يبادئهم بأن ما هم عليه كفر وضلال بعيد، ومسبة لله العزيز الحميد، يمانع أصل الإيمان والتوحيد، وأن ما هم عليه هو الكفر الجلي البواح، وهو في ذلك على نور من ربه، وبصيرة في دينه، فسل أهل الريب والشبهات هل يغتقر الجهل بذلك والإعراض عنه علما وعملا، ويكتفي بمجرد الانتساب إلى الإسلام عند قوم ينتسبون إليه أيضا، وهم من أشد خلق الله كفرا به وجحدا له؟
وردا لأحكامه واستهزاء بحقائقه. فإن قالوا: يكتفي بذلك الانتساب، وتبرأ به الذمة، فقد عادوا على ما نقلوه وأصلوه من دليلهم بالرد والهدم، ومن حقق النظر وعرف أحوال القوم وسيرهم، علم أن معولهم على اتباع أهوائهم والميل مع شهواتهم، نسأل الله لنا ولهم العافية.
هواي مع الركب اليمانين مصعد
…
يسير 1 وجثماني بمكة موثق
ومن هان عليه أمره –تعالى- فعصاه، ونهيه فارتكبه، وحقه فضيعه، وذكره فأهمله، وأغفل قلبه عنه، وكان هؤلاء آثر عنده من طلب رضاه، وطاعة المخلوق أهم عنده من طاعة ربه، فلله الفضلة من قلبه وقوله وعمله، وسواه المقدم في ذلك، فما قدره حق قدره، وما عظمه حق عظمته، وهل قدره حق قدره من سالم أعداءه الجاحدين له المكذبين لرسله، وأعرض عن جهادهم وعيبهم والطعن عليهم، ولاقاهم بوجه منبسط، ولسان عذب، وصدر منشرح، ولم يراع ما وجب عليه من إجلال الله وتعظيمه وطاعته جراءة على ربه وتوثبا على محض حق وامتهانا بأمره؟
خلافا لأصحاب الرسول وبدعة
…
وهم عن سبيل الحق أعمى وأجهل
[السفر إلى بلاد المشركين عند أمن الفتنة]
(الوجه الرابع) : أنه لا بد في إباحة السفر إلى بلاد المشركين من أمن الفتنة، فإن خاف بإظهار دينه الفتنة بقهرهم وسلطانهم، أو شبهات زخرفهم وأقوالهم، لم يبح له القدوم إليهم والمخاطرة بدينه. وقد فر عن الفتنة من السابقين الأولين إلى بلاد الحبشة من تعلم من المهاجرين كجعفر بن أبي طالب وأصحابه. وقد بلغكم ما حصل من الفتنة على كثير ممن خالطهم وقدم إليهم، حتى جعلوا مسبة من نهاهم عن ذلك وأمرهم بمجانبة المشركين دينا يدينون به،
1 الرواية المشهورة في كتب البيان: جنيت.
ويفتخرون بذكره في مجالسهم ومجامعهم، وقد نقل ذلك عن غير واحد:{وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِياً وَنَصِيراً} 1، وبعض من رحل إليهم من جهتكم حمل رسائلهم ومكاتبتهم إلى أهل الإسلام يدعونهم إلى الدخول تحت طاعتهم ومسالمتهم، وأن تضع الحرب أوزارها بينهم وبين من كاتبوه، واستحسن ذلك كثير من الملأ، والله المستعان. وقد شاع لديكم خبر من افتتن بمدحهم والثناء عليهم ونسبتهم إلى العدل وحسن الرعاية إلى ما هو أعظم من ذلك وأطمّ، من مشاقة الله ورسوله، واتباع غير سبيل المؤمنين، ومن لم يشاهد هذا منكم ولم يسمعه من قائله قد بلغه وتحققه؛ فأجهل الخلق وأضلهم عن سواء السبيل من ينازع في تحريم السفر إليهم والحالة هذه ويرى حله وجوازه.
[سد الذرائع وقطع الوسائل من أكبر أصول الدين وقواعده]
(الوجه الخامس) : أن سد الذرائع وقطع الوسائل من أكبر أصول الدين وقواعده، وقد رتب العلماء على هذه القاعدة من الأحكام الدينية تحليلا وتحريما ما لا يحصى كثرة، ولا يخفى على أهل العلم والخبرة. وقد ترجم شيخ الدعوة النجدية -قدس الله روحه- لهذه القاعدة في كتاب التوحيد فقال:(باب ما جاء في حماية المصطفى صلى الله عليه وسلم جناب التوحيد وسده كل طريق يوصل إلى الشرك) ، وساق بعض هذه القاعدة. وقد قرأت علينا في الرسالة المدنية لشيخ الإسلام ابن تيمية أن اعتبار هذا من محاسن مذهب مالك، قال: ومذهب أحمد قريب منه في ذلك، ولو أفتينا بتحريم السفر رعاية لهذا الأصل فقط وسدا لذرائعه المفضية لكنا قد أخذنا بأصل أصيل ومذهب جليل.
[السفر إلى بلاد المحاربين للإسلام]
(الوجه السادس) : أنا لا نسلم دخول هذه البلدة التي الكلام بصددها في عبارات أهل العلم ورخصتهم لأن صورة الأمر وحقيقته سفر إلى
1 سورة الفرقان آية: 31.
معسكر العدو الحربي الهاجم على أهل الإسلام المستولي على بعض ديارهم، المجتهد في هدم قواعد دينهم وطمس أصوله وفروعه، وفي نصرة الشرك والتعطيل وإعزاز جيوشه وجموعه، فالمسافر إليهم كالمسافر إلى معسكر هو بصدد ذلك، كمعسكر التتر، ومعسكر قريش يوم الخندق ويوم أحد، أفيقال هنا بجواز السفر لأن السفر إلى بلاد المشركين يجوز لمن أظهر دينه؟ وهل لهذا القول حظ من النظر والدليل، وهو سفسطة وضلال عن سواء السبيل؟
والعلم ليس بنافع أربابه
…
ما لم يفد نظرا وحسن تبصر
وفي سنن أبي داود ومسند الإمام أحمد – الذي قال فيه قد جمعته للناس إماماً – من حديث أبي بكرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " ينْزل ناس من أمتي بغائط يسمونه البصرة، عند نهر يقال له دجلة، يكون عليه جسر. يكثر أهلها، ويكون من أمصار المهاجرين وفي رواية والمسلمين. فإذا كان آخر الزمان جاء بنو قنطوراء عراض الوجوه صغار الأعين حتى ينزلوا على شط النهر، فيفترق أهلها ثلاث فرق فرقة يأخذون أذناب البقر والبرية وهلكوا، وفرقة يأخذون لأنفسهم وكفروا، وفرقة يجعلون ذراريهم خلف ظهورهم ويقاتلونهم وأولئك هم الشهداء "1.والحديث – وإن كان في سنده سعيد بن جهمان، فقد وثقه أبو داود الذي ألين له الحديث كما ألين لداود الحديد، فقسمهم ثلاث فرق، وأخبر أن من أخذ لنفسه وألقى السلم، وترك الجهاد فقد كفر، ومن أعرض عن جهادهم وتباعد عنهم مقبلا على إصلاح دنياه وحرثه فقد هلك، ولم ينج إلا من قام بجهادهم، وانتصب لحربهم، ونصر الله ورسوله، وأخبر أن أولئك هم الشهداء، وأنهم مخصوصون بالشهادة دون سائر الشهداء، كما يستفاد من الجملة الاسمية المعرفة الطرفين
1 سنن أبي داود: كتاب الملاحم (4306) .
ومن ضمير الفصل المقحم بين المبتدأ والخبر. والحصر وإن كان ادعائيا فهو يدل على شرف الصنف وفضيلته، والحديث وإن كان تأوله بعضهم في حادثة التتر في القرن السابع فقائله لا يمنع من دخول سواها في الخبر، وأن لها ذيولا وبقية، ولا ريب أن الذي حصل هذا الزمان إن لم يكن منها فهو يشبه بها من كل وجه.
فإن لا يكنها أو تكنه فإنه
…
أخوها غذته أمه بلبانها
وقد قال شيخ الإسلام في اختياراته: من جمز إلى معسكر التتر، ولحق بهم ارتد، وحل ماله ودمه1. فتأمل هذا فإنه إن شاء الله يزيل عنك إشكالات كثيرة طالما حالت بين قوم وبين مراد الله ورسوله، ومراد أهل العلم من نصوصهم، وصريح كلامهم. ثم اعلم أن النصوص الواردة في وجوب الهجرة، والمنع من الإقامة ببلد الشرك والقدوم إليها، وترك القعود مع أهلها ووجوب التباعد عن مساكنتهم ومجامعتهم، نصوص عامة مطلقة وأدلة قاطعة محققة، ومن قال بالتخصيص، أو التقييد لها إنما يستدل بقضايا عينية خاصة، وأدلة جزئية لا عموم لها عند جماهير الأصوليين والنظار، بل هي في نفسها محتملة للتقييد والتخصيص. ومن قال بالرخصة لا ينازع في عموم الأدلة الموجبة للهجرة المانعة من المجامعة والمساكنة، غاية ما عند الخصم أن يقيس حكما على حكم، وفرعا على فرع، وقضية على قضية، والمنازع له يتوقف في صحة هذا القياس، لأنه معارض لدليل العموم والإطلاق. وقد رأيت محمد بن علي الشوكاني
1 وكذا كل من لحق بالكفار المحاربين للمسلمين وأعانهم عليهم وهو صريح قوله تعالى (ومن يتولهم منكم فإنه منهم) .
جزم فيما كتبه على المنتقى برد قول الماوردي بجواز الإقامة بدار الشرك، وفضيلة ذلك لمن أظهر دينه ورجا إسلام غيره. قال: وهذا القول معارض لعموم النص فلا يسلم ولا يلتفت إليه، مع أن الذي كتبناه في هذه المسألة موافق للمشهور عند المتأخرين لم نخرج عنه كما تقدم ذكره، والقصد أن المسألة من أصلها فيها بحث قوي ومجال للنظر فإن بقي عليك فراجعني، وإياك والسكوت على ريبة. وقد رأيت بخط الوالد -قدس الله روحه- ما نصه:
شمر إلى طلب العلوم ذيولا
…
وانهض لذلك بكرة وأصيلا
وصل السؤال وكن هديت مباحثا
…
فالعيب عندي أن تكون جهولا
(مسألة الكفار ما يستعينون به على المسلمين)
وأما مسألة المبايعة فلم يسألني عنها أحد، ولم يتقدم لي فيها كلام. وقد بسط شيخ الإسلام الكلام على مبايعة أهل الذمة، ومنع من يبيع ما يستعينون به على كفرهم وأعيادهم. وأما الكافر الحربي فلا يمكن مما يعينه على حرب أهل الإسلام ولو بالميرة والمال ونحوه والدواب والرواحل؛ حتى قال بعضهم بتحريق ما لا يتمكن المسلمون من نقله في دار الحرب من أثاثهم وأمتعتهم، ومنعهم من الانتفاع به فكيف بيعهم وإعانتهم على أهل الإسلام؟ فإن انضاف إلى ذلك ما هو الواقع من المسافرين في هذا الزمان مما تقدم ذكره فالأمر أغلظ وأفحش، وذلك فرد من وراء الجمع. وأكثر الناس يخفى عليه أن المرتد من أهل تلك الديار التي استولى عليها الكافر الحربي أغلظ كفرا، وأعظم جرما بجميع ما تقدم من الأحكام، ولذلك تجد لهم عند القادمين إليهم من المباسطة والمؤانسة والإكرام ما هو